........................
مطالبات بتطبيق حد (السرقة) في الرئيس المخلوع عمر البشير
.......................
ماذا عن قضايا (القطط السمان) بعد الإطاحة بالنظام السابق؟
.......................
كتب : سراج النعيم
......................
بما أن النظام المخلوع برئاسة عمر البشير أفقر الشعب السوداني إفقاراً شديداً لم يشهده قبلاً، وذلك تحت ستار تطبيق الشريعة الإسلامية، وظل يخدع بها الناس على مدي ثلاثين عام، دون أن يكل أو يمل من الكذب ومع هذا وذاك لم يكن مشروعه الإسلاموي سوي مدخلاً لـ(لفساد)، والذي بدء يتكشف من خلال تحقيقات أجرتها السلطات المختصة، وبالتالي فإن النهج الذي عمد إليه نهجاً إستفزازياً، ويتضح ذلك من خلال الخطاب الإعلامي الذي يتم بثه رغماً عن أنه ظلم الناس الذين لم يكن أمامهم مفراً سوي أن ينتفضوا في وجهه، خاصة وأنه لعب دوراً كبيراً فيما آلت إليه البلاد، وما آل إليه العباد من إفقار وفق سياسة اقتصادية خاطئة أفرزت أوضاعاً مذرية نتج عنها ظواهراً سالبة في المجتمع، وهي لم تكن مألوفة على مدي سنوات طوال اللهم إلا في ظل النظام البائد، والذي أوصل الناس إلي مرحلة متأخرة جداً من الفقر المقدع، لذلك أصبح الجوع سمة من السمات البارزة في المشهد السوداني الأمر الذي جعل إنسان السودان في ضائغة اقتصادية قاهرة جداً، ولا يدري في إطارها كيف يحصل على وجبة واحدة طوال اليوم ، ناهيك عن ثلاث وجبات، فالوضعية التي وصل إليها اشبه بعام الرمادة الذي شهدته المدينة إبان خلافة سيدنا عمر بن الخطاب، لذا السؤال الذي يفرض نفسه، هل يجوز تطبيق حد السرقة على إنسان سرق من أجل أن يأكل هو وأبنائه الجائعين؟ الإجابة تكمن في النفي، وهو ما ذهب إليه الفقهاء، خاصة وأن تطبيق حد السرقة تحكمه شروط واجب توفرها في الحالة المراد تطبيقها عليها ، وعليه ما جري في عهد الرئيس )المخلوع(عمر البشير أشبه بـ)القحط (العام الذي أضطر الناس للخروج من منازلهم بحثاً عن قوت يومهم.
ما كيفية حل مشكلة الفقر الذي أوصل إليه النظام السابق البلاد والعباد رغماً عن أنه كان يدعي تطبيق الشريعة الإسلامية، فهل على فهمه ذلك نقطع يد السارق الذي يبحث عن قوته وقوت أبنائه أم نتركه درءاً للشبهة، والأخيرة هي الحل الأمثل لهذه المعضلة الحقيقة، والتي أدخلنا في نفقها المظلم الرئيس المخلوع عمر البشير؟، وعليه فإن سيدنا عمر بن الخطاب درء حد السرقة ﺑﺎﻟﺸﺒﻬﺔ، مستنداً في ذلك على ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻔﺔ من واقع أنه كان مقدراً ﺁﻻﻡ (ﺍﻟﺠﻴﺎﻉ) الذين يمرون بمحنة حقيقية آنذاك، وقد روي عنه : (ﺇﻧﺎ ﻻ ﻧﻘﻄﻊ ﻓﻲ ﻋﺎﻡ ﺍﻟﺠﺪﺏ)، ﻭﻓﻲ ﻣﻜﺎﻥ ﺃﺧﺮ ﺭﻓﻀﻪ ﻗﻄﻊ ﻳﺪ ﺍﻟﻐﻠﻤﺎﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺳﺮﻗﻮﺍ ﻧﺎﻗﺔ ﻻﺑﻦ ﺣﺎﻃﺐ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺑﻠﺘﻌﺔ، ﻭمثل هذه الظاهرة تستوجب ﺇﺟﺮﺍﺀ استثنائي مع العلم أن المولي عز وجل قال في محكم تنزيله : (ﻭﺍﻟسارق ﻭﺍﻟﺴﺎﺭقة ﻓﺎﻗطعوا ﺃﻳﺪﻳﻬﻤﺎ جزاء ﺑﻤﺎ كسبا ﻧﻜﺎﻻً ﻣﻦ الله ﻭالله ﻋﺰﻳﺰ حكيم)، وقال أيضاً : (ﻓﻤﻦ تاب ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ظلمه ﻭﺃﺻلح، فإﻥ الله يتوب عليه ﺇﻥ الله ﻏﻔﻮﺭ ﺭﺣﻴﻢ)، ومما ذهبت إليه فإنني وآخرين نطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية حداً على الرئيس (المعزول) عمر البشير، وكل من يثبت تورطه في سرقة مال الشعب في السنوات الماضية، طالما أنه كذب بها، وظلم وأفقر إنسان السودان حد (الكفاف)، وبالتالي يجب أن نبدأ بالرأس (عمر البشير)، والذي زرع (الشوك) في الأرض، وها هو يمر عليه حافي القدمين.
ومما لا شك فيه أن الرئيس المخلوع مارس جرماً يستوجب إقامة (حد السرقة) عليه بسبب مال الشعب السوداني الذي ضبط بحوزته في (بيت الضيافة) وأحد المصارف دون وجه حق، لذلك السؤال هل إذا سرق الفقير وهو (جائعاً) نطبق عليه حد (السرقة)، الإجابة لا لأن الفقر دفعه إليه الرئيس المعزول (عمر البشير)، من ثم أصبح (جائعاً)، وقطعاً (الجوع) يؤدي إلي ارتكاب الخطيئة لعدم امتلاك الإنسان المعني وسيلة تخرجه من (القوقعة) التي وضعه فيها رغماً عن أنه صبر صبراً جميلاً على عدم توفر المال للإيفاء بمستلزماته وأسرته في إطار الحياة عموماً، والتي تشهد ظروفاً اقتصادية بالغة التعقيد، مما قاد الكثير منهم إلي (ﺍﻟﻌﻮﺯ) ﻭ(ﺍﻟﻀﻌﻒ) الذي لم يدع له مجالاً لتمزيق الفواتير المتضاعفة يوماً تلو الآخر، وأن كنت على قناعة تامة بأن (محمد أحمد الغلبان) يؤمنون إيماً قاطعاً بأن الله خلق الإنسان متفاوتاً في (الرزق) لقوله سبحانه وتعالي : (نحن ﻗﺴﻤﻨﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻣﻌﻴﺸﺘﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ورفعنا ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻓوق بعض ﺩﺭﺟﺎﺕ ﻟﻴﺘﺨﺬ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﻌﻀﺎً ﺳﺨﺮﻳﺎً ﻭﺭحمت ربك خير مما يجمعون).
يعتبر الفقر ابتلاء من الله العلي القدير، إلا أنه عندما يكون بسبب كنز السلطان الجائر لـ(لمال)، (الموارد) و(الثروة) ووضعها في منزله وحسابه المصرفي، فإن الأمر يكون في غاية الخطورة، وهو ما فعله بالضبط الديكتاتور (عمر البشير) وحاشيته دون الاهتداء للمبادئ والقيم الإنسانية الواردة في الرسالات السماوية، وهي جميعاً تحذر من السلطة الظالمة ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ الذين أصبح هو بمالهم ثرياً دون مراعاة للمصلحة العامة، أو ترتب الحياة اليومية بصورة يتساوي فيها الناس من حيث (الحرية)، (العدالة)، و(السلام)، وبما أنه لم يفعل فإنه لا يخاف الله.
من أوجب الواجبات التي كانت ملقاة على عاتق الرئيس المخلوع (عمر البشير) أن يخرج بالناس من ذلك النفق المظلم باعتبار أنه كان راع إلا أنه كان راعياً (فاسداً) مارس (القهر)، (الزل)، (الإهانة)، (التهميش) و(الظلم) على كل من يجاهر بالحق في وجهه، مستخداً القوة (المفرطة)، ناسياً أو متناسياً أن الإسلام كافح ﺍﻟﻔﻘﺮ، وسعي سعياً حثيثاً للحد منه عبر الوسائل الموفرة للمعينات المساعدة على كسب (الرزق).
من الملاحظ أن الرئيس المعزول (عمر البشير) كان يحكم السودان بصورة ديكتاتورية يتواري معها خلف ستار الشريعة الإسلامية دون أن يطبقها على نفسه و(القطط السمان) الذين افسدوا في الأرض، والذين أتضح أنه واحداً منهم، لذا لم يكن جاداً في مكافحة (الفساد)، وكان يتمدشق به خلال المنابر الإعلامية والحوارات الصحفية للدعاية الانتخابية للعام 2020م، في حين أن الفريق أول مهندس صلاح قوش مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني (السابق) بدأ خطوات جادة لفتح ملف (الفساد)، والذي قطع فيه شوطاً طويلاً بالتحقيق حوله، ومن ثم تم إنشاء محكمة مختصة بقضايا (الفساد)، إلا أنه اصطدم بمعوقات عند تقديم المتهمين للعدالة من نافذين في الدولة العميقة، ولا سيما على رأسهم الفاسد الأكبر الرئيس (عمر البشير)، والذي لم يكن يريد أن يمضي في مكافحة (فساده) و(القطط السمان) على ذلك النحو الذي افتضح فيه أمره بضبط (7) ملايين يورو، و(350) ألف دولار بـ(بيت الضيافة)، بالإضافة إلي حساب باسمه في أحد (البنوك)، وما خفي أعظم، المهم أن الحملة على (الفساد) تزامنت مع غليان الشارع السوداني الذي انتفض في وجه الظلم والغلاء الفاحش في أسعار السلع الاستهلاكية المنقذة للحياة، فضلاً عن ارتفاع أسعار الدواء بنسبة ربما تفوق الـ(200%).
فيما ظل ملف (الفساد) دائراً في محيط عدم الحسم، وذلك لأسباب معروفة أبرزها أن (القطط السمان) يقف على رأسهم الرئيس المخلوع (عمر البشير) الأمر الذي جعل هذا الملف الساخن يتوقف في محطة الاعتقال لبعض القيادات المصرفية ورجال المال والأعمال، وهي إجراءات ليست بمستوي الضجة الإعلامية المفتعلة من النظام البائد، وبالرغم من ذلك فإن جهاز الأمن والمخابرات الوطني بدأ فتح ملف (الفساد) من خلال اعتقال اللواء أمن عبد الغفار الشريف، مدير إدارة الأمن السياسي (السابق) للاشتباه فيه بالتورط في قضايا (فساد)، هكذا استمرت حملة الاعتقالات لعدد من المسئولين في قطاعات (السكر) و(الدقيق)، (المصرفي)، ومن ثم تواصلت الحملة باعتقال عدد آخر ومن ثم الإفراج عنهم فيما بعد، وبالتالي فإن الاعتقالات تمت بصورة لا يمكن أن تدفع بملف (الفساد) نحو النتائج الإيجابية لمكافحته خاصة وأن التشريعيات المندرجة في هذا الإطار غير متكاملة، وهي تشريعات ربما يجد من خلالها (القطط السمان) ثغرات تدعهم يفلتون من (العقاب)، لذا على السلطة الجديدة مواصلة فتح ملف (الفساد) مجدداً، وذلك من خلال إنشاء (إدارة شرطية)، (نيابة) و(محكمة)، بالإضافة إلي حماية من يبلغ عن هؤلاء أو أولئك المفسدين حتى لا يطالهم الأذي والمضايقات، وعلى مؤسسات الدولة العميقة تقديم المستندات، وأية معلومات أخرى ضرورية تؤكد تورط المفسدين في قضايا (الفساد).
عموماً على الأثرياء الشرفاء الذين نعرفهم المعرفة الحقة قبل تولي الرئيس المعزول مقاليد الحكم في البلاد بـ(البندقية) أن ينفقوا على الفقراء إلي أن يتجاوز السودان هذه المرحلة المفصلية من تاريخه، فهنالك من هو عاطلاً عن العمل بسبب سياسات التوظيف بالولاء وليس المؤهل والكفأة، وهنالك من هم في المعاش، وهنالك من هم أصبحوا كباراً في السن، وهنالك أسراً توفي عائلها الأوحد، وغيرهم من الأشخاص الذين عانوا ما عانوا، وامثال هؤلاء ضاعوا في ظل (فساد) مستشري في البلاد، ولم يلتفت إليهم ديوان الزكاة أو أي جهة معنية برفع كاهل المعاناة عنه لقوله سبحانه وﺗﻌﺎﻟﻰ : (إﻧما ﺍﻟﺼدﻗﺎت للفقراء ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻛﻴﻦ)، ﻭﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻭﺟﺒﻬﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ لهم، فسيدنا محمد صل الله عليه وسلم خص ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ ﺍﻟﺼﺪﻗﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗﺎﺭﺏ ﻭﺍﻟﺠﻴﺮﺍﻥ، ﻭﺑﻴّﻦ ﺃﻥّ ﺍﻟﺼﺪﻗﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗﺎﺭﺏ ﻣﻀﺎعفة، حتي لا ﻳﺆﺛﺮ الفقر في الحياة بصورة عامة، خاصة وأن الفقراء أﻭﻟﻮﻳﺎتهم ﻣﺤﺼﻮﺭﺓ ﻓﻲ نطاق ضيق جداً لا يتجاوز الاحتياجات اليومية ﻣﻦ (مأكل)، (مشرب)، (لباﺱ)، (علاﺝ)، وربما التحصيل الأكاديمي، فأغلبهم يبحثون عن مصادر كسب في ظل وضع اقتصادي مذري.
من المعلوم أن الفقر يؤثر في الحياة عموماً، مما ينجم عن ذلك توقف ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ عن الإنتاج الدافع لعجلة الحياة، ومن ثم التنمية والتقدم والتطور الذي ينشده الإنسان إلا أن (فساد) الرئيس المخلوع عمر البشير و(القطط السمان) كان عاملاً رئيسياً في افقار الشعب السوداني، وبالتالي لم يعد قادراً على مواكبة التطور الذي يتطلب مقدرات مالية تقوده نحو الإبتكار، وقطعاً الفقر عائقاً كبيراً أمام ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ، وعليه فإن النظام سالف الذكر حرم إنسان السودان من أقل مقومات العيش في الحياة بكرامة، ونتج عن سياسته الاقتصادية السيئة انعزال الكثيرين عن ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ الذي انتشرت فيه الظواهر السالبة وﺍﻷﻣﺮﺍﺽ بسبب ﻋﺪﻡ توفر الغذاء والدواء المنقذ للحياة، وتلك السياسة أدت إلي عدم توفر ﺍﻟﺨﺪﻣﺎﺕ الأساسية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق