الخميس، 31 أكتوبر 2019

مساومة قبلية تعقد مصير سودانيين مختطفين في ليبيا


المجموعة المسلحة الليبية ترهن مصير الشباب السودانيين بقضية شقة شمبات الشهيرة
الرهائن السودانيين ظهروا في مقطع فيديو جديد يناشدون الفريق اول حميدتي
بعد مرور عام تقريباً عادت المجموعة الليبية المسلحة للمساومة بين السودانيين المحتجزين لديها، والمتهمين الليبيين الملقي عليهم القبض في جريمة قتل شقة (شمبات) الشهيرة، والتي أثارت قضيتها ردود فعل كبيرة لبشاعة الجرم المرتكب في حق الضحايا.
وجاء مقطع الفيديو الجديد صادماً إذ أنه أظهر الشباب السودانيين في موقف صعب جداً حيث أن الخاطفين يصوبون نحوهم السلاح مع التلويح بإطلاق الأعيرة النارية عليهم.
وقالت أسر الشباب المأسورين  جنوب ليبيا منذ عام تقريباً دون أن يجدوا حلا يفك أسرهم ويعيدهم إلى بلادهم، بعد أن ظل الشباب السودانيين يرزحون تحت رحمة من بيده السلاح.
 وقال محمد الأمين خال المحتجز محمد عبد الباقي مرجي البالغ من العمر (عشرون عاماً) : منذ بث مقاطع الفيديوهات التي تظهر أبنائنا المخطوفين لا ينقطع الزوار عن منزل أسرته بالجزيرة.
وأضاف : ابن اختي شد الرحال إلى ليبيا قبل عام من أجل تحسين أوضاعه وأوضاع أسرته الاقتصادية إذ أنه العائل الأوحد لأسرته المكونة من بنتين وخمسة أولاد، جميعهم يدرسون في مراحل دراسية مختلفة.
وأردف : بدأت قصة (محمد) مع ليبيا منذ اللحظة التي تكبد في إطارها المشاق، إذ أنه سافر إلى هناك عبر البر.
ومضي : عندما داهمت المجموعة المسلحة الليبية المكان الذي كان فيه ابن اختي (محمد) كان هو طريح الفراش مصاباً بالملاريا، وكان أن انتزعوا من يده محلولاً وريدياً كان يتلقاه، ومن ثم اقتادوه إلى مكان مجهول مع بقية الشباب السودانيين.
فيما طالب الشباب المأسورين جنوب ليبيا الفريق أول محمد حميدان حميدتي دقلو نائب رئيس المجلس السيادي، وقائد قوات الدعم السريع التدخل  السريع لكي يفك الخاطفين الليبيين إسرهم الذي مر عليه عاماً تقريباً، ومع هذا وذاك ناشد أهالى الضحايا السودانيين أسر ضحايا شقة (شمبات) الشهيرة بالعفو عن الجناة حتي تطلق المجموعة الليبية المسلحة أبناءكم السودانيين المحتجزين جنوب ليبيا منذ عام تقريباً.
وأبدي البعض تخوفهم من أن  ينفذ الخاطفين تهديدهم بتصفية الرهائن في حال تم تنفيذ الإعدام في المتهمين الليبيين المتورطين في جريمة قتل.
ووجه أهالى السودانيين الذين تم اختطافهم غرب مدينة (سبها) بليبيا نداء استغاثة إلى أسر ضحايا شقة (شمبات) الشهيرة بالاستجابة إلى العفو عن الجناة الليبين حتي يتم إطلاق سراح ابناءهم الذين ظلوا في الاحتجاز منذ عام تقريباً، خاصة وأنهم يعيشون أوضاعاً سيئة ومذرية على خلفية مشاهدتهم للمخطوفين عبر مقاطع الفيديوهات التي درجت المجموعة الليبية المسلحة على بثها ما بين الفينة والاخرى لممارسة المزيد من الضغوطات، والتي على إثرها لم يتلقوا اية تطمينات على ابناءهم أو تمكنهم من التواصل مع المجموعة الليبية المسلحة، مما قادهم إلى أن يركنوا لحالة يرثي لها، لذا ناشدوا أسر الضحايا السودانيين الذين قتلوا داخل شقة شمبات الشهيرة.
بينما أظهرت سلسلة مقاطع فيديوهات قصيرة المجموعة الليبية المسلحة، وهي تظهر الشباب السودانيين مكبلين بالسلاسل والأغلال الحديدية، مما جعل حركتهم محدودة من مكان إلى آخر، وهذا أن دل على شيء، فإنما يدل على أن المجموعة الليبية المسلحة منظمة تنظيماً دقيقاً ويتضح ذلك بجلاء من خلال إنتاجها فيديوهات بحرفية وتقنية عالية جداً، ومن ثم يتم بثها عبر (الفيس بوك) لممارسة ضغوطات علي أسر الضحايا الذين أطلقوا صرخات استغاثة إلى الحكومة والشعب السوداني وخصوا بها أهلهم في ولاية الجزيرة التي ينحدرون منها.
وأوضحت مقاطع الفيديوهات الشباب السودانيين الذين تم اسرهم في ظروف غامضة بعد أن اضطرتهم الأوضاع المعيشية في بلادهم للبحث عن عمل يكفلون من خلاله عوائلهم المغلوب على أمرها.
وفي ذات الإطار قالوا : بدأت قصة الاختطاف عندما جاء مواطناً ليبيا من مدينة (الكفرة) إلى مناجم الذهب بمنطقة (كلمنجة)، ووجه سؤالاً إلى من يعملون في تلك المنطقة، هل هنالك أي سوداني تربطه صلة بأي مسؤولين في الحكومة السودانية حتي يساعدني في إطلاق سراح نجلي (محمود) الذى يواجه تهمة القتل العمد في الخرطوم، وذلك على خلفية اتهامه بإرتكاب جريمة قتل بشعة شهدتها شقة تقع في منطقة (شمبات) الواقعة شمال مدينة الخرطوم بحري، وتصل التهمة الموجهة إليه حد الاعدام شنقاً حتي الموت، وهو الآن مودع في أحد السجون السودانية، إلا أن والد المتهم الليبي (محمود) وجد شباباً سودانيين بسطاء يتخذون التجارة، والتنقيب عن الذهب عشوائياً عملاً لهم.
وأضافوا : نفس الليبي الذي يبدو عليه أنه ينتمي إلى قبائل (التبو) توجه في اليوم التالي مباشرة إلى مكان إقامة السودانيين، واصطحب معه شاباً سودانياً إلى جهة مجهولة، ومر علي اقتياد ذلك الشاب السوداني أسبوعاً من تاريخه ثم جاء بعد ذلك ترافقة مجموعة ليبية مدججة بالأسلحة الخفيفة والثقيلة ليتم اختطاف شباباً سودانيين آخرين.
وبالانتقال إلى قصة الشاب المخطوف محمد عبدالباقي نجد أنه شد الرحال إلي مناطق التعدين عن الذهب بالحدود الليبية قبل أن يبلغ من العمر عشرين عاماً، وهو يعتبر أكبر أشقائه والعائل الأوحد لأسرته المكونة من (١٠) أشخاص، هاجر بحثاً عن سبل حياة معيشية كريمة، وذلك في ظل ظروف اقتصادية قاهرة تمر بها البلاد منذ سنوات وسنوات، ويدرس في تلك الظروف الاقتصادية بالغة التعقيد أشقائه في مراحل تعليمية مختلفة.
ومضت أسرته  : (محمد) منذ صغره كان مهموماً بالأوضاع الاقتصادية لأسرته حيث عمل في مجال بيع (الصحف) السودانية بالخرطوم ثم عمل سائقاً لـ(ركشة) إلا أن هذه المهن لم تكن تسد العجز المالي لأسرته مما حدا به أن يهاجر إلى ليبيا، رغماً عن علمه التام بخطورة الأقدام على هذه الخطوة خاصة وأن ليبيا تشهد أوضاعاً أمنية غير مستقرة، وذلك منذ أن تمت الإطاحة بالرئيس الراحل (معمر القذافي) إلا أن البحث عن الحل لم يترك له فرصة التفكير في خطورة المكان، وما يمكن أن يوول إليه مصيره في المستقبل، فليس أمامه حلاً غير أن يبحث عن طوق للنجاة من (الفقر).
والتحق (محمد) بأبناء منطقته الذين ينقبون عن الذهب في منجم (كلمنجة) الواقع على الحدود المثلثة ليبيا وتشاد والنيجر، إذ بدأ مشوار الأغتراب بالعمل في أحد المحلات التجارية الخاصة ببيع الأزياء الرجالية، وما بين الفينة والآخري يتسلل إلى منطقة (الكفرة) الليبية لإحضار بعض البضائع، وكان (محمد) قد أطل على مشهد الرأي العام برفقة (8) من الشباب الذين تعود جذورهم لولاية الجزيرة وسط السودان، وهم مقيدين بالسلاسل والأغلال الحديدية، ويظهر خلفهم أفراد من المجموعة الليبية المسلحة بالبزات العسكرية، ويحملون في ذات الوقت أسلحة (خفيفة) و(ثقيلة).
إما الشاب المحتجز سيف الدين محمد بدوي، فهو يعتبر الابن الوحيد في أسرته، إذ أنه سافر إلى ليبيا باحثاً عن أوضاع اقتصادية أفضل تسهل لشقيقاته الأناث مواصلة دراستهن، إلا أنه لم يكن يدري أن مصيره سيكون مبنياً على المجهول، ويقع ضحية للمجموعة الليبية المسلحة.
وفي هذا الجانب ناشد أهالي الضحايا أسر ضحايا شقة (شمبات) التي شهدت أبشع جريمة قتل تمر على مدينة الخرطوم، مؤكدين بأن أبنائهم ليس لهم ذنباً فيما جري، فهم جميعاً أجبرتهم الظروف الاقتصادية على السفر إلى ليبيا بعد أن كانوا يعملون في بعض المهن البسيطة في السودان، وذلك من أجل مساعدة أسرهم والتكفل بنفقات تعليم أشقائهم.
من جانبها حرصت المجموعة الليبية المسلحة على تصوير الرهائن السودانيين في مقاطع فيديوهات أثناء تعذيبهم في منطقة صحراوية قاحلة مع حراسة مشددة من قبل بعض المسلحين، ثم منحوا كل شاباً من أولئك الشباب فرصة لمناشدة الحكومة السودانية من أجل الاسراع بفك اسرهم، وظلوا في كل مقطع فيديو من الفيديوهات التي يبثونها يتيحون للضحايا فرصة التعريف بأسمائهم والمناطق التي ينحدرون منها، ويلقون باللائمة على قنصل السودان بالعاصمة الليبية (طرابلس) أبان نظام الرئيس المخلوع عمر البشير لعدم الاستجابة لاتصالاتهم به، علماً بأن المجموعة الليبية المسلحة لم تطلب (فدية) نظير إطلاق سراح المعتقلين السودانيين الذين ظلوا يتعرضون للتعذيب والضرب، فضلاً عن إجبارهم على الركض في الكثبان الرملية، مع إطلاق أعيرة نارية في الهواء، وهكذا هي مقاطع الفيديوهات تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أنهم يعيشون أوضاعاً إنسانية (حرجة)، وتوضح أن المحتجزين لدي المجموعة الليبية المسلحة ثمانية سودانيين تم أسرهم كرهائن من قبل قبائل (التبو) جنوب ليبيا، وهم لا يطلبون مقابل إخلاء سبيلهم (فدية) مالية، إنما يرغبون في التفاوض مع مسؤول سوداني رفيع في قضية مجزرة شقة (شمبات) الشهيرة المتهم فيها (محمود) الليبي الذي ينتمي إلى تلك العشيرة، التي تساوم مقابل إخلاء سبيل السودانيين بإطلاق سراح الليبيين المتهمين في قضية شقة (شمبات) السبب الرئيسي وراء اختطاف الشباب السودانيين.
في سياق البحث عن الأسباب التي أدت إلى اختطاف الشباب السودانيين كتب الليبي عبدالحكم بلقاسم منشوراً عبر موقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) يبعث من خلاله برسالة إلى قاضي المحكمة السودانية التي تنظر في قضية شقة (شمبات) الشهيرة مشيراً إلى محاكمة الليبي (محمود أوشي)، والذي يواجه الاتهام بالإعدام شنقاً حتي الموت في قضية شقة (شمبات) التي راح ضحيتها سودانيين بصورة أقل ما توصف به أنها بشعة جداً، وقد هزت الرأي العام السوداني على أساس أنها من الجرائم الدخيلة على المجتمع السوداني، والذي لم يألفها قبلاً، وبالتالي أشار الشخص الذي يبدو أنه ليبي إلى أنه من عائلة المتهم (محمود أوشي)، مؤكداً أنه ينتمي لقبائل (التبو) عشيرة (أوشي).
وأضاف : إن المجموعة الليبية المسلحة المعتقلة للسودانيين الثمانية ترغب في إبرام إتفاق يقضي بتبادل السودانيين المحتجزين نظير المتهمين الليبيين الذين تعود جذورهم إلى جنوب ليبيا.

وجزم شاهد عيان بأن الخاطفين من إحدى القبائل الليبية واسعة النفوذ في منطقة المنجم، وهم لا يريدون فدية مالية، لكنهم - بحسب أقرباء للخاطفين- يعتزمون مساومة الرهائن بأحد أبنائهم الموقوف في جريمة قتل اهتزت لها الخرطوم قبل أشهر وراح ضحيتها اثنان من تجار العملة، عبر قتلهم وتقطيع أوصالهم.

اصطياد (اصلة) يتجاوز طولها خمسة أمتار بـ(حجر العسل)


وضع أهالى من منطقة (حجر العسل) بولاية نهر النيل شمال السودان تفاصيل اصطيادهم لاصلة ضخمة جداً، ويصل طولها حوالي خمسة أمتار ونصف المتر.
 وتشير الوقائع إلى أن الأصلة شكلت خطراً على حياة سكان منطقة (حجر العسل) وروعت الناس هناك، بالإضافة إلى أنها قضت على عدد من الأغنام والماشية بالمنطقة.
 فيما قال محمد فضيل عوض الله الذي تمكن من اصطياد الأصلة المعنية : إن الأصلة حجمها كبير جداً، وبما أنها ظلت تشكل خطراً داهماً على الأهالي والماشية قررت أن أتابعها متابعة دقيقة إلى أن استطعت اصطيادها بصورة غاية في الصعوبة.
وأضاف : إن القضاء على الاصلة  أراح المواطنين بالمنطقة من شرها.
بينما أشاد علي بخيت الرقيب معاش بالقوات المسلحة بالجهود التي بذلها  (محمد فضيل) مؤكداً أنه افتخار واعزاز لسكان المنطقة بما قام به من عمل يندرج في إطار الإنسانية، إذ أنه بث الطمأنينة في نفوس ناس منطقة (حجر العسل).

الاثنين، 28 أكتوبر 2019

*سراج النعيم يكتب (أوتار الأصيل) : ﺍﻟﺨﻮﻑ ﺟﺰﺀ ﺃﺻﻴﻞ ﻣﻦ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺘﻨﺎ

*
.............
ﻛﻠﻤﺎ ﻓﻜﺮ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ الإشكاليات التي تعتريه يبدأ الخوف في تملك دواخله، وربما يركن إليه بالرغم من أنه المصير المحتوم الذى ينتظره، ولا سيما فإنه مصير مجهول، نعم مجهول يحاول من خلاله تجنب ذلك الإحساس، فالإحساس به مخيف ، مرعب ويؤدي بلا شك إلى التفكير في إنكار تلك الحقيقة، وهذا الإنكار يقود الإنسان إلى المزيد من الخوف ، القلق، التوتر والمرارات، فتصبح النفس الإنسانية صغيرة أمامه، والذى يبدأ في التعمق تدريجياً ثم يكبر ويكبر إلى أن يصبح مع مرور الأيام خطراً داهماً على حياة الإنسان، فتقل معه درجات التفكير، مما يقود إلى فقدان القدرة على مجابهة الخوف الذي سيطر على فكره، وبالتالي يجعله ضائعاً ما بين التفكير، وإهدار الطاقة النفسية، فينتج عن ذلك شعور بالدونية، شعور يدفع المفكر إلى الفشل مهما كان ناجحاً، فلا تجديه محاولات تظاهره أمام الناس بالقوة، فلا يمكنه الصمود طويلاً ، لماذا؟ ربما لأن الخوفه مبني على اختلاف وجهات نظر أفراد المجتمع، وهذه تختلف من شخص.. إلي آخر.. ما يزيد من المخاوف، فيضطر إلى تجنب الالتقاء بالناس، خاصة في محيط الأسرة أو خارجها، كما أنه يتجنب مواقف تصحي في دواخله الخوف، والذي يبدأ صغيراً ثم يكبر ويكبر ويكبر في خياله إلى أن يصبح أكبر بكثير من إمكانياته ومقدراته، خاصة وأن الإنسان لديه طاقة محدودة، ولا تستطيع أن يقاوم ذلك الخوف، مما يؤكد أنه جزء ﺃﺻﻴﻞ ﻣﻦ التكوين الإنساني، وبالتالي لا يمكن إنكاره خاصة حينما ينحصر التفكير في ﺗﺠﺎﻭﺯ ﺍﻹﺣﺴﺎﺱ به، فالإحساس به ربما يكون ﻟﻈﺮﻭﻑ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ، ﺃﻭ دواعي أﻣﻨﻴﺔ، ﺃﻭ ﺇﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ، ﺃﻭ ﺇﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، أﻭ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺔ، ﺃﻭ.. ﺃﻭ.. ﺃﻭ… ﺍﻟﺦ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ وﺍلدوافع ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺇﻧﻜﺎﺭﻫﺎ ﻭكل ﻣﻦ يحاول إنكارها ﻳﻜﻮﻥ ﻛﺎﺫﺏ نعم ﻛﺎﺫﺏ وستين ألف ﻛﺎﺫﺏ، ومهما كانت محاولاته مستمرة للإنكار، فإنه يحس بالخوف يدب في دواخله، يحس به في حله وترحاله، والشواهد عليه كثيرة، وﻣﻦ تلك الشواهد قصة ﺍﻟﺴﻴﺪﺗﻴﻦ ﺍﻟﻠﺘﻴﻦ ﻗﺪﻣﺘﺎ إلى ﺳﻴﺪﻧﺎ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ، ﻭﻫﻤﺎ على خلاف حول طفل ﺭﺿﻴﻊ ﺍﺩﻋﺖ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣﻠﻜﻴﺘﻪ، مما حدا بسيدنا ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ أﻥ يحضر ﺳﻜﻴﻨﺎً ﻳﻬﺪﻑ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺋﻬﺎ لاخافة أم الطفل الحقيقية بادعاء تقسيم ﺍﻟﻄﻔﻞ ﺍﻟﺮﺿﻴﻊ ﺇلى ﻧﺼﻔﻴﻦ، ﺗﺄﺧﺬ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪﺓ منهما النصف، ﻭﻣﺎ ﺃﻥ شرع ﻓﻲ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﺇﻻ ﻭﺻﺮﺧﺖ ﺍﻷﻡ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ، مؤكدة أنها ﺗﻨﺎﺯﻟﺖ للاخري عنه خوفاً عليه من القتل، وبهذه الصرخة تأكد إلى سيدنا ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺑﺄﻥ السيدة المتنازلة ﻋﻦ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﻫﻲ الأﻡ الحقيقية، أليس في هذه ﺍﻟﻘﺼﺔ عظة وعبرة ﺗﺆﻛﺪ بما لا يدع مجالاً للشك بأن ﺍﻟﺨﻮﻑ حقيقة لا يمكن للإنسان ﺇﻧﻜﺎﺭها، وأن الخوف موجود ﻓﻲ ﺩﻭﺍﺧﻞ ﻛﻞ ﻣﻨﺎ وللخوف أﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺨﻮﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺕ، الخوف من ﺍﻟﻤﺮﺽ، الخوف من اﻟﻔﻘﺮ، الخوف من ﺍﻟﻌﻮﺯ، الخوف من السلطان، و.. و.. و…الخ، وفي ظل ذلك يبقي اﻟﺨﻮﻑ عاملاً ﺃﺳﺎساً ﻣﻦ حيث تشكيله قوة الإنسان في ﺗﻔﻜﻴﺮه، إيمانه وإرادته، ولكن الإحساس بالخوف يفقد الإنسان للثقة ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ ويضعف ﻳﻘﻴﻨﻪ ويفقده اﻷﻣﻞ كيف لا؟؟ والخوف رﻓﻴﻖ الإنسان ﻣﻨﺬ ﺻﺮخة الميلاد ﺍﻷﻭﻟﻲ، إذ أنه يشعر به، لذلك أرجو أن تشفقوا على من يتملكه الخوف، وأن لا نحمله ﻓﻮﻕ ﻃﺎقته، ﻓﻤﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺃﻥ ﻳﺨﺎﻑ الإنسان فلماذا الاندهاش في زمن لم يعد فيه للاندهاش مساحة فارغة خاصة وأن نظام الرئيس المخلوع عمر البشير ملأ كل المساحات الفارغة بالدهشة على مدي ثلاثين عاماً حتى أن الأحداث أصبحت لا تستحق الاندهاش، وذلك من كثرة ما اندهشنا، وعليه فقدت الكلمة معناها، مضمونها وجوهرها، ولم يعد لها حيزاً في واقعنا المرير، واقعنا الذي كان يحكمه الخوف من ماذا؟ لا أدري ولكن الإجابة المتوقعة ببساطة شديدة الخوف من كل شىء الخوف من ألسنة الناس، الخوف من نظرات المجتمع، الخوف من اليوم، الغد.. والخ، وفي ظل هذه المخاوف لا نفكر في الخوف من الله سبحانه وتعالي بالرغم من أنه وضع في داخل الإنسان هذا الخوف، وضعه منذ صرخة الميلاد الأولي وجعله ينمو ويكبر معه يوماً تلو الآخر، وكلما مر الإنسان بأزمة من الأزمات أو بموقف من المواقف بغض النظر عما كان الموقف كبيراً أو صغيراً فإنه يجد نفسه مضطراً إلى التحليل، التخمين، التكهن، الاستنتاج وإدارة الحوارات حول الإشكاليات بحثاً عن مخرج، وأي مخرج ينتظره في هذا اليوم أو الغد أنه لم ولن يجد ذلك المخرج، وبالتالي يستسلم نسبة إلى أن قدراته على المقاومة أضعف من كل المخاوف، ما يجعله يتفاجأ بأن الخوف يعتريه بلا طعم، بلا رائحة، بلا شكل، بلا لون، هكذا هو الخوف يدفعه دفعاً إلى أن يطوع ذاته للاستشعار والبحث بالايحاءات والايماءات.. ولكن ما النتيجة؟، لا شىء محسوس، لا شىء يشير إلى حقيقة غير الخوف الذي يسيطر على حياة الإنسان دون أن يراه، وهكذا يكتشف الإنسان أن ما يبحث عنه غير موجود، وكلما فكر فيه يجد أنه مفقود، مفقود، وهكذا يقود الخوف الإنسان إلى التفكير السالب، وفي كثير من الأحيان لليأس، للظلم، للألم، للمرارات.. والخ من الاحاسيس السالبة، فالخوف يزيد من حاجة الإنسان للاطمئنان، والذي بدونه تكون الحياة بلا كبرياء، بلا كرامة، ولكن هل من السهل الحصول على الاطمئنان في حياة مليئة بالتعقيدات المركبة؟ الإجابة لا وبما أن الإجابة لا سيظل الإنسان عائشاً في الحياة بكل تعاسة وألم، حزن، جراح ومرارات، هكذا يجد الإنسان نفسه ملكاً للشعور بالخوف، فيفقد الأمل، ويفقد عزته، فيما يشعر بالقهر والإزلال، وما أصعب أن يقهر الإنسان في وطنه ووسط أهله وأصدقائه وزملائه الذين يفكر فيهم من حيث النقد الذي ينتظره، فالنقد الذي يبدأ من أقرب الأقربين، ثم تتسع رقعته لتمتد إلى الصحافة الورقية والإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي ويتركز النقد في إلقاء اللوم علي الضحية، ومن ثم تبدأ مجالس المدينة في مناقشة ما حدث بمعرفة أو بغيرها، فالكل يريد أن يدلي بدلوه حتى لا يكون خارج الصورة، وليس مهما معرفة الجانب النفسي لمن نوجه له أو لها النقد، وما الذي يترتب عليه ذلك النقد من نتائج في المحيط الأسري أو المجتمعي داخلياً أو خارجياً خاصة وأن تركيبة الإنسان تهاب النقد و( كلام الناس)، مما يجعل الجميع يتجنب إيقاع أنفسهم فيما يقودهم إلى النقد حتى لا يكونوا مادة خصبة للصحافة الورقية والإلكترونية ووسائط (العولمة) المختلفة الأسرع انتشاراً ما يسهل للآخرين أبدأ آرائهم الإيجابية والسلبية، وبالتالي تجد أن لديهم القابلية لتقبل كل ما هو مطروح أن كان صحيحاً أو خاطئاً لذا تجدني دائماً ما أبحث عن العقلاء والمفكرين كلما حدثت أزمة من الأزمات بحكم أن قرأتهم تختلف ولا ينجرون وراء ذلك التيار الجارف، لذلك لا احتفي بالنقد الذي يكتب في لحظة انفعال، لأنه يوقع كاتبه في الأخطاء الفادحة، ومثل هذا النقد يصعب تداركه، فهو مثل الطلق الناري حينما يخرج من سلاحه، وليعلم كل هؤلاء أو أولئك بأن للخوف أنواع ﺗﻤﻸ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺗﻠﻮﻧﻬﺎ بألوان مختلفة ﻭتصبغها ﺃﺻﺒﺎﻏﺎً ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ، وعليه فإن كل ما يفعله الإنسان في حياته قائم على ﺍﻟﺨﻮﻑ إلا من كان إيمانه وإرادته قويتان ويستطيع من خلالهما أن يزيل كل مخاوفه، وأن يضع حاجزاً يقف حائلاً بينه وبينها.

سراج النعيم يكتب : الإحساس بالخوف حد القلق


إن الإحساس بالاطمئنان في ظل أوضاع سياسية، اقتصادية واجتماعية مذرية لا يمكن توفره إلا إذا زالت الأسباب، فالخوف من المستقبل عاملاً أساسياً في جعل ذلك الإحساس ممكناً، فضلاً عن الحياة تصبح في نظر الإنسان مظلمة، وبالتالي المرء في بحث دءوب عن الاطمئنان في كل سكناته وحركاته، ولو اضطره ذلك لأن يشد الرحال إلى أبعد مكان في العالم، فالإحساس بـ(الخوف) له الكثير من الآثار النفسية، مما يجعل الإنسان قلقاً ومتوتراً، وتعتليه الشكوك والظنون، ولاسيما تجده دائماً في حالة من الضيق.
وبما أن الخوف جزء لا يتجزأ من الإنسانية، فإنه يصبح مع مرور الأيام، الشهور والسنين أزمة من الأزمات في العصر المتسارعة مجريات أحداثه بشكل يومي، ومما لا شك فيه فإن عوامله كثيرة كالضغوطات الحياتية وأبرزها الظروف الاقتصادية (القاهرة) التي تلعب دوراً كبيراً في محيطه الأسري، العمل والمجتمع، وبالتالي فإن إحساس (الخوف) يدفع دفعاً إلى الفشل الذريع.
فيما تتنوع أسباب الخوف من إنسان إلى آخر، فهنالك من ينشأ في دواخله منذ نعومة أظافره، ومن ثم يبدأ في الازدياد يوماً تلو الآخر، وذلك من واقع مواقف قاسية يمر بها في حياته، وقطعاً لها أسباب نفسية مندرجة في هذا الإطار، وبالرغم عن ذلك هنالك من يستطيع التقلب عليها، وتجاوز عواملها المعترضة طريقه على مدي سنواته المتمرحلة، وبالمقابل هنالك من لا يستطيع التخلص منها، فيجد نفسه محاصراً به من كل حدب وصوب، هكذا يستمر معه ذلك الإحساس بالخوف، والذي يشعره في كثير من الأحيان بحالة من (القلق)
لعدم قدرته على تجاوز ما يمر به من مواقف صعبة، ما يفضي في نهاية المطاف لعدم التفكير الإيجابي في (الحاضر) و(المستقبل)، ولا سيما فإنه نابع من ركون الإنسان للخوف حد القلق، والذي لا يدع مجالاً لإيجاد الحل، والانتقال إلى مرحلة الاطمئنان، وبالتالي إذا استمر الإنسان على ذلك النمط فإنه سيصل إلى مرحلة الإصابة بـ(الاكتئاب).
دائماً ما ينتج عن الخوف تفكير سلبي فيما حدث وسيحدث آنياً وفيما بعد، وهو إحساس يولد في دواخل كل إنسان قلقاً يقوده لطرح الأسئلة حول الأيام المقبلة، وما كيفية تخطي متاريس تعترض طريقه حاضراً ومستقبلاً، خاصة وأن الأوضاع الاقتصادية في البلاد بالغة التعقيد، وتؤثر في الإنسان المهيأ أصلاً للخوف من المصير الذي يؤول إليه وأسرته من تفكك، وهو الإحساس الأكثر تأثيراً في الحياة.
ومن المؤكد جداً أن (الخوف) ينبع لدي البعض من فقدان الثقة في النفس، ويتدرج معهم في كل مراحل حياتهم، وإذا لم يستطعوا انتشال أنفسهم أو إيجاد من يساعدهم، فإن معاناتهم ستكون اشد قسوة وإيلاماً، خاصة إذا كانوا يشعرون بأنه ليس هنالك بارقة أمل في الانتقال إلى الأفضل.
يبقي الإحساس بالخوف قاتلاً يسيطر سيطرة تامة على تفكير معظم الذين يمرون بمواقف صعيبة وضغوطات اقتصادية واجتماعية، لذا يجب على من يحس بالخوف الإسراع للذهاب للطبيب المختص حتى يتمكن من تجاوز المرحلة (الحرجة) بالإرشادات نحو الإيجابية، خاصة وأن الخوف الزائد يؤدي للإصابة بمرض (الاكتئاب)، لذلك يجب على الإنسان الذي يلازمه الإحساس بالخوف حد القلق أن يقابل الطبيب للتخلص منه في مراحله الأولي، وذلك قبل أن يستفحل، ويصبح مع مرور الزمن جزء لا يتجزأ من تكوينه.
من المعروف أن خوف الإنسان يعتبر هاجساً يشكل علامة فارغة في حياة كل من يـتأثر به، وﻻ يخلو من القصص المؤثرة، مما ينتج عنه الاعتمال في دواخل الأشخاص، خاصة وأن الدلائل تمضي بالإنسان نحو التفكير في المستقبل، والذي يرسم خارطة طريق من الصور، المشاهد والأشكال السالبة والموجبة.
بينما تعدد أسباب الخوف القائمة على ﺍﻟﻔﻘﺮ المقدع، المرض، الموت، المصير المجهول، ﺍﻟﺤﺮﻭﺏ، ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ، ﺍﻹﺧﻔﺎﻕ وغيرها، وهي جميعاً توحي بأن الصور والمشاهد والأشكال المتنوعة ربما تكون صحيحة حسب التفكير، مما تؤدي إلى واقع ربما يكون مليئاً بالخوف، والذي هو أصلاً قد يكون متجذراً في بعض النفوس، وعليه فإن ما ذهبت إليه يقود الإنسان لعدم الطموح، الاستنتاج، ﺍﻻﻛﺘﺸﺎﻑ وﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ، ﻭﺇﻳﺠﺎﺩ ﺍﻟﺤﻠﻮﻝ ﻟﻸﺯﻣﺎﺕ المتتالية، وعندما يسيطر إحساس ﺍﻟﺨﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ فإنه يقتله في مهده ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻮﺍﺟﻪ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ الذي يركن إليه.
ومما أشرت له فإن على كل إنسان ينتابه الخوف أن لا يفكر فيه سلبياً، بل يجب أن يفكر ملياً في كيفية اجتثاته من جذوره حتى لا يكون (وهماً) يطوقه من كل ناحية، خاصة وأن كل إنسان يتجه على ذلك النحو فإنه يغرس الخوف غرساً في دواخله لدرجة أنه يخاف من كل شئ، لذا على أي إنسان النظر إليه بنظرة فاحصة لمعرفة حقيقته.

(شيخ ابوزبد) يجري عملية جراحية مثيرة لموسيقي شهير مصاب بـ(الغضاريف)



(سعيد طرمبة) يروي القصة المؤثرة للإصابة بالمرض الاغرب للخيال
........

العملية استغرقت دقائق وخرجت بعدها ماشياً على أرجلي
...........
جلس إليه : سراج النعيم
...........
كشف العازف المعروف سعيد عبدالرحمن محمد أحمد الشهير بـ(سعيد طرمبة)، البالغ من العمر (42) عاماً، عضو اتحاد الفنانين، العازف بالفرقة الموسيقية للفنان الكبير كمال ترباس، كشف تفاصيل مثيرة ومؤثرة حول علاج شيخ (للغضاريف) بطريقته الخاصة بمدينة (ابوزبد) بولاية غرب (كردفان) غرب السودان.
وقال : شعرت في بادئ الأمر بألم شديد في ظهري، لدرجة إنني لم أعد قادراً على الحركة بصورة طبيعية، ما حدا بي بداية رحلة البحث عن العلاج لدي الأطباء هنا وهناك، وفي عز ذلك الألم أخذت الكثير من الأدوية المسكنة (كبسولات)، (حقن) و(مراهم)، وهي جميعها كانت مجرد مسكنات للألم بشكل مؤقت، لذلك كان يعتريني خوفاً ويؤرقني هاجساً من (الغضاريف)، والتي يجب أن أهيئ نفسي لمعركة طويلة معها، والتي بدأت بالفحوصات، الصور المقطعية والتشخيصات، ثم الاستعداد التام للتدخل الجراحي، والذي لا أعلم مدي نتائج نجاحه.
هكذا روي الموسيقي (سعيد) قصته الأغرب للخيال مع (شيخ ابوزبد)، والذي قطع له مسافة طويلة جداً قائلاً : أولاً لابد من التأكيد أن التجربة علمتني معني الحياة، وأن لا أأيأس من رحمة الله سبحانه وتعالي، عموماً ارشدني صديقاً لي جزاه الله خيراً أن أشد الرحال من الخرطوم إلى مدينة (ابوزبد) حيث يوجد هنالك شيخاً يجري عمليات جراحية (للغضاريف)، ولا أنكر تخوفي من خوض التجربة المجهولة، إلا إنني بعد تفكير عميق في الفكرة، وما آلت إليه حالتي الصحية، ومع هذا وذاك توفر الإرادة والثقة لتلقي العلاج بأي شكل من الأشكال، لذا قررت أن أخوضها مهما كانت نتائجها النهائية، وعليه سافرت إلى هناك، وما أن وصلت إلا وأجري لي (شيخ ابوزبد) الفحوصات والتشخيصات بالطريقة التقليدية (شفوياً)، ومن ثم أجري لي العملية الجراحية التي لم تستمر زمناً طويلاً، وما أن أنتهي منها إلا وشعرت بأن آلام زالت، وعلى خلفية ذلك بدأت أتحرك بشكل طبيعي، وبعد أن مرت ثلاثة أيام اكتشفت أنني تماثلت للشفاء تماماً لدرجة إنني زاولت عملي مباشرة، كما عدت للعزف على آلتي الموسيقية مع الفنان الفخيم كمال ترباس.
واسترسل : قابلت الكثير من الأطباء، والذين بدورهم قرروا أن ألزم السرير الأبيض بالمستشفي بمدينة امدرمان لإجراء العملية الجراحية، وذلك على ضوء الصور المقطعية والتشخيصات التي أثبتت أن (الغضاريف) ضاغطة على العصب في الفقرتين الرابعة والخامسة من السلسلة الفقرية، وأثناء ما كنت طريحاً للفرش زارني صديق لي أكد أن لديه قريباً له يعالج (الغضاريف) في مدينة (ابوزبد)، وبما إنني كنت أبحث عن العلاج سافرت رغم آلام بالبصات السياحية حوالي الساعة الثانية صباحاً، ووصلت إلى هناك الساعة الخامسة صباحاً، وما أن استقر بي المقام في (أبوزبد) إلا وجاءني الأصدقاء أحمد آدم الصافي، الشيخ عجبنا ومبارك المنا مدير مكتب سفريات (عرجون)، بالإضافة إلى شقيقي وشقيقتي وزوجها وأبنها، وتوجهنا جميعاً إلى (شيخ ابوزبد)، والذي وصلته محمولاً على السرير، مما دفع مرضي (الغضاريف) الذين ينتظرون دورهم استثنائي، وكان أن قابلت الشيخ المعالج، وقبل أن اشرح له حالتي الصحية وفقاً للفحوصات والتشخيصات الطبية التي اجريتها في الخرطوم تفاجأت به يطلب مني (بياضاً)، فما كان مني إلا واعطيته عشر جنيهات، فأخذها ثم أعاد إلي خمس جنيهات، ثم سألني عن أسمي؟، ثم قال : (داير أشوف لك الخيرة أولاً)، ثم طلب مني عدم التحدث، والاكتفاء بالاستماع له فقط، وكان أن نفذت توجيهاته، وكان أن تحدث هو عن كل الوقائع المتعلقة بمرضي، وهي دون أدني شك صحيحة بما في ذلك الأطباء الذين التقيت بهم في الخرطوم، وأكد أن الألم الذي أشعر به يتركز في الفقرتين (الرابعة) و(الخامسة)، ومن ثم قرر إجراء العملية الجراحية، موجهاً إلي سؤالاً، هل أنت جاهز لهذه الخطوة؟، فقلت : نعم، ثم طلبت إحضار مبلغ إجراء العملية الجراحية، وكان أن سلمته له ثم بدأ فيها من خلال إدخال (إبرة) طويلة في (انفي)، ثم يطعنني بها في اتجاهات مختلفة دون (بنج)، ولكن لم أكن أحس بها رغماً عن نزف الدم الكثيف، وكل نقطة دم كانت تتجمد وتظهر سوداء، وما أن توقف النزف، إلا وضربي على (رقبتي) مرتين فنزفت للمرة الثانية دماً أسوداً وتجمد أيضاً، ثم قام شيخ ابوزبد بغسل (رأسي)، (انفي) و(وجهي) بمادة ما لم أعرف ما هي!، والتي بعدها (عطست) مرتين، ثم انتقل إلى مرحلة إجراء العملية الجراحية جالساً على (مصلاية)، فيما كنت أنا جالساً أمامه، وكان هو يرش على مادة ما، ويتحسس في ذات الوقت الفقرات الرابعة والخامسة من السلسلة الفقرية بـ(الجفط)، ومن ثم يضغط على المنطقة مرتين، وما أن أنتهي من هذه المرحلة إلا وقام بتخديري بـ(البنج الموضعي)، ومن ثم فتح المكان المحدد بـ(الطعانة)، والتي بعدها أدخل (الجفط) في المكان، بينما كنت أسمع شيئاً ما (يطقطق في ظهري)، وما أن مرت دقائق إلا واستخرج (الغضاريف) المتمثلة في ثلاثة عظام صغيرة الحجم، ثم عمل (الحجامة) في المنطقة، مما نتج عن ذلك حدوث نزف كثيف لدماء سوداء، ثم مسح منطقة الفقرتين الرابعة والخامسة من السلسلة الفقرية بـ(كريم)، ومن ثم رشها بـ(بخاخ)، وبعد ذلك طلب النهوض وقوفاً على ارجلى، فقلت : هل انتهيت، فقال : نعم، وكان أن تحركت من هناك إلى المنزل راجلاً بعد أن أتيت محمولاً على سرير، وهو ما جعلني ابكي بكاءاً شديداً، لأن الإحساس بالألم زال، وبعد ثلاثة أيام شددت الرحال من مدينة (ابوزبد) إلى الخرطوم.
وأضاف : حقيقة مازلت في ذهول ودهشة كبيرين من طريقة (الشيخ) في عالج الحالات المصابة بـ(الغضاريف)، وعلى هذا النحو بدأت قصتي التي لم استوعبها حتى الآن، إذ أن الألم الذي كان بسيطاً بدأ يزداد يوماً تلو الآخر إلى أن أصبحت عاجزاً عن الحركة، وكنت خلال ذلك أبحث بحثا مضنياً عمن يضع حداً لمعاناتي، المهم أنه وبإذن الله تعالى لجأت (للشيخ المعالج) الذي نجح في العملية الجراحية التقليدية بنسبة (100٪)، وهي العملية التي استخدم لها أدواته البسيطة، واتضح لي من تجربتي أنه يقوم باستخراج (الغضاريف) بيده من منطقة الظهر حتى لا يضغط على العصب، وهو ذات الأمر الذي يفعله الأطباء لدي أجرائهم للعمليات الجراحية.
وأردف : في رأي الشخصي أن الأسلوب الذي يستخدمه ذلك الشيخ في العلاج يعتمد اعتماداً كلياً على المهارة والفنيات في تحسس مكان الألم، لذا أنصح كل من يعانون من الغضاريف أن يخوض التجربة مثلما فعلت، وأتمني في ذات الوقت أن يعلم ذلك الشيخ الراغبين هذه الطريقة العلاجية الغريبة، العجيبة والمثيرة للاهتمام بما في ذلك الأطباء، فإنهم ودون أدني شك سيستفيدون من الفكرة الفنية التقليدية ذات الأبعاد والدلائل المهمة في حياتنا الإنسانية، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف العلاج في إطار ظروف اقتصادية (قاهرة).
وتابع : وخلال فترة مرضي حرصت على أن أثقف نفسي حول طرق علاج الام الانزلاق الغضرفي ، فوجدت أن هناك عدة طرق لعلاج الام الانزلاق الغضروفي مثل إجراء جراحة لإزالة الأجزاء الزائدة التي تضغط على الأعصاب، وهي الخطوة التي كنت متخوفاً جداً منها بعد أن نجاني الله سبحانه وتعالي من اللجوء إليها، كما أنه نجاني أيضاً من العلاج الطبيعي، أو تناول بعض المسكنات أو الأعشاب الطبيعية.
ومضي : كنت كسائر الناس أعتقد بشكل قاطع أن العلاج الوحيد لمرض (الغضروف) هو التدخل الجراحي، إلا أنني اكتشفت أنه اعتقاداً خاطئاً، فهو يهدف إلى تقليل الآلام والتنميل وضعف حركة الطرف، فهناك مراحل علاجية يمر بها الإنسان الذي يشكو من (الغضاريف) إلا وهي المسكنات والعلاج الطبيعي لتحسين الحالة، فإذا احس المريض بتحسن فإن في إمكانه الاستمرار، وإذا حدث العكس فإنه لابد من التدخل الجراحي.
فيما يري أطباء أن علاج (الغضاريف) لا يتوقف على تجربة واحدة ناجحة، لأنه وربما تكون آلام الظهر ناجمة عن (ميكروب) أو (التهابات) أو (انزلاق غضروفي)، وفي كثير من الأحيان يلجأ الأطباء للعلاج التقليدي باستخدام أنامل الأصابع لعلاج الانزلاق الغضروفي، إلا أن لكل حالة مرضية علاج يتلاءم معها، وبالتالي لا يمكن اعتماد طريقة بعينها في عملية علاج (الغضاريف)، وأن كانت هنالك تجارب ناجحة في بعض الأحيان، إلا أنه لا يصلح معها التعميم لكل الحالات، فهذا المرض في غاية الخطورة، والطريقة التي استخدمها ذلك الشيخ في علاج (سعيد طرمبة) يعتبرها بعض الناس طباً بديلاً إلا أن للطب البديل شروطاً وضوابطاً تحكمه ولا يحق لأي معالج تقليدي تجاوزها.
وأوضحوا : إن العلاج بـ(الأعشاب) للغضاريف لم يثبت من الناحية العلمية، وحينما يفعل أي مريض ذلك فإنه يرمي إلى تقليل الآلام فقط، أمثال هؤلاء أنصحهم بأن يعرضوا أنفسهم على أطباء العلاج الطبيعي ليحددوا لهم الأعشاب المفيدة.
وتشير المعلومات إلى أن التدخل الجراحي في حالات مرضي (الغضاريف) الهدف الرئيسي منه التخلص من الجزء الزائد الخارج من (الديسك) في الظهر والضاغط على الأعصاب، والذي يسبب الأعراض والآلام التي يشكو منها المرضى.

بمناسبة الذكرى السنوية لاعدام صدام حسين ثورات الربيع العربي تطيح بالأنظمة الديكتاتورية وآخرها السودان


كلما جاء عيد الأضحي المبارك تذكرت مشهد إعدام الرئيس العراقي الشهيد (صدام حسين)، وما ذهب إليه قبل تنفيذ الحكم الظالم عليه، إذ أنه قال في تلك الأثناء الصعيبة للضابط الذي يشرف على إعدامه : (أريد معطفي الذى كنت ارتديه)، فرد عليه متعجبا : طلبك مجاب، ولكن ماذا تريد به؟
قال صدام : (الجو فى العراق عند الفجر يكون بارداً، ولا أريد أن ارتجف فيعتقد شعبى أن قائدهم يرتجف خوفاً من الموت)، ومن ثم قال مقولته الشهيرة للحكام العرب : (أنا ستعدمنى أمريكا، إما أنتم ستعدمكم شعوبكم)، ولم يكن ما ذهب إليه صدام حسين مجرد كلام والسلام، إنما هي رؤية مستقبلية لمجريات الأحداث في المنطقة العربية الإسلامية، والتي لم يتعظ حكامها مما جري وسيجري، أو أن يستوعبوا فكرته العميقة حول التحديات الجسام التي تواجه البلدان العربية والإسلامية من خلال المخططات الاستعمارية الحديثة الرامية إلى رسم خارطة طريق جديدة للاحتلال الصهيوني الأمريكي _الغربي، والذي يتم من خلاله تقسيم بلدان المنطقة وفقاً للمطامع والمصالح الأمريكية _الغربية، وبالتالي كان شامخاً لحظة تنفيذ الإعدام شنقاً حتى الموت، والذي صرخ قبله ﺑﺄﻋﻠﻰ ﺻﻮﺗﻪ قائلاً : (ﺗﺤﻴﺎ ﺍﻻﻣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ)، ﻭ(ﻋﺎﺷﺖ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﺣﺮﺓ)، وهي كلمات صادقة نابعة من القلب إلى القلب، لذا لم يتفوه بها قبلاً حاكماً عربياً أو إسلامياً في المنطقة العربية _ الإسلامية، والتي تشهد صراعاً تلو الآخر بالتدخلات الامريكية _الغربية ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮﺓ حول ما يدور في الشأن الداخلي لكل دولة من الدول المستهدفة بتلك المخططات المرتكزة على الإطاحة بالأنظمة المؤثرة والمعترضة على السياسات الصهيونية الأمريكية _الغربية في المنطقة العربية ـ الإسلامية، وفي هذا الإطار كان مخطط الولايات المتحدة قائما على ذريعة امتلاك نظام (صدام حسين) لسلاح محرم دولياً، وهو الاتهام الذي وجد تأييداً من حلفاؤها، وبالتالي تم استعمار (العراق) بصورة درامية، وأول خطوة تم اتباعها بعد الاحتلال حل القوات العسكرية العراقية، ومن ثم خلق الفتنة الطائفية والعرقية في البلد المحافظ على عاداته وتقاليده ومورثاته.
إن استهدف الولايات المتحدة الأمريكية (للعراق) نابع من واقع أن لديها مشروعاً نهضوياً تود في الوطن العربي_ الإسلامي، وهو المشروع الذي يرمي لأحداث توازناً في المنطقة الغنية بالنفط، خاصة وأن العراق تمتاز بحضارة تمتد إلى أكثر من ثمانية آلاف عام، بالإضافة إلى البترول.
من المعروف أن ما يجري في المنطقة العربية من تأمر يقوده اللوبي الصهيوني الأمريكي_البريطاني من خلال مفكر الأخيرة (ﺑﺮﻧﺎﺭﺩ ﻟﻮﻳﺲ)، ودولة الكيان الصهيوني المحرض الأساسي ضد الحضارة والثقافة العراقية المدعومة بالقوة العسكرية، ودولة الكيان الصهيوني مارست ضغوطاً على (ﻭﺍﺷﻨﻄﻦ) ﻭ(ﻟﻨﺪﻥ) من أجل القضاء على ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ الذي صمد صموداً قوياً أمام الحصار الاقتصادي الخانق الذي فرضت الولايات المتحدة على العراق، وهو الحصار الذي شجع الرئيس صدام حسين إلى الاستفادة من الثروات الطبيعية الموجودة في باطن وظاهر الأرض، إذ أنه استطاع أن يؤسس لصناعات عسكرية متطورة جداً، ومن ثم اتجه نحو برنامجه النووي، ولم يغفل مع ذلك الجوانب السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية والفكرية، أي أنه مضي سريعاً نحو التطور والمواكبة لأحداث ما انتجه العالم آنذاك، ومع هذا وذاك خاض حرباً عنيفة مع جارته إيران أمتدت إلى أكثر من ثمانية أعوام.
فيما نجد أن الرئيس صدام حسين استوعب الدرس الصهيوني الأمريكي - البريطاني المدعوم من دولة الكيان الصهيوني، إذ تأكد له تأكيداً قاطعاً أن الديانة الإسلامية وحدها القادرة على إيقاف مد المخططات والمشاريع المستهدفة لبلاده وبقية الأوطان العربية والإسلامية، وهو الأمر الذي دفعه لإطلاق حملته الايمانية في أيامه الأخيرة، إذ أنه أصدر قراراً يقضي بمنع استيراد الخمور، كما أنه أغلق البارات، ﻭﻛﺘﺐ ﻛﻠﻤﺔ (ﺍﻟﻠﻪ أﻛﺒﺮ) ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ﺑﺪﻣﻪ، ﻭأﺳﺲ ﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔﺍﺳﻼﻣﻴﺔ ﺷﺮﺳﺔ ضد الاستعمار الصهيوني الأمريكي _ البريطاني، والذي يحظى بالتحريض من دولة الكيان الصهيوني، لذا ظلت مقولته الشهيرة خالدة في وجدان الأمتين العربيةالإسلامية : (أنا أعدمت على يد الأمريكان، فيما سيعدم القادة العرب على أيدي شعوبهم)، وهي المقولة التي اعتبرها الكثيرين نبوءة تحققت من خلال ثورات (الربيع العربي) في كل من سوريا، تونس، مصر، ليبيا وأخيراً السودان الذي أطاح شعبه بنظام الرئيس المخلوع عمر البشير، المهم أن الأوضاع في البلدان العربية مذرية جداً من واقع سياسات دكتاتورية أشعرت الشعوب بالظلم، واستمرار الحكام العرب في السلطة لفترة طويلة، مما نجم عن ذلك استشراء (الفساد)، وتنامي تيار التنظيمات الإسلامية المتشددة التي شجعت أفكاراً متطرفة، مما عجل بالبعض منها من خلال شعوبها، ومن ثم الإطاحة بها، فهي كانت تركن لواقع ﺍﻻﻧﻬﻴﺎﺭ ﻭﺍﻟﺘﻤﺰﻕ، ورغماً عما جري وسيجري إلا أن هنالك دولاً مازال رؤساءها يكابرون ويرفضون الاعتراف بالحقائق الماثلة أمام أعينهم، وهؤلاء شاهدوا كيف أعدم الرئيس (صدم حسين) في أول أيام عيد الأضحي المبارك دون أن يغمض لهم جفن، وشاهدوا كيف احتل المستعمر الأمريكي الدولة العربية_ الإسلامية (ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ) وكيف ﻗﺘﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﻠﻴﻮﻥ عراقي، ﻭﺷﺮﺩ أﺭﺑﻌﺔ ﻣﻼﻳﻴﻦ ﺁﺧﺮﻳﻦ أصبح فيما بعد معظمهم لاجئون بلا مأوي؟، ولم تعد هنالك دولة في العراق التي استشري فيها (ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ)، وأصبحت الأوضاع سيئة في شتي مناحي الحياة، على عكس أيام حكم الرئيس ﺻﺪﺍﻡ ﺣﺴﻴﻦ الذي لم تكن الطائفية موجودة في عهده، بدليل أنه خاض حرباً ضروساً ضد إيران امتدت لأكثر من ثمانية سنوات متصلة، وبعد القضاء على نظام الرئيس صدام حسين عمق اللوبي الصهيوني الأمريكي _البريطاني ودولة الكيان الصهيوني فكرة الطائفية وسط تنظيمات السنة والشيعة، والاتجاه على هذا النحو الهدف منه أحداث الانقسامات بين أبناء الوطن الواحد، وهي الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها تمزيق العراق، والذي هو مدخلاً للسيطرة على المنطقة العربية _الإسلامية برمتها، ومن ثم سلب حضارتها وثقافاتها وموروثاتها التاريخية.
فيما نجد أن اللوبي الصهيوني الأمريكي البريطاني ودولة الكيان الصهيوني وحلفاء الولايات المتحدة من الدول العربية _الإسلامية حيث وجد البعض فرصاً مواتية لتنفيذ المخططات في المنطقة من خلال اجتياح الرئيس صدام حسين للكويت، وهذا الاجتياح اعتبر جريمة من الجرائم المتطلبة المحاسبة العاجلة للعراق، بينما لم يعتبر استعمار اللوبي الصهيوني الأمريكي _البريطاني للعراق جريمة، بل هو سلوك سليم يصب في مصلحة المنطقة وتخليصها من نظام حكم يشكل خطراً عليها، وبالتالي كانت بغداد ضحية المشروع الصهيوني الأمريكي _البريطاني في المنطقة العربيةالإسلامية، وهو المخطط الذي ساهمت فيه دول أوروبية وعربية وإسلامية.

حقيقة منع صلاح (قوش) وأسرته من دخول الأراضي الأمريكية


سرى خبراً مثيراً كسريان النار في الهشيم مفاده أن الولايات المتحدة حظرت دخول الفريق أول مهندس صلاح عبدالله قوش، مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني السابق وأسرته من دخول الأراضي الأمريكية، إلا أنه ومن الواضح أن الخبر لا أساس له من الصحة، وذلك لسبب بسيط هو أن قراراً خطيراً كهذا لا تصدره إلا المحاكم الأمريكية المختصة، والتي لا يمكن أن تتعامل مع موضوع من هذا القبيل عبر (تغريدة) أو (بوست) ينشر من خلال مواقع التواصل الإجتماعي، ولكن من المرجح أن يكون وراء ذلك الخبر (المضروب) جهة ما لديها مصلحة في ذلك، وغالباً ما تهدف إلى خلق فوضي خلاقة لتمرير أجندات خفية وظاهرة تخصها، ولا سيما فإنها تصب في هذا الاتجاه، وأظن أنها نجحت في لفت نظر الرأي العام، والذي أصبح شغله الشاغل ما ذهبت إليه.
وبما أن المعلومات تشير إلى أن صلاح قوش يمتلك جوازاً أمريكياً فلا يمكن للسلطات الخارجية الأمريكية أن تمنعه إلا من خلال السلطة القضائية، والتي بدورها توجه خارجية الولايات المتحدة للتنفيذ، وناهيك عن ذلك كله فإن (صلاح قوش) لو لم يكن مواطناً أمريكياً، واستطاع بأي صورة من الصور دخول الأراضي الأمريكية، فإنه لا يحق للخارجية منعه الدخول لأراضيها أو طرده منها إلا من خلال أمر تصدره السلطة القضائية، والتي تنظر في قضايا من هذا القبيل، وغالباً ما يتم المنع إذا كان لدى الشخص المعني سوابق قضائية.
وقال مصدر : بغض النظر عن أين هو صلاح (قوش) في الوقت الحاضر، فإن كان للولايات المتحدة رغبة في القبض عليه لفعلت، وإذا كان في أي دولة من الدول لطالبت بتسليمه إليها فوراً، فالدول المعنية حلفاء لأمريكا، ومع هذا وذاك فالولايات المتحدة دولة مؤسسية لا يمكنها التعامل مع شخصية أمنية مؤثرة بهذه الرعونة والغباء.
وأضاف : من المعروف أن صلاح عبدالله قوش له علاقات وطيدة بالولايات المتحدة، وذلك من واقع أنه رجل أمن مؤثر في المنطقتين العربية والإفريقية، ولديه الكثير من الملفات الأمنية الساخنة، وقطعاً شخصية بهذه الفائدة لا يمكن الاستغناء عنها بهذه السهولة المطلقة، فالرجل مازال يمسك بملفات خطيرة ليس على مستوى السودان فقط، بل على مستوى الوطن العربي والإفريقي، مما يعني أن أمريكا لن تمنعه من دخول أراضيها أو طرده في حال كان موجوداً فيها، بل سوف تتخلص منه بالموت، وذلك من واقع أنه يمسك بمفاتيح الحركات الإسلامية، وعلى سبيل المثال (داعش) و(النصرة) وغيرهما من التيارات الإسلامية المتشددة التي ظهرت في المنطقتين العربية والإفريقية، بالإضافة إلى المامه بتجار البشر والسلاح.

بعد خروجه من سجن (عطبرة) معلم يقع ضحية ضمانة متهم في (٩٧٤١٩٨) ألف جنيه




وضع الأستاذ محمد سر الختم بابكر المعلم بمدرسة بمدينة (عطبرة) بولاية نهر النيل قصة دخوله سجن مدينة عطبرة، إذ أنه محكوم في تنفيذ (يبقي لحين السداد) أمام محكمة عطبرة الجزئية في مبلغ (٩٧٤١٩٨) ألف جنيه، بتاريخ ٢٤/٢/٢٠١٩م، وتم الإفراج عنه ١٨/٣/٢٠١٩م.
وقال : هناك متهم في مبلغ مالي مودع على خلفيته في سجن (عطبرة) منتظراً، وعندما تم إحضاره من السجن إلى محكمة عطبرة العامة، وهو يصيح باعلي صوته قائلاً : هل المروءة انعدمت من أهالي عطبرة، فقلت له : يا زول مالك، قال اريد من يضمنني، فاكدت له إنني سوف اضمنك، وكان أن طلب هو (15) يوماً فقلت أنا اضمنه شهراً، ومر الشهر ولم يأت في الزمان والمكان المحددين.
ما المبلغ الذي ضمنت فيه المتهم
المبلغ (٩٧٤١٩٨) ألف جنيه ، ولم اعرف أن كانت بالجنيه السوداني أو الدولار الأمريكي، المهم إنني ضمنته بغض النظر عن المبلغ، ومع هذا وذاك لم يتم منحي إنذاراً أو إعلاناً أو إخطاراً بأن المتهم الذي ضمنته لم يأت في الزمان والمكان، وفي أول أيام امتحانات مرحلة الأساس، تم القبض علىّ واقتيادي إلى الحراسة، وفي اليوم التالي حولت إلى محكمة عطبرة الجزئية ، والتي حضر إليها المشكو ضده، والذي اخلي سبيله، والابقاء علىّ كضامن في السجن، مما اضطرني إلى دفع مبلغ الـ(٩٧٤١٩٨) ألف جنيه، وبعد أن سددته، سافرت إلى منطقة المتهم بحثاً عنه، فلم أجده لكي استرد مالي منه.
وأردف : فتحت بلاغاً جنائياً بقسم شرطة (الرياض) ضد المتهم، بناء على عريضة الدعوي الجنائية رقم (١٠٢٥)، تحت المادة (١٧٩) من القانون الجنائي، وصدر أمر قبض في مواجهته.

سراج النعيم يكتب : هذا الإنسان يمتاز بـ(الغباء)


كثيراً ما اتسأل عن الذى يتصف بالغباء، هل هو الذي لا يملك العقل الراجح الذي يمكنه من إدارة الحوارات مع الآخرين فيما هو مطروح على الطاولة سياسياً، اقتصادياً، اجتماعياً، ثقافياً وفكرياً، وذلك بمنطلق وحجة، وهل يصعب عليه التعاطي مع الأحداث والمواقف التي تطرأ عليه بشكل مفاجئ في حياته الخاصة والعامة، وهل هو لا يجيد التصرف بحكمة، وهل هو إنساناً مصاباً بـ(خللٍ)، ولديه إشكاليات نفسية يحاول إسقاطها على الآخرين.
حقيقة عندما أشاهد أمثال هؤلاء أحس بأن (الغباء) يمشي بين الناس بإهمال، وعليه أكون غير قادر على التعامل معه، لأنهم يشعرونني بأنني لا أستطيع التفريق بين (الغباء) و(الذكاء)، ولا أدري إذا كان غبائهم ناتجاً عن عدم وعيهم بما يفعلونه عفوياً أم أنه شيئاً طبيعياً، لذا يتعاطي معه يومياً في محيط الأسرة، المجتمع والعمل، وأمثال هؤلاء ربما يكونون مصابين برداءة في المفاهيم، الإدراك والثقافة ، لذا دائماً ما تجدهم أناساً (وقحين) في تعاملهم مع الآخرين، وكثيراً ما أطالع لهم بوستات عبر (الفيس بوك) تنم عن غباءهم المحكم، وربما يكون ذلك الأمر ناجم عن سوء في التربية، واضطراب في الأخلاق.
والأكيد أن كل إنسان يمتاز بـ(الغباء) يكون مرتبطاً لديه ارتباطاً وثيقاً بالانخفاض في الذكاء وسرعة البديهة مما يجعل تجاربهم في الحياة منحصرة في حيز ضيق جداً، وبالتالي أجد نفسي أشفق على من يتجه في هذا الاتجاه المحفوف بالمخاطر، وأن تكون ذكياً فإن الأمر لا يتطلب أن تكون حاصلاً على شهادات أكاديمية عليا، فهنالك من لم تتح له الظروف تلقي التعليم إلا أنه إنساناً مدركاً، فطناً، كيساً في إدارته للحوارات مع الآخرين، ويستطيع التحكم في سلوكياته مهما كان الحدث، أو الموقف الذي يمر به.
وبالمقابل فإن ذلك الإنسان الغبي يكون مهزوزاً في أرائه ومواقفه، ودائماً ما تكون متباينة ومختلف حولها، على أساس أنها مندرجة في إطار السلبية، ويتضح ذلك من خلال مدى قبولها في محيط الأسرة، المجتمع والعمل، وهو أمراً مرهوناً بالفشل (الغباء) والنجاح (الذكاء)، وبالتالي هو ليس قرص اسبرين يبتلعه الإنسان، فيصبح ما بين ليلة وضحاها ناجحا (ذكياً)، وعليه فإن الإنسان الغبي يكون منبوذاً من المجتمع لعدم إجادته فنون الإتكيت في التعامل مع الآخرين.
وعندما ننتقل إلى الإنسان الذي يتمتع بالذكاء في شتي مناحي الحياة، فإنه يتسم بصفات تجذب إليه من هم محيطين به في الأسرة، المجتمع، العمل والدراسة، إذ أن الحلول للإشكاليات تكون حاضرة متي ما طرحت عليه، وبالتالي هو عكس الإنسان الغبي الذي يستسهل ويبسط الإشكاليات لأنه يجد صعوبة في الحلول، مما يجعل الناس عموماً لا يقبلونه ولا يحبذون الدخول معه في نقاش فيما هو مطروح، ورغماً عن ذلك تجده يسعي سعياً حثيثاً إلى التقليل من قيمة الأشخاص الذين يوجهون له النقد لإخفاقاته المتكررة، والتي يتعامل وفقها بلا مبالاة، وعلى هذا النحو يجد نفسه غير قادراً على التأقلم مع الآخرين، وفي حال اضطرتهم الظروف للتعامل معه يتعاملون معه بحيطة وحذر شديدين، وذلك خوفاً من انفلاته، خاصة وأن أمثال هؤلاء يكونون متسرعين في إطلاق الأحكام على الناس، ولا يأبهون بخدش الاحاسيس والمشاعر، وعليه فإنهم لا يستوعبون ما يرمي إليه الآخرين، لأنهم ليسوا من الاناس الذين يجيدون أدب الإنصات للآراء المغايرة، ولا يحترمون من يختلفون معهم، لذا تجدهم موهمين بـ(الأنا)، والتي تقودهم نحو إدارة الحوارات بجدلية، تعصب وانحياز للسلبية لأن إحساسهم يفتقر للأدب والذوق الرفيع الذي يجعلهم مرنين مع الآخرين حتى لا يتحاشونهم من حيث سلوكياتهم وتصرفاتهم المنبثقة من عوامل نفسية، ومن التربويةٍ والثقافية المكتسبة من والبيئة، وهي تصبح مع مرور الزمن عادة في كل حركاتهم وسكناتهم، فالسلوكيات التي تصب في هذا الإطار تؤثر، لأنه وبكل أسف هنالك من ينصاعون لمثل هذه الأفكار الهدامة، وهي أفكاراً يستميلون بها من يتعامل معهم، والغريب في الأمر أنهم يستطيعون توجيه البعض لما يهدفون إليه، رغماً عن أنهم يحتاجون إلى أن يعرضوا أنفسهم على الأطباء النفسيين للتخلص من اضطراب الشخصية.
ومما ذهبت إليه أدلف مباشرة إلى قصة التلميذ الغبي ومعلمته، وهي القصة التي شهدتها إحدى المدارس، إذ أن هنالك معلمة أخذت إجازة عن العمل، فتم تكليف معلمة آخرى بتدريس مادتها، وفي أول يوم ﺑﺪﺃت ﺷﺮﺡ حصة اللغة العربية، وما أن انتهت من تدريس المقرر إلا ووجهت ﺳﺆﺍلاً للتلميذ الذي يعتقد أنه يمتاز بـ(الغباء)، فما كان من زملائه إلا وضحكوا، فاندهشت من ذلك الضحك، إلا أنها سريعاً ما أدركت السبب بحكم التجربة، وتجاوزت الأمر بأن خرجت من الفصل، وعندما لحق بها التلاميذ طلبت من التلميذ الغبي الحضور إليها، وعندما وقف أمامها كتبت ﻟﻪ ﺑﻴﺘﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮ، ﻭﻗﺎلت : أحفظ بيت الشعر هذا جيداً، ﻭﻻ تكشف هذا السر لأي تلميذ من زملائك، وكانت المفاجأة ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ، إذ أن المعلمة بدأت حصة اللغة العربية بكتابة ﺑﻴﺖ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻋﻠﻰ (ﺍﻟﺴﺒﻮﺭﺓ)، ومن ثم شرحته لهم، وبعد إطلاع التلميذ عليه مسحت بيت الشعر من على السبورة، ﻭﻗﺎلت لهم : (من ﻣﻨﻜﻢ ﺣﻔﻆ بيت الشعر الذي شرحته لكم)، فما كان من التلميذ الغبي إلا ورفع ﻳﺪﻩ على استحياء، عندها سمحت له المعلمة بأن يقرأ بيت الشعر، وعندما بدأ.. بدأ متلعثماً، وعندما انتهي أشادت به، ﻭﺃﻣﺮت زملائه بأن يصفقوا له، وتكرر سيناريو المعلمة مع ذلك التلميذ ﺑﺄﺳﺎﻟﻴﺐ متنوعة، مما نجم عن ذلك تغيير نظرة التلاميذ لزميلهم الذى أصبح مرتاحاً نفسياً، مما دفعه إلى التركيز في تحصيله الأكاديمي واثقاً من ذاته، واستبعد من ذهنه فكرة أنه إنساناً غبياً، وعلى خلفية ذلك أضحت لديه قدرة فائقة على التفوق، بعد استعادة ثقته في نفسه، وعندما جلس للامتحانات النهائية حقق نجاحاً باهراً في معظم ﺍﻟﻤﻮﺍﺩ، وهكذا واصل تحصيله الأكاديمي إلى أن دخل الجامعة ثم تخرج منها
ومن ثم نال ﺍﻟﻤﺎﺟﺴﺘﻴﺮ والدكتوراة.
آخر المرسم
اللهم ارحم رجاء مجذوب على رحمه واسعة، وأدخلها فسيح جناتك مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا، إنا لله وإنا إليه راجعون.كثيراً ما اتسأل عن الذى يتصف بالغباء، هل هو الذي لا يملك العقل الراجح الذي يمكنه من إدارة الحوارات مع الآخرين فيما هو مطروح على الطاولة سياسياً، اقتصادياً، اجتماعياً، ثقافياً وفكرياً، وذلك بمنطلق وحجة، وهل يصعب عليه التعاطي مع الأحداث والمواقف التي تطرأ عليه بشكل مفاجئ في حياته الخاصة والعامة، وهل هو لا يجيد التصرف بحكمة، وهل هو إنساناً مصاباً بـ(خللٍ)، ولديه إشكاليات نفسية يحاول إسقاطها على الآخرين.
حقيقة عندما أشاهد أمثال هؤلاء أحس بأن (الغباء) يمشي بين الناس بإهمال، وعليه أكون غير قادر على التعامل معه، لأنهم يشعرونني بأنني لا أستطيع التفريق بين (الغباء) و(الذكاء)، ولا أدري إذا كان غبائهم ناتجاً عن عدم وعيهم بما يفعلونه عفوياً أم أنه شيئاً طبيعياً، لذا يتعاطي معه يومياً في محيط الأسرة، المجتمع والعمل، وأمثال هؤلاء ربما يكونون مصابين برداءة في المفاهيم، الإدراك والثقافة ، لذا دائماً ما تجدهم أناساً (وقحين) في تعاملهم مع الآخرين، وكثيراً ما أطالع لهم بوستات عبر (الفيس بوك) تنم عن غباءهم المحكم، وربما يكون ذلك الأمر ناجم عن سوء في التربية، واضطراب في الأخلاق.
والأكيد أن كل إنسان يمتاز بـ(الغباء) يكون مرتبطاً لديه ارتباطاً وثيقاً بالانخفاض في الذكاء وسرعة البديهة مما يجعل تجاربهم في الحياة منحصرة في حيز ضيق جداً، وبالتالي أجد نفسي أشفق على من يتجه في هذا الاتجاه المحفوف بالمخاطر، وأن تكون ذكياً فإن الأمر لا يتطلب أن تكون حاصلاً على شهادات أكاديمية عليا، فهنالك من لم تتح له الظروف تلقي التعليم إلا أنه إنساناً مدركاً، فطناً، كيساً في إدارته للحوارات مع الآخرين، ويستطيع التحكم في سلوكياته مهما كان الحدث، أو الموقف الذي يمر به.
وبالمقابل فإن ذلك الإنسان الغبي يكون مهزوزاً في أرائه ومواقفه، ودائماً ما تكون متباينة ومختلف حولها، على أساس أنها مندرجة في إطار السلبية، ويتضح ذلك من خلال مدى قبولها في محيط الأسرة، المجتمع والعمل، وهو أمراً مرهوناً بالفشل (الغباء) والنجاح (الذكاء)، وبالتالي هو ليس قرص اسبرين يبتلعه الإنسان، فيصبح ما بين ليلة وضحاها ناجحا (ذكياً)، وعليه فإن الإنسان الغبي يكون منبوذاً من المجتمع لعدم إجادته فنون الإتكيت في التعامل مع الآخرين.
وعندما ننتقل إلى الإنسان الذي يتمتع بالذكاء في شتي مناحي الحياة، فإنه يتسم بصفات تجذب إليه من هم محيطين به في الأسرة، المجتمع، العمل والدراسة، إذ أن الحلول للإشكاليات تكون حاضرة متي ما طرحت عليه، وبالتالي هو عكس الإنسان الغبي الذي يستسهل ويبسط الإشكاليات لأنه يجد صعوبة في الحلول، مما يجعل الناس عموماً لا يقبلونه ولا يحبذون الدخول معه في نقاش فيما هو مطروح، ورغماً عن ذلك تجده يسعي سعياً حثيثاً إلى التقليل من قيمة الأشخاص الذين يوجهون له النقد لإخفاقاته المتكررة، والتي يتعامل وفقها بلا مبالاة، وعلى هذا النحو يجد نفسه غير قادراً على التأقلم مع الآخرين، وفي حال اضطرتهم الظروف للتعامل معه يتعاملون معه بحيطة وحذر شديدين، وذلك خوفاً من انفلاته، خاصة وأن أمثال هؤلاء يكونون متسرعين في إطلاق الأحكام على الناس، ولا يأبهون بخدش الاحاسيس والمشاعر، وعليه فإنهم لا يستوعبون ما يرمي إليه الآخرين، لأنهم ليسوا من الاناس الذين يجيدون أدب الإنصات للآراء المغايرة، ولا يحترمون من يختلفون معهم، لذا تجدهم موهمين بـ(الأنا)، والتي تقودهم نحو إدارة الحوارات بجدلية، تعصب وانحياز للسلبية لأن إحساسهم يفتقر للأدب والذوق الرفيع الذي يجعلهم مرنين مع الآخرين حتى لا يتحاشونهم من حيث سلوكياتهم وتصرفاتهم المنبثقة من عوامل نفسية، ومن التربويةٍ والثقافية المكتسبة من والبيئة، وهي تصبح مع مرور الزمن عادة في كل حركاتهم وسكناتهم، فالسلوكيات التي تصب في هذا الإطار تؤثر، لأنه وبكل أسف هنالك من ينصاعون لمثل هذه الأفكار الهدامة، وهي أفكاراً يستميلون بها من يتعامل معهم، والغريب في الأمر أنهم يستطيعون توجيه البعض لما يهدفون إليه، رغماً عن أنهم يحتاجون إلى أن يعرضوا أنفسهم على الأطباء النفسيين للتخلص من اضطراب الشخصية.
ومما ذهبت إليه أدلف مباشرة إلى قصة التلميذ الغبي ومعلمته، وهي القصة التي شهدتها إحدى المدارس، إذ أن هنالك معلمة أخذت إجازة عن العمل، فتم تكليف معلمة آخرى بتدريس مادتها، وفي أول يوم ﺑﺪﺃت ﺷﺮﺡ حصة اللغة العربية، وما أن انتهت من تدريس المقرر إلا ووجهت ﺳﺆﺍلاً للتلميذ الذي يعتقد أنه يمتاز بـ(الغباء)، فما كان من زملائه إلا وضحكوا، فاندهشت من ذلك الضحك، إلا أنها سريعاً ما أدركت السبب بحكم التجربة، وتجاوزت الأمر بأن خرجت من الفصل، وعندما لحق بها التلاميذ طلبت من التلميذ الغبي الحضور إليها، وعندما وقف أمامها كتبت ﻟﻪ ﺑﻴﺘﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮ، ﻭﻗﺎلت : أحفظ بيت الشعر هذا جيداً، ﻭﻻ تكشف هذا السر لأي تلميذ من زملائك، وكانت المفاجأة ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ، إذ أن المعلمة بدأت حصة اللغة العربية بكتابة ﺑﻴﺖ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻋﻠﻰ (ﺍﻟﺴﺒﻮﺭﺓ)، ومن ثم شرحته لهم، وبعد إطلاع التلميذ عليه مسحت بيت الشعر من على السبورة، ﻭﻗﺎلت لهم : (من ﻣﻨﻜﻢ ﺣﻔﻆ بيت الشعر الذي شرحته لكم)، فما كان من التلميذ الغبي إلا ورفع ﻳﺪﻩ على استحياء، عندها سمحت له المعلمة بأن يقرأ بيت الشعر، وعندما بدأ.. بدأ متلعثماً، وعندما انتهي أشادت به، ﻭﺃﻣﺮت زملائه بأن يصفقوا له، وتكرر سيناريو المعلمة مع ذلك التلميذ ﺑﺄﺳﺎﻟﻴﺐ متنوعة، مما نجم عن ذلك تغيير نظرة التلاميذ لزميلهم الذى أصبح مرتاحاً نفسياً، مما دفعه إلى التركيز في تحصيله الأكاديمي واثقاً من ذاته، واستبعد من ذهنه فكرة أنه إنساناً غبياً، وعلى خلفية ذلك أضحت لديه قدرة فائقة على التفوق، بعد استعادة ثقته في نفسه، وعندما جلس للامتحانات النهائية حقق نجاحاً باهراً في معظم ﺍﻟﻤﻮﺍﺩ، وهكذا واصل تحصيله الأكاديمي إلى أن دخل الجامعة ثم تخرج منها ومن ثم نال ﺍﻟﻤﺎﺟﺴﺘﻴﺮ والدكتوراة.


على خلفية وفاة (عادل) صقعاً بالكهرباء داخل مقابر (الصحافة) تأييد إدانة الشركة السودانية لتوزيع الكهرباء ومنظمة حسن الخاتمة


الحكم بتغريم المدانين (330.000) جنيه بتهمة القتل الخطأ
.............
وقف عندها : سراج النعيم
.............

أيدت المحكمة القومية العليا قراري محكمة الاستئناف، ومحكمة الموضوع في مواجهة منظمة حسن الخاتمة والشركة السودانية لتوزيع الكهرباء .
وجاء في القرار أنه وبتاريخ 24/9/2018م، وفي محكمة غير إيجازية توصلت محكمة جنايات الامتداد من الدرجة الأولى إلى إدانة المتهمين منظمة حسن الخاتمة، والشركة السودانية لتوزيع الكهرباء بعد أن وجدتهم مدانين تحت المادة (132/22) من القانون الجنائي لسنة 1991م، ووفقاً لذلك أصدرت أمراً بأن تدفع المدانتان مبلغ (330.000) جنيه لأولياء دم المرحوم عبارة عن دية القتل الخطأ بالتضامن مع أو الإنفراد، وتحصل وفقاً لاحكام المادة (5.45) من القانون الجنائي لسنة 1991م.
فيما تتلخص أسباب الطعن في الآتي المادة (22) لا يمكن مناقشتها إلا بعد مناقشة المادة (132) من القانون الجنائي لسنة 1991م، ويتفق مع المحكمة الإبتدائية، ومحكمة الإستئناف في ثبوت وفاة المرحوم، وكذلك أن الفعل وقع خطأ، ويري أن تفسير اللائحة التجارية المادة (13) جاء تفسيرها غير صحيح، ووفقاً للمادة (13) يري بأن الشركة السودانية لتوزيع الكهرباء غير مسئولة عن أي ضرر ينشأ من التوصيلات الداخلية، وتوصيل الأعمدة كان مطابقاً للمواصفات، وكان صحيحاً، ووفقاً للضوابط الفنية، ومراعياً لإجراءات السلامة.
بينما رأت المحكمة القومية العليا تأييد قرار محكمتي الإستئناف والموضوع وشطب الطعن المقدم من الشركة السودانية لتوزيع الكهرباء، وتشير الوقائع التي اعتقدت في صحتها المحكمة الإبتدائية من بعدها محكمة الإستئناف، وبتاريخ 16/10/2018م أبلغ الشاكي يفيد أن ابنه المرحوم (عادل حميدان عمر) توفي إلى رحمة مولاه نتيجة صقعة كهربائية اصابته في يوم ماطر عند ملامسته لعمود إنارة حديدي داخل مقابر (الصحافة)، والثابت أنه توفي نتيجة صقعة كهربائية دون تدخل أي عامل خارجي أو غير مألوف بحيث يقلل انفصال حلقات علاقة السببية، ولكن هل كان هنالك إهمال أو قلة احتراز من المتهمين، والإهمال اعتمدت فيه القوانين والفقه والقضاء المقارن معيار عادي لمعرفة الإهمال في تصرف الشخص، وقد سلك فقهاء القوانين مسلك القانون الفرنسي في اعتمادهم الرجل المعتاد كأساس لمعرفة الإهمال، وأيضاً إذا رجعنا إلى كتاب القانون الجنائي السوداني النظرية إلحاق المسئولية الجنائية (الدكتور عبدالله أحمد النعيم)، يقال أن الشخص تصرف بإهمال إذا تصرف من غير أن يترك النظر أو احتمال حدوث النتيجة الضارة، والممنوعة قانوناً في الوقت الذي كان الرجل العادي المعلول سيدرك ذلك، فالشخص المهمل هو الذي يعجز عن ضبط سلوكه بصورة معقولة لا تؤذي الآخرين بصورة نشوء الواجب العناية والإخلال بواجب العناية، وحدوث الضرر المرتب على الاخلال بواجب العناية، فهي في الأركان التي ينهض عليها الإهمال، وقد ثبت بأن المتهمة الثانية لها علم بالتوصيلات داخل مقابر (الصحافة) رغماً عن اللوائح والشروط التي يجب توافرها في التوصيلات الداخلية، وقد قامت بزيارة مكان الحادث، وبالتالي وقعت في خطأ توصيل الإمداد الكهربائي بالرغم عن استخدام الأعمدة الحديدية، وقد أفاد الشاهد السادس بأنها لديها الخطورة، كما أن التوصيل كان عشوائياً، فقد كان هنالك إهمال مخالف للوائح المتبعة لتوصيل التيار الكهربائي، وقد تسبب في وفاة المرحوم دون اتفاق بينهما، وبالتالي يكون كلا منهما مسئولاً عن فعله، محكمة الاستئناف قدمت مذكرة مستوفية لم نلاحظ شططاً أو خللاً يستوجب خروجنا على القاعدة العامة.
فيما نجد أنه وبتاريخ 24/9/2018م ادانت محكمة جنايات الامتداد من الدرجة الأولي المتهمين بموجب (132/22) من القانون الجنائي لسنة 1991م، ووفقاً لذلك أصدرت أمراً بأن تدفع المدانتان مبلغ (330.000) جنيه لأولياء الدم عبارة عن دية القتل الخطأ بالتضامن أو الإنفراد وتحصل وفقاً لأحكام المادة (5.45) من القانون الجنائي.
وفي السياق كان الأستاذ نصرالدين حسين الختيم المحامي قد وضع التفاصيل الكاملة للقصة المؤثرة لوفاة الشاب عادل حميدان قائلاً : بدأت الماسأة عندما توجه (عادل حميدان) ضمن موكب تشييع جده عمر الشريف والد أبيه، وذلك بمقابر الصحافة بتاريخ ٢٠/٨/٢٠16م، وأثناء تشييع جده توفي متأثراً بصعقة كهربائية من عمود كهربائي مصنوع من (الحديد)، وتشير الوقائع إلى أنه ما أن أقترب منه إلا وصعقته الكهرباء فوراً، مما أدي إلى وفاته، وعلى خلفية ذلك فتح بلاغ بقسم شرطة السوق المحلي، ومن ثم نقل جثمان المرحوم إلى مشرحة الطب الشرعي، وجاء قرار الطبيب المختص مؤكداً أن الوفاة ناتجة عن صعقة كهربائية.

سراج النعيم يكتب : بعد أطول حرب في القرن.. اتفاقية (نيفاشا) قادت جنوب السودان للانفصال


إن نظام الرئيس المخلوع عمر البشير كان على قناعة تامة بأن توقيعه على اتفاقية (نيفاشا) ستقود جنوب السودان للانفصال، وهذه الخطوة لم تكن الحل الجذري للصراع التاريخي، الذي أحدث زعزعة ليس على مستوي السودان، بل على مستوي القارة، مثله صراعات شهدتها أفريقيا لسنوات وسنوات مثل يوغندا، الكونغو، رواندا، نيجيريا، وتشاد وغيرها.
ومن أجل استمرار الحرب الدائرة في السودان انتهج الاستعمار خطة جديدة في العام 1989م مرتكزاً على سياسة إضعاف الوجود الشمالي في الجنوب واللغة العربية، والاستعاضة عنها باللغة الإنجليزية، وعملت على ايقاف الدعوة لاعتناق الديانة الإسلامية، وبالمقابل شجعت البعثات التنصيرية المختلفة، مما وضع الحكومات السودانية المتعاقبة أمام معضلة حقيقية من حيث مفاهيم ارساها الاحتلال البريطاني في ذهنية الجنوبيين، وعليه فإن النزاع ظل قائماً لدرجة أنه اشتهر إعلامياً باطول حروب القرن، ورغماً عن الانفصال إلا أنه مازال يترك آثاره السالبة في الشمال، والذي تضرر ضرراً بالغاً منه، ومن السياسة الاستعمارية الإنجليزية في البلاد، إذ أنها شرعت قوانين للمناطق المنغلقة في العام 1922م، وتم تنفيذها عملياً في جنوب السودان، وعلى خلفية ذلك تم أبعاد الموظفين السودانيين والمصريين من الجنوب، ومن ثم أصدرت القرارات العامة في جنوب السودان، مما نجم عنها إعادة التوتر في المنطقة مجدداً، وفي العام 1982م صدر قرار يقضي بإعادة تدوير القوات العسكرية في جنوب السودان، وهذا القرار قاد عدد من الضباط الجنوبيين للهروب من الخدمة في القوات النظامية، وصادف ذلك محاولة تصدير البترول خاماً، وفي بداية العام 1972م وقعت اتفاقية نصت على منح الحكم الذاتي لمحافظات الجنوب الثلاث تحت إشراف المجلس التنفيذي الأعلى، كما نصت على تشكيل جمعية تشريعية، بالإضافة إلى أنها شملت على ملاحق ونصوص تتعلق بإعادة توطين اللاجئين وترتيبات وقف إطلاق النار وتشكيل قوة عسكرية محلية من 12 ألف رجل نصفهم على الأقل من أبناء الإقليم.
وعندما تم اكتشاف النفط، والذي على خلفيته بدأ نزاع بين الحكومة والتمرد، فالمواقع البترولية أضحت بؤرة للصراع الذي نتج عنه عنفاً في العام 1965م، كما ظهرت في الساحة حركات سياسية تطالب بانفصال الجنوب عن الشمال، وهو الأمر الذي قاد إلى السلطة العسكرية في العام 1969م، وذلك من واقع أن الجنوب شهد (فوضى) احدثتها الحركة المتمردة (الأنيانيا)، والتي اتجه في إطارها النظام المايوي لإيجاد الحلول لهذه الأزمة بالتهدئة، وإعلان العفو عن السياسيين والمتمردين الجنوبيين.
وفي العام ١٩٨٣م تمردت حامية مدينة (يور) التابعة للقوات المسلحة، ثم صدر البيان الأول لحركة تحرير السودان بزعامة العقيد جون قرنق الذي أبعد عن حركته الدعوة لانفصال الجنوب عن الشمال، مؤكداً بالوحدة، واستطاع أن يستقطب المقاتلين خلال ثلاثة أشهر وتجنيد كتائب كاملة من المقاتلين، ومن ثم وجد الدعم من النظام الليبي برئاسة العقيد معمر القذافي، وبذلك الدعم استطاع أن يصيب حقول التنقيب عن النفط باضرار بالغة ،
بالرغم من الإختلاف القائم حول مدينة (أبيي) إلا أنها تشهد تعايشاً بين القبائل المختلفة، والذي تم بين (المسيرية ودينكا نقوك)، والذي وُقّع بين الناظر (علي الجلة) والسلطان (أروب)، وقد أثنى على ذلك التعايش المفتش الإنجليزي في تقريره الصادر في العام (1920م _ 1921م)، بالإضافة إلى مدير مديرية بحر الغزال من خلال خطابه الذي القاه بتاريخ 21/7/1927م وأوصى بأن يستمر دينكا نقوك في مجلس ريفي المسيرية نتيجة لعلاقتهم الجيدة، إلا أن أصل الإشكالية يعود إلى عصر الاحتلال البريطاني، إذ أن المستعمر اجري استفتاء لدينكا نقوك، ومنحهم حق البقاء في الشمال أو التبعية للجنوب إلا أنهم اختاروا أن يكونوا تابعين لمجلس ريفي المسيرية، ورغماً عما أشرت إليه إلا أن المستعمر الإنجليزي سعي سعياً حثيثاً لإقناع (كوال أروب) سلطان دينكا نقوك بالانضمام إلى جنوب السودان بدلاً من البقاء في الشمال إلا أن جميع المحاولات باءت بالفشل الذريع، وفي العام 1943م توفي السلطان (كوال أروب)، وخلفه نجله (دينق)، والذي حاول المفتش البريطاني إقناعه بالفكرة القديمة المتجددة أثناء الاستعداد لمؤتمر جوبا في العام 1943م، ورغماً عن الرفض إلا أن الإنجليز ظلوا يحاولون في هذا الإطار إلى أن تم إجراء استفتاءات في السنوات (1950م و1951م و1953م و1954م و1955م)، إلا أنها لم تنجح، وانتهت بخروج بالاستعمار في العام 1956م.
وعلى خلفية ذلك هدأت الأوضاع في جنوب البلاد، إلا أنها تجددت مع انقلاب نظام الرئيس المخلوع عمر البشير على شرعية الإمام الصادق المهدي في الثلاثين من يونيو في العام 1989م، وعليه ابرمت اتفاقيات حول مدينة (أبيي) في العام 1997م، كما أنها وضعت جدول أعمال في العام 2000م بغرض إيجاد الحلول للاشكالية كجزء من تنفيذ اتفاقية الخرطوم للسلام المؤكدة إن مدينة (أبيي) موطناً للمسيرية ودينكا نقوك، وهي ليست جزءاً من الجنوب، وأنها منطقة تعدد عرقي وثقافي، وهي واحدة من المناطق الأقل نمواً في البلاد، وأن لها إشكالية خاصة، ورغماً عن ذلك أخذت القضية بعداً آخراً عندما شرعت أمريكا في عمل تسوية للقضية عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م، إذ أنها أثارت صراعاً حاداً بين النظام البائد والحركة الشعبية لتحرير السودان، مما نجم عن ذلك تدخل المبعوث الأميركي آنذاك وطرح رؤية للحل سُميت بالورقة الأميركية، وذلك في 2004م، وهدد الطرفين قائلاً: (إن الإدارة الأميركية تحمّل المسؤولية في حال انهيار المفاوضات لأي طرف يعوق مسيرة السلام)، مما أدي إلى أن تصبح الورقة الأميركية جزءاً من اتفاقية (نيفاشا)، وهي من الاتفاقيات الخطيرة التي تثبت مبدأ الاستفتاء، والذي حُدد له العام 2011م تزامناً مع استفتاء الجنوب ولم ترسم حدود جغرافية لمدينة (أبيي)، وترك الأمر برمته للجنة من الخبراء، ورئيس اللجنة سفير أميركي سابق بالسودان، ونائبه من جنوب أفريقيا وثلاثة أعضاء من دول الإيقاد، إلا أن اللجنة فشلت في مهمتها، وبالرغم من فشلها إلا أنها رسمتها وفق الحدود واعتبرته تغولاً على الأراضي الشمالية، فيما باركته الحركة الشعبية لتحرير السودان، مما أدي إلى حدوث اشتباكات في ديسمبرمن العام 2007م واشتدت في العام ٢٠٠٨م، وعلى خلفية ذلك اتفق نظام الرئيس المعزول عمر البشير ودولة الجنوب على إحالة ملف النزاع إلى هيئة تحكيم دولية بلاهاي في العام ٢٠٠٨م، مما أدي بنظام حكم المؤتمر الوطني الفشل لحل الإشكالية بطريقته التي تعد سابقة خطيرة تاريخياً نسبة إلى أنها جعلت السودان لقمة صائغة للانقسامات، والمطامع الخارجية، إذ أنها احتكمت إلى هيئة التحكيم الدولية، وهو الأمر الذي وضع القضية موضع شد وجذب بين طرفي الصراع، وبالتالي مضي نظام المعزول عمر البشير نحو الفشل الذي لم تجد في إطاره الحلول الجذرية للصراعات الدائرة في جنوب السودان، جبال النوبة، النيل الأزرق، أبيي، دارفور وشرق السودان، وهي بلاشك لا يمكن أن تنتهي من خلال اتفاقية (نيفاشا) الموقعة بين الحكومة والحركة الشعبية، أو غيرها من التفاهمات السياسية، وذلك يعود إلى أن ما يستند عليهم النظام السابق ما هم إلا جزء أصيل من الأزمات المتتالية في البلاد، وبالتالي لا يمكن أن يكون الداء هو الدواء الناجع، علماً بأن ما يجري من أحداث قائم على أسباب كثيرة منها تعميق الأنظمة المتعاقبة على حكم السودان، والمصالح المحلية، الإقليمية والدولية في مناطق الصراعات للإشكاليات المبنية على أن الحكومات تهمشهم، ووجدوا في هذا الجانب المساندة من الخارج الذي دعم أطراف الصراع، بالإضافة إلى السيطرة التامة على آليات التسوية.

سراج النعيم يكتب : اكتشاف ما تخبئه النفس


دائماً ما يتبادر إلى ذهني سؤالاً ملحاً، وهذا السؤال يتمثل في كيفية صناعة الشخصية القيادية المتصفة بـ(الهيبة) و(القوة) في الحياة عامة ، وفي المجال الذي اختارته له موهبته خاصة؟ الإجابة تكمن في الصفات المتجذرة في الإنسان بـ(الفطرة)، ولا يمكن اكتسابها بأي وسيلة من الوسائل، وإذا حاول فإنه بلا شك سيفشل، وبالتالي يمكن للمرء أن يكتشف ما تخبئه النفس في دواخله من إبداع، ومن ثم العمل باجتهاد من أجل تنميته، وهو قطعاً يجعله ذو (قيمة)، (هيبة)، و(قوة) في محيط (الأسرة)، (العمل)، و(المجتمع).
وبالمقابل من لا يتحقق له ذلك، فإنه يكون إنساناً (هزلياً)، (ضعيفاً) و(منهزماً)، ومثله يحتاج إلى عزيمة وإصرار للابتعاد عما يركن إليه، فالإنسان يختلف عن الآخر من حيث المقاييس والمعايير، فهنالك من يكتسبها بالتقدير والاحترام للغير (إيجابياً)، وهنالك من يخذلهم بأفكاره (سالباً)، مما يجعل منه إنساناً مهزوزاً في حياته، وقابلاً لأن يكون محل (سخرية)، (استهزاء) و(تندر)، وربما يدفع ذلك البعض للتطاول عليه كلما طرح موضوعاً للنقاش، والأدهى والأمر في الشخصيات المتسمه بهذه الصفات أنها مستسلمة، وتتحكم فيها الظروف المحيطة بها، وعلى رأسها الأوضاع الاقتصادية، وأمثال هؤلاء يعلمون أن ما يفعلونه يقلل من قيمتهم وهيبتهم وسط الناس إلا أنهم مضطرين أن يمارسوا هذا الفعل المنافي لطبيعة الإنسان وبالتالي يهضمون حقوقهم المكفولة شرعاً بالديانة الإسلامية، والتي أوضحتها لهم بجلاء، خاصة وأن الإنسان عزيز، وكرمه الله سبحانه وتعالي، وعليه السؤال الذي يفرض نفسه لماذا يخضع الإنسان ذاته لـ(الإذلال) و(الإهانة) من أناس ربما لا يسوون شيئاً مقابل ما يمتلكه هو من (موهبة)، (إمكانيات) و(طاقة) غير مكتشفه، وذلك يعود إلى ركونه لحيز ضيق جداً، ربما هو الذي جعله يفكر بشكل سالب.
فيما يكمن مفهوم كيفية صناعة الذات القوية على اكتشاف الموهبة أولاً، ومن ثم العمل على تنميتها، وذلك من خلال الاكتساب المعلوماتي بالإطلاع والثقافة والتطور والمواكبة خاصة وأن العالم أصبح منفتحاً على الآخر، والذي بدوره تسيطر عليه ثورة التقنية الحديثة والمعلومات المتدفقة عبر (العولمة) ووسائطها المختلفة، والتي أصبحت مع مرور الزمن تصنع للبعض (كاريزما)، (هيبة) و(قوة)، إلا أن البعض لا يوظفها توظيفاً صحيحاً للمحافظة على (خصال)، (قيم)، و(أخلاق) يحتاج إليها المجتمع، لذا على الشخصية القيادية أن تكون صاحبة مواقف قوية، ولا تجامل على حساب الديانة الإسلامية والوطن والمجتمع، وأن لا تتنازل عن حقوقها الدستورية والقانونية، لكي تستطيع أن تضع بصمتها الإيجابية في الحياة.
من أقوي وأيقظ الشخصيات تلك التي تمتلك (كاريزما) تعبر بها عن قدرتها على جذب من حولها، خاصة إذا كانت هذه الشخصية (متفائلة)، (حيوية)، (مبتسمة)، و(واثقة) في النفس، وفي (أقوالها، (أفعالها)، (مواقفها) و(مبادئها)، والتي يجب أن لا تتغير أو تتزحزح أو تتنازل عنها، خاصة وأن كلمة (كاريزما) في الأصل مشتقة من الكلمة اليونانية (charizesthai)، وتعني إبراز الشخصية المعنية للصفات الإنسانية المميزة.
وحينما نعود لمصطلح (كاريزما) نجد أن أول من أستخدمه هو عالم الاجتماع الألماني (ماكس فيبر)، وذلك من خلال مؤلفه الشهير (القانون في الاقتصاد والمجتمع)، لذا نجد أن أعداد بسيطة لها القدرة على القيادة وفقاً للمعني الحقيقي للمصطلح، وبالتالي تكون لديهم القدرة على التأثير في من هم في محيطهم بـ(الكاريزما) المتطلبة في الإنسان أن يكون اجتماعياً لإيصال الدعم الإنساني تأكيداً على أهمية الآخر في حياته، والذي يحتاج منه أن يظهر له الثقة بتحريك المشاعر الايجابية خاصة وأن الشخصية ذات المواصفات القيادية غير قابلة للانتقاص من قدر الآخرين، والذين ربما تكون لديهم ذات (الكاريزما) إلا أن الظروف المحيطة بهم وحدها التي وضعتهم في درجة أقل لعدم قدرتهم على زيادة قوة شخصياتهم، وامتلاك القناعة الكافية، والاتّصاف بالجد والالتزام بخط صارم وجاذب في ذات الوقت، ومقنع للناس الذين ينتظرون منك إيجاد الحلول الناجزة للإشكاليات التي تعترض طريقهم ما بين الفينة والأخرى، بالإضافة إلى امتلاك القدرة على التشجيع والتحفيز وكسر الجمود من خلال الاستماع وترتيب الأحداث حسب الأسلوب المناسب لها مع الأمانة والصدق في التواصل مع من حولك، بالإضافة إلى اشعارهم بالاهتمام والتميز.
بينما يجب على الشخصية القيادية استخدام المهارات العاطفية والاجتماعية في فن الإدارة، فهي تؤثر في من حوله وتجذبهم إليه، وبالتالي تنشأ بينه وبينهم علاقات متينة في الإطار العام والخاص ، مما يتيح له التحكم فيهم عند الحاجة إليهم، سواء كان ذلك بـ(اللفظ) أو (النظَر)، فهي أقوى الطرق للاتصال والتواصل.

سراج النعيم يكتب : ما هو المصير الذي سيؤول إليه الرئيس المخلوع (عمر البشير)


بلاغ بتقويض نظام الحكم الدستوري في البلاد يشمل رموز النظام
...........
ضحايا كثر تعرضوا للتهديد والإرهاب الفكري بالسياسات القمعية
............السؤال الذي يتبادر لأذهان السودانيين بصورة شبه عامة، ما هو المصير الذي سيؤول إليه الرئيس المخلوع (عمر البشير)، والذي دار في إطاره جدلاً واسعاً حول تسليمه للمحكمة الجنائية الدولية من عدمه أو محاكمته في الداخل، وهو التحدي الذي ينتظر الحكومة المدنية المشكلة بموجب الاتفاق بين المجلس العسكري السابق، وقوى إعلان الحرية والتغيير، وهو الاتفاق الذي لبي مطالب الثورة الشعبية ، خاصة وأنه ضحي تضحية غالية من أجل الوصول لهذه المرحلة المفصلية من تاريخ السودان الحديث، أي أنه صبر وثابر وناضل للإطاحة بنظام الرئيس المخلوع (عمر البشير)، والذي ظل يتقلد مقاليد الحكم ثلاثة عقود من التسلط ، الجبروت بلا رحمة أو رأفة؟، عموماً يظل السؤال قائماً إلى أن يقدم (البشير) ورموز نظامه الفاسد إلى محاكمات عادلة ترد للشعب السوداني كرامته.
ومما ذهبت إليه، فإن (البشير) جاء لسدة الحكم في الثلاثين من يونيو من العام ١٩٨٩م بالانقلاب العسكري على شرعية الإمام الصادق المهدي، زعيم حزب الأمة القومي المنتخب، وعليه فإن ما قام به ورفاقه يعد تقويضاً للنظام الدستوري في البلاد، مما يعني أنه في إمكان الإمام الصادق المهدي المطاح بحكومته الشرعية اتخاذ الإجراءات القانونية ضده، ومن سانده على ارتكاب الجرم نسبة إلى أنه ورفاقه عرضوا البلاد إلى عدم استقلالها، وعلى خلفية ذلك ظل النظام السابق يشرع في القوانين لحماية نفسه، وهي قوانيناً تعتبر من يعارضه سياسياً مقوضاً للدستور بشكل مباشر أو غيره، ويعتبر نظام (البشير) ذلك النهج جرماً جنائياً تصل عقوبته حد الإعدام أو السجن مدى الحياة.
من المعروف أن الأنظمة الديكتاتورية دائماً ما تفصل القوانين لتتوافق مع ما يضمن لها البقاء في السلطة أطول فترة ممكنة، وذلك بعيداً عن الانقلابات العسكرية أو الثورات الشعبية، مما يجعلها تخطط تخطيطاً أمنياً تلصق من خلاله التهم للخصوم السياسيين الألداء، وهي قطعاً ترمي من وراء ذلك إلى إبعادهم عن المشهد السياسي، إلى جانب أنها تكمم افواه المعارضين، الإعلاميين، الصحفيين والنشطاء حتى لا يبدون آرائهم في سياسيات النظام الفاشلة، وبالتالي ظل يمارس اصنافاً من القمع مستقلاً سلطات القبض أو الاعتقال منتهكاً بذلك لحقوق الإنسان.
وعندما أتطرق لهذا الملف، فإنني أتناوله من واقع أن هنالك ضحايا كثر تعرضوا للتهديد والإرهاب الفكري بالسياسات القمعية المنتهكة للحقوق المشروعة، والتي في إطارها ارتكبت مجازر تاريخية في حق الصحف عموماً، والتي على ضوئها تكبدت خسائراً مالية كبيرة، ولم يأبه بما حدث، وعليه درج النظام البائد على توجيه التهم للسياسيين، الإعلاميين، الصحفيين والنشطاء، ومن ثم القبض أو الاعتقال والإيداع في الحراسات أو المعتقلات، وبعد التحريات معهم تحول البلاغات إلى المحاكم المتخصصة، وبما أنها تندرج في الإطار السياسي يتم شطبها، وإخلاء سبيل المتهمين، هذا يعد ضرباً من ضروب استغلال السلطات، وذلك وفقاً للقانون المفصل لحماية نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، فمن المعروف أن الأنظمة الديكتاتورية تفصل القوانين لتتوافق مع ما يضمن لها بقاءها بعيداً عن الانقلابات العسكرية أو الثورات الشعبية، وبالتالي تعمل على لصق التهم وفقاً لما هو مشرع، وذلك لترهيب الخصوم السياسيين الألداء، وترمي لإبعادهم عن المشهد السياسي، وعدم إبداء آرائهم في سياسات النظام البائد، ومن يخالف ذلك يعرض نفسه للخطر بالطرق المشروعة أو غيرها، وهي أساليب تدعو إلى انتهاك حقوق الإنسان، وبالتالي لعبت الميديا الحديثة دوراً طليعياً في الإطاحة بالنظام السابق، فهي ارعبت واخافت نظام الرئيس المعزول (عمر البشير)، مما دفعه إلى سن تشريعات تمثلت في قانون جرائم المعلوماتية، ومن ثم خصص لها نيابة ومحكمة، وهي كانت قوانيناً للتخويف من كشف (الفساد) المستشري في مفاصل الدولة، والتي فتح في ظلها عدداً من البلاغات، عموماً تضرر الشعب السوداني ضرراً بليغاً من القوانين المشرعة من نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، إذ أنه كان بمثابة صك للسلطات الرسمية لممارسة القمع، القهر، والظلم، وحماية النظام السابق، وقد ظل في هذا الإطار يعاني الناس منها لسنوات، فلا يمضي يوماً إلا ويكون من يعارضون النظام البائد حاضرين لدي الأجهزة الأمنية، وهي كانت تمارس ضغوطاً على من يقف ضد نظام البشير، مما يؤكد أنه كان يرتكب جرماً فادحاً في حق إنسان السودان، وقد بدأت المضايقات ومع هذا وذاك خاصة من يفتحون الملفات الساخنة المتصلة بالفساد الذي تشهده معظم مفاصل الدولة العميقة، والذي لم يسلم منه حتي الحقل الصحي، ومن نماذجه مستشفي الخرطوم بحري، والذي أتذكر في ظله أن شخصية مرموقة سألتني، هل تدري ماهية خطورة فتح ملف من هذا القبيل، وهل تعلم من يقف وراء شركات الأدوية، والشركات الأمنية المتعاقدة مع بعض مستشفيات ولاية الخرطوم وغيرها من الأسئلة؟، والتي لم أجد لها آنذاك إجابة، بل أتضحت لي الرؤية بعد أن بدأت معي بعض المضايقات من خلال الرقابة الأمنية والاستدعاءات أو القبض وفتح البلاغات، هكذا كان النظام المعزول يصفي حساباته مع من يقف ضد مصالحه، والتي درج على انتهاجها على مدي ثلاثين عام، مما يجعل الكثيرين يداومون ذهاباً وإياباً ما بين الأجهزة الأمنية، النيابة والمحكمة، وهي كانت عبارة عن (جرجرة) بدليل أنها يتم شطبها، مما يعني أن نظام الرئيس البشير يستغل السلطات مطوعاً لها لصالحه، لذلك واجه هو تهماً تتعلق بجرائم حرب، وإبادة جماعية في إقليم دارفور المضطرب منذ العام ٢٠٠٣م، والتي صدر بموجبها مذكرة اعتقال من قبل المحكمة الجنائية الدولية، والتي طالبت بعد خلعه تسليمه إليها للنظر في التهم الموجهة إليه، خاصة وأنها تعد انتهاكاً لحقوق الإنسان، والذي ظل صابراً على الظلم الذي تعرض له، لذا على السلطات الإسراع في وضع حد للجدل الدائر حول محاكمة البشير حتى يخفف ذلك على أسر الضحايا شمالاً وجنوباًـ شرقاً وغرباً، وبالتالي يجب محاكمة (البشير) ليس على جرائم غسيل الأموال وحيازة النقد الأجنبي فقط، إنما محاكمته في الجرائم المتهم في إطارها من المحكمة الجنائية الدولية، خاصة وأن جرائمه المرتكبة ضد الإنسانية تتعلق بجرائم إبادة جماعية، جرائم حرب شهدها إقليم دارفور المضطرب منذ العام ٢٠٠٣م، بالإضافة إلى أنه وقف حجر عثرة أمام الحريات الشخصية، الإعلامية والصحفية، وعليه فإن محاكمته تصب في صالح التغيير الذي ينشده الشعب السوداني عموماً، كما أنها تحفظ لأسر الضحايا حقهم الذي كفلته لهم الاتفاقيات والمعاهدات الدولية والدستور والقانون السوداني، وبالتالي فإن الجدية في محاكمة البشير ورموز نظامه مكسباً كبيراً للسودان الذي ظل خارج منظومة المجتمع الدولي على مدى ثلاثة عقود، وبالتالي يحتاج إلى رفع اسمه من قوائم سجل حقوق الإنسان، الإرهاب بعد أن تم الزج به ورموز من نظامه السابق في السجن الاتحادي (كوبر)، والذين يجب أن تكون محاكمتهم محاكمة عادلة على كل ما ارتكب من انتهاك في حق إنسان السودان، فمحاكمتهم يجب أن تكون علناً، وقطعاً ستكون فتحاً جديداً للسودان، خاصة وأنني لا أومن بمقولة (عفا الله عما سلف)، وذلك من أجل إعادة العلاقات الدبلوماسية مع الأمريكان، الأوروبيين، الآسيويين، العرب والإفارقة.
إن المحكمة الجنائية الدولية تختص بالنظر في القضايا المرتكبة في حق الإنسانية، وبالتالي محاكمة البشير ورموز نظامه الفاسد مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بحقوق لها علاقة بالحق العام والخاص، وعليه يجب أن تكون محاكمة البشير ورموز نظامه المعزول عادلة حتى يتمكن كل سوداني متضرر من أخذ حقه كاملاً لا منقوصاً وبالقانون، وكان يفترض أن تبدأ محاكمة المخلوع عمر البشير ورموز نظامه السابق أولاً بتقويض النظام الدستوري في البلاد في ٣٠ يونيو ١٩٨٩م بالانقلاب على الشرعية، ومن ثم جرائمه في إقليم دارفور المضطرب منذ العام ٢٠٠٣م، بالإضافة إلى جرائم قتله لشهداء رمضان، والمتظاهرين العزل، وغيرها من الجرائم المستمرة منذ تقلده نظام الحكم في البلاد قبل ثلاثة عقود.

سراج النعيم يكتب : رجاء مجذوب رحيل مفاجئ


الفنانون يبكون رحيل رمانة الصحافة وهذا سر علاقتها بابن البادية
..........
هذا ما كتبته على شاهد قبرها : شكراً يا من علمتني معني الحياة
..........
ها أنا أكتب بحبر القلم، بل أكتب بدماء القلوب، ها أنا أتمزق من الداخل، فعذراً يا من كنتِ كل الأمل والرجاء، أعلم إنني تأخرت كثيراً، فلم أكن أدري أن القدر يخبئ لي كل هذا الألم، الحزن، الجراح التي لن تندمل بمرور الأيام، الشهور والسنين، ها هي تلك الاحاسيس تتدفق عبر السطور، وتقودني إلى ما لم أكن أأمل فيه، مما يجعلني أبحث عن ملاذ فلا أجد سوي أن ألوذ للصمت، نعم الصمت، فالزمان والمكان لم يعدا كما كانا، والأشياء لم تعد تشبهنا، وأصبحت تشعرنا بأن ما نسطره من كلمات صادقات لا يصل إلى من نحب، وأن أحلامنا ما عادت تتسع لما نصبوا إليه، لماذا رحلتِ بصمت وهدوء، وتركتِ وراءك مسافات من الألم، الحزن، والجراح.
من أصعب الأشياء على الإنسان أن يعبر عما يجيش في دواخله الممزقة أصلاً بالألم، الحزن والجراح العميقة التي تتقاذفها الهواجس والأفكار يمني ويساراً، فكم كان رحيلك مؤلماً، نعم مؤلماً حد النخاع والعظم، وإن كان الرحيل عندي لا يعدو سوي رحيلاً جسدياً، لأنك ستبقين خالدة بذات الألق ونقاء السريرة، الإنسانية، الخلق الرفيع، الأدب الجم والكرم الفياض، هكذا كنتِ تحملين في معيتك كل صفات النبل، نعم النبل الذي لم تؤثر فيه الأجواء المتقلبة أو الظروف القاسية، هكذا كنتِ حتى تهبى الآخرين الأمل رغماً عن تقلبات الحياة المريرة، لذا كان فراقك هو الأشد قسوةً وإيلاماً، لقد رحلتِ بهدوئك، رحلتِ دون أن تستأذني أحداً، نعم رحلتِ رحيلاً مراً، رحيلاً خلف وراءه حزناً دفيناً لا أظن أن تياره الجارف سيهدأ إن طال الزمن أو قصر.
لماذا رحلتِ باكراً في ذلك الصباح الذي أشرق حزيناً، إذ تلقيت الخبر الحزين الذي يؤكد أنك رحلتِ نحو طريق اللاعودة، نعم رحلتِ وتركتِ لنا الآهات وزفرات القلب، هكذا أجد نفسي مسكوناً بالألم، الحزن والجراح، فقد سبقك على هذا الرحيل المؤلم والدي الذي أحبك أكثر من بناته، ثم رحلت والدتي التي كانت تتحدث عنك بحب عميق، وأنتِ ترافقيها في حلها وترحالها، وها هو رحيلك يضاعف من ألمي، حزني وجراحي، إذ لم أكن أضع في حساباتي أنك سوف ترحلين عن الدنيا نهائياً، ولو كنت أعلم لكنت غيرت الكثير من الأخطاء التي ارتكبتها في حياتي، ها أنا أتذكر كل تفاصيلك المميزة ومشاعرك الإنسانية المتدفقة لخدمة الآخرين، ها أنا ألملم أحاسيسي التي تبعثرت بالقرب من قبور من احببت من هم بداخله أكثر من نفسي، وها أنا اتضرع لك بالدعاء يومياً، وسأكتب على شاهدك قبرك : (اللهم تقبل رجاء مجذوب قبولاً حسناً، فهي إنسانة تفيض بالإنسانية، اللهم أدخلها مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا).
كانت الراحلة رجاء مجذوب تمتاز بصفات عبادك الصالحين المتصالحين والمتسامحين مع أنفسهم والآخرين)، ومع هذا وذاك لم تكن تضطر للاستسلام لأي ظروف كانت تمر بها، ولم تكن تتنازل عن كبرئايها أو مبادئها في الحياة، لذا لم أكن أتصور نهائياً أنها سترحل بكل هذا الهدوء دون أن تعود لبث الأمل في أوساط من يعرفونها، هكذا جاءت إلى الدنيا ثم أبدعت فيها بتخليد اسمها بأحرف من نور، ومن ثم تركتنا للألم، للأحزان والجراح، إلا أن إنسانيتها ستزيدنا قوة ودافعاً للاستمرار فيما انتهجته من إنسانية على مدي سنوات حياتها.
ومنذ أن طرق أذني نبأ رحليها إلا وأصبح المكان ليس مكاناً، والإحساس ليس إحساساً، والأشياء من حولنا لم تعد كما كانت، فالرحيل أقوي من إرادة الإنسان الذي يمتلك طاقة محدودة على الاحتمال.
هاهي رجاء مجذوب التي أعرفها المعرفة الحقة تودع الدنيا بكل ما فيها من معاناة، وتتركنا نتبع مراسماً لا نحبذها لارتباطها بالوداع المؤلم، هاهي تودع الأسرة، الأهل، الأصدقاء والزملاء الذين عاشت معهم حياة قصيرة، ولكنها مليئة بالإبداع المقترن بالإنسانية، وخلال ذلك الإرتباط نشأت أحاسيس، ومشاعر إنسانية نبيلة، ثم كبرت تدريجياً وتعمقت في الدواخل يوماً تلو الآخر، لذلك عندما تلقي الشاعر الكبير اسحق الحلنقي، العم مهدي مضوي فاكهة اتحاد الفنانين، الموسيقى عبيد محمد أحمد، الجندي، البروفيسور الفاتح حسين، الدكتور عبدالقادر سالم، سيف الجامعة، محمود تاور وكل أعضاء إتحاد الفنانين، خبر رحيل الأستاذة الإنسانية المخلوقة رجاء مجذوب حزنوا حزناً عميقاً، لدرجة أنهم بكوها بالدمع السخين، فرحيلها كان مفاجئاً مثل رحيل الأب الروحي لها ولي الفنان الملك صلاح بن البادية، ورغماً عن أن ذلك الرحيل أصبح رحيلاً حتمياً، إلا أنه قائماً على فلسفة وداع من نحب، وعندما يصبح ذلك الرحيل حقيقة ماثلة أمامنا، فإننا نحاول جاهدين إنكاره ليس ضعفاً إلا إننا لا نستطيع احتمال ما كان تحتمله استاذتي (رجاء مجذوب على)، فهي كانت إنسانة مختلفة في كل تفاصيلها.
ومما ذهبت إليه، فإنني كنت أدرك تمام الادراك أن لكل منا رحيل إلا أن رحيل رجاء بت مجذوب تساقطت في إطاره الدمع مدراراً، وكيف لا وهي التي كانت تكرس كل وقتها لخدمة الإنسانية، والتي جعلت الناس جميعاً يبادلونها الحب بحب أعمق منه، وهي بدورها لم تخذل كل من طرق بابها الذي كان مفتوحاً على نافذة الإنسانية، هكذا جعلني رحيلك المفاجئ أن أدرك صعوبة التفكير في الرحيل، والذي تبدأ معه مرحلة جديدة، وهي مرحلة نحاول من خلالها النسيان، وإن كان النسيان في حد ذاته يطرح أسئلة حول البقاء في الحياة بدون أولئك الذين يجملونها بالإنسانية، فالحياة ما هي إلا لحظة قصيرة جداً نعيشها بحلوها ومرها، ثم نرحل عنها نهائياً، وهو رحيلاً خارج عن الإرادة، لذلك على كل إنسان أن يكون إنساناً صادقاً في إنسانيته، ومع نفسه ومع الله سبحانه وتعالي.
كلما تذكرت تلك اللحظات أجد نفسي اختزل أيام، شهور وسنوات من الذكريات الجميلة مع سيدتي رجاء مجذوب على التي كان لديها قدرة على إخفاء ما تحس به من ألم حتى في أحلك الأوقات، وذلك من أجل إسعاد الآخرين، فأعلم أنها كانت تتقطر ألماً، ورغماً عن ذلك الألم كانت تتمسك بإنسانيتها بصبر وحكمة، لذا حينما ترحل إنسانة في قامة رجاء مجذوب، فإنها بلا شك تترك فراغاً كبيراً، وتجعل الأجواء مفعمة بالألم، الحزن والجراح، ومهما تحاول اخفائها لن تستطيع، وستجد نفسك مرغماً ومحاصراً بقوة ما تفرض على الإنسان أن يكره وداع إي إنسان عزيز عليه، مما يجعل كل إنسان يمر بتلك اللحظات إنساناً ممزقاً من العذاب، وأي عذاب هو الذي تصاحبه ذكريات وتفاصيل مؤلمة، هكذا سنلحق بك عاجلاً أو آجلاً، نعم سنرحل بوداع أو بدون وداع، سنرحل إن طال الزمن أو قصر، سنرحل وفي القلب حسرة ومرارة.
إن رحيلك سيدتي رجاء مجذوب على أخفي بين طياته الكثير من الحزن الممزوج بالألم، وبالرغم من أننا نحاول التصدي له إلا أنه أقوى منا بكثير حيث نجد أنفسنا منقادين إلى سهر الليالي الذي نغيب في عوالمه بحثاً عن التخفيف، ولا نأبه بدموعنا عندما يرخي الليل ستوره، فإنه وأخيراً أصبح كل منا وحيداً يسامر أربعة جدران يرمي لها كل همومه وآلامه وأحزانه وجراحه ومراراته، ومع ذلك نحرض على ذهاب الإنسان للبحر ليرمي بكل ما يحس به من ألم في قاعه الذي لا قرار له، نعم أنه بحر الرحيل الذي تبحر فيه سفننا لترسو بنا في شواطىء بعيدة، شواطئ يتنازعها إحساس غريب وعجيب، إحساس يدفعها إلى غرس لحظة أمل ورجاء تجعل الإنسان يمعن في تفكير عميق فيما آل إليه، وفي لجة ذلك التفكير يجمع من حوله ظلال الأيام والشهور والسنوات المصحوبة بالألم، الحزن والجراح، هكذا يقلب الإنسان صفحات من حياته الماضية المكتوبة في دفاتر مليئة بالأوراق، وأي أوراق هي سوي أوراق عمر يتساقط ، وتتساقط أوراق الذكريات المتصلة بالماضي، خاصة وأن الحاضر يكشر عن أنيابه، فلا يدع لنا سوي المداومة على التفكير بحثاً عن أشياء ضائعة، هكذا عشنا الماضي الذي يرافق الحاضر في حله وترحاله إلا أننا كنا مشدودين نحو الماضي أكثر من الحاضر، وأي ماضي هو غير ماضي موحش بذكرياته.
هي كانت سيدتي وأستاذتي التي علمتني معني الحياة، لذا أجد نفسي مجبراً على الصمت الذي أعيش في ظله ألماً، حزناً وجراحاً لا أظن أنها ستندمل بمرور الأيام، فهي سلبت مني كل ما كنت أرجوه في هذه الحياة القاسية، إذ أنها لم تتح لي فرصة لتحقيق أحلام رسمناها على مدي سنوات وسنوات.
رغم إنني أؤمن بأنه لا مهرب مما هو مكتوب، إلا أن ألمي، حزني، وجراحي ترغمني على ترجمة احاسيسي ومشاعري، هكذا أحاول جاهداً الإفصاح عما يعتمل في دواخلي فتارة بالصمت العميق، وتارة آخري بالبكاء الذي لا استطيع أن أمنع منه نفسي، هكذا ينحصر تفكيري في اتجاه، هكذا أركن لما يعشش في رأسي، لأنني وكلما قلت إنني ودعت الألم، الحزن والجراح تبدأ تطل في حياتي مجدداً، وبصورة أعنف مما كنت أتخيل، هكذا اعتدت عليها، فهي في كثير من الأحيان تغرقني في الحزن لدرجة أنها تنسيني أن أتذوق طعماً للحياة، إذ لا تجدي الجدران التي شيدتها للحيلولة دون تدفق الاحاسيس والمشاعر المختلفة، والتي تفرض على واقعاً لم أألفه قبلاً، هكذا اتألم ألماً شديداً، وتغمرني الأحزان العميقة، وتتجدد الجراح الغائرة، والتي كنت أظن لوقت قريب إنني غادرتها إلا أن قلبي عاد إليها وحال بيني والأفراح، فإلى متي يظل قلبي يؤلمني، ويغمرني بالأحزان، ويعمق الجراح دون أن تندمل، فالذكريات تقف يومياً في ذات المكان، وتنظر إلى ألمي، حزني وجراحي بلا أمل أو رجاء للخروج من تلك الحالة بعد أن سقطت آخر ورقة للتفاؤل في الحياة، فلم أعد قادراً على العيش بعيداً عن الألم، الحزن والجراح، ولم أعد قادراً على مجابهتها رغماً عن كل المحفزات، لذا أحب أن أوكد لك إنني سأوفي بوعدي الذي قطعته في يوم من الأيام إلا وهو أن لا أموت إلا واقفاً كالأشجار.
ها أنا اترجم آمال وأشواق ضائعة في رحاب عمر يبدو أنه سيظل تائها دون أن يهدأ حسي، أو أن اخشي على نفسي الساكنة في لهفة الروح الشاردة، فالرياح العاتية تعصف بي، وتطفئ شمعتي المضيئة، ها أنا أجد نفسي غارقاً في سيل من الدموع بعد أن غابت عني الأفراح سنيناً عدداً، وأجد أن الأحاسيس والمشاعر الإنسانية كنت أعيشها وسط أناس موغلين في العمي، إذ أنهم لا يرون أن الموت مصيراً محتوماً، وأنه ليس الخسارة الكبري في الحياة، بل هو الخسارة الأكبر من ذلك بكثير، فالموت ليس موت الإنسان، إنما الموت هو موت الاحاسيس والمشاعر بالرغم من أننا ما زلنا على قيد الحياة.
عزيزتي كم كنت أحلم بأن تعيد لي الحياة يوماً ما ذاتي، إلا إنني فشلت فشلاً رغم محاولاتي المتكررة، لذا لا أجد عزاء سوي دموعاً تنهمر، دون أمل أو رجاء في مستقبل بعيداً عن الغرق في لجة بحور اليأس المظلمة، فالاقسي والاشد ألماً، حزناً وجراحاً جعلتني في حالة من التعاسة والشقاء، فأنا أحس بأنني في أمس الحاجة إلى البكاء الذي تتساقط في إطاره دموعي مدراراً.

سراج النعيم يكتب : الأخطاء في نظره جريمه


مما لا شك فيه، فإن أي علاقة إنسانية بين شخصين تشوبها بعض الشوائب بسبب تدخلات طرف ثالث في إطارها دون سابق إنذار، وهذا الشخص الثالث وفي كثير من الأحيان يبدأ في الايقاع بين الشخصين الناجحين بـ(النميمة) و(القوالات)، هكذا يمارس فعله المشين لغرض في نفسه وهو في الغالب يعود إلى  إشكاليات نفسية متراكمة، وبالتالي دائماً ما يكون ذلك الشخص في غاية الانزعاج كون أنه شاهد علاقة ناجحة في المحيط الأسري أو العمل أو المجتمع، فمثلها تشعره بـ(الفشل) الذي سيطر على حياته عموماً، لذلك يكون حريصاً على إظهار (عيوب) من يدور في فلكهم دون مراعاة لما يسفر عنه نهجه السالب، والذي لا يدع مجالاً لمن يستهدفهم للالتزام بعوامل النجاح، هكذا يمارس فعله (القبيح) في كل حركاته وسكناته، ورغماً عن أنه واضحاً فيما يهدف له إلا أن البعض ينجرفون وراء تياره دون وعي، وكأنهم لا يعلمون أن أى علاقة ناجحة يجب أن لا تسمح لأي طرف ثالث بالتدخل، فالعلاقات الإنسانية قائمة أصلاً على الاتفاق والاختلاف الذي يحدث ما بين الفينة والآخري، وهي دائماً ما تكون في نطاق محدود جداً إلا أن الطرف الثالث يعمد إلى توسيعها، لأنه يسعي في ظلها سعياً حثيثاً لعدم استمرارها، مما يتطلب من الطرفين الناجحين عدم الانصات له أو منحه مساحات يتحرك في إطارها في حياتهم نسبة إلى أنه لن يتركهم يهنئون بالنجاح، فضلاً عن أنه يفعل مقدرته في هز الثقة بالنفس لإفشال تلك العلاقات، لذا يجب عدم الركون له ولأفكاره (الهدامة)، وهي تدعو صراحة للخنوع الذي يضيق خناق التفكير في تقييم التجربة الإيجابية من أجل تجاوز السلبيات.
إن الطرف الثالث (الدخيل) يعمل على هز الثقة بين الشخصين الناجحين من خلال تشجيعهما على إنكار نقاط القوة والضعف، و هذه النقاط تحديداً تكون مدخلاً له، خاصة وأنه يعتقد اعتقاداً جازماً بإنه إنساناً ذكياً، إلا أنه في الحقيقة إنساناً (ساذجاً) بكل ما تحمل الكلمة من معني، وهذا يعود إلى أن نطاق معرفته محكوماً بـ(الفشل) الذي أدمن التوسع فيه، بالمقابل هذا النطاق المحدود يضيق للنجاح، لذا عليه أن يكون متنبهاً لما يمكن أن يسفر عنه تفكيره السالب من إشكاليات نفسية في المستقبل، فالحاضر بالنسبة للناس كشف لهم أنه مجرد إنساناً منتفخاً بـ(الفتنة)، والتفريق بين الأشخاص الناجحين في علاقاتهم الإنسانية، وبالتالي هو لا يعرف حدوده في التعامل معها من قريب أو بعيد، لذلك يعمل جاهداً على إفشالها لإرضاء الفشل المتجذر في دواخله، وتأكيداً لذاته المريضة، فهو بلا شك إنسان (فاشل) إلا أنه رغماً عن فشله يصور نفسه (وهماً) أنه (ناجح)، وهذه واحدة من عيوبه التي لا يستطيع أن يتجاوزها، ولا يستطيع إنكارها مهما حاول، لذا من الأفضل له أن يختار تفريغ طاقته السالبة فيما يفيد الناس بدلاً من الأذي الذى يمارسه منذ سنوات ناسياً المرض والموت، وأن يترك العلاقات الناجحة تسير في طريقها دون أن يضع لها المتاريس.
ومن هنا يجب أن يدرك الطرفين جيداً أن الأخطاء في الحياة عامة جزء من تكوين البشرية، وهي ليس سبباً للفشل طالما أن الخطأ قابلاً للتصحيح، وخير الذين يخطئون من يعترفون بالخطأ الذى يعمدون إلى تصحيحه فيما بعد ، لذا أكرر أن أى علاقة بين شخصين يسودها الإتفاق، ومن ثم يحدث الإختلاف، إلا أنه وفي الغالب الاعم نجد أن الكثير من العلاقات الإنسانية الناجحة تشهد كثيراً من الخلافات، وتتطور إلى مرحلة سيئة في حال أججها ذلك طرف ثالث ولو لم يكن مرغوباً فيه، ومثله أقل ما يوصف به هو أنه إنساناً (حشرياً)، لذا حري بالأشخاص الناجحين عدم إفساح المجال لأمثال هؤلاء لتعكير صفو حياتهم ، وأن لا يركزوا مع ما يبثونه من سموم ستؤدي في نهاية المطاف إلى أحداث هوة عميقة لا يمكن ردمها، مما يجعل العلاقة متوترة وفاترة بين الطرفين اللذين استجابا لذلك الشخص الذى درج على أن يتطاول على الناس تطاولاً مؤذياً، وهو قطعاً سيقوده أن طال الزمن أو قصر إلى التهلكة، وستجد ذلك ظاهراً في حياته مع مرور الأيام.
بالمقابل لا أتوقع من ذلك الشخص الذي يعمل على إفشال العلاقات الإنسانية للتراجع عما هو يرمي إليه، لأن الأمر أصبح عنده عادة يمارسها بشكل يومي، لأنه في الأصل تربي على الاهتمام بصغائر الأمور ولا يستطيع أن يحسن من سلوكياته المؤذية للآخرين، إذ أنه درج على ممارسة الأفعال السالبة المنافية لما هو طبيعي، ولا سيما فإنها ترتكز على إفشال العلاقات الإنسانية الناجحة من خلال تضخيم كل الأمور، والزعم أن الخطيئة مهما كانت صغيرة جريمة مقصودة.

بعد أن نزعتها منه رئاسة الجمهورية عائد من الاغتراب يخوض أطول قضية ضد نظام البشير في (قطعة أرض)

جلس إليه : سراج النعيم
..........كشف العم أحمد حسين حسين البنا، البالغ من (66) عاماً، العائد من الاغتراب بعد سنوات تفاصيل مثيرة حول أطول قضية ضد نظام حكم الرئيس المخلوع عمر البشير في قطعة أرض.
وقال : من حقي الطبيعي وفقاً للدستور والقانون أن أمتلك قطعة أرض، ومن حقي التنقل في كل إرجاء السودان، ما قادني إلى هذه المقدمة، هو إنني اشتريت قطعة أرض في العام ١٩٨٤م من مواطن يدعي (خضر زين العابدين) بالخرطوم وبعد إكمال المبايعة سلمني شهادة البحث وكتب عليها قيمة قطعة الأرض، وهي إلى الآن مسجلة بأسمي في سجلات أراضي الخرطوم الزراعية، وبعد ذلك شددت الرحال إلى السعودية، وعندما عدت منها طلب مني مقابلة وكيل نيابة الأراضي وكان أن فعلت، وفي التحري سئلت أين كنت في الفترة الماضية، فأكدت إنني كنت في السعودية فقالوا : يجب أن تحضر ما يثبت أنك كنت في المملكة العربية، فما كان مني إلا و أحضرت لهم جواز سفري، وبعد الإطلاع عليه قالوا : إن هذه الأراضي فيها تزوير، وإذا ثبت ذلك فإننا سوف نلقي عليك القبض، فرديت عليه قائلاً : جدا، وكان أن ذهب إلى سجلات الأراضي، وراجع القطعة فوجدها مسجلة بأسمي، وتم على خلفية ذلك تجديد شهادة البحث، وعليه منحت خطاب إلى مدير الأراضي يشير إلى أنني أملك ثمن فدان في منطقة الجريف، لذا يجب تسليمه لي، وبالرغم من الإجراءات القانونية إلا إنني لم استلمها منذ ثمانية سنوات، مما حدا بي اللجوء إلى السلطة العدلية التي منحني في إطارها النائب العام إذناً بأن اقاضي مصلحة الأراضي، وكان أن رفعت عريضة الدعوي للسلطات المختصة، وقد حكمت المحكمة لصالحي، وخيرة مصلحة الأراضي إما أن تمنحني قطعة أرض، وإما أن أعطي قيمة القطعة المعنية بسعر المتر في السوق، فلم تنفذ القرار القضائي، مؤكدة أن رئاسة جمهورية الرئيس المخلوع عمر البشير نزعت قطعة أرضي بمنطقة الجريف غرب، وخيرتني بين خطة اسكانية أو إعطائي قطعة أرض آخري أو تعويضي مالياً بقيمة سعر المتر في سوق الأراضي، إلا أن مصلحة الأراضي استئانفت قرار محكمة الموضوع لدي محكمة الاستئنافات، فما كان منها إلا وأيدت قرار المحكمة الابتدائية، ورغماً عن ذلك لم ينفذ الحكم، علماً بأن القطعة نزعها نظام الرئيس المخلوع عمر البشير لمصالح شخصية لا تستمد بصلة للمصلحة العامة، فإذا كان نزعت للصالح العام كنت تنازلت عنها بطوعي واختياري، فأنا ظلمت ظلم الحسن والحسين، إذ أن النظام البائد نزع قطعة أرضي، وأعطاها لشخص آخر لا أعرف من هو.
وماذا بعد ذلك؟
ذهبت إلى وزارة التخطيط العمراني لمقابلة الوزير، والذي بدوره طردني من مكتبه، وقال : أخرج من مكتبي، فأنت ليس لديك أي حق بطرفنا، فقلت له : انا لدي شهادة بحث تثبت ملكيتي لقطعة الأرض، بالإضافة إلى قرار المحكمة.
هل استسلمت بعد أن طردك الوزير من مكتبه؟
لا لم أستسلم، بل ذهبت إلى ديوان المظالم الذي نصحني باستلام استحقاقي.
فيما تشير الوقائع إلى أن قطعة الأرض نزعت بقرار جمهوري وفق المادة (5) من قانون نزع ملكية الأراضي لسنة 1930م، والتي تقرأ (إذا قرر رئيس الجمهورية مباشرة السلطات المخولة له بموجب أحكام هذا القانون لنزع الأرض لغرض عام يصدر إعلاناً بتوقعيه في ذلك المعني)، ولكن نفس القانون حدد الجهات التي تتولي اجراءات التعويض، وتشكيل لجنة التحكيم واستئناف قرارات اللجنة، والأسس التي تأخذ بها في التعويض، كل ذلك في المواد 13 وما بعدها من قانون نزع ملكية الأراضي لسنة 1930م، ولا تحدد هذه الأسس في الأمر الجمهوري نفسه، وقد نصت المادة (19) من القانون على قواعد التقدير (القيمة السوقية للأرض عند منح التعويض أي المبلغ الذي يمكن أن يتوقع أن تحققه الأرض إذا باعها بائع راغب في البيع في سوق مفتوحة) أي أن قيمة الأرض تكون بالقيمة السوقية أي سعرها إذا عرضت للبيع يوم العرض عدد تقدير للتعويض.



فنان الثورة السودانية يلوح بمقاضاة قناة (الجزيرة) القطرية بسبب العطبراوي







جلس إليه : سراج النعيم

 هدد الفنان الشاب أحمد النيل احمد قناة الجزيرة الفضائية باتخاذ الإجراءات القانونية في مواجهتها بسبب بثها أغنية (أنا لست رعديداً) للعطبراوي بصوته دون الإشارة لأصحاب الحقوق الأصيلة، والشئ الثاني هو أن القناة لم تأخذ منه الإذن المسبق لبث الأغنية عبر شاشهتها، ومن ثم رفع الأغنية عبر موقع (اليوتيوب)، مؤكداً أنه عندما غناها كانت المسالة مرتبطة بمشاركته في الثورة الشبابية الشعبية السودانية، وهو شخصياً لم يقم بتسجيلها ونشرها، بل تفاجأ بها مبثوثه عبر قناة الجزيرة القطرية، ومن ثم على نطاق واسع عبر وسائل الميديا الحديثة (اليوتيوب)، (الواتساب) و(الفيس بوك)، وبالتالي حظيت الأغنية بانتشار واسع قاد الكثير من الثوار الشباب أن يطلقوا عليه لقب فنان الثورة.
ما الذي تنوي فعله فيما ارتكبته قناة الجزيرة القطرية في حق العملاقين العطبراوي ومحي الدين فارس؟
ما حدث بالضبط هو إنني غنيت الأغنية بغرض دعم الثورة الشبابية، والتي كنت جزءاً منها إلى أن أطاحت بنظام الرئيس المخلوع عمر البشير، وبما أن الأغنية حظيت بالقبول بصوتي قامت قناة الجزيرة الفضائية ببثها على أساس أنها الأغنية الأكثر تداولاً عبر السوشيال ميديا، إلا أن القناة ارتكبت خطأ فادحاً إذ أنها نسبت إلىّ الأغنية، متجاوزة بذلك أصحاب الحقوق الأصيلة، مما أدخلني ذلك في حرج شديد، لذا أردت أن أوضح اللبس الذي حدث فلا ذنب لى فيه من قريب أو بعيد، فلا يمكن أن أدعي أن أغنية بهذه الضخامة من إنتاجي، فأنا مجرد نقطة في بحر العطبراوي العميق، لذا أطالب وبشدة قناة (الجزيرة) تصحيح الخطأ الكبير الذي وقعت فيه، وفي حال أنها لم تفعل، فإنني مضطر إلى اتخاذ الإجراءات القانونية في مواجهتها حفاظاً على الحقوق الأدبية للعملاقين حسن خليفة العطبراوي ومحي الدين فارس.
هل قناة الجزيرة كتبت اسمك على الأغنية دون الإشارة إلى شاعرها محي الدين فارس وفنانها العطبراوي؟
نعم وهو الأمر الذي أغضبني جداً من قناة (الجزيرة) الفضائية، فالأغنية ليست خاصتي، بل هي للعملاق العطبراوي الذي سطر اسمه في تاريخ السودان بأحرف من نور، وأنا مجرد مؤدي للأغنية التي نسبتها لي القناة.
هل هنالك اتجاه لمقاضاة قناة الجزيرة؟
سوف أنتظر إدارة قناة (الجزيرة) للاعتذار عن الخطأ، وإعادة بث الأغنية مع حفظ الحقوق الأدبية للشاعر محي الدين فارس والفنان الكبير حسن خليفة العطبراوي، وأن يرسلوا أعتذاراً مكتوباً لأسرتي الشاعر محي الدين فارس والفنان حسن خليفة العطبراوي، فهما أصحاب الحقوق الأصيلة، وإذا لم تستجيب القناة لهذين الشرطين، فإنني ودون أدني شك مضطراً إلى وضع القضية على منضدة السلطات العدلية وفقاً لقانون حق المؤلف والحقوق المجاورة.
ما ارتباطك بمدينة (عطبرة) رمز الثورة الشعبية السودانية؟
أنا لست من مدينة (عطبرة) ولكن أحبها لأنها لعبت دوراً ريادياً في نضال الشعب السوداني، والذي ظلت تدعوه للتحرر منذ الاستعمار البريطاني الذي وقفت في وجهه، ودعمها العطبراوي بأغنياته النضالية الخالدة في الوجدان، ولعلك تابعت دخول (قطار عطبرة) لساحة الاعتصام أمام القيادة العامة بالخرطوم، وهو القطار الذي حسم نقاط الخلاف الدائرة بين الأطراف السودانية، لذا كنت حريصاً على أن أغني هذه الأغنية في هذا التوقيت تعبيراً عما يجيش في دواخل كل سوداني، وعندما اتجهت على هذا النحو، فإنني فعلت كما فعل سائر السودانيين الذين ثاروا ثورتهم المجيدة ضد النظام (البائد)، وبما إنني أحب مدينة (عطبرة) جداً كنت حاضراً في اعتصام الثوار الشباب أمام القيادة العامة بالخرطوم.
وماذا؟
منذ صغري وأنا متأثر جداً بالعطبراوي، وما انتجه من أغاني تدعو للتحرر من القيود اللا إنسانية، ورفع الظلم عن البشرية، وأنا أعتبره الأب الروحي لي في هذا المجال الذي اختارتني له موهبتي.
أين كنت قبل أن تبث لك قناة الجزيرة مشاركتك لأغنية العطبراوي؟
موجوداً في الساحة الغنائية إلا إنني كنت أعتقد أن نظام الرئيس المخلوع عمر البشير حصر الإعلام في نطاق ضيق جداً، وبالتالي لم تكن هنالك مساحات لكي أطل من خلالها على المتلقي، فهي كانت ترتكز على العلاقات الشخصية دون توزيع الفرص بعدالة، مما أدى إلى ظهور بعض الفنانين بشكل مكثف، وكأن حواء لم تنجب خلافهم، وهذا أن دل على شئ، فإنما يدل على أن (فساد) النظام السابق طال كل مؤسسات الدولة العميقة، وعليه أتمني من الحكومة الانتقالية الالتفات إلى الأجهزة الإعلامية وأحداث ثورة التغيير فيها، فهي كسائر المؤسسات عانت ما عانت.
هل كنت تتوقع أن تحدث لك أغنية العطبراوي كل هذه الضجة، وتجعلك فنان الثورة الأول؟
لا لم أكن أضع في حساباتي ذلك، لأنني حينما غنيت الأغنية غنيتها بإحساس الفنان الثائر على نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، بالإضافة إلى انني أصلاً معجباً بأغنيات العطبراوي.
هل تعتقد أن هنالك فنانين ساهموا في الثورة الشعبية السودانية؟
بكل تأكيد هنالك من لعبواً دوراً كبيراً في انزال شعاراتها على أرض الواقع، وهذا الدور مشهوداً من خلال المشاركة ببث الأغاني عبر وسائط التواصل الاجتماعي المختلفة، ومن ثم الغناء من خلال مسارح ساحة الاعتصام أمام القيادة العامة بالخرطوم إلا انني كنت محظوظاً كون انني رددت أغنية للعطبراوي،  بالإضافة إلى انني شاركت في مواكب الثورة منذ انطلاقتها الأولي.
ما الرسالة التي توجهها للأجهزة الإعلامية
أرجو أن تطبق شعارات الثورة الشبابية السودانية (عدالة، سلام وحرية) حتى يكون التغيير الذي حدث تغييراً حقيقياً وملموساً على أرض الواقع.
هل سبق لك الإطلالة عبر الأجهزة الإعلامية السودانية؟
تمت استضافتي عبر قناة النيل الأزرق، والفضائية السودانية وبعض إذاعات (الاف ام).
هل لديك أعمال غنائية خاصة بك ومن هم شعرائها؟
نعم لدي عدد من الأغاني الخاصة للشعراء أحمد البلال فضل المولي ومنتصر العاقب وبشير على الحاج والدكتور عوض إبراهيم عوض وآخرين.

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...