الجمعة، 10 سبتمبر 2021

سراج النعيم يكتب : متسول فى (العالم الافتراضي)

 


...........................

وقفت متأملاً ظاهرة التسول المنتشرة فى المجتمع بشكل عام وتطورها فى ظل (العولمة) ووسائطها المختلفة، مما يدعو إلى دراستها دراسة مستفيضة وتحليلها تحليلاً اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً ودينياً وسيكولوجياً من واقع أنها ظاهرة خطيرة سبق ناقشتها الإعلامية رشا الرشيد بقناة النيل الأزرق ومعظم البرامج المندرجة فى هذا الإطار أعيب على منتجيها إغفال بعض الجوانب المهمة وتركيزهم على تحليل الظاهرة فى حيز ضيق جداً.

إن (التسول) أخذ أشكالاً مختلفة فى المجتمع وفى العالم الافتراضي الذي أصبح فيه سهلاً لانتشار الهواتف الذكية، لذا تجد (المتسول) يواكب التطور التقني نسبة إلى أنه أطر نفسه فى هذه الفكرة إلى أضحي إنساناً مريضاً يحتاج أن نقنعه بفائدة العلاج حتى لا يصاب بالإدمان، وبالتالي ويتطور كلما تطورت وسائل التقنية الحديثة، لذا يصعب استئصال هذا الداء الفتاك الذي يقننه البعض بصور تحمل بين طياتها الغرابة، وقد نجح الفنان عادل إمام في تجسيد ظاهرة التسول فى فيلمه الذي حمل عنوان (المتسول)، فبالإضافة إلى والدراما العربية التي تطرقت للظاهرة فى العديد من الدراسات والبحوث.

من الملاحظ أن المتسولون يعملون على تطوير أواتهم والتنوع فيه مبتعدين عن الطرق التقليدية، وهؤلاء هم الأكثر خطراً علي المجتمع ويتطلب منا أن نلقي عليهم الأضوء وذلك حسب مشاهداتنا اللصيقة للبعض منهم، والذين لديهم أساليب وطرق متطورة جداً وبصورة لا يمكن أن تخطر على البال.

ولنبدأ التطرق للظاهرة من حيث الطرق التقليدية التي يستعطف فيها (الشحاد) العامة من خلال الإعاقة التي يتخذون في إطارها مواقعاً إستراتيجية مثلاً الأسواق أو أماكن التجمعات أو أمام المساجد أو مداخل الكباري أو الأستوبات أو الشوارع الرئيسية ليمدوا أيديهم للناس طلباً للمال، ولم تقف الظاهرة عند الرجال، إنما امتدت فى الآونة الأخيرة إلى النساء والأطفال الأصحاء، وهنالك متسولون يدعون أن لديهم مرضي بالمستشفيات، وآخرين يقولون : (إن ظروفاً مرت بنا هنا أفقدتنا مبلغ تذاكر السفر إلى مدننا البعيدة، وهنالك بعض النساء يحملن طفلاً أو طفلة ويقفن بهم فى مواقف المواصلات العامة والأستوبات)، وتقول الواحدة منهن للمارة : (لو سمحت.. ثم تطلب منه المساعدة)، وهكذا يتكرر المشهد يومياً أي أنهم اتخذوا من (التسول) مهنة، وأمثال هؤلاء أفقدوا أصحاب الحوجة الحقيقية المصداقية، ومن هذا المنطلق أدعو من يتسولون بالمرض لهم أو لأقربائهم أن لا يفعلوا.

وهنالك من يستقلون المواصلات للتسول بكلمات محفوظة يشرحون من خلالها ظروف اقتصادية يمرون بها حيث أنهم يدعون أن لديهم روشتات طبية ولا يملكون المبلغ الخاص بصرفها، وتتواصل الظاهرة فى أشكال مختلفة، إذ أنهم يتخذون من أشارات المرور موقعاً له وذلك بمسح زجاج السيارات التي تقف بأمر الإشارات المرورية التي لا يتجاوز زمنها سوي دقائق معدودة، ثم يطلب المتسول مقابلاً لما قام به، كما أن هنالك ظاهرة الأطفال الذين ينتشرون فى الحدائق، ضف إليهم (الشماشة) الذين يتخذون من باطن الأرض مسكناً بالليل، ويجوبون الأسواق والطرقات بالنهار، ومن المواقع الإستراتيجية للشحدة المكاتب الفخيمة ومواقف السيارات وإشارات المرور وأمام المساجد إلى جانب الأماكن الراقية وغيرها.

ويري المهتمين بشأن الظاهرة أن الأسباب القائدة للظاهرة هي أن الكثيرين يلجئون لممارسة (الشحدة) في بادئ الأمر للظروف الاقتصادية القاهرة، وعندما يجد المتسول أنها تحقق له عائداً مالياً كبيراً يمتهنها كمهنة تدر عليه أرباحاً لا تدعه يكف عن (الشحدة)، السؤال الذي يفرض نفسه ما هي الكيفية التي يمكن أن نستأصل بها ذلك الداء؟ الإجابة فى رأي تكمن في اجتزاز الظاهرة من جذورها، وذلك بالتعامل معها بحسم شديد، ثم العمل بشكل جاد علي تجفيف منابعها، ودراسة حالة المتسول من الناحية الاقتصادية لتبيان الأسباب الحقيقية التي تقوده للاتجاه على ذلك النحو حتى يتم تأهيله بالصورة التي لا تدعه يعود إلى (التسول) مرة آخري، ولكي ننجح فى الفكرة يجب توفير فرص لمن هم خارج منظومة العمل ومحاربة الفقر، إلى جانب توعية وتثقيف المتلقي خاصة وأن أحاديث سيد البشرية عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم تحث العباد علي العمل فى قوله : (ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده وأن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده) ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، وقال أيضاً : (ﻷن يحتطب أحدكم حزمة علي ظهره خير له من أن يسأل أحداً فيعطيه أو يمنعه).

وحتى تنتهي ظاهرة (التسول) يجب أن نوفر المال للمحتاج الحقيقي عبر الدراسات الميدانية بواسطة اللجان الشعبية فى الأحياء باعتبار أنهم الأردي بمن هو الأحق بأموال الزكاة والصدقات التي يجب توزيعها بحسب قول المولي عز وجل : (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وأبن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم).

من هنا أتمني صادقاً أن يعود المجتمع للدين الإسلامي فى كل كبيرة وصغيرة، وأن تتحد الجهود من أجل اجتزاز ظاهرة (التسول) بشكل نهائي لما فيها من سوالب ظاهرياً وباطنياً، فالظاهرة من أساسها مرض نفسي خطير ينتشر يوماً تلو الآخر بصورة مخيفة ومرعبة

سراج النعيم يكتب : أحسنوا الظن يرحمكم الله


.......................

إن الكثير منا فى هذا الزمن لا يحسنون الظن في الآخرين، ويتخذون على خلفية ذلك القرارات المصيرية في الحياة دون التأكد من حقيقة ما يذهبون إليه، وبالتالي يقعون في فخ (الظن)، الذي أصبح ظاهرة منتشرة لدى بعض النساء أكثر من الرجال، وهذا يعود إلى أنهن ﻻ ﻳﻘﻤﻦ لهذا ﺍﻟﺠﺎﻧﺐ ﺃﺩﻧﻰ ﺍﻫﺘﻤﺎﻡ، ﺇﻻ ﺍﻟﻨذﺭ ﺍﻟﻴﺴﻴﺮ منهن.

وما لا يعلمه هؤلاء أو أولئك الذين يظنون في الناس الظنون، أنهم يرتكبون الخطايا المترتب عليها إﺛﻢ ﻛﺒﻴﺮ، ﻭﻓﻌﻞ ﻋﻈﻴﻢ، وهذا الفعل ينمو تدريجياً إلى أن يتحول بمرور الزمن الي مرض نفسي، يستسهل معه الشخص عدم (إحسان الظن).

ومن المعلوم للعامة أن النار تبدأ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﺼﻐﺮ ﺍﻟﺸﺮﺭ، وعليه يبدأ الظن صغيراً ثم يكبر إلى أن يصبح مشكلة يصعب حلها، الأمر الذي قاد إلى إنتشار الظاهرة وسط المجتمع خاصة في ظل التطور التقني الحديث، والذي سهل التواصل بين الراسل والمرسل من خلال الهواتف الذكية، وذلك عبر (الماسنجر) و(الفيس بوك) و(الواتساب) و(الايمو) وغيرها مما أنتجته (العولمة)، ما جعل الواقع واقعاً مختلفاً وهذا الواقع قائم على عنوان (أترك الحبل على القارب).

ومن أكثر القصص التي وقفت عندها بتأمل عميق قصة الرجل الذي أشتهر لدى العرب بكرمه الفياض، والذي قالت له زوجته ذات مرة : لم أشاهد في حياتي قوماً أشد لؤماً من أشقائك وأصدقائك.

فرد عليها قائلاً : ما الذي جعلك تذهبين على هذا النحو؟.

فقالت : لاحظت أنهم عندما تكون لديك أموال كثيرة بين يديك يلازمونك على الدوام، وما أن تفقد تلك الأموال، فإنهم يتركونك ولايسألون عنك.

فقال رداً عليها : المسألة عندي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بكرم أخلاقهم، فهم لم يعتادوا على التقشف، لذا يذهبون إلى من آلت إليه الأموال، وبالتالي متى ما أعاد الله سبحانه وتعالي تلك الأموال، فإنهم سيعودون اليّ لأنني سأكون قادراً على أن امنحهم ما يرغبون فيه.

ومن يطلع علي هذه القصة، فإنه يجد فيها دروساً وعبراً، من حيث (إحسان الظن)، فذلك الرجل جمل القبح الذي حاولت زوجته إظهاره، ولم يكن هو في حاجة إلى من يفسر له ابتعاد أقرب الأقربين له بعد فقده المال، وأن دل هذا الشئ فإنما يدل على أنه يحسن الظن في الآخرين، ملتمساً لاشقائه واصدقائه العذر.

ومن الأمثلة الشائعة هذه الأيام مثلاً إذا وجدت الزوجة زوجها يتواصل بـ(الواتساب) أو يتحدث عبر الهاتف وقطع ذلك التواصل أو الإتصال الهاتفي لرؤيته لها، فإنه يدور في مخليتها أنه كان يتواصل أو يتحدث مع شابة من الشابات، مما يترتب عليه أن تخلق الزوجة أزمة قائمة على سوء الظن، وذلك قبل أن تتحقق من حقيقة التواصل أو الإتصال الهاتفي، ومن ثم تبدأ الأسئلة مع من كنت تتحدث؟ ﻣﺎ ﺍﻟﺮﻗﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﻨﺖ تتواصل معه، وهكذا تكون الزوجة قد وجدت سبباً لسوء الظن وأن كان (بعض الظن إثم)، خاصة وأنه وفي كثير من الأحيان لا يكون هنالك دليل واضح على (سوء الظن)، يدع الزوجة تختلق إشكالية بينها وزوجها، أو تجري معه تحقيقاً حول هذا المؤشر أو ذاك، لأنها لا تمتلك دليلاً يتمثل في رسالة أو إتصال هاتفي يمكن أن تستند عليه لتوجيه الإتهام لزوجها، وربما تفعل الزوجة هذا الفعل اعتقاداً منها بأنها تحافظ على مملكتها رغماً عن عدم وجود أي مؤشر يدفعها إلى (ﺳﻮﺀ ﺍﻟﻈﻦ)، الذي ربما يلعب دوراً كبيراً في تفكك الأسر، وعليه فإن من ينجرف وراء هذا التيار لا يفكر قبلاً في قوله سبحانه وتعالى : (يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن، إن بعض الظن إثم، ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً، أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه)، وهذه الآية الكريمة تدعو الناس إلى أن لا يظن الإنسان في أخيه ظن السوء.

سراج النعيم يكتب : انحصار الإعلام في (هلا ريخ)؟



..........................

دائماً ما يتبادر إلي ذهني سؤالاً مفاده هل إعلامنا الرياضي له تأثيره على جماهير كرة القدم قاطبة ؟ الاجابة عندي لا .. لأنه في الغالب الأعم يركن إلي السطحية في الطرح والتناول لذا يحتاج إلي تقويم، وبالتالي دائماً ما تكون التفاصيل الشخصية في عملية النقد الرياضي حاضرة في كتابات البعض، وهي تفاصيل تحلق بنا في أجواء ملوسة بالأفكار (الخبيثة) بكل ما تحمل هذه الكلمة من معني، لذلك كله نجدها تمارس دور الحاجب عن التغيرات التي تحدث حتى في حركة الرياضة في البلاد، وذلك يعود إلي أن الإعلام الرياضي قلما يخوض بشفافية لكشف الحقائق المجردة للمتلقي المغلوب علي أمره، خاصة وأن القنوات الفضائية الرياضية المتاحة له لا تلبي طموحاته، مقارنة بما يشاهده في ظل الإنفتاح علي العالم بصورة عامة، لذلك يفرض علينا هذا الواقع المذري جملة أسئلة، هل الرياضة محصورة في فريقي المريخ والهلال، وهل هما يستحقان كل هذه العددية من الصحف والقنوات الفضائية والإذاعات، وهل اختلفت الأمور بعد كل السنوات الماضية، خاصة وأننا منذ ثمانينيات القرن الماضي، والعلاقة الإعلامية مع الرياضة بشكل عام، تقتصر علي أراء الغرض منها السخرية والتشفي، لا ممارسة نقد رياضي يستفيد منه المنشغلون والمهتمون بما نتج من هذه المباراة أو تلك، وربما لهذه الأسباب لا انجاز للإعلام الرياضي، الذي هو في رأيي ليس له صوت نافذ، ولا أخفيكم سراً أنني لا أقرأ إلا لكتاب قلة، وهؤلاء أحس في حروفهم الصدق الذي افتقده لدي البقية الباقية، وهذا الفهم ظل مسيطراً علي تفكيري، لأنني بصراحة شديدة أرفض مطالعة الصحف التي تقودها وجهة نظر مالكها، حتي ولو كان صاحب إمكانيات لا تؤهله لهذه الريادة.

وحينما أذهب إلي سلبيات الإعلام الرياضي المرئي نجد أنه بعيداً عن أشواق الجماهير، فهو الاخر لم يخرج من ثقافة النظر إلي الواقع الرياضي الراهن بمنظار المشجع للهلال والمريخ، وتلمس ذلك بجلاء في طريقة تحليلهم للمباريات، وفي هذه النقطة تحديداً أنصح البعض بعد الاطلالة علي المتلقي كمقدمين أو كمعلقين علي المشهد الرياضي لأنهم يفتقرون إلى أدني مقومات المقدم أو المعلق الجاذب بالطرح أو بالتناول أو كليهما معاً، ضف إلي ذلك أن القنوات الرياضية تحاول جاهدة إثبات ذاتها، ولكنها تتبع المسار الخاطئ الذي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تنافس به محلياً ناهيك في ظل تواجد القنوات الفضائية الأخري، وربما عند بداية قناة رياضية نتخوف كثيراً علي إذاعة الرياضية، إلا أنهن ما أن يبدأن البث إلا ونكتشف بما لا يدع مجالا للشك أنهن لن ينافسن إلا أنفسهن .

من وجهة نظري الخطيئة كبيرة ولا تغتفر لأنه من البديهات عدم قفز القنوات الفضائية فوق رسالتها الإعلامية التي يجب توظيفها لخدمة الأحمر والأزرق معاً بعيداً عن الانتماءات للمريخ أو الهلال حتى لا تضطر جماهير هذا النادي أو ذاك إعلانها مقاطعة هذه القناة أو تلك حتى يتمكنوا من إيقاف الإساءات المتكررة لهذا النادي أو ذاك أو بعض لاعبيه وذلك يعني ببساطة أنه علينا غربلة تلك القنوات الفضائية، وإعادة بناء الرسالة الإعلامية حتى لا تصبح الإساءة نهجاً وارثاً متوارثاً جيلاً تلو الأخر، لأنه لا شيء يمكنه الغاء الإنجازات التي حققها هذا النادي أو ذاك على مدى السنوات الماضية، فهي جزء من تاريخه بخيره وشره، لأنه كان نتيجة قناعة وصدق جارف، وبالتالي لا ننفى إمكانية السقوط في الخطأ.

الدار تدق ناقوس خطر (شهود الزور) في بلاغات وقضايا



........................

أسئلة القضاء الواقف تكشف (شهود الزور) في قضايا المحاكم

........................

الشهود يرتكبون جريمة خطيرة لإهدار الحقوق بغير وجه حق

........................

وقف عندها : سراج النعيم

.......................

عندما تغيب الضمائر والوازع الديني فإن العقول تصاب بالفساد ويقود ذلك البعض إلى أن يشهدوا في البلاغات القضايا (شهادة زور) مقابل مبالغ مالية تدفع لهم لصالح بيع ذممهم، وتغيير مسار هذه القضية أو تلك لصالح من لا حق له، أنهم يكذبون وأن كانوا يدرون فإنها مصيبة وأن كانوا لا يدرون فإنها مصيبة أكبر، وبالتالي يرتكبون جرماً دون الالتفات لخطورته وما يمكن أن يسببه من أضرار للأفراد والمجتمع، رغماً عن مآلات (شهادة الزور) وعواقبها الآنية والمستقبلية، إلا أن حدوثها وسط المجتمعات الإسلامية نادراً.

فيما أصبحت (شهادة الزور) تشكل خطراً علي بلاغات وقضايا يتضرر منها الضحايا وذلك من واقع أن الذمم تباع بمبالغ مالية، الشيء الذي يؤدي إلي تنامي الظاهرة التي يمتهنها البعض بالإدلاء بالشهادة زوراً في هذا البلاغ أو تلك القضية دون أن يكونوا طرفاً في أحداثها، ومع هذا وذاك لديهم الاستعداد التام لأداء (اليمين الكاذب)، وذلك دون الخوف من العواقب المترتب عليها (شهادة الزور)، وهذا يفرض علي الإنسان المتضرر طرح أسئلة في غاية الأهمية ما هي الأسباب التي تقود البعض إلي الأدلاء بـ(شهادات الزور)، وما هي كيفية الوصول إليهم، وهل شرع المشرع نصوصاً رادعة في القانون الجنائي لبتر الظاهرة من جذورها ، وما هي الطريقة التي تتيح للتحري أو المحاكم اكتشاف (شهود الزور)؟

وفي السياق قال الأستاذ عبدالله يوسف المحامي : من السهل اكتشاف (شهود الزور) الذين يشهدون في بلاغات وقضايا نسبة إلى ان حجة المستعين بهم ضعيفة ولا تكفي لأصدار حكم يصب لصالحه، وبالرغم من ذلك لا تزال الظاهرة محدودة ولا تصل إلي مستوى التأثير في مجريات سير العدالة، فالسلطات الرسمية في البلاد تجتهد للوصول إلي (شهود الزور) ومحاكمتهم في حال ثبت أنهم ارتكبوا ذلك السلوك المضلل للعدالة، وبالتالي تتم محاكمة أولئك الذين يدلون بمعلومات (كاذبة) أو يشهدون (شهادة الزور) للتأثير في هذا البلاغ أو تلك القضية، ودائماً ما يتم الايقاع بهم من خلال الأسئلة التي تجعل شاهد الزور يرتبك في ردوده، لذا لا يشكل (شهود الزور) قلقاً لوكالة النيابة والشرطة والمحاكم نسبة إلي أنها محصورة في شخصيات نفوسها ضعيفة.

وأضاف الدكتور محمد الزين : إن (شهادة الزور) تعتبر جريمة خطيرة يراد منها إهدار الحقوق بغير وجه حق، وعليه فإنها تحدث خللاً في المجتمعات وتهز أركانها فضلاً عن أنها تشيع ضعف الإيمان بين الناس، فالتشريعات منعتها وجعلتها جريمة يعاقب عليها القانون بنص المادة (104) من القانون الجنائي السوداني، وتنص على أن من يشهد (زوراً) ويدلي بأقوال (كاذبة)، وهو يعلم ذلك، أو يكتم أثناء الشهادة كل أو بعض ما يعلمه من وقائع في الدعوى بصورة تؤثر على الحكم فيها يعتبر مرتكباً لجريمة (شهادة الزور)، إذا ترتب على الإدلاء في (شهادة الزور) تنفيذ حكم على المشهود ضده يعاقب الجاني بالعقوبة المقررة للجريمة التي تم تنفيذها.

وعزا خبراء ظاهرة (شهادة الزور) إلي أن الظروف الاقتصادية القاهرة التي أدت إلى انتشارها وتناميها بصورة مقلقة جداً لأنها تخل بسير العدالة، وبالتالي يعاقب عليها القانون من واقع أنها جريمة يسجن في ظلها (شاهد الزور) مدة لا تتجاوز الخمسة أعوام أو بالغرامة أو بالعقوبتين معاً.

وتكثر الظاهرة في بعض القضايا لذا تضيع حقوق أبرياء بسبب (شهادة الزور)، وهذه الظاهرة موجودة ويجب معاقبة (شاهد الزور) في حال تم اكتشافه حتى نستطيع التخلص من هذه الجريمة التي يعمل مرتكبها على تضليل سير العدالة، لذا يجب توخي الحذر في القضايا التي يحدث بها تناقض في الأقوال.

فيما تنامت وتزايدت بشكل مطرد ومثير جداً للقلق أعداد المحكومين في قضايا الحق الخاص و(يبقي لحين السداد) المرتبط ارتباطا وثيقاً بكتابة أو تظهير الصكوك المالية التي تصب رأسا في نص المادة (179) من القانون الجنائي.

وتظل الظاهرة تشغل بال الكثير من الأسر التي يكون البعض منها قد دخل في معاملات من هذا القبيل الذي في إطاره منحت السلطة التنفيذية المدنية للقاضي الجنائي بينما نجد ان هنالك شريحة من الموقوفين لا تعرف ادارة السجون تصنيفهم من المحكومين في أحكام مختلفة وذلك لسبب في غاية البساطة في أنه يتمثل في أن المحبوسين وفقاً لما نحن نتطرق إليه في شان الشيكات المرتدة او تظهيرها من الخلف وهي المسألة التي تحمل بين طياتها الكثير من الغرابة في هذه القصة المثيرة جداً في قضية سيدة الأعمال التي تواجه المادة (179) من القانون الجنائي وهي المادة القائمة على نظام الاتهام من الفرد وهو نظام معروف عنه أنه نظام (لاتيني انجليزي) بحيث أن أي شخص في مقدوره فتح بلاغ جنائي بعد وضع الصك ضمن عريضته وبالتالي (يبقي المتهم لحين السداد) ومتي ما دفع المبلغ المعني يخلي سبيله في حين ان قانون أصول الأحكام القضائية وفي أول مادة فيه يقول: (الاصل براءة ذمة المسلم)، ولكن الحكم بالمادة (179) من القانون الجنائي جعلت السجون تكتظ بمحبوسي (ويبقي لحين السداد).

ومن هنا دعونا ندلف لأغرب قضية تمر بها سيدة أعمال معروفة في مجالها الاستثماري حيث أنها تواجه اتهاماً يتمثل في تظهيرها شيكاً يزعم الشاكي أنه كتبه زوجها الذي توفي إلى رحمة مولاه الشيء الذي استدعي المدانة إلى الوصول بقضيتها إلى المحكمة القومية العليا – الدائرة الجنائية -التي نقضت حكم محكمتي الاستئناف والموضوع.

الوقائع التي نحن بصددها دارت فصولها ما بين مدينة امدرمان وسجن النساء، وبطلتها سيدة أعمال ظلت خلف القضبان لفترة زمنية أمتدت إلى الثمانية أشهر بعد أن تمت محاكمتها تحت المادة (179) من القانون الجنائي الذي يندرج فيه نظام الحكم بـ(ويبقي لحين السداد)، وهو الأمر الذي ترك أثره اقتصادياً واجتماعياً خاصة وان القانون السوداني أولي الشيكات المرتجعة عناية خاصة وجعل ارتجاعها جريمة يعاقب عليها القانون.

ومن هذا المنطلق قالت : بدأت تداعيات قصتي أكثر غرابة واندهاشاً، ومكمن الغرابة في إدعاء الشاكي أن صاحب الشيك هو زوجي، ومصدر الاندهاش في الاتهام الذي طالني دون سابق إنذار حتى أن مسألة كتابة الصكوك المالية تمثل لي هاجساً في النشاط التجاري الذي لم اعتد عليها رغماً عما تقتضيه الظروف المحيطة بالسوق الذي أحياناً يعاني من شح في (السيولة)، مما يضطر أصحاب المعاملات التجارية للتعامل بنظام الشيكات الذي تعرضت في إطاره إلى مشكلة قائمة على أنني امتلك عقاراً تجارياً، وكان أن رهنته لأحد التجار لحوجتي لـ(سيولة) مالية من أجل سفري إلى دولة عربية، وذلك بغرض استجلاب سيارة من هناك، ولكي أحضرها لابد من أن يكون في معيتي مبلغ مالي حتى أكمل الصفقة التي توسط لي فيها شخص ما آتي إلى بتاجر مؤكداً أنه يساعد الناس بالمستندات الرسمية التي بحوزتهم، وعندما يعيدون المبالغ المالية المأخوذة منه يرد إليهم المستندات الرسمية الخاصة بـ(الرهن).

وتسترسل وعلى خلفية ما ذهبت إليه مسبقاً سألني التاجر في سياق هذه القصة ما هي قيمة المبلغ الذي أود أن أرهن في ظله عقارك ؟ فقلت : أرغب في أكثر من (20) ألف جنيه، فقال : أقل مبلغ أدفع به للدائن أكبر من ذلك بكثير، وكان أن قبلت بما أشار به باعتبار أن قيمة عقاري تساوي أكثر من (100) ألف جنيه، وكان أن استلمت المبلغ وشددت الرحال إلى مدينة خليجية والتي حزت فيها على سيارتي وقمت بإحضارها إلى السودان، وما أن فكرت في بيعها إلا وأقترح علىّ التاجر المرهون لديه عقاري إيداع السيارة خاصتي بطرفه على أساس أنني لا أعرف التعامل مع سوق السيارات، وكان أن قيم سيارتي بـ (70) ألف جنيه يخصم منها مبلغ الرهن، ويعطيني ما تبقي من جملة المبلغ والمستندات الرسمية، وحينما مرت أيام على بقاء السيارة معه دون جدوي، وجهت له سؤالاً مباشراً أين العربة الآن؟ فقال : في (الكرين) لأنها لم تبع فقلت له : طالما أن الأمر كذلك سلمني إليها وسوف أبيعها بطريقتي الخاصة، وبالفعل أستجاب إلى رغبتي، ولكن ماذا حدث بعد ذلك؟.

وتجيب سيدة الاعمال على السؤال بقولها: وفي سياق ذي صلة قمت ببيع العربة ماركة التايوتا 2005م بمبلغ (50) ألف جنيه إلا أن هذا المبلغ المالي الكبير ضاع مني في طريق عودتي إلى منزلي، وهو الأمر الذي جعلني مطاردة من الشاكي بتسديد قيمة الصك الذي أدخلت فيه السجن، والغريب في أمر هذا الشيك أنه لا صلة لي به من قريب أو بعيد وهو يعود إلى شخص اخر وفي هذا تأكيد على أنني لم أكتب هذا الصك، ولم أظهره، ولا يطلبني صاحبه مبلغاً مالياً، ولا أنا أعرفه لكي يسلمني شيكاً بقيمة هذا المبلغ الكبير، المهم أنه ألقي علىّ القبض، وتم إيداعي حراسة قسم الشرطة.

وتضيف: في تحريات الشرطة سئلت هل لي معرفة مسبقة بصاحب الشيك؟

فقلت : لا.

هل زوجك؟

فقلت : لا لأن زوجي متوفي.

هل تطلبيه مبلغاً مالياً؟

قلت: لا ولا أعرفه البتة.

وماذا بعد تحري الشرطة؟

قالت : تمت إحالة ملف القضية إلى المحكمة الجنائية للنظر في البلاغ الجنائي تحت المادة (179) من القانون الجنائي لسنة 1991م، في أول جلسة استمعت المحكمة لشاهد الدفاع وصاحب الشيك الضائع، وأفاد المحكمة بالآتي : (أقر أن هذا الصك المرقم بالرقم لكي، ولكنني فقدته ما استدعاني إلى إتخاذ الإجراءات القانونية، ولا علاقة ليّ بالمتهمة ولا أعرفها أصلاً، وليست ليّ علاقة زواج بها، ورأيتها لأول مرة في المحكمة).

وتستأنف سيدة الأعمال الحكاية في قضية ارتداد شيك لأنها لم تحرره أو تظهره حتى يستوجب عليها تغطيه قيمته المالية بطرف البنك المعنون له أو الصادر منه قائلة : لن ولم أفعل لعلمي التام بأن فعلاً من هذا القبيل يدخلني السجن، لذلك كنت في حيرة شديدة من أمري، إذ أنني لأول مرة في تاريخ حياتي أتعرض لموقف صعيب جداً من هذا النوع الذي سأل فيه مولانا الشاكي بعد أن أدي القسم موجهاً له خطابه الحاصل شنو؟ فرد عليه الشاكي قائلاً: المتهمة زوجها صاحب الشيك منحني الصك موضوع هذه القضية لصالح زوجته، وكان أن وقع على الشيك أمامي، وهي بدورها ظهرت الصك من الخلف، وتبلغ قيمته المالية أكثر من (34) ألف جنيه مقابل شراء (سكر).

وفي ردها على هذا الإتهام الذي دفع به الشاكي للمحكمة قالت : يا مولانا لا أعرف هذا الشاكي طوال حياتي، ولكن أعرف التاجر الذي رهنت لديه عقاري مقابل مبلغ الـ (40) ألف جنيه وذلك بواسطة جاري الذي يعمل في مجال (السمسرة)، ولا أعرفه بشكل مباشر إلى هنا تم إدخالي السجن في نفس اليوم، وفي اليوم التالي نقلت إلى المحكمة مرة ثانية حيث أحضر الشاكي (شهود زور) في هذا الإدعاء، وهما إثنين قاما بأداء القسم أمام مولانا وقالا : جاءت إلينا المتهمة برفقة زوجها، وكان أن أعطانا الصك ووقع عليه أمامنا وأمام الشاكي، وهي ظهرت الشيك من الخلف نظير إعطائها سلعة السكر، ومن هذا الواقع استلمت المتهمة الوصل بحضورنا فما كان من قاضي المحكمة ألا وسألني هل تعرفي هذين الشاهدين ؟ قلت له : يا مولانا لا أعرفهما، ولا أعرف الشاكي ولا أعرف صاحب الشيك، الشيء الذي حدا بمحامي الشاكي أن يقول: لا نريد حضور صاحب الصك أمام المحكمة ولا زوجها فقط نريد المتهمة التي تقف أمامنا ونحن نكتفي بهذا، لذلك لم أمنح خطاب للبنك الصادر منه الصك.

وأشارت سيدة الأعمال إلى أنه تمت محاكمتها قائلة: وقد قفل المحامي الذي يترافع عني ملف القضية رغماً عن أن مولانا قال له : هل لديك أي دفاع عن المتهمة؟ وقال له : لا، ولم أكن في ذلك الوقت أعلم ماذا يعني قفل الملف أو ولا المادة التي تتم من خلالها محاكمتي؟ لأنني لأول مرة أقف هذا الموقف، في حين أن قاضي المحكمة لخص القضية في الجلسة التالية التي أصدر فيها قراره بإدانتي بالتستر على صاحب الشيك الذي أدعى الشاكي أنه زوجي الذي لم أحضره أمام المحكمة، لذلك حاكمني بشهرين سجن تأديبية، وبعدها ينفذ فيّ (تبقي لحين السداد )، وقبل أن أكمل هذه الفترة المقررة من المحكمة مثلت أمامها بعد شهر من تاريخه، وفي هذه الجلسة سألني قاضي المحكمة ماذا فعلتي في موضوع قيمة الشيك الذي سيتم تنفيذه فيك (لحين السداد )؟ فقلت له : يا مولانا الشاكي الواقف أمامك هذا لو وقف إلى آخر يوم في حياته وأخر يوم في حياتي أنا لن أتحدث معه فقال ليّ مولانا : لماذا ؟ فقلت له : لأنه أدى القسم بالكذب وأي إنسان يفعل مثله لا أتحدث معه على أساس أنه لم يحترم قول الله – سبحانه وتعالى – وعلى هذا النحو وجهني قاضي المحكمة بأن أعمل إستئناف للحكم الصادر في مواجهتي.

سراج النعيم يكتب : متي للشاة ان تناقش قصابها؟

 


......................

درجت القنوات الفضائية السودانية على استخدام جمال المرأة في الترويج للمنتجات وتصوير مشاهد في فيديو كليبات بعض المغنيين، فما نظرة الشرع من هذا الاتجاه غير المألوف للمجتمعات الإسلامية الأمر الذي يشكل للعامة هاجساً كبيراً لذلك رأيت أن أتوجه بسؤالي مباشرة إلي مدير دائرة الفتوى بهيئة علماء السودان. والذي رد عليّ في حواري معه بكل شفافية بقوله :( عندنا في هيئة علماء السودان فتوى واضحة في هذا الخصوص الذي تستخدم فيه النساء كوجهة إعلامية، حيث ذكرنا أن هذا الأمر حرام.. حرام، من حيث استخدام المرأة لجمالها، فيما يلاحظ أن بعض القنوات الفضائية السودانية تشترط طولاً وعرضاً ولون معين للبشرة، سبحان الله تعالى، ما كنا نتوقع أن الفسق يصل بنا لهذه الدرجة، لكن أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم : (أن القيامة لا تقوم إلا على لكع بن لكع)، على أن آخر الزمان يستحل الناس هذا الأمر الذي هو حرام، إلى أن يصل أن يكون هذا الحرام في الشوارع.

ان الله سبحانه وتعالى أكد أدب النساء: (يا أيها النبي قل لأزواجك ونسائك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن، ذلك أدنى أن يعرفن ...الخ)، يُعرف المؤمنات بسترهن، وبحيائهن، وببعدهن عن مواطن الرجال، تغطية وجوههن حتى إن كن غير فاتنات، فالفقهاء قالوا أن النقاب – يكون واجب للمرأة إذا كانت فاتنة الجمال، بمثل هذه القيمة التي عظمها الله سبحانه وتعالى فسترها عن أعين الناس حتى لا تنالها تلك الأعين الفاجرة، وحتى لا تكون مرمى لأسهم اؤلئك الفسقة، على أن ذلك من عادة اليهود، على أنهم يتاجرون بالنساء، لأنهم لا حياء لهم، ولا دين لهم، ولا أخلاق لهم، فهم يتخذون المرأة كسلعة رخيصة، وكشراك يصلون بها من كان قلبه ضعيفاً ومريضاً ممن يميل إليهن، وممن حظه في هذه الدنيا هذه اللذة، وهذه الشهوة الضعيفة لتعبر عن مدى الحيوانية التي يعيشها الإنسان، فلا بد للناس أن يكونوا حازمين في مثل هذا الأمر، ويمنعوه ولابد للهيئات العلمية، ولابد للوزارات المعنية أن تتحرك في هذا الأمر، لأنه يخدش تماماً الحياء، ويخدش الأخلاق، ويؤثر على هذا المنهج الذي نحن ادعيناه ألا وهو المنهج الإسلامي.

وجود المرأة في الإعلانات الترويجية للسلع المختلفة يثير الكثير من التساؤلات التي لا تقبل التجزئة في صورة المرأة الجميلة مع هذا المنتج أو ذاك بالصورة المتحركة أو الثابتة التي يتم بها جذب عامة الناس للإقبال عليها، وهذا لعمري فهم خاطئ لطبيعة الإنسان الذي كرمه الله سبحانه وتعالى ومن هنا نجد أن رجال الدين أبدوا وجهة نظرهم الواضحة في مسألة الترويج بجماليات المرأة في السلع وبأحجام مختلفة وماركات محلية ومستوردة وهكذا تشمئز النفوس من الطريقة المتبعة في استخدام صور النساء مع صور المنتجات المختلفة، وبالمقابل علي النساء رفض استغلالهن والتركيز على مفاتنهن، وعلي القنوات الفضائية الكف عن استخدام جمال المرأة .

كلما شاهدت القنوات الفضائية وجدت أنها تضحك علي المجتمعات التي تنتمي إليها، وذلك من وحي الاستخفاف بالعقول فهي تترك مناقشة القضايا الحيوية بما فيها من بلاوي ومصائب وتحصر ذاتها كليا في معركة ليس فيها كفاح ونضال يصب لصالح المتلقي الذي يفترض فيهم أن يهتموا بـ(ابسط الأمور الحياتية التي هو في حاجة ماسة إليها)، ولكن لا حياة لمن تنادي، فالقنوات الفضائية تبث البرامج الغنائية وتروج لجمال المرأة ، فإلي متي النظرة لا تخرج من نطاق الترفيه واللهو والشكل حتى أصبح المشاهد لا يأبه للمادة المطروحة عملاً منه بمقولات : (متي كان للشاة أن تناقش قصابها وللمحكوم بالإعدام أن يجادل جلاده)، هكذا تسيطر هذه الأفكار علي ذهن الجمهور الذي كثيراً ما يدور بيني وبينه حواراً فأجد أنه يتفق معي بل ذهب إلي ما هو أخطر بقولهم ما أن يغمض لنا جفن إلا وتتحول أفكارنا إلي أفكار بالية كتلك البرامج المبثوثة من علي الشاشة البلورية كالذي يحدث بالضبط في بعض الفضائيات السودانية التي ادمنت استضافة انصاف المواهب.

سراج النعيم يكتب : صفات الشخصية القيادية



.........................

يعتبر الإنسان القيادي صاحب ملكة نادرة وروح لا تعرف التثاؤب أو الارتكاز إلي (سلطة) أو (رتبة) أو غيرهما، بل ترتكز قدرته علي الأداء والكفاءة وتوجيه أفكاره الإيجابية نحو أهداف تصب رأساً في إطار المصلحة العامة، إلا أنه نادر جداً وجود مثل هذه الشخصية في عصرنا هذا، نسبة إلي أن اصطفاءها من بين الجماعة صعب جداً لعدم انطباق المعايير القيادية علي من هم يدعونها، لذا هنالك من يعتقدون أن القادة يولدون ولا يصنعون، وذلك من واقع صعوبة اكتساب الصفات القيادية العظيمة، وهذا يجعلني أعود للوراء قليلاً عندما كنا في المراحل الدراسية حيث كان يتم اختيار تلميذاً من التلاميذ لاتسامه بالصفات القيادية التي تمكنه من ضبط الفصل ووضع حد لـ(لهرجلة) ما بين الحصة والأخري، وعليه يمكن تنمية موهبته بالرعاية بصورة جيدة، وترسيخ مفهوم القيادة في دواخله إلي أن يصبح قائداً عملياً وليس نظرياً.

ومما ذهبت إليه يمكن صناعة الشخصية القيادية الناجحة من خلال التعرف علي ميولها والنهج الذي تنتهجه في إدارتها للكوادر البشرية، وما هي الكيفية التي يتعامل بها مع آراء الآخرين، وما مدي قدرته علي مشاركة العاملين تحت قيادته علي الصعيدين العام والخاص، وما هي إمكانية قيادته لهذه المجموعة، وماذا عن تخطيطه للمشروعات المستقبلية والعمل علي تحقيقها، وهل يستطيع جمع فريق العمل حوله بشفافية، بالإضافة إلى إمتلاك القدرة على التحاور والتشاور مع مجموعته، والتعرف على آراءهم وأفكارهم التي يحملونها، والتي يمكن تطبيقها إن كانت ملائمة مع عمل مؤسسته، وأمثال هؤلاء يبحثون عن القائد الذي يستمع إليهم باذن صاغية ويتحري الدقة فيما يرمون إليه قبل إصدار الأحكام أن كانت إيجابية أو سلبية، وعليه أيضاً تجنب إصدار الأحكام المسبقة أو إصدارها دون الاستناد لأدلة تؤكد عدم ظلمه لهذا أو ذاك، ويساعد ذلك علي توفر المهارة في الشخصية القيادية وكسب إحترام وثقة أعضاء مجموعته.

من أوجب الواجبات أن تتمتع الشخصية القيادية الناجحة بدقة الملاحظة والقدرة على قراءة ما بين السطور، ويتمثل ذلك على فهم وإلتقاط الأفكار والأراء المكتومة دون الحاجة لأن تصاغ بشكل واضح، كما مطلوب منه الاستماع لما يقال من قبل العاملين معه ومراقبة سلوكيات يقومون بها ، ولا سيما فإن هذا النهج يمكن الشخصية القيادية من إيجاد الحلول الناجزة للإشكالية التي تعترض سير العمل، بالإضافة إلي تحديد الوقت المناسب لتشريع القوانين واللوائح المنظمة للعمل ، ومع هذا وذاك يجب أن لا يهرب من المشاكل المستعصية.

ومن هنا يجب عدم وضع الشخص غير المناسب في وظيفة تتطلب توفر شروط القيادة فيه، وإذا لم تتوفر فإن استبعاده يكون حلاً حتي لا يضطر إلي تنفيذ الأوامر دون نقاش أو تفكير حتى لو كانت ضد مصلحة العمل، لذلك نطلب من الشخصية القيادية ألا تكون كذلك أبداً فلماذا نعمد إلى ترسيخ تلك الشخصية؟ الجواب عندي لا أملكه، وإنما يملكه هو الذي قبل أن يكون قيادياً..!!

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...