هجليج : الخرطوم : سراج النعيم
ويتضح من قصة استشهاد علاء الدين حسن زايد البالغ من
العمر (33 عاماً ) مدى التأثر برواسب الماضي المؤسس لافكار في العقول الجنوبية
للدرجة التي فقدوا فيها قيم واخلاق إنسانية نبيلة امتدت متأصلة في السودانيين عبر
التاريخ وتوافرت لهذه القيم الإمكانيات اللازمة التي استطعنا أن نجابه بها مخاطر
الغزو الذي لا يحترم قيمنا لذلك نأخذ في الحسبان التحديات الجسام المهددة للمستقبل
كالذي حدث بالضبط من تطورات في المشهد العام بين السودان ودولة الجنوب الوليدة
التي ظلت تكرر في اعتداءاتها على المناطق الشمالية الواقعة على شريط الحدود بين
البلدين . وهوالأمر الذي استدعى قوات الشعب المسلحة وقوات الدفاع الشعبي للتصدي
لانتهاكات جيش الحركة الشعبية التابع لدولة الجنوب والعمل الجدي على استرداد منطقة
هجليج الغنية بالنفط إذ أنه تعرض المرضي والمصابين بمستشفي هجليج إلي تصرفات غير
إنسانية وهي المنطقة التي تبعد بضع كيلو مترات عن المواقع النفطية حيث أنه القي
فيها القبض على المرضي والمصابين والعاملين بالمستشفي ومنع عنهم المأكل والمشرب
والأدوية المنقذة للحياة واخذتهم كأسرى ليمارسوا بهم ضغوطاً على الحكومة السودانية..
وعندما زحف الجيش السوداني نحو منطقة هجليج اضطر جيش الحركة الشعبية إلى نقل
المرضي والمصابين إلى مستشفي بانتيو الشيء الذي جعل الحكومة السودانية تحمل دولة
الجنوب الوليدة المسؤولية الكاملة عن حياة الفريق الطبي والمرضى الذين كانوا
بمستشفي هجليج .. واعلنت الأستاذه سناء حمد العوض وزير الدولة للإعلام في تصريح لـ
(SMC)إنتهاك جيش جنوب السودان حقوق
الفريق الطبي والمرضي الذين كانوا في مستشفي هجليج وقت العدوان على المدينة يوم
الثلاثاء الماضي وقالت أن الحكومة السودانية تحمل حكومة الجنوب المسؤولية الكاملة
عن حياة الفريق الطبي والمرضي المدنيين والعسكريين الذين كانوا في مستشفي هجليج
وتدعو الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الاحمر للحفاظ على حياتهم ومنع إستخدامهم لأغراض الدعاية بما يخالف وثيقة
جنيف لحماية الأسرى.
كنت في لقاوة وكان هو في هجليج
ومن هذا المدخل .. وهذه البوابة ندلف مباشرة إلى استشهاد
علاء الدين حسن زايد في إنتهاك جيش الحركة الشعبية على منطقة هجليج الشمالية
الثلاثاء الماضي ..التاريخ الذي استشهد فيه علاء الدين بطلق ناري استقر في صدره
بالإضافة إلى رايش اثناء ما كان متقدماً للصفوف الأمامية لحظة الهجوم الغادر من
جيش الحركة الشعبية التابعة لدولة الجنوب الجديدة. في هذا الإطار كشف اسامه شقيق
الشهيد علاء الدين التفاصيل الكاملة لاستشهاده في منطقة هجليج الغنية بالنفط
بولاية جنوب كردفان إذ أنه قال : أنا جندي في الحرس الجمهوري وأتيت قبل يومين من
مناطق العمليات بولاية جنوب كردفان لتلقي العزاء في شقيقي حيث علمت بهذا النبأ في
منطقة لقاوة بنفس الولاية سالفة الذكر فالشهيد هو شقيقي الأكبر الذي تزوج في يوم
واحد مع شقيقنا المهندس كهربائي بهاء الدين المقيم حالياً بالمملكة العربية ..
وأما علاء الدين فهو جندياً مخلصاً لقوات الدفاع الشعبي والمؤتمر الوطني .. وهذا
الفكر الإسلامي راسخ في مخيلته منذ الصغر .. ففي أول مرة يذهب فيها للجهاد في
احراش الجنوب كان عمره لا يتجاوز الـ (13 عاماًَ ) ومنذ ذلك التاريخ شكل حضوراً
طاغياً في مسارح العمليات التي شدَّ الرحال إليها ثلاث مرات قطع من خلالها دراسته
الأكاديمية في هذه الفترة المتباعدة من بعضها البعض .. فكلما حدث استنفار لقوات
الدفاع الشعبي تجده أول من يبلغ .. فقبل أن يتم أنشاء قوات الدفاع الشعبي كان
منضماً لطلائع الجهاد.. واتذكر في أول مرة التحق فيها بالمجاهدين كان الوالد
مسافراً ونسبة إلى صغر سنه عاد الوالد واعاده إلى المنزل ولكنه لم يستسلم .. ..
وسافر إلى مناطق العمليات ثم عاد وواصل دراسته .. وهكذا إلى أن استشهد في هجوم جيش
الحركة الشعبية على مدينة هجليج بولاية جنوب كردفان.
يوم الثلاثاء اتصلت بالشهيد
ويواصل اسامه رواية قصة شقيقه الشهيد علاء الدين حسن
زايد قائلاً : قبل اسبوع من نبأ استشهاده في منطقة هجليج تلقيت اتصالاً هاتفياً من
الأسرة في الخرطوم يؤكدون فيه بأن شقيقي التحق بمعسكر خالد بن الوليد في إطار دعم
حملة استنفار المشير عمر البشير رئيس الجمهورية .. وما أن مر على هذا الإتصال
الهاتفي وقتاً الا واتصل عليّ هو مستفسراً عن المنطقة التي استقر فيها بولاية جنوب
كردفان ؟ فقلت له : أنا الآن في منطقة لقاوة فقال لي نحن في طريقنا إلى منطقة
هجليج .. وهي تبعد منا مسافة ليست بالقصيرة .. وفي يوم الاستشهاد انتباني احساس
تجاهه فما كان مني إلا واتصلت على رقم هاتفه السيار إلا ان الرد جاءني من الطرف
الآخر : ( هذا المشترك لا يمكن الوصول إليه حالياً) فتأكد أن امراً جللا حدث لأنني
علمت من خلال تواجدي بالمعسكر أن جيش الحركة الشعبية التابع للجنوب قد اعتدى على
منطقة هجليج يوم الثلاثاء الماضي ..وعندما كنت اتوضا لكي أصلى صلاة المغرب من نفس
اليوم وصلني اتصال هاتفي من الخرطوم يفيد فيه محدثي من الطرف الآخر بأن شقيقي علاء
الدين قد لبي نداء ربه متأثراً بطلق ناري ورايش فقلت له الحمد لله وكلنا لها
بمشيئة الله ومن ثم تلقيت مكالمة هاتفية من الوالدة وهي تخبرني باستشهاد شقيقي ..
وكان أن تحركت من هناك إلى الخرطوم التي وصلت إليها يوم الخميس الماضي.
المشاركة في عرس الشهيد
ويستطرد اسامه في سرد حكاية
الاستشهاد وقتل جيش الحركة الشعبية لشقيقي في هجومه الغادر على مدينة هجليج
الثلاثاء الماضي الذي قابلت فيه مجموعة من زملائه في مدينة كادوقلي بولاية جنوب
كردفان وكان أن سألتهم منه فقالوا ليّ :" علاء الدين امير المجاهدين في منطقة
العمليات فهو كان في هذه المعركة يتقدم صفوف المجاهدين حيث أنه ضرب بطلق ناري في
قلبه من الأمام إلى جانب رائش استقر في منطقة الصدر. فقلت لهم: هذا هو أخي
الذي اعرفه المعرفة الحقة فلم نغيب طوال حياتنا عن بعض الا في الاربعة اشهر التي
امضيتها في لقاوة بولاية جنوب كردفان لذلك جئت من هناك مسرعا من أجل
المشاركة في عرس الشهيد الذي تزوج قبل عام من تاريخه من الأستاذة ناريمان
عبد الفتاح التي تعمل في مجال التدريس بمرحلة الاساس.
زيارة النائب الأول لأسرة الشهيد
ويضيف اسامة: تحرك شقيقي من الخرطوم الى منطقة هجليج يوم
الاثنين واستشهد يوم الثلاثاء الساعة الثالثة ظهرا وقد درس الشهيد كل مراحله الدراسية
في الصحافة شرق التي نشأ وترعرع فيها حيث درس في مدرسة الشهيد الطاهر الابتدائية
ومدرسة مصعب بن عمير المتوسطة ومدرسة الخرطوم التجارية امتحن الشهادة السودانية
مرتين المرة الأولي صادف انه كان في مناطق
العمليات بالجنوب ثم عاد وواصل دراسته الى ان امتحن الشهادة السودانية ومنها التحق
بجامعة النيلين كلية الاقتصاد والعلوم السياسية التي كلما حدث استنفار لقوات
الدفاع الشعبي يجمد الدراسة الاكاديمية وظل على هذا النهج الى ان اسلم الروح الى
بارئها وهو الأمر الذي يجعلني غير متأكدا اذا كان تخرج ام لا رغما انه قبل شهر من
استشهاده قال لي انه لديه امتحانات في الجامعة
ولكنني لا استطيع ان اجزم لك اذا كان انتهي من الدراسة الجامعية وكنت نادرا
ما التقي به في المنزل حيث انني اخرج في الصباح الباكر وهو يخرج بعدي وعندما آتي
الى منزل الاسرة الكبير يكون هو في الكلاكلة.
وعن زيارة الاستاذ علي عثمان محمد طه النائب الاول لرئيس
الجمهورية بغرض اداء واجب العزاء في الشهيد علاء الدين حسن زايد قال: لها معاني
كبيرة في دواخلنا جميعا وتركت فينا اثرا طيبا اكد لنا بما لايدع مجالا للشك ان
الشهيد له مكانه كبيرة في الدولة ووسط زملائه بقوات الدفاع الشعبي فشكرا نبيلا لكم
على هذا الوفاء لمن وهب نفسه فدا لهذا الوطن
وباذن الله نحن على الدرب سائرون.
تجمع أسرة الشهيد في مكان واحد
والتقط منه قفاز
الحديث بدر الدين حمد خير الله خال الشهيد علاء الدين حسن زايد قائلا: هو
من صغره كان انسانا غير عاديا في كل صفاته لذلك بالرغم من انني اكبر منه إلا أنني أشاوره
في كل كبيرة وصغيرة لانه صاحب رأي سديد وحينما يعرض عليك الحل لهذه المشكلة أو تلك
تجده حكيما بكل ماتحمل هذه الكلمة من معني فهو خلوقا ولم تكن لديه خصومات لانه كان
متسامحا مع الجميع في احلك الاوقات
فالابتسامة لاتفارق شفتيه مهما كانت الظروف المحيطة به.
وعندما جاء خبر وفاته بمنطقة هجليج بولاية جنول كردفان عدت
من العمل في الساعة الثانية والنصف وهذا التوقيت لم اعتاد عليه في باقي أيام
الاسبوع حيث انني اعود الى المنزل الساعة الخامسة أو السادسة مساء المهم انني حضرت
في ذلك التوقيت وايضا شقيقي الذي يعمل موظفا في بنك الخرطوم ضف اليه والدة الشهيد
وشقيقاته الذين اتوا من الكلاكلة الى الصحافة
من اجل تهنئة ابن أخي الذي نجح في امتحانات مرحلة الاساس اي اننا تجمعنا في هذا
المنزل بصورة تلقائية لم يكن مرتب لها مسبقا وحوالي الساعة الثالثة تناولنا وجبة الغداء التي بعدها
بعثنا برسالة نصية للشهيد علاء الدين بعد ان جاء الرد بان هذا المشترك لا يمكن الوصول
اليه حاليا علما بانه عندما اتصلوا عليه في صباح ذلك اليوم طلب منهم عدم معاودة
الاتصال به مجددا لانه سيكون مشغول قليلا وبالتالي يغلق الهاتف وعندما يفتحه ويجد
الرسالة سوف يرد عليهم.
تلقي والدته خبر استشهاده
ويشير الى ان الاسرة كانت تتجاذب اطراف الحديث الذي خرجت
اثره الى الشارع قاصدا سيارتي اذا انني في تلك اللحظة اتصل على معز الذي قال لي:
اين انت يا خال فقلت له: موجود في الصحافة شرق فاردف السؤال باخر مفاده هل منعم
معك فقلت له: نعم وبعد هذه المكالمة الهاتفية اتوا الينا بما فيهم اصدقائه وزملائه بقوات الدفاع الشعبي الذين لم يكن حضورهم على هذا النحو
طبيعيا فقلت لمعز: ما الذي حدث؟ فلم اجد
منه اجابة او من الذين كانوا يرافقونه وعملوا على ادخالي الى المنزل وكان ان قالوا
لي: علاء الدين استشهد في مدينة هجليج فقلت في تلك اللحظة ربنا يصبرنا ربنا يصبرنا
ثم بكيت بينما طلبوا مني مناداة والداته ومجرد ما قلت لها زملاء علاء الدين
ينتظرونك قالت لي: في شنو. في شنو؟ فلم استطيع اخبارها والتزمت الصمت فما كان منها
الا وتوجهت الى المكان الذي به معز وجعفر امبدي واخرين وما ان شاهدتهم الا وبكت
لفراقها لابنها العزيز علينا جميعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق