السلطات المصرية اتهمتني بالعمالة للرئيس السابق عمر البشير
هذه قصة أغنية (عزيز أنت يا وطني) مع الانقلاب العسكري للانقاذ
التقاه : سراج النعيم
وضع الفنان الكبير مجذوب أونسة قصته المثيرة مع مضايقات نظام الرئيس المخلوع عمر البشير له بسبب أغنية (الغلابة)، واستثمار نظامه من خلال الباشمهندس الراحل الطيب مصطفي لأغنية (عزيز أنت يا وطني) لصالح أجندات ايدلوجية، مؤكدا أنه لم يغن لأي نظام تقلد حكم البلاد، َبل ظل يغني للسواد الاعظمي من الغلابة معبرا بوضوح شديد عن معاناة الشعب السوداني على مدى سنوات خلت.
لماذا اعتقلت بسبب أغنية (الغلابة)؟
أولا لا بد من التأكيد بأن اعتقالي تم بواسطة السلطات الأمنية للرئيس المعزول عمر البشير، وذلك في الأيام الأولى لانقلاب ثورة الإنقاذ على الحكم الديمقراطي، وذلك على أساس إنني غنيت متجاوزا الزمن المحدد لقانون الطواريء، ولم يسألن الضابط الذي حقق معي عن أغنية (الغلابة) التي غنيتها في المناسبة حتى لا يعطي اعتقالي طابعا سياسياً، رغماً عن علمي التام بأن الأغنية مصنفة سياسياً، ويقول مطلعها :-
الغلابة التوهت
في الدنيا وصعابه
البلد في عز عذابه
كل زول خلاها سابه
متى صدحت بأغنية (الغلابة)؟
بدأت أرددها في المسارح التي اعتليتها بما فيها مسارح الأفراح، هكذا إلى أن وصلت شهرتها إلى بقاع واسعة من أصقاع السودان، وأصبحت تطلب من الجماهير بصورة مستمرة.
ما الذي خرجت به من وراء اعتقالك بسبب أغنية (الغلابة)؟
فهمت بأن السبب المباشر للاعتقال هو اصراري على ترديد الأغنية، ولكن مع استمرار الضغط والمضايقات اضطررت إلى إيقافها.
لماذا اوقفتك السلطات المصرية في مطار القاهرة؟
إبان حكم نظام الرئيس المخلوع عمر البشير تعرضت للاعتقال من قبل الأمن المصري لمدة ثلاثة أيام، وذلك على أساس إنني كتبت عنواني (السفارة السودانية) بالقاهرة في كرت الطائرة، وصادف ذلك سوء العلاقات (السودانية- المصرية)، إذ كانت آنذاك متوترة جداً، وعليه اعتبرتني سلطات مطار القاهرة عميلا للرئيس المعزول عمر البشير، فيما تشير وقائع اعتقالي إلى إنني كنت أركب في الطائرة في المقاعد الخلفية، وأثناء ذلك وضع على منضدتي (الكرت) المعنى، فما كان مني إلا وكتبت عليه عنواني (السفارة السودانية) بالقاهرة، مما دفع الأمن المصري إلى اعتقالي مع الفنان الراحل إبراهيم حسين وعثمان مصطفى، وبعد التحقيق أطلق سراح زملائي، والابقاء على شخصي ثلاثة أيام رغماً عن كتابتي للعنوان لم يكن نابع من (سذاجة)، إنما نابع من اعتقادي بأن أي فنان يسافر للخارج يجب أن يكون عنوانه سفارة بلاده، عموماً قال الضابط المصري إنني قريب البشير.
وماذا؟
إن تأخر الطائرة التي يجب أن تعيدني للسودان جعل السلطات المصرية تبقيني قيد الاعتقال إلى أن تدخل الرئيس الراحل جعفر محمد نميري وسيطا، وأكد للسلطات المصرية بانني لا علاقة لي بالسياسة.
لماذا سافرت إلى مصر في ذلك التوقيت؟
شددت الرحال إلى قاهرة المعز لتسجيل ألبوم لشركة (حصاد) للإنتاج الفني.
ماذا عن أغنية (عزيز أنت يا وطني)؟
انتجت الأغنية في العام 1986م، ومن ثم سجلتها للإذاعة السودانية رسمياً وقتئذ، كما سجلتها أيضاً لتلفزيون السودان قبل انقلاب الضباط الذين تم اعدامهم فيما بعد، وكان تسجلي للأغنية بآلة العود بطلب من فادي أونسة الذي أكد حضوري للتلفاز، وعندما حضرت في الزمان والمكان وجدت الفنان الراحل علي ابراهيم اللحو يغني بفرقته الموسيقية، فزعلت لأنني أتيت بدون فرقة موسيقية، وقررت على إثر العودة دون أن أسجل، إلا أن فادي مجذوب أصر على أن أغني أي أغنية وطنية، وكان أن تذكرت (عزيز أنت يا وطني)، وهي لا علاقة لها بأي نظام من الأنظمة العسكرية أو المدنية، لذلك غنيتها في ذلك التوقيت، فما كان منها إلا أن ترفض نفسها بقوة، وعندما تم تحرير منطقة من مناطق جنوب السودان بحث الراحل الطيب مصطفى مدير التلفزيون آنذاك في المكتبة عن أغنية تعبر عن الايدلوجية الخاصة به، فوجد (عزيز أنت يا وطني) التي تم منتاجها بإدخال مشاهد لشهداء الحرب الأهلية بين النظام البائد وقوات الحركة الشعبية لتحرير السودان، ومن ساعتها أصبحت هذه الأغنية تبث بصورة مستمرة، وعليه فقدت السيطرة عليها، وبالتالي كلما حدث حدث في السودان يتم بثها، ولكن الشرف العظيم لي هو أنها تم بثها عندما تمت الإطاحة بالرئيس المخلوع عمر البشير وضعت شعارا، أي أنها فرضت نفسها حتى بعد سقوط النظام البائد، وانا ليس لدي أي انتماء سياسي، فأنا وطني واحب وطني، لذلك سجلت أغنية (عزيز أنت يا وطني) في العام 1986م، فأنا لست سياسياً أو راسماليا، وكل أملك هو صوتي.
ما قصة أغنية (عزيز أنت يا وطني)؟
هذه الأغنية ألفها حسين أونسة إبان الحكم المايوي الذي كان يعمل في ظله اخي حسين أونسة في وزارة الأشغال مهندسا أيام العدالة الناجزة، وأثناء ذلك أحدهم حاملا مكنة قطع الأيادي، هذا الأمر استفز اخي حسين، الذي قال البلد تشهد فقرا مقدعا ومع هذا يتم قطع الأيادي، وكان ألف هذه الأغنية للسودان عزيز أنت يا وطني برغم قساوة المحني.. بك النيل الذي أرسى حضارات كانت تحطم للاحاد
وأضاف : إن الديانة الإسلامية جاءت للسودان بالتي أحسن، و السودانيين مسلمين بالفطرة، وهم ضد التطرف والتشدد رغماً تنوع سحناته، لهجاته، حضارته وثقافاته، وشعب كهذا لابد من يكون فنانه العملاق محمد وردي الذي عبر عنه من خلال الثنائية بينه والشاعر الراحل محجوب شريف في عدد من الأغنية الوطنية الخالدة في وجدان الشعب السوداني