.......
ظللت على مدي سنوات أحذر من مغبة الاستخدام السالب لـ(لعولمة) ووسائطها المختلفة، وذلك من واقع ما أحدثته من متغيرات وسط الناس والمجتمع في شتي مناحي الحياة، وهو الأمر الذي استدعاني للاستمرار في هذا الملف الساخن، والذي نبعت من خلاله أفكار خطيرة جداً، وهذه الأفكار يطرحها البعض بحثاً عن الشهرة بأي صورة من الصور، وليس مهماً لديهم أن كانت تدعو للقضاء على العادات، التقاليد، القيم والأخلاق السودانية من عدمه، المهم تحقيق ما يصبون إليه.
إن معظم من يستخدمون ثورة الاتصالات الحديثة، يستخدمونها لبث فيديوهات غير(لائقة)، أو نشر (بوستات) منافية لما جبلنا عليه، هكذا يفعلون دون حياء أو خجل، ومن لا يستحي فإنه يفعل ما يشاء، وكيفما يريد، والشواهد كثيرة على ذلك مثلاً الفيديو الذي بثه الفنان الشاب سامي عزالدين، والذي تم تصوير مشاهده بصورة جاذبة للمتلقي، إلا أنه قوبل بالرفض التام باعتبار أنه لا يحترم العقول، وما إنتاجه بذلك الشكل إلا للفت النظر بـ(فتيات) يرتدين (البنطال) المحذق، ويرقصن بشكل لا يراعي الثقافة السودانية، لذلك واجه نقداً لاذعاً رغماً عن أن هنالك بعض الأصوات (النشاذ) طالبت بالكف عن توجه النقد للأغنية المصورة، وذلك بحجة أن الفضائيات العربية تبث فيديو كليبات مماثلة، إلا أن الصواب لم يحالفهم فيما ذهبوا إليه، فلربما أنهم نسوا أو تناسوا إختلاف الثقافات من مجتمع إلى اخر، عموماً الآراء المؤيدة لهذه الأفكار آراء تحررية تتطلب اجتزازها من جذورها حتى لا تكون أمراً طبيعياً، خاصة وأن المواكبة والتطور التكنولوجي الذي يشهده العالم ما بين الفينة والآخري خطراً على النشء والشباب، لذلك يجب التبصير بأهمية الاستخدام الإيجابي للإعلام البديل، وذلك من أجل المحافظة على الثقافة السودانية.
مما لاشك فيه لم نكن نسمع أو نشاهد أو نقرأ قبل اليوم ما يدعو لـ(لفجور)، (الفسوق) و(الانحلال)، فالمؤشر الملمس الآن يشير إلى أن الأغلبية العظمي تبث أو تنشر أفكار سالبة، وهذه الأفكار قائمة على التقليد الأعمي للثقافات الشرقية والغربية، وليس مهماً ما يقدمونه، إنما المهم تحقيق الشهرة بأي صورة من الصور.
يبقى الرهان للقضاء على تلك الأفكار مرتكزاً على العقلاء من نشطاء ورواد مواقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك)، (اليوتيوب)، (تويتر) و(الواتساب)، باعتبار أنه في مقدورهم مجابهة الظواهر (السالبة) بما يمتلكونه من وعي كاف، وذلك من حيث الاستخدام (الإيجابي) للتقنية الحديثة، وتوظيفها في الاتجاه الصحيح، والذي من خلاله يمكنهم ترجيح كفة العادات، التقاليد، القيم والأخلاق السودانية.
من الملاحظ أن الكثير من الأشخاص الذين يبثون الأفكار السالبة ينالون حظاً من الشهرة إلا أنها تكون شهرة مؤقتة، ولا يقبلها الناس والمجتمع فيما بعد، وعليه كلما تلاشت ظاهرة تفاجأ الناس باخري تثير جدلاً واسعاً ونقاشاً مستفيضاً عبر المنابر الإعلامية المختلفة.
إن الخروج عن المألوف يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالبحث عن الشهرة، إلا أنها في الحقيقة شهرة (سالبة)، وهذه السلبية تشجع اخرين للمضي قدماً في ذات اتجاه من أجل بلوغ آفاق ذات الشهرة الاسفيرية، والتي يسعون في ظلها إلى صبغها بالشرعية من خلال استغلال الكوارث، الأزمات والقضايا الإنسانية، والتي على إثرها يظهرون أنفسهم في ثوب ليس مفصلاً لهم، بدليل أنهم يحرصون على وجود كاميرات الأجهزة الإعلامية لتغطية الفعاليات، كما حدث مؤخراً في كارثة (السيول) و(الفيضانات)، والتي فاخر من خلالها البعض بدفع المليارات لتجميل القبح الذي ظل يلازمهم منذ بزوق فجر ثورة ديسمبر المجيدة، وأمثال هؤلاء يعتقدون أنهم بلغوا من المجد شاواً عظيماً قد يجعل منهم مشاهير أو نجوم مجتمع أو زعماء أو رموز يشار لهم بالبنان، ولكن الحقيقة هي أن تلك الشهرة مؤقتة، وكل واحداً نالها لا يعدو كونه سوي مسوق لنفسه بـ(الكوارث)، (الأزمات) والقضايا (الإنسانية)، لذا من (الغباء) أن لا توضع الأمور في نصابها الصحيح، والتي بموجبها يوضع كل إنسان في حجمه الطبيعي، خاصة وأن هنالك البون شاسع بين هؤلاء الذين يدعون العمل الإنساني دون أن يفقهوا أبجدياته أو يعون ماهيته، ومن يمارسون فعلاً إنسانياً من هذا القبيل يمارسونه لوجه الله.
إن من أشرت لهم يسوقون لأنفسهم بشكل سالب لا ينطلي على الشعب السوداني الذي يجب أن لا يفرد لهم المساحات للتمدد في المجتمع بالمتابعة، فالمتابعة في حد ذاتها تعتبر تكريماً لمن لا يستحق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق