الاثنين، 11 فبراير 2019

سراج النعيم يكتب : سودانيون لاجئون في أوروبا

.......................
يذهبون من أوطانهم إلى البلاد الأوروبية طمعاً فى الاستقرار، وهرباً من الظروف الاقتصادية القاهرة، لكن معظمهم يؤكدون أن أهدافهم وأحلامهم وأشواقهم تحولت فيما بعد إلي الحصول على أي وثيقة لإثبات الذات، وهنالك الكثير القصص المؤثرة التى رواها لي بعض المهاجرون الذين أنقذتهم العناية الإلهية من الموت غرقاً، وذلك أثناء بحثهم عن حياة مختلفة، إلا أنه لم يخطر ببالهم أنها سيتحولون إلي لاجئين في الدول الأوروبية.
ومن أكثر القصص المؤثرة التي وقفت عندها قصة شاباً سودانياً يبلغ من العمر (17) عاماً أختار طريق الهجرة غير الشرعية عبر (سماسرة) يتاجرون فى البشر ناشداً العبور من ليبيا إلي أوروبا، واضعاً في المخيلة تحقيق أحلامه بعيداً عن الظروف الاقتصادية المحيطة به، ورغماً عن مغامرته إلا أنه تفاجأ بما لم يكن فى الحسبان.
في العام 2013م حسم أمره وقرر أن يشد الرحال من ليبيا إلي أوروبا، رغماً عن إنه كان صغيراً في السن، فهو من مواليد ليبيا التي استقر فيها، ومع هذا وذاك انقطع عن التعليم، ولم يستطع الحصول على الجنسية، الأمر الذى جعله بلا هوية، مما سبب له إشكالاً إبان نظام العقيد معمر القذافى، إلا أن الثورة التى شهدتها ليبيا مثلّت بالنسبة له منعرجاً خطيراً في حياته، مما قاده للتفكير جدياً في الهجرة غير الشرعية.
المهم عندما عقد العزم علي التوجه إلى أوروبا كان لزاماً عليه جمع مبالغ مالية لمن يتاجرون بالبشر، عندها بدأ يعمل أعمالاً حرة لمدة عام كامل إلي أن تمكن من ذلك، ثم هرب من هناك إلي مدينة (زوارة) التى وجد فيها (السماسرة) وهم يعرضون خدماتهم ويتفاوضون منه ثمن الرحلة، وعندما قبل بالشروط تم احتجازه فى مزرعة برفقة مئات آخرين حتى يحين دورهم للهجرة، مرت أيام وساعات وهم ينتظرون داخل مزرعة كانت بمثابة السجن الذى عاشوا فيه أسوأ أيام حياتهم حيث تعرّضوا فيه للمعاملة القاسية والإهانة والإذلال المتكرر، وكانوا يمنعونهم من التحدث، إما الطعام فكانوا يقدمون لهم وجبة واحدة عبارة عن قطع من (البسكويت)، وبعد (10) أيام من ذلك كان عليهم دفع ثمن الرحلة للمهربين قبل الصعود إلى السيارة التى ستقلهم إلي الشاطئ، وكان أن دفع هذا الشاب السوداني (800) دولار، وذلك بحسب الاتفاق بين الطرفين، فالتكاليف غير موحدة، وتختلف من مهاجر إلي آخر، فهناك من تجاوز ثمن رحلته إلي أوروبا (1200) دولار.
وتشير القصة إلي أنه وفي الساعات الأولي من الصباح حضرت إليهم شاحنة (تبريد) قامت بأخذهم من مزرعة الاحتجاز إلي أن أوصلتهم إلي الشاطىء الذى لم يكن النهاية بالنسبة لهم حيث أنهم سروا راجلين حوالى (10) دقائق ليجدوا زورقاً مطاطياً فى انتظارهم ليقلهم إلى (مركب الموت) من الشاطىء إلي الضفة الأخرى من البحر المتوسط، عموماً تم نقلهم على امتداد الساعتين بـ(السلاح) رغماً عن أنه من بينهم أطفالاً ونساء ومسنين ورغماً عن ذلك تم إجبارهم على التخلص من كل أمتعتهم.
وفي (مركب الموت) القديم جداً كانت المفاجأة غير السارة لهم حيث أنهم وجدوا في داخله حوالي (700) مهاجراً، وذلك بعد صعودهم إليه حينئذ تيقن الشاب السوداني أن طريقهم سيكون صعباً ومحفوفاً بالمخاطر، وأنهم مقدمين على مغامرة كبيرة جداً، لكن أكثر ما حزّ في نفسه هو أن المهربين عاملوهم وكأنهم بضاعة.

ليست هناك تعليقات:

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...