الخرطوم : سراج النعيم
درجت الدول
العظمي علي مواراة أخطائها العسكرية خلف مصطلح ( نيران.. لكنها صديقة ).. المصطلح
الذي يتم تداوله علي نطاق واسع بما في ذلك القضايا الاجتماعية علما بأنه بدأ في الانتشار من خلال الحرب التي شنتها
الولايات المتحدة الأمريكية علي العراق الجريح وهي الحرب التي تعرف بحرب الخليج الثانية
والتي كلما تم إسقاط مقاتلة من قوات التحالف بقيادة أمريكا أو تعرضها معسكر من
المسكرات للقصف تعلن قوات التحالف بشكل مباشر أن جنودها الذين راحوا ضحايا تم
قتلهم بـ( نيران صديقة) في إشارة إلي أن إسقاط المقاتلات أو ضرب المسكرات ناتج عن
أخطاء في الخطط التكتيكية العسكرية المرسومة في إطار الحرب التي شنتها قوات
التحالف علي العراق.. ما جعل ذلك المصطلح يتم متداولاً في الوطن العربي الذي كان
يتابع إسقاط بغداد بشغف شديد ومما لا شك فيه أن المجتمع السوداني من بين تلك
المجتمعات التي كانت تراقب المشهد عن كثب لذلك أصبح المجتمع السوداني يستخدم مصطلح
( نيران صديقة ) بصورة ساخرة في كل القضايا المطروحة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً
وثقافياً وفنياً في المحيط المحلي والإقليمي والعالمي باعتبار أنه من المصطلحات
المندرجة تحت بند ( المسكنات ).. أو إيجاد المبررات للأخطاء التي يلمسها الإنسان
علي أرض الواقع بشكل شبه يومي.. إلا أن مصطلح ( نيران صديقة ) تجاوز كل ﺍﻟﻤﻼﺣﻈﺎﺕ السالبة
في المجتمعات علي أساس أنه مصطلح مأخوذ من أفلام الاكشن الأمريكية مثلاً ( اللغز)
الفيلم القائم علي فكرة التهديد بالقتل من صديق إلي آخر أو من دولة لآخري وهكذا
يلتمس المشاهد ذلك المصطلح في السينما الأمريكية التي أنتقل منها إلي السينما العربية
بصورة واضحة تؤطر بذلك إلي فكرة مصطلح ( نيران صديقة) حتى أن بعض الكتاب العرب
عمدوا إلي أن يستلهموا الفكرة ويترجمونها إلي أفلام عربية تساهم في نشر الثقافة
الغربية من حيث فكرة التهديد بالقتل والأساليب المستحدثة في بث الأفكار الهدامة.
ومما أشرت له
مسبقاً أكاد أجزم أن فكرة ( نيران صديقة ) لها فلسفتها وإبعادها الفكرية والعسكرية
والاجتماعية التي ساهمت في نشرها حرب الخليج الثانية خاصة وأن المصطلح يتم تداوله
في المجتمعات بصورة تدعو للوقوف عنده وتأمله نسبة إلي أنه يتم الزج به في كل قضايا
الساعة المطروحة علي طاولة النقاش في مجالس المدينة والرأي العام والمواقع
الاسفيرية ومواقع التواصل الاجتماعي ( الفيس بوك ) و( الواتساب ).
ربما وجد الناس
متنفساً في تصوير ما يعتمل في دواخلهم من خلال مصطلح (نيران صديقة ).. المصطلح الذي
ألف في إطاره الكاتب العربي فليماً ركز فيه علي الأصدقاء الذين يرتكبون جرائم تصب
رأساً في الخطايا السبع الواردة في الكتب السماوية مثلاً القتل، الغضب, الشهوة إلا
أن المؤلف لم يتطرق إلي الجوانب التي نهي عنها الدين الإسلامي مثلاً الكذب،
الخداع، الخيانة، التسلط، القهر، الابتزاز، السرقة لذلك هنالك سؤال يطرح نفسه هل
تركيز المؤلف علي مشاهد مليئة بالخوف والرعب يخدم القضية الأساسية من حيث مضمونها
وجوهرها؟ الإجابة في رأيي تكمن في أنه لو وضع كل منا نفسه في مكان الشخصيات
المعنية سيجد أن الإنسان خليط ما بين الخير والشر والإنسان الذي يسلك طريق الخير يجده
والإنسان الذي يسلك طريق الشر يجده إلا أن نهايته ستكون مؤلمة ومحزنة.. لذلك يجب
التفكير ألف مرة قبل الأقدام علي الخطوة التي يزينها لك الشيطان فأي خطيئة مهما
كانت بسيطة فإن العقاب آتي مقابلها أن طال الزمن أو قصر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق