..................
(عمر) : خضت أطول قضية لاسترداد حقوقي بواسطة القضاء
..................
ما ورثته من والدي كفيلاً بقهر الظروف الاقتصادية المحيطة بي
.................
جلس إليه : سراج النعيم
.................
كشف عمر حسين حمد محمد جيد، وهو (معاقا)ً قصته المؤثرة و الدائرة حول بحثه
المضني عن حقوقه التي يعيش على إثرها ظروفاً إنسانية قاسية، وبالتالي قصته
ليست من نسج الخيال، بل هي من الواقع الذي يضج بالكثير منها.
وقال :
نشأت وترعرعت في بيئة ريفية ظللت أمارس فيها حياتي بشكل طبيعي، وأفعل كما
يفعل أهل منطقتي كالتسوق وقضاء وقتاً ممتعاً مع الأهل، الزملاء والأصدقاء،
المهم أنني كبرت وكبرت معي أحلامي، والنظرة الثاقبة نحو مستقبل يحمل بين
طياته مصيراً مجهولاً، وبالرغم مما أشرت له تزوجت، إذ لم تمنعني الإعاقة
أبداً من العيش في الحياة الأشد قسوة وايلاماً، هكذا كنت أمضي، ولم استسلم
نهائياً أو أدع الإحباط يتسرب إلى داخلي، وعلى هذا النحو اجتهدت من أجل
استعادة ما ورثته من والدي، والذي كان كفيلاً بأن يؤمن لي ما تبقي من عمر،
بالإضافة إلى ما يفيض منه، والذي قطعاً سأتصدق به شكراً لله على ما أعطاني
له ليكون دافعاً لي ولغيري ، وذلك بعد أن صبرت، وتحملت كل ما مررت به من
أوضاع انسانية، لذلك نصيحتي لاصحاب الابداعات الخاصة التركيز على ما هو
دافعاً للنجاح، ولا تجعلوا الإعاقة سبباً لاقعادكم عن التفكير في أن تكونوا
منتجين في هذه الحياة ذات الرحلة القصيرة، وأن طال بها المقام، لذا عليكم
بالإصرار والإرادة الهائلة، ولا سيما فإنها تبعدكم عن الركون للفشل، وعدم
الاستسلام لواقع اليأس، وعليه يجب العودة فقط إلى ممارسة الحياة بشكل طبيعي
مثلما يفعل الآخرين، وذلك من أجل الوصول إلى تحقيق الإنجازات التي لا
يستطيع غيركم أن يفعلها رغم النقص، وأنا مثالاً أمامكم يجب أن تعتزوا به،
خاصة وأنني أتفهم معني كلمة (معاق) جيداً، ولا اتذكرها كلما كرست تفكيري
فيما اصبو إليه، فالأمر يتطلب منا جميعاً الاجتهاد من أجل الإرتقاء
بالقدرات الإبداعية الذاتيـة الكامنة في دواخل كل منا، وذلك بالبحث فيما
يمكن أن نكتشفه.
وأضاف : مبدئي في الحياة هو أن أعيش الحياة بصورة
طبيعية تماماً، وليس معنى أنني (معاقاً) أقف منتظراً ما تخبئه لي الأيام،
والتي يجب أن أخطط وارسم في إطارها للمستقبل، وأن أكون مصدراً للإبداع
وإلهام الآخرين بما يعتمل في دواخلي، ويتضح ذلك من خلال تجربتي التي لم أجد
فيها تعاطفاً من أقرب الأقربين، فأنا وبرغم مما أمتلك من إرث أحتاج إلى
إجراء عملية جراحية عاجلة، لجأت في ظلها إلى من لدي بطرفه حقاً، فلم يستجب
من أجل استرداد صحتي وعافيتي، الأمر الذي أثار في الشعور بالضيق، مما يجري
معي، وهو أمراً في غاية الايلام والقسوة للإنسان الطبيعي، ناهيك عن انسان
(معاق)، وبالتالي يجب أن لا نمنح أصحاب الإعاقة إحساساً بأنهم فقدوا شيئاً
قد يجعلهم ناقصين في نظرنا وأنهم يستحقون المساعدة باستمرار، وحتي أبعد من
هذا التفكير السالب كنت صامداً صموداً قوياً في وجه المعاناة الكبيرة التي
أعيشها منذ سنوات وسنوات، مضافاً إليها المرض الذي جعل حركتي محدودة، ومع
هذا وذاك هنالك عامل السن، وهو من العوامل المؤثرة في حركة الإنسان، مما
قادني إلى أن أكون محتاراً ما بين (اليقظة) و(الأحلام)، وبالتالي عملت
جاهداً للتأقلم عليه، وتقبل الواقع مهما كان صعيباً فالظروف الإنسانية
والاقتصادية القاهرة فرضته عليّ بقوة، وطوقتني به من كل حدب وصوب، فأصبحت
عاجزاً أو شبه مشلول، إلا إنني أقاوم بإصرار شديد من أجل البقاء متوازناً
في الحياة، ومواصلة الكفاح لتجاوز هذه المرحلة، وعدم العودة مرة أخرى
للمربع الأول، هكذا أناضل وانافح لذلك بقدر الإمكـان، ولكن رغماً عما ذهبت
إليه لا أجد تحفيزاً سوي التحفيز الذاتي، والذي أستخدم في اطاره أقصى
قدراتي مع الاحتفاظ بأهم المبادئ، الأخلاق، والقيم رغماً عما احمّله من
عذاب، آلام وأحزان، والتي على ضوئها قررت أن لا أدع ذلك ممكناً.
وأردف :
ظللت برغم الإعاقة التي أشرت لها أبحث بحثاً مضنياً عن حقي في ميراث والدي
منذ سنوات لدرجة أنني بدأت أفقد حتي بصيص الأمل في إيجاد حل يعيد لي
تركتي، والتي تتلخص وقائعها في البلاغ الذي تقدمت به بموجب عريضة دعوي
جنائية لوكيل النيابة المختص بصفتي وكيلاً لورثة المرحوم (حسين حمد محمد
جيد)، وذلك بموجب توكيل صادر من الأستاذ عبدالعزيز الكرار المحامي والموثق
بتاريخ 15/11/2015م، وأكدت أن المشكو ضدهما قاما ببيع قطعة في منطقة
(البشاقرة)، وتبلغ مساحتها( 2/1 8) حبل سباعي خاصة مورثهم دون علمهم أو
رضاء الورثة.
وتابع : تم قيد اجراءات تحري أولى تحت المادة (47)
إجراءات للاستيثاق من وجود جريمة، ثم تم استجواب المشكو ضدهم، وقد افادا
بأنهما لم يقوما باستخراج شهادة بحث للقطعة، ولم يتم بيعها، وكان لابد من
مخاطبة تسجيلات أراضي منطقة (ودراوة) للتأكد من سجل القطعة موضوع النزاع،
وبالفعل تم ذلك، وجاءت الإفادة بان القطعة بالنمرة (170) مربوع البشاقرة
شرق مساحتها (2/1 8) حبل ملك حر مسجلة باسم ورثة حمد محمد جيد وخاضعة
لعريضة تركة بالرقم 68/2015م بتاريخ 14/2/2016م محكمة ودراوة هذا يعني ان
الأرض مازالت باسم ورثة المرحوم حمد محمد جيد، وبها اجراءات توريث.
واستطرد : ومما سبق ذكره فإن النيابة رأت أنه لم تتوفر أدني بينة في مواجهة
المشكو ضدهما لقيد بلاغ جنائي في مواجهتهما، بالإضافة إلى أن الورثة شرعوا
في اجراءات توريث القطعة، ما يعني خروج هذا النزاع بشأن هذا القطعة من
المحاكم الجنائية، وانعقاد الاختصاص للمحاكم الشرعية، عليه ولما تقدم فإنه
تقرر شطب الاجراءات لعدم الاختصاص، وتم إرشادي باللجوء إلى المحاكم الشرعية
أن كنت أرغب في ذلك، وأن يسلم الأطراف صورة من القرار، ويخطرون بحقهم في
الإستئناف المقرر قانوناً خلال أسبوع من تاريخ علمهم بالقرار.
وإسترسل :
إما الإستئناف الذي تقدم إلى محكمة الإستئناف بولاية الجزيرة أمام السادة
القضاة صلاح لى عبدالمكرم رئيساً، مها عبدالقادر شاع الدين عضواً،
عبدالرحيم مامون عبدالله عضواً، بتاريخ 28/8/2014م، بعد أن أصدرت محكمة
(ودراوة) الجزئية حكماً في الدعوى رقم 6/ق. م /2014م يقضي بشطب الدعوى
برسومها حيث تشير وقائع الدعوى إلى أن اصل النزاع يدور في تعدي المدعي
عليهما على الأرض موضوع النزاع وكانت هذه نقطة النزاع الأولى في الدعوى،
وإما نقطة النزاع الثانية فكانت تتعلق بشراء المدعي عليه الأول بعض انصبة
الورثة في الأرض موضوع النزاع، وسماحه للمدعى عليه الثاني بزراعتها، وبعد
سماع قضيتي الإدعاء والدفاع نجد فشل الإدعاء في إثبات نقطة النزاع الأول
لصالحه مقابل نجاح الدفاع في إثبات نقطة النزاع الثانية لصالحه، ومن ثم أن
الحكم بشطب الدعوى برسومها.
ومضي : بتاريخ 3/9/2014م تقدم عبدالوهاب
إبراهيم وآخرين باستئناف، وقرر قبوله من حيث الشكل، وذلك لتقديمه داخل
القيد الزمني المسموح به قانوناً، إما موضوعاً فقد جاء في أسباب استئناف
المستأنف أن الأرض المتنازع عليها مسجلة في التسجيلات باسم محمد محمد خير،
وما كان لمحكمة الموضوع أن تحكم برفض الدعوى، وكان عليها أن تحكم بإزالة
التعدي ثم توجيه المدعي عليهم بإثبات حقهم حسب المبايعة، ونحن نقول أن
المدعى عليه الأول صاحب حق أصيل في الأرض محل النزاع وليس متعدياً، وأن
المدعى عليه الثاني يزرع الأرض محل النزاع بموافقة المدعى عليه الأول، وما
دام المدعى عليه الأول مالك على الشيوع في الأرض المتنازع عليها، فهو
بالتالي يملك كل ذرة في هذه الأرض إلى أن يتم فرزها، وفي تقديري أن هذا
الاستئناف لا أمل فيه حيث جاء حكم محكمة الموضوع صحيحاً عندما قامت المحكمة
بترجيح البينات ترجيحاً سليماً، وأن فشل الإدعاء في إثبات التعدي كان
واضحاً، مقابل نجاح الدفاع في إثبات نقطة النزاع الثانية لصالحه ، الأمر
النهائي يشطب الاستئناف بموجب المادة 186 إجراءات مدينة لعام 1983