......
يعتبر الإنسان (البخيل) مع سبق الإصرار، الترصد والتمادي (مكروهاً)، لأن من يتسم بصفته (منبوذاً)، فالبخيل لا يفرق بين (الحرص) و(البخل) حتي في نطاق الإنفاق على أسرته، والبخيل ربما يكون الأب، الأخ، الصديق والزميل، وقد عرف علم النفس الشخص (البخيل) بالذي يمتلك المال ولا ينفقه على مواقف تحتاج له، أي أنه لا يخرج للاستمتاع به حتي لنفسه، وهذا يعود إلى أن كنز المال يكون همه الأول والأخير في الحياة، فالبخل من الصفات المتوارثة أو المكتسبة، وتلعب في إطارها (التربية) عاملاً رئيسياً، فإذا كانت (سوية)، فإنها تخرج للمجتمع إنساناً سوياً، هكذا يتأثر الطفل بما ينشأ عليه، فإذا نشأ على أن يكون بخيلاً فإنها ستلازمه في كل مراحل حياته، خاصة وأن البخيل يرتبط ارتباطاً قوياً بـ(الجبن)، والجبن في حد ذاته يمتاز به الإنسان في حالة الخوف مما يخبئه له الغد، ولا سيما فإنه يدفعه إلى (البخل) حتي في الصرف على نفسه.
إن الإنسان (البخيل) يصنف بالمريض النفسي، والذي يحرص على الانغلاق على نفسه، وبالتالي لا ينفق على عليها مما يعرضه للدخول في إشكاليات يصبح في ظلها ضحية لـ(لبخل)، والذي بلا شك سيدفع ثمنه غالياً من خلال تعاملاته اليومية، والتي يصعب على أي إنسان أن يتعايش معه، لأن العلاقة الإنسانية قائمة على المصلحة، ودئماً ما تضطر المتعامل مع (البخيل) إلى تغيير سلوكه.
إذا مارس رب الأسرة (البخل) مع زوجته وأبنائه بيقوله : (ما عندي)، فإنه لن يكون أمامهم حلاً، ولعل أشهر البخلاء على مر العصور (الجاحظ)، والذي على نهجه يمضي الكثير من البخلاء الذين يقولون عبارة : (ما عندي ابوالنوم)، السؤال كيف للسيدات والأبناء العيش في هذه الأوضاع الاقتصادية الطاحنة التي يكون من خلالها (الأب) بخيلاً؟، وعليه يكون متناقضاً في مشاعره، لذلك يكون غير (مرغوباً) فيه، فالنفس البشرية تميل إلى الإنسان المعطاء، ولا تحب الإنسان البخيل، لأنه يترك تأثيره السالب على الأسرة، والتي تجد نفسها أمام (شح) لا يمكن الصبر عليه، خاصةً وأن إستقرار أي أسرة قائم على إستقرارها في النواحي المالية!!.
إن بخل رب الأسرة يقود إلى تفكك الأسرة، وهذا التفكك يعود لعدم الصبر على الصرف (الشحيح)، والذي يشعر أفراد الأسرة بأنهم خلف قضبان السجن الذي اسواره عالية وشائكة ومتشابكة، ومحاطة بحراسة أمنية مشددة، هكذا ترزح الأسرة تحت وطأة (البخيل)، وأمام الحرمان الذي يفرضه عليهم، مما يفقدهم أبسط مقومات حقوقهم في عيش الحياة بكرامة..!!.
إن البخل يدفع أفراد الأسرة للانحراف عن الطريق القويم، أو مد اليد للآخرين، وإذا وجدوا من يعطيهم اليوم، فإنهم لن يفعلوا غداً، لذلك إذا كان الأب غير كريم مع زوجته وأبنائه، فإن عواقب وخيمة ستواجههم في الحاضر والمستقبل خاصةً إذا كان رب الأسرة ميسور الحال، إما أن كان فقيراً، فله العذر شرطاً أن لا يكون بخيلاً.
عموماً لا يمكن إحتمال بخل والأب، الأخ، الصديق والزميل، فقلة ذات اليد لا يمكن احتمالها بأي صورة من الصور، لأنه ومن الصعب جداً إحتمال الإنسان (البخيل)، لأنه مهدد خطير جداً لتماسك أُسرته ومجتمعه، ودائماً ما تترتب على ذلك أشياء تصب رأساً في خانة عدم الأمانة، الكذب والسرقة، لذا لا يكون أي فرد من أفراد الأسرة المنتمية لأب (بخيل) صادقاً، ودائماً ما يحاول مكون الأسرة أخذ المال من خلال استقطاع ما يزيد عن شراء السلع الإستراتيجية كـ(الخبز)، (الوقود) و(غاز الطهي)، وهذا يعود إلى أنهم اكتشافوا حقيقة أن الأب بخيلاً لدرجة (الشح)، لذلك يصعب تحمله أو التعامل معه، أو العيش بالقرب منه، خاصة رب الأسرة الثري، لذلك لابد من إيجاد علاج ناجع، ولو اضطرت السلطات المختصة التدخل بتشريع قوانين تجرم رب الأسرة البخيل في حال ثبوت أنه (بخيلاً) مع سبق الإصرار والتمادي، فمن حق أسرته أن تعيش حياة كريمة دون التفكير في الحياد عن الطريق القويم، وذلك من خلال التشرد أو الولوج إلى عالم الجريمة بحثاً عن المال بأي بأي شكل من الأشكال.