الخميس، 20 سبتمبر 2018

سراج النعيم يكتب : سرك في (الواتساب)

............................
من الشائع في عصرنا هذا أن الكثير من الناس أصبحوا يفشون الأسرار دون أن يأبهوا بأنها أمانة يودعها أصحابها في من يثقون فيهم، لذا يجب علي الإنسان الذي يتم اصطفائه لحفظ الأسرار أن لا يكون خائناً لمن ائتمنه عليها، فهي في النهاية عهد وعلي الإنسان أن يكون مسئولاً، ولا سيما فإن الأسرار في حد ذاتها متفاوتة من حيث درجات أهميتها، فمنها ما هو ضار للعامة ويقودهم في كثير من الأحيان للخصومة في المحيط الأسري أو المجتمع عموماً.
وفي هذا الإطار قال الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله : (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولاً)، وقال : (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلي أهلها)، وفي هذا دلالة علي حرمة إفشاء السر.
فيما كان النبي صل الله عليه وسلم قد أسر إلي السيدتين (عائشة) و(حفصة) بحديث وائتمنهما عليه، إلا إنهما أظهرتا سره، فما كان إلا وعاتبهما الله سبحانه وتعالى بقوله : (وإذ أسر النبي إلي بعض أزوجه حديثاً، فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه، وأعرض عن بعض، فلما نبأها به قالت مَن أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير)، وعن عبد الله بن عمرو أن النبي صل الله عليه وسلم قال : (أربع مَن كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومَن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها : إذا ائتُمِن خان ، وإذا حدَّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر)، وليس من شرطاً أن يخطر بمن أسره بأنه (سراً) ولا تخبر به أحداً، وعن جابر بن عبدالله عن النبي صل الله عليه وسلم قال : (إذا حدث الرجل الحديث ثم التفت فهي أمانة).
بينما نجد أن شخصاً ما طرح عليه سؤالاً عن المقصود بـ(الاثنين)، فلم يتردد في الإجابة قائلاً : إنها (الشفتين)، مما يوضح بجلاء أن الناس كانوا في وقت مضي حذرين فيما يتعلق بإفشاء أسرارهم حتى ولو كان ذلك لأقرب الأقربين، وبما أن هذا هو نهجهم كانت النتيجة النهائية أن الحياة تمضي بشكل طبيعي، وخطورة الأمر تكمن في إفشاء أسرار البيوت، مما أسفر عن ذلك انهيار قيم وأخلاق، وتهدمت الكثير من المنازل، وعن أبي هريرة قال : (بلفظ من أطلع في بيت قوم بغير إذنهم فقد حل لهم أن يفقئوا عينه)، وورد من وجه أخر عن أبي هريرة قال : (بلفظ من أطلع في بيت قوم بغير إذنهم ففقئوا عينيه فلا دية ولا قصاص)، وفي رواية من هذا الوجه فهو هدر.
ومما أشرت له، فإن ظاهرة (إفشاء الأسرار) أخذت أبعاداً خطيرة جداً لا يمكن تصورها مهما حاول البعض تبسيطها، فإن هذا الفعل ينجم عنه تصدع في العادات والتقاليد السودانية التي لا تنفصل عن الديانة الإسلامية، لأن انتهاج هذا النهج أفضي إلي بذر بذور (الفتنة) و(البغضاء) بين الناس، مما يؤدي ذلك إلي انهيار أواصر المحبة، وتحل محلها الكراهية التي غالباً ما تأخذ حيزاً كبيراً في المحيط الدائرة فيه، وربما تتسبب في مقاطعة صلة الأرحام، بالإضافة إلي تزايد حالات الانفصال بين الأزواج (الطلاق).
ومن الملاحظ أن إفشاء الأسرار يلعب دوراً كبيراً في الانجراف بتماسك المجتمع ، وقد ساهم في تعميق ذلك (العولمة) ووسائطها المختلفة، إذ أصبحت بديلاً لتحريك الشفتين لإيصال هذا السر أو ذاك عبر الإعلام الحديث الذي يبث الأسرار للعامة، وعندما يستدرك الناشر أنه وقع في خطأ، فإنه لا يمكن له إلغاء النشر إن كان صالحاً أو طالحاً، لأن من ينسخون ويلصقون يكونون قد تناقلوه علي نطاق واسع، وعليه يكون السر الذي كان محصوراً في نطاق ضيق، سراً متداولاً عبر (الفيس بوك) و(الواتساب) وغيرهما من وسائل التقنية الحديثة، وذلك في ظل انتشار الهواتف الذكية وسهولة إقتنائها، فالكثير منهم يحملون جوالاً أو جوالين، وهكذا يفعلون بهما ما يشاءون، ويصورون ما يشاءون، ويكتبون ما يريدون، ولا يبقى شيء دون أن يأخذ نصيبه، بل إن هناك من همه فقط تصيّد الأخطاء ونشرها.
عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : (قال النبي صل الله عليه وسلم : إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى المرأة وتفضي إليه ثم ينشر سرَّها)، ومن وصايا العرب للعروس : (ولا تفشي له سرّاً، فإنك لو أفشيتِ سرَّه ، أوغرتِ صدرَه)، وعن ثابت عن أنس قال : (أتى عليَّ رسول الله صل الله عليه وسلم وأنا ألعب مع الغلمان، قال : فسلَّم علينا ، فبعثني إلى حاجة فأبطأتُ على أمي ، فلمَّا جئتُ قالت : ما حبسك ؟ قلت : بعثني رسول الله صل الله عليه وسلم لحاجة، قالت : ما حاجته ؟ قلت : إنها سر ، قالت : لا تحدثت بسر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحداً .

اختفاء التاجر (الجيلي) في ظروف غامضة بشارع النيل بالخرطوم

.........................
كشف فيصل مصطفى عشانا أحمد تفاصيل مؤثرة حول واقعة اختفاء ابن شقيقته التاجر الشاب (الجيلي عشانا جودات عشانا) البالغ من العمر (24) عاماً المنحدر من منطقة (ودعشانا) بولاية شمال كردفان في ظروف غامضة.
وقال : خرج (الجيلي) من منزلنا بمدينة أمبدة الحارة السادسة يوم (الأحد) الموافق 9/9/2018م في تمام الساعة التاسعة صباحاً متوجهاً إلي عمله بالسوق العربي بالخرطوم، وحوالي الساعة الثانية ظهراً أجري هو اتصالاً هاتفياً بشقيقي (الزبير)، وأكد له من خلال المكالمة أنه الآن متواجداً في شارع النيل بالخرطوم.
وأضاف : وعند الساعة الثانية عشر ليلاً لم يعد إلي المنزل الأمر الذي حدا بنا الاتصال علي هاتفه السيار، فكان يأتينا الرد من الطرف الآخر هذ


ا المشترك لا يمكن الوصول إليه حالياً، وعلي خلفية ذلك ظللنا نبحث عنه في كل الاماكن التي كنا نتوقع أنه ذهب إليها دون جدوى.
وأردف : بعد مرور أيام علي واقعة الاختفاء قمنا بفتح بلاغ لدى قسم شرطة أمبدة وسط ووضعنا علي طاولة المتحري أوصاف المختفي (الجيلي) علي النحو التالي : (طويل القامة، متوسط الحجم، قمحي اللون، سبيبي الشعر، يرتدي بنطال بني وقميص مسطر، ينتعل سفنجة، سليم العقل)، من يتعرف عليه الاتصال بالشرطة علي رقم الهاتف (0913888244) أو برقم هاتف الشاكي (0918682809).
حول هل لديه أي إشكاليات؟
قال : لا إشكاليات له في المحيط الأسري أو المجتمع، والده متوفي قبل عام، ووالدته مقيمة بمنطقة (ود عشانا) مسقط الرأس، لذا بحثنا عنه في المستشفيات ومشارح الطب الشرعي وغيرها من الأماكن ولم نعثر له علي أثر نهائياً.

نقد لاذع لندى القلعة بسبب (الحجاب) و(البودي قارد)



......................
قوبلت المطربة ندى محمد عثمان الشهيرة بـ(القلعة) بنقد لاذع علي خلفية نشر أظهرها وهي تجمع بين الغناء وارتداء (الحجاب) والظهور بصحبة (البودي قارد ).
وأشارت ندى القلعة من خلال الإعلام الحديث بأن العمل الجديد يجمعها (بأحلى اثنين) حسب تعبيرها، وهما الشاعر أمجد حمزة الذي وصفته بالأخ والصديق والمايسترو عادل حسن.
فيما ظهرت ندى القلعة مع فرقة الحماية التي تتابعها في كل تحركاتها خاصة عند دخولها صالات الأفراح أو صعودها المسارح.
والملفت أن (البودي قارد) يتابع (القلعة) بل حتى أمام العدسات، وهو ما أظهرته صوراً تحصل عليها محرر (الدار).

مراقب امتحانات يضبط شاعرة مشهورة بكتابة قصيدة في ورقة الرياضيات

.......................
قالت الشاعرة الشابة إيمان متوكل : إن أغلب قصائدها المنتشرة وسط القراء كتبتها أثناء جلسات الامتحانات في المرحلة الثانوية والجامعة.
وأضافت : إن أشهر قصيدة حملت عنوان (شكراً جزيلاً يا بحر)، وهي القصيدة التي كتبتها في جلسة امتحان (الرياضيات).
وذكرت ايمان بان الاستاذ مراقب الامتحان و معلم المادة رفض تسليمها الورقة بعد تصحيحها حيث ذكر لها بأنه يريد الاحتفاظ بها.

الاثنين، 17 سبتمبر 2018

بلوم الغرب في حوار استثنائي عقب عودته من (المجر)


......................
عبدالرحمن : أغاني العملاق محمد وردي سببت لي إشكاليات
......................
لم أكن مرغوباً في حفلات الأعراس بسبب (أغاني الحقيبة)
......................
جلس إليه : سراج النعيم
.....................
أجريت حواراً استثنائياً مع الفنان الكبير عبدالرحمن عبدالله الشهير بـ(بلوم الغرب) عقب عودته من رحلة استشفائية من (المجر) التي شد إليها الرحال لتلقي العلاج.
في البدء من هو عبدالرحمن عبدالله ومن أين أنت وما سر الارتباط بمدينتي بارا والأبيض؟
قال : والدي ووالدتي أطلقاً عليّ أسم عبدالرحمن عبدالله محمد أحمد، من قبيلة (الركابية) و(الشايقية) رغماً عن أنني ضد القبلية التي أنادي بعدم تقنينها عملاً بقول رسول الله صلي الله عليه وسلم : (لا فرق بين عربي ولا عجمي إلا بالتقوى والإيمان)، من مواليد 1950م مدينة (بارا) التي نشأت وترعرعت فيها، وهي يقال أنها تشبه مدينة (أرقي) بالولاية الشمالية من حيث وجود السواقي داخل البيوت، والمياه قريبة والتباين ما يؤكد أن مناخ مدينة (بارا) أقرب إلي مناخ مدينة (أرقي).
مقاطعاً مدينة (أرقي) شايقية فهل أنت من قبيلة (الشوايقة)؟
قال : (شايقي) من جهة حبوبتي (حرم بت الزاكي) التي هي من منطقة (ود الزاكي)، لذلك أتمني أن أزور مدينة (أرقي) التي تربطني فيها صداقات بالشعراء السر عثمان الطيب، حسين دفع الله، عبدالله محمد محمد خير وخالد شقوري.
وماذا عن مدينة (بارا) مسقط الرأس؟
قال : يوجد بها أهلي من قبيلة (الركابية) الذين نزحوا للمدينة من شمال السودان، وهي مدينة التباين من حيث وجود القبائل السودانية المختلفة، فانصهروا فيها وخلقوا أجيالاً أقل ما توصف به الرقي، وكل من عاش في مدينة (بارا) لم يعد منها إلي جذوره مرة آخري، فأنت في مدخلها تشاهد شجر (اللبخ) الذي زرعه الإنجليز قبل استقلال السودان، وهي عموماً عبارة عن واحة جميلة.
هل أكتشف عبدالرحمن نفسه كفنان أم أنه تم اكتشافك؟
قال : اكتشفت موهبتي بنفسي وأنا طالب في مرحلة الثانوي ليس فناناً رسمياً، ولكنني كنت أغني في بعض الأفراح للفنانين عثمان حسين، إبراهيم عوض ومحمد وردي الغناء السائد آنذاك إلي أن أصبحت متخصصاً في أغاني العملاق وردي ما خلق لي إشكالية في معهد الموسيقي والمسرح.
هل كنت تقلد وردي حتى في صوته؟
قال : نعم لدرجة لا يمكن أن تتصورها، وفي برنامج (البساط احمدي) عبر قناة النيل الأزرق الذي تعده وتقدمه الأستاذة أم وضاح غنيت فيه أول أغنية (وافترقنا) للعملاق الراحل محمد وردي.
هل يعرف الراحل وردي أنك كنت تقلده؟
قال : بكل تأكيد بدليل أنني غنيت له في حياته بمنزله بالكلاكلة، كما أنني شاركته بالغناء في عدد من المنابر أبرزها زواج الدكتور الفنان عبدالقادر سالم والكلية الحربية وزواج آخر بالخرطوم بحري أي أنه بيني وبينه ود، وفي رأيي أنه لن تنجب حواء أفريقيا فناناً مثله لأنه مسكون بالإبداع والشجن، ما جعله فناناً غير عادياً فهو لم يتم اكتشافه حتى الآن.
ماذا عن الانتقال من مدينة (بارا) إلي مدينة (الأبيض)؟
قال : عندما انتقلنا من مدينة (بارا) إلي مدينة (الأبيض) لم أحس أنني ابتعدت عنها علي أساس أن الفارق الزمني بينهما لا يتجاوز الـ( 45 ) دقيقة، إلا أن الحياة أخذتنا هنا وهناك إلي أن بدأت مشواري الفني من (الأبيض) التي دفع لي فيها الشعراء بالنصوص الغنائية وحسب قصوري الثقافي في الناحية الفنية وقتئذ كنت أعتقد أن الأغاني التي أسمعها عبر أثير المذياع لا يكتبها إلا الشعراء الموجودين في الخرطوم فقط إلا أنني وجدت أن ذلك الفهم خاطئ وأن الشعراء يوجدون في كل بقاع السودان المترامي الأطراف.
من هو أول شاعر تعاملت معه وماذا غنيت له؟
قال : عبدالرحمن عوض الكريم الذي غنيت له ( زيد غرورك) ، ( بنحبك كتير).
مدى صحة أنك غنيت قبل هذه المرحلة أغنيات باللغة العربية الفصحي؟
قال : نعم غنيت (جبل توباد) التي قدمتها في مدرسة النهضة المصرية، وعزفها معي الأخ الصحفي أحمد طه الذي كان عازفاً ممتازاً علي آلة الكمان، ونلت بها جائزة ( 50 ) جنيه، وتم إهدائي كتاب لـ(محمود تيمور) مؤلف النص بعدها غنيت (أنت قلبي) للشاعر كامل الشناوي، وهي كانت البداية فنياً.
ما الذي دفعك للغناء باللغة العربية الفصحي؟
قال : كنت أحب اللغة العربية حباً شديداً، فمثلاً كامل الشناوي يقول : (قدر أحمق الخطي.. سحقت هامتي خطاه) فلم يعجبني ذلك فعدلته إلي (قدر مسرع الخطي.. صوب لهامتي قضاه) علماً بأنني لست شاعراً، ولكنني غيرتها بالإلهام وجاء ذلك التعديل من واقع أن المطلقية لله سبحانه وتعالي.
ما هي الثقافة التي كنتم ترتكزون عليها في ذلك الوقت؟
قال : كانت ثقافتنا ثقافة مصرية حتى أن دراستنا الموسيقية مبنية علي العود، وكان يدرسنا مدرساً مصرياً، هكذا بدأت أتلمس طريقي إلي أن أرسل لي الدكتور عبدالقادر سالم مؤكداً أنه والفنان صديق عباس قدما لمعهد الموسيقي والمسرح وتم قبولهما.
قبل الانتقال إلي المرحلة التي أشرت لها هل غنيت حفلات أعراس بالأبيض؟
قال : نعم ولكنها كانت من أصعب الحفلات في حياتي حيث وجدت أمامي فنانين يغنون أغاني الحقيبة، ومدينة الأبيض عن بكرة أبيها تحب تلك الأغاني، ويغنيها فنانين خطرين جداً أمثال عبدالفتاح وعبدالله مساعد وحيدر عليه الرحمة، وكان أن عاصروا حدباي والأمي وسيد عبدالعزيز، وأنا كنت مقلاً في التغني بأغاني الحقيبة التي غنيت منها (عازة في هواك) ورددتها بأسلوبي الخاص و(اجلي النظر يا صاحي)، والأخيرة أخذتها من شاعرها الراحل سيد عبدالعزيز، إذ أنه كان موجوداً بـ(البان جديد) في أواخر عمره، ثم جاء للخرطوم عموماً لم أكن مرغوباً في حفلات الأعراس، ورغماً عن ذلك قلت بيني ونفسي هم يجتهدون في أعمال غيرهم التي سبقهم عليها (سرور) و(كرومة)، فيما كنت إصر علي تقديم أعمالي الخاصة التي أنتج من خلالها الحاني التي وصلت إلي المتلقي وعلي هذا النحو رتبت نفسي.
ما النصوص التي وصلتك في ذلك الوقت؟
قال : نص (احكي قصتنا) و(جمال زينة) و(عذاب الحب) والأخيرة من كلمات الشاعر مرتضي والد الفنان الشاب معتز صباحي حيث أنه جاء اليّ في مدينة الأبيض ثم غنيت لبنت (بارا)، وهي لم تكن بدايات مرتبة، ولكنها لفتت إلي نظر الناس إلي أن هنالك فنان أسمه (عبدالرحمن عبدالله)، وفي هذا الجو أصبحت أنتج الأغاني الجديدة ومع ذلك أدخلت في الفرقة الموسيقية (البيز جيتار) و(الساكس فون) بطريقة علمية وحديثة
دعني أعود بك إلي معهد الموسيقي والمسرح ماذا عنه؟
قال : وكما أشرت قبلاً أرسل لي الدكتور عبدالقادر سالم حتى أتمكن من الالتحاق بالمعهد، وكان أن جئت للخرطوم فتم استيعابي بعد أن خضعت للامتحان وأحرزت فيه درجة ممتاز جداً، وكان أن طلبوا مني العودة إلي مدينة الأبيض حتى يتم نقل راتبي من هناك إلي الخرطوم، وكان أن شددت الرحال بالقطار فرحاً بما حققته وعندما وصلت اصطدمت بالمفتش البيطري الذي قابلته فرحاً بقبولي في معهد الموسيقي والمسرح، فقال : لماذا أنت فرحان؟ قلت : تم قبولي في معهد الموسيقي والمسرح بالخرطوم، فقال : ولماذا جئت؟ فقلت : آتيت لتحويل راتبي من هنا إلي الخرطوم، فقال : (راتب شنو وأنا بستفيد منك شنو)؟ بعدما تتخرج من معهد الموسيقي والمسرح، ولم استطع الرد عليه لأنني تألمت جداً من النظرة الضيقة التي نظر بها إلي ما وضعته علي منضدته، وفي ظل ذلك صبرت علي مضض إلي أن ظهر جمعة جابر الذي جاء إلي الأبيض وفي معيته ورق لإنشاء معهد موسيقي بالمدينة، ولم يكن لديه مبني حيث يتم ترحيلنا من مبني إلي آخر إلي أن استوعبنا نادي (هلال الأبيض) مجاناً من الساعة الثالثة عصراً إلي السادسة مساء، وبدأنا الدراسة في المعهد سبعة ثم ازداد عددنا إلي أن وصل إلي ( 45 ) وأثناء الدراسة كنت أغني في الحفلات إلي أن اشتهرت وامتدت من مدينة (كوستي) إلي إقليمي (دارفور) و(كردفان).
كيف سجلت للإذاعة السودانية؟
قال : أنتقل مايكرفون الإذاعة من مدينة أم درمان إلي مدينة الأبيض، وسألوا بإذاعة الأبيض عن الفنانين، وكان أن أشاروا لهم بشخصي، فسجلت لهم ( المعلمة، جدي الريل، رسوماتك)، وبعد ذلك منحت درجة أولي، وكان رئيس البعثة محمد خوجلي صالحين مدير الإذاعة السودانية، ولم أكن أعرف قيمة أن تصنف فنان درجة أولي، وعلي قدر ما قدمت إلي الإغراءات للحضور إلي الخرطوم رفضت الفكرة رفضاً باتاً لأنني كنت القاسم المشترك بين فناني الخرطوم وكردفان ودارفور، ومكتفي بذلك خاصة وأنني تعلقت تعلقاً بكردفان، ولكنني كنت أأتي للخرطوم للتسجيل ثم أعود إلي مسقط رأسي.
ماهي قصة أغنية ( يا ضابط السجن )؟
قال : في بدايتها تمت معاكستي في تسجيلها بالإذاعة السودانية وعندما سألت لماذا؟ قالوا : أن الرئيس الراحل النميري لا يقبل تسجيل هذه الأغنية علي أساس أن كلمة ضابط السجن تعني أن هنالك أمراً غير سليماً يشير إلي أنك تود أن تقول إن النميري سجان فتم تغييرها إلي ( أجمل حلم )، فرفض الشاعر فكرة التغيير إلا أنني رغماً عن ذلك سجلت الأغنية.
ما هي الكيفية التي استطعت أن تغنيها كما كتبها شاعرها؟
قال : عندما استلمت ثورة الإنقاذ مقاليد الحكم غنيت في قاعة الصداقة بحضور السيد المشير عمر البشير الذي أرسل العميد ركن يوسف عبدالفتاح وطلب مني أن أغني (يا ضابط السجن)، فاستفدت من ذلك وسجلتها بصورة رسمية، وسحبت من الإذاعة (أجمل حلم)، وكان ذلك الطلب أعطاني الضوء الأخضر.
هل أغنية (ضابط السجن) أغنية سياسية؟
قال : ليس لها أدني علاقة بالسياسة، وكل ما في الأمر أن شاعرها كانت لديه إشكالية تمثلت في أن أسمه متشابها مع أحد الاشتراكيين المسمي أحمد محمد آدم، وشاعر (يا ضابط السجن) أسمه محمد حامد آدم، وعندما تم اعتقاله من طرف جهاز أمن الرئيس الراحل النميري، قال فرداً من أفراد الأمن أنه ليس الشخص المعني إلا أن الضابط إصر علي أنه هو نفسه ليتم وضعه في السجن عاماً كاملاً وبعد أن تأكد لهم أنه ليس هو تم إطلاق سراحه.
هل سلمك نص أغنية (يا ضابط السجن) قبل أم بعد إخلاء السلطات سبيله؟
قال : استلمت منه النص وهو حبيساً بالسجن حيث أنني كنت أزوره ما بين الفينة والآخري ورغماً عن ذلك كنت خائفاً من أن اتهم معه ظلماً.
هل تم تسجيل أغنية (يا ضابط السجن) في الألبوم الغنائي الذي حمل عنوانها قبل أن يطلق صراحها المشير عمر البشير أم بعد ذلك؟
قال : كان من المستحيل تسجيل الأغنية عبر أي وسيط في ظل نظام الحكم المايوي باسم (يا ضابط السجن)، وكل التسجيلات التي تمت لها حدثت بعد أن طلبها المشير عمر البشير بقاعة الصداقة في بدايات ثورة الإنقاذ الوطني، ومن ساعتها وهي تغني في كل المنابر الإعلامية والمسارح المختلفة إلي أن أصبحت رقماً بفضل الله سبحانه وتعالي ومن بعده السيد رئيس الجمهورية، ومن كثرة ما تتطلب مني كنت أتسأل ما الذي فيها حتى يتعلق بها المتلقي لهذه الدرجة، وبما أن الأمر يمضي علي هذا النحو أصبحت أغنيها في كل مناسبة ولكن المدهش أنها تطلب للمرة الثانية، فهي في رأيي وجدت القبول المنقطع النظير ثم جئت واستقريت في الخرطوم.
هل عرضتك أغنية (يا ضابط السجن) للاعتقال من جهاز أمن الرئيس الراحل النميري؟
قال : أبداً لم يحدث معي ذلك.

سراج النعيم يكتب : دماء على الاسفلت

.........................
حينما تستغل المركبات العامة المتجهة من مدني إلي الخرطوم أو العكس أو من عطبرة إلي الخرطوم والعكس تكون قد غامرت مغامرة شديدة بالنفس التي كرمها الله عز وجل، فأنت لا يمكنك التنبؤ بما يمكن أن تسفر عنه هذه الرحلة أو تلك، فالطريقين أشتهرا بـ(الموت) الذي هو سبيل الأولين والآخرين ولولا أن الله سبحانه وتعالي لطيف بعباده لما نجا من هذين الشارعين أحداً، فالطرق في السودان عموماً تستحق أن نمنحها اسم أسوأ شوارع الإسفلت فى العالم، بالإضافة إلي أنها ضيقة جداً، بل هي أضيق الشوارع التي عرفتها الإنسانية طوال العقود الماضية، وأكثر ما يميزها أنها لا تستغل من البشر لوحدهم، بل هنالك الحيوانات المتمثلة في (الأغنام، الحمير والأبقار) وغيرها كما الحال في طريق التحدي عطبرة الخرطوم الذي أنتزع لقب (طريق الموت) في الفترة الماضية بجدارة يحسد عليها، ولكن يبدو أن صاحب اللقب الأصلي لم يعجبه ذلك فعاد أكثر بشاعة من ذي أول.
تبقى الطرق في السودان لا تحتمل أن تكون اتجاهين بأي صورة من الصور، ضف إلي ذلك كثرة (الحفر) و(المطبات) الناتجة عن الإهمال وعدم الصيانة، لذلك ينتج منها حوادث مرورية مرعبة ومخيفة في آن واحد، فكم أسرة استغل أبنها أو أحد أفرادها هذا الطريق أو ذاك فتم تشييع جثمانه إلي مثواه الأخير ، فالغالبية العظمي من مرتادي الطرق الإسفلتية يروحون ضحايا للحوادث الناجمة عن اصطدام سيارة بآخري أو انقلابها، وظلت هذه الطرق تشهد أبشع الحوادث المرورية، والتي تسجل يوماً تلو الآخر رقماً قياسياً في حصد الأرواح والتسبب في الجراح التي لا تندمل بمرور الزمن، هذا إذا استبعدنا من حساباتنا الجوانب الاقتصادية الناجمة جراء إصطدام السيارات بعضها البعض أو الإنقلاب.
فيما قمت بتوجيه سؤالي المباشر لبعض الخبراء في المجال الهندسي الخاص بالطرق المسفلتة إذ اجمعوا علي أن هنالك شيء ما مفقود ربما يكون ذلك لعدم التزام من يقودون المركبات بقواعد المرور العامة، وربما يكون لضيق طريق مدني الخرطوم أو طريق التحدي عطبرة الخرطوم أو خلافهما من طرق المرور السريع عاملاً أساسياً في الحوادث المتتالية واتفقوا جميعاً علي البحث عن حلول ناجزة توقف حصد الأرواح وتدفق الدماء علي السيارات والطرق المسفلتة.
بينما أصبحت الحوادث المرورية تشكل هاجساً في السودان وغيره من دول العالم الشيء الذي أدخل الظاهرة في إطار القضايا الشائكة والمتشابكة رغماً عن نشر وسائل الإعلام المختلفة لها والتي تجد فيها مادة خصبة للطرح والتناول بغرض توعية مرتادي الطرق من مخاطر القيادة بسرعة جنونية، ضف إلى ذلك ما تتناقله مجالس المدينة فالإحصائيات السنوية في تصاعد مطرد، ونسبة الوفيات في تزايد مرعب ومخيف جداً، فلا يمضي يوم إلا ويقع حادث مروري مؤلم في ولاية الخرطوم أو في الولايات السودانية الأخرى، وهي تنتج عن الإصطدام بين سيارتين.
وهذا يقودنا إلي مخاطر السيارات في الطرق والشوارع السودانية المختلفة التي تذهب من جرائها الكثير من الأرواح، وتصيب أيضاً الكثير بإصابات متفاوتة منها الخطيرة، وهذه الظاهرة لا تؤرق السودان وحده إنما ممتدة في كل أنحاء العالم، لذلك لابد أن نكون أكثر دقة، فمنظمة الصحة العالمية قالت في تقرير لها : (إن هناك متوف كل ثلاثين ثانية في العالم وهناك أرقام تتجاوز بكثير أرقام الكوارث والحروب التي نشاهدها كل ليلة).
إحصائيات الحوادث المرورية كما أسلفت مسبقاً في تزايد مخيف جداً لأن نسبة الوفيات متصاعدة ومثيرة للقلق والرعب، وربما هذا ما أدخل الكثيرين في حيرة وألم شديدين لاستمرارية الحوادث المرورية وبشكل مأساوي ظلت تشهده الطرقات السودانية طوال السنوات الماضية، ما جعلها تأخذ أشكالاً وألواناً، حتى أنها أصبحت بمرور الزمن هماً كبيراً يسيطر على تفكير مرتادي الطرقات بالخرطوم والولايات، ومع هذا وذاك نجد أن الإدارة العامة لشرطة المرور تعلن عن ضوابط صارمة، إلا أن هذه الضوابط لا نجدها ملموسة على أرض الواقع، كما يتم بالضبط في الإيصالات المرورية التي يطلق عليها البعض (جباية) فهل نظام الإيصالات أثبت نجاحه أم أنه فشل في الحد من المخالفات المرورية ووقوع الحوادث في طرق ولاية الخرطوم وطرق المرور السريع؟؟.
ومن المعروف أن الأنظمة المرورية يجب تطبيقها على أرض الواقع دون التركيز على نظام المخالفات المالية الذي في رأيي أثبت عدم جدواه، لذا السؤال الذي يفرض نفسه، لماذا لا تعود إدارة شرطة المرور إلى النظام السابق الذي لم تكن في ظله الحوادث المرورية بهذه الإحصائيات الكبيرة؟؟.

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...