...
إن عدم التبشير بجائحة (كورونا) تجلي في موجتها الأولي، مما كادت أن تعصف بالعالم أجمع، والتي على إثرها دب الخوف والهلع في نفوس سكان العالم الذين سيطر عليهم الذهول أكثر من عام، فأضحى البعض منهم يتعامل مع الجائحة على أساس أنها حقيقة وخطيرة، لذلك التزموا بالاشتراطات الصحية المتمثلة في التباعد الاجتماعي، ارتداء الكمامات وغسل اليدين وتعقيمها بالمطهرات إلا أنهم وفي ذات الوقت ينكرون وجودها تماماً، لذلك لم يلتزموا بالإجراءات الاحترازية لجائحة (كورونا)، وهذا الإنكار ساعد في انتشار فيروس (كوفيد-19) المستجد، والذي زادت في ظله حالات الإصابة والوفيات بالمرض، هكذا تباينت حوله الآراء، واختلفت من شخص إلى آخر، فهنالك من يرى أن (الوباء) لا يعدو كونه سوى (خرافة)، أو حرباً (بيولوجية)، وهذا التشتت في الآراء جعل الأغلبية العظمي لا تعي المخاطر المحدقة بها من كل حدب وصوب، خاصة وأن المرض خطير، قاتل وخفي، وعدم ذلك الإدراك جعل الجائحة تحصد عدداً من الأرواح في الفترة الأولي رغماً عن التشديد في التدابير الاحترازية الوقائية بالإغلاق الجزئي والشامل، والذي ما أن تم رفع قيوده، وعادت الحياة إلى مجرها الطبيعي إلا وظهرت النسخة الثانية الأخف عن سابقتها رغماً عن تحذيرات شديدة اللهجة تؤكد أنها الأشد قسوة وإيلاماً.
بالرغم من أن هناك دولاً عظمى تمتلك من الإمكانيات المادية والعلمية ما يؤهلها للقضاء على أي (الفيروس) إلا أن قدراتها تضاءلت تماماً، ولم تستطع المقاومة أو القضاء عليه، مما استدعي الكثير منها للإستسلام، خاصةً بعد أن أثبت العلماء فشلهم في إيجاد علاج ناجع له، مما جعل مصير الإنسان مرهوناً للإصابة، وفي حال عدم مقاومته للفيروس بالعلاج المتاح من (بندول) و(أكسجين)، فإن مصيره المحتوم الموت.
بالمقابل لا يوجد إعلام لتوعية وتبصير الإنسان بالمخاطر الناجمة عن الإصابة بالفيروس اللهم إلا بعد المبادرات ما بين الفينة والاخرى، وهذه المبادرات لم تكن في حجم ظهور وانتشار فيروس (كورونا) المسبب للموت في موجته الأولي والثانية، فالإعلام كان مركزاً على الصراعات السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية والفكرية هنا وهناك، ولم يلتفت إلى أهمية الالتزام بالإجراءات الاحترازية الوقائية لمنع الإنتشار السريع لفيروس (كوفيد-19) المستجد، والأغرب في هذه الأزمة استغلال البعض لها من الناحية الاقتصادية وتطويعها لتصب في صالح الكسب الرخيص، والذي أطل في إطاره (تجار الأزمات) ينهشون لحم المستهلك، مما اضطر الكثير من الأسر لبيع ومقايضة الاثاثات والأزياء مقابل الحصول على الغذاء والدواء.
إن ما جرى ويجري في إطار الأوضاع الاقتصادية الطاحنة، وفيروس (كوفيد-19) المستجد يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن الحكومية الانتقالية ليس من اهتماماتها معاش الناس، ولا تستشعر ما يمر به من ألم ومرارة، فارتفاع الأسعار مع إشراقة كل صباح لا علاج لها، وكذلك الوباء، وبالتالي يجد نفسه محاصراً بالظروف الاقتصادية من جهة، والفيروس من جهة أخرى.
ووسط ذلك الرعب الذي يعيشه العالم ساد الناس ذهولاً وخوفاً لعدم قدرة السلطات المختصة على السيطرة على الجائحة بالتدابير الاحترازية الوقائية الحازمة والرادعة، ويضاعف من المخاوف الأوضاع الاقتصادية الطاغطة جداً لإنسان السودان.
لا يدري كيف قررت ولاية الخرطوم فتح المدارس، ومنعت في ذات الوقت التجمعات، وإقامة الحفلات في صالات الأفراح والمرازع؟ هل هدفها الرئيسي حماية الإنسان من الفيروس رغماً عن الاستثناءات لأفراد دون آخرين!
يبدو أن قرارات والي ولاية الخرطوم القاضية بفتح المدارس وبمنع التجمعات وإقامة الحفلات غير مدروسة من حيث إدراك الأوضاع الاقتصادية المذرية وخطورة فيروس (كورونا) القاتل، مما جعل إنسان السودان أمام اختبار حقيقي يتطلب التكاتف، التعاضد وتضافر الجهود من أجل تجاوز الأزمات المطلة في المشهد يوماً تلو الآخر، لذلك يجب أن لا تكون القرارات في مثل هذه الظروف أحادية، فالكل مسؤول على اختلاف الأجناس، التوجهات، والافكار حتى لا تقتصر القرارات المتعلقة بالعامة على مجموعة بسيطة، وهي التي تقرر في مصير الأغلبية بما تراه متماشياً مع سياستها، فما الذي يمكن أن يقدمه الإنسان لبلد تجاوز عطاؤه من يديره من فشل إلى آخر؟!
مما لا شك فيه، فإن البلدان ليست بحاجة لقرارات يصدرها هذا وذاك بقدر ما أنها في حاجة ماسة إلى أن تكون تلك القرارات متوافقة مع الجميع دون استثناء.
🛑 Awtar Alaseel news https://www.facebook.com/groups/sraj2222/
🛑 alarisha news
http://alarisha.net/wp-admin/customize.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق