حينما أطالب بعدم إيقاع الظلم على شرطة أمن المجتمع المنفذة لقانون النظام
العام الذي شرعه المشرع الذي هو في نهاية
الأمر بشر والبشر يخطئ ويصيب فإنني لا أنكر بأي حال من الأحوال أن هنالك ظواهر سالبة
في المجتمع وتحتاج للمكافحة ، وهي دون شك دخيلة عبر بوابات التطور والمواكبة
والانفتاح ، وعلى ذلك النحو بدأت تطفو على السطح وتبث سمومها في جسد الأمة العربية
والإسلامية، وبالتالي الأمر برمته متعلق بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد عرفته
الشريعة حيث حثت الناس على الإقلاع عن الظواهر السالبة المخالفة للديانة
الإسلامية، والنهي عن المنكر كلما ظهر فعله يستوجب التنبيه والتحذير من مغبة
الانجراف وراء تياره الجارف، وهو الدور المنوط به من قبل الأئمة والعلماء والدعاة
والشيوخ، فمنذ عهد سيدنا محمد صل الله عليه وسلم ظل النهي بالمعروف قائماً، إذ أنه
جعل سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه على أسواق المدينة المنورة، فيما جعل سعيد
بن العاص على أسواق مكة المكرمة بعد الفتح من أجل الرقابة، عليه نحن في أشد الحاجة
إلي من يكافح الظواهر السالبة المتفشية في المجتمع.
من أوجب الواجبات أن يكون لدينا جهاز مختص لمتابعة الظواهر السالبة قبل
الوقوع في المحظور، وتنبيه من يخطئ للصواب، ومساعدته على تجاوز الخطأ، ومن ثم
التحذير من مغبة الوقوع فيه مرة ثانية، ولنبدأ بـ(المناصحة) الحسني، فهي طريقة
ليست فيها (الغلظة)، كما قال المولي عز وجل : (ﺇﻧﻤﺎ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻮﻥ ﺇﺧﻮﺓ)، وكما قال
سيدنا محمد صل الله عليه وسلم (ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺃﺧﻮ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ، ﻻ ﻳﻜﺬﺑﻪ ﻭﻻ ﻳﺨﺬﻟﻪ ﻭﻻ ﻳﺤﻘﺮﻩ).
ومما ذهبت إليه لابد من التأكيد على أن إدارة شرطة أمن المجتمع المنفذة
لقانون النظام العام تمثل صمام الأمان للمجتمع من الانزلاق وراء ظواهر سالبة أصبحت
تأخذ حيزاً كبيراً في ظل التطور الذي يشهده العالم بصورة عامة وفقاً للثورة
التقنية الحديثة الهائلة التي قربت المسافات بين المجتمعات، مما قاد إلي تداخل
الثقافات المغايرة للثقافة السودانية ، وبالتالي تداخلت العادات والتقاليد الغربية
معها ، فأفرزت الكثير من السلوكيات غير المتوافقة مع المجتمع الذي عرف بمحافظته
على ثقافته، عاداته وتقاليده، وعليه أري أن شرطة أمن المجتمع تؤدي دوراً هاماً في
حياتنا، وذلك من واقع الاستهداف الذي نتعرض له يومياً في قيمنا وأخلاقنا وذلك من
خلال الانفتاح على ما أنتجته (العولمة) ووسائطها المختلفة التي تبث بشكل مكثف
الكثير من الأفكار والثقافات المغايرة ، والتي لا تمت لنا بصلة، ونسبة إلي هذا
البث الذي أصبح مباشراً تجدنا في حاجة ماسة إلي شرطة أمن المجتمع حتى نتمكن من
إحياء شعيرة اعتبرها العلماء الركن السادس من أركان الإسلام.
ومن هنا لابد من الإشارة إلي أن المولي عز وجل جعل هذه الأمة خير أمة أخرجت
للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر، وتؤمنون بالله سبحانه وتعالي، فنحن نختلف
عن المجتمعات الغربية من حيث الثقافات، العادات والتقاليد، لذلك لابد من أن تكون
شرطة أمن المجتمع حاضرة في الخارطة السودانية للحفاظ على الخصوصية السودانية
ومنفذة لقانون النظام العام الذي يحفاظ على تماسك المجتمع من الانزلاق وراء ما
ينتجه الغرب من ظواهر سالبة بدأت تأخذ حيزها لدى بعض الشباب من الجنسين مثلاً
ظاهرة الأفلام (الفاضحة) التي يتم بثها من خلال الأسافير.
يجب أن تجد شرطة أمن المجتمع الدعم من المجتمع قاطبة حتى تؤدي رسالتها
الإصلاحية، فالنقد الذي يوجه لها ما بين الفينة والاخري نقداً ليس منطقياً، رغماً
عن الاعتراف ببعض الهنات في التشريعات والتنفيذ، فهي في الغالب الأعم فردية ولا
تنسحب على الإدارة بصورة عامة، لذلك يجب أن تصمد أمام الحملات التي تشن عليها، وأن
كنت على قناعة تامة بأن العقوبات تحتاج إلي إعادة نظر من المشرع، فإن معظم
العقوبات ربما تكون غير رادعة بقدر الجرم المرتكب في حق المجتمع، والذي تبرز منه
فئة ما تطالب بإلغاء قانون النظام العام حتى يجدوا الفرصة في بث أفكارهم الهدامة،
وذلك بدافع الأهواء الشخصية، فالبعض منهم غارقون في المجون والفساد ما يعني أنه لا
يعجبهم وجود رقابة تمنعهم من الوقوع في براثن المآثم، وهي طرق تقودهم وآخرين إلي
الظلام، وبالتالي لابد أن نؤمن جميعاً على أن شرطة أمن المجتمع يجب أن تأمر الناس
بالمعروف وتنهي عن المنكر، فالخطأ لا يمكن أن يقره أي إنسان على وجه البسيطة،
وبالمقابل لن اغفل أن هنالك من يوجهون نقداً لشرطة أمن المجتمع من أجل تقويم
الأداء، وتجنب الوقوع في الهنات حتى لا يمنحوا دعاة الحرية الغربية فرصة للتشجيع
على الضلال ظناً منهم بأنها الحياة الصحيحة، فهي مما لا شك فيه حياة خالية من
التقيد بـ (الثقافات)، (العادات) و(التقاليد) وربما يكون البعض ناسي أو متناسي أن
الله سبحانه وتعالي أعلم بما في دواخلهم من مقاصد في الزمان والمكان.
لا أري أن شرطة أمن المجتمع ضد الحريات الشخصية، طالما أنني أمضي في
الاتجاه الصحيح، ومثل هذه الأحاديث لا تمت بصلة لواقعنا الذي تأثر غاية التأثر
بـ(الثقافات)، (العادات) و(التقاليد) الغربية، وإذا كان محاربة شرطة أمن المجتمع
للظواهر السالبة ضد الحرية فلتكن كذلك، طالما أنها تلقي القبض على مروجي ومتعاطي
الخمور والمنجرفين وراء تيار الرذيلة والمنحرفين بالأخلاق والقيم والسلوك، فهي أي
شرطة أمن المجتمع تكشف الفساد في المجتمع بما في ذلك ما يحدث داخل بعض الشقق التي
أفرزت الخلوات غير الشرعية والدجل والشعوذة وغيرها ، فإن المولي عز وجل يريد أن
يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن يميلوا ميلاً عظيماً، وهم قليل
والحمدلله، وبالتالي علي الدولة ووزارة الداخلية توفير كل المعينات الداعمة لإدارة
شرطة أمن المجتمع في أداء الدور المنوط بها في حراسة المجتمع من الظواهر السالبة
والثقافات والعادات والتقاليد الغربية البالية المتمددة فيه بفضل الثورة التقنية
الحديثة التي أنتجتها (العولمة) ووسائطها المختلفة، والتي أخذ منها البعض من النشء
والشباب من الجنسين السوالب التي جعلتهم في سطحية دفعتهم إلي إسقاط أخلاقنا
وقيمنا.
فمن الظلم أن ننظر إلي شرطة أمن المجتمع من زاوية ضيقة، لذلك يجب أن نوازن
بين الإيجابية والسلبية في إطلاق الإحكام جزافاً حتى نكون عادلين والعدل يأمرنا به
الله سبحانه وتعالي، وأن لا نمضي على هدى من المعتادين على مهاجمة شرطة أمن
المجتمع، وعليه أقول تقعد بس.