الخرطوم : سراج النعيم
وقالت : في ذلك اليوم تحرك بنا قارب الهجرة غير الشرعية من السواحل الليبية إلي السواحل الفرنسية إلا أن القارب تعطل في منتصف البحر .. وقالت : بدأت قصتي منذ اللحظة التي شددت فيها الرحال من ولاية كسلا شرق السودان إلي ليبيا وما أن أستقر بي المقام هناك إلا وتعرفت علي زوجي السوداني الذي تعود جذوره إلي غرب السودان وعرض عليّ الزواج فقبلت به زوجاً ثم أنجبت منه ابنتي ( بنازير ) البالغة من العمر ( 6 سنوات ).
وأضافت : وعندما بلغت طفلتي الـ( 8 ) أشهر في العام 2008م فكر زوجي في الهجرة غير الشرعية إلي فرنسا رغماً عن أنها محفوفة بالمخاطر وكنت أعبر له عن مخاوفي من مغبة السفر بهذه الطريقة إلا أنه كان مصراً
علي ذلك فلم يكن أمامي بداً سوي الاستجابة له ومن ثم توجهنا علي ضوء ذلك مع عدد من المهاجرين الأفارقة عبر مركب متخصص في تهريب البشر إلا أن هذا المركب تعرض إلي عطب في منتصف البحر ما جعلنا في موقف لا نحسد عليه وبالتالي تسرب لدواخلنا جميعاً الخوف والهلع من المصير المجهول الذي ينتظرننا في حال عدم عثور فرق الإنقاذ علينا ما اضطر زوجي ( أحمد ) إلي أن يجازف بحياته سابحاً من مكان المركب الذي نستقله إلي المركب الكبير الذي كان يقف بعيداً عنا وظللنا ننتظر عودته إلا أنه لم يعد وعندما طال الانتظار لحق به شابان احدهما سوداني والآخر إريتري إلا أنهما أيضاً لم يعودا.
واسترسلت : ونحن في المركب بعرض البحر فقد الجميع الأمل في النجاة من الموت وكان أكبر همي منحصراً في طفلتي التي كنت احملها في يدي ما حدا بوالدها أن يتألم من ذلك المشهد الذي قال علي اثره : ( لن أدع طفلتي تغرق) فقفز من المركب سابحاً إلي ذلك القارب الكبير مؤملاً في إنقاذ ابنته إلا أنني قلت له : لا تذهب فالخطر محدق بك من كل جانب فقال : (اسكتي يا ولية) وكان من يرافقونا في تلك الرحلة يقولون لي : زوجك احمد موجود وهكذا يبثون في دواخلي الطمأنينة إلي أن جاءت قوارب الإنقاذ المالطية التي أكد لي أحد أفرادها بأن زوجي ( أحمد ) قد توفي غرقاً ثم لحق به الاثنان السوداني والإريتري ومن هناك تم إدخالنا للأراضي المالطية ومن ثم تم تسفيرنا إلي فرنسا للظروف الإنسانية التي كنت أعيشها بعد وفاة زوجي غرقاً بالإضافة إلي أن نفسياتي وطلفتي ( بنازير ) كانت متعبة جراء ما شاهدناه من أحداث مؤلمة ومحزنة في المياه الإقليمية المالطية.
وأردفت : أما فيما يتعلق بمن ظلوا في القارب فقد أنقذتهم السلطات المالطية التي سمحت لهم جميعاً بدخول أراضيها وقطعاً من بينهم أنا وطفلتي ( بنازير) واستقريت هناك حوالي عام و(8) أشهر رأت بعدها الحكومة المالطية أن ظروفي ظروفاً صعبة وقاسية وعليه قامت بتسفيري وابنتي للإقامة في فرنسا ومنذ ذلك التاريخ وإلي الآن نقيم فيها علي نفقة الحكومة الفرنسية التي منحتني الجنسية وجواز السفر اللذين بموجبهما قررت العودة إلي السودان للبحث عن أسرة زوجي المتوفى ( احمد علي التوم ) وأن تتعرف أبنتي الوحيدة (بنازير) المولودة في العام 2007م بهم عن قرب ثم نعود إلي فرنسا لكي تكمل طفلتي دراستها.
من أين نبعت تسميتها؟ قالت : سماها والدها علي (بنازير بوتو) تضامنا منه مع نضالها من أجل الحرية والديمقراطية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق