..............................
الرئيس جعفر محمد النميري رصف أهم شارع في (انجمينا)
...........................
الرئيس عمر البشير شيد النادي السوداني في تشاد
..........................
جلس إليه : سراج النعيم
.........................
أجريت حواراً استثنائياً مع الأستاذ الزين إبراهيم حسين السفير بوزارة
الخارجية ورئيس البعثة الدبلوماسية السودانية بالكاميرون الذي هو من مواليد
(تلودي) جنوب ولاية كردفان في 13/12/1964م.
وقال : موطن حركة الأهل ما
بين الأبيض والحمادي، فيما درست في (تلودي) الإبتدائية والأوسط وبعدها
(ابوجبيهة) ثم (مدني) الثانوية، وتخرجت في آداب جامعة الخرطوم قسم اللغة
(الفرنسية)، ثم شددت الرحال إلي فرنسا في بعثة لجامعة (بون) الفرنسية، ثم
حضرت دراسات عليا بجامعة الخرطوم، والكثير من الكورسات المهنية فأنا أصلاً
بدأت في الإعلام الخارجي بوزارة الثقافة والإعلام في العام 1988م بعدها
انتقلت للمكتب الصحفي للسيد الرئيس عمر البشير من 1996 إلى 2002م، وكنت
مترجم اللغة الفرنسية لفخامة الرئيس، وأرافقه في الكثير من المؤتمرات
واللقاءات، وتشرفت بذلك كثيراً، ومنه التحقت بالعمل الدبلوماسي في دار
السلام للشئون الإنسانية، ومنها إلى الجزائر وباريس والبعثة الثالثة، ومن
ثم العاصمة التشادية (أنجمينا)، وها أنا الآن في الكاميرون، وهنا توقف
العمل.
ماذا عن الفترة التي أمضيتها في تشاد؟
قال : أولاً أشكرك
أخي سراج النعيم علي مشاركتي حفل وداعي فأنا لم أكن أتخيل أن أجد كل هذه
الحفاوة الكبيرة من الأخوة التشاديين الذين جاءوا للنادي السوداني بعددية
كبيرة جداً بما فيهم من لم تتم دعوتهم لضيق الوقت الذي نظم فيه الحفل،
فطوال تلك الفترة المنصرمة رسخنا للجانب الآخر للدبلوماسية الشعبية في
التعامل مع الشرائح المجتمعية المختلفة، علماً بأن التشاديين ليسوا
بالبعدين عنا، لذلك خلقنا معهم صلات وصداقات وتلقينا الدعوات التي دخلنا
بموجبها منازلهم وزارونا في السودان، واستطعنا خلق علاقات مع كل المسئولين
في تلك الفترة، ضف إلى ذلك الاهتمام الشخصي من جانبي بتاريخ القارة
الأفريقية، وأهمية هذا الإقليم هو الحزام السوداني الممتد من داكار وحتى
جيبوتي وتشاد هي السودان الأوسط، فهو إقليم متداخل ثقافياً وفيه مكونات
مهمة جداً حيث فيه أثر تلاقح ثقافة عربية وافريقية وأغلبه يدين بالدين
الإسلامي خاصة في الحزام السوداني، وعليه هنالك لغة شبه مشتركة إلى جانب
تفاصيل كثيرة في التراث، وبالتالي أنت تجد نفسك في دولة ( 50% ) من مهمتك
منتهية لأنك تأتي إلى شعب كالشعب التشادي فالطريق ميسر جداً لأنك تستطيع أن
تكون علاقات مكتسبة من خلال الالتقاء بالناس وعملك المرتبط بهم فأنت تجد
أمامك أرضية جاهزة بحمدالله.
لاحظت أن هنالك منشأت سودانية في تشاد فماذا عنها؟
قال : السودان حاضر في تشاد من خلال مدرسة الصداقة السودانية والتشادية،
وهذه المدرسة كبيرة جداً، فهي ليست مدرسة واحدة، إنما هي أربع مدارس تبدأ
من التعليم قبل المدرسي وحتى الثانوي وفيها مسارين مسار للذكور ومسار
للإناث، وهي مدرسة كبيرة جداً، ويطلق عليها شعبياً مدرسة الرئيس الراحل
جعفر محمد نميري الذي أسسها في العام 1971م، وهنالك مدرسة مماثلة لها مدرسة
الصداقة السودانية التشادية بمدينة (ابشي) التشادية بالإضافة إلى شارع
الرئيس الراحل جعفر محمد النميري، والنادي السوداني الذي شيده الرئيس عمر
البشير، ضف إليهم المؤسسات الأخرى كالبنك الزراعي المشترك بين السودان
وتشاد، وكان هذا البنك بنكاً خالصاً في التبعية للبنك الزراعي، ولكن اتفق
الرئيسين عمر البشير وإدريس دبي علي أن يكون البنك مشتركاً بين البلدين في
العام 2011م، ونحن نعتبره مؤسسة في إطار الجهود السودانية في تشاد، وهنالك
أيضاً (سودانير) والنادي السوداني كعقار ومنشأة يتبع للسفارة السودانية بـ(
أنجمينا )، ولكن كنشاط يتبع إلى الجالية السودانية وأصدقاء الجالية من
التشاديين أيضاً، وهو مؤسس بواسطة فخامة الرئيس المشير عمر البشير.
ماذا عن شارع الزلط الذي أنشأه الرئيس الراحل جعفر محمد النميري؟
قال : ظل هذا الشارع الذي أشرت له في قلوب التشاديين باسم الرئيس الراحل
جعفر محمد نميري، لا يوجد شيء أفضل من الأسماء الأصيلة، فهي تفرض نفسها،
فظل الشارع باسم نميري، فخلد اسمه في وجدان الشعب التشادي.
اكتشفت أنك تؤلف الشعر وقد غنت لك الفرقة التشادية الشهيرة (التمبجاية) فماذا عنك في هذا الجانب؟
قال : الشعر في حياتي يجري في دمي منذ الطفولة، فأنا نشأت في مجتمع ريفي
والأبوين أيضاً جاءاً من مجتمع بدوي وعشت فترة من حياتي في الصبا الباكر في
البادية والريف، وأنا إنسان متأمل جداً في الطبيعة، وأهوي الأشجار والخضرة
والريف إلى أن انتقلت إلى المدينة، والتحقت بالدبلوماسية السودانية، يوجد
في وجداني أشياء كثيرة جداً، ولا أنسي أن التراث أيضاً نشأ في هذا المجتمع،
فأنا كنت مرتبطاً بالتراث السوداني، وهو تراث مربوط بالشعر والفن وكل ما
هو جميل، فانظر للعالم من حولنا تجد أن السودان بلد الفن بلا منازع، عليه
قد تكسبنا بكلمة طيبة، وقد تخسرنا بكلمة غيرها، فبالتالي توجد في دواخلنا
السمتان، فهذه هي الشاعرية، فالوالدة فاطمة بنت الكنان شاعرة تقرأ لنا منه
الكثير جداً، ويبدو أنها أثرت فيّ كثيراً وإن كنت لا أسمي نفسي شاعراً،
ولكن كثيراً ما كتبت الشعر الذي توجد في إطاره إشارة إلى ديوان شعر بعنوان
(دعوا الإزهار تنمو)، وهنالك قصائد كثيرة جداً منها القصائد التراثية
والمحاولة التي استمعت لها بصوت فرقة (التمبجاية) التشادية هي قصيدة ألفتها
في ظل العلاقات السودانية التشادية، وألهمتني إليها العلاقات المتداخلة
بين البلدين، ورجعت فيها إلى التاريخ المتمثل في الرحلة الحجازية رحلة
الحجيج حيث أنني تأملت في الحاج الذي يأتي من أقصي أفريقيا عبر القوافل
مروراً بالسودان إلى مكة المكرمة، ويظل هناك إلى أن يعود، وقد يطيب به
المقام في السودان أو تشاد فالإنسان في هذه الحالة ناقل للتراث كلنا
نتأملها فأنا تأملتها هنا ووقفت عندها على مدي الأربع سنوات الماضية، وكنت
من خلالها انصح الأخوة في الأجهزة الإعلامية أن ينتجوا عملاً مشتركاً بين
البلدين أن كان توثيقياً أو درامياً عن رحلة الحج، وبالتالي القصيدة فيها
محاكاة للرحلة سالفة الذكر في شكل علاقات بين السودان وتشاد، وكان أن دفعت
بالقصيدة للأخوين آدم وسراج بفرقة (التمبجاية)، وهي فرقة في المقدمة، وكان
أن عجبتهما.
وماذا؟
قال : يعتبر هذا التعامل الفني الأول مع فرقة
(التمبجاية) التشادية، وهم لهم دور كبير جداً في الأغنية الوطنية والتراثية
والحديثة، وعليه تجدهما محبوبين ومتميزين جداً في تشاد، وهما أصدقاء
بالنسبة لي، وبالتالي منحتهما القصيدة خاصتي كمحاولة، فلم أكن أتطلع لان
أعطي نصاً شاعرياً لكي يغنيه أي فنان.
ماذا عن الأغنية السودانية في تشاد؟
قال : الأغنية السودانية فرضت نفسها للشعبية الكبيرة التي تحبها، والأمر
ليس محصوراً في تشاد لوحدها، فالأغنية السودانية موجودة في الكاميرون
ونيجيريا والنيجر وحتى في شمال أفريقيا سمعت الأغنية السودانية في جنوب
الجزائر، فأنت تسمع الناس يسمعونها في الخيام، وعبر ليبيا عندما أتي
اللاجئين إلى تشاد بعد الأحداث التي شهدتها الجماهيرية كان معهم شرائط
الكاست الذي كانت في معيتهم أغنية وردي (الطير المهاجر)، وكل أغاني الحنين
السوداني، وهنالك أخوة تشاديين يسمعون أغاني سودانية دون أن يعرفوا هويتها،
لذلك الأغنية السودانية للتشاديين تعتبر تشادية فوجود عدد كبير من
الفنانين السودانيين يؤكد أنهم مرغوبين في تشاد ما يعني صلة الوجدان
التشادي بالوجدان السوداني، وهنالك ظاهرة جديدة هي أن الأغنية التشادية
بدأت تنتقل إلى السودان مثلا أغنية (التمبجاية) المعروفة، فالأغنية
السودانية إذا تحدثنا عنها من خلال الكبار الراحل محمد عثمان وردي، عثمان
حسين، حمد الريح، عبدالقادر سالم وآخرين لا يسع المجال لذكرهم جميعاً، فهم
من أساطين الفن الذين تحفظ أغانيهم حتى إذا توجهت إلى الريف ورعاة الإبل
والبقر أحياناً تجدهم يحفظون أغاني سودانية عن ظهر قلب، ويأتون النادي
السوداني لأن الوجدان التشادي قريب من الوجدان السوداني.
ما بين الشعر والدبلوماسية هل الموهبة أصقلتها بكثرة التسفار؟
قال : كل هذه الأسباب اجتمعت وأدت إلى هذه النتيجة، وشخصياً كنت أتأمل هذه
الجزئية فأعتقد أن الدبلوماسية تقيد الدبلوماسي بحدود عمله والانضباط
المهني، فأما الشعر فشكل من أشكال التعبير الفني فيه نوع من الهروب من هذا
الواقع، فما يمكنك أن تعبر به من خلال الشعر لا يمكنك أن تعبر عنه بتصريح
قد يؤدي إلى خلط فهم خاطئ، وبالتالي قد يكتب الدبلوماسي الشعر والقصة ويبعد
في ممارسة مهنته عن كتابة المقال لأنه قد يمس مسائل سياسية وكثير من
الدبلوماسيين عندما يتركون العمل الدبلوماسي ينتجون مقالات كثيرة في
الدوريات والبحوث التي كان لا يمكنه أن يصرح بها حفاظاً علي طبيعة المهنة
الدبلوماسية، ولكن كسر هذه القاعدة أهرامات كبيرة مثال السفير محمد أحمد
كان قاص والراحلين ابوأمنة حامد ،سيداحمد الحردلو، صلاح أحمد إبراهيم
وآخرين كثر قد لا تسعفني الذاكرة وآخرهم الأخ السفير خالد عبدالرحمن وعددهم
كبير جداً ولا أصنف نفسي من بينهم.
من خلال عملك الدبلوماسي لابد من أنك شعرت بالغربة في دول فيما أنك شعرت بأنك في وطنك السودان؟
قال : صحيح هنالك البون شاسع ما بين دول الجوار السوداني التي فيها تداخل
ثقافي تكون مهمتك فيها أيسر ولا ننسي مع ذلك أسرة الدبلوماسي وعلاقته
الاجتماعية تلعب دوراً كبيراً في هذا الجانب، وهنالك جانب آخر غير مرئي هو
علاقتنا بالدبلوماسيين في البعثات الآخري، ونلتقي بهم في الأندية
والمناسبات العديدة في تبادل الدعوات وبغض النظر عن لغة الدبلوماسي، فإنه
يشارك معك في مناسباتك ويتعرف علي تراثك الذي تمثل به بلدك الذي يعكس
ثقافتك وهيئتك.
كيف تنظر إلى الثقافة وتداخل القبائل السودانية التشادية علي الحدود المتاخمة للبلدين؟
قال : من الصعب جداً تسمية القبائل السودانية من كثرتها، وإذا حاولنا
تعديدها سنسقط قبيلة من القبائل، ولكن بصفة عامة حصرت في تصريحات المسئولين
على مستوي قمة البلدين حيث أنهم أشاروا إلى أن هنالك ( 18 ) مجموعة قبلية
أسنية متداخلة بين السودان وتشاد، وعندما تقول أسنية يعني أنها كثيرة، وهذا
التداخل في منطقة دارفور الشريط الغربي منها وتشاد الشريط الشرقي منها،
ولكن دعني أقول إنني توقفت في تلك المناطق، فإذا وضعت مرآة معكوسة للحدود
بين البلدين، فإن هذه المرآة ستعكس حقيقة الجانب الذي تغطية من تحتها
الحدود، وكلما ذهبت بعيداً الصورة تصبح صغيرة بمعني أنه في الحدود بين
الدولتين توجد ثقافة مشتركة، وكلما تعمقت في السودان وتشاد تقل هذه الثقافة
وفقاً إلى نظرية المادة، فالمادة تنتقل من التركيز إلى الأقل تركيزاً
وعليه كل الفضاء الممتد من بحيرة تشاد إلى البحر الأحمر يوجد تداخل كبير
جداً، ضف إلى ذلك ظاهرة تداخل الثقافة ما بين الخرطوم وأنجمينا والمدن
الكبيرة في البلدين، وأيضاً مسألة قبائل ونقاء عرقي، فهنالك تداخل بين
قبائل سودانية مع قبائل تشادية تجعل الإنسان يصمت عن حدود فاصلة وواضحة بين
الدولتين وكلها متداخلة.