إن الإحساس بالاطمئنان في ظل أوضاع سياسية، اقتصادية واجتماعية مذرية لا يمكن توفره إلا إذا زالت الأسباب، فالخوف من المستقبل عاملاً أساسياً في جعل ذلك الإحساس ممكناً، فضلاً عن الحياة تصبح في نظر الإنسان مظلمة، وبالتالي المرء في بحث دءوب عن الاطمئنان في كل سكناته وحركاته، ولو اضطره ذلك لأن يشد الرحال إلى أبعد مكان في العالم، فالإحساس بـ(الخوف) له الكثير من الآثار النفسية، مما يجعل الإنسان قلقاً ومتوتراً، وتعتليه الشكوك والظنون، ولاسيما تجده دائماً في حالة من الضيق.
وبما أن الخوف جزء لا يتجزأ من الإنسانية، فإنه يصبح مع مرور الأيام، الشهور والسنين أزمة من الأزمات في العصر المتسارعة مجريات أحداثه بشكل يومي، ومما لا شك فيه فإن عوامله كثيرة كالضغوطات الحياتية وأبرزها الظروف الاقتصادية (القاهرة) التي تلعب دوراً كبيراً في محيطه الأسري، العمل والمجتمع، وبالتالي فإن إحساس (الخوف) يدفع دفعاً إلى الفشل الذريع.
فيما تتنوع أسباب الخوف من إنسان إلى آخر، فهنالك من ينشأ في دواخله منذ نعومة أظافره، ومن ثم يبدأ في الازدياد يوماً تلو الآخر، وذلك من واقع مواقف قاسية يمر بها في حياته، وقطعاً لها أسباب نفسية مندرجة في هذا الإطار، وبالرغم عن ذلك هنالك من يستطيع التقلب عليها، وتجاوز عواملها المعترضة طريقه على مدي سنواته المتمرحلة، وبالمقابل هنالك من لا يستطيع التخلص منها، فيجد نفسه محاصراً به من كل حدب وصوب، هكذا يستمر معه ذلك الإحساس بالخوف، والذي يشعره في كثير من الأحيان بحالة من (القلق)
لعدم قدرته على تجاوز ما يمر به من مواقف صعبة، ما يفضي في نهاية المطاف لعدم التفكير الإيجابي في (الحاضر) و(المستقبل)، ولا سيما فإنه نابع من ركون الإنسان للخوف حد القلق، والذي لا يدع مجالاً لإيجاد الحل، والانتقال إلى مرحلة الاطمئنان، وبالتالي إذا استمر الإنسان على ذلك النمط فإنه سيصل إلى مرحلة الإصابة بـ(الاكتئاب).
دائماً ما ينتج عن الخوف تفكير سلبي فيما حدث وسيحدث آنياً وفيما بعد، وهو إحساس يولد في دواخل كل إنسان قلقاً يقوده لطرح الأسئلة حول الأيام المقبلة، وما كيفية تخطي متاريس تعترض طريقه حاضراً ومستقبلاً، خاصة وأن الأوضاع الاقتصادية في البلاد بالغة التعقيد، وتؤثر في الإنسان المهيأ أصلاً للخوف من المصير الذي يؤول إليه وأسرته من تفكك، وهو الإحساس الأكثر تأثيراً في الحياة.
ومن المؤكد جداً أن (الخوف) ينبع لدي البعض من فقدان الثقة في النفس، ويتدرج معهم في كل مراحل حياتهم، وإذا لم يستطعوا انتشال أنفسهم أو إيجاد من يساعدهم، فإن معاناتهم ستكون اشد قسوة وإيلاماً، خاصة إذا كانوا يشعرون بأنه ليس هنالك بارقة أمل في الانتقال إلى الأفضل.
يبقي الإحساس بالخوف قاتلاً يسيطر سيطرة تامة على تفكير معظم الذين يمرون بمواقف صعيبة وضغوطات اقتصادية واجتماعية، لذا يجب على من يحس بالخوف الإسراع للذهاب للطبيب المختص حتى يتمكن من تجاوز المرحلة (الحرجة) بالإرشادات نحو الإيجابية، خاصة وأن الخوف الزائد يؤدي للإصابة بمرض (الاكتئاب)، لذلك يجب على الإنسان الذي يلازمه الإحساس بالخوف حد القلق أن يقابل الطبيب للتخلص منه في مراحله الأولي، وذلك قبل أن يستفحل، ويصبح مع مرور الزمن جزء لا يتجزأ من تكوينه.
من المعروف أن خوف الإنسان يعتبر هاجساً يشكل علامة فارغة في حياة كل من يـتأثر به، وﻻ يخلو من القصص المؤثرة، مما ينتج عنه الاعتمال في دواخل الأشخاص، خاصة وأن الدلائل تمضي بالإنسان نحو التفكير في المستقبل، والذي يرسم خارطة طريق من الصور، المشاهد والأشكال السالبة والموجبة.
بينما تعدد أسباب الخوف القائمة على ﺍﻟﻔﻘﺮ المقدع، المرض، الموت، المصير المجهول، ﺍﻟﺤﺮﻭﺏ، ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ، ﺍﻹﺧﻔﺎﻕ وغيرها، وهي جميعاً توحي بأن الصور والمشاهد والأشكال المتنوعة ربما تكون صحيحة حسب التفكير، مما تؤدي إلى واقع ربما يكون مليئاً بالخوف، والذي هو أصلاً قد يكون متجذراً في بعض النفوس، وعليه فإن ما ذهبت إليه يقود الإنسان لعدم الطموح، الاستنتاج، ﺍﻻﻛﺘﺸﺎﻑ وﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ، ﻭﺇﻳﺠﺎﺩ ﺍﻟﺤﻠﻮﻝ ﻟﻸﺯﻣﺎﺕ المتتالية، وعندما يسيطر إحساس ﺍﻟﺨﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ فإنه يقتله في مهده ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻮﺍﺟﻪ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ الذي يركن إليه.
ومما أشرت له فإن على كل إنسان ينتابه الخوف أن لا يفكر فيه سلبياً، بل يجب أن يفكر ملياً في كيفية اجتثاته من جذوره حتى لا يكون (وهماً) يطوقه من كل ناحية، خاصة وأن كل إنسان يتجه على ذلك النحو فإنه يغرس الخوف غرساً في دواخله لدرجة أنه يخاف من كل شئ، لذا على أي إنسان النظر إليه بنظرة فاحصة لمعرفة حقيقته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق