الأربعاء، 4 ديسمبر 2013

ﻣﺎﺫﺍ ﻗﺪَّﻡ ﻟﻲ ﺍﻟﻮﻃﻦ؟

الخرطوم : سراج النعيم


دائما ما يقلقني سؤالاً يطرحه البعض تعبيراً عما يجيش في دواخلهم من مرارات وألم والسؤال يتمثل في : ( ماذا قدم لهم الوطن ؟) في حين أنهم يسقطون السؤال الهام جداً ( ماذا قدموا هم للوطن؟ ) ومن هذين السؤالين دعوني أجيب علي السؤال الأول الذي أصبح شائعاً بصورة فيها عدم الانتماء والولاء للوطن فلا شك أنه مسقط رأس كل منا أو التراب التي أنجبنا ونشأنا وترعرعنا فالإنسان ليس مخيراً في اختيار الوطن.
كل منا يسأل نفسه ماذا قدم لي الوطن؟ وبهذا السؤال يكون قد سأل سؤال عديم الشفافية نسبة إلي أن تسمية المواطن نابعة من الوطن وبالتالي السؤال يخلق مساحات شاسعة بين الوطن والمواطن الذي ينظر له بمنظور الحيز الجغرافي لا أكثر رغماً عن أن تعريف الوطن أعمق من الأسئلة الساذجة التي ينتظر البعض إجابة عليها ممن لا أدري .. هل من الأرض.. فكيف للرقعة الجغرافية الجمادية أن تجيب؟..مع التأكيد أنها تفيد لا تضر بدليل أن هنالك من يشيدون علي أجزاء منها القصور والمباني المعمارية الفاخرة ويستخرجون من باطنه البترول والذهب والحديد هذا جزء يسير مما قدمه لنا الوطن من خيرات فماذا قدمنا له نحن؟؟.
وكان علي الذين يتسألون أن يكون مفهومهم للوطن أكبر بكثير من المفهوم السائد المحصور في حيز تفكير ضيق لأن النظرة إليه لا تتعدي المساحة الجغرافية فالوطن يجب أن يكون الهوى والعشق الأول فإذا نظرنا إليه نظرة ايجابية بدلاً عن تلك السالبة المرسومة بسؤال ينم عن جهل بالقيمة الوطنية والمساحة الجغرافية التي نعيش فيها للنماء والتعمير فهو ليس ملكاً لأحد بل ملك للجميع بكل أطياف ألوانهم التي يفترض فيها أن تسعي إلي تنميته وتعميره بروح تملأها الوطنية.. فالوطن يتألف من أعضاء فاعلين متساو مع الآخر في الحقوق والواجبات في حين أنه أيضا له الحق علينا فلا كبير عليه مهما كانت مكانته.
والوطن بالمفهوم المتعارف عليه فهو ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﺍﻷﺭﺽ ﺃﻭ الرقعة الجغرافية التي ينتمي لها هذا أو ذاك من حيث الارتباط التاريخي منذ الميلاد وعليه يكون هو الهوية الوطنية لكل منا فالوطن مساحة جغرافية تمثل مكان الإنجاب
للأمهات والآباء والأجداد وكلمة وطن في الكثير من قواميس اللغات الغربية تشير إلي الانتماء مثلا ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻷﻟﻤﺎﻧﻴﺔ: Heimatland ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ : Homeland، ﺃﻱ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﺒﻴﺖ، ﺃﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﻗﺎﺕ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ، ﻣﺜﻞ : (ﺃﺭﺽ ﺍﻷﻡ).
فالوطن مصطلح من المصطلحات التي يتم استخدامها للإشارة للدور الإيجابي تجاه الوطن الذي يتنادي به المواطن فخراً وإعزازاً ويبدو ذلك جلياً في الأغاني الوطنية التي يتباهي بها الشعراء في نظمها كل علي طريقته وبلهجته أو لغته معبراً عما يجيش في دواخله عن موطنه مهد ثقافته وحضارته ولا يكف أهل الثقافة والفن في التعريف بأوطانهم في الحروب أو في السلم فيدعون الشعوب إلي التفاعل مع القضايا التي تعتريهم ما بين الفينة والأخرى واحترام ﺍﻟﻌﻠﻢ و النشيد الوطني ﻭﺇﺑﺪﺍﺀ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻣﺜﻞ ﻭﺿﻊ ﻣﻠﺼﻖ ﻳﻤﺜﻞ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ﺃﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺰﻝ ﺃﻭ ﻏﻴﺮﻫﻢ ، ﺃﻭ ﺃﻱ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻹﻋﻼﻥ ﺍﻟﻮﻻﺀ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ ﻣﺜﻞ ﻣﺴﺎﻧﺪﺓ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﺳﺘﻪ ﺍﻟﺴﻠﻤﻴﺔ ﻣﻊ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻟﺘﻮﺛﻴﻖ ﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻭ ﻣﻊ ﺷﻌﻮﺑﻬﻢ.
يعتبر الوطن لنا جميعاً بكل سحناتنا ولهجاتنا علي اختلافها ففينا العامل والمزارع والراعي والطالب والمعلم والدكتور والمهندس والضابط وكل منا مسئول بحسب تأثيره في المجتمع وبالتالي ﺍﻟﻮﻃﻦ ﻧﺤﻦ ﻣﻦ ﻳﺼﻨﻌﻪ ﻓﻠﻨﺼﻨﻊ وطناً خالياً من الصراعات.

ليست هناك تعليقات:

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...