........
الحزب الشيوعي لا تقل وطنيته عن أي حزب سياسي
........
الصادق المهدي يرأس مؤتمر (شوري) المؤتمر الوطني لهذا السبب
........
من أكبر الأخطاء إقحام (القبلية) و(الجهوية) في الممارسة السياسية
........
العقوبات على السودان تخدم المصالح الأمريكية
........
جلس إليه : سراج النعيم
........
كثيراً ما كنت أدير مع الأستاذ أحمد حسب الرسول بدر حوارات في شتي مناحي الحياة خاصة وأنه موسوعة في مجالات متعددة، وذلك بحكم تجربته العميقة سياسياً، اقتصادياً، اجتماعياً، رياضياً، ثقافياً وفكرياً، والتي على إثرها ظل يضع بصمته برؤية ثاقبة في كيفية تجاوز أزمات تمر بها البلاد، ويساهم بفكره النير في وضع ملامح لمستقبل السودان.
في البدء كيف تنظر إلى الراهن السياسي؟
إن الحراك السياسي يمر بمرحلة مفصلية من تاريخ السودان الحديث، وعليه يحتاج إلى تضافر جهود أبناء الوطن الواحد جميعاً للخروج به إلى بر الأمان، والتركيز على الابتعاد عن (الصراعات) أو (النزاعات) القائمة على أجندات (حزبية) أو (طائفية) أو (قبلية) أو (جهوية)، وأن يكون الهم العام للناس عموماً كيفية إيجاد الحلول الناجزة للقضايا الشائكة، المتشابكة والمؤثرة في المشهد السوداني من أجل اللحاق بركب الدول.
ما هي كيفية الخروج من ذلك النفق المظلم؟
لأبد أن يترك الجميع الأفكار السالبة، والاتجاه للأفكار الإيجابية من خلال نبذ الانتماءات (الحزبية)، (الطائفية)، (القبلية) و(الجهوية)، والعمل على ترسيخ الانتماء للوطن، ولا شيء آخر غيره، وهذا الأمر لن يتم إلا بانصهار كل مكونات وتيارات المجتمع سياسية، اقتصادية، اجتماعية، رياضية، ثقافية وفكرية في بوتقة واحدة نسبة إلى أن داخل كل إنسان قضية اسمها السودان، والذي يجب أن نتوحد في إطاره للوصول إلى ما نصبو إليه، وذلك بعيداً عن (الفرقة) و(الشتات)، فالوطن أكبر من أي (صراع) أو (نزاع)، خاصة وأن أي صراع أو نزاع لا يكون فيه (منتصراً) أو (مهزوماً)، إنما هنالك خاسر هو المواطن المقلوب على أمره، لذا يجب الابتعاد عن التشكيك في وطنية أي إنسان على وجه هذه البسيطة، لأن من حقه التعبير عما يجول في خاطره، وأن يبدي رأيه صراحة في أي سلطة تدير دفة البلاد، مهما كان رأيه مغايراً للآراء المطروحة، فوجهات النظر لا تفسد للود قضية، وبالتالي فإن الخلافات السياسية لا تفسد للروابط الاجتماعية بين الفرقاء الرؤى الصائبة والتشاور لقوله سبحانه وتعالي : (وشاورهم في الأمر)، لذلك يجب على المكونات والتيارات السياسية أن تترك الباب مفتوحاً حتى لمن يرفض، والذي يجب أن يترك له الباب موارباً، فلربما يراجع موقفه، ويقرر فيما بعد الالتحاق بالركب.
لماذا يفشل السياسيين في السيطر على التفاوض حول قضايا الوطن؟
في اعتقادي أن الأمر يعود إلى عدم إتباع النهج السليم الذي يرتكز كلياً على المنهج العلمي، الدراسات، الأبحاث والمرجعية.
ما الذي يجعل ما ذهبت إليه بعيد المنال؟
واحدة من الأسباب الرئيسية في عدم تحقيق ذلك إعلاء المصالح الشخصية، الحزبية، الطائفية، القبلية والجهودية على المصالح الوطنية، ويظهر ذلك بجلاء في أي تفاوض، إذ يكون منحصراً في التفكير للظفر بنصيب أكبر من (السلطة) و(الثروة)، والتفكير بهذا الشكل سمة من سمات الطبيعة البشرية إلا أن على الجميع تجاوز تلك الأفكار السالبة، وإطلاق العنان من أجل التنمية، الأمن والسلام، وعلى هذا النسق يمكن الوصول إلى الاستقرار الذي ينشده المواطن، والذي ظل يعاني من سياسات الحكومات المتعاقبة على حكم البلاد منذ الاستقلال، ورغماً عما أشرت له إلا أن في داخلي إيمان قاطع بأن قضية الوطن هي الأهم، لذلك لا أدري سبباً واحداً لعدم التقاء الفرقاء حول هموم وقضايا الوطن.
ألا تلاحظ بأن الأحزاب والتنظيمات السياسية ضعيفة في الحكم والمعارضة؟
ربما يكون ذلك صحيحاً، وهو أمر يعود إلى أنها تسعي إلى السلطة بدون برامج ورؤية واضحة تضع لها خارطة طريق نحو الحكم الذي آل إليها، وكل من يتقلد مقاليد السلطة يعمل على التمكين بـ(الولاء)، وبالتالي يتم إقصاء كل من هو (معارضاً)، ومثل هذه السياسة جديرة بأن تعمق الخلافات أكثر من حلها، لأنها قائمة على أفكار يجب التخلص منها نهائياً.
كيف يمكن ممارسة الحياة سياسياً، اقتصادية، اجتماعياً، رياضياً، ثقافياً وفكرياً في بلد يمر بالكثير من الأزمات؟
أي ممارسة تتطلب فرد مساحات لحرية الرأي حتى ولو كان ذلك الرأي لا يتوافق مع الآراء المطروحة، وبالتالي يجب الإنصات لها بإذن صاغية للمزيد من الحوارات، فمن يختلف معك (اليوم)، فإنه بلا شك سيتفق معك في (الغد)، والذي يتطلب منك إفساح المجال للأجواء الديمقراطية، وأن يبدي كل شخص وجهة نظره دون أن يتعرض لأي مضايقات، فأنا على إيمان تام بالديمقراطية، إلا أن تطبيقها على أرض الواقع ربما يكون ضعيفاً، وذلك يعود إلى تقاطع المصالح السياسية.
ما الذي يتبادر لذهنك فيما يدور من خلافات سياسية؟
يجب أن تعمل الأحزاب والتنظيمات السياسية على التأسيس لنفسها بصورة تجعل منها معارضة قوية، وأن تفكر بشكل جاد في صناديق الاقتراع الآن، وأن لا يكون هذا الحزب أو ذاك التنظيم السياسي (محتكراً) في نطاق ضيق، فالاتجاه على ذلك النحو يفرز سلطات وقرارات أحادية، ربما تقود حتى من يؤمن بالفكرة، فإنه سيبتعد أن طال الزمن أو قصر.
إلى ماذا تعزو بروز (القبلية) و(الجهوية) في الممارسة السياسية؟
من أكبر الأخطاء الزج بـ(القبلية) و(الجهوية) في الممارسة السياسية حتى وأن كانت جزءاً مؤثراً في العملية السياسية، وبالرغم من ذلك التأثير إلا أنها تحدث إشكاليات حاضراً ومستقبلاً، لـ(لترضيات) و(الموازنات) السياسية التي تخل بما هو مخطط له، وعليه فإن العمل السياسي المؤسسي مهم جداً، ولكن هذه المؤسسية يجب الابتعاد بها عن (القبلية) و(الجهوية) حتى نوازن في الممارسة السياسية بالمرجعية، وكما قال سيدنا علي بن أبي طالب : (لا تفرضوا أخلاقكم على أولادكم، لأنهم خلقوا لزمان غير زمانكم)، وبالتالي فإن لكل زمن رجاله، والتغيير أن طال الزمن أو قصر فإنه سنة الحياة، ولكن من المهم جداً عدم إغفال التجربة، المعرفة والخبرة في أي تغيير ترغب في أحداثه، فالتغيير يجب أن يكون للأفضل من حيث الرؤية، الفكر والثقافة، وأن يتجه كل إنسان إلى تخصصه ليؤدي دوره المنوط به، وعليه لا أري ما يمنع أن نضع الشخص المناسب في المنصب الذي يتوافق مع إمكانياته حسب مؤهلاته، تجربته وخبرته، وأن يتم ذلك وفقاً للمؤسسية، وما يتسق مع التغيير، والذي في الغالب الأعم يكون مواجهاً بحرب ثقافية وفكرية، خاصة في ظل (العولمة) ووسائطها المختلفة، والتي أضحت قادرة على إيصال أي رسالة في كسر من الثانية، وبما أن السودان حديث عهد بها، فإنه يجب توعية النشطاء والرواد بأهمية الاستخدام الإيجابية، فالمواكبة والتطور الذي يشهده العالم من حولنا مهماً جداً، ولكن اختلف مع من يمارسها سلبياً، لذا يجب توظيف التقنية الحديثة فيما يفيد الوطن والمواطن.
ما هي وجهة نظرك في الحزب الشيوعي؟
لا ينكر إلا مكابر دور الحزب الشيوعي في الحركة الوطنية، وأن اختلف نهجه عن بقية الأحزاب في طرح قضيته، ولكن في النهاية تلتقي كل الأحزاب في محبة الوطن، وبما أن التفكير نابع من ذلك المنطلق، فلماذا لا يلتقي الفرقاء على مائدة واحدة أجل النهوض بالوطن، وأن نفعل مثلما فعل الإمام الصادق المهدي زعيم حزب الأمة الذي ترأس في وقت سابق بعض اجتماعات شوري المؤتمر الوطني إلا أن النفس البشرية بصورة عامة لها دوافعها الشخصية.
ما قرأتك للعقوبات المفروضة من أمريكا على السودان؟
إن الولايات المتحدة لديها مصالح إستراتيجية في السودان، وبالتالي لن تتركه في حاله، ولعل فصل جنوب السودان أكبر دليل على ذلك، وما أن تنتهي من مرحلة إلا وتبدأ مرحلة جديدة، وهكذا إلى أن تحقق كل ما ترمي إليه، لذلك على السودان الالتفات إلى مصلحته مثلما تفعل كل دول العالم.