الأربعاء، 12 فبراير 2020

عبدالعزيز المبارك في حوار استثنائي قبيل الرحيل المر الصحافة العالمية كتبت عني : (إذاعة البي بي سي تبث لأول مرة في تاريخها أغنية عربية)






على السلطات تحويل إتحاد الفنانين إلى (نقابة) أسوة بالنقابة المصرية
.................
شاركت في عدد من المهرجانات في أوروبا وغنيت للأمير عبد الله الفيصل
.................
الفنانون الشباب يخلقون هالة لأنفسهم بإنتاج الأعمال الغنائية (الركيكة)
.................
تزوجت مرتين وأنجبت توأمي (منية) و(أمل) ووالدي تاجراً من (العليفون)
 ................
جلس إليه : سراج النعيم
............
جلست إلى الفنان الكبير عبدالعزيز المبارك قبل وفاته بالعاصمة المصرية (القاهرة)، وذلك بعد صراع مرير مع المرض، وهو مطرباً على قيد الحياة حتى 9 فبراير 2020م، ويعتبر من الجيل الثاني الذي شارك في العديد من المهرجانات العالمية في أوروبا وسجل فيها عدداً من ألبوماته الغنائية.
في البدء من هو عبدالعزيز المبارك، وأين كانت نشأته ؟
أولاً تم إنجابي في العام 1951م بمدينة (ود مدني) حاضرة ولاية الجزيرة، ونشأت وترعرعت فيها رغماً عن أن جذور والدي المبارك حامد الحبر تعود إلى منطقة (العيلفون) شرق النيل، وكان يعمل تاجراً في مدينة (المناقل)، إما والدتي فهي الحاجة آمنة بنت القطيرة.
ماذا عن حياتك الخاصة؟
تزوجت مرتين الزيجة الأولي من الأستاذة منى، ومن ثم انفصلت عنها، وتزوجت للمرة الثانية من السيدة مها عبد القادر عثمان، ولي منها بنتان توأم هما (منية) و(أمل).
أين تلقيت تحصيلك الأكاديمي؟
تلقيت تحصيلي الأكاديمي من المرحلة الابتدائية إلى الثانوية بمدينة (ود مدني)، وبعدها التحقت بمعهد الموسيقى والمسرح، والذي درست فيه مادتي (الصوت) و(البيانو) لمدة ثلاث سنوات.
متى بدأت احتراف الغناء كمهنة؟
بداياتي الفعلية في عالم الغناء كانت من خلال وزارة الثقافة والإعلام في مدينة (ود مدني) ثم شددت الرحال منها إلى الخرطوم، والتي حققت فيها كل ما أصبو إليه فنياً، وظللت هكذا إلى أن سافرت إلى المملكة العربية السعودية، وبقيت فيها لمدة عشر سنوات.
كيف اكتشفت موهبتك الموسيقية والغنائية؟
وجدت نفسي مهتماً بالموسيقى والغناء منذ نعومة أظافري، إذ كنت أغني أغنيات الفنانين الكبار وأنا صغيراً، وعندما التحقت بالمدرسة بمدينة (ود مدني) أصبحت ألحن الأناشيد، وكان أستاذتي يطلبون مني ترديدها بتلك الألحان، بالإضافة إلى إنني كنت أردد أغنيات العمالقة في مناسبات الأفراح.
من هو الشخص الذي تعلمت على يده عزف آلة العود؟
تعلمت عزف آلة العود على يد الفنان الصديق وزميل الدراسة علي السقيد.
لمن من الفنانين الكبار كنت تغني في بداياتك الفنية؟
لم أكن أقلد الفنانين بالمفهوم السائد، بل كنت أغني أغنيات من أشرت لهم بصوتي وطريقة أدائي الخاصة، وأبرز من صدحت بأغنياتهم الهرم عبدالكريم الكابلي، محمد وردي، عثمان حسين، عبدالعزيز محمد داود، ثنائي العاصمة، الطيب عبدالله وزيدان إبراهيم.
من الذي شجعك على مواصلة الغناء؟
شقيقي أحمد المبارك وبعض الأهل والأصدقاء الذين وجدت منهم تشجيعاً منقطع النظير، وهو السبب الذي دفعني للسفر من ود مدني إلى الخرطوم، وفي الأخيرة قدمت نفسي مطرباً للإذاعة السودانية بأغنية (ليه يا قلبي ليه) إلا أن لجنة النصوص رفضت إجازتها، ورغماً عن ذلك الرفض إلا أنها كانت على قناعة تامة بأن صوتي جميلاً، لذا لم أياس من تجاوز هذه المرحلة، فأعدت المحاولة مرة أخري، والحمدلله استطعت تجاوز اختبار لجنة النصوص.
من هم أعضاء لجنة النصوص والألحان بالإذاعة وقتئذ؟
كانت تتألف من العمالقة الموسيقار برعي محمد دفع الله، علاء الدين حمزة وإبراهيم الصلحي.
متى تم اعتمادك مطرباً وملحناً بالإذاعة؟
في أغسطس من العام 1974م.
مع من تعاونت من الفنانين الذين سبقوك في عالم الغناء؟
تعاونت مع الفنان الطيب عبد الله في أغنية (طريق الشوق) كلماته وألحانه، وثنائي العاصمة في أغنية (ليه يا قلبي ليه) كلمات الدكتور علي شبيكة وألحان السني الضوي.
كيف استطعت أن تحقق الشهرة العالمية؟
من خلال اسطوانة الـ(cd) التي أنتجتها لي شركة (وورلد سيركيت) في العام 1985م، بالإضافة إلى قرص مدمج من إنتاج شركة (جلوبوستايل ريكوردز) في العام 1987م، وهما تحتويان على (60) أغنية، وحملا عنوان (من أعماق القلب مباشرة).
هل اكتفيت بإنتاج الألبومين الغنائيين سالفا الذكر؟
أبداً لم أكتف بذلك بل أنتجت اسطوانة (cd) ثالثة بالاشتراك مع الدكتور الفنان عبد القادر سالم والمطرب محمد جبارة تحت عنوان (أصوات السودان)، وصادفت تلك الألبومات انتشاراً واسعاً في عدد من الدول الغربية على رأسها أمريكا، ألمانيا، بلجيكا، كندا، هولندا، اليابان وغيرها من الدول الأوروبية، بالإضافة إلى إنني سجلت عدداً من الأغنيات أثناء ما كنت مقيماً في السعودية.
هل اتجهت للغناء باللهجة العربية الفصحى بالإضافة للعامية السودانية؟
نعم غنيت نصوص ألفت باللغة العربية الفصحى أبرزها (لا تدعني) للأمير عبد الله الفيصل من ألحان الموسيقار بشير عباس.
ما هو تصنيف صوتك عالمياً؟
صوتي بحسب علماء الصوت العالميين من فصيلة الأصوات الحادة التي تعرف علمياً بـ(التينور).
ماذا عن مشاركاتك في مهرجانات الموسيقي والغناء العالمي؟
شاركت في عدد من المهرجانات في أوروبا، والتي بدأتها برومانيا في العام 1976م، ومن ثم أصبحت أتلقي الدعوة تلو الأخرى من إنجلترا، إيطاليا، فرنسا، ألمانيا، وهولندا وغيرها من الدول الغربية، وأجريت معي الكثير من المقابلات الإعلامية، وقد طرحت من خلالها نماذج من أغنياتي، وعلى سبيل المثال لا الحصر بثت لي الإذاعة البريطانية أغنية (أحلى عيون بريدها)٠
وماذا؟
شاركت في مهرجان بانجلترا في العام 1988م، وكنت الفنان السوداني الوحيد من بين أكثر من أربعين فرقة موسيقية من مختلف أنحاء العالم وحزت فيه على المرتبة الأولي.
كيف تنظر إلى الساحة الفنية عقب عودتك للبلاد؟
من الملاحظ أن هنالك اختلال واضح في الحركة الفنية، وهذا الاختلال لا يحسمه إلا تحول إتحاد الفنانين إلى (نقابة) أسوة بالنقابة المصرية حتى يتم ضبط الحراك الفني في البلاد، فعدم الانضباط أدي إلى إدخال الإحباط في نفوس الكثير من الفنانين إلا أنهم رغماً عن ذلك يتفاءلون بأن يكون المستقبل أفضل في ظل التغيير الذي يشهده السودان.
لماذا أنت بعيد عن الحركة الفنية والإعلامية؟
ما يدور آنياً في الحركة الفنية لا يدعني متفائلاً بمستقبل مشرق للأغنية السودانية، وإذا استمر الوضع على ما هو عليه فإنها لن تعود إلى سابق عهدها قريباً، لذا أشدد على ضرورة أن يصبح اتحاد المهن الموسيقية (نقابة)، وهي الطريقة الوحيدة للمحافظة على الحقوق من التغول عليها، وهي الطريقة الوحيدة القادرة على وضع ضوابط لمزاولة المهنة.
ما هي كيفية حفاظ الفنان على مكانته في قلوب معجبيه؟
بلا شك من خلال الاستمرارية في إنتاج الأعمال الجديدة، وإعادة توزيع الأغنيات السابقة والمعروفة للجمهور موسيقياً، وأن لا يضع في حساباته أنه وصل إلى مرحلة كبيرة، فهذا الاعتقاد السالب يدعه واقفاً في محطته الأولي، ولن يتيح له فرصة البحث عن تطوير ذاته وتجربته الفنية، والارتقاء بها إلى ما يرضي جمهوره خاصة وأن إيقاع الحياة أصبح متسارعاً، وليس من السهل مواكبته وتحقيق ما تصبو إليه بالوقوف على ما مضي.
ما الذي يجب أن يستند عليه الفنان لكي يحافظ على جمهوره ويكتسب جمهوراً جديداً؟
يتطلب من الفنان التجديد في الأسلوب، وعدم الركون إلى نمط محدد، فالجمهور يحب التغيير ما بين الفينة والآخرى.
هل أنت راض عما قدمته من أغنيات طوال مسيرتك الفنية؟
بلا شك راض عن الأغنيات التي قدمتها داخل وخارج السودان لأنها من وجهة نظري ممتازة وتفوقت في إنتاجها بما يتوافق مع حنجرتي، واحمد الله أنها حظيت بقبول منقطع النظير على كافة المستويات والأصعدة، لذلك تجدني راض عنها كل الرضا.
رأيك في ظاهرة ما يسمي بالفنانين الشباب؟
تواصل الأجيال مهم جداً في أي مجال، وبالتالي ظهور فنانين جدد أمر طبيعي، إلا إن الأمر غير الطبيعي أن تكون هنالك فوضى في الساحة الفنية، فالحظ أن من بينهم من ليس لديه مقومات فنية تؤهله لاكتساب كل الزخم الذي يحيط به، والأغرب مما أشرت له هو أن هنالك من يخلقون لأنفسهم هالة بترديد أغاني الفنانين الكبار والتكسب من ورائها مالياً، كما أن هنالك نوعاً ثالثاً يركز على إنتاج الأعمال الغنائية (الركيكة) التي لا تحمل أي معنى أو مضمون، لذا على السلطات المختصة في البلاد تشجيع تحول اتحاد المهن الموسيقية إلى (نقابة) حتى يسهم في إيقاف ما تشهده الحركة الفنية من (الفوضى)، وقطعاً هنالك من هم يمضون في الاتجاه الصحيح، وأمثال هؤلاء سيصمدون، ويخلدون أسمائهم كما فعل من سبقوهم.
ما السبب الذي لم يدعك تواصل ما بدأته من الانتقال من المحلية إلى العالمية؟
نحن كسودانيين لا نعرف كيف نسوق أنفسنا للعالم كما تفعل الكثير من الدول العربية والإفريقية، وهذا يعتبر تقصيراً من الإعلام السوداني، فأتذكر أن فناناً مصرياً مغموراً اسمه (كوباني) شارك معنا في مهرجان موسيقي وغنائي عالمي بألمانيا ، وما أن انتهي المهرجان إلا واحتفي به الإعلام المصري، وكأنه حاز على الجائزة الأولى .
كيف ينظر العالم إلى إنتاجك البومات غنائية في أوروبا؟
وجدت ألبوماتي حظها من الانتشار على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم، وقد ألف عالماً موسيقياً بريطانياً مؤلفاً عن الموسيقى في دول العالم الثالث، وأخذ شخصي والدكتور الفنان عبدالقادر سالم كنماذج مستشهداً بها في سفره.
وماذا؟
ما لا يعرفه الكثير من السودانيين عني هو إنني حزت على المرتبة الأولي باسطوانة من اسطواناتي، وأتذكر أن الصحافة العالمية الصادرة باللغة العربية في المملكة البريطانية كتبت : (إذاعة البي بي سي تبث لأول مرة في تاريخها أغنية عربية) وهي كانت أغنية (أحلى عيون بنريدها)، وفي اليوم التالي كنت محور اهتمام الصحافيين الذين كانوا يبحثون عني، وعندما وجدوني سألوني كيف بثت لك الإذاعة البريطانية أغنيتك، وهي لم تفعل مع (أم كلثوم) أو (عبد الحليم) أو (فيروز)؟، فلم تكن لدي إجابة غير أن قلت لهم وجهوا سؤالكم إلى إدارة هيئة إذاعة (البي بي سي) البريطانية.
هل يتم منحك حقوقك المادية من الاسطوانات التي أنتجتها في أوروبا؟
نعم وإلى هذه اللحظة التي أتحدث معك فيها يتم إرسال المبالغ خاصتي مقابل الاتفاق الذي أبرمته مع الشركات الأوروبية المنتجة للاسطوانات التي تطبع كل ستة أشهر.


الأربعاء، 5 فبراير 2020

الدكتور عبدالقادر سالم يكشف حقيقة اتهامه بالانتماء لجهاز الأمن.. بلاغات وأوامر قبض ضد متهمين ومتهمة بسبب جهاز الأمن.. رفضنا لقاء الرئيس المخلوع عمر البشير وترشحه في العام ٢٠٢٠


جلس إليه : سراج النعيم 
كشف الدكتور الفنان عبدالقادر سالم، نقيب الفنانين السودانيين تفاصيل مثيرة حول البلاغات التي فتحها في مواجهة متهمين إعلامي معروف ومغترب بالسعودية ومتهمة، وذلك على خلفية اتهامه له بالانتماء إلى جهاز الأمن والمخابرات الوطني، وذلك في ظل نظام الرئيس المخلوع عمر البشير دون تبيان الحقيقة من مصادرها.
ماذا عن اتهامك بالالتحاق إلى جهاز الأمن والمخابرات الوطني؟
في شهر نوفمبر ٢٠١٩م نشر المتهم (....) عبر موقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) تغريدته على النحو التالي : (لا تحزن على من باع نفسه من أجل جنيهات من فنانين كتار طلعوا أرخص من رخيص)، ومن ثم وضع صورتي، وكتب تحت الصورة (عميد أمن معاش)، إما المتهم (.....) المغترب بالسعودية فقد كتب تعليقاً مسيئاً جداً، ولا يرقي للنشر لأنه خارج نطاق الأدب، إما المتهمة الثالثة (.....)، فهي مجهولة المكان بحسب صفحتها الشخصية بـ(الفيس بوك)، والتي نشرت من خلالها صور خمس فنانين من ضمنهم شخصي على أساس اننا نتبع إلى جهاز الأمن، وبما أن النشر لا يمت للحقيقة بصلة اضطررت لفتح بلاغات في مواجهتهم جميعاً بطرف السلطات المختصة بجرائم المعلوماتية.
وماذا؟
عندما علمت أن المتهم الإعلامي شرف البلاد حركت إجراءات البلاغ ضده، وصدر أمر بالقبض عليه رغماً عن وساطات قادها إخوة أعزاء لإنهاء البلاغ الجنائي بشكل وفاقي بعيداً عن الأطر القانونية، والتي اعتذر في إطارها المتهم عما بدر منه عبر (الفيس بوك)، مؤكداً أنه أخطأ في حقي، ووعد بأن يعمم اعتذاره من خلال الصحافة الورقية والحديثة (الأسافير)، لذا أتابع ما ينشر، ومن ثم أقرر على ضوء ذلك.
ماذا عن المتهم المغترب بالسعودية، والمتهمة المجهولة؟
لن اتركهما مهما كلفني هذا الأمر، وستظل إجراءاتي القانونية قائمة ضدهما إلى أن أرد كرامتي، وسأترك البلاغات مفتوحة لدي مباحث جرائم المعلوماتية، والتي أشكر القائمين على أمرها للمجهود الشاق الذي يبذلونه في الكثير من الإشكاليات الواردة لهم من ضحايا وسائط التواصل الاجتماعي، أشكرهم على الاهتمام ببلاغاتي والتحري حولها مع هيئة الاتصالات السودانية، والتي توصلوا على خلفيتها إلى أن اثنين من المتهمين خارج السودان.
لماذا اتهموك بالانتماء لجهاز الأمن والمخابرات الوطني؟
هذا يعود إلى النجاحات التي حققتها أغنياتي داخل وخارج السودان، والتي صدح بها فنانين أمريكان، طليان وإسرائيليين، إثيوبيين وغيرهم، وأيضاً النجاح الذي حققته في بداية دورة إتحاد المهن الموسيقية، لذلك حاول البعض أن يسئ لي، فقاموا بإلصاقي زوراً وبهتاناً بـ(جهاز الأمن والمخابرات الوطني)، ومثل هذا الاتهام يؤثر على خاصة وإنني فناناً ومحاضراً في عدد من الجامعات، لذا أشكر كل الذين استنكروا النشر الجائر في حقي، والذي لا يمت للحقيقة بصلة، وأشكر أيضاً الذين دافعوا عني دفاعاً مستميتاً لمعرفتهم بي المعرفة الحقة، أشكرهم جميعاً على ثقتهم في، وسوف أسعي سعياً حثيثاً لكي أكون عند حسن ظنهم، وعليه فإنني سأقيم الموقف بما يتناسب مع حفظ حقوقي كاملة غير منقوصة، وذلك من خلال شيء ملموس على أرض الواقع.
هل تعتقد أن عضويتك في المجلس الوطني إبان النظام البائد سبباً في إلصاقك بجهاز الأمن والمخابرات الوطني؟
عندما كنت عضواً في المجلس الوطني كان المقعد أصلاً مخصص للفنانين، أي إنني كنت ممثلاً لاتحاد المهن الموسيقية، وليس حزباً أو تنظيماً سياسياً، لذلك كان نشاطي البرلماني منحصراً في الدفاع عن حقوق أهل الثقافة والفن، وأحمد الله أن لدي مواقفاً مشهودة مشرفة، وعلى سبيل المثال لا الحصر في ٣٠/٦/٢٠١٥م تحدثت في المجلس الوطني عن حقوق الإنسان المهدرة في السودان، وأن الدولة تقف ضدها، واستشهدت ببعض الفنانين الذين حاربهم النظام البائد في أرزاقهم، وذلك بالحرمان من مزاولة مهنة الغناء، وأفتخر أيضاً أنني ساهمت في إعادة اتحاد الكتاب السودانيين لممارسة نشاطه بعد إيقاف السلطات المختصة له، إذ طالبت في اجتماع مع الوزير المعني، وقتئذ بضرورة رفع الإيقاف عن الإتحاد لأنه ثقافي، وليس له علاقة بالشأن السياسي، وأفادني بإيقافه الشاعر والممثل طارق الأمين، ثالثاً تحدثت عن ميزانية الثقافة التي لم تزد عن (٢٪)، وكل مواقفي آنذاك موثق لها، كما إنني أحتفظ بها في أرشيفي، وخلاف ذلك فأنا فناناً قومياً، إذ عملت مع كل شرائح المجتمع بمختلف انتماءاتهم السياسية مثلاً حاضرت في دار الحزب الشيوعي حول تراث إقليم كردفان، كما إنني فتحت دار اتحاد الفنانين للفنان مصطفي سيد احمد عندما منعته السلطات الرسمية من تقديم حفلات غنائية على خشبة مسرح نادي الموردة، وعليه فأنا مواطن سوداني أحب وطني وفني بعيداً عن الانتماءات السياسية.
ما الذي جعلك تقبل بعضوية المجلس الوطني؟
عندما قبلت ذلك المنصب قبلته من واقع إنني فناناً وليس سياسياً.
ماذا عن الاتهام الذي طال عدد من الفنانين والفنانات على أساس انتمائهم إلى جهاز الأمن والمخابرات الوطني؟
نحن كاتحاد للفنانين نعتبر هذا الأمر أمراً خاصاً، إلا إننا كنا نتوقع من جهاز الأمن والمخابرات الوطني أن يصدر بياناً توضيحياً حول حقيقة التحاق فنانين أو فنانات إليه من عدمه، ولكن بكل أسف هذا لم يتم ذلك، عموماً أنا ضد إلقاء الاتهامات جزافاً، لذلك على الفنانين والفنانات الذين تعرضوا للظلم أن يفتحوا بلاغات في مواجهة من أشاروا إليهم بأصابع الاتهام بالانتماء إلى جهاز الأمن والمخابرات الوطني، وعليه فإنهم سينالون حقهم بالإجراءات القانونية الرادعة لكل من تسول له نفسه نشر الافتراء على الآخرين.
هل زيارة الرئيس المخلوع عمر البشير للفنان حمد الريح، وظهوركم معه من خلال مقطع فيديو سبباً مباشراً في اتهامكم بالانتماء لجهاز الأمن؟
لا أدري على أي أساس تم إلصاقنا بجهاز الأمن، ولكن ما أدريه جيداً هو إنني ذهبت للفنان الكبير حمد الريح في شخصه، وليس معنياً بمن هو الزائر له، ولو زاره أي رئيس خلاف الرئيس السابق عمر البشير فإنني سأكون حاضراً، وذلك من واقع أن الدكتور حمد الريح يستحق منا التكريم والوقوف معه، وعندما ذهبنا له لم نذهب كسياسيين، بل ذهب شخصي والموسيقار محمد الأمين كفنانين للوقوف معه كفنان رمز من رموز الغناء في بلادي، وهذا الاتجاه يندرج في إطار الوقوف مع الزملاء.
ما هي وجهت نظرك في ثورة ديسمبر المجيدة؟
أومن إيماناً قاطعاً بالثورة الشعبية التي انتفضت في وجه نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، وهي كانت ثورة ناجحة جداً، وأنا من أشد المؤيدين لها بدليل إنني ألفت لها الأغنيات، وساعدت عدداً من الفنانين على تقديم أغنيات تصب في هذا الإطار، فقد أقمنا أربع أمسيات للأغنيات الممجدة لثورة ديسمبر بمسرح إتحاد الفنانين.
ما الرابط بين اتحاد الفنانين والأنظمة الحاكمة في البلاد؟
الاتحاد كيان فني وثقافي، وليس له ارتباط بالأنظمة المتعاقبة على حكم البلاد، سوي أنه يتبع للمجلس القومي لرعاية الثقافة والفنون، وذلك وفقاً للقانون الصادر في العام ١٩٩٩م، وهو يعتبر من القوانين الرديئة جداً التي شرعها من النظام البائد، إذ أنه يحرم أي عمل سياسي داخل الأندية الثقافية والفنية في البلاد، وإذا تحدينا النظام السابق ومارسنا النشاط السياسي، فإننا كنا سنفقد دار الإتحاد، كما أنهم كانوا سيحلون هذا الكيان نهائياً كما فعلوا بالضبط مع اتحاد الكتاب السودانيين.
هل اتحاد الفنانين من ضمن الاتحادات المحلولة بقرار لجنة التمكين؟
لا لم يتم حله، والآن نحن نتبع للمجلس القومي لرعاية الثقافة والفنون، التابع إلى وزارة الثقافة والإعلام ، وكل ما كنت أفعله كان من أجل الفن والفنانين، مقتدياً بمسيرة الفنانين الكبار إبراهيم الكاشف، أحمد المصطفي، وغيرهما من عمالقة الفن السوداني، ولولا وجودي رئيساً للاتحاد في هذا الدورة لكان الإتحاد في خبر كان بسبب السياسة التي أصبحت تمشي بين بعض الفنانين، واحمدالله إنني استطعت قيادة السفينة إلى أن رست على بر الأمان، وبالتالي بعد ثلاث أشهر سوف نعقد الجمعية العمومية لانتخاب مجلس الإدارة الجديد.
هل خلال الثلاثين عام الماضية تلقيتم دعماً مالياً من نظام الرئيس المخلوع عمر البشير؟
الاتحاد تلقي دعم من النظام السابق، وهو يعتبر دعم طبيعي من الدولة، ولكن أنظر إلى الحادثة التي شهدتها دار إتحاد الفنانين في العام ١٩٩٤م، إذ تم قتل الفنان الراحل خوجلي عثمان، وفشل محاولة قتلي أيضاً، هذه الواقعة تؤكد أنها من آثار الهوس الديني الذي ساد السودان في ذلك العام، وأيضاً أنت تعلم أن المسئولين من الشئون الدينية، ومجلس الإفتاء الشرعي في البلاد كانوا يتحدثون عن كيفية دخولهم لدار إتحاد الفنانين بالرجل اليمني أم اليسري، وأنت كنت شاهداً على ذلك، مما قاد أعضاء الاتحاد للقيام بمظاهرة ووقفة احتجاجية وقتئذ، بالإضافة إلى ما كتب عن الفنان الراحل محمود عبدالعزيز والذي كان فيه تقليلاً من أهمية الفن، فيما كانوا يعلون من شأن السياسي، كما أنهم حسدوا زيدان إبراهيم والحوت على الشهرة الواسعة التي وجدوها أحياء وأموات، وخلاف ذلك فنحن في يوم ٨/٨/٢٠١٨م رفضنا وثيقة تنادي بترشيح الرئيس المخلوع عمر البشير في العام ٢٠٢٠م، والرفض كان بإجماع مجلس إدارة اتحاد الفنانين، وأيضاً رفضنا دعوة للقاء الرئيس المخلوع عمر البشير أثناء انتفاضة الشعب السوداني على النظام البائد، باعتبار أننا لا يمكن أن نقف مع من رفضه الشعب السوداني، وهي حقائق أخي سراج النعيم كنت شاهداً عليها بحكم تواجدك معنا في الاتحاد.
ماذا عن زيارة المجلس السيادي ممثلاً في البروفيسور صديق تاور، ومجلس الوزراء ممثلاً في الأستاذ فيصل محمد صالح وزير الثقافة والإعلام؟
أولاً البروفيسور صديق تاور يعتبر صديق للفنانين منذ أكثر من خمس سنوات، وهو من منطقة (كادوقلي) جنوب كردفان، وأعرفه منذ أن كان صغيراً، إذ إنني عملت معلماً في تلك المدينة، ومن خلال علاقته بالاتحاد طرح فكرة تكريم الموسيقار محمد جبريل باعتباره أنه أول عازف (باص جيتار) في الإذاعة السودانية، واحتفلنا به في دار اتحاد الفنانين، وسعدنا أيما سعادة باختيار البروفيسور صديق تاور عضواً في المجلس السيادي كون أنه من (الغبش)، وقدم لنا هدية عبارة عن (ساون سيستم)، وزانا أكثر من ثلاثة مرات في الاتحاد، ووعد بأنه سوف يتابع مع الأستاذ فيصل محمد صالح وزير الثقافة والإعلام لتحويل اتحاد الفنانين إلى نقابة، وهو ما كان قررناه في العام ٢٠٠٨م أسوة بنقابة الفنانين المصريين، إلا نظام الرئيس المخلوع عمر البشير أرتا أن يحول فكرة من نقابة إلى مجلس المهن موسيقية وتمثيلية، ولكن بعد التغيير الذي شهدته البلاد ها نحن نفكر جدياً في العودة إلى فكرة أن يكون الاتحاد (نقابة).
من هو المسئول الذي رفض تحول الاتحاد إلى نقابة؟
كمال عبداللطيف وزير مجلس الوزراء نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، والذي أكد أن تحول الاتحاد إلى نقابة لا يمكن أن يتم باعتبار أنه كيان أهلي، وربما يمارس الأهليون حقد ضد الأجيال المتعاقبة، هذه كانت حجته، إلا إننا الآن نأمل في أن تساعدنا الحكومة الانتقالية للتحول من اتحاد إلى نقابة، ونؤكد إننا لن نظلم أحداً، وسيكون الباب مفتوحاً للجميع بمن فيهم من كان له رأياً في الاتحاد، وحتى القيادة لن تكون قيادة مركزية، بل سيكون هنالك ممثلين للاتحادات الفرعية، بالإضافة إلى الولايات، وإذا لم نفعل ذلك فإننا سنظل في نفس المربع خاصة وأن المهنة الآن يمارسه كل من هب ودب بأعمال الغير.
ما هو مصير مجلس المهن الموسيقية والتمثيلية؟
كنائب رئيس للمجلس لا أريد أن أقرر ما الذي سيحدث، لكن ظللت منذ زمن أنادي بضرورة تقييم التجربة من حيث أنه يمنح الفنان والموسيقى رخصة مزاولة المهنة بأغنيات الآخرين، فالمجلس ليس لديه إمكانيات للمتابعة وفتح البلاغات ضد المخالفين لقانونه، وحتى هذه القوانين تحتاج إلى تعديل في تشريعاتها، وليس لديه ميزانية، وحتى الآن يمتلك أربع وظائف فقط، وسيارة واحدة يقودها الأمين العام، لكل ما ذكرته تجدني من دعاة تقييم التجربة، ويمكن أن يكون هذا المجلس الساعد الأيمن لنقابة الفنانين في المستقبل.

سراج النعيم يكتب : رفع الأسعار وتعريفة المواصلات


من الملاحظ أن هنالك استغلالاً للظروف الاقتصادية بالغة التعقيد، ويسعي كل واحد لتطويعها حسب ما يتوافق مع أهوائه الشخصية، وليس مهماً من أين يأتي محمد أحمد الغليان بالمال لكي يصرفه على المواصلات ذهاباً وإياباً بدون التفكير في وجبة الإفطار، فإنه يحتاج على الأقل إلى (٢٠٠) جنيه، إما أسعار السلع الاستهلاكية المنفذة للحياة فهي تزيد بصورة جنونية مع إشراقة كل صباح جديد، وقطعاً التفكير بهذه الصورة يندرج في إطار الكسب الرخيص، هكذا يفعل بعض التجار وسائقي المركبات العامة، وفي الأخيرة حدثني سائق حافلة بأنه استغل الظروف الاقتصادية الراهنة لمدة شهرين كان يجني من خلالهما مبالغاً مالية كبيرة إلا أنه يدفعها في الأعطال المتكررة لعربته، مما جعله يعيد حساباته، ويقرر أن ينقل الركاب بالتعريفة المتعارف عليها، فما كان إلا وتوقفت الإعطاب بصورتها السابقة.
على كل تاجر أو سائق مركبة عامة أن يراجع سياسته الاستغلالية للمواطن، لأن هذا الاتجاه يندرج في إطار ﻓﺴﺎﺩ الضمائر، وبالتالي ﺃﻋﻤﺎهم (الجشع)، (الطمع) و(الهلع) دون مراعاة للظروف الطارئة التي يمر بها إنسان السودان الذي لم يعد يدري ماذا يفعل ولمن يلجأ في ظل ارتفاع الأسعار وزيادة تعريفة المواصلات بما لا يتوافق مع دخله المحدود أن كان موظفاً أو عاملاً بسيطاً، فهم يتفاجأون يومياً بأن ﻛﻞ ﺷﻲﺀ قابل للزيادة حسب الأهواء والأمزجة الشخصية، لذلك يجد المواطن نفسه محاصراً بأسعار مختلفة للسلع الاستهلاكية من تاجر لآخر، وينطبق الأمر أيضاً على تذكرة المواصلات من سائق مركبة لأخرى ، وفي كل الأحوال يكون المشتري للسلعة أو المستقل للمركبة مضطراً للدفع في حال أنه يملك المال أو يتركهما للبحث عن بديل يلبي رغباته، ولكن هل يجده؟ الإجابة في غاية البساطة لا، مع التأكيد أنه ليس أمامه ما ﻳﻤﻜﻦ ﻋﻤﻠﻪ لمجابهة الظروف القاسية التي جعلت الكثيرين يطوعونها بالكيفية التي تتناسب مع الكسب غير المشروع، وعليه فقد الإنسان ﺍﻟﺜﻘﺔ في أخيه الإنسان، والذي ينهش في لحمه بصورة بشعة جداً دون رأفة أو رحمة ناسياً أو متناسياً الموت والحساب من رب العباد، فالدين الإسلامي يدعو ﺇﻟﻰ ﺍﻹﺧﻼﺹ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﻞ، وعدم أكل أموال الناس بـ(الباطل)، وأن تتم فيه ﻣﺮﺍﻋﺎﺓ الأخلاق والقيم : (ﻣَﻦ ﻏﺸﻨﺎ ﻓﻠﻴﺲ ﻣﻨﺎ) ﻭ(ﺃﺣﺐ ﻷﺧﻴﻚ كما تحب ﻟﻨﻔﺴﻚ).
ها نحن نمر بإشكالية ﻛﺒﻴﺮﺓ جداً تتمثل في موت ضمائر البعض الذين ﻻ ﻫﻢ ﻟﻬﻢ سوي ﺟﻤﻊ ﺍﻟﻤﺎﻝ بأي صورة من الصور، وهذا إن دل علي شيء فإنما يدل علي أنهم ﺗﻨﺼﻠﻮﺍ عن ﺃﺧﻼﻗﻬﻢ وقيمهم، ومما أمرنا به الدين الإسلامي ﺍﻟﺬﻱ أوجد للناس الخير وحذرهم من الشر الذي يجنون به على الآخرين، لذا يجب ﺃﻥ ﻳﻨﺎﻝ كل من يستغل ظروف المواطن البسيط ﺟﺰﺍﺀه بما ﺍﻗﺘﺮﻓﺖ ﻳﺪﺍﻩ.
لم يعد (جشع)، (طمع) و(هلع) بعض التجار وسائقي المركبات أمراً مخفياً، ففي كل يوم جديد ﻧﺴﻤﻊ ﻭﻧﻘﺮﺃ ﺣﻜﺎﻳﺎﺕ مثيرة للدهشة في زمن فقدت فيه الإنسان الدهشة خاصة وأن ارتفاع الأسعار وزيادة تعريفة المواصلات ليس لها ما يبررها سوي أنهم بدون ﻭﺍﺯﻉ ﻣﻦ ضمير، وكأنهم نسوا أن هناك ﺭﻗﻴﺒﺎً ﻋﻠﻴﻬﻢ، ﻻ ﺗﺨﻔﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺧﺎﻓﻴﺔ، ﻭﺳﻴﻘﺘﺺ ﻣﻨﻬﻢ ﻋﺎﺟﻼً ﺃﻡ ﺁﺟﻼً.
إن ارتفاع أسعار السلع وزيادة تعريفة المواصلات أصبحت من الأمور التي فاقت طاقة الإنسان البسيط الذي يجأر بالشكوى، ولكن لا حياة لمن تنادي في ظل ظروف اقتصادية طاحنة ﺍﺳﺘﻄﺎع من يستغلونها ﺗﺤﻘﻴﻖ ما يصبون إليه من أﻣﻮﺍﻝ يندرج تصنيفها في بند (ﺍﻟﻐﺶ)، وذلك يعود لعدم وجود رقابة تحفظ للمواطن حقه.
ﺇﻧﻨﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ إنسان يستغل أخيه دون وجه حق، خاصةً أولئك الذين يأذون المستهلك والراكب للمواصلات بالزيادات غير المبررة، لذا يجب ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺘﻬﺎﻭﻥ معهم ، وأن لا تأخذكم بهم رأفة أو ﺮﺣﻤﺔ طالما أنهم لا يتعاملون بأخلاق وقيم الدين الإسلامي، عموماً من ﻻ ﻳﺮﺣﻢ الناس يجب أن ﻻ يرحم، ﻭﻣﻦ أوجب الواجبات ﻋﺪﻡ ﺍلإﻛﺘﻔﺎﺀ بالرقابة وإنزال العقوبة، ﺑﻞ ﻳﺠﺐ عكس ذلك عبر وسائل الإعلام حتى يكونون عظة وعبرة لآخرين ربما ينتهجون نهجهم غير القويم.
آخر الدلتا
ظل بعض التجار يرفعون الأسعار دون مسوغ قانوني يكفل لهم هذا الحق، بالإضافة إلى سائقي المركبات العامة الذين يستغلون المواطنين استغلالاً بشعاً برفع سعر تعريفة المواصلات بحسب المزاج، ويعود ذلك لأزمة المواصلات، فهل تصدق أن هنالك سائقين لـ(الحافلات) يأخذون الركاب من الخرطوم لام درمان بـ( 10) و(15) جنيهاً، وهكذا كل لديه تعريفه خاصة به، ولا يعرف المواطن لمن يلجأ ليحفظ له حقوقه المنتهكة.
وأرجع الأزمة إلى الرؤية غير الواضحة من الجهات المعنية بضبط حركة المركبات العامة وترك سائقيها يقررون متى يخلقون الأزمة لرفع التعريفة المقررة، ومتى يفرجونها، والضحية في النهاية المواطن، إذ يجد نفسه مضطراً إلى الرضوخ، لعدم وجود رقابة من السلطات المختصة، فهنالك مركبات عامة غير مرخص لها بالعمل تكتفي بقطع إيصال مخالفة مرورية من الصباح، ويظل يعمل به حتى المساء.

الدار تنقل آراء قيادات حركات مسلحة حول دور الفن في السلام.. محمد عيسي : مناوي يغرد عبر (تويتر) ومشار يكشف إيقاف ضربة بسبب ابن البادية


نقل الفنان محمد عيسي تفاصيل من أجواء التفاوض بين الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة بدولة جنوب السودان.
وقال : سافرت إلى جوبا بدعوة من الوساطة الجنوب سودانية برئاسة الفريق توت قلواك مستشار الرئيس سلفا كير، وهناك أحسست بأنه يوجد إصرار من الأطراف السودانية على التوصل إلى سلام، لذلك الحديث كان دائراً حول ما بعد السلام، وقد وجدت ترحيباً من الدكتور إبراهيم جبريل، رئيس حركة العدل والمساواة، واركو مني مناوي، رئيس حركة تحرير السودان، فلم أكن أتصور أنهم بهذه البساطة، فاركو مناوي لمست فيه كلمات طيبة أهل السودان، إذ أنه غرد عبر (تويتر)، والتي شكرني من خلالها وزميلي جمال فرفور ودور الفن السوداني، وبما أن الأجواء أجواء سلام فإن المرحلة المقبلة هي الأصعب، وبالتالي فإنه يجب أن يكون للفن حديث.
وأضاف : أدرت حواراً مع الأخ مناوي الذي أكد لي أنه متابع لكل ما يدور في السودان بما في ذلك الثقافة، الفن والرياضة، وتحدث عن دور الفن في الفترة ما بعد توقيع اتفاق السلام.
وحول الحوار الذي دار بينه والدكتور جبريل إبراهيم : قال محمد عيسي : طالب بأن يكون هنالك دوراً للشباب في الفترة القادمة وتوعية المجتمع بأهمية السلام ونبذ العنصرية.
وأردف : التمست بجدية الحكومة الانتقالية في التوقيع على اتفاق السلام، ممثلة في الفريق أول محمد حمدان حميدتي دقلو، نائب رئيس المجلس السيادي، الفريق شمس الدين الكباشي، عضو المجلس السيادي ومحمد حسن التعايشي، عضو المجلس السيادي، فهنالك التزام تام بالتفاوض للوصول إلى سلام.
وتابع : روي لي الأخ رياك مشار، نائب رئيس دولة جنوب السودان حول دور الفن، فقال : من عظمة الفن أنه إبان نظام الرئيس المخلوع عمر البشير وقبل توقيع اتفاقية الخرطوم للسلام عملت (كمين) لضرب باخرة قادمة من مدينة (كوستي) إلى جنوب السودان، وعندما أزفت ساعة الصفر علمت أن داخل الباخرة الفنان الكبير صلاح بن البادية، فما كان مني إلا وأصدرت أمرا بإيقاف الهجوم على الباخرة.

الأربعاء، 29 يناير 2020

سراج النعيم يكتب : الفساد الخفي لصالح من؟

السؤال الذي يفرض نفسه في الراهن السياسي، الاقتصادي، الاجتماعي، الثقافي والفكري هو لصالح من يستشري (الفساد) ظاهراً وخفياً، نعم يستشري بصورة ملفته جداً وقطعاً يؤثر في الناس والمجتمع رغماً عما يبذل من مجهود للقضاء عليه، إلا أنه مازال يسيطر على الواقع، وكأن هنالك من لديه مصلحة في الإبقاء عليه، خاصة وأن هنالك من ينتهجون نهج يؤطر لممارسات دولة نظام الرئيس المخلوع (عمر البشير)، العميقة.
من المؤكد أن الإبقاء على (الفساد) في صوره المتعددة سيكون لاعباً أساسياً في عدم خروج الحكومة الانتقالية من الأزمات المتوارثة من النظام البائد، ولا شك فإن ملفات (الفساد) المختلفة تتطلب إجراءات عاجلة وحاسمه دون الإبطاء فيها حتى يتم إنجازها، وترد الأموال المنهوبة إلى خزينة الدولة، وتحقيق ما تنشده ثورة ديسمبر المجيدة، والتي تأمل في مكافحة (الفساد) بالصورة المثلي، ولا سيما بالإسراع في وضع حد لها حتى تكون النتائج النهاية إيجابية، وذلك من خلال إعادة النظر فيها عموماً ومن ثم تطوير الآليات، وتوفير الإمكانيات المتوافقة مع حجمه المخيف والمقلق خاصة وأنه موجوداً في أغلب مفاصل مؤسسات الدولة، لذا ظلت تعاني منه الأمرين على مدى ثلاثة عقود، مما قاده إلى أن يترك أثاره السالبة في المشهد رغماً عن الإطاحة بالنظام البائد.
إن عدم الشفافية في ملفات (الفساد)، وتمليك ما يدور حولها للرأي العام سيفرز مرارات للظلم الذي وقع على الشعب السوداني، ولابد من التأكيد بأن (الفساد) الظاهر والخفي من إنتاج وإخراج مؤسسات النظام البائد، والذي أصبح فيما بعد (فساداً) يدار في الخفاء، إلا أنه يمشي بين الناس، ويحسون به في حركاتهم وسكناتهم، فكلما استغلوا المركبات العامة يتفاجأون بزيادات كبيرة في التعريفة المضاعفة أكثر من (200%)، بالإضافة إلى أن بعض سائقي المركبات العامة يجزئون المشاوير لتحصيل أكبر قدر من الأموال، والأغرب أن (فساد) المواصلات يحدده ما يسمي بـ(الطراح) أو (الكومسنجي)، إما فساد بعض الشركات والتجار فإنه يتجلى في رفع أسعار السلع الاستهلاكية بما لا يتوافق مع ميزانيات الأسر الفقيرة، وعندما تسأل لماذا؟ يردون تحججاً بأن الدولار الأمريكي مرتفعاً، وأن كانت هذه الحجة لا تنطلي على المستهلك، لأنه حتى إذا انخفض سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني لا يتم تخفيض أسعار السلع الاستهلاكية رغماً عن أن البعض منها يكون موجوداً في رفوف البقالات قبل الزيادة المقررة، هكذا الكل يستنزف الآخر دون رحمة أو رأفة، وليس مهما لديهم من أين يأتي المواطن المغلوب على أمره بالمال لكي يمزق به كل هذه الفواتير التي تطل عليه مع إشراقة كل صباح جديد أشد عنفاً.
يبقي الفساد مهدداً خطيراً للناس والمجتمع الذي ظل يعاني من السياسات الخاطئة على مدى ثلاثين عام، ومازال، وهنالك نوعاً اخراً من الفساد ويلعب فيه المواطن دوراً كبيراً إلا وهو أن البعض منهم كلما كانت لديه معاملة في مؤسسة من مؤسسات الدولة أول ما يفكر فيه هو (الوساطة)، ورغماً عنها قد تتم مساومته في حق مشروع لا يستوجب ذلك خارج إطار أورنيك (١٥)، والذي تسدد وفقه الرسوم التي يتم تحصيلها لخزانة الدولة، وعليه فإن على المتعامل مع مؤسسات الدولة المختلفة أن لا يدفع ما يسمي بـ(التسهيلات) لأنه يساهم في (فساد الذمم)، وأمثال هؤلاء الذين نفسدهم يفترض فيهم أن يخدمونا طالما أننا ندفع الضرائب، الزكاة والعوائد، بالإضافة إلى رسوم المعاملة، لذا يجب أن لا نتعامل وفق ما كان يجري أبان النظام البائد الذي إذا لم تقدم للبعض من العاملين فيه تسهيلات خارج الأطر القانونية لن تحظي بإتمام معاملتك، وهذا النهج يكون خصماً على حساب آخرين ليس لديهم المقدرة على دفع مبالغ إضافة للرسوم المقررة من المؤسسات الحكومية، لذا ارتهن نجاح الحكومة الانتقالية بالقضاء على (الفساد)، والذي قطعاً مكافحته تتقاطع مع مصالح بعض الشخصيات.
ولا سيما فإن الكشف عن مصادر الدخل وإبراء الذمة بإقرارات ما قبل الوظيفة مهماً جداً في إطار عدم تقاطع المصالح الشخصية مع معاملات المواطن فيما بعد، لذا يجب الإسراع في حسم ملفات (الفساد) حتي يتحقق ما تبتغيه ثورة ديسمبر المجيدة، خاصة وأن بعض مؤسسات دولة نظام الرئيس المخلوع عمر البشير رفضت المراجعة الداخلية، مما يؤكد أن هنالك (فساداً) تحول على إثره الموظفين إلى (تجار) و(سمسارة)، وبالتالي ظهرت عليهم علامات الثراء الفاحش، وأمثال هؤلاء يجب مسألتهم من أين لكم هذا، واجتزاز من لازالوا في الوظائف، وذلك من خلال تفعيل دور المراجعة الداخلية والرقابة على المال العام بآليات نافذة تكشف حتى (الفساد) الخفي، وأن كنت على قناعة تامة بأن الفشل في أي ملف من الملفات المتعلقة بالنواحي المالية يكون سببه عدم الجدية في حسمه، ولن تكون هنالك جدية إلا من خلال فتح البلاغات وتقديم المتورطين للمحاكم دون أي إبطاء، مع إيجاد حلول ناجزة للأزمات الاقتصادية الطاحنة كالمشتقات البترولية، الخبز، البطالة والسكن حتى نضمن بيئة مستقرة في ظل التحول الكبير الذي أحدثته (العولمة) ووسائطها المختلفة، والتي قادت العالم إلى أن يصبح عالماً رقمياً، فأي محاولة لمواكبة التطور دون القضاء على (الفساد) ستفشل.

الدار تقتحم عالم سكان الشوارع (الشماسة) وتخرج بالكثير المثير أحمد : (صبيناها) في الاعتصام أمام القيادة العامة للقوات المسلحة.. شاركنا في مظاهرات ديسمبر للإطاحة بالرئيس المخلوع عمر البشير





كلما تحركت من المنزل إلى العمل أشغل نفسي بتصفح هاتفي إلى أن أصل إلى وجهتي، إلا إنني قررت أمس أن أجري تحقيقاً استقصائياً حول سكان الشوارع الذين نطلق عليهم مجازاً (الشماسة)، وفكرة التحقيق نبعت من الانتظار لساعات طوال للمركبات العامة، وأثناء ما كنت أفعل لمحت طفلة في الموقف تراقب تحركاتي، فما كان مني إلا وتوجست منها، والتوجس صادر من اعتقادي بأنها ربما تكون مدفوعة لإلهائي من شخص آخر يرمي لخطف هاتفي السيار، الأمر الذي حدا بي التركيز معها بكل ما أملك من حواس، وعليه ظللت أنظر إليها بحذر شديد، وعندما اكتشفت بإحساسي أنها ليست كما تصورت قلت في قرارة ذاتي لماذا هذا التوجس ثم تجرأت وسألتها ما السبب الذي قادك إلى هذا المكان؟
قالت : الظروف الاقتصادية المحيطة بأسرتي ظروفاً قاسية جداً، ولا تحتمل أن أكون عبئاً ثقيلاً عليهم، لذا أثرت أن أكون من سكان الشوارع، وأساعدهم بما أتحصل عليه من مال من عملي الهامشي الذي يوفر لي بعض الأحيان مبالغاً مالية أسدد بها ديونهم لدى صاحب الدكان، ومن وضع أسرتي الاقتصادي المذري شاركت من أجلهم في المواكب التحررية الداعية إلى إسقاط نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، ومن ثم انضممت لمن كانوا (صابنها) في ساحة الاعتصام أمام القيادة العامة للقوات المسلحة بالخرطوم، وهنالك وجدت تعاملاً إنسانياً راقياً، وكان بعض الشباب يجمع لي مبالغاً مالية أذهب بها مباشرة إلى صحاب الدكان الذي تقترض منه أسرتي ديوناً وأسددها لهم من أجل أن يعيشوا حياة كريمة، دون أن يمدوا أيدهم للناس أعطوهم أو منعوهم.
ماذا تعرفين عن السياسة؟
لا أعرف عنها شيئاً، ولا أريد أن أعرف، ولكن كل ما أعرف هو أن نظام الرئيس المخلوع عمر البشير ظلم الناس لذلك تمت الإطاحة به.
وأثناء إدارتي للحوار معها كان هنالك طفلاً يراقب الحوار الدائر بيني وبينها، وكأنه يرغب في أجرائي معه حواراً مماثلاً، وكان أن سألته ما هو اسمك؟
أحمد.
لماذا لم تكمل اسمك؟
قال : أعرف إلى ماذا ترمي من سؤالك، هل تظن إنني ليس لدى أسرة، بالعكس والدي ووالدتي وأشقائي موجودين، وكل من تشاهدهم في هذا المكان لديهم أسر إلا أن الظروف الاقتصادية القاهرة لعبت دوراً كبيراً في تركهم للأجواء الأسرية والاحتماء بالشارع، الذي قطعاً لا يرحم صغيراً أو كبيراً.
كم تبلغ من العمر؟
(١٥) عاماً.
يبدو أن عمرك أقل من ذلك بكثير؟
ما ذكرته لك من عمر حقيقي وذلك وفقاً لشهادة ميلادي.
ما هي قبيلتك، ومن أين أنت؟
لا أحب السؤال عن القبائل، ويكفي إنني سودانياً، ولا أحب أيضاً سؤال من أي الولايات أنت، فأنا من كل بقاع السودان شمالاً وجنوباً، شرقاً وغرباً.
هل والدك ووالدتك على قيد الحياة؟
نعم وأدعو الله أن يمد لهما في أعمارهما، إلا أنهما انفصلا عن بعضهما البعض، وذهب كل منهما في اتجاه، لذا لم يكن أمامي خياراً سوي أن أنضم إلى أخوتي في هذا المكان، والذي أصبح بمرور الزمن عالمي البديل للأسرة التي فقدتها بسبب الطلاق.
لماذا لا تعيش مع والدك أو والدتك؟
بعد الانفصال تزوج كل منهما، وأصبح لديهما أسرتين منفصلتين، وبالتالي لا مكان لي بينهما، ومنذ أن ابتعدت عنهما مرت بي الأيام، الشهور والسنين سريعاً، وخلال تلك الفترة الماضية لم أرهما حتى إنني كدت أنسي ملامح وجهيهما.
كيف تعيش في هذا المكان الذي ليس فيه ما توفره لك الأسرة؟
لا يمكن أن تتخيل السعادة التي أعيش فيها مع أصدقائي الذين أصبحوا الأسرة البديلة، إذ إنني وجدت في هذا العالم التكافل، التكاتف والتعاضد أكثر من تلك الأسرة التي ذهبت إليها.
هل لديك عمل؟
أعمل في نظافة السيارات، وأتقاضي مقابل ذلك أجراً من سائقي تلك المركبات، وما أن انتهي أعود مباشرة لهذا المكان.
ما سبب الجرح الموجود على يدك؟ تشاجرت مع أحد أصدقائي بسبب (سجارة)، وتطور الأمر من نقاش للاشتباك بالأيدي، وكان أن تقلبت عليه، فما كان منه إلا وجرحني بموس وجدها ملقاة على الأرض، فأمسكها وجرحني بها على يدي، ثم أسعفني إلى المستشفى.
هل تلقيت تحصيلاً أكاديمياً؟
درست حتى الصف الثالث الابتدائي، ونسبة إلى ظروف والدي طلعت من المدرسة، وعملت معه في عربة (كارو)، إلا أن الخلافات بدأت تدب بين والدي ووالدتي إلى أن انفصلا عن بعضهما البعض، مما جعل كل منهما مهتما بحياته الخاصة، وبالتالي أهملاني، وأصبحت بلا دليل أو مرشد، مما قادني الاتجاه للعمل منفصلاً، ومع مرور الأيام أصبحت إنساناً (مشرداً).
وانتقلت بالحوار إلى سيدة تحمل طفلاً على كتفها ويقف بجوارها آخر؟
ما هو اسمك؟
عائشة.
ما الذي أتي بك إلى هذا العالم؟
قالت : أكثر ما يحز في نفسياتي أن الاعتقاد السائد في أذهان عامة الناس أننا ليس لدينا أسراً، وهذا المفهوم غير صحيح، والظروف الاقتصادية القاهرة وحدها التي شردتنا عن أسرنا، ورغماً عن ذلك نتواصل معهم في كثير من الأحيان، ونتابع كل ما يجري من أحداث حولنا في أوقات الفراغ، إلا أننا لا نلم بكل شيء.
أين والد أطفالك؟
موجود معي في هذا العالم الذي يجد الاهتمام من وسائل الإعلام دون البحث عن حلول جذرية تعيدنا إلى المجتمع، وأتمنى أن أجد منزلاً أستقر فيه مع أبنائي وعملاً أخرج به وأسرتي الصغيرة إلى بر الأمان.
كيف تصرفون على أنفسكم الآن؟
هنالك جهات وأشخاص خيرين يوزعون لنا الأزياء، المأكل والمشرب، ونحن نتوكل على الله في حياتنا رغماً عن عدم امتلاكنا ما ننفقه على أنفسنا في هذه اللحظة ناهيك عن الغد.
فيما انتقلت بالحوار إلى (مشرداً) آخراً سألته عن اسمه؟ قال : محمد أحمد.
هل في الإمكان أن التقط معك صورة؟
لا مانع لدي، ولكن إذا كان لنشرها في الميديا الحديثة أو الصحف، أرجو منك أن تغطيها.
ما الذي تفعله بما تتحصل عليه من مال، وكم يوم يبقي بطرفك؟
كل مبلغ اجنيه من عملي لا يكفي لقضاء يومي، فالسوق أصبح مرتفعاً بصورة جنونية، وبالتالي أصرفه على المشرب والمأكل، وما بين الفينة والأخرى أشتري بعضاً من السجائر، وأوفر منه جزءاً لليوم الذي يليه.
هل سبق لك أن سرقت ؟
سرقت مرة واحدة تجار فاكهة، وإتباعي هذا السلوك معه نابعاً من أنني كنت جائعاً، ورغماً عن ذلك لم أكن أنوي أن أفعل إلا أنه رفض أن يسد رمق جوعي في عز هذا الشتاء القارص، لذا اضطررت إلى سرقته (تفاحة)، وفيما بعد سددت له ثمنها.
لاحظت أن معظم سكان الشوارع يتسمون بالبراءة التي تنم عن أصول طيبة رغماً عن أنهم يواجهون مصير مجهول، لذا شعرت بحزن عميق من واقع أن الظروف الاقتصادية بالغة التعقيد جعلتهم يتخذون من الشارع مأواً لهم، فلولا الفقر لما كان هؤلاء الأطفال يعيشون في المجاري والشوارع، فلماذا يتعامل معهم البعض بقسوة، ومن هذا المدخل أبعث برسالة إلى المجتمع مفادها أن هؤلاء الأطفال يمكن الاستفادة منهم في المستقبل، وأدلل بما فعله الزعيم النازي (هتلر)، والذي أختطف أكثر من مائتي ألف طفل من النمسا، ليكونوا ثروة بشرية تعتمد عليها ألمانيا فيما بعد، وبالفعل كانوا القوة الضاربة في الحرب العالمية الثانية، وأنا لا أقصد هنا تعليم الأطفال التطرف أو التعصب ! ولكن ما أقصده أن الأطفال وهم في سن البراءة، يستطيع الكبار تشكيل شخصياتهم، فمن الممكن أن يكونوا جنوداً بواسل، أو علماء أو عمال، فمن الممكن أن يكونوا أداة لانطلاق الدولة نحو الحضارة والتقدم.

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...