الأحد، 7 مارس 2021

*سراج النعيم يكتب : جبر وكسر الخواطر*

 


..... 

كثيراً ما أقف متأملاً عبارتان يتم تداولهما في حياتنا العامة، وبصورة شبه يومية، ربما يكون البعض غير مدركاً لما تحمله كل منهما معان سامية ودلالات عميقة والعكس، وقد يستخدما لمجرد أنهما متطابقان مع هذا الحدث أو ذاك الموقف الذي يمر به من يستدل أو يستشهد بهما، وهما عبارتان يلجأ إليهما الناس كلما حدثت مناسبة (فرايحية) أو (حزاينية)، ودائماً ما كانت أذناى تلتقطها من فم والدتي عليها الرحمة، وهي عبارة (جبر الخواطر)، وتقابلها على النقيض (كسر الخواطر)، ومن هنا بدأت أبحث وأنقب فيما يتصل بهما إلى أن اكتشفت أنهما مرتبطان ارتباطاً وثيقاً برفع المعنويات لمن تربطك بهم صلة كأخيك أو صديقك أو زميلك أو خطيبتك أو زوجتك، خاصة حينما يمر واحداً منهم بمصيبة، فهي بلا شك تتطلب المساعدة، المواساه والتخفيف من هولها.

إن الناظر إلى حياتنا بمنظار فاحص اليوم سيجد أن (جبر الخواطر) بدأ في العد التنازلي، وذلك من واقع تداخل الكثير من العوامل الخارجية المؤثرة في المجتمع السوداني حيث أن البعض انجرف بها نحو الهاوية، وذلك بالاستخدام السالب لـ(لعولمة) ووسائطها الأكثر انتشاراً، وتأثيراً على النشء والشباب، والذي يفترض فيه توجيهها في الاتجاه الايجابي، وذلك من أجل مجتمع صحيح ومعافي، خاصة وأنه كان قبلاً متماسكاً ومحافظاً على الأخلاق والقيم الإنسانية.

مما أشرت له يجب أن نفسح المجال رحباً أمام عبارة (جبر الخواطر)، والتي كم نحن في حاجة ماسة إليها، وذلك من أجل حياة خالية الجفاء والتعقيد الذي نركن له بعيداً عن المناصحة، ﺍﻹﺑﺘﺴﺎﻣﺔ وﺍﻟﺼﺪﻗﺔ، وبالتأكيد من يفعل فإنه إنسان داخله نقي ﻭﻣﻌﺪنه ﺃﺻﻴﻞ، وأمثال هؤلاء يتعاملون بشكل جميل مع من ربطتهم بهم معاملات في شتي المناحي،  وفي هذا السياق كان سيد البشرية صل الله عليه وسلم، هو أعظم الناس قدراً، وأعلاهم شرفاً، وأشرحهم صدراً، يملك قلوب أصحابه ـ رضي الله عنهم ـ بوجهه البسَّام، وابتسامته المشرقة، وكلماته الطيبة، حيث قال الله سبحانه وتعالي : (فيما رحمة من لنت لهم، ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك، فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر)، وقال هند بن ابي هالة ـ رضي الله عنه : (كان رسول الله ـ صل الله عليه وسلم ـ دائم البشر سهل الخلق، لين الجانب)، قال ابن عيينة : البشاشة مصيدة المودة، والبر شىء هين، وجه طليق وكلام لين)، هكذا يكون (جبر الخواطر). 

ومما ذهبت إليه، فإن سيدنا محمد صل الله عليه وسلم، كان يجبر الخواطر، إذ كانت ﻫﻨﺎﻙ ﺇﻣﺮﺃﺓ كبيرة في السن، وترغب في أداء الصلاة خلفه، إلا أنها لم تسطيع، مما حدا بالمصطفي صل الله عليه وسلم أن الذهاب إليها ﻣﻊ ﺧﺎﺩﻣﺔ ﻭيصلي ﺑﻬﺎ ﻓﻲ منزلها، لذا على الجميع الاقتداء به في نهجه القائم على (جبر الخواطر)، والتي يجب أن يتبعها البائع مع المشتري، والمدير مع الموظف، والغني مع الفقير، والموظف مع زميله، الطبيب مع مريضه، السجان مع نزيله، والزوج مع زوجته التي يجب أن يفاجئها بما لا يخطر على بالها، وأن يمتد هذا الفهم العميق إلى عامة الناس الذين يجب أن يجبروا خواطر بعضهم البعض كلما مرت بهم ظروف إنسانية أو اقتصادية بالغة التعقيد كالتي تشهدها البلاد في الوقت الراهن، والتي تتطلب من الأغنياء التصدق مما اعطاهم له الله، وذلك بتسديد ديون دكاكين الأحياء، وهنالك طرق كثيرة تقود لـ(جبر الخواطر).

وبالمقابل هنالك (ﻛﺴﺮ ﺍﻟﺨﺎﻃﺮ)، والذي يمارسه البعض بشكل شبه يومي دون دراية بما يسفر عنه، فقد تجد إنساناً مبتدئاً في حياته ولا يجيد ادقان العمل الملكف به، لذا على من سبقه توجيهة إلى أن يحقق النجاح، وبالتالي يجب أن لا (نكسر خاطره)، لأن كسر الخواطر يؤدي إلى الكراهية، وإذا كنت تريد الابتعاد عنها يجب أن نأخذ العبرة من الإمام أحمد بن حنبل الذي كان يدعو لابا ﺍﻟﻬﻴﺜﻢ، وعندما سمعه نجله سأله من ﻫﻮ (ﺃﺑﺎ ﺍﻟﻬﻴﺜﻢ)؟ ﻗﺎﻝ ﻟﻪ : ﻋﻨﺪﻣﺎ تم إبداعي في السجن، طلب مني سجاني أن اتهيأ للجلد ضرباً بـ(السياط)، عندها شدني ذلك الشخص من ثوبي، وعندما ألتفت إليه قال : (أتعرفني)؟ أجبته بالنفي، فما كان منه إلا وقال : (أنا ابوالهيثم العيار اللص الطرار، ﻣﻜﺘﻮﺏ ﻓﻲ ﺩﻳﻮﺍﻥ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺃﻧﻲ ﺿُﺮﺑﺖ ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ ﻋﺸﺮ ﺃﻟﻒ ﺳﻮﻁ، ﻭﺻﺒﺮﺕ على ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻣﺘﻌﺘﻬﺎ، ﻓﺎﺻﺒﺮ ﺃﻧﺖ على ﺍﻟﺴﻮﻁ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺪﻳﻦ)، فكانت ﺗﻠﻚ النصيحة دافعاً ﻟﻺﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ للصبر على (التعذيب) من السلطان، وكان كلما شعر بالتعب ﺗﺬﻛﺮ ما نصحه به اللص، مما جعل كلماته تجبر خاطره طوال بقائه خلف القضبان الذي صبر فيه، فكانت له معيناً حتي نصره الله سبحانه وتعالي على الظلم.

🛑 Awtar Alaseel news  https://www.facebook.com/groups/sraj2222/


🛑 alarisha news 

http://alarisha.net/wp-admin/customize.

ليست هناك تعليقات:

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...