الأحد، 19 يناير 2020

رجل اعمال سوداني يتخذ إجراءات قانونية ضد المستشار الإعلامي للسفارة السعودية بالخرطوم






الخرطوم/ العريشة

اتخذ رجل الأعمال السوداني سيف الإسلام عباس زين العابدين إجراءات قانونية جديدة اليوم (الأحد) الموافق 19 يناير 2020م في مواجهة فيصل عائط الشهري، المستشار الإعلامي للسفارة السعودية بالخرطوم، وذلك لدي نيابة الخرطوم وسط، على خلفية اتهامه بتهديده، والمساس بالسفارة السعودية بالخرطوم، بحسب صحيفة (العريشة).
وقال رجل الأعمال السوداني سيف الإسلام عباس لصحيفة (العريشة) : تشير الوقائع إلى أنه دار حوار بيني والمستشار الإعلامي للسفارة السعودية من خلال اتصال هاتفي هددني عبره بأن لا أمس السفارة السعودية بالخرطوم بشىء، علماً بانني لدي قضية مدنية ضد السفارة السعودية بالخرطوم بمحكمة الخرطوم الجزئية بالرقم (2774) وتنظر فيها المحكمة الموقرة.
وأضاف : لم أمس السفارة السعودية بالخرطوم بشىء غير انني اتخذت ضدها اجراءات القانونية مطالباً برد حقوقي المالية بطرف السفارة السعودية بالخرطوم والبالغة (172) ألف دولار أمريكي، بالإضافة إلى الاتعاب ورسوم المحكمة.
من جانبه أكد المستشار القانوني لرجل الأعمال السوداني سيف الإسلام عباس أنه سوف يكمل كافة الإجراءات القانونية ضد المستشار الإعلامي للسفارة السعودية فيصل الشهري ورفع الحصانة بواسطة وزارة الخارجية السودانية والقبض عليه للتحري.

الأربعاء، 15 يناير 2020

حسن فضل المولى يكتب عن ميرغني البكري بعد عام على رحيله


تلقيت دعوة كريمة للمشاركة بالحديث في الاحتفال المقام بمنتدى راشد دياب بمناسبة مرور عام على رحيل شيخ النقاد ميرغني البكري، وتمت دعوتي لمعرفتي وتقديري وحبي له ، وكعادتي اعتذرت عن الحديث، فماذا كنت قائلاً عن ميرغني البكري، فهو كالبحر الذي لو طلب من أحدنا أن يصفه فلا يملك إلا أن يقول: ـ
إنه البحر ...
إنه البحر ...
إنه البحر ...
وفي الليلة المشهودة ذهبت ، واتخذت مكاناً إلى جوار صديقي الإنسان الجميل راشد دياب، وكان برفقتي الشاعر عبد الله البشير، وأنا عندما أصادف راشد دياب لا أتجاوزه، إذ أنني آنس إليه وأتبادل معه الحديث هامساً، ولو سمعه البعض لرمونا بالفسوق، وهو عين المباح، إلا أنه وفي تلك الليلة صمتنا حتى عن المباح، إذ أن روح شيخ النقاد ميرغني البكري تحيط بنا من كل حدب وصوب، وذكرى رحيله تدمي أكبادنا .
فيما تحدث العلامة على شمو وهلاوي وشكر الله ود. عبد القادر سالم وأخرين، وتخللهم بالحديث والتقديم عوض أحمداني، لقد أبانوا من الشمائل مالو ظفر الرجل بواحدة منها لصار بها ذو شأن عظيم، فما بالك إذ اجتمعت فيه ودانت له0
إن البكري كان أشبه بالطَلْ في صفائه ونفعه حتى إن لم يكن تأثيره يُرى بالنسبة للكثيرين أشبه بطائر الفينيق الذي خلع عليه الناس من الأوصاف حتى صار أشبه بالخيال، إذ كان يرعى النجوم في سماها، ويرعى النجوم في أرضها، ومن نجوم السماء عبأ نفسه بالجمال والتألق .
وإما نجوم الأرض فإذا كان البعض يقف لناشئة المبدعين بالمرصاد والتبخيس، فإن ديدن ميرغني البكري أن يكلأهم بغامر رعايته، ويسخر قلمه للزود عنهم حتى يكبروا ويملأون الآفاق بعطائهم الدفاق ، وكان يغشى جل المنتديات الثقافية والفنية وكأن له أشباه ونظائر، إذ كيف كان يقوى على ذلك حتى بعد أن وهن منه العظم، وأشتعل الرأس شيباً، وإني حل تجده يملأ المكان حضوراً طاغياً بجمسه المنحول وعمامته المعهودة وصوته المعتق، وإذا رأك لا ينتظرك تأتيه، بل يخف إليك باسطاً ذراعية ، وقد ظل على هذا الحال إلى آخر يوم في حياته، إذ لم يحجبه الإعياء أو يقعد به الداء، فمات واقفاً كما الأشجار، وهو يشهد منشطاً بنادي الربيع، وكنت ضمن أهله وعشيرته ومحبيه وتلاميذه الذين هرعوا منتصف الليل لتشييعه إلى مثواه الأخير .
وفي اليوم التالي جلس إليّ صلاح الحردلو في سرادق العزاء وأنبأني أن المرحوم آخر ما كتب في مذكراته أربع صفحات عني فأيقظ في دواخلي كل لواعج الامتنان لهذا الرجل الإنسان، وهو أول من أطلق علي لقب (الجنرال)، وكنت يومها في تلفزيون السودان علماً بأنه ليس لي من بلاء الجنرالات، وعلو كعبهم سوى هذا اللقب، رحم الله البكري وأبدله خيراً مما ترك .

الثلاثاء، 14 يناير 2020

عالم سوداني شاب تضعه ثورة ديسمبر على قمة نجوم ومشاهير العالم



جلس إليه : سراج النعيم
وضع الدكتور العالم الشاب السوداني فاضل فاروق محمد الأمين، المنحدر من مدينة (شندي) بولاية نهر النيل، الواقعة شمال السودان، تفاصيل مثيرة حول وضع ثورة ديسمبر المجيدة لشخصه على قائمة نجوم ومشاهير العالم، كما أنه كشف قصصاً فيما يتعلق بأبحاثه ودراساته العلمية في مجال طب أسنان الأطفال، إذ أنه نشأ وترعرع في السعودية ومن ثم بريطانيا، والأخيرة درس فيها مراحله الأكاديمية إلى أن تخرج من جامعة (لندن) بدرجة بكالوريوس في علم الأدوية، كما حاز على بكالوريوس في علم الأسنان، وماجستير تقويم الأسنان، ودكتوراة في أسنان الأطفال، ومن ثم درس في عدد من الجامعات العالمية، ثم عاد إلى السودان من أجل خدمة إنسان وطنه في مجاله الذي اختارته له موهبته، فبدأ العمل من خلال عيادة طبية في شارع القصر الجمهوري بالخرطوم، وظل يطور فيها إلى أن أصبحت عدداً من العيادات، والتي أكسبته شهره عالمية بالأبحاث والدراسات التي ابتكرها في عز انتفاضة ثورة ديسمبر المجيدة التي أطاحت بالرئيس المخلوع عمر البشير.
ما الذي قدمته للوطن بعد الاستقرار فيه؟
دربت مئات الأطباء، وعملت استشارياً في عدد من الجامعات السودانية، كما درست في جامعات الخرطوم، العلوم الطبية، الرازي والرباط التي أسست فيها قسم الأسنان ورئيساً له، وأسست أيضاً قسم الأسنان في جامعة الرازي، وكل الجامعات سالفة الذكر كرمتني، وفيما بعد قررت أن أدرس في جامعة (الرازي) فقط، وأن أتفرغ للعمل في عيادتي الخاصة، وأبحاثي ودراساتي العلمية، خاصة وأن السودان شاسع المساحة ومترامي الأطراف، لذا تنقصه الكثير من الخدمات، وكثير.. كثير من الأطباء، ويفتقر إلى تدريب الكوادر الطبية عملياً، خاصة وأن مهنة طب الأسنان من المهن باهظة الثمن، فالطبيب يحتاج في إطارها إلى إمكانيات مالية لتأسيس عيادة، وذلك بعد سنوات من اكتساب المهارة الجراحية الدقيقة جداً، لذا هو مجبراً للتضحية من أجل تحقيق ذاته، والذي يجب أن يكون في ظله المريض على وعي قبل الإقدام على خلع الأضراس، والتي لا تحتاج إلى مهارة فنية كبيرة، بل بالعكس هنالك مساعدين طبيين يخلعون الأضراس بصورة جيدة، خاصة في مناطق ليس فيها أطباء أسنان، وهذه البساطة جعلتني أغير مفهوم (خلع) الأسنان بالإبقاء عليها، وهذه الفكرة طورتها لأنني طبيباً متخصصاً، وبالتالي لا أفكر في (الخلع) كما هو سائداً، فمثلاً أسنان الأطفال تتساقط تلقائياً، وبالمقابل فإن أبحاثي ودراساتي العلمية أثبتت أنه في الإمكان معالجتها بطريقة بسيطة لا تحتاج لـ(بنج) أو (كهرباء)، ومن خلال تجربتها أعطت نفس الكفاءة، علماً بأن الأطفال يجدون صعوبة في العلاج بـ(البنج) وماكينات (خراطة الأسنان) المزعجة، وعليه فإن تجاربي وصل صداها إلى بريطانيا، والعالم عموماً من واقع أن العالم الأول يعاني كالعالم الثالث من (تسوس) الأسنان، وتتمثل المعاناة في عدم القدرة على عمل كنترول لها، مما يجعلها أكثر الأمراض شيوعاً في العالم، وأكاد أجزم أن أي إنسان في السودان لديه (تسوس)، فيما يعاني الطفل منه إلى أن يبلغ سن الثانية عشر عاماً.
على ماذا ركز العلماء فيما توصلت إليه من ابتكار علمي؟
جزء من الإشادة العالمية بأبحاثي ودراساتي تكمن في أنها تمنع (خلع) الأسنان، وهكذا يكون الإنسان قد وصل إلى مرحلة الأسنان الدائمة.
كيف هو وضعك في السودان الآن؟
صعب جداً لأنني أفتقر للكثير من الأبجديات، مثلاً استمرار التيار الكهربائي، وتوفر المياه الصحية الضمانة لسلامة المريض في ظل إجراء عمليات دقيقة جداً، فما كان متوفراً في بريطانيا ليس متوفراً لي هنا، مما يؤكد أن هنالك تحديات حقيقية تواجهني كطبيب، بالإضافة إلى انحصار تفكير البعض في إهمال الطبيب، أكثر من الاعتناء بالمريض، ومن خلال ممارستي للمهنة التمست أن (البنج) الذي نعطيه للمريض في عمليات الأسنان للأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة يبادر للأذهان شبح (الموت)، وأعزو ذلك الهاجس إلى قضية والي الدين لاعب الهلال الشهيرة.
كيف وجدت العلاج في السودان؟
العلاج في بلادي أصعب من أي مكان في العالم، لذلك تجد الأطباء السودانيين عندما يهاجرون لدول آخري يحققون النجاح تلو الآخر، ويشهد العالم على تميزهم، لذا أعتقد أن المسألة مرتبطة بثلاثة مسارات المسار الأول الطبيب، المسار الثاني المريض، والمسار الثالت التدريب.
ماذا بين عملك الطبي في بريطانيا والسودان؟
هما عالمين لا يلتقيان، ففي بريطانيا قائماً على الانضباط والأمانة مع النفس، وأن أكون محدداً ومخططاً للأولويات، أي أنني أرتب حياتي للمدى القريب والبعيد معاً، إما في السودان فأنت لا تدري ماذا قد يحدث معك بعد ساعة من الآن؟، وهذا مبني على تركيبة إنسان السودان المتسم بالطيبة، التسامح والمجاملة، وهى مميزات إنسانية، إلا أنها تعتبر تعقيدات فقد لا يجد على إثرها المريض الرعاية، خاصة وأن الوصول للخدمة الطبية في غاية الصعوبة، فليس كل إنسان يمتلك مالاً لزيارة مريض، ناهيك عن تلقيه العلاج، لذلك لابد من وعي لترتيب الأولويات في تلقي العلاج، خاصة وأن أول ما يفكر فيه المريض كم المبلغ الذي سيدفعه للطبيب في مقابلته، مما يدعه في رهبة منه والعلاج معاً، وهذا يؤكد أن هنالك أزمة إنسانية قادتني لعلاج بعض المرضى بـ(الأقساط)، ومن أفعل معهم ذلك يلهمهم الله سبحانه وتعالي أن يحافظوا على العلاقة الإنسانية بيني وبينهم، فكثيراً ما يأتي إلى مزارعاً لا يملك المال (كاشاً)، إلا أن لديه جوالاً من (الفول) المصري، وهنالك من يهدي لي مراكيب نمر باهظة الثمن من غرب السودان مقابل العلاج.
ما هي أغرب قصة مرت عليك في إطار تلقي العلاج (مجاناً)؟
قبل سنوات جاءني مريضاً لا يمتلك مالاً، وكان ان عالجته، ومن ثم غادر العيادة وبعد سنوات تفاجأت به يحضر لي هدية من السعودية، وفي ذات الإطار تفاجأت بزوج يدخل عيادتي، ويضع على مكتبي مبلغاً مالياً كبيراً، فقلت مندهشاً : لماذا تعطيني كل هذا المبلغ وأنا لا أعرفك؟، فقال : قبل عشر سنوات تقلت زوجتي على يديك العلاج ومنّ الله عليها آنذاك بالشفاء، وهي الآن مرضيه مرضاً خطيراً، وربما تموت في أي لحظة، لذا سألتها هل يطلبك أي شخص ديناً؟ فقالت : نعم هنالك طبيب أسنان في شارع القصر الجمهوري بالخرطوم يطلبني ديناً فما كان مني إلا وبحثت في روشتات زوجتي التي تحتفظ بها، فوجدت عنوانك الذي أحضرت من خلاله هذا المبلغ، فقلت له : عفوته لها، فقال : زوجتي على فراش الموت، وهي مصرة على تسديده، لذلك لابد من أن أعود إليها بالخبر الأكيد، فما كان مني إلا واستلمته منه حتى ترتاح الزوجة من هذا الدين الذي لم تنساه في أحلك أوقاتها.
وماذا؟
أتذكر أيضاً أن هنالك مريضة جاءت للعيادة، وهي تعاني من مشكلات في أسنانها، فطلبت منها إجراء بعض الفحوصات، إلا أنها رفضت الفكرة جملة وتفصيلا، وبما أن شقيقتها كانت ترافقها طلبت منها إقناعها لكي تعمل صورة أشعة للرأس، وعندما عملتها شخصت لها حالتها بأن مشكلاتها تكمن في (ورم حميد) في الرأس، إلا أنها لم تقتنع بما ذهبت إليه، وبعد سنوات قابلت شقيقتها بالصدفة في المتحف القومي، فأكدت أن شقيقتها المريضة شدت الرحال إلى الأردن، وجاءت نتيجة التشخيص مطابقة لما أشرت له، وهذا يؤكد أن طبيب الأسنان لا ينحصر عمله على علاج الأسنان فقط، بل يمتد إلى الحالة الصحية للمريض بصورة عامة.
ما الذي يتخالج لذهن المريض قبل مقابلة الطبيب؟
أول ما يخطر على بال المريض كم يكلفني العلاج، لذا من المهم جداً أن يكون المريض واضحاً مع الطبيب في النواحي المالية، فأنا في كثير من الأحيان تكون لدي المقدرة لحل مثل هذه الإشكاليات، وفي أحايين آخري لا أستطيع.
هل هنالك من يمول أبحاثك ودراساتك العلمية التي حازت على اهتمام العالم الأول؟
أبحاثي ودراساتي العلمية أصرف عليها من مالي الخاص، وما حققته من نجاح جزء من هوايتي، وشاء الله أن يتزامن نجاحي مع ثورة ديسمبر المجيدة، والتي أنجزتها في ظل أزمات بالغة التعقيد، منها على سبيل المثال انقطاع التيار الكهربائي والإمداد المائي، وعدم توفر أطباء أسنان بالصورة المطلوبة، خاصة وأن علاج الأطفال غير علاج الراشدين، ولكل هذه العوامل فكرت في كيفية علاج أطفال السودان بطريقة ملائمة مع أعمارهم، وكان أن بحثت في هذا الاتجاه، فوجدت أن هنالك طبيبة في اسكتلندا اقترحت تكنيك بسيط جداً، وهذا التكنيك مبني على العلم، فالبكتيريا تحتاج إلى أوكسجين، وإذا أوقفت عنها الأوكسجين ومنعت منها السكر فإنها تموت، وإذا وجدنا طريقة نغطي بها البكتيريا، فإننا لا نحتاج للحفر أو خلع الأضراس، وهي من الطرق المعلومة لنا إلا أنها مقارنة بالطرق الثانية لا يوجد علم يوضح مقارنة بينها والمعيار الذهبي، وفي أمريكا كتب عن هذا التكنيك بسخرية وتساؤل هل من أخلاقيات المهنة أن تغطي البكتيريا بـ(صمغ)، وهل نحن كأطباء أسنان نستطيع أن نفعل ذلك، وقد سئلت في هذا الجانب الكثير من الأسئلة؟.
ما هي الطريقة التي لجأت لها في أبحاثك ودراساتك العلمية؟
عملت الأبحاث والدراسات ومن ثم جربتها، كما أنها حكمت في واحدة من المجلات العلمية العالمية الكبيرة جداً، وهي تتعامل مع الأبحاث والدراسات وفق معايير ومقاييس محددة، وقبل عرضها للتحكيم يتم تقديمها في مكان بعينه لأنه قد يكون لها أثاراً سالبة في العلاج، إلا أن نتائج أبحاثي ودراساتي كانت مبهرة جداً، ووضحت بجلاء أن الطفل الذي يتعالج بالطريقة البسيطة، والمعقدة جداً مقارنة مع أبحاثي ودراساتي العلمية أدت نفس النتائج، وبالتالي الطفل يكون مبسوطاً من تلقي العلاج بدون تدخل كهربائي، وهذه الطريقة في العلاج جعلت الأمهات والآباء يسألونني لماذا لم تأخذ وقتاً طويلاً في العلاج، ونحن ندفع مقابله مبلغاً من المال؟، وهم يسألون ذلك السؤال من واقع أن المعيار الذهبي يأخذ في العلاج ساعة تقريباً، بينما العلاج وفق الأبحاث الدراسية خاصتي لا يأخذ أكثر من عشر دقائق فقط، وبالتالي فإن ما تبقي أكمله شرحاً، وهكذا كتبت عني المجلات العالمية مؤكدة أن السودان يصدر للعالم علاجاً جديداً للأسنان، ومن ثم اعتذر لي عدداً من العلماء الذين انتقدوا التجربة قبل أن يتحدث العلم.
متى تم عمل الدراسة؟
عملتها في وقت كان فيه السودان محتاج إلى أفكار ومجهودات أبنائه، عملتها وكان إنسانه يموت برصاص النظام البائد، وعليه تم نشر الدراسة في المجلات العلمية العالمية في هذا التوقيت، وكان العنوان ثورة ديسمبر المجيدة، وأبحاث ودراسات علمية تبتكر في شارع القصر الجمهوري بالسودان، وبالتالي فإن قصة أبحاثي ودراساتي ارتبطت بقصة أمل في أسوأ الظروف، والإنجليز يرون فيها كيف يظلم الإنسان أخيه الإنسان، ورغماً عن ذلك الظلم فإن الإنسان يكون قادراً على الإبداع، فأنا عانيت في هذه الدراسة معاناة كبيرة، إذ لم تكن هنالك كهرباء ولا إنترنت، بالإضافة إلى الخوف على حياتي من السلطات الأمنية في ظل نظام الرئيس المخلوع عمر البشير الذي كان يعتقل، يبطش، ويقتل، ولكل هذه العوامل تم تقدير أبحاثي ودراساتي التي عُملت في ظروف سيئة جداً، والإصرار على البقاء رغماً عن المخاطر.
ما الذي لا أعرفه عنك؟
ما لا تعرفه عني هو إنني تخرجت من جامعة (لندن)، ومن ثم عملت فيها، ويشهد لي بأنني الأول على دفعتي، وبالتالي أصبحت معيداً في الجامعة، وإنه مرغوب في عملي في جامعة (لندن)، فإن من المستقرب لعمداء الجامعة أن أترك العمل في بريطانيا للعمل في السودان رغماً عن إنني من السود في إنجلترا، وبالتالي واجهتني صعوبات باعتبار إنني قادماً من السودان وأنجح، في حين أن البريطانيين يخاطرون بأرواحهم من أجل تحقيق النجاح، وكنت أقول لهم أن طريقي غير، فأنا السوداني الوحيد الذي يعمل في كليته بجامعة (لندن).
هل تعتقد أنك محظوظ؟
أنا محظوظ جداً، فكثير من زملائي لم يستطيعوا البقاء في السودان رغماً عن أنهم نشاءوا وترعرعوا فيه إلا إنهم هاجروا منه من أجل أن يعيشوا، وبالتالي إذا وجدوا فرصتي، فإنهم سيكونون أفضل مني، وعليه فإنني احمد الله أنه أنعم على بهذه الموهبة، وهو أمر جعلني لا أفكر في بريطانيا مجدداً، فهم يتصلون عليّ دائماً ويعرضون عليّ وظائف إلا إنني أعتذر، ومع هذا وذاك مازالت لدي وظيفة .
ما الذي كنت تتضايق منه في عملك؟
أكثر ما كان يضايقني هو كلما دربت أطباء يهاجرون إلى السعودية، فالأطباء يأتون للعمل معي من أجل أن يجدوا وظائف في الخليج، فأنا أسست هذه المؤسسة لخدمة المريض، ولكنها اضطرت أن تقوم بكل هذه المهام، وهذا المجهود عملته لوحدي، وبالإضافة إلى معاناتي من الفقر المقدع و الذي في كثير من الأحيان أصرف للمريض كورس مضادات حيوية يقول لك : أعطيني منه حبتين فقط لعدم إمكانية شرائه فأدفع له ثمنه، وهكذا معظم الأطباء يفعلون.
ماذا عن أساتذتك وزملائك البريطانيين؟
كثيراً ما يأتون إلىّ في السودان، ويعملون معي في علاج السودانيين، ففيرناندو أحد أساتذتي في جامعة (لندن) جاءئي هنا، وكتب تقريراً ممتازاً عما أجريه من عمل طبي وأبحاث ودراسات علمية في السودان.
من الذي شجعك على أبحاثك ودراساتك ؟
جامعتي اللندنية كانت من أكبر المشجعين لي، إذ أن إدارتها كانت تقدم لي عروض العمل بها أثناء الانتفاضة الشعبية على نظام حكم الرئيس المخلوع عمر البشير، وكانوا يقولون لي : ليس لديك مكان في السودان في ظل النظام البائد، ورغماً عن ذلك قبل العميد السابق لجامعة لندن العمل معي وهذا كان أمراً غير متوقعاً، لأنني لا أعتقد أنه سيفعلها لو لم أكن في السودان خاصة وأن لديه في بريطانيا علماء كثر، إلا أنه قرر العمل معي.
ماذا عن عملك الطبي ؟
أنا طبيب أمارس المهنة من الساعة السابعة صباحاً حتى الخامسة مساء، لذا ليس لدي وقت لعمل أبحاثي إلا بعد ذلك الوقت، لأنها تأخذ وقتاً طويلاً، بالإضافة إلى أنها خصماً على جزء آخر من حياتي، والذي لعبت فيه جامعة (لندن) دوراً كبيراً من خلال تشجيعها لي بالتقارير وإرسال الأساتذة الذين احتاج لهم رغماً عن الأوضاع المضطربة التي شهدها السودان، نعم جاءوا وشاهدوا ما أنجزته في ظل الظلم الذي كان يمارسه نظام الرئيس المخلوع عمر البشير.

الأحد، 12 يناير 2020

تفاصيل مثيرة حول السودانيين في الأراضي اللبنانية.. عبدالمعين : وفاة (١٧) سودانياً بسبب تجار البشر على الحدود السورية

جلس إليه : سراج النعيم
كشف عبدالمعين عبدالقادر احمد ابوعاقلة، رئيس الجالية السودانية بلبنان تفاصيل مثيرة حول وجود السودانيين في (بيروت) وبقية المدن اللبنانية.
هل رواتب السودانيين في لبنان مجزية؟
الإشكالية بالنسبة لنا تمكن في الأجور الآن فقد نقصت كثيراً، إذ إننا كنا نصرف في وقت سابق رواتبنا بالدولار الأمريكي، إلا أنه حدث فرق كبير بين الدولار والعملة اللبنانية، فمثلاً من كان يصرف راتباً (٦٠٠) دولار أمريكي في الشهر، فإنه يصرفه بما يعادل سعر الدولار مع العملة اللبنانية في البنك، وبالتالي الـ(٦٠٠) دولار أمريكي، ويستلمها السوداني بالعملة اللبنانية (٩٠٠) ألف، وعليه فإن الرواتب نقصت كثيراً.
وماذا عن السودانيين الذين ليس لديهم وظائف في لبنان؟
نسبة السودانيين العاطلين عن العمل في لبنان كبيرة جداً، إذ أنهم جاءوا في الشهور الماضية بإعداد هائلة حيث أنهم يشدون الرحال من السودان إلى سوريا، ومنها يتم تهريبهم إلى لبنان عبر تجار البشر، فهنالك جهات تجمل لهم هذه المخاطرة برسم واقع مغاير للواقع الذي يصطدم به في لبنان، ويدفع مقابل ذلك (٩٠) ألف جنيه، وعلى خلفية ذلك يتم تهريبهم من سوريا إلى لبنان، فهنالك تعاون في الاتجار بالبشر وسودانيين، أي أنهم شبكة تنشط في هذا المجال الإجرامي، وهذه الإشكالية فرخت الكثير من الأزمات بالغة التعقيد، منها أنهم لا يجدون العمل الذي خدعهم به من هربوهم إلى لبنان، والتي يعاني فيها المواطنين اللبنانيين الذين من بينهم الكثير من العاطلين عن العمل، فهنالك من انتحروا لأنهم لم يستطيعوا أن يحضر وجبة إفطار لصغيرته التلميذة في المدرسة، فكيف أنت كسوداني تدخل لبنان عبر التهريب لكي تعمل بـ(١٠٠٠) دولار أمريكي، وبالتالي الإشكالية تكمن في خدعة النشء والشباب السوداني، وقد شرحت هذه الإشكاليات لإدارة شئون المغتربين، وأكدت لهم أن الإشكالية نابعة من السودان، هل تصدق أن أعمارهم لا تتجاوز الـ(٢١) عاماً، ولا ادري كيف يمنح سودانياً عمره (١٧) ربيعاً تأشيرة خروج من البلاد، أي أنهم تتم خدعتهم من بعض وكالات السفر، إذ أنها تؤكد له أنه سيأخذ راتباً بالدولار في لبنان، وبالتالي حتى السلطات اللبنانية تعاني من هذا التجاوز، لذلك تعاونت معنا في مسألة السودانيين الذين يدخلون أراضيها عبر تجار البشر، ومن يرغب في العودة إلى السودان تسهل له الإجراءات، بحيث أنهم يدفعون غرامة على مخالفة قوانين لبنان حول إقامة الأجانب فيها، ويتم على خلفية ذلك استثنائية من عقوبة السجن.
ما هي طبيعة العمل بالنسبة للسودانيين في لبنان؟
في لبنان غير مسموح بعمل الأجانب بصورة عامة إلا في الوظائف (الهامشية)، لأن اللبنانيين نفسهم ليس لديهم وظائف حتى يجد الأجنبي وظيفة فائضة، والسودانيون الذين يعملون، فإنهم يعملون في شركات النظافة، حراس في الشركات الأجنبية، السفارات الخليجية في بيروت، وغيرها من المهن الهامشية، أي أنه ليس هنالك أطباء أو مهندسين.
وماذا؟
مما ذهبت إليه فإن هنالك مشكلة مع فتيات سودانيات يتم استقدامهن من السودان للعمل خدامات في المنازل اللبنانية، وأمثال هؤلاء تتم خدعتهن، إذ أنهن يشدن الرحال من السودان إلى مصر والأخيرة تستخرج لهن فيها (فيزا عمل) على أساس أنهن سوف يعملن في لبنان ممرضات في المستشفيات، سكرتيرات في مؤسسات، مندوبات مبيعات في شركات وغيرها من الوظائف غير الصحيحة على أرض الواقع، إذ أن السودانيات يتفاجئن في بيروت بأن وظيفتها خادم في المنازل اللبنانية، وعليه هنالك من رفضن المهنة الهامشية، وبالمقابل هنالك جزء كبير منهن قبل بذلك العمل، وهن الآن يعملن خدماً في المنازل اللبنانية.
ما هو تأثير قبول السودانيات بالعمل خدما في المنازل اللبنانية على السودانيات المقيمات مع أزواجهن؟
قطعاً سببت لنا إشكالية مع السودانيات المقيمات مع أزواجهن، وذلك من واقع أن هنالك قراراً صدر من السلطات السودانية يمنع السودانيات أن يعملن خدامات في المنازل، وقرار المنع شمل كل السودانيات بلا استثناء بعد أن قامت السفارة السودانية بتنفيذ القرار، ورغماً عن ذلك لا زال هنالك سودانيات يصرن على العمل (خدماً) في المنازل اللبنانية، وهذا القرار في الصالح إذ أنهن لن تكن لديهن أقامات، مما يجعل السلطات تعيدهن إلى السودان، وبالتالي نتخلص من عمل السودانيات (خدماً) في المنازل اللبنانية، مع التأكيد أنه لا يمكن استخراج إقامات لهن في المستقبل، ومن يحاول تجاوز ذلك فإن الأمن العام اللبناني يطالب الجهة المتقدمة للسودانيات إرجاعهن إلى بلدهن.
أليس هنالك من لجأن إلى السلطات السودانية ببيروت بعد اكتشاف أنهن خدعن؟
هنالك سبع سودانيات فقط لجأن للسفارة والجالية السودانية بلبنان، وهن من رفضن العمل (خدماً) في المنازل، وقمنا بمساعدهن بقطع تذاكر عودتهن معززات مكرمات للسودان.
هل هنالك إحصائيات بعدد السودانيات العاملات (خدماً) في لبنان؟
تقريباً كل السودانيات (١٤٧) سودانية، إما السودانيات اللائي يعملن (خدماً)، فلم نستطع إحصائهن بصورة دقيقة، إذ إننا لم نستطع الوصول إليهن جميعاً، والعدد الذي توصلنا له من خلال السودانيات اللواتي لجأن إلينا حيث استفسرناهن، كم عدد السودانيات اللواتي جئن معكن إلى لبنان، والآن إقامات السودانيات في لبنان تم إيقافها.
ما هي مشكلتكم الرئيسية كسودانيين مقيمين في لبنان؟
مشكلتنا الأساسية تكمن في الجوازات، فالجواز السوداني عندما تنتهي فترته السلطات اللبنانية ترفض إعطائه الإقامة على أراضيها، وبالتالي يعاني السودانيين من هذا الأمر الذي يضطرهم للعودة إلى السودان لتجديد جوازاتهم، لأنه عند انتهاء الإقامة في البلد المضيف فإنه سيدفع غرامة على أي يوم يبقي فيه على الأراضي اللبنانية بعد انتهاء الإقامة، فهنالك من لديهم أسراً، وأن هنالك أطفالاً سودانيين ليس لديهم الرقم الوطني والحل هو أن تبعث وزارة الخارجية والداخلية السودانية بعثة من شرطة الجوازات.
ماذا عن السودانيين الذين يدخلون لبنان عبر تجار البشر؟
من أشرت لهم يعرضون أنفسهم للتهلكة، فهنالك مخاطر في الاتجاه على هذا النحو تصل إلى درجة الموت، وفي هذا الإطار هنالك أكثر من (١٥) مهاجراً سودانياً توفوا، بالإضافة إلى (٢) توفيا مؤخراً حيث جاءوا عبر سوريا، ويوصلهم المهرب للحدود المتاخمة لدولة لبنان، وإذا وجد المهرب أي خطورة يترك الضحايا يواجهون مصيرهم لوحدهم، وأمثال هؤلاء يموتون، ومن لا يموت منهم يتم تسليمه للسلطات اللبنانية، والتي بدورها تودعه في السجن الذي به عدداً كبيراً منهم، ومن يستطيع الوصول إلى بيروت لا يجد عملاً، أي أنه يظل (عاطلاً).
ما الذي أسفر عن تهريب السودانيين إلى لبنان؟
افرزت الظاهرة وجود سودانياً يشحت في بيروت، وهنالك شباباً صغاراً انحرفوا عن الطريق الصحيح، وهنالك أشياء تحدث لا أود الخوض فيها، وهم معظمهم من (١٧- ٢٠) عاماً، وأنا وجدت واحداً سودانياً عمره (١٧) ربيعاً، فطلبت منه أن يبرز لي جواز سفره، وعندما عرضه علىّ وجدته حقيقياً.
كم عدد السودانيين في لبنان؟
تقريباً (٦) ألف سودانياً.
ما طبيعة عمل السودانيين في لبنان؟
يعملون في مجال الطباخة، قيادة السيارات، موظفين وعمالاً في السفارات الخليجية وشركات النظافة.
هل هنالك سودانيين يأتون إلى لبنان بغرض الهجرة إلى أوروبا؟
هنالك سودانيين يشدون الرحال إلى لبنان من أجل الهجرة منها إلى أوروبا، فمنهم من يقدم عبر مكتب الأمم المتحدة لجوء، وهؤلاء منهم من تأخذه الأمم المتحدة ويسافر إلى وجهته إلا أن الغالبية العظمي منهم تم تسفيرهم إلى أمريكا، إما البقية فمنهم من يظل في لبنان سنتين أو ثلاث سنوات أو خمس سنوات دون أن يتلقي موافقة من الدولة الأوروبية التي يجب أن تستضيفه، وتتكفل الأمم المتحدة ممن أشرت لهم من لديه عائلة، ومن يرفضون طلبات لجوئهم لا تتكفل بهم الأمم المتحدة، وهؤلاء تحدث لهم الإشكاليات، والغالبية العظمي من أبناء إقليم دارفور المضطرب منذ العام ٢٠٠٣م، وهؤلاء تستضيفهم أمريكا، إما خلاف ذلك فمن الصعب أن تأخذهم الولايات المتحدة أو أي دولة أوروبية.








عروساً تشترط هاتفاً (أيفون) ضمن (الشيلة) لإكمال مراسم الزفاف

ظللت على مدى سنوات وسنوات أحذر من خطورة الاستخدام السالب لـ(العولمة) ووسائطها المختلفة، خاصة وأن العالم يشهد تطوراً متسارعاً في المجال الإلكتروني الذي أصبح في ظله أغلب الأسر السودانية أشبه بالأسرة الإلكترونية، إذ تجد كل أفرادها منهمكين بالتواصل مع (العالم الافتراضي) دون الالتفات لمن هم محيطون بهم في المنزل أو مجالس المدينة أو الأماكن التي يتلقون من خلالها، فالكل يتجه إلى تصفح هاتفه الذكي، والدخول به إلى مواقع التواصل الاجتماعية، الأمر الذي جعل تلك الأسر أسراً إلكترونية، وذلك من واقع إدمانها لـ(فيس بوك)، (تويتر)، (واتساب) (تانقو) و(الياهو) وإلى آخرها من البرامج والتطبيقات المنتجة في إطار (العولمة)، وهذا الاتجاه خلق سوقاً رائجاً للشركات التكنولوجية للتنافس في الإنتاج الجاذب للجمهور المستهدف في أخلاقه، قيمه، ثقافته، وسلوكه، مما حدا بمعظم الأسر أن تكون من أولوياتها مواكبة التطور التقني حتى أن هنالك عروساً طلبت من زوج المستقبل أن يضع هاتفاً (أيفون) ضمن (الشيلة) وغيرها من الظواهر الآخرى، المتمثلة في بث مقاطع الفيديوها ونشر الصور دون إدراك خطورة ذلك، ورغماً عما أشرت له إلا أن التطور التقني مطلوب للإنسان من أجل المواكبة، والارتقاء إلى سلم الحضارة بصورة إيجابية تساهم في بناء المستقبل بشكل نوصل به صوتنا ثقافياً وحضارياً شرطاً أن لا تؤثر فينا الثقافات والحضارات المغايرة.
لذا يجب أن تكون هنالك حملات توعوية تندرج في الأطر المعرفية، العقلية، التعليمية، المهارية، النفسية، الثقافية، الاجتماعية ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ خاصة وأن المجتمع يحتاج للمواكبة والتطور إيجاباً حتى لا يكون معزولاً عن المجتمعات الآخري حيث نجد أن المجتمعات البعيدة عن الإرشاد والتوعية التكنولوجية تنحرف بشكل سافر نحو استخدام التقنية الحديثة بصورة غاية في السلبية، وذلك يعود إلى عدم تنمية المهارات التكنولوجية إيجابياً، ودفعها بعيداً عن سلوكيات سالبة لها الأثر الأكبر في توجيه طاقات الإنسان نحو الاستفادة مما تنتجه (العولمة).

سراج النعيم يكتب : ماذا تعرف عن (العلمانية)؟

بما أن الحديث كثر في الآونة الأخيرة حول الدولة (العلمانية) فإنه لابد من معرفة ما هو نظام الحكم العلماني، والذي يتمثل في حيادية النظام الحاكم وهي رسمياً تضمن كونها محايدة تجاه القضايا المتصلة بالأديان السماوية، وتتعامل مع كل مكونات شعبها بصورة متساوية بغض النظر عن الانتماءات أو تفسيراتها أو أفكارها الدينية، ومن حيث المفهوم السياسي السائد، فإنها تعني فصل الديان عن نظام الحكم، وتشرع بدلاً عنه قوانين ربما تستمد من الكتاب، وعليه فإن (العلمانية) تضيف للديمقراطية من خلال حماية حقوق الأقليات الدينية.
من المعروف أن أغلب الأديان السماوية تتسم مع نظام الحكم (العلماني)، و(الديمقراطي)، إلا أن تقاطع الأجندة السياسية يكون له تأثيراً سلبياً بغرض تحقيق مزايا لمن يقف معارضاً للفكرة، وبالتالي حتى الدول العلمانية تعمل وفق دساتير تصب في هذا الاطار مثل أمريكا، فرنسا، كندا، الهند، تركيا وكوريا الجنوبية، وإن كانت ليست متوافقة معها من حيث الحكم، إلا أنه وفي ذات الاتجاه ليس بالضرورة اعتبار الدولة التي لا تمتلك ديناً رسمياً دولة (علمانية).
يتناول الكتاب بالتحليل مصطلح العلمانية والفرق بين العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة، وتتكون هذه الدراسة من مجلدين يغطي أولهما الأبعاد النظرية لإشكالية (العلمانية)، والتعريفات السائدة بالفعل لكل من مصطلح ومفهوم (العلمانية)، وأسباب ظهورها في المجتمعات الغربية، والأسباب التي تؤدي إلى انتشارها في معظم المجتمعات الحديثة، وتنتقل الدراسة في المجلد الثاني من النظرية إلى التطبيق أي إلى عمليات العلمنة الشاملة، ونظرة الكتاب لها نظرة شمولية تحليلية تبرز أُطرها النظرية و تجلياتها العملية في إطار نظرة المفكر الفيلسوف الذي لا يقنع بالظاهر، بل يتوغل في العلل البعيدة للأشياء مستكشفاً بعدها الكلي والنهائي.
وفى بداية المؤلف ينبه الكاتب إلى ما أغفلت الموسوعة البريطانية والمراجع الأجنبية التي تناولت العلمانية الشاملة، واقتصرت الدراسة مفهوم العلمانية على جزئية الجانب السياسي لها، وهي فصل الدين عن الدولة وفي جانبها العلمي هي الاحتكام إلى قواعد العلم الحديث، وذلك وفقاً لما هو مرأى لنا في هذا العالم الذي نعيشه.
بينما تفسر العلمانية الشاملة على إنكار المعانى الإنسانية، أي تحويل الإنسان إلى مجرد شيء مثل ما حدث من إبادة للهنود الحمر، وما فعله هتلر من عمليات إبادة ضد الساميين، فهنا تعاملت القوة السياسية مع الإنسان كشئ غير مرغوب فيه، وهذا النهج ظل نظام الرئيس المخلوع (عمر البشير) يطبقه تطبيقاً دقيقاً، ورغماً عن ذلك لم نر شخصاً ينتقده، علماً بأنه كان (يقمع)، (يقهر) و(يقتل) في المواطن الأعزل، السؤال أين كنتم يا من تحدثونا عن خطورة (العلمانية)؟ الإجابة رغماً من وجودكم على أرض الواقع إلا أنكم لم تكونوا تقدمون النصح للسلطان الجائر آنذاك، أو تدينون انتهاكاته لحقوق الإنسان، وتأتون الآن لتنصحونا من خطورة تحول السودان إلى دولة (علمانية)، فلا أري مبرراً لمخاوفكم من (العلمانية).
ومما ذهبت له فإن الشعب السوداني لا يريد منكم وصايا للخروج بالبلاد إلى بر الأمان، فالمرحلة التي يمر بها مرحلة حساسة جداً، ولا تحتمل أي زعزعة، لذلك أنصحكم بالعدول عن الأفكار الهدامة في هذا التوقيت، ودعوا حكومة الدكتور عبدالله حمدوك تعمل من أجل الوطن والمواطن خاصة وأن الشعب السوداني انحاز إليها، ولا يريد منكم غير الصمت لأنه لم يجدكم في أحلك أوقات النظام البائد الذي مارس عليه (القمع)، (القهر)، (التهميش)، (الظلم) و(القتل)، وبالمقابل كنتم أنتم تمنحونه الشرعية من خلال مساندتكم له على مدي ثلاثين عام، مع علمكم التام أنه استلم السلطة بالقوة العسكرية، ومن ثم خلع البزات العسكرية، وارتدي الأزياء المدنية (واهماً) من يتبعونه أنه يحكم بالديمقراطية، وبالتالي لم يكن النظام (المخلوع) ذو شرعية، لأنه مغتصب للسلطة بقوة السلاح.
لا سيما فإنه عليكم الابتعاد عن المشهد السوداني الذي رسمت له ثورة ديسمبر خارطة طريق لستم أنتم جزءاً منها، فأفسحوا المجال لمن يود أن يرسم المستقبل بصورة متوافقة مع مقتضيات المرحلة، وتطورات الأحداث داخلياً وخارجياً، عموماً يجب أن لا تقفوا ضد إرادة الشعب السوداني، والذي استطاع شبابه الثائر اقتلاع شجرة نظام حكم (البشير) من جذورها، لذا من حقهم رسم المستقبل في الحاضر، وبالكيفية التي يرونها متوافقة مع مكوناته شمالاً، جنوباً، شرقاً وغرباً، وهم وحدهم الذين من حقهم تحديد الفترة الانتقالية، والكيفية التي يديرون بها حكم البلاد، خاصة وأن تجارب الحكم الماضية أثبتت (فشلها) في إدارته سياسياً واقتصادياً، مما يستوجب في هذه الفترة زيادة سنوات الحكم الانتقالي حتى تستعيد مؤسسات الدولة المنهارة كلياً بـ(الفساد) عافيتها ووضعها الطبيعي، وأن تسترد ثقتها في منسوبيها بعد أن تتم هيكلتها بصورة تعيد الحقوق المهضومة على مدى سنوات وسنوات، والتي تعرضت للتشويه بالتوظيف والتجنيد بالولاء للمؤتمر الوطني، والحركة الإسلامية، وليس المؤهل والكفاءة، وبالتالي مرحلة الحكم الانتقالي تحتاج إلى أكثر من ثلاث سنوات لتهيئة الأجواء المناسبة للخروج بالبلاد من نفق الإنقاذ المظلم.
بينما يجب أن يعرف هؤلاء أو أولئك أن الديانة الإسلامية، هي المصدر الأساسي في الدستور وتشريع القوانين الضابطة لحركة الحياة العامة والمحددة لهوية الدولة، إلا أنها كانت تتخبط وتتخذ منه غطاءاً لممارسة جرائمها ضد الإنسانية، وعليه فأي محاولة بث الخوف في دواخل الناس من (العلمانية) ليس بالمخيف لإنسان السودان المحافظ على عاداته وتقاليده غير المنفصلة عن الديانة الإسلامية، فلماذا كل هذا التوجس والخوف من (العلمانية)، طالما أنها تراعى الدين والأعراف والعادات والتقاليد والقيم والأخلاق.
إن من يتخوفون من (العلمانية)، فإنهم يركنون للنفاق والتناقض الصارخ في المفاهيم، محاولين كسب عطف البسطاء بما يصورنه لهم حسب الأهواء الشخصية بعيداً عن المبادئ التي يدعونها، وبالتالي حينما تكون (العلمانية) فى مصلحتهم، فليس هناك أجمل ولا أروع منها، إما عندما تتعارض معها، فإنها تكون ضد الشريعة الإسلامية، ولكن هي في حقيقتها تعطي حقوقاً متساوية فى المجتمعات بما فيها المجتمع الإسلامي.
ومما ذهبت إليه فإن نظام (المعزول) كان يجبر الإنسان على مبادئه اللا إنسانية واللا أخلاقية باستخدام القوة والبطش، ناسياً أو متناسياً أن الديانة الإسلامية ترفض رفضاً باتاً الإجبار والإكراه لقوله عز وجل في محكم تنزيله : (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغيِ)، (وما أنت عليهم بجبار)، (فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر)، ومع هذا وذاك فإن علماء الدين على اختلاف توجهاتهم في الكثير مما هو مطروح لم يفرضوا مفهومهم الديني على الآخرين؟ لعلمهم أنهم ليسوا مفوضين لممارسة الوصايا على الإنسان الذي ولد حراً؟ ولعل سيدنا عمر الخطاب رضي الله عنه أوقف العمل بما يسميه البعض (حد السرقة) فى عام الرمادة، واعتبر القرآن مرجعاً يؤخذ منه ما يناسب العصر والظروف؟ (واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم)، وعليه فإن (العلمانية) تعني الوقوف على مسافة واحدة من جميع الأديان واحترامها، فالعلمانية تسمح ببناء مساجد للمسلمين، وهذا هو مفهوم العدل في الأرض لقوله سبحانه وتعالي : (إن الله يأْمر بالعدل).

جمهور إنصاف مدني يتفوق على جمهور هدي عربي في السعودية

تفوق جمهور المطربة إنصاف مدني على جمهور المطربة هدى عربي بالسعودية، والذي انقسم إلى نصفين، إلا أن النصف الأكبر هو نصيب إنصاف مدني، إذ أن معجبيها من أبناء الجالية السودانية بمدينة (الرياض)، وذلك في الثالث عشر من فبراير القادم، إذ أنهما يحييان حفلين في مكانين مختلفين بالعاصمة السعودية.
وبحسب التفاصيل فإن المطربة إنصاف مدني سوف تغني يوم 13 فبراير بصالة قصر (رويال مخرج 26) وفي نفس اليوم والوقت ستغني هدى عربي بدرة المخملية للاحتفالات.
ووفقاً للمتابعة أدي ذلك لانقسام السودانيين إلى شقين، الشق الأكبر سوف يذهب لحفل إنصام مدني الشهيرة بـ(ملكة الدلوكة)، فيما قرر الشق القليل التوجه إلى حفل المطربة هدى عربي.

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...