..............
عدي الناجي من الاختطاف يصل السودان ويروي القصة
................
النور والد (قصي) يكشف تفاصيل مثيرة حول اختطاف نجله
...............
التقاهم : سراج النعيم
................
فتحت (الدار) خطاً ساخناً مع أسر الشباب السودانيين المخطوفين من قبل
مجموعة ليبية مسلحة من مناجم (كلمنجة) الواقعة جنوب الصحراء الليبية
المتاخمة للنيجر وتشاد، ومن بينهم (قصي) النور البالغ من العمر (28) عاماً
الذي تشير قصته المؤثرة إلي أنه شد الرحال من منطقة (أم حجار) التابعة
لولاية الجزيرة الواقعة وسط السودان إلي ليبيا بالإضافة إلي جانب الشباب
المأسورين معه الثمانية حيث أنهم هاجروا من مسقط رأسهم إلي هناك بغرض تحسين
أوضاع أسرهم الاقتصادية خاصة وأنها في غاية الصعوبة رغم أن الخطوة تدفعهم
للمخاطرة بأرواحهم بالسفر إلي دولة تفتقر إلي أبسط مقومات الأمن، وذلك منذ
أن تمت الإطاحة بالرئيس الراحل (معمر القذافي).
فيما أظهر مقطعي فيديو
قصيران بثتهما المجموعة الليبية المسلحة، يظهران الشباب السودانيين مكبلين
بالسلاسل والأغلال الحديدية، مما جعل حركتهم محدودة من مكان إلي آخر، وهذا
أن دل على شيء، فإنما يدل على أن المجموعة الليبية المسلحة منظمة تنظيماً
دقيقاً ويتضح ذلك بجلاء من خلال إنتاجها فيديوهات بحرفية تقنية عالية جداً،
ومن ثم يتم بثها عبر (الفيس بوك) لممارسة ضغوطات علي أسر الضحايا الذين
أطلقوا صرخات استغاثة إلي الحكومة والشعب السوداني وخصوا بها أهلهم في
ولاية الجزيرة التي ينحدرون منها.
وأوضح مقطعي الفيديو أن الشباب
السودانيين تم اسرهم في ظروف غامضة بعد أن اضطرتهم الأوضاع المعيشية في
بلادهم البحث عن عمل يكفلون من خلاله عوائلهم المغلوب على أمرها، وفي هذا
السياق كشف (النور) والد المخطوف (قصي) تفاصيل جديدة و مؤثرة حول اختطاف
نجله (قصي) من جنوب صحراء النيجر المتاخمة للحدود الليبية التشادية.
وقال لـ(الدار) : بدأت قصة نجلي (قصي) منذ أن داهمت المجموعة الليبية
المسلحة مقر سكنهم بالقرب من منجم (كلجمنة) بعد إقامتهم حفل ودع لابني،
والذي كان عائداً لأرض الوطن في صباح اليوم التالي، وبعد الانتهاء من الحفل
خلدوا للنوم الذي تم بعده القبض عليهم في تمام الساعة الثانية صباحاً،
والغريب في الأمر أن من هرب منهم لم تتم مطاردته، وعليه اقتادتهم المجموعة
في ظروف يكتنفها الكثير من الغموض إلي جهة (مجهولة)، وما أن مر على تلك
الواقعة أسبوعاً إلا وتواصل معنا شقيقه (عدي) الناجي من الاختطاف بعد أن
سافر إلي هناك بغرض عودة شقيقه من الاغتراب الطويل الذي وقع علي إثره ضحية
للاسر، وعليه بدأ نجلي (عدي) الناجي من الاعتقال استلام العمل في مطعم
شقيقه المخطوف (قصي) الذي ظل يديره بالحدود النيجيرية عامين بعد أن جاء
إليها من ليبيا بعد ست سنوات متصلة دون انقطاع.
وأضاف : ظل ابني الضحية
مكافحاً ومناضلاً ومجاهداً في حياته العملية، وذلك من أجل توفير لقمة عيش
كريم لنا خاصة بعد إصابتي بـ(القرحة) والتي طلب مني بعدها البقاء في
المنزل، وعدم الخروج منه للعمل نهائياً متكفلاً هو بكل المصاريف، وبما أن
حالتي الصحية لم تكن تسمح لي بالعمل استجبت لهذا النداء الإنساني، وبدأ هو
حياته العملية قاطعاً دراسته حتي يتمكن أشقائه من الاستمرارية في مراحلهم
الدراسية المختلفة، ويبلغ عدد أسرتنا (١٠) أشخاص، بالإضافة إلي أنه كان
يتكفل بـ(بنت يتيمة) قمنا بتربيتها بعد أن توفي والدها وتركها وحيدة تقالب
الظروف الإقتصادية والإنسانية المحيطة بها آنذاك، وتولي (قصي) الإنفاق
عليها إلي أن تزوجت والحمدلله، المهم أنه في بداية انخراطه في الحياة
العملية عمل في بيع الصحف السيارة في الأماكن العامة، وبعد أن قضي فترة
فيها قرر الهجرة إلي (ليبيا) وأمضي فيها ثمانية سنوات ثم توجه منها إلي
(النيجر) التي اختطف منها.
وأردف : اخبرني نجلي (عدي) العائد للتو من
هناك بأن الخاطفين لم يطاردوا من هربوا من الشباب السودانيين لحظة القبض
علي من وقعوا مأسورين في يد المجموعة الليبية المسلحة، ولم يكن يعتقدون أن
فترة الاسر ستطول باعتبار أن الخاطفين سوف يرسلون مندوباً عنهم طلباً
لـ(فدية)، ولكن المجموعة الليبية المسلحة لم تفعل ذلك نهائياً وخيبت ظنهم
جميعاً خاصة وأن عملية الاختطاف سبقها السؤال عنهم، وتمثل في من هم
السودانيين الأقرب للنظام الحاكم في الخرطوم من الشباب العاملين في مجال
التعدين عن الذهب؟ وكان الرد بأن أبناء ولاية الجزيرة الواقعة وسط السودان
أقرب للحكومة السودانية من حيث الموقع الجغرافي، وهذا السؤال يشير إلي أن
الخاطفين الليبيين خططوا ودبروا لتنفيذ عملية الخطف بصورة دقيقة جداً
للتأثير علي أهالي المخطوفين والمساومة بالمتهمين في جريمة القتل البشعة
التي حدثت في شقة (شمبات) الشهيرة، والتي وردنا في إطارها أن والد المتهم
الليبي الرئيسي في القضية (محمود) سوف يصل السودان.
ومضي : ابني عندما
تم اختطافه كان في طريقه إلي الخرطوم وكان أن تواصل معي عبر تطبيق
(الواتساب) مؤكداً عودته للسودان في شهر نوفمبر من العام ٢٠١٨م، مما جعل
الفرحة تغمرني ومن ثم بشرت والدته وأشقائه على أساس أنه ظل غائباً عنا ما
يربو عن الثمانية سنوات وعندما تأخر عن الموعد الذي حدده تخالجني إحساس لم
يجول بخاطري من قبل و لم أكن مطمئناً لما يجري معه، مما قادني للاتصال
بشقيقه الأصغر (عدي) الذي لحق به قريباً، والذي بدوره اخبرني بإختطاف (قصي)
وآخرين في الساعات الأولي من الصباح، فلم أتمالك نفسي مما طرق اذني فقلت
في قرارة نفسي : (لا حولة ولا قوة إلا بالله)، ثم وجهت له سؤالاً مفاده
لماذا لم تخطرني في لحظة حدوث الاختطاف؟ قال : كنا نتوقع أن تطلب المجموعة
الليبية المسلحة (فدية) مقابل إطلاق سراحهم بحسب ما درجوا في مثل حالات
مشابهة ، إذ يقوم على إثرها السودانيون المقيمين بليبيا بجمع المبلغ المحدد
وتسليمه للخاطفين لإخلاء سبيل من هم في قبضتهم، إلا أن ذلك لم يحدث إلى أن
ظهر مقطع الفيديو المؤثر الأول ثم بث آخراً بعد أسبوع.
واستطرد :
عندما تلقيت الخبر المفاجئ كنت محتاراً في كيفية تبليغ والدته بما احل
بأبنها إلا أنه لم يكن أمامي بداً سوي أن اخبرها، لذا هيأتها في بادىء
الأمر قبل أن يطرق اذنها الخبر الصادم جداً، عموماً نحن الآن نركن للحزن لا
نذوق طعماً للأكل ونسهر الليالي في انتظار خبر مفرح يزيل قلقنا وخوفنا على
أبنائنا الذين يواجهون مصير مجهول خاصة وأننا لا علم لنا بأسباب اعتقالهم.
واسترسل : إما شقيقه الأصغر (عدي) الناجي من الاختطاف فقد (جمد) دراسته في
الصف الثالث، وسافر إلي شقيقه (قصي) لإحضاره من النيجر إلي السودان، وذلك
بعد أن مر علي سفره (8) سنوات ، ومنذ أن تلقينا خبر حجزه (كرهينة) ها نحن
نقف مكتوفي الأيدي دون أن نجد حلاً يمنح أبنائنا الحرية، ويجعلهم يعودون
إلي أحضاننا، فنحن لا نملك إلا أن ندعو المولي عز وجل أن يفرج كربتهم، ولكن
رغماً عما أشرت له فإن الأمل مازال معقوداً حيث تم تكوين لجنة لمتابعة أمر
الرهائن السودانيين مع السلطات الرسمية، وهذه اللجنة التقت بنائب الدائرة
بالبرلمان، الذي بدوره وجه باللجوء إلي لجنة حقوق الإنسان، كما إننا
التقينا بالسيد معتمد محلية (المناقل)، والذي بدوره وعدنا بأن يبذل قصاري
جهده من أجل إيصال صوتنا للسلطات في رئاسة الولاية والمركز، وأنه سيعمل كل
ما بوسعه للوقوف مع أبناء محليته المأسورين في ليبيا.
وقال ناجي من
الاختطاف : إن مواطناً من مدينة (الكفرة) الليبية حضر إلي مناجم الذهب
(كلمنجة) ووجه سؤالاً هل هنالك سوداني تربطه صلة بأي مسؤولين في الحكومة
السودانية لمساعدته في فك أسر ابنه الذي يدعي (محمود) الذي يواجه تهمة
القتل العمد في الخرطوم علي خلفية جريمة قتل بشعة شهدتها شقة تقع في منطقة
شمبات شمال مدينة الخرطوم بحري وتصل التهمة الموجهة إلي ابنه حد الاعدام
شنقاً حتي الموت وهو الان مودع في احد السجون السودانية إلا أنه وجد شباباً
سودانيين بسطاء يتخذون التجارة والتنقيب عن الذهب عشوائياً عملاً لهم.
وأضاف : ونفس ذلك الليبي الذي يبدو عليه أنه ينتمي إلي قبائل (التبو) توجه
في اليوم التالي مباشرة إلى مكان إقامة السودانيين واصطحب معه شاباً
سودانياً إلي جهة مجهولة ومر علي اقتياد ذلك الشاب السوداني أسبوعاً من
تاريخه ثم جاء ذات الرجل الليبي بعد ذلك ترافقة مجموعة ليبية مدججة
بالأسلحة الخفيفة والثقيلة فقاموا باختطاف شباباً سودانيين آخرين.
وبالانتقال إلي قصة الشاب المخطوف محمد عبدالباقي نجد أنه شد الرحال إلي
مناطق التعدين عن الذهب بالحدود الليبية قبل أن يبلغ من العمر العشرين
عاماً، وهو يعتبر أكبر أشقائه والعائل الأوحد لأسرته المكونة من (١٠)
أشخاص، هاجر بحثاً عن سبل حياة معيشية كريمة في ظل ظروف اقتصادية قاهرة
يدرس على خلفيتها بعضاً من أشقائه في مراحل تعليمية مختلفة.
وقالت
أسرته : منذ صغره كان مهموماً بالأوضاع الاقتصادية لأسرته حيث عمل في مجال
بيع (الصحف) السودانية بالخرطوم ثم عمل سائقاً لـ(ركشة) إلا أن هذه المهن
لم تكن تسد العجز المالي لأسرته مما حدا به أن يهاجر إلي ليبيا بعد أن
تدهورت أحوالنا الاقتصادية، الأمر الذي حدا به الاقدام علي هذه الخطوة
بالرغم مما تشهده ليبيا من أوضاعاً أمنية غير مستقرة، وذلك منذ أن تمت
الإطاحة بالرئيس الراحل (معمر القذافي) إلا أن بحثه عن الحل لم يترك له
فرصة للتفكير في خطورة المكان، وما يمكن أن يوول إليه مصيره في المستقبل،
فليس أمامه حلاً غير أن يبحث عن طوق للنجاة من (الفقر).
التحق (محمد)
بأبناء منطقته الذين ينقبون عن الذهب في منجم (كلمنجة) الواقع علي الحدود
المثلثة ليبيا وتشاد والنيجر إذ بدأ مشوار الأغتراب بالعمل في أحد المحلات
التجارية، وما بين الفينة والآخري يتسلل إلي منطقة (الكفرة) الليبية لإحضار
بعض البضائع، وكان (محمد) قد أطل على مشهد الرأي العام برفقة (٧) من
الشباب الذين تعود جذورهم لولاية الجزيرة وسط السودان، وهم مقيدين بالسلاسل
والأغلال الحديدية، ويظهر خلفهم أفراد من المجموعة الليبية المسلحة
بالبزات العسكرية، ويحملون في ذات الوقت أسلحة (خفيفة) و(ثقيلة).
ويعتبر الشاب سيف الدين محمد بدوي الابن الوحيد في أسرته، حيث أنه سافر إلي
ليبيا باحثاً عن أوضاع اقتصادية أفضل تسهل لشقيقاته الأناث مواصلة
دراستهن، ومع هذا وذاك لم يكن يدري أن مصيره سيكون مبنياً على المجهول،
ويقع ضحية للمجموعة الليبية المسلحة.
وناشد أهالي الضحايا الخاطفين
مؤكدين بأن أبنائهم ليس لهم ذنباً فيما جري، فهم جميعاً أجبرتهم الظروف
الاقتصادية على السفر إلي ليبيا بعد أن كانوا يعملون في بعض المهن البسيطة
في السودان، وقد شدوا الرحال إلي ليبيا من أجل مساعدة أسرهم والتكفل بنفقات
تعليم أشقائهم.
فيما تشير المعلومات إلي أن الرهائن الثمانية
المحتجزون هم : محمد عبد الباقي مرجي قرية (أم حجار) المكاشفي محلية
الجاموسي، قصي النور علي آدم (أم حجار المكاشفي)، عابدين عباس محمد موسى
قرية (الياس) محلية المناقل، بلال الطريفي سراج (حلة بشير) محلية 24
القرشي، سيف الدين محمد بدوي قرية (أم دغينة الركابية)، حمزة الفضل قرية
(الشويرف)، بابكر عبد المطلب كوكو قرشي قرية (غنيوة) محلية القرشي، يوسف
المسلمي قرية (الشويرف).
من جانبها حرصت المجموعة الليبية المسلحة على
تصوير الرهائن السودانيين في مقاطع فيديوهات أثناء تعذيبها لهم في منطقة
صحراوية قاحلة مع حراسة مشددة من قبل بعض المسلحين، ثم منحوا كل شاباً من
أولئك الشباب فرصة لمناشدة الحكومة السودانية من أجل الاسراع بفك اسرهم،
ووضحوا في ذلك الفيديو أسمائهم والمناطق التي ينحدرون منها ويلقون باللائمة
على قنصل السودان بالعاصمة الليبية (طرابلس) لعدم الاستجابة لاتصالاتهم به
في بادئ الأمر، علماً بأن المجموعة الليبية المسلحة لم تطلب (فدية) نظير
إطلاق سراح المعتقلين السودانيين، وبعد مرور أسبوع علي بث الجناة مقطعهم
الأول نشروا آخراً يرتفع من خلاله عدد الضحايا من (7) إلي (8) أشخاص
يتعرضون للتعذيب والضرب، فضلاً عن إجبارهم على الركض في الكثبان الرملية،
مع إطلاق أعيرة نارية في الهواء.
وتشير المصادر إلي أن الـ(8) سودانيين
المعتقلين تم أسرهم كرهائن من قبل قبائل (التبو) جنوب ليبيا وهم لا يطلبون
مقابل إخلاء سبيلهم (فدية) مالية، إنما يرغبون في التفاوض مع مسؤول سوداني
رفيع في أمر لم يفصحوا عنه، ولكن رجح المصدر أن الأمر يتعلق بقضية مجزرة
شقة شمبات الشهيرة المتهم فيها متهمين ليبيين ينتمون إلي العشيرة المشار
إليها وأن القبض واتهام ليبيين في قضية شقة (شمبات) هو السبب الرئيسي وراء
اختطاف الشباب السودانيين الثمانية.
في سياق البحث عن الاسباب التي أدت
إلي اختطاف الشباب السودانيين كتب الليبي عبدالحكم بلقاسم منشوراً عبر
موقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) يبعث من خلاله برسالة إلي قاض محكمة
سودانية فيما يخص محاكمة الليبي (محمود أوشي) الذي يواجه الاتهام بالإعدام
شنقاً حتي الموت في قضية شقة (شمبات) الشهيرة التي راح ضحيتها ثلاثة
سودانيين بصورة بشعة جداً هزت الرأي العام السوداني على أساس أن الجريمة
دخيلة على المجتمع السوداني الذي لم يألفها قبلاً وبالتالي أشار الشخص الذي
نشر البوست بموقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) أنه من عائلة المتهم
(محمود) المنتمي لقبائل (التبو) عشيرة (أوشي) وأضاف إلي أن المجموعة
الليبية المسلحة المعتقلة للسودانيين الثمانية ترغب في إبرام إتفاق بتبادل
السودانيين المحتجزين نظير المتهمين الليبيين الذين تعود جذورهم إلي جنوب
ليبيا.