وضعت السيدة إقبال كرم الله قضية رهن
منزل زوجها لدي احدي البنوك الشهيرة علي منضدة الصحيفة وذلك من خلال رفض الطعن في
حكم محكمتي الموضوع والاستئناف حيث قضي حكم المحكمة العليا في قرارها القاضي
بإلغاء الحكم محل المراجعة وحكم محكمة الاستئناف ومحكمة أول درجة ويستبدل الأخير
بأخر يقضي بشطب الدعوي برسومها.
فيما تقدم المستشار القانوني للبنك
المعني بطعن ضد حكم محكمة الاستئناف الخرطوم والقاضي بشطب الاستئناف إيجازاً
برسومه وقد نعي الطاعن علي الحكم المطعون فيه مخالفته للتطبيق الصحيح للقانون.
وتتلخص الوقائع بالقدر اللازم لحمل هذا
الحكم في أن المطعون ضده قد أقام الدعوي بالنمرة ( ق م/81/2010م ) ضد الطاعن أمام
محكمة الخرطوم التجارية مطالباً بفك الرهن للوفاء ومخاطبة تسجيلات أراضي ام درمان
لفك الرهن وذلك علي سند من القول بأنه قد قام برهن العقار المملوك له بالنمرة (
107/مربع 79 الجريف غرب الخرطوم ) لمصلحة عمليات الصادق احمد والذي تم بدون تاريخ انتهاء
للعقد إنما لحين أجل الوفاء والمتمثل في سداد المبلغ المضمون البالغ قدره ( 601897
) جنية ورغم سداد المستند للمبلغ المذكور في عقد الرهن في العملية الأولي والتي تم
من أجلها أبرم العقد المذكور ضماناً لسداد مرابحات تخص المذكور آنفاً إلا أن
الطاعن ( المدعي عليه ) قد استغلها لضمان عمليات أخري لم يشملها الرهن وقد قام
المطعون ضده بإخطار الطاعن بفك الرهن لسداد المديونية.
قام الطاعنين بالإعلان عن بيع العقار
المذكور لتعثر عملية في سداد المرابحات اللاحقة للعقد دون الرجوع للمطعون ضده
للتوقيع علي عقد رهن ثاني.
الأمر الذي حدا به لإقامة دعواه سالفة
الذكر بغية الحكم له بطلباته أنفة البيان باشرت محكمة أول درجة نظر الدعوي علي
النحو الثابت بالأوراق وفي حضور طرفي الخصومة كل بوكيل عنه وقد ورد الطاعن علي
الدعوي بدفع قانوني وأخري موضوعية ثم رفض الدفع القانوني ثم سمعت المحكمة الدعوي
وقضت بإجابة طلبات المطعون ضده.
لم ينل هذا الحكم رضا الطاعن فمن ثم طعن
عليه أمام محكمة الاستئناف الخرطوم والتي أصدرت حكمه المطعون فيه أمام هذه المحكمة
المشار إليه في صدر هذا الحكم.
وتتخلص الأسباب التي قضي بها الطاعن علي
لسان مستشاره القانوني علي الحكم المطعون فيه مخالفة للتطبيق الصحيح القانوني في
الآتي :-
1- أخطأت المحكمتين الأدنى فيما ذهبتا
إليه بشأن شطب الدفع القانوني لكون النزاع ينطبق عليه قانون بيع الأموال المرهونة
لسنة 1990م تعديل لسنة 1993م لكونه قد تم إنذار المطعون ضده بالبيع وفقاً لنص
المادة ( 5 ) من القانون مقروءة مع المادة ( 8 ) من ذات القانون وأن المطعون ضده
لم يحرك ساكناً طيلة الفترة المحددة له للمطالبة بالتحكيم.
2- لم يحدد المطعون تاريخ السداد
للمديونية فيه المضمونة بالرهن سند الدعوي وما إذا كان قد تم بعد الإنذار أم قبله
فضلاً عن أن سداد جزء من المديونية لا يشكل سداد المديونية إنما جزء منه ثم فإن
العقارات متضامنة في حمل المديونية.
3- إن عقد الرهن يؤكد بأنه ضامن لعدة
الالتزامات وليس التزام واحد وبالتالي فإنه لا ينفك إلا بسداد الدين لكافة
التزاماته.
4- أخطأت محكمة الاستئناف فيما انتهت
إليه في أن المطعون ضده قد أخطر الطاعن بالسداد قبل الإنذار بالبيع وهو زعم لا
أساس له من الصحة تم إعلان المطعون ضده للرد وقد جاء رده بواسطة محاميه والذي أكد
صحة الحكم المطعون فيه وأن الرهن كان لعملية معينة ومحددة وليس لكافة الالتزامات.
من حيث الشكل فالطعن قد سبق قبوله شكلاً..
أما حيث موضوع الطعن ووفق ما يتضمنه من أسباب فإنه فيما يتعلق بالشق الأول فإنه
مردود عليه بأنه لما كان في القرار قانوناً عملاً بنص المادة ( 736 ) من قانون
المعاملات المدنية أنه يشترط في مقابل الرهن التأميني أن يكون ديناً ثابتاً في
الذمة أو موعوداً به محدداً أو عيناً من الأعيان المضمونة وأن الرهن يتجزأ وكل جزء
في العقار المرهون ضامن لكل الدين وكل جزء في الدين مضمون بالعقار المرهون وأنه من
المقرر أن تكييف الدعوي من سلطة المحكمة بما تسببه في الوقائع المطروحة وفي تطبيق
القانون عليها وإعطائها وصفها الحق كما أنه من المستقر فقهاً وقضاءً أنه إذا كان
إرادة الملتزم في العبارات التي استعملها واضحة وضوحاً لا يتطرق إليه الشك وجب
الحكم بمقتضي هذه الإرادة ذلك أن الالتزام لا يصح التوسع في مدلول عباراتها كما
وأن البينة المعقولة عند الملتزم هي أن يلتزم إلي أضيق مدي تتحمله العبارات وأنه
إذا كان هنالك محل لتفسير العقد وجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون
الوقوف عند المعني الحرفي للألفاظ.
وإنه من المقرر عملاً بالبند الأول من
عقد الرهن سند الدعوي أن الطرف الثاني يرهن القطعة رقم ( 107 مربع 79 الجريف غرب )
غرب مدينة الخرطوم والبالغ مساحتها ( 300م م ) وما عليها من مباني رهناً أولاً
لصالح الطرف الأول نظير مبلغ ( 601897 ) جنية.. فقط ستمائة وواحد ألف وثمانمائة
سبعة وتسعين جنية لا غير ).
لما كان ما تقدم وكان الثابت بالأوراق
ووفق ما انتهت إليه محكمة الموضوع من استخلاص ووفق ما تقدم من بينات في أن الرهن
سند الدعوي كان تسهيلاً ائتمانية محددة وفي حدود مبلغ الرهن المشار إليه أنفاً وأن
من المرهون لصالحه قد تعثر في عملياته الأخيرة والتي تجاوزت مبلغ الرهن الأمر الذي
ينهض بأن العملية المصرفية التي ضمنها المطعون ضده قد تم سدادها ذلك لكون إنها قد
جاءت لعملية واحدة ومحددة وسقف تمويلي محدد ولمدة معينة ومن ثم فلطالما أن الرهن
قد انقضي بسبب الوفاء فمن ثم فإن قانون المعاملات يضحي هو القانون الواجب التطبيق
لكونه هو المعني بفك الرهن لطالما انقضي الالتزام ومن ثم فإنه لا سبيل للاعتداد
بأحكام قانون الأموال المرهونة لطالما أن عقد الرهن قد انقضي بالتنفيذ لطالما أنه
كان محدداً بمبلغ معين أما فيما يتعلق بالالتزامات اللاحقة والتي تؤكد المبلغ
الخاص به والتي تجاوزت مليون جنية أنها لا علاقة لها بالرهن وليس مسئولاً عنها
المطعون ضده ولا سبيل لالتزامه بما لم يلتزم به لطالما أن الرهن قد جاء مقيداً
لعملية معينة ومبلغ محدد تم تسديده وفق ما انتهت إليه المحكمة ووفق ما تدل عليه
قرائن الأحوال وما جاء لاحقاً من تسهيلات لاحقة ومن ثم فإن ما يدعي الطاعن أن
العقار ضامن له وهو مبلغ يجاوز المبلغ الذي ضمنه الرهن فإنه لا علاقة للمطعون ضده
به لكونه ليس ضامناً له ولكون الرهن قد جاء محدداً وعباراته لا تسمح بما ذهب إليه
الطاعن وهو أن يكون ضامن له ولكون الرهن قد جاء محدداً وعباراته لا تسمح بما ذهب
إليه الطاعن هو أن يكون ضامن لكل التسهيلات الائتمانية إنما كان لعملية واحدة وفي
حدود مبلغ الرهن ومن ثم فأنني أري بأن الاستناد علي أحكام قانون الأموال المرهونة
ليس صائباً ولا صحيحاً في ظل القضاء الرهن بالوفاء.
وحيث أنه عن السبب الثاني فإنه مردود
عليه بما سبق أن تم الرد عليه في السبب الأول ونضيف بأنه وفيما يتعلق بالعقار
المرهون فإنه يكون ضامن لكل مبلغ المديونية والناتج عن التسهيلات الائتمانية التي
ضمت للمدين وفي حدود مبلغ الرهن وليس كافة المديونيات التي لازالت مشغولة ذمة المدين
بها والتي تجاوزت المليوني جنية فلو أن الأمر تعلق بالمديونية المضمونة بالرهن وهي
في حدود ( 601897 ) جنية فإن العقار يكون ضامن لأي جزء في المديونية كبير وصغير حتى
كامل السداد أما أن يكون ضامن لما يجاوز عقد الرهن فإن هذا ما لا يجوز يعتبر إلزام
المطعون ضده بما يلتزم به فضلاً عن أنه وفيما يتعلق بكافة المديونيات والالتزامات
الناتجة عن كافة التسهيلات الائتمانية التي منحت للمدين واستفاد منها فإن ذلك لا يجوز
افتراضه في التضامن لكون التضامن مصدره أما أن يكون القانون أو الاتفاق يكون
للقانون وهذا ما لم يتحقق في حق المطعون ضده لكون تعاقده قد جاء محدداً مبلغ محدد
وتسهيلات محددة لا سبيل لتجاوزها إلا بموافقته علي ذلك أو إبرام عقد رهن جديد أو
ثاني يحدد سقف جديد لضمان السداد وحيث أنه عن السبب الثالث فإنه مردود عليه بما
سبق الرد عليه في السببين الأول والثاني ونضيف بأن عبارات عقد الرهن قد جاءت واضحة
ولا لبس فيها ولا غموض بل لا سبيل للتوسع فإن دلالاته يفترض أن الدائن قد أراد أن
يلزم نفسه بما التزم به في أضيق نطاق وقد جاء الالتزام فقط في حدود مبلغ معين بما
يعني أنه ضامن لالتزام محدد ناتج عن عملية محددة بمبلغ محدد وبالتالي فإنه لا سبيل
لتحميل عبارات العقد أكثر مما تتحمل وبالتالي يضحي استنتاج بما يخالف ما هو ثابت
في بنود العقد وحيث أنه السبب الرابع فإنه مردود عليه بما سبق الرد عليه فضلا عن
أن ما انتهت إليه محكمة الاستئناف في مشاطرتها الرأي بما انتهت عليه محكمة الموضوع
قد جاء استخلاصاً صائباً وسائغاً ومقبولاً لما جاء من بينات مقبولة قانوناً وبما
يمتنع معه علي هذه المحكمة التدخل فيه لكونه يعتبر من قبيل تقدير الدليل وهو مما
تتفرد به المحاكم الأدنى دون هذه المحكمة.
وتأسيساً علي ما تقدم وحيث أن الحكم
المطعون فيه قد أصاب صحيح القانون فيما أنتهي إليه لكونه قد أصاب في تأييده لحكم
محكمة الموضوع والذي جاء هو الأخر صحيحاً وسليماً فأنني أري أن نذهب إلي تأييده
فيما أنتهي إليه وأن نرفض الطعن من حيث الموضوع.
وعليه رفض الطعن وتم تأييد الحكم المطعون
فيه.
الدار تفتح ملف المنازل المرهونة لدي
المصارف في مرابحات (2)
واصلت إقبال كرم الله عرض الأحكام
الصادرة في حق منزل زوجها ففي هذا السياق قررت المحكمة العليا الدائرة المدنية برئاسة
مولانا عبدالرحمن علي صالح في قضية رهن العقار للبنك الشهير علي النحو التالي :-
1- يلغي الحكم محل المراجعة وحكم محكمة
الاستئناف وحكم محكمة أول درجة ويستبدل الأخير بأخر يقضي بشطب الدعوي برسومها
2- لا أمر بشأن رسوم هذا الطعن
هذا طلب لمراجعة حكم محكمتنا هذه في
الطعن والقاضي برفضه مؤيداً بذلك حكم محكمة استئناف الخرطوم بشطبه إيجازاً والذي
أيد بدوره حكم محكمة الخرطوم التجارية في الدعوي التجارية بفك الرهن الموقع علي
العقار ( 107 مربع 79 الجريف غرب ) والمقيد لصالح البنك السوداني نظير مبلغ (
601897 ) جنية مع مخاطبة تسجيلات الأراضي المختصة لتنفيذ الحكم المذكور وتحميل
المدعي عليه ( الطاعن) رسوم الدعوي ومبلغ ألفي جنية كأتعاب محاماة.
كنا قد قبلنا الطلب مبدئياً علي إثر صدور
الإذن بالمراجعة من الجهة المختصة وأمرنا بتحصيل فرق الرسوم عنه خلال ثلاثة أيام
من تاريخ إعلان المقدم ضده الطلب وبصورة منه للرد خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ
إعلانه فوردت إفادة من قلم الكتاب بالمحكمة لسداد فرق الرسوم المستحقة وقد أودع
المقدم ضده الطلب مذكرة فأضحي الطلب بهذا صالحاً للفصل فيه.
تتحصل الوقائع في حدود ما يقتضيه الفصل
في الطلب في أن المقدم ضده طلب المراجعة أقام ابتداء الدعوي التجارية رقم (
81/2011م ) لدي محكمة الخرطوم التجارية بطلب الحكم بفك عقد الرهن بين الطرفين
للوفاء والسداد ومخاطبة رئيس تسجيلات أراضي الخرطوم شرق لتنفيذ هذا الأمر وقال
بياناً لدعواه إنه المالك المسجل للعقار رقم ( 107 مربع 79 الجريف غرب ) وأنه قام
برهن العقار المذكور لصالح المدعي عليه ( مقدم طلب المراجعة) بموجب عقد رهن ضماناً
لعمليات الصادق احمد محمد بمبلغ ( 601897 ) جنية ورغم أن المستفيد المذكور قام
بالوفاء بمبلغ الرهن المذكور في العقد في العملية الأولي وانقضي العقد إلا أن
المدعي عليه قام باستغلال عقد الرهن بعد انقضائه في عدة عمليات لاحقة ضماناً
لمرابحات تخص الصادق احمد محمد بعد قيامه بسداد المرابحة الأولي والتي من أجلها تم
إبرام عقد الرهن وذلك دون الرجوع إلي المدعي عليه وأنه قام وبعد سداد المبلغ
المضمون بالرهن وتحديداً في سبتمبر سنة 2010م بإخطار البنك المدعي عليه لفك الرهن
ووقف سريان العقد لانقضائه بالوفاء من جانب المستفيد إلا أن المدعي عليه ورغم ذلك
قام في أكتوبر سنة 2010م بإنذار ببيع العقار بحجة تعثر المستفيد الصادق احمد محمد
في سداد المرابحات اللاحقة للقيد المنقضي بعد أن أنذره المدعي بانقضاء العقد فكانت
الدعوي بالطلبات أنفة البيان.
تقدم المدعي عليه بمذكرة دفاع استهلها
بدفع قانوني مؤداه أن النزاع يحكمه قانون بيع الأموال المرهونة للمصارف لسنة 1990م
وأنه لما كان ذلك ولم يطلب المدعي بعد إنذاره طبقاً للمادة ( 5/1 ) من هذا القانون
بإحالة النزاع للتحكيم خلال أسبوع من تاريخ الإنذار طبقاً للمادة ( 8 ) من ذات
القانون فإنه لا يحق له عرض النزاع علي المحكمة وفي الموضوع أقر ببعض فقرات الدعوي
وأنكر البعض الآخر والتمس شطب الدعوي برسومها أصدرت محكمة الموضوع أول درجة قراراً
في الدفع القانوني بإرجاء البت فيه لحين سماع الوقائع ومن ثم قامت بصياغة نقاط
نزاع سمعت في ضوئها بينات طرفي الخصومة وأصدرت حكمها المنوه إليه في صدر هذه
المذكرة وقد لقي هذا الحكم تأييداً من محكمة الاستئناف ومحكمتنا هذه كما أسلفنا.
وحيث إن الحكم الأخير لم يلق قبولاً لدي
مقدم طلب المراجعة فقد طلب مراجعته بالطلب الماثل والذي أرتكز علي أن الحكم غفل
الدفع القانوني المتصل باختصاص هيئة التحكيم بنظر النزاع دون المحاكم طبقاً لنص
المادة ( 8/1 ) من قانون بيع الأموال المرهونة للمصارف لسنة 1990م علي أهمية هذا
الدفع وخالف الذي جري قضاء المحكمة العليا علي أن أول ما تنظر إليه المحكمة فعل أن
تباشر اتصالها بالدعوي هو مدي اختصاصها بنظرها ولما كان ذلك وليس هناك غموض في
نصوص قانون بيع الأموال المرهونة للمصارف لسنة 1990م فيما يلي مسألة الاختصاص
المنعقد حصرياً لهيئة التحكيم فإنه لم يكن سليماً قانوناً أن يتكئ الحكم علي نصوص
قانون المعاملات المدنية لسنة 1984م ويقضي باختصاص المحكمة ابتداءً ينظر النزاع
هذا فضلاً عن أن الحكم أخطأ إذ قرر أن الرهن كان ضماناً لعملية واحدة للمستفيد وفي
هذا خروج علي ما ورد بعقد وتفسير خاطئ له ولم يثبت أن المدعي ( المقدم ضده طلب
المراجعة ) قد أخطر مقدم الطلب لا عند توقيع عقد الرهن ولا بعده بأن العقد مشروط
بعملية واحدة وانتهي مقدم طلب المراجعة إلي طلب الحكم بقبول الطلب وإصدار حكم يقضي
بشطب الدعوي برسومها.
رد المقدم ضد الطلب بمذكرة خلص في
خاتمتها إلي طلب الحكم له بجميع الطلبات الوارد بعريضة الدعوي ( هكذا ) تأسيساً
علي أن الحكم أصاب إذ توصل إلي أن الرهن كان ضماناً لعملية واحدة فقط فإنه يكون قد
انقضي بسداد المبلغ المضمون بالرهن في تلك العملية ويكون العقد من ذلك لا وجود له
قانوناً فضلاً عن أن قانون بيع الأموال المرهونة للمصارف لسنة 1990م تسري نصوصه
بعد الفشل في السداد والإنذار والوضع ليس كذلك في الدعوي الحالية كما أن المحكمة
الدستورية قضت في سابقة بنك فيصل الإسلامي عدم دستورية المادة ( 10 ) من قانون
الأموال المرهونة للمصارف وأن المحاكم تختص بنظر المسائل الإجرائية دون الموضوعية.
في تقديري أن النعي علي الحكم بما ورد
بالشق الأول من طلب المراجعة سديد ذلك أن المقرر قانوناً أنه إذا رفعت دعوي إلي
محكمة ما فإن أول ما تنظر فيه تلك المحكمة هو مسألة اختصاصها بنظر الدعوي قبل
الفصل فيها ذلك أنه لا سلطة لها في الفصل في الدعوي قبل أن تتأكد من اختصاصها بها
الاختصاص ينقسم كما هو معلوم إلي اختصاص نوعي واختصاص قيمي واختصاص محلي وما يهمنا
في هذا المقام هو الاختصاص النوعي وهو يرمي إلي تحديد اختصاص المحكمة بدعاوي معينة
بالنظر إلي طبيعة الرابطة القانونية محل الحماية ولما كان ذلك وكان من المقرر طبقاً
لنص المادة ( 6/4 ) من قانون تفسير القوانين والنصوص العامة لسنة 1974م وإنه يعتبر
أي قانون خاص أو أي حكم خاص بأي مسألة في أي قانون استثناء من أي قانون أو نصوص
عامة في أي قانون يحكم تلك المسألة ويبين جليا من نص المادة ( 8/1) من قانون بيع
الأموال المرهونة للمصارف لسنة 1990م أنه يجوز للراهن في حالة وجود أي نزاع بينه وبين
المصرف أن يطلب كتابة في مدة لا تزيد علي أسبوع واحد من تاريخ تسلمه الإنذار
المنصوص عليه في المادة ( 5/1 ) إحالة النزاع للتحكيم فإن مقتضي هذا أن المشرع
أراد ربما لضمان العمليات الائتمانية للمصارف لمواكبة الإيقاع السريع للعمليات
الائتمانية المصرفية المرتبطة بلا شك بالحركة الاقتصادية بالدولة أراد أن يحجب
الاختصاص عن قضاء الدولة وأن يعقده لهيئة تحكيم حدد طريقة تكوينها في المادة ( 9 )
من القانون المذكور ورغم أن المشرع استعمل كلمة يجوز في فاتحة المادة ( 8/1 ) أنفة
الذكر إلا أن السياق العام للقانون الذي يحوي هذه المادة يفهم منه أن الرهن يجوز
له فقط اللجوء لهيئة التحكيم ولا يجوز له بمفهوم المخالفة اللجوء لقاضيه الطبيعي وهذا
النوع من التحكيم وأن كان غريباً وربما مستعصياً علي الطبيعة الاتفاقية للتحكيم
الذي يكون اختيارياً بين طرفي الخصومة أما بشرط تحكيم يتضمنه العقد نفسه أو بمشارطه
تحكيم لاحقة للعقد إلا أنه معمول به في كثير من التشريعات في الدول الأخرى وهو ما
يعرف بالتحكيم الإجباري والذي تقتضيه خصوصية بعض العلاقات التعاقدية بين طرفيها أو
لاعتبارات آخري يقتضيها الصالح العام ولا مجال هنا للتفرقة بين المسائل الإجرائية
والموضوعية في النزاعات التي تنشأ بين الراهن والمصرف كما ذهبت إلي ذلك محكمة أول
درجة مؤيدة من محكمة ثاني درجة والحكم موضوع المراجعة ذلك لان عبارة أي نزاع
الواردة بالمادة ( 8/1 ) من قانون بيع الأموال المرهونة للمصارف واضحة الدلالة ولا
مجال للاجتهاد في تفسيرها إذ أنه من المقرر أنه لا مجال للاجتهاد مع وضوح النص
ويؤكد انطباق نص المادة ( 8/1 ) علي أي نزاع ينشأ بين الراهن والمصرف وانعقاد
الاختصاص بالتالي بنظره إلي هيئة التحكيم وما ورد بنص المادة ( 4/1 ) من قانون بيع
الأموال المرهونة للمصارف لسنة 1990م إذ جاء به.
مع عدم الإخلال بإحكام المادة ( 1 ) يطبق
هذا القانون علي الأموال المرهونة للمصارف قبل بدء العمل به حتى ولو بدئ في أي
إجراءات خاصة بها أمام المحاكم.
فضلاً عن هذا النص يدعم ما ذهبنا إليه من
أن المشرع قصد عقد الاختصاص حصراً بنظر أي نزاع ينشأ بين الراهن والمصرف لهيئة
التحكيم المنشأة طبقاً للمادة ( 9 ) من قانون بيع الأموال المرهونة للمصارف لسنة
1990م دون المحاكم ولا مجال هنا في تقديري للقول بأن اختصاص ينعقد لهيئة التحكيم
فقط بعد تسلم الراهن الإنذار المنصوص عليه في المادة ( 5/1 ) من القانون المذكور
وأنه ينعقد قبل ذلك بشأن أي نزاع ينشأ بين الراهن والمصرف للمحاكم ذلك أن المادة (
6/1 ) من قانون تسيير القوانين والنصوص العامة لسنة 1974م تنص علي :-
تفسر نصوص أي قانون بما يحقق الغرض الذي
شرع من أجله ويفضل في جميع الحالات التفسير الذي يحقق هذا الغرض علي سواه.
ولما كان ذلك ويستفاد من نص المادة ( 4/1
) من قانون بيع الأموال المرهونة للمصارف لسنة 1990م مقروءا مع تفسير كلمة مصرف
الوارد بالمادة ( 2 ) من ذات القانون أن المشرع أراد وكما أسلفنا حجب الاختصاص عن
المحاكم وعقد حصراً لهيئة التحكيم في أي نزاع ينشأ بين الراهن والمصرف فيما يتعلق
بالأموال المرهونة لصالحه فإن تفسير نص المادة ( 8/1 ) في هذا السياق تبغي أن يكون
بما يحقق الغرض الذي من أجله تم سن قانون بيع الأموال المرهونة للمصارف وهو اختصاص
هيئة التحكيم بأي نزاع ينشأ بين الراهن والمصرف في هذا الخصوص ولا يمكن أن يكون
المشرع قد رمي إلي تقطيع أوصال النزاعات بين الراهن والمصرف إلي نزاعات ما قبل
الإنذار وتختص بها المحاكم وأخري ما بعد الإنذار وتختص بها هيئة التحكيم فالرأي
إذن عندي أن التفسير السليم للمادة ( 8/1 ) من قانون بيع الأموال المرهونة للمصارف
لسنة 1990م وفي إطار الموجهات والضوابط التي تحكم تفسير النصوص القانونية سالفة
البيان أنه إذ نشأ نزاع بين الراهن والمصرف قبل أن يتم إنذار الراهن من قبل المصرف
طبقاً للمادة ( 5/1 ) من القانون المذكور فإن عليه سلوك طريق التحكيم دون سواه لكن
دون تحديد قيد زمني عليه في ذلك أما إذا كان النزاع بسبب تسلمه إنذار البيع طبقاً
للمادة ( 5/1 ) فإن أمامه أسبوع كحد أقصي لتقديم طلب إحالة النزاع لتحكيم وهذا في
رأيي هو التفسير الذي يحقق الغرض الذي من أجله شرع قانون الأموال المرهونة للمصارف
لسنة 1990م وتستجيب للضابط الوارد في المادة ( 6/1 ) من قانون تفسير القوانين والنصوص
العامة لسنة 1974م.
هذا في تقديري هو أصل المسألة في إطارها
القانوني بغض النظر عما إذا كان هذا القانون عادلاً أم غير كذلك فهذا شأن يخص
السلطة التشريعية أن شاءت أبقته وأن شاءت ألغته وبغض النظر أيضا عن مدي دستوريته
فهذا أمر تختص به المحكمة الدستورية ونحن كسلطة قضائية نطبق القانون كما هو ورد
وفي هذا المقام لابد أن نشير إلي أنه ليس صحيحاً ما ورد بمذكرة الرد المقدمة من
المقدم ضده طلب المراجعة من أن المحكمة الدستورية قضت في سابقة شركة مرحب ضد بنك
فيصل الإسلامي وحكومة السودان باختصاص القضاء ببعض الجوانب الإجرائية الواردة في
قانون بيع الأموال المرهونة للمصارف لسنة 1990م فما قررته تلك المحكمة ينحصر فقط
في عدم دستورية الفقرة ( 2 ) من المادة ( 10 ) من ذلك القانون والتي تنص علي
نهائية قرار التحكيم مما مؤداه أن القرار يجري مجري ما تقضي به هيئة التحكيم
المشكلة طبقاً لقانون التحكيم لسنة 2005م ويكون الطعن في قرار التحكيم أمام
المحاكم بالبطلان فقط طبقاً للأوضاع والشروط المقررة في المادة ( 41 ) من القانون
المذكور.
خلاصة القول إنه إذا تعلق الأمر بدعوي من
الدعاوي التي تدخل في التحكيم الإجباري كما في الدعوي التي بين يدينا فإنه يجب
رفعها إلي هيئة التحكيم فلا يقبل رفعها إلي القضاء العادي ويتعلق هذا الأمر
بالنظام العام ويمكن إثارته في أية مرحلة تكون عليها الدعوي وإذ قضي الحكم موضوع
المراجعة خلافاً لما أوضحنا فإنه في تقديري يكون قد أخطأ في تفسير القانون وتطبقه
بما يتفرع منه أنه قضي خلافاً لأحكام الشريعة الإسلامية علي التفسير الذي استقر
عليه قضاء محكمتنا هذه المادة ( 215 ) من قانون الإجراءات المدنية لسنة 1983م
والتي أصبحت المادة ( 199 ) بعد تعديل سنة 1997م باستصحاب أن قوانينا مستمدة من
أحكام الشريعة الإسلامية الغراء مما أري معه والحال كذلك أن نلغيه ونستبدل به حكما
جديدا يقضي بنقض حكم محكمة الاستئناف المؤيد لحكم محكمة أول درجة والقضاء مجددا
بشطب الدعوي برسومها علي ألا تأمر بشئ بشأن رسوم هذا الطلب.