رئيس الجمهورية يرد علي المحكمة مطالباً بالقصاص في جريمة القتل
الخرطوم : سراج النعيم
أيدت المحكمة القومية العليا إدانة الرقيب طارق كوت كويل بعد استبعاد
المادة ( 24 ) من القانون الجنائي وتلغي عقوبة الإعدام رمياً بالرصاص ويخاطب السيد
رئيس الجمهورية لأخذ رأيه في القصاص أو العفو أو الدية بعد وصول رد رئيس الجمهورية
تعاد الأوراق لمحكمة الموضوع لإصدار العقوبة علي ضوء الرد وتمت مخاطبة رئيس
الجمهورية وجاء الرد مطالباً بالقصاص.
بتاريخ 8/10/2008م قدم المتهمان الرقيب طارق كوت كويل كوت والنقيب البينو
أكول لول ياي للمحاكمة أمام المحكمة العسكرية العامة بام درمان تحت المادة ( 185/أ
) من قانون القوات المسلحة لسنة 2007م مقروءة مع المواد ( 24 و130 و175 ) من
القانون الجنائي وذلك لتسبيبهما وفاة المجني عليه الرائد شرف الدين حسن حمد ووكيل
عريف استيفن قبريال شول ووكيل عريف سبت يور أكوار بإطلاق النار عليهم من بندقية
كلاشنكوف نتيجة لاتفاق جنائي بينهما وذلك بتاريخ 11/12/2007م بمحطة قوقريال بمدينة
بحر الغزال هذا بالإضافة إلي أخذهما مبلغ مالي كبير خاص بمرتبات الأفراد تحت تهديد
السلاح.. بعد سماع البينات توصلت المحكمة إلي إدانة المتهم الأول بموجب المواد
المشار إليها وبراءة المتهم الثاني.
أما بالنسبة للمتهم الأول فقد استمعت المحكمة إلي أولياء دم المجني عليه
الأول الذين أصروا علي القصاص ثم حددت عدة جلسات لسماع أولياء دم المجني عليه
الثاني والثالث ولتعثر العثور عليهم رأت المحكمة ترك أمرهم للسلطة المؤيدة استناداً
علي المادة ( 121/5 ) من قانون القوات المسلحة الذي ينص علي أن القوات المسلحة هي
ولي من لا ولي له من الأفراد أو من كان رأيه مجهول المكان أو غائباً لا يرجي عودته
وتبعاً لذلك أصدرت حكماً بالإعدام رمياً بالرصاص علي المتهم الأول والطرد من
الخدمة اعتباراً من 31/3/2010م.
تتلخص الوقائع في أنه وبتاريخ 19/4/2008م وأثناء صرف المرتبات للأفراد
بمحطة (قوقريال) بمدينة بحر الغزال قام المتهم واثنان آخران لم يتم القبض عليهما
بإطلاق أعيرة نارية من أسلحتهم الشخصية ( بنادق كلاشنكوف ) فأصابوا قائد المحطة
الرائد ركن شرف الدين حسن حمد ووكيل عريف سبت يور يور ووكيل عريف استيفن قبريال
مما أدي لوفاتهم أثناء نقلهم لمدينة واو لإسعافهم كما قام المدان بنهب مبلغ ( 51 )
ألف جنيه ولاذا بعدها بالفرار إلي أن تم القبض عليهم في 10/1/2009م.
لقد ثبت من أقوال شاهد الاتهام الثاني أن المدان قد أطلق النار من بندقيته
علي المجني عليه الأول ( الرائد شرف الدين) وقد كان يقف علي بعد عشرة أمتار منه.
كما أفاد شاهد الاتهام الثالث أن المدان قد أطلق النار أيضا علي المجني
عليه ( سبت يور يور ) عندما كان يحاول الإمساك بشنطة المرتبات.
كذلك أفاد شاهد الاتهام السابع بأنه رأي المدان يطلق النار في اتجاه
المعسكر ثم ولي هارباً ومعه المتهمان اللذان لم يعثر عليهما وتم فصل محاكمتهما.
هذه بينات واضحة ودامغة في مواجهة المدان تكفي لإثبات قيامه بإطلاق النار
رغم إنكاره مما ترتب عنه موت المجني عليهم وبهذا فهو مسئول عن موت جميع المجني
عليهم.
وعن رابطة السببية فقد جاء في تقرير تشريح جثة المجني عليه الرائد شرف
الدين بأن سبب الوفاة يرجع إلي النزيف الناتج عن إصابة القلب كما أن أسباب وفاة
المجني عليه سبت يور ناتجة عن هبوط في الدورة الدموية الناتجة عن نزيف حاد وكذلك
الحال فيما يتعلق بالمجني عليه استيفن قبريال هذا فضلاً عن أن الوفاة حدثت مباشرة
بعد إطلاق النار عليهم.
وفيما يتعلق بالركن المعنوي فالواضح من البينات أن المدان قصد قتل المجني
عليهم ليتمكن من نهب المرتبات وذلك لإطلاقه النار من بندقيته الكلاشنكوف أو علي
أقل تقدير كان علي علم بأن الموت سيكون النتيجة المرجحة وليست المحتملة فقط لفعله.
الواضح من البينات أن سبب ارتكاب الحادث هو نهب الأموال التي كانت معدة
لصرف المرتبات وبالتالي لا مجال للمدان للاستفادة من أي أسباب الإباحة وموانع
المسؤولية الجنائية المنصوص عليها في المواد ( 8 و18 ) من القانون الجنائي كما لا
مجال له أيضا للاستفادة من أي من الأسباب المخففة للمسؤولية الجنائية والواردة في
الاستثناءات المنصوص عليها في المادة ( 131 ) من القانون الجنائي.
لكل ما تقدم أري تأييد الإدانة باستثناء المادة ( 24 ) من القانون الجنائي
لبراءة المتهم الثاني وبالتالي قصر المسؤولية علي المدان لوحده.
أما فيما يتعلق بالعقوبة فقد حضر أولياء دم المجني عليه الرائد شرف الدين
حسن حمد بموجب الإعلام الشرعي رقم ( 18/2007م ) الصادر من محكمة الأحوال الشخصية
بالحاج عبدالله وهم والدته نسباً أمنة شريف محمد وزوجته سلوى عوض محمد نور وبنته
القاصر وعد وإخوته الأشقاء ميرغني وهاشم وسرالختم وسلوى ومحاسن وسامية وعفاف وأمل
وإنصاف كما تم تعيين الزوجة سلوى كوصية علي بنتها القاصرة وعد كذلك إبراز إعلام
شرعي بورثة المجني عليه سبت يور اكوار.
استمعت المحكمة لوكيل أولياء الدم ( سرالختم حسن حمد ) فتمسك بالقصاص ثم
حددت المحكمة عدة جلسات لسماع أولياء دم المجني عليهما سبت يور أكوار واستيفن
قبريال شول إلا أنه لم يتم العثور عليهم وتعذر ظهورهم أمام المحكمة فقررت أنه
ووفقاً للمادة ( 121/5 ) من قانون القوات المسلحة فإن القوات المسلحة هي ولي من لا
ولي له من الأفراد أو كان مجهول المكان أو غائبا لا يرجي عودته قررت المحكمة ترك
ذلك الحق للسلطة المؤيدة ثم أصدرات المحكمة حكمها القاضي بالإعدام رميا بالرصاص
والطرد من الخدمة.
فيما يتعلق بالمجني عليه شرف الدين حسن بالرجوع للإعلام الشرعي بالورثة (أولياء
الدم) والتوكيل الشرعي الصادر منهم للوكيل سرالختم حسن حمد فإن ما تم من إجراء
بخصوص ظهوره كوكيل وتمسكه بالقصاص نيابة عن أولياء الدم لا غبار عليه لان العبارة
الواردة في التوكيل وهي ... قد أوكلنا الأستاذ سرالختم حسن حمد محمد لينوب عنا
ويقوم مقامنا ويحل محلنا وذلك أمام المحكمة العسكرية جنايات ام درمان في البلاغ (
1248/2008 ) إعلان رغبتنا في تنفيذ الحكم الصادر بالقصاص في حق المتهم طارق كوت
كويل هذه العبارة وإن لم تجيء بالصورة المتعارف عليها إلا أنها تجيء في معني
التفويض الصريح للمطالبة بالقصاص.
أما فيما يتعلق بأولياء دم المجني عليهما الآخرين الذين تعذر عليهم فيتعين
اللجوء للقانون الجنائي لتحديد ولي الدم لأخذ رأيه نيابة عنهم خاصة وأن الإدانة
التي تستوجب رأي أولياء الدم قد تمت بموجب المادة ( 130 ) من القانون الجنائي وقد
نصت الفقرة ( 3 ) من المادة ( 32 ) من القانون الجنائي بأن الدولة هي ولي من لا
ولي له أو كان وليه مجهول المكان أو كان غائبا لا ترجي عودته واستقر قضاؤنا علي أن
الذي تتم مخاطبته وفقا لهذا النص هو رئيس الجمهورية من ناحية أخري فإن هذه
الإجراءات لا يتعارض مع نص المادة ( 121/5 ) من قانون القوات المسلحة لسنة 2007م
والذي استندت عليه محكمة الموضوع لأن رئيس الجمهورية هو القائد الاعلي للقوات
المسلحة.
علي ضوء ذلك أري إلغاء عقوبة الإعدام رميا بالرصاص الصادرة ضد المدان
ومخاطبة رئيس الجمهورية لأخذ رأيه في القصاص أو العفو أو الدية ثم إعادة الأوراق
لمحكمة الموضوع لإصدار العقوبة علي ضوء رد السيد رئيس الجمهورية ثم يعاد لنا الملف
في حالة تمسك رئيس الجمهورية بالقصاص وصدور الحكم بالإعدام.