المجموعة المسلحة الليبية ترهن مصير الشباب السودانيين بقضية شقة شمبات الشهيرة
الرهائن السودانيين ظهروا في مقطع فيديو جديد يناشدون الفريق اول حميدتي
بعد مرور عام تقريباً عادت المجموعة الليبية المسلحة للمساومة بين السودانيين المحتجزين لديها، والمتهمين الليبيين الملقي عليهم القبض في جريمة قتل شقة (شمبات) الشهيرة، والتي أثارت قضيتها ردود فعل كبيرة لبشاعة الجرم المرتكب في حق الضحايا.
وجاء مقطع الفيديو الجديد صادماً إذ أنه أظهر الشباب السودانيين في موقف صعب جداً حيث أن الخاطفين يصوبون نحوهم السلاح مع التلويح بإطلاق الأعيرة النارية عليهم.
وقالت أسر الشباب المأسورين جنوب ليبيا منذ عام تقريباً دون أن يجدوا حلا يفك أسرهم ويعيدهم إلى بلادهم، بعد أن ظل الشباب السودانيين يرزحون تحت رحمة من بيده السلاح.
وقال محمد الأمين خال المحتجز محمد عبد الباقي مرجي البالغ من العمر (عشرون عاماً) : منذ بث مقاطع الفيديوهات التي تظهر أبنائنا المخطوفين لا ينقطع الزوار عن منزل أسرته بالجزيرة.
وأضاف : ابن اختي شد الرحال إلى ليبيا قبل عام من أجل تحسين أوضاعه وأوضاع أسرته الاقتصادية إذ أنه العائل الأوحد لأسرته المكونة من بنتين وخمسة أولاد، جميعهم يدرسون في مراحل دراسية مختلفة.
وأردف : بدأت قصة (محمد) مع ليبيا منذ اللحظة التي تكبد في إطارها المشاق، إذ أنه سافر إلى هناك عبر البر.
ومضي : عندما داهمت المجموعة المسلحة الليبية المكان الذي كان فيه ابن اختي (محمد) كان هو طريح الفراش مصاباً بالملاريا، وكان أن انتزعوا من يده محلولاً وريدياً كان يتلقاه، ومن ثم اقتادوه إلى مكان مجهول مع بقية الشباب السودانيين.
فيما طالب الشباب المأسورين جنوب ليبيا الفريق أول محمد حميدان حميدتي دقلو نائب رئيس المجلس السيادي، وقائد قوات الدعم السريع التدخل السريع لكي يفك الخاطفين الليبيين إسرهم الذي مر عليه عاماً تقريباً، ومع هذا وذاك ناشد أهالى الضحايا السودانيين أسر ضحايا شقة (شمبات) الشهيرة بالعفو عن الجناة حتي تطلق المجموعة الليبية المسلحة أبناءكم السودانيين المحتجزين جنوب ليبيا منذ عام تقريباً.
وأبدي البعض تخوفهم من أن ينفذ الخاطفين تهديدهم بتصفية الرهائن في حال تم تنفيذ الإعدام في المتهمين الليبيين المتورطين في جريمة قتل.
ووجه أهالى السودانيين الذين تم اختطافهم غرب مدينة (سبها) بليبيا نداء استغاثة إلى أسر ضحايا شقة (شمبات) الشهيرة بالاستجابة إلى العفو عن الجناة الليبين حتي يتم إطلاق سراح ابناءهم الذين ظلوا في الاحتجاز منذ عام تقريباً، خاصة وأنهم يعيشون أوضاعاً سيئة ومذرية على خلفية مشاهدتهم للمخطوفين عبر مقاطع الفيديوهات التي درجت المجموعة الليبية المسلحة على بثها ما بين الفينة والاخرى لممارسة المزيد من الضغوطات، والتي على إثرها لم يتلقوا اية تطمينات على ابناءهم أو تمكنهم من التواصل مع المجموعة الليبية المسلحة، مما قادهم إلى أن يركنوا لحالة يرثي لها، لذا ناشدوا أسر الضحايا السودانيين الذين قتلوا داخل شقة شمبات الشهيرة.
بينما أظهرت سلسلة مقاطع فيديوهات قصيرة المجموعة الليبية المسلحة، وهي تظهر الشباب السودانيين مكبلين بالسلاسل والأغلال الحديدية، مما جعل حركتهم محدودة من مكان إلى آخر، وهذا أن دل على شيء، فإنما يدل على أن المجموعة الليبية المسلحة منظمة تنظيماً دقيقاً ويتضح ذلك بجلاء من خلال إنتاجها فيديوهات بحرفية وتقنية عالية جداً، ومن ثم يتم بثها عبر (الفيس بوك) لممارسة ضغوطات علي أسر الضحايا الذين أطلقوا صرخات استغاثة إلى الحكومة والشعب السوداني وخصوا بها أهلهم في ولاية الجزيرة التي ينحدرون منها.
وأوضحت مقاطع الفيديوهات الشباب السودانيين الذين تم اسرهم في ظروف غامضة بعد أن اضطرتهم الأوضاع المعيشية في بلادهم للبحث عن عمل يكفلون من خلاله عوائلهم المغلوب على أمرها.
وفي ذات الإطار قالوا : بدأت قصة الاختطاف عندما جاء مواطناً ليبيا من مدينة (الكفرة) إلى مناجم الذهب بمنطقة (كلمنجة)، ووجه سؤالاً إلى من يعملون في تلك المنطقة، هل هنالك أي سوداني تربطه صلة بأي مسؤولين في الحكومة السودانية حتي يساعدني في إطلاق سراح نجلي (محمود) الذى يواجه تهمة القتل العمد في الخرطوم، وذلك على خلفية اتهامه بإرتكاب جريمة قتل بشعة شهدتها شقة تقع في منطقة (شمبات) الواقعة شمال مدينة الخرطوم بحري، وتصل التهمة الموجهة إليه حد الاعدام شنقاً حتي الموت، وهو الآن مودع في أحد السجون السودانية، إلا أن والد المتهم الليبي (محمود) وجد شباباً سودانيين بسطاء يتخذون التجارة، والتنقيب عن الذهب عشوائياً عملاً لهم.
وأضافوا : نفس الليبي الذي يبدو عليه أنه ينتمي إلى قبائل (التبو) توجه في اليوم التالي مباشرة إلى مكان إقامة السودانيين، واصطحب معه شاباً سودانياً إلى جهة مجهولة، ومر علي اقتياد ذلك الشاب السوداني أسبوعاً من تاريخه ثم جاء بعد ذلك ترافقة مجموعة ليبية مدججة بالأسلحة الخفيفة والثقيلة ليتم اختطاف شباباً سودانيين آخرين.
وبالانتقال إلى قصة الشاب المخطوف محمد عبدالباقي نجد أنه شد الرحال إلي مناطق التعدين عن الذهب بالحدود الليبية قبل أن يبلغ من العمر عشرين عاماً، وهو يعتبر أكبر أشقائه والعائل الأوحد لأسرته المكونة من (١٠) أشخاص، هاجر بحثاً عن سبل حياة معيشية كريمة، وذلك في ظل ظروف اقتصادية قاهرة تمر بها البلاد منذ سنوات وسنوات، ويدرس في تلك الظروف الاقتصادية بالغة التعقيد أشقائه في مراحل تعليمية مختلفة.
ومضت أسرته : (محمد) منذ صغره كان مهموماً بالأوضاع الاقتصادية لأسرته حيث عمل في مجال بيع (الصحف) السودانية بالخرطوم ثم عمل سائقاً لـ(ركشة) إلا أن هذه المهن لم تكن تسد العجز المالي لأسرته مما حدا به أن يهاجر إلى ليبيا، رغماً عن علمه التام بخطورة الأقدام على هذه الخطوة خاصة وأن ليبيا تشهد أوضاعاً أمنية غير مستقرة، وذلك منذ أن تمت الإطاحة بالرئيس الراحل (معمر القذافي) إلا أن البحث عن الحل لم يترك له فرصة التفكير في خطورة المكان، وما يمكن أن يوول إليه مصيره في المستقبل، فليس أمامه حلاً غير أن يبحث عن طوق للنجاة من (الفقر).
والتحق (محمد) بأبناء منطقته الذين ينقبون عن الذهب في منجم (كلمنجة) الواقع على الحدود المثلثة ليبيا وتشاد والنيجر، إذ بدأ مشوار الأغتراب بالعمل في أحد المحلات التجارية الخاصة ببيع الأزياء الرجالية، وما بين الفينة والآخري يتسلل إلى منطقة (الكفرة) الليبية لإحضار بعض البضائع، وكان (محمد) قد أطل على مشهد الرأي العام برفقة (8) من الشباب الذين تعود جذورهم لولاية الجزيرة وسط السودان، وهم مقيدين بالسلاسل والأغلال الحديدية، ويظهر خلفهم أفراد من المجموعة الليبية المسلحة بالبزات العسكرية، ويحملون في ذات الوقت أسلحة (خفيفة) و(ثقيلة).
إما الشاب المحتجز سيف الدين محمد بدوي، فهو يعتبر الابن الوحيد في أسرته، إذ أنه سافر إلى ليبيا باحثاً عن أوضاع اقتصادية أفضل تسهل لشقيقاته الأناث مواصلة دراستهن، إلا أنه لم يكن يدري أن مصيره سيكون مبنياً على المجهول، ويقع ضحية للمجموعة الليبية المسلحة.
وفي هذا الجانب ناشد أهالي الضحايا أسر ضحايا شقة (شمبات) التي شهدت أبشع جريمة قتل تمر على مدينة الخرطوم، مؤكدين بأن أبنائهم ليس لهم ذنباً فيما جري، فهم جميعاً أجبرتهم الظروف الاقتصادية على السفر إلى ليبيا بعد أن كانوا يعملون في بعض المهن البسيطة في السودان، وذلك من أجل مساعدة أسرهم والتكفل بنفقات تعليم أشقائهم.
من جانبها حرصت المجموعة الليبية المسلحة على تصوير الرهائن السودانيين في مقاطع فيديوهات أثناء تعذيبهم في منطقة صحراوية قاحلة مع حراسة مشددة من قبل بعض المسلحين، ثم منحوا كل شاباً من أولئك الشباب فرصة لمناشدة الحكومة السودانية من أجل الاسراع بفك اسرهم، وظلوا في كل مقطع فيديو من الفيديوهات التي يبثونها يتيحون للضحايا فرصة التعريف بأسمائهم والمناطق التي ينحدرون منها، ويلقون باللائمة على قنصل السودان بالعاصمة الليبية (طرابلس) أبان نظام الرئيس المخلوع عمر البشير لعدم الاستجابة لاتصالاتهم به، علماً بأن المجموعة الليبية المسلحة لم تطلب (فدية) نظير إطلاق سراح المعتقلين السودانيين الذين ظلوا يتعرضون للتعذيب والضرب، فضلاً عن إجبارهم على الركض في الكثبان الرملية، مع إطلاق أعيرة نارية في الهواء، وهكذا هي مقاطع الفيديوهات تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أنهم يعيشون أوضاعاً إنسانية (حرجة)، وتوضح أن المحتجزين لدي المجموعة الليبية المسلحة ثمانية سودانيين تم أسرهم كرهائن من قبل قبائل (التبو) جنوب ليبيا، وهم لا يطلبون مقابل إخلاء سبيلهم (فدية) مالية، إنما يرغبون في التفاوض مع مسؤول سوداني رفيع في قضية مجزرة شقة (شمبات) الشهيرة المتهم فيها (محمود) الليبي الذي ينتمي إلى تلك العشيرة، التي تساوم مقابل إخلاء سبيل السودانيين بإطلاق سراح الليبيين المتهمين في قضية شقة (شمبات) السبب الرئيسي وراء اختطاف الشباب السودانيين.
في سياق البحث عن الأسباب التي أدت إلى اختطاف الشباب السودانيين كتب الليبي عبدالحكم بلقاسم منشوراً عبر موقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) يبعث من خلاله برسالة إلى قاضي المحكمة السودانية التي تنظر في قضية شقة (شمبات) الشهيرة مشيراً إلى محاكمة الليبي (محمود أوشي)، والذي يواجه الاتهام بالإعدام شنقاً حتي الموت في قضية شقة (شمبات) التي راح ضحيتها سودانيين بصورة أقل ما توصف به أنها بشعة جداً، وقد هزت الرأي العام السوداني على أساس أنها من الجرائم الدخيلة على المجتمع السوداني، والذي لم يألفها قبلاً، وبالتالي أشار الشخص الذي يبدو أنه ليبي إلى أنه من عائلة المتهم (محمود أوشي)، مؤكداً أنه ينتمي لقبائل (التبو) عشيرة (أوشي).
وأضاف : إن المجموعة الليبية المسلحة المعتقلة للسودانيين الثمانية ترغب في إبرام إتفاق يقضي بتبادل السودانيين المحتجزين نظير المتهمين الليبيين الذين تعود جذورهم إلى جنوب ليبيا.
وجزم شاهد عيان بأن الخاطفين من إحدى القبائل الليبية واسعة النفوذ في منطقة المنجم، وهم لا يريدون فدية مالية، لكنهم - بحسب أقرباء للخاطفين- يعتزمون مساومة الرهائن بأحد أبنائهم الموقوف في جريمة قتل اهتزت لها الخرطوم قبل أشهر وراح ضحيتها اثنان من تجار العملة، عبر قتلهم وتقطيع أوصالهم.