الأربعاء، 20 ديسمبر 2017

سراج النعيم للمرة الثانية يكتب : كيف يؤتمنون هؤلاء المنتهكون



ظللت على مدي سنوات أحذر من النشر السالب عبر الميديا الحديثة مؤكداً أن قضاياها تندرج في إطار التشريعات غير الحاسمة، فكل التشريعات لم تحسم الظاهرة المقلقة جداً للمجتمع حسماً جذرياً، فمن سائر الناس في المجتمع نجد الكثير من الضحايا، وهذا أمر معروف منذ أن ظهرت (العولمة) ووسائطها في حياتنا.
وبما أنني كنت واحداً من هؤلاء الضحايا ظللت أتلقى الاستفسارات عن صور تفتقر للقيم والأخلاق أنتشرت في وقت سابق عبر الموقع الأمريكي (الفيس بوك) و(الواتساب) وكنت أرد على الأسئلة حولها بأنها ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة طالما أنه لا توجد قوانين رادعة يمكنها أن تضع حداً لمن يستخدمون أجهزة الحاسوب والهواتف الذكية للإنتقام وتصفية الحسابات من الخصوم، لذلك يجد الضحية نفسه مضطراً للترافع عن صور لا علاقة له بها من قريب أو بعيد، وإذا أتخذت الإجراءات القانونية فإنك تتخذها ضد أسماء (وهمية) موجودة فقط في العالم الإفتراضي ولا وجود لها علي أرض الواقع، وهذا يؤكد حقيقة واحدة لا ثان لها هي أن المجرم الحقيقي يتوارى خلف الأسماء (الوهمية)، ودائماً ما يلجأ إلى إختيار اسماء الإناث كالذي حدث معي بالضبط فالجاني اختار اسم سيدة، وحينما تدخل إلي صفحتها وتركز على معرفة أصدقائها تجد من بينهم شخوصاً لا تعرفهم، ولكنني رغماً عن ذلك لا أستطيع أن أوجه أصابع الإتهام لأي أحد، فليس لدى البينة التي تثبت من هو مرتكب الجرم في حقي، وبالتالي لم أجد أمامي بداً سوى أن لا أسكت عليه أبداً إلى أن أتمكن من الإيقاع بهذا الجاني الذي درج على إستخدام مثل هذه الأساليب الرخيصة لهدم القيم والأخلاق السودانية المحافظة.
إن القصة قصة واقعية وليست ﻋﻨﻮﺍﻥ لقصة استوحيها من نسج خيالي أو قصة تاريخية أقوم باستدعائها في حالة ذهنية غارقة في العالم الاسفيري، وليس هذه القصة عنواناً لرواية ألفها المؤلف للفت الإنتباه بصورة تروق له في حين أن روايته كاذبة ولا تصلح إلا لأن تعكس الحالة النفسية للمؤلف الذي ربما عاش ظروفاً غير سوية في محيطه، وعليه أصبح يرى الأشياء من خلال نظرته السوداوية وهي نظرة لن ترسم له سوى مأساة متكررة مع كل صباح من أيام زمهرير الشتاء القارص الذي تسبب في كتمان الكثير من الأنفاس.
إن مثل هذه القصة يجب أن نبحث في إطارها لحلول نوقع بها الجناة الذين قد نعرفهم ولا نستطيع أن نوجه لهم أصابع الاتهام ومن هنا تنبع المأساة التي يعرفها جيداً من يعيشون في العالم الافتراضي الذي نطالع من خلاله مع إشراقة كل صباح صوراً أو مقاطعاً فاضحة لا يتورع ناشروها من ممارسة هذا الفعل بالتحايل على القانون.
إن شبح الانترنت يسطر في العقول مشاهد بعيدة كل البعد عن العادات والتقاليد السودانية السمحة التي لا تنفصل عن الدين الإسلامي ﻓﺎﻟﻜﺜﻴﺮ من الذين ينتهكون الحريات الشخصية لا يهمهم تماسك النسيج المجتمعي إذ أنهم يظلون قابعين خلف شاشة أجهزة الحاسوب أو يحملون الهواتف الزكية لتسوية الصورة بهدف الوصول إلى مبتغاهم الانتقامي ولكم أن تتخيلوا الضرر الذي يصيب الضحايا جراء ذلك خاصة وأن الانتهاكات تحدث بشكل شبه يومي وكما أسلفت فالمرأة أكثر تضرراً فكم واحدة منهن تعاني من سلوك من هذا القبيل وكم واحدة منهن لا تستطيع أن تدافع عن نفسها ولا تتوقف المعاناة في حدودها بل تمتد إلى محيطها الأسري والمجتمعي إذا كان ذلك في العمل أو الدراسة فلا حول ولا قوة إلا بالله العظيم ، لماذا نضع الآخرين في موقف المدافع لماذا لا نضع قوانيناً تحسم أمثال هؤلاء وردعهم عن انتهاك خصوصيات الآخرين بالإيقاع من واقع أنه لا توجد جريمة كاملة إذا تم تتبع الجاني بصورة دقيقة لأن التخفي وراء الأسماء الوهمية ليس بالصعب الوصول إليه حتى لا نترك الضحايا وأسرهم ﻋﺎﺟﺰين ﺗﻤﺎﻡ ﺍﻟﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﺇﻳﺠﺎﺩ ﺍﻟﺤﻠﻮﻝ التي يزيلون بها الصورة المشينة التي رسمها ذلك الشخص دون وازع ديني يردعه عن ارتكاب الجرم الذي سهلت منه التقنية الحديثة في ظل التطور الذي تشهده يومياً فيتيح ذلك ﺍﻟﻌﺼﻒ ﺍﻟﺬﻫﻨﻲ السالب رغماً عن أنه في إمكانهم الاتجاه بها إيجاباً حتى لا يتأزم الموقف أكثر وأكثر وهذا الأمر ﻻ ﻳﺤﺘﺎﺝ للتفكير أو الخبرة نسبة إلى أن السوداني يبحث دائماً عن الإيجابي فيما يتصل بالقيم والأخلاق ولكن هنالك البعض الذي يسعى إلى أن تندثر بالفعل القبيح الذي يعمل في إطاره للعيش في عالمه الوهمي معتقداً أنه يمكن أن ينال ما يصبو إليه ولكن هيهات أن يتحقق له ما في مراده وسيظل يتمادى في غيه إلى أن يجد نفسه قد احترق ، نعم يحترق فكم أمثاله احترقوا كم.. وكم.. وكم. يعج عالم الإنترنت بالكثير من المنتهكين وأصحاب الأفق الضيق الذين يهدمون ولا يبنون فكيف لهم أن يشعروا براحة الضمير وكيف يؤتمنون وهم ينتهكون.

ليست هناك تعليقات:

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...