الثلاثاء، 1 أغسطس 2017

التفاصيل الكاملة لحرق (إبراهيم جوكس) و(4) من عماله

















.........................
رشا إبنة الشهيد تقتحم مكاتب الصحيفة وتروي القصة الحزينة
...........................
والدي تنبأ بمقتله ونصح صاحب البقالة (ﺃﻋﻤﻞ ﺣﺴﺎﺑﻚ فأنا ﻏﻴﺮ مطمئن)
..........................
الجناة نهبوا وسرقوا منزلنا بعد قفزنا السور للإحتماء بالجيران
................................
جلس إليه : سراج النعيم
...........................
يعتبر الثلاثين من يوليو، تاريخاً خالداً في ذاكرة الكثير من الأسر السودانية شمالاً وجنوباً، ففي هذا التاريخ من العام 2005م، وهو ما أطلق عليه يوم (الإثنين الأسود)، إذ تواترت أنباء عن تحطم طائرة الدكتور جون قرنق دي مبيور رئيس الحركة الشعبية والنائب الأول لرئيس الجمهورية والذي تقلد المنصب بعد (21) عاماً من التمرد علي نظام الحكم في البلاد، ووفقاً لذلك دفع الشماليون ثمناً باهظاً عندما تم الإعلان رسمياً عن وفاة (جون ﻗﺮﻧﻖ)، ونتيجة ذلك الرحيل المفاجيء عاث بعض الجنوبيين فوضي عارمة في الخرطوم وبعض الولايات السودانية الاخري مما أسفر عن ذلك وقوع عدداً من الضحايا الأبرياء.
فيما يصادف اليوم (الثلاثاء) الموافق 1/8/2017ذكري مقتل الشهيد إبراهيم بشير الشهير بـ(جوكس) حرقاً داخل محله التجاري الخاص بتصنيع الاثاثات المنزلية، وفي هذا السياق التقت (الدار) بإبنته (رشا إبراهيم) التي روت القصة المؤثرة، وكيف عانوا بعد أن قتل عائلهم الأوحد بصورة وحشية تركت آثارها في نفوسهم.
وقالت : والدي الشهيد إبراهيم (جوكس) ودعنا في تمام الساعة الثامنة من صباح يوم الإثنين متوجهاً من المنزل الى سوق ليبيا ومنه إلي مكان عمله بـ (الفتيحاب) بمدينة ام درمان، إلا أننا تفاجأنا به عائداً إلينا في تمام الساعة الثامنة مساء ﺟﺜﺔ ﻣﺘﻔﺤﻤﺔ بعد أن احرقه الجناة دون رحمة أو رأفة داخل محله التجاري.
هل كان والدك علي علم بوفاة الدكتور جون قرنق؟ قالت :
عندما خرج والدي من المنزل كان علي علم بأن جون قرنق قد مات في حادث سقوط الطائرة التي كانت تقله، بدليل أنه قال لجارنا : (أنا ﻏﻴﺮ ﻣﻄﻤﺌن لهذا اليوم)، هكذا كان والدي يحس بدنو أجله، لذا ﻟﻦ أنسي طوال حياتي إننا قفزنا ﺳﻮﺭ ﺍﻟﻤﻨﺰﻝ، ومعنا الوالدة والأطفال بما فيهم طفلة شقيقتي التي كان عمرها آنذاك ﺷﻬﺮﺍﻥ، وذلك خوفاً من التفلتات التى شهدتها معظم مدن ومناطق ولاية الخرطوم، وعلي ذلك النحو احتمينا بالجيران إلي أن بدأ المشهد المرعب الذي عشناه في تلك اللحظات ينجلي، نسبة إلي إنعدام ﺍﻷﻣﻦ منذ لحظة إعلان وفاة الدكتور قرنق وﺣﺘﻰ ﺍﻟﻌﺎﺷﺮﺓ ﻣﺴﺎﺀ.
وواصلت كشف ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﻤﺄﺳﺎﻭﻳﺔ التي تعرضت لها أسرتها ﻳﻮﻡ ﺍﻻﺛﻨﻴﻦ ﺍﻟﻤﺸﺆﻭﻡ وهي تتذكر والدها ﺑﺄسي شديد، وهي تقول : كيف لا أتذكره وهو صاحب المحل التجاري ﺍﻟﺬﻱ أحرق داخله، بالإضافة إلي ﺃﺭﺑﻌﺔ كانوا يعملون معه في صناعة الاثاثات، وهم أيضاً ﺗﻔﺤﻤﺖ ﺟﺜﺜﻬﻢ ﺩﺍﺧﻞ المحل.
واسترسلت : لقد شهد ﺷﺎﺭﻉ (ﻓﺘﺎﺷﺔ) ﺑﻤﺮﺑﻊ (13) أحداثاً مؤسفة، لم تكن في الحسبان نهائياً، إلا أن مقتل والدي كان بشعاً جداً خاصة وأن الطريقة التي استخدمها الجناة في تنفيذ الجريمة النكراء بشعة حيث أنهم تركوا والدي والعاملون معه يغلقون المحل التجاري عليهم من الداخل ثم يأتوا هم ويغلقونه بالاقفال من الخارج ثم يشعلون النيران فيه، فتبدأ في تمدد ألسنتها سريعاً خاصة وأن المواد الموجودة في المحل التجاري قابلة للإشتعال وما أن فعلوا فعلتهم إلا ولاذوا بالفرار إلي مكان آخر يواصلون فيه جرائمهم التي لم تسلم منها (اﻟﺒﻘﺎﻟﺔ) الملحقة بمنزلنا، والتي تحمل اسم الشهيد (إبراهيم جوكس)، الذي أنجب بالإضافة الي أشقائي ﺁﻣﻨﺔ، ﺍﻳﻤﺎﻥ، اﻳﻨﺎﺱ وموسي
واستطردت : أحفظ اليوم الأسود بكل تفاصيله رغماً عن مرور سنوات عليه لأنه أحدث شرخاً كبيراً في نفوس الشماليين، وقطعاً نحن كأسرة لـ(إبراهيم ﺟﻮﻛﺲ) الأكثر تأثراً بما جري مع عائلنا الأوحد، والذي اخبرته ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﺓ أمد الله في عمرها بأن (قرنق) قد مات، وأنها ﺳﻤﻌﺖ أصوات ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ العام، ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ قمنا بفتح ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻭﺟﺪنا ﺛﻼﺛﺔ ﻧﺴﺎﺀ ﺟﻨﻮﺑﻴﺎﺕ يقمن بالإعتداء علي أحد الشباب الذي أضطر للهروب منهن، فقلنا إذا كان هذا الشاب قد هرب من النساء، ماذا نفعل؟.
وتابعت : لم يتوفق المشهد عند ذلك الحد بل تفاجأنا بأن عددية كبيرة من الجنوبيين هاجمت البقالة الموجودة في منزلنا، وقاموا بحرقها ونهبوها، في حين كنا جميعاً في منزل الجيران بإستثناء والدي الذي ذهب إلي محله التجاري بـ (الفتيحاب)، وكان أن ﻗﻔﺰﻧﺎ ﺍﻟﺴﻮﺭ للاحتماء بالجيران، وبما أن المنزل اخليناه، فإن المتفلتين نهبوا وسرقوا المنزل أيضاً.
كيف علمتم بحرق والدكم؟ قالت : وصلنا خبر حرق الجنوبيين للوالد من خلال جارنا الذي أخطرنا بأن المحل التجاري الخاص به تم إحراقه وهو داخله، هكذا توافد علي منزلنا الجيران مما استدعي زوج شقيقتي (آمنة) الذهاب إلي مكان عمل الوالد، ثم تأكدنا بعد ذلك من وفاته متأثراً بما تعرض له من إختناق وحرق، إلي جانب ﺃﺭﺑﻌﺔ من الشباب منهم إﺛﻨﻴﻦ ﺃﺷﻘﺎﺀ ﻭإﺛﻨﻴﻦ أﺑﻨﺎﺀ ﻋﻤﻮﻣﺔ.
وأشارت إلي أن والدتها الحاجة (فاطمة إبراهيم) لم تكن مطمئنة عندما تم اعلان وفاة ﻗﺮﻧﻖ ﻓﻲ ﺗﺤﻄﻢ الطائرة التي كانت تقله، الأمر الذي قادها إلي أن تذهب سريعاً إلي ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﺔ، وتحضرت منها شقيقي الأصغر (سيف الدين)، وقد قالت لي : إن والدي تحرك من المنزل علي غير المعتاد، وبحوزته (500) ألف جنيه ذاهب بها إلي سوق ليبيا ﻟﺸﺮﺍﺀ مواد خاصة بمحله التجاري، وفي تلك الأثناء نصح ﺼﺎﺣﺐ ﺍﻟﺒﻘﺎﻟﺔ الملحقة بمنزلنا قائلاً له : (ﺃﻋﻤﻞ ﺣﺴﺎﺑﻚ فأنا ﻏﻴﺮ مطمئن).
وماذا عن زوج شقيقتك الذي توجه إلي مكان عمل والدك بعد خبر حرقه؟ قالت : ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇلي ﻣﺤﻞ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪ، وذلك من واقع أن ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﻣﻦ ﻣﺮﺑﻊ (13) حتي ﻣﺤﻄﺔ (ﺻﺒﺮﻱ) كانت في غاية الصعوبة، المهم إننا ﺗﺄﻛﺪﻧﺎ ﻣﻦ ﻭﻓﺎﺗﻪ، فتحركت وشقيقتي (إﻳﻤﺎﻥ) من منزلنا في تمام الساعة الثالثة إلي محل والدنا بالفتيحاب، وأثناء ما كنا نمضي في طريقنا أخطرنا ﺑﻌﺾ الناس بأن ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ إلي ﻣﺤﻄﺔ (ﺻﺒﺮﻱ) في غاية الصعوبة نسبة إلي الإضطرابات الأمنية.
ومضت : عموماً واصلنا المسير إلي أن وصلنا محل والدي التجاري، فوجدناه محروقاً بالكامل، ثم عدنا إلي منزلنا وظللنا ننتظر إلي أن ابلغنا ﻋﻤﻲ ﺳﻴﻒ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﺪﻳﺮ ﺻﺎﻟﺔ ﻛﺒﺎﺭ ﺍﻟﺰﻭﺍﺭ ﺑﻤﻄﺎﺭ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ أنه ﺗﻌﺮف علي جثمان والدنا بمشرحة الطب الشرعي، ﻭذلك ﻓﻲ ﺗﻤﺎﻡ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺍﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﻣﺴﺎﺀ، وعلي خلفية ذلك قمنا بإستلام الجثمان و تمت مواراته الثري في تمام ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺍﻟﻌﺎﺷﺮﺓ ﻣﺴﺎﺀ.
وحول زيارة المسئولين لهم؟ قالت : زارنا الدكتور عبدالحليم المتعافي والي ولاية الخرطوم السابق، ﻭﻗﺪﻡ لنا واجب الغزاء، وكانت ترافقه قوات نظامية ﻣﺪﺟﺠﺔ ﺑﺎﻟﺴﻼﺡ.
وأردفت : والدي ﻋﻤﻞ ﻓﻲ ﺳﻼﺡ ﺍﻟﻤﻬﻨﺪﺳﻴﻦ ﻟﻤﺪﺓ (18) ﻋﺎﻣﺎً، ثم شد الرحال إلي امارة (ﺃﺑﻮ ﻇﺒﻲ) بدولة الامارات العربية المتحدة ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ 1979 ﻡ، ﻭﺑﻌﺪ (14) ﻋﺎﻣﺎً ﻣﻦ ﺍﻹﻏﺘﺮﺍﺏ ﻋﺎﺩ ﻭﺍﺳﺘﻘﺮ ﺑﺎﻟﺒﻼﺩ، التي ﺃﺳﺲ فيها محلاً تجارياً لصناعة الاثاثات ﻭﺍﻟﺘﻨﺠﻴﺪ في ﺍﻟﻌﺎﻡ 1994 ﻡ ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻔﺘﻴﺤﺎﺏ.
واسترسلت : والدي عليه الرحمة ﻛﺎﻥ ﺭﻳﺎﺿﻴﺎً مميزاً في ألعاب القوي والملاكمة حيث أنه حظي بالعديد من ﺍﻟﻤﻴﺪﺍﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺬﻫﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻀﻴﺔ، إلي جانب أن الرئيس الراحل ﻧﻤﻴﺮﻱ قلده ﻭﺷﺎﺡ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﺔ.

ليست هناك تعليقات:

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...