......
*جلس إليه : سراج النعيم*
......
رحل فنان الجاز كمال الدين عثمان علي كيلا الشهير بـ(كمال كيلا) عن عمر يناهز الـ(٧٣) عاماً، وذلك بعد صراع مرير مع المرض الذي عاني منه طوال السنوات الماضية، وعلى خلفية ذلك المرض تم اسعافه على جناح السرعة إلى المستشفى بسبب الوعكة الصحية التي ألزمته الفراش إلى أن انتقل للرفيق الأعلى أمس الأول.
يعتبر (كمال كيلا) من أميز وامهر فناني الجاز الذين ظهروا في العصر الذهبي للحراك الثقافي والفني في السوداني، والذي قدم على إثره درر الأغاني المناهضة لـ(لنزاعات) و(الحروب)، هكذا استطاع ايصال رسالته الغنائية داخلياً وخارجياً بالغناء باللغتين (العربية) و(الإنجليزية)، وذلك لإيمانه القاطع بأن الفن رسالة لا تحدها حدود جغرافية أو لغوية.
*في البدء من هو كمال كيلا؟*
أنا كمال الدين عثمان علي كيلا الشهير بـ(كمال كيلا).
*ماذا عن حالتك الصحية؟*
بدأت قصتي مع المرض من خلال إصابتي بـ(صداعٍ حاد) جداً، ومن ثم تفاجأت بـ(فقدان البصر) تدريجياً، هكذا إلى أن أضحيت فيما بعد لا أشاهد أي شيء أمامي، ولم تتوقف معاناتي عند هذا الحد، بل امتدت إلى فقداني للصوت أيضاً، ومع هذا وذاك تدهورت حالتي الصحية سريعاً لدرجة أنها الزمتني فراش المرض، فما كان من أسرتي إلا وأن اسعفتني على جناح السرعة إلى الدكتور (أبشر حسين) اختصاصي أمراض (المخ) و(الأعصاب) بمدينة أمدرمان، وكان أن أجري لي الفحص المعملي وشخص حالتي الصحية، ومن ثم أكد بانني مصاب بثلاثة (جلطات) في رأسي، وهذه الجلطات سبباً رئيسياً في فقداني للذاكرة.
*وماذا؟*
خضت تجربة طويلة من المعاناة مع المرض، وتلقيت في إطاره العلاج لدي عدد من الأطباء في العيادات والمستشفيات، ورغماً عن ذلك ظللت أعاني معاناة فائقة التصور من ألم (حاد) جداً، مما استدعي بعض الأصدقاء للتدخل للإسراع في علاجي، والذي اجريت في ظله الفحوصات والتشخيصات النهائية لحالتي الصحية، والتي على ضوئها منحت أدوية ظللت اتناولها إلى أن تحسنت حالتي الصحية.
*ما الذي أحدثه لك (فقدان الذاكرة)؟*
لم أكن أستوعب أي شيء في حياتي، أي انني كنت غائباً عما يدور حولي تماماً، وذلك لدرجة عدم معرفتي بأهلي، أصدقائي وزملائي.
*كيف استعدت الذاكرة؟*
أثناء فترة مرضي زارني الفنان الإنسان أبو عركي البخيت، وتجاذب معي أطراف الحديث حول ذكرياتي في الحراك الثقافي والفني مع زملاء المهنة والأصدقاء، وظل يدير معي ذلك الحوار إلى أن تفاجأت باستعادتي لكثير أحداث شهدتها في الحركتين الثقافية والفنية، وعليه أصبحت أتذكر الأشياء يوماً تلو الآخر، وأحرص في ذات الوقت على مواصلة العلاج.
*ما الذي اكتشفته من حقائق خلال الوعكة المرضية طوال السنوات الماضية؟*
اكتشفت عدم اهتمام الدولة بالفن والفنان، ولكن عزائي الوحيد أن الأهل، الزملاء والأصدقاء الذين طوقوني برعاية صحية، وهذه الرعاية اشعرتني بقيمتي.
*هل هذا يؤكد أنك لم تجد الاهتمام من الدولة؟*
نعم.. لم أجد أدني اهتمام منها بالرغم من إنني ظللت أقدم الغناء للمحبة والسلام على مدي (٤٠) ربيعاً.
*هل إذا تماثلت للشفاء ستعود للغناء؟*
بكل تأكيد لا لأن سنوات عطائي الفني الممتد طوال السنوات الماضية لم تتم مقابلتها بما أستحقه من رعاية صحية، لذلك قررت أن لا أعود للغناء نهائياً حتي لو تماثلت للشفاء تماماً، لانني التمست عدم إحساس الدولة بما اعانيه من مرض، وكل ما اظهرته من اهتمام هو أنها أرسلت لي شخصاً ليسألني عن ماذا أريد رغما عما قدمته من عطاء للوطن ولإنسانه الذي أحببته، فبادلني الحب باعمق منه.
*من الذي قدم لك الدعوة للغناء بعد توقيع اتفاق السلام بين الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان؟*
تلقيت الدعوة من الدكتور الراحل جون قرنق دي مبيور قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان، وكان أن لبيتها، وصدحت بالغناء في كل مدن جنوب السودان، وتلقيت دعوة أيضاً من الحكومة، وذلك للغناء أثناء توقيع اتفاقية (نيفاشا).
*ماذا عن شائعات وفيات المشاهير ونجوم المجتمع عبر وسائط التقنية الحديثة لمجرد انه مريض؟*
ليكون في علم من يطلق مثل هذه الشائعات أن الموت آت.. آت للجميع أن طال المقام أو قصر بهذه الفانية.
*ماذا عن زيارتي لك برفقة الدبلوماسي الأمريكية (بوب كيون)؟*
سعيد إيما سعادة بهذه الزيارة التي تهدف إلى رفع معنوياتي.
*ما هو إحساسك بما وجدته من اهتمام من الدبلوماسية الأمريكية؟*
هذا الاهتمام اشعرني بتحسن في حالتي الصحية، لذلك أشكر السيد الدبلوماسي الأمريكي الرفيع (Bob gion)، كما أشكرك اخي العزيز (سراج النعيم).
فيما دار حوار شفيف بين الدبلوماسي الأمريكي والفنان كمال كيلا حول الموسيقي كلغة تفهمها كل الشعوب على إختلاف سحناتهم، لغاتهم ولهجاتهم المحلية، وتجاذبا إشكاليات كثيرة تقف عائقاً أمام التطور الموسيقي في السودان.
*فيما لفت نظر الدبلوماسي الأمريكي (بوب كيون) صورة تجمع الفنان السوداني كمال كيلا بالفنانة الجنوب افريقية العالمية (مريم ما كبا)، والتي بموجبها طرح سؤالاً مفاده أين تم التقاط صورتك مع المغنية (مريم ماكبا)، وما هي مناسبتها؟* فرد عليه كمال كيلا قائلاً : التقطت في الخرطوم لدي زيارة الفنانة العالمية مريم ماكبا للسودان قبل سنوات خلت.
وهل شاركتك الغناء في الخرطوم؟
نعم.. شاركتي الغناء بأغنية ألفتها خصيصاً للمناضل الجنوب إفريقي الراحل (نيلسون مانديلا).
بينما أكد الدبلوماسي (بوب كيون) إهتمام الدبلوماسية الأمريكية بالحراك الثقافي والغني في السودان، وأن زيارته هذه تمت بدعوة من شخصي (سراج النعيم).
من جهته، شكر (فنان السلام) كمال كيلا الدبلوماسي الأمريكي (Bob gion) على زيارتها له في منزله بمنطقة (الأزهري) بالخرطوم قائلاً : أولاً لابد أن أشكر الدبلوماسي (بوب كيون) والأخ العزيز (سراج النعيم) على اهتمامه بشخصي، وزيارتي في منزلي للوقوف على حالتي الصحية، وهذا أن دل، فإنما يدل علي أن الفن يؤثر في حياة الناس.