تعهد الرئيس السوداني عمر حسن البشير يوم الاربعاء "بتحرير" جنوب السودان من الحزب الحاكم هناك في تصعيد حاد لنبرة الخطاب بعد اشتباكات حدودية عنيفة دفعت البلدين باتجاه حرب شاملة.
وتزايد القلق بشأن اسوأ عنف بين الجانبين منذ انفصال جنوب السودان كدولة مستقلة في يوليو تموز بموجب اتفاق سلام عام 2005 . وحثت القوى العالمية الطرفين على انهاء القتال.
وسيطر جنوب السودان الاسبوع الماضي على منطقة هجليج النفطية المتنازع عليها مما دفع البرلمان السوداني الى وصف جنوب السودان يوم الاثنين بأنه "عدو" ودعا الى استعادة سريعة للمنطقة السهلية المكسوة بالسافانا.
وفي كلمة حماسية لاعضاء حزب المؤتمر الوطني العام الحاكم استخدم البشير مرارا كلمة "حشرة" ليشير للحركة الشعبية لتحرير السودان وهي الحزب الحاكم في الجنوب.
وقال ان هدف السودان الاساسي هو تحرير مواطني الجنوب من حكم الحركة. واضاف "هذه مسؤوليتنا أمام اخواننا في جنوب السودان."
وتوقع البشير قدوم "اخبار طيبة" من هجليج خلال ساعات لكنه اشار ايضا الى ان التوتر لن ينتهي قبل انهيار الحزب الحاكم في الجنوب. ولم يوضح كيف يمكن ان يحدث ذلك.
وقال البشير ان القصة بدأت في هجليج لكنها ستنتهي في الخرطوم او جوبا عاصمة الجنوب.
وبعد قليل من كلمة البشير قال متحدث باسم جيش جنوب السودان ان قوات الجنوب صدت "هجوما كبيرا جدا" على هجليج التي تعرف باسم بانثو في الجنوب. ولم يصدر تعليق فوري على ذلك من السودان ولم يرد تأكيد مستقل للزعم.
البشير: «إما أن ندخل جوبا أو يدخلون الخرطوم»
بشّر بسماع أنباء سارة عن هجليج خلال ساعات..البشير: حدود السودان القديمة لا تسعنا ولا بد من تصحيح خطأ تمكين الحشرة الشعبية من الجنوب
وأعلن الرئيس عمر
البشير الحرب على حكومة دولة الجنوب وتطهيرها من حكم «الحشرة» الشعبية
لتدمير السودان، كما سماها، فيما دعا النائب الأول لرئيس الجمهورية علي
عثمان لدى مخاطبته المجاهدين المتجهين الى منطقة هجليج بمعسكر القطينة أمس
الى ضرورة تلقين الحركة الشعبية درساً لن تنساه وتأديبها وتعليمها، وأقسم
بأن هجليج محررة لا محالة. وأكد البشير أن الحكومة مسؤولة أخلاقياً عن
تصحيح الخطأ الذي ارتكبته بتمكين الحركة من حكم الجنوب، وقال: «إذا كانت
الحركة الشعبية في الجنوب تتبنى تغيير النظام في الخرطوم فإن الأمر سجال،
إما أن ننتهي في جوبا أو ينتهوا في الخرطوم»،
وقال: «نشوف منو البيغير أخوه»، وشدد على ضرورة تصحيح الخطأ بتسلم الحركة
مسؤولية حكم الجنوب، وقال إن مسؤوليتنا تحرير المواطن الجنوبي من الحركة
الشعبية. وأكد البشير أن حدود السودان القديمة لا تسعنا مع الحركة الشعبية،
وقال إنه لا بد أن يذهب واحد منا، مشيراً إلى جاهزية السودان بشبابه لذلك،
وقال: «إن هجليج لن تكون نهايتنا حتى ننهي حكم «الحشرة» الشعبية في
الجنوب». وقال البشير الذي خاطب حشداً من الشباب فاق عدده ستة آلاف شاب في
لقاء النصرة والاستنفار الذي نظمته أمانة الشباب الاتحادية أمس: «ليست
لدينا مشكلة مع المواطن الجنوبي»، وقال إن بعضهم حمل السلاح ضد ما سماهم
«الحشرات» التي أصبحت آفة علينا وعليهم. وقال إن الهدف الأساسي هو التحرر
من هذه «الحشرات» والقضاء عليها بصورة نهائية، لافتاً إلى أن هجليج هي
توريت الثانية، وقال: «إن الحركة كررت نفس الحكاية عندما انقلبت «180»
درجة، وقالوا دايرين السلام والتعاون وليس لديهم خيار سوى التعامل مع
السودان»، وأكد أن تلك حقيقة بأن مصالح الجنوب وتقدمه وتنميته ورخاءه
وتجارته مع السودان، وأضاف أنها كلمة حق، إلا أنه قال: «كنا نظن أنهم جربوا
وعرفوا وفهموا الحقيقة، ولكن الواضح أنهم لا بيعرفوا ولا بيفهموا لأنه طبع
الحشرات وطبع اللئام». وأضاف قائلاً: «إذا أنت أكرمت اللئيم تمردا». وقال:
«لأنهم خونة وعملاء فإنهم ينفذون أجندة خارجية ليست لديهم مصلحة فيها»
وهدد قائلاً: «والآن العَيْنُ بالعَيْنِ والسِّنُّ بالسِّنِّ والدَّقَّة
بالدَّقَّة والبادئ أَظلم، حتى يعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون».وأكد
البشير أمام الشباب أنهم سيسمعون كلاماً طيباً بعد ساعات قلائل حول هجليج
من الذين لقنوا العملاء درساً. وقال «إننا لا نسمي هذه حركة لأنها حشرة،
واسمها الحشرة الشعبية لتدمير السودان وتحتاج إلى مبيد».
ويعتمد البلدان اعتمادا كبيرا على النفط ومن شأن أي قتال ممتد أن يلحق ضررا بالغا باقتصادهما.
ويسود انعدام ثقة عميق بين الجارتين حيث توجد خلافات بينهما حول وضع حدودهما والمبالغ التي يتعين على جنوب السودان الذي لا يوجد لديه أي منافذ بحرية دفعها مقابل نقل نفطه عبر السودان وتقاسم الدين الوطني الى جانب قضايا أخرى.
ويقول جنوب السودان ان هجليج ارض تابعة له وانه لن ينسحب الا اذا نشرت الامم المتحدة قوة محايدة هناك.
وفي جوبا احتشد حوالي الف شخص من مواطني الجنوب في مظاهرة وهتفوا "يسقط البشير". وانتقدوا ايضا الامين العام للامم المتحدة بان جي مون بعدما دعا مجلس الامن الدولي جنوب السودان الى الانسحاب من هجليج.
وقال الفريد لادو جور وزير البيئة والمسؤول الكبير في الحركة الشعبية لتحرير السودان مخاطبا الحشد "يسقط بان جي مون".
واضاف "نجحنا في نيل استقلالنا وسننال هجليج وابيي" مشيرا لمنطقة اخرى متنازع عليها بين البلدين.
ودعت روسيا وهي عضو دائم في مجلس الامن الدولي جنوب السودان الى الانسحاب الفوري لنزع فتيل "وضع متفجر" في هجليج.
وقال السودان انه صد هجوما يوم الثلاثاء للقوات المسلحة لجنوب السودان قرب نهر بحر العرب الذي يعرف في الجنوب باسم نهر كير.
ونقل المركز السوداني للخدمات الصحفية المرتبط بالدولة عن مسؤول عسكري محلي قوله ان "قوات محدودة من الجيش الشعبي قامت بالهجوم على المنطقة بهدف تشتيت جهد الجيش السوداني الذي يعمل على تحرير منطقة هجليج من قبضة الحركة الشعبية."
وأضاف التقرير أن القتال اندلع على بعد 62 كيلومترا جنوبي الميرم التي توضح الخريطة أنها تقع على الحدود بين ولاية جنوب كردفان السودانية واقليم دارفور الذي يشهد تمردا مسلحا اخر ضد حكومة الخرطوم.
وأكد فيليب أقوير المتحدث باسم جيش جنوب السودان وقوع الاشتباكات لكنه قال ان الجيش الشعبي لم يسع لدخول أراضي السودان. وأضاف أن القتال اندلع بعد أن تعرضت القوات الجنوبية للقصف بينما كانت تحاول الحصول على مياه.
ومضى يقول "قاموا بالرد واندلع اشتباك فيما بينهما." وأضاف "قواتنا عبرت النهر.. عبرت الجسر لبرهة لكن القيادة طلبت منهم العودة."
وفي علامة على أن الجماعات المتمردة في السودان ربما تحاول الاستفادة من التوترات قال مسلحون متمركزون في دارفور في ساعة متأخرة يوم الثلاثاء انهم دمروا قاعدة عسكرية سودانية وسيطروا على بلدة.
ولم يتسن التحقق على نحو مستقل من صحة التقارير الواردة من فصيل تابع لجيش تحرير السودان المؤيد لميني ميناوي. ولم يتسن على الفور الاتصال بمتحدث باسم الجيش السوداني للحصول على تعليق.
وفي الخرطوم قال المسؤول بوزارة الخارجية السودانية عمر محمد للصحفيين ان السودان سيواصل الجهود الدبلوماسية وايضا العسكرية لاستعادة هجليج. وقال ان على الخرطوم ان تضع حدا للاحتلال طوعا او كرها.
وأكد مجلس الامن الدولي من جديد يوم الثلاثاء دعوته السودان الى وقف الغارات الجوية وجنوب السودان الى الانسحاب من هجليج.
وبحث ايضا فرض عقوبات على البلدين اذا لم يوقفا الاشتباكات.
وقالت الخرطوم ان العقوبات يجب ان توجه ضد الجنوب فقط الذي تتهمه بانتهاك سيادة السودان
فيما تمكنت القوات المسلحة من طرد بقايا فلول الجيش الشعبي ظهر أمس بمنطقة بحر العرب بمحلية الميرم والاستيلاء على عدد من العتاد الحربي والأسلحة الصغيرة التي تتبع للجيش الشعبي فيما لاذت قواتها بالفرار إلى داخل ولاية شمال بحرالغزال بدولة الجنوب.وقال العقيد ركن فتحي عبدالله عربي معتمد محلية الميرم في تصريح لـ«إس إم سي» إن القوات المسلحة سيطرت سيطرة كاملة على المنطقة وما زالت تطارد فلول التمرد التي هربت إلى داخل حدود دولة الجنوب.
وأبان أن المعركة التي دارت بجنوب المحلية شارك فيها المجاهدون من أبناء المسيرية وعدد من القبائل للدفاع عن الوطن، موضحاً أن قوات الجيش الشعبي خلفّت وراءها أعدادًا كبيرة من الجرحى والقتلى وتعمل القوات المسلحة على تمشيط وتنظيف المنطقة من فلول التمرد.
بينما تمكنت السلطات بولاية جنوب دارفور من دحر فلول التمرد التابعة لمناوي والعدل والمساواة التي اعتدت على منطقة أم دافوق أمس في وقت كشفت فيه عن وجود حشود من الحركة الشعبية والحركات المسلحة حول المناطق المتأخمة لحفرة النحاس وكفيه كنجي وسنقو. وقال نائب والي جنوب دارفور د. عبدالكريم موسى في تصريح لـ«إس إم سي» إن السلطات ظلت تطارد هذه المجموعات التي دخلت أطراف الولاية قادمة من مناطق سري ملاقاة وشمال بحر الغزال وأجبرتهم على العودة إلى داخل أراضي الجنوب مرة أخرى، كاشفاً عن أسر عدد من المتمردين الذين قاموا بالهجوم.ومن جانبه أكد المهندس عبدالله إسحاق معتمد محلية كتيلة في تصريح لـ«إس إم سي» عودة الاستقرار الأمني بالمحلية وجميع الوحدات الإدارية التابعة لها بعد دحر المعتدين، مبيناً أن حكومة الولاية قد دفعت بتعزيزات عسكرية لكتيلة وأم دافوق مطالباً بمضاعفة هذه التعزيزات لمواجهة أي إعتداءات محتملة.
من جهة أخري أبلغت الجامعة العربية السودان بموافقة دولة الجنوب واتفاقها مع دولة الكيان الصهيوني على افتتاح سفارة لها في القدس المحتلة وتوقعت الخرطوم في الأثناء أن يفوض مجلس الأمن، الاتحاد الإفريقي لإنهاء أزمة هجليج عبر التدخل القسري وأعلنت في الوقت نفسه وزارة الخارجية تكوين لجنة «أزمة» وقال رئيس اللجنة السفير عمر دهب مدير إدارة العلاقات الثنائية بالخارجية إنهم يتوقعون إصدار مجلس الأمن لتدابير عبر بيان رئاسي لإنهاء احتلال هجليج وأضاف في مؤتمر صحفي أمس أنه لامناص أمام المجلس غير إنهاء الاحتلال وفق الميثاق مقللاً من تصريحات سوزان رايس بشأن فرض عقوبات على السودان وقال: «كيف يستوي الجاني والضحية»، وأبان «العقوبات جزء من التدابير القسرية»، وكشف عن زيارة المبعوث الأمريكي الخاص للسودان في غضون الأيام المقبلة مبديًا ترحيب الخرطوم بأي مسعى حميد لإنهاء احتلال المنطقة.
هذا وقد أدان مجلس الوزراء القطري اعتداء دولة جنوب السودان على أراضي السودان واحتلالها منطقة هجليج. وطالب المجلس خلال الجلسة التي عقدها أمس برئاسة الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء، حكومة الجنوب بالانسحاب الفوري وغير المشروط من منطقة هجليج حقناً لدماء المواطنين السودانيين في البلدين، واحتراماً للاتفاقيات والمواثيق والقوانين الدولية، وتهيئةً للأجواء من أجل استئناف المفاوضات لحل القضايا العالقة بين الطرفين، وإقامة علاقات راسخة ترتكز على مبادئ السلام والإخاء والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة للشعبين.