على المسئولين الالتفات إلى معاش الناس وإيجاد الحلول الناجزة للأزمات الاقتصادية خاصة الغلاء الذي أصبح فاحشاً، بالإضافة إلى أن هنالك ندرة في المواد البترولية ومشتقاتها، لذلك تحتاج الأوضاع الآنية إلى خطط اسعافية عاجلة فهنالك تحديات جسام تمر بها البلاد سياسيا، اقتصادياً، اجتماعياً، ثقافياً وفكرياً، وهي ناجمة عن عدم توفير الخبز، البنزين، الغاز، الكهرباء والمواصلات، مضافاً إليها الزيادة الجنونية في أسعار السلع الاستهلاكية الضرورية والمنقذة للحياة، والتي تشهد ارتفاعاً مع إشراقه كل صباح جديد، لكل هذه العوامل اختل المعيار في شتي مناحي الحياة، مما استدعاها إلى أن تصبح شبه متوقفة، ما يجعلني أنظر إلى الفقراء والمساكين وذوي الدخل المحدود بعين الرأفة والرحمة بعد أن انقلبت عليهم الحياة عقباً على رأس، فالنظريات الاقتصادية الادعائية أثبتت فشلها الذريع، وأن من يتولون ملفها بالغ التعقيد ليس لديهم حلول على المدى القريب أو البعيد، وإذا سألت ما الحل يقول لك : (عملت كل ما بوسعي)، مما أسفر عن ذلك انتشار الظواهر السالبة في المجتمع الذي نشاهده يفقد قيم، عادات وتقاليد لا تنفصل عن الديانة الإسلامية، وهي جزء أصيل من التربية السليمة، وعلى النقيض تماماً نجد من يقاومون تلك الظروف، ويبذلون في إطارها ما يفوق طاقتهم، وبالتالي كلما مزقوا فاتورة من الفواتير تطل آخرى أعنف من سابقتها، فكل منا يبدأ يومه بارتشاف كوب شاي الصباح إلا أن ارتفاع أسعار مكوناته جعل البعض يتجاوزه فمثلاً كيلو السكر وصل إلى ما لا يستطيع الوصول إليه، ورغماً عن ذلك فهو ملزماً بشرائه لأطفاله، فالأطفال لا يعرفون (ما عندي قروش)، وهو الذي ربما يجعله يقترضه من صاحب المتجر، ومن ثم يتوجه إلى عمله مهموماً بالحصول على مركبة تقله إلى هناك، وإذا وجدها فإنه يضطر أن يدفع قيمة التعريفة مضاعفة بنسبة (٢٠٠٪)، وهكذا تبدأ ميزانيته المحدودة تتضاءل، أما وجبة الإفطار فلربما يستبدلها بـ(الزلابية) أو (العدسية) إن وجدت ،وفي كلا الحالتين فإن الأزمة تكون مستمرة لعدم توفر غاز الطهي، والذي يندرج أيضاً في قائمة الصفوف، وهي صفوفاً في كل الأوقات، فما أن ينجز عائل الأسرة مهمته في هذا الصف إلا ويتجه إلى صف آخر، هكذا يقضي كل يومه ما بين هذا الصف وذاك، وحتى الوقوف في الصفوف مرتبط ارتباطاً وثيقاً بتوفير المال بـ(المجازفات)، فهذا الملف الساخن ربما لا يستطيع الإنسان أن ينجز عمله الذي ربما يكون مرتبطاً بالتيار الكهربائي، لكل ما ذهبت إليه الحظ أن الكثير من العامة خابت ظنونهم فيما يسمي بالساسة الذين حادوا عما ترمي إليه ثورة ديسمبر المجيدة، وأصبحوا يتعاطون مع الأزمات بشكل يؤكد فشلهم في إدارتها.
لم يعد الصبر يجدي في ظل تفاقم الأزمات المتجددة يوماً تلو الآخر بعيداً عن حكمة تقابل صبر الشعب السوداني على كل ما هو خفي عن العيان، مما نتج عن ذلك بواعث عدم الثقة في إدارة الحكومة للأزمات، فليس هنالك عمل صالح يبشر بالانفراج، وليس هنالك من خبير ينصح، وهذا الغياب لا يقود البلاد للخروج من وضعيتها الاقتصادية المذرية جداً، فالقواعد الاقتصادية المعتمد عليها أثبتت الفشل الذريع في صورتها الكلية، مما أثر سلباً في جميع نواحي الحياة، فالمثل يقول : (إن لكل قاعدة شواذ، ولا يمكن البناء على فرضيات لا أساس لها على أرض الواقع لتكون قاعدة ننتهجها فيما يتصل بما يحقق للمواطن أدني مستلزماته المعيشية القائمة على أمور غاية في الحساسية، وما دعاني للكتابة هو تبني الكثير من أبناء وطني الدفاع عن فشل اقتصادي ظاهر وحاضر في حياة إلانسان يومياً.
إن الملف الاقتصادي في البلاد يهدد أي حكومة انتقالية، وهي غير مهتمه به، ويبدو أنها تعتمد على المسكنات والمبررات غير الملموسة على أرض الواقع، لأن جهود القائمين على أمره تركن في خانة اللا شىء، وبالتالي لم يتحسن معاش الناس الذين يعانون من شراء قفة الخضار، المواصلات، الخبز، الغاز والكهرباء، فيما يركن من يتولون ملف الاقتصاد إلى نظريات غير ناجحة، ومبررات غير مجدية، وفي ذلك دلالة على التهرب من المسؤولية، فلماذا تفعلون طالما أنكم قبلتم التكليف، وإذا كنتم غير قادرين ما عليكم إلا أن تقدموا استقالاتكم فشكراً على محاولاتكم في الفترة الماضية، فكل ما وجدناه منكم هو بحثكم المضني عن شماعة تعلقون عليها الأخطاء، وتعمدون إلى تخدير محمد أحمد الغلبان الذي صبر صبر أيوب دون أن تنتهي مظاهر الصفوف غير مبشرة بانفراج الأزمات خاصة بعد المؤتمر الصحفي الذي عقده وزير المالية، والذي أثبت أن المحاولات الاسعافية لم تحقق ما يصبو إليه محمد أحمد الغلبان، والذي عاني من سياسات النظام البائد الاقتصادية فانتفض عليه وتحرر منه للاستمتاع بوطن خال من الأزمات إلا أن هنالك خيبة أمل في النفوس، لذا ننصحكم بالموعظة الحسنة حتى يينع الثمر، ومن ثم نجني قطافه، وأن كنت على قناعة تامة أنه بوادٍ ظاهره غير ذي زرع، وحتى لا نقضي على ما تبقى يجب الاعتراف بالأخطاء والعجز في إدارة هذا الملف، وسأدعو هؤلاء أو أولئك كما فعل سيدنا نوح مع أبنه يا بني أركب معنا محاولاً هدايته إلى الطريق القويم، وذلك قبل أن يدركه الغرق إلا أن إرادة المولي عز وجل أن لا يركب معهم، وكان ذلك امتحاناً عسيراً على صبر سيد نوح عليه السلام، ودرس بليغ لكل إنسان يحيد عن الطريق السليم، فإن أمر الله سبحانه وتعالي لا غالب عليه، لذا أرجو من يديرون شأن البلاد التأمل عميقاً في قصص القرآن الكريم، فهي تمنحهم الحلول لكل معضلة من المعضلات المعترضة طريقهم، لذا عليكم أن تفوضوا أمركم لله، وعدم التخاذل مهما كانت الجهود المبذولة غير مرضية، فالمحاسبة ستكون على الجهد لا على النتيجة، فاجتهدوا وأحسنوا النوايا وابذلوا الأسباب كما ينبغي، ثم سلموا أمركم لهادي العباد.