يستطيع أي متابع لأداء الحكومة الإنتقالية بشقيها العسكري والمدني أن يلمس بوضوح ملحوظ الفشل الذريع الذي تركن له سياسياً، اقتصادياً، اجتماعياً، ثقافياً وفكرياً، وذلك منذ أن تمت الإطاحة بنظام الرئيس المعزول عمر البشير، إذ أنها لم تنجح في ترتيب الملفات الداخلية والخارجية المهمة وفقاً للاستراتيجيات المغايرة للثلاثة عقود الماضية، ولم تثمر تلك السياسات المنتهجة ما يمكن الإشارة إليه.
إن الاستراتيجيات المتبعة من المكونين العسكري والمدني تنمو بشكل (سالب) نسبة إلى أن المجهود المبذول لا يرتكز على تجارب عميقة، لذلك كان (الفشل) حليفهما في أي موقع من مواقع السلطة.
لفت انتباهي لهذه السياسات الفشل في إدارة دفة البلاد إلى بر الأمان، وظل الشركاء يعملون ضد بعضهم البعض دون الالتفات إلى المصلحة العامة، ويتضح ذلك بجلاء في الخطاب الإعلامي الصادر من هنا وهناك، والذي يدل بوضوح شديد إلى النظرة القاصرة على المصلحة الشخصية، لذا فقد الجانبين عطف المواطن الذي ثار على النظام البائد بسبب السياسات القائمة على الظلم، التهميش وهضم الحقوق، فبالنظر إلى مؤشر أداء الحكومة فإنه لم يكن بقدر الرغبات والطموح الذي ينشده المواطن الباحث عن التغيير للأفضل، إذ أنها فشلت في توفير أبسط مقومات الحياة ناهيك المشاريع الحيوية في كل مناطق السودانية، وكل ما يتم في هذا الإطار عبارة عن مهدئات ومسكنات لضخ الأمل في دواخل إنسان السودان الذي هو ضحية الحكومات المتعاقبة على حكم البلاد منذ الاستقلال، وأتذكر جيدا عدم تحقيق متطلبات البنية التحتية المستهدفة للمرتكزات الأساسية للقطاعات التابعة لمنظومة تأسيس الدولة وتحقيق الأهداف المرجوة منها، ولكن ما زالت المعضلة بلا معالجة، عطفا على أن الأداء بعيد كل البعد عن الوطنية المفتقرة لتشخيص المشكلة في ظل تعدد قبلي تختلف في إطاره اللهجات، السحنات والثقافات، فضلاً عن غياب الدور التوعوي من خلال الأجهزة الإعلامية، أو شبكات التواصل الاجتماعي، فلا تزال النظرة قاصرة على المصلحة الشخصية أو القبلية أو الطائفية أو الحزبية، وهنا أتساءل : لماذا لا تستفيد الأنظمة من التجارب الفاشلة السابقة لتجاوز الأزمات بالتأسيس لدولة لا تعتريها إشكاليات والصراعات الدائرة في نطاق ضيف لا يراعي المصلحة العامة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق