الخرطوم : سراج النعيم
كلما اقتربت إطلالة شهر رمضان المعظم أجد نفسي حائراً من بعض التجار الذين
يمارسون الجشع والطمع ناسين أو متناسين أنه الشهر المبارك.. شهر الخير الوفير
والإحسان الكثير الذي يجود فيه رب العالمين للأمة الإسلامية لذا من أوجب الواجبات
علي التجار أن يكفوا عن استقلال ظروف الناس في هذا الشهر الفضيل الذي يجب أن لا يرفعوا
فيه الأسعار بهذه الصورة الجنونية .
وعليه لابد من أن نعمد إلي أن نلجأ فيه للبر والخير والإحسان أي أن يعطي
الغني من ماله للفقير من الأهل والجيران الذين تربطه بهم روابط أخوية في الدين
الإسلامي.. الدين الذي يحث الناس علي ذلك.
ولكن وبكل أسف لا نجد ما أشرت له مطبقاً علي أرض الواقع.. ذلك الواقع الذي
يشهد طمعاً وجشعاً لا تحده حدود فالسلع الهامة والضرورية المنقذة للحياة يحدث فيها
ارتفاعاً كبيراً كلما اقتراب شهر رمضان المعظم في ظل ظروف اقتصادية قاهرة جداً أدخلت
شرائح متعددة من شرائح المجتمع في معاناة كبيرة لشراء السلع رغماً عن أنها كانت
إلي وقت قريب تباع بأسعار زهيدة إلا أنها أضحت في ارتفاع بشكل شبه يومي الأمر الذي
جعلها باهظة الثمن ما قاد بعضاً من الأسر غير القادرة علي الشراء فأضحت بذلك عاجزة
عن الإيفاء بالسلع أو بأقل متطلبات الحياة مما أضاف عليها فواتير أضافية كالدواء
والكساء الذي تزامن مع شراء أزياء المدارس ما وضع أسراً في مواقف مالية حرجة
بالإضافة إلي الفواتير القائمة أصلاً كالكهرباء والماء ما حدا بالبعض منهم اللجوء
إلي المقتدرين لمساعدتهم من أجل التغلب علي أوضاعهم المالية السيئة التي اضطرتهم
إلي أن يمدوا أيديهم للناس أعطوهم أو منعوهم وهي بلا شك من أقسي المواقف المؤذية
للإنسان نفسياً إلا أنه أمام الضائقة المالية التي يمر بها يجد نفسه مضطراً إلي أن
يفعل حتى يتمكن من تلبية لوجزء بسيط من
متطلبات الأبناء والحياة المعيشية اليومية.
هنالك شرائح آخري لديها دخل إلا أنه لا يغطي لها متطلبات المعيشة من مأكل
ومشرب أمثال الموظف البسيط الذي يتقاضي راتباً شهرياً ومن يصرف معاش ومن يعمل أعمالاً
حرة وغيرهم من الشرائح المجتمعية الضعيفة التي دخل الواحد منها لا يكفي ولا جزء
يسير من منصرفاته اليومية لعدم وجود إعانات ضمانية اجتماعية وأن وجدت قد تحسن من
أحوالهم نسبة إلي أن المرتبات الشهرية والمعاشات وما يعود علي العامل من عرق يومه وإلي
آخره من أجور كلها لا تكفي الفرد إلا في حال تيسر له أن يجد مساعدات وإذا لم تتوفر
له فإنه دون أدني شك تصبح المعادلة بالنسبة له صعبة وتضعه ما بين مطرقة العوز
وسندان الفقر وما بين هذا وذاك يصاب الإنسان باليأس والإحباط الذي يجعله يقف حائراً
كلما أشرقت شمس صباح جديد حيث يبدأ فيه دورة جديدة من المعاناة.
ولا أنسي في هذا التناول شرائح آخري تتمثل في المطلقات والأرامل العائلات
عدداً من الأبناء فهن يكن الضغط النفسي عليهن أكبر بكثير وبالتالي أجد نفسي مضطراً
للتساؤل أين الجهات المعنية برفع المعاناة عن كاهلهم .. وأين مشاريع تخفيف أعباء
المعيشة وأين.. وأين ديوان الذكاء وأين منظمات المجتمع المدني.. وأين.. وأين..
وأين؟ الإجابة ببساطة شديدة مازال البحث جاري رغماً عن ذلك لم نجد لهم أثراً في
المشهد حتى يقومون بالدور المنوط بهم بإيجاد الحلول الناجزة بتحسين الأوضاع
المعيشة ورفع الأجور إلي الحد الذي يجعلهم يعيشون حياة كريمة في ظل الظروف
الاقتصادية القاهرة التي تضاعفت برفع الدعم عن المحروقات.
وعندما أتطرق للجهات المسئولة علي هذا النحو فإنني لا أقصد بأي حال من
الأحوال لفت النظر بقدر ما أقصد إطلاعها بالمسؤولية الملقاة علي عاتقها لكي تؤدي
الدور المنوط بها وذلك من منطلق الواجب الوظيفي الذي تؤجر عليه.
ولابد من الاستمرارية في طرح الأسئلة المندرجة في هذا الإطار هل تلك
الوزارات والمؤسسات والتنظيمات أولت أمر المواطن جل اهتمامها من واقع الأمانة التي
حملتها بالإنابة عنه ؟ الإجابة في غاية البساطة لا لأنها لو فعلت لما خطر ببالي أو
ببال الكثيرين طرح أي سؤال فيما نناقش من قضية متجددة لذلك علي الجميع أداء الواجب
الذي يمليه عليهم الوازع الديني في المقام الأول ثم الضمير ثم الوظيفة التي تحتم
عليهم الدفاع عن حقوق المواطن الذي ربما لا يعول أسرة واحدة بل يعول عدداً من
الأسر وقطعاً هي تحتاج إلي أن يوفر لها الحياة الكريمة إلي جانب توفير المال
للصحة.. والكهرباء.. والماء إلي جانب فواتير آخري تتضاعف يوماً تلو الآخر نسبة إلي
أن البعض من التجار يستقلون الظروف المحيطة بالمواطن.
وفضلاً عن ذلك يهدرون أبسط حقوق الإنسان بعدم رقابة السوق التجاري الذي يشهد
فوضي ضاربة في رفع الأسعار دون أية مراعاة لمن هم مرتباتهم ضعيفة فهل سألوا أنفسهم
من أين يشتري هؤلاء وهل قامت الجهات المسئولة بعمل إحصائيات لمن هم في حاجة إلي
المساعدة أو إيجاد الحلول الجذرية العاجلة للضائقات المالية.
ومن وراء كل ذلك رأيت أن أقوم بجولة ميدانية في بعض الأسواق بولاية الخرطوم
فوجدت أن الأسعار في ارتفاع جنوني حيث أنها قفزت بالزانة ولم تقفز تدريجياً فسعر
كيلو الضان ( 60 ) جنيهاً بالرغم من أننا دولة منتجة للثروة الحيوانية وكيلو
الدجاج أكثر من ( 40 ) جنيهاً وطبق البيض ( 30 ) جنيهاً وجركانة الزيت قفزت من (
180 ) جنيهاً إلي ( 350) جنيهاً ولم تسلم حتى الطماطم من ذلك الارتفاع حيث أصبح الكيلو
منها ( 30 ) ﺟﻨﻴﻬﺎً وﺍﻟﺒﻠﺢ ( 40) ﺟﻨﻴﻬﺎً ﻭﻟﻮﺡ ﺍﻟﺜﻠﺞ ( 15 ) ﺟﻨﻴﻬﺎً والويكة القضارف
الملوة كانت ( 30 ) جنيهاً وقفزت إلي ( 60 ) جنيهاً والبليلة الملوة ( 15 ) جنيهاً
وإلي آخره.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق