*
.............
ﻛﻠﻤﺎ ﻓﻜﺮ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ الإشكاليات التي تعتريه يبدأ الخوف في تملك دواخله، وربما يركن إليه بالرغم من أنه المصير المحتوم الذى ينتظره، ولا سيما فإنه مصير مجهول، نعم مجهول يحاول من خلاله تجنب ذلك الإحساس، فالإحساس به مخيف ، مرعب ويؤدي بلا شك إلى التفكير في إنكار تلك الحقيقة، وهذا الإنكار يقود الإنسان إلى المزيد من الخوف ، القلق، التوتر والمرارات، فتصبح النفس الإنسانية صغيرة أمامه، والذى يبدأ في التعمق تدريجياً ثم يكبر ويكبر إلى أن يصبح مع مرور الأيام خطراً داهماً على حياة الإنسان، فتقل معه درجات التفكير، مما يقود إلى فقدان القدرة على مجابهة الخوف الذي سيطر على فكره، وبالتالي يجعله ضائعاً ما بين التفكير، وإهدار الطاقة النفسية، فينتج عن ذلك شعور بالدونية، شعور يدفع المفكر إلى الفشل مهما كان ناجحاً، فلا تجديه محاولات تظاهره أمام الناس بالقوة، فلا يمكنه الصمود طويلاً ، لماذا؟ ربما لأن الخوفه مبني على اختلاف وجهات نظر أفراد المجتمع، وهذه تختلف من شخص.. إلي آخر.. ما يزيد من المخاوف، فيضطر إلى تجنب الالتقاء بالناس، خاصة في محيط الأسرة أو خارجها، كما أنه يتجنب مواقف تصحي في دواخله الخوف، والذي يبدأ صغيراً ثم يكبر ويكبر ويكبر في خياله إلى أن يصبح أكبر بكثير من إمكانياته ومقدراته، خاصة وأن الإنسان لديه طاقة محدودة، ولا تستطيع أن يقاوم ذلك الخوف، مما يؤكد أنه جزء ﺃﺻﻴﻞ ﻣﻦ التكوين الإنساني، وبالتالي لا يمكن إنكاره خاصة حينما ينحصر التفكير في ﺗﺠﺎﻭﺯ ﺍﻹﺣﺴﺎﺱ به، فالإحساس به ربما يكون ﻟﻈﺮﻭﻑ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ، ﺃﻭ دواعي أﻣﻨﻴﺔ، ﺃﻭ ﺇﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ، ﺃﻭ ﺇﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، أﻭ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺔ، ﺃﻭ.. ﺃﻭ.. ﺃﻭ… ﺍﻟﺦ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ وﺍلدوافع ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺇﻧﻜﺎﺭﻫﺎ ﻭكل ﻣﻦ يحاول إنكارها ﻳﻜﻮﻥ ﻛﺎﺫﺏ نعم ﻛﺎﺫﺏ وستين ألف ﻛﺎﺫﺏ، ومهما كانت محاولاته مستمرة للإنكار، فإنه يحس بالخوف يدب في دواخله، يحس به في حله وترحاله، والشواهد عليه كثيرة، وﻣﻦ تلك الشواهد قصة ﺍﻟﺴﻴﺪﺗﻴﻦ ﺍﻟﻠﺘﻴﻦ ﻗﺪﻣﺘﺎ إلى ﺳﻴﺪﻧﺎ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ، ﻭﻫﻤﺎ على خلاف حول طفل ﺭﺿﻴﻊ ﺍﺩﻋﺖ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣﻠﻜﻴﺘﻪ، مما حدا بسيدنا ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ أﻥ يحضر ﺳﻜﻴﻨﺎً ﻳﻬﺪﻑ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺋﻬﺎ لاخافة أم الطفل الحقيقية بادعاء تقسيم ﺍﻟﻄﻔﻞ ﺍﻟﺮﺿﻴﻊ ﺇلى ﻧﺼﻔﻴﻦ، ﺗﺄﺧﺬ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪﺓ منهما النصف، ﻭﻣﺎ ﺃﻥ شرع ﻓﻲ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﺇﻻ ﻭﺻﺮﺧﺖ ﺍﻷﻡ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ، مؤكدة أنها ﺗﻨﺎﺯﻟﺖ للاخري عنه خوفاً عليه من القتل، وبهذه الصرخة تأكد إلى سيدنا ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺑﺄﻥ السيدة المتنازلة ﻋﻦ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﻫﻲ الأﻡ الحقيقية، أليس في هذه ﺍﻟﻘﺼﺔ عظة وعبرة ﺗﺆﻛﺪ بما لا يدع مجالاً للشك بأن ﺍﻟﺨﻮﻑ حقيقة لا يمكن للإنسان ﺇﻧﻜﺎﺭها، وأن الخوف موجود ﻓﻲ ﺩﻭﺍﺧﻞ ﻛﻞ ﻣﻨﺎ وللخوف أﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺨﻮﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺕ، الخوف من ﺍﻟﻤﺮﺽ، الخوف من اﻟﻔﻘﺮ، الخوف من ﺍﻟﻌﻮﺯ، الخوف من السلطان، و.. و.. و…الخ، وفي ظل ذلك يبقي اﻟﺨﻮﻑ عاملاً ﺃﺳﺎساً ﻣﻦ حيث تشكيله قوة الإنسان في ﺗﻔﻜﻴﺮه، إيمانه وإرادته، ولكن الإحساس بالخوف يفقد الإنسان للثقة ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ ويضعف ﻳﻘﻴﻨﻪ ويفقده اﻷﻣﻞ كيف لا؟؟ والخوف رﻓﻴﻖ الإنسان ﻣﻨﺬ ﺻﺮخة الميلاد ﺍﻷﻭﻟﻲ، إذ أنه يشعر به، لذلك أرجو أن تشفقوا على من يتملكه الخوف، وأن لا نحمله ﻓﻮﻕ ﻃﺎقته، ﻓﻤﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺃﻥ ﻳﺨﺎﻑ الإنسان فلماذا الاندهاش في زمن لم يعد فيه للاندهاش مساحة فارغة خاصة وأن نظام الرئيس المخلوع عمر البشير ملأ كل المساحات الفارغة بالدهشة على مدي ثلاثين عاماً حتى أن الأحداث أصبحت لا تستحق الاندهاش، وذلك من كثرة ما اندهشنا، وعليه فقدت الكلمة معناها، مضمونها وجوهرها، ولم يعد لها حيزاً في واقعنا المرير، واقعنا الذي كان يحكمه الخوف من ماذا؟ لا أدري ولكن الإجابة المتوقعة ببساطة شديدة الخوف من كل شىء الخوف من ألسنة الناس، الخوف من نظرات المجتمع، الخوف من اليوم، الغد.. والخ، وفي ظل هذه المخاوف لا نفكر في الخوف من الله سبحانه وتعالي بالرغم من أنه وضع في داخل الإنسان هذا الخوف، وضعه منذ صرخة الميلاد الأولي وجعله ينمو ويكبر معه يوماً تلو الآخر، وكلما مر الإنسان بأزمة من الأزمات أو بموقف من المواقف بغض النظر عما كان الموقف كبيراً أو صغيراً فإنه يجد نفسه مضطراً إلى التحليل، التخمين، التكهن، الاستنتاج وإدارة الحوارات حول الإشكاليات بحثاً عن مخرج، وأي مخرج ينتظره في هذا اليوم أو الغد أنه لم ولن يجد ذلك المخرج، وبالتالي يستسلم نسبة إلى أن قدراته على المقاومة أضعف من كل المخاوف، ما يجعله يتفاجأ بأن الخوف يعتريه بلا طعم، بلا رائحة، بلا شكل، بلا لون، هكذا هو الخوف يدفعه دفعاً إلى أن يطوع ذاته للاستشعار والبحث بالايحاءات والايماءات.. ولكن ما النتيجة؟، لا شىء محسوس، لا شىء يشير إلى حقيقة غير الخوف الذي يسيطر على حياة الإنسان دون أن يراه، وهكذا يكتشف الإنسان أن ما يبحث عنه غير موجود، وكلما فكر فيه يجد أنه مفقود، مفقود، وهكذا يقود الخوف الإنسان إلى التفكير السالب، وفي كثير من الأحيان لليأس، للظلم، للألم، للمرارات.. والخ من الاحاسيس السالبة، فالخوف يزيد من حاجة الإنسان للاطمئنان، والذي بدونه تكون الحياة بلا كبرياء، بلا كرامة، ولكن هل من السهل الحصول على الاطمئنان في حياة مليئة بالتعقيدات المركبة؟ الإجابة لا وبما أن الإجابة لا سيظل الإنسان عائشاً في الحياة بكل تعاسة وألم، حزن، جراح ومرارات، هكذا يجد الإنسان نفسه ملكاً للشعور بالخوف، فيفقد الأمل، ويفقد عزته، فيما يشعر بالقهر والإزلال، وما أصعب أن يقهر الإنسان في وطنه ووسط أهله وأصدقائه وزملائه الذين يفكر فيهم من حيث النقد الذي ينتظره، فالنقد الذي يبدأ من أقرب الأقربين، ثم تتسع رقعته لتمتد إلى الصحافة الورقية والإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي ويتركز النقد في إلقاء اللوم علي الضحية، ومن ثم تبدأ مجالس المدينة في مناقشة ما حدث بمعرفة أو بغيرها، فالكل يريد أن يدلي بدلوه حتى لا يكون خارج الصورة، وليس مهما معرفة الجانب النفسي لمن نوجه له أو لها النقد، وما الذي يترتب عليه ذلك النقد من نتائج في المحيط الأسري أو المجتمعي داخلياً أو خارجياً خاصة وأن تركيبة الإنسان تهاب النقد و( كلام الناس)، مما يجعل الجميع يتجنب إيقاع أنفسهم فيما يقودهم إلى النقد حتى لا يكونوا مادة خصبة للصحافة الورقية والإلكترونية ووسائط (العولمة) المختلفة الأسرع انتشاراً ما يسهل للآخرين أبدأ آرائهم الإيجابية والسلبية، وبالتالي تجد أن لديهم القابلية لتقبل كل ما هو مطروح أن كان صحيحاً أو خاطئاً لذا تجدني دائماً ما أبحث عن العقلاء والمفكرين كلما حدثت أزمة من الأزمات بحكم أن قرأتهم تختلف ولا ينجرون وراء ذلك التيار الجارف، لذلك لا احتفي بالنقد الذي يكتب في لحظة انفعال، لأنه يوقع كاتبه في الأخطاء الفادحة، ومثل هذا النقد يصعب تداركه، فهو مثل الطلق الناري حينما يخرج من سلاحه، وليعلم كل هؤلاء أو أولئك بأن للخوف أنواع ﺗﻤﻸ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺗﻠﻮﻧﻬﺎ بألوان مختلفة ﻭتصبغها ﺃﺻﺒﺎﻏﺎً ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ، وعليه فإن كل ما يفعله الإنسان في حياته قائم على ﺍﻟﺨﻮﻑ إلا من كان إيمانه وإرادته قويتان ويستطيع من خلالهما أن يزيل كل مخاوفه، وأن يضع حاجزاً يقف حائلاً بينه وبينها.
.............
ﻛﻠﻤﺎ ﻓﻜﺮ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ الإشكاليات التي تعتريه يبدأ الخوف في تملك دواخله، وربما يركن إليه بالرغم من أنه المصير المحتوم الذى ينتظره، ولا سيما فإنه مصير مجهول، نعم مجهول يحاول من خلاله تجنب ذلك الإحساس، فالإحساس به مخيف ، مرعب ويؤدي بلا شك إلى التفكير في إنكار تلك الحقيقة، وهذا الإنكار يقود الإنسان إلى المزيد من الخوف ، القلق، التوتر والمرارات، فتصبح النفس الإنسانية صغيرة أمامه، والذى يبدأ في التعمق تدريجياً ثم يكبر ويكبر إلى أن يصبح مع مرور الأيام خطراً داهماً على حياة الإنسان، فتقل معه درجات التفكير، مما يقود إلى فقدان القدرة على مجابهة الخوف الذي سيطر على فكره، وبالتالي يجعله ضائعاً ما بين التفكير، وإهدار الطاقة النفسية، فينتج عن ذلك شعور بالدونية، شعور يدفع المفكر إلى الفشل مهما كان ناجحاً، فلا تجديه محاولات تظاهره أمام الناس بالقوة، فلا يمكنه الصمود طويلاً ، لماذا؟ ربما لأن الخوفه مبني على اختلاف وجهات نظر أفراد المجتمع، وهذه تختلف من شخص.. إلي آخر.. ما يزيد من المخاوف، فيضطر إلى تجنب الالتقاء بالناس، خاصة في محيط الأسرة أو خارجها، كما أنه يتجنب مواقف تصحي في دواخله الخوف، والذي يبدأ صغيراً ثم يكبر ويكبر ويكبر في خياله إلى أن يصبح أكبر بكثير من إمكانياته ومقدراته، خاصة وأن الإنسان لديه طاقة محدودة، ولا تستطيع أن يقاوم ذلك الخوف، مما يؤكد أنه جزء ﺃﺻﻴﻞ ﻣﻦ التكوين الإنساني، وبالتالي لا يمكن إنكاره خاصة حينما ينحصر التفكير في ﺗﺠﺎﻭﺯ ﺍﻹﺣﺴﺎﺱ به، فالإحساس به ربما يكون ﻟﻈﺮﻭﻑ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ، ﺃﻭ دواعي أﻣﻨﻴﺔ، ﺃﻭ ﺇﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ، ﺃﻭ ﺇﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، أﻭ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺔ، ﺃﻭ.. ﺃﻭ.. ﺃﻭ… ﺍﻟﺦ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ وﺍلدوافع ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺇﻧﻜﺎﺭﻫﺎ ﻭكل ﻣﻦ يحاول إنكارها ﻳﻜﻮﻥ ﻛﺎﺫﺏ نعم ﻛﺎﺫﺏ وستين ألف ﻛﺎﺫﺏ، ومهما كانت محاولاته مستمرة للإنكار، فإنه يحس بالخوف يدب في دواخله، يحس به في حله وترحاله، والشواهد عليه كثيرة، وﻣﻦ تلك الشواهد قصة ﺍﻟﺴﻴﺪﺗﻴﻦ ﺍﻟﻠﺘﻴﻦ ﻗﺪﻣﺘﺎ إلى ﺳﻴﺪﻧﺎ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ، ﻭﻫﻤﺎ على خلاف حول طفل ﺭﺿﻴﻊ ﺍﺩﻋﺖ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣﻠﻜﻴﺘﻪ، مما حدا بسيدنا ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ أﻥ يحضر ﺳﻜﻴﻨﺎً ﻳﻬﺪﻑ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺋﻬﺎ لاخافة أم الطفل الحقيقية بادعاء تقسيم ﺍﻟﻄﻔﻞ ﺍﻟﺮﺿﻴﻊ ﺇلى ﻧﺼﻔﻴﻦ، ﺗﺄﺧﺬ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪﺓ منهما النصف، ﻭﻣﺎ ﺃﻥ شرع ﻓﻲ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﺇﻻ ﻭﺻﺮﺧﺖ ﺍﻷﻡ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ، مؤكدة أنها ﺗﻨﺎﺯﻟﺖ للاخري عنه خوفاً عليه من القتل، وبهذه الصرخة تأكد إلى سيدنا ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺑﺄﻥ السيدة المتنازلة ﻋﻦ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﻫﻲ الأﻡ الحقيقية، أليس في هذه ﺍﻟﻘﺼﺔ عظة وعبرة ﺗﺆﻛﺪ بما لا يدع مجالاً للشك بأن ﺍﻟﺨﻮﻑ حقيقة لا يمكن للإنسان ﺇﻧﻜﺎﺭها، وأن الخوف موجود ﻓﻲ ﺩﻭﺍﺧﻞ ﻛﻞ ﻣﻨﺎ وللخوف أﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺨﻮﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺕ، الخوف من ﺍﻟﻤﺮﺽ، الخوف من اﻟﻔﻘﺮ، الخوف من ﺍﻟﻌﻮﺯ، الخوف من السلطان، و.. و.. و…الخ، وفي ظل ذلك يبقي اﻟﺨﻮﻑ عاملاً ﺃﺳﺎساً ﻣﻦ حيث تشكيله قوة الإنسان في ﺗﻔﻜﻴﺮه، إيمانه وإرادته، ولكن الإحساس بالخوف يفقد الإنسان للثقة ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ ويضعف ﻳﻘﻴﻨﻪ ويفقده اﻷﻣﻞ كيف لا؟؟ والخوف رﻓﻴﻖ الإنسان ﻣﻨﺬ ﺻﺮخة الميلاد ﺍﻷﻭﻟﻲ، إذ أنه يشعر به، لذلك أرجو أن تشفقوا على من يتملكه الخوف، وأن لا نحمله ﻓﻮﻕ ﻃﺎقته، ﻓﻤﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺃﻥ ﻳﺨﺎﻑ الإنسان فلماذا الاندهاش في زمن لم يعد فيه للاندهاش مساحة فارغة خاصة وأن نظام الرئيس المخلوع عمر البشير ملأ كل المساحات الفارغة بالدهشة على مدي ثلاثين عاماً حتى أن الأحداث أصبحت لا تستحق الاندهاش، وذلك من كثرة ما اندهشنا، وعليه فقدت الكلمة معناها، مضمونها وجوهرها، ولم يعد لها حيزاً في واقعنا المرير، واقعنا الذي كان يحكمه الخوف من ماذا؟ لا أدري ولكن الإجابة المتوقعة ببساطة شديدة الخوف من كل شىء الخوف من ألسنة الناس، الخوف من نظرات المجتمع، الخوف من اليوم، الغد.. والخ، وفي ظل هذه المخاوف لا نفكر في الخوف من الله سبحانه وتعالي بالرغم من أنه وضع في داخل الإنسان هذا الخوف، وضعه منذ صرخة الميلاد الأولي وجعله ينمو ويكبر معه يوماً تلو الآخر، وكلما مر الإنسان بأزمة من الأزمات أو بموقف من المواقف بغض النظر عما كان الموقف كبيراً أو صغيراً فإنه يجد نفسه مضطراً إلى التحليل، التخمين، التكهن، الاستنتاج وإدارة الحوارات حول الإشكاليات بحثاً عن مخرج، وأي مخرج ينتظره في هذا اليوم أو الغد أنه لم ولن يجد ذلك المخرج، وبالتالي يستسلم نسبة إلى أن قدراته على المقاومة أضعف من كل المخاوف، ما يجعله يتفاجأ بأن الخوف يعتريه بلا طعم، بلا رائحة، بلا شكل، بلا لون، هكذا هو الخوف يدفعه دفعاً إلى أن يطوع ذاته للاستشعار والبحث بالايحاءات والايماءات.. ولكن ما النتيجة؟، لا شىء محسوس، لا شىء يشير إلى حقيقة غير الخوف الذي يسيطر على حياة الإنسان دون أن يراه، وهكذا يكتشف الإنسان أن ما يبحث عنه غير موجود، وكلما فكر فيه يجد أنه مفقود، مفقود، وهكذا يقود الخوف الإنسان إلى التفكير السالب، وفي كثير من الأحيان لليأس، للظلم، للألم، للمرارات.. والخ من الاحاسيس السالبة، فالخوف يزيد من حاجة الإنسان للاطمئنان، والذي بدونه تكون الحياة بلا كبرياء، بلا كرامة، ولكن هل من السهل الحصول على الاطمئنان في حياة مليئة بالتعقيدات المركبة؟ الإجابة لا وبما أن الإجابة لا سيظل الإنسان عائشاً في الحياة بكل تعاسة وألم، حزن، جراح ومرارات، هكذا يجد الإنسان نفسه ملكاً للشعور بالخوف، فيفقد الأمل، ويفقد عزته، فيما يشعر بالقهر والإزلال، وما أصعب أن يقهر الإنسان في وطنه ووسط أهله وأصدقائه وزملائه الذين يفكر فيهم من حيث النقد الذي ينتظره، فالنقد الذي يبدأ من أقرب الأقربين، ثم تتسع رقعته لتمتد إلى الصحافة الورقية والإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي ويتركز النقد في إلقاء اللوم علي الضحية، ومن ثم تبدأ مجالس المدينة في مناقشة ما حدث بمعرفة أو بغيرها، فالكل يريد أن يدلي بدلوه حتى لا يكون خارج الصورة، وليس مهما معرفة الجانب النفسي لمن نوجه له أو لها النقد، وما الذي يترتب عليه ذلك النقد من نتائج في المحيط الأسري أو المجتمعي داخلياً أو خارجياً خاصة وأن تركيبة الإنسان تهاب النقد و( كلام الناس)، مما يجعل الجميع يتجنب إيقاع أنفسهم فيما يقودهم إلى النقد حتى لا يكونوا مادة خصبة للصحافة الورقية والإلكترونية ووسائط (العولمة) المختلفة الأسرع انتشاراً ما يسهل للآخرين أبدأ آرائهم الإيجابية والسلبية، وبالتالي تجد أن لديهم القابلية لتقبل كل ما هو مطروح أن كان صحيحاً أو خاطئاً لذا تجدني دائماً ما أبحث عن العقلاء والمفكرين كلما حدثت أزمة من الأزمات بحكم أن قرأتهم تختلف ولا ينجرون وراء ذلك التيار الجارف، لذلك لا احتفي بالنقد الذي يكتب في لحظة انفعال، لأنه يوقع كاتبه في الأخطاء الفادحة، ومثل هذا النقد يصعب تداركه، فهو مثل الطلق الناري حينما يخرج من سلاحه، وليعلم كل هؤلاء أو أولئك بأن للخوف أنواع ﺗﻤﻸ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺗﻠﻮﻧﻬﺎ بألوان مختلفة ﻭتصبغها ﺃﺻﺒﺎﻏﺎً ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ، وعليه فإن كل ما يفعله الإنسان في حياته قائم على ﺍﻟﺨﻮﻑ إلا من كان إيمانه وإرادته قويتان ويستطيع من خلالهما أن يزيل كل مخاوفه، وأن يضع حاجزاً يقف حائلاً بينه وبينها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق