...................................
افرزت السياسات الاقتصادية الخاطئة المتبعة منذ سنوات الكثير من الظواهر السالبة المستوجبة الحسم سريعاً من قبل السلطات المختصة وإيقاع أقسي العقوبات في مواجهة بعض الشركات والتجار الذين تسببوا في موجة الغلاء الفاحش الذي تشهده البلاد، والذي اطلت في ظله ظاهرة المعاملات بـ(كسر) الشيكات المصرفية بـ(الكاش)، وهي ظاهرة في غاية الخطورة وبالرغم من خطورتها لم تجد مسئولاً واحداً يدينها، ومع هذا وذاك يمثل من ينتهجها دور الذي يلج إلي المعاملات (الربوية) المندرجة في ظاهرة شراء الصكوك المصرفية نظير (السيولة) وذلك من أجل تحقيق أرباح في دقائق معدودة، أي أنهم استفادوا من انعدام الثقة بين العملاء والبنوك بسبب عدم صرفهم لأموالهم المودعة في المصارف، الأمر الذي جعل البعض يجد ضالته في هذا الاتجاه المخيف، فلا وازع ديني يردع ولا رقابة تحسم الفوضي، وبالتالي أصبحوا يستغلون الظروف الاقتصادية الراهنة ويطوعونها لصالحهم بما يمتلكونه من مبالغ مالية (كاش) لا يتم توظيفها لمصلحة العامة إنما توظف لصالح أشخاص يلجأون لاستخدامها في (الربا) والذي هو حرم قطعاً لقوله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله : (يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إِن كنتم موْمنين فإِن لم تفعلوا فَأذَنوا بحَرب من اللهِ ورسوله وإِن تبتم فلكم رءوس أَموالكم لَا تظلمون ولا تظلمون).
ومما أشرت إليه فإن ظاهرة شراء الصكوك بـ(الكاش) بالزيادة عن المبلغ المدون فيها يعتبر (ربا)، لذا تقع مسئولية مكافحتها على عاتق الجميع، وأن عدم حسمها فيه سخط وغضب وعقاب من المولي عز وجل، لذلك يجب أن لا تأخذنا في الحق لومة لائم، وأن تتم المحاسبة بدلاً من التصريحات المحبطة للمواطن المغلوب على أمره، والذي ظل صابراً على الإبتلاء سنوات وسنوات دون أن تكافئة الحكومة على ذلك الصبر، بل رفعت الدعم عن سلع استراتيجية وحررت السوق الذي أصبح عبارة عن (فوضي)، فكل من (هب) و(دب) يقرر السعر الذي يتناسب معه، الشعب السوداني لا يملك إلا أن يتضرع بالدعاء لله أن يزيل عنه هذا البلاء، وإن المستفيد من ظاهرة (كسر) الشيكات بـ(الكاش) قلة.
إما ظاهرة بعض الشركات مثل شركة (دال) الغذائية فهي أيضاً ظاهرة خطيرة حيث أنها تفاجىء المستهلك لمنتجاتها بزيادات ما بين الفينة والاخري دون أن تضع لها مساحيق أو رتوش، وإذا سألت صاحب المحل التجاري لماذا هذه الزيادة الجديدة؟ يرد عليك من خلال منشور تدفع به هذه الشركة أو تلك، وذلك كلما رفعت أسعار منتجاتها الغذائية، وكأنها سلطة بعيداً عن الحكومة التي عجزت عن كبح جماح ارتفاع الأسعار في الأسواق، فالزيادات تقرها بعض الشركات المنتجة بصورة كبيرة تفوق دون أدني شك حدود إمكانيات (محمد أحمد الغلبان)، والذي أصبح (محبطاً) جراء هذا الواقع الاقتصادي المذري، فالزيادات تفوق حسابات التضخم لدي الفقراء، فهي زيادات مستمرة منذ أن كان سعر الدولار في السوق الموازي (45) جنيهاً، وذلك في بداية العام 2018م، إما اليوم فهو سعره متارجح ما بين الـ(70) جنيهاً وما فوق، أي أن سعره أقل من الـ(100%)، فيما نجد أن الزيادت في السلع تزيد بنسبة تفوق سعر الدولار في السوق الموازي، ما يؤكد أنه لا علاقة للزيادات الشبه يومية بـ(الدولار) أو أي عملة أجنبية اخري، إنما الزيادات ناتجة عن جشع وطمع بعض الشركات والتجار الذين يستغلون الظروف الاقتصادية القاهرة التي تمر بها البلاد منذ سنوات خلت، أي أن كل (شركة) أو (تاجر) يبحث عن الكسب السريع بأي صورة من الصور مشروعة أو غير مشروعة، وليس مهماً من أين يأتي المواطن البسيط بالمال، مع العلم أنه تنتظره (فواتير) كثيرة، فهو كلما مزق واحدة منها تفاجأ في صباح اليوم التالي بعدد اخر منها يصطحبه ضمن جدول اعماله اليومي، والغريب في الأمر أن كل (شركة) أو (تاجر) يمثل دور الضحية الذي ليس بيده الحل، يرمي بالائمة على الحكومة والحكومة عجزت من غيجاد حلول ناجزة، فلا توجد دولة في العالم تترك أمر الأسعار لـ(لشركات) و(التجار) الذين يرفعون الأسعار بصورة ليست منطقية، إذ يجد المستهلك نفسه مضطراً للشراء، لأنه لديه أطفالاً ينتظرونه ولا يعرفون كلمة (ظروف)، بالإضافة إلي أن النظام الحاكم في البلاد لا يريد أن يضع حداً لذلك (السرطان) الذي استشري في السوق دون رقابة من أجهزة الدولة المختصة، والتي تصرف مرتباتها مقابل خدمتها للمواطن، وبما أنها لا تفعل قطعاً سيستمر الوضع على ما هو عليه دون أمل في إصلاح اقتصادي بصدمة (معتز موسي) أو خلافها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق