سائق شاحنة بطاح يخدع عوض ورفاقه بوجود المفقود في منطقة طوكر في حالة يرثي لها
المفاجأة أنناعثرنا عليه يلعب البلياردو في محل مطل على كورنيش البحر بمدينة بورتسودان
الشكر كل الشكر للدار والشرطة بالخرطوم وبورتسودان وشرطة حماية الأسرة والطفل على الجهودالمقدرة
أمبدةالسبيل: سراج النعيم
يبدو ان قضية اختفاء الطالب مازن عوض ابراهيم محمد شريف مازالت تلقي بظلالها السالبة علىأسرته والمجتمع الذي انفعل وتفاعل بها لما تحمله من غرابة وغموض لأن القصة في حد ذاتها تشبه الى حدما القصص المنسوجة منالخيال الذي قادنا للابحار في لجة السيناريو الذي فرضته الظروف منذ الوهلةالأولي التي اعلن فيها فقدان (مازن) أبن الـ 16 عاما في الأيام الماضية بعد ان خرج منمنزلهم بمدينة أمبدة السبيل كالمعتاد قاصدا مدرسته بحي الدوحة الأمدرماني ولم يعدفي الزمان والمكان المحددين فما كان من والدته الا وتبلغ والده لدي عودته من عملهفي تمام الساعة السادسة ومن هنا بدأت رحلة البحث المضني المصحوب بتحريات شرطةحماية الأسرة والطفل وتناول صحيفة الدار الاعلامي كل هذه الجهود اسفرت عن عودة(مازن) الى احضان والديه ولكن لهذه العودةقصة احتيال من أحد المحتالين الذين جبلوا على استغلال القضايا الانسانية لابتزازاولياء أمر هذا المختطف أو ذاك المختفي.ففي هذاالسياق اطلعني الاستاذ العازف عوض ابراهيم محمد شريف والد الطالب (مازن) بما تعرض له من واقعة احتيال بدأت تداعياتها من مدينةالخرطوم الى مدينة بورتسودان ولكن هذه الحيلة لم تنطلي علي ضيفنا وان كان تأسرهنبرات صوت نجله فهو اولا وقبل كل شيء انسانا الا ان الرجل ادخله في حيرة من أمرهبحكم انه يطلب ارسال مبالغ مالية لأبنه (مازن) الذي كانت بحوزته مايربو عن الأربعةألف جنيه اذا خصمنا منها المبالغ التي وجدت بحوزة المشتبه فيهم فان ماتبقي معه يكفي بكثير فما الذي يستدعي هذاالمحتال ليجري مكالمات هاتفية ببعض افراد عائلة الطالب العائد من الاختفاء الذيشابه الكثير من الغرابة والغموض.كورنيشالبحر بمدينة بورتسودانويسترسلعوض والد (مازن) ما انقطع من حديث والدهشة تعلو وجهه ووجوه أسرته الصغيرة والكبيرةمعا فثمة موجة صوتية (لا مسموعة) يتقن القلب الانساني الانصات لها فالكلمات لاتكفي باي حال من الاحوال لتجربة الاحاسيس والمشاعر المشحونة بالوحشة والغربةوالتوق الغامض للدفء الانساني هكذا ابتدر عوض ابراهيم محمد شريف الرواية الجديدة والمثيرة جدا في تفاصيلها.. وهي بلاشك تفاصيل لم تعينه علىالأمل أو علي الأقل امكانية توافرهفي تلك اللحظات الحاسمة للخيط الرفيع الذيالتقطه من مدينة أمدرمان وشد به الرحال الى مدينة بورتسودان التي جاء اليها لأنهاتمثل له مكان العثور على صغيره (مازن) ثم قال: في اليوم الأول الذي اعتزمنا فيه السفر الى هناكفاتتنا الطائرة فلم يكن أمامنا إلا ان نأتي في اليوم التالي مبكرا حتي نتمكن من الالتحاقبرحلة الخطوط الجوية المتجهة الىمدينة بورتسودان وكان ان اقلعت بنا في ذلكاليوم الذي وطأت فيه اقدامنا مطار تلكالمدينة في التاسعة والنصف صباحا في الثاني عشر من يناير الجاري ومن هناك توجهنامباشرة الى كورنيش البحر بمدينة بورتسودان لبداية عملية البحث عن ابني (مازن) علىأمل ان تصدق الراويات التي دفعتنا للاتجاه على هذا النحو.الاستمراريةفي الغرابة والغموضويواصلعوض: ظللنا نفتش عن (مازن) في الكورنيش باعتبار ان كل الناس تقصده لتعيش مع نفسهامتوجة على الشاطيء خاصة في أيام العطلالتي يعلق عليها أملا كبيرا في الخروج من دوامة العمل والدراسة الاكاديمية الى ثمةرغبات انسانية تنادي مابعد الحزن ..مابعد الفرح ما بعد وما بعد الحلم حين يستطيع هذا المرء أو ذاك انيستشف تلك اللحظات دون ان يلغيها من المخيلة المهم اننا بحثنا في كل ركن من اركانالكورنيش دون جدوي الأمر الذي كاد ان يعصف بكل الامال والاشواق التي تسيطر على اي أب في واقع يتمحور ليلا ونهاراويسبح ناحية الاستمرارية في الغرابة والغموض بينما الجرح يتفتح تحت الشمس وينموببساطة في اجواء تسكنها الآهات والتنهيدات في ايقاع مليء بالحزن ومن وراء كل هذهالاحاسيس والمشاعر التي اكبتها في دواخلي زلزلنيعدم عثورنا على (مازن) فهي لحظات اشبه بتيار كهربائي يهز الإنسان دون ان يصعق وبالتالي ذهبنا الى الفندق الذيظللت فيه مستيقظا حتي اشرقت الشمس فقد كنت هائما في التفكير.مكالمةهاتفية تعمق لغز القضيةويستمر عوضابراهيم والد الطالب (مازن) في كشف أسرار العثور على نجله بمدينة بورتسودان قائلا:وقبل ان نبدأ رحلة البحث لفك لغز هذه القضية ذات المدلول الانساني (القاسي) أو(الغامض) أو الغريب تجدني أصر إصراراً شديداً على الغموض والغرابة لأنهما كاناالركيزة الأساسية لهذه القصة اذ اننا قبل ان نتوجه الى وجهتنا تلقي قريبي اتصالاهاتفياً من أحدهم يفيد فيه الطرف الآخر ان ابني (مازن) معه في تلك الاثناء واضافهذا الشخص لروايته سالفة الذكر: انا صاحب عربة كبيرة (بطاح) وجدت ابنكم في سوباجنوب ولاية الخرطوم وقد احضرته معي وهو في حالة يرثي لها بمنطقة طوكر الواقعة بولاية البحر الأحمر اذ انه تركه مع رجلبالمنطقة المشار اليها مسبقا وما علينا الا الاتصال به هاتفيا فما كان من قريبي الاوادار مكالمة هاتفية بشخصي ناقلاً لي ما ذهب اليه من يدعي انه مالك شاحنة نقلبضائع فكان ان استجبت لذلك فورا فالمثل يقول (الغريق يتعلق بقشة) فقد كنت بلا حيلةسوي ان اقبل تنفيذ ما طلبه مني ولو لم اكن مقتنعا بالرواية.. فحياة أبني (مازن)تساوي عندي كلهذه الدنيا .. وكنت على استعداد للتضحية بكل شيء ولو كان ثمنه باهظاً المهم أن لاأفشل في هذه التجربة المؤلمة والمريرة بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى.. فالعثورعلى نجلى (مازن) هو محك أهمية نجاح تجربتي في هذه الأيام التي كادت ان تهشم حلميمراراً .. ألا أنها لم تهشم إمكانية تحقيقه ولو لكسر من الثانية.. أكثر من أي وقتمضي كنت أعي أهمية الصبر.الاستدراج من بورتسودان إلى طوكر:ويتخطي هذه المرحلة قائلاً: بعد أن دفع لنا برقم الهاتف السيار . أجرينااتصالاتنا الهاتفية بالرجل الذي حدده لنا سائق عربة الشحن الخاصة بترحيل السلع منوإلى .. ولكن بكل أسف يأتينا الرد من الطرف الآخر في شكل (مراوغة) اتضح لنا منخلالها أنه يحمل في معيته شريحتين متقاربتي الأرقام فتارة يغلق هذه ويفتح الأخرى.. وتارة يتحدث معنا وكأنه الشخص المعنى .. ثم يغلقها ويفتح الشريحة الثانية ومعهذا وذاك يغير صوته على أساس أن يمنحنا إحساس بأنه شخص آخر هكذا كان يريد أن يوصللنا إحساساً من هذا القبيل حيث كان يتحدث معنا بصوتين مختلفين وكل صوت منهما صادرمن منطقة تبعد مسافات عن الأخرى .. عموماً أخذنا عربة تاكسي أجرة وتوجهنا بها إلىمنطقة طوكر.. وفي الطريق إليها كنا نتصل به ما بين الفينة والأخري بينما كان يغلقويفتح الهاتف النقال.. وعندما اقتربنا من المنطقة قال لنا. لقد قطعت لابنك (مازن)تذاكر سفر بمائة وسبعين جنيه .يعني تجاوزوا مسألة التذاكر .. لذلك هو في حاجة إلىمصاريف علماً بأن أبني كانت معه مبالغ كافية جداً ..وظل هذا الشخص يطرق في هذاالجانب مؤكداً أنه يعاني من الظروف الاقتصادية القاهرة .. التي تتطلب منكم تحويلهذه المبالغ المالية عبر خدمة تحويل الرصيد وكان مصراً إصراراً شديداً على هذهالفكرة حتى أنه ادخل فينا الشك.الشرطة تكشف غموض المكالمات الهاتفية:ويستطرد عوض إبراهيم والد الطالب (مازن) العائد من الغياب قائلاً: وما أنوصلنا منطقة (طوكر)( إلا واستقبلتنا عربة الشرطة التي انضمت إلينا في رحلة البحث.. ونحن في طريقنا للمكان المحدد.. أجرينا اتصالاً هاتفياً بهذا الشخص الذي تأكدمن معلوماته أنه ملم بالمنطقة شبر .. شبر.. دار .. دار ..شارع .. شارع ... حيث أنهكان يعطينا بينات كشفت عن شخص آخر يحمل نفس الصفات فقالوا لنا نحن نعرف شخصاًقريباً من هذا الشخص الذي تتحدثون معه. إذ أنه يمكننا أن نسبقكم إليه.. وكان أنفعلوا ذلك.. وبسؤالهم له قال لهم .. لا نعرف من تسألون عنه من قريب أو بعيد .. ولميسبق لنا الاتصال أو تلقي اتصال في هذا الخصوص .. ولا توجد لدينا أصلاً بصات سفريةحتى نقطع على متنها التذاكر المزعومة ..وعندما نكون ذاهبين إلى مدينة بورتسوداننستقل المواصلات التي تبلغ قيمة تذكرتها اثنتا عشر جنيه ما يؤكد لكم ان مبلغالمائة والسبعين جنيه المذكور في المكالمة لا أساس له في أرض الواقع.. ومن هذهالنقطة تأكد لنا تأكيداً جازماً بأن أبني (مازن) لا وجود له في منطقة طوكر .. التيضاع فيها ذلك اليوم دون فائدة.المحتال استمرأ فكرة خدعتنا :ويتبادر إلى ذهن الأستاذ عوض إبراهيم قناعة تامة بان (مازن) لم ولن يأتيإلى منطقة طوكر قائلاً: لا يوجد شيء واحد يجعله يحضر إلى هنا ..ولكن كان لابد من الإتيانإلى هذه المنطقة حتى يطمئن قلبي .. وحينما عدنا على مدينة بورتسودان عاود ذلكالشخص الاتصال بنا مؤكداً أن أبني مازال بطرفه في منطقة طوكر. فقلنا له دعه يتحدثمعنا عبر الهاتف الجوال .. فكان يقول لنا على عجل ذهب إلى السوق.. ومرة أخرى يقوللنا أنه بعيد منه حتي لا يشعره أي مازن بأنه يتحدث الي أسرته التي تبحث عنه فيهرب منبين يديه .. هذا هو شكل الاحتيال الذي نصبه لنا هذا الشخص الذي عمل جاهداً علىاستقلال الظروف الراهنة التي كنا نركن لها في تلك اللحظات .. وبما انه استمرأالانجراف وراء هذا التيار .. لم يكن أمامنا خيار سوى البحث في مدينة بورتسودان علىان نبقي باب الأمل مؤارباً مع الشخص المدعى في الاتصالات الهاتفية أن نجلي (مازن )معه.ويضيف : وفي يوم الجمعة الماضية وصلنا من منطقة (طوكر) إلى مدينة بورتسودانالتي توقفنا فيها بمنطقة الكيلو وهي على مشارف المدينة .. بحثنا في أماكنهاالمختلفة ولكننا لم نجد ما نصبو إليه.. ورغماً عن ذلك كنت باستمرار أحس أن (مازن)قريب جداً مني .. وبالتالي كنت منكباً على التفكير في لحظة اللقاء به .. فهي لحظةمليئة بالأشواق ..كيف لا وقد افتقدته كثيراً طوال الأيام الفائتة.قصة مازن مع البلياردو :ويشرد بتفكيره وهو يقول: المهم أننا ذهبنا إلى كورنيش البحر بمدينةبورتسودان مرة ثانية بعد ان دلفنا إليه في المرة الأولى من المطار مباشرة .. حيثكنت في هذه المرة معي (الطاهر) المرافق لي في رحلة البحث وتوجهنا بالبحث في تجاهورجال الأمن في تجاه آخر.. هكذا كنا نتمشي في الكورنيش الذي وصلت فيه حتى الجزءالنهائي منه ولم أجد ابني (مازن) . وما أن بدأت أخطو خطواتي عائداً من حيث أتيت ..إلا ولمحت رجال الأمن وسطهم نجلي المختفي (مازن) ففرحت فرحاً شديداً ..وعندماسألتهم أين كان ؟ قالوا : لقد كان يلعب بلياردو بإحدى المحلات العاملة في هذاالمجال .. وبقينا في تلك المدينة يومين .. ثم شددنا منها الرحال عائدين إلىالخرطوم.من جهة أخرى أخلى سبيل المشتبه فيهم بالالتقاء بالطالب العائد مازن عوضإبراهيم محمد شريف بالضمان .. بعد أن عثر بحوزتهم علي بعض المقتنيات الخاصةبالمختفي قبل العودة من الغياب وهي تتمثل في السيوتر وبعض المبالغ المالية التيتبلغ في جملتها أكثر من أربعة ألف جنيه.نهاية أطول عملية احتيال:وفي سياق متصل كانت الدار قد أشارت لوقائع اختفاء الطالب مازن عوض إبراهيمفي أعدادها الماضية ..وظلت تتابع هذه القضية منذ اللحظة التي أعلن فيها هذاالنبأ.. الذي تعود تفاصيله بحسب رواية والدة : فقد أشارت المعلومات والتحريات إلى ارتباطبعض الأشخاص بهذه القضية الساخنة .. نسبة إلى أني المفقود كان قبل الاختفاء الذيصاحبته الكثير من الملابسات التي أدت به على أن يكون غريباً وغامضاً ومثيراًومؤثراً جداً وهو الأمر الذي جعل هذه القضية تأخذ كل هذه الأبعاد منذ اللحظة التي أخبرتنيفيها زوجتي بعدم عودة أبني من مدرسته حتى الساعة السادسة مساء التوقيت الذي كشفلنا أسراراً وخفايا جعلت من هذه القصة ان تكون متشابكة ومتشعبة جداً لأن مازن خرجمن منزل الأسرة بمدينة امبده السبيل كالمعتاد يومياً إلى مدرسته بحي الدوحة .. حيثجُبل على العودة منها في الثالثة عصراً ..وعندما تجاوز هذا الزمن ولم يعد قلقتعليه والدته وظلت على أثر ذلك تقف في بوابه المنزل تنتظر عودتي من العمل .. وكانأن عدت فلاحظت أنه يبدو عليها القلق والخوف والحزن .. كلها مشاعر كانت تتملكها فيتلك الأثناء . فما كان مني إلا ووجهت لها سؤالاً ما الذي حدث؟ فردت عليَّ قائلة:ابنك مازن لم يعد من مدرسته .. فلم أتمالك نفسي ولكنني عمدت إلى ان أهدي من روعهاحتى استطيع أن أفكر في الكيفية التي يمكننا ان نفك بها طلاسم هذه القضية الغامضة.. ومن هنا بدأنا البحث من منزل إلى آخر حتى استقر بنا البحث بمدينة بورتسودانالتي عثرنا فيها عليه بمحل بلياردو مطل على كورنيش البحر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق