............
دائماً ما أقف متأملاً خلط المهن المختلفة مع بعضها البعض دون الالتفات إلى التخصص، والذي من شأنه أن يحقق خدمة أو معاملة ممتازة، وفي زمن وجيز جداً، إلا أن المفهوم السائد لدي الكثير يرتكز على الخلط الذي يشكل أكبر تحدي للتنمية والإنتاج، وهو ما يفتقره إنسان السودان منذ سنوات وسنوات، وبالتالي شتت أفكاره وجهوده في بث (الفيديوهات) ونشر (البوستات) عبر العالم الافتراضي، وقطعاً لا يصل من خلاله إلى نتيجة إيجابية تخدم الناس والمجتمع، ورغماً عن ذلك يصر على طرح نفسه محللاً سياسياً أو كاتباً صحفياً، وفي كلا الحالتين تكون المحصلة صفر على الشمال.
إن أي اتجاه بعيد عن التخصص يصبح أمراً غير مقبولاً لعدم توافقه مع ما يحمله الإنسان في دواخله من موهبة، وهذه الموهبة تظهر إبداعه فيما بعد، وأي موهبة يجب النظر إليها بمنظار إيجابي يتسق مع طبيعة الحياة، فمن ينظر إليها نظرة سلبية فإنه يركن لحالة من ضياع أفكاره وجهوده، وعليه لا يجدي ادعاء معرفته السياسية في بلد يمتاز بالمتغيرات المفاجئة على رأس كل ثانية، وبالتالي ليس كل منظر في إمكانه أن يكون محللاً سياسياً أو كاتبا صحفياً أو مفكراً إلا أنه وفي إمكانه الإبداع في مهنته مهما كانت بسيطة، لأن في مقدوره الإسهام بها في عملية البناء، التنمية والإنتاج، وهو ما تحتاجه البلاد في مرحلة التغيير الذي حدث من خلال ثورة ديسمبر المجيدة التي أطاحت بنظام الرئيس المخلوع عمر البشير.
من المعروف أن الله سبحانه وتعالي بذر داخل كل إنسان بذور صالحة تثمر باكتشاف الموهبة المحددة للمهنة، والتي بدورها ترسم خط سير لكل إنسان في مجاله، فالموهبة ذات أهمية للإبداع الذي يجب أن لا يتم خلطه، فالخلط لا يحل بقدر ما أنه يعقد الوضع أن ل يجعله وضعاً كارثياً في بلاد تخطو خطواتها الأولي نحو البناء والتعمير الذي من شأنه أن يكمل النواقص.
مما لا شك فيه، فإن الحياة لا يمكن استمراريتها بما يحدثه البعض من خلط سياسياً، اقتصادياً، اجتماعياً، ثقافياً وفكرياً، فالتفكير بهذه الصورة لا يمكن أن يحقق الإيجابية طالما أن الاستخدام للإعلام البديل سالباً، ولا يرتكز على التباين والاختلاف الذي تمتاز به البشرية عموماً.
دائماً ما يحتاج الإنسان لاكتشاف ذاته من خلال موهبته للاستفادة منها في عملية التنمية، البناء والإنتاج، فالتخصص وفقاً للموهبة يجعل الإنسان يتذوق لذة الحياة، وذلك بما يطرحه من إبداع متنوع الأشكال والألوان، ولولا هذا التنوع لكانت الحياة مملة جداً، وستمضي وفق وتيرة واحدة وتكرار لا يحتمل، وربما يفقد على إثره إحساس السعادة، والرغبة في الاستمرارية، فالقيمة الرئيسية للحياة تكمن في الإبداع المختلف من إنسان إلى آخر، وهذا الاختلاف مهم للتباين والتنوع، لذلك ليس من الحكمة أن لا نعترف بهذه الأهمية القصوى، والمنوط بها نهوض وتطوير البلاد، لذا على كل إنسان على وجه هذه البسيطة أن يقتنع إيماء اقتناع بما قسمه له الله من موهبة تحدد له خارطة طريقه في مجال مهني محدد، وبالتالي يجب توظيف الموهبة نحو التخصص الذي تحس في إطاره أنك مبدعاً بما تقدمه من خدمة للناس والمجتمع.
إن التركيز على التخصص يجعل عجلة الحياة تدور وفق ما تخطط له للارتقاء بالحياة و تحقيق مفهوم التكامل، التكافل والتعاضد، والذي يحترم ويقدر في ظله كل إنسان الآخر بما يسطره من إبداع مهني، وهو وحده القادر على إحداث الاستقرار والاستمرارية في الاتجاه الإيجابي الذي يجعل منهم مهمين جداً بما يقدمونه من خدمة للإنسان والوطن الطبيب، المهندس، الأستاذ الجامعي، المعلم، النظامي في الجيش أو الشرطة، الموظف، العامل، الحداد، النجار، التاجر، رجل الأعمال، ربة المنزل وإلى آخرها من المهن، ولا سيما فإن كل مهنة قائمة على الموهبة المصغولة بالتأهيل، التدريب، الممارسة والخبرة.
من أوجب الواجبات أن يلتفت كل إنسان لما يستطيع الإبداع فيه، والتركيز عليه وعكس إنتاجه عبر الميديا الحديثة، والذي يمكن أن يكتسب به الشهرة، وربما يتجاوزها إلى النجومية، ولكن الخلط الذي يحدث يجعل البعض يسقط في براثن (البطالة) المستشرية بإعداد كبيرة، والتي جعلت البلاد بلا بناء، تنمية وإنتاج، لذا يجب أن يركز كل صاحب مهنة في مهنته من خلال موهبته المتلائمة مع قدراته وإمكاناته الفكرية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق