الأحد، 20 ديسمبر 2020

سراج النعيم يكتب : ظاهرة المعاملات التجارية بـ(كسر) الشيكات المصرفية بـ(الكاش)


افرزت السياسات الاقتصادية الخاطئة المتبعة منذ سنوات ظواهر سالبة تستوجب الحسم سريعاً من قبل السلطات المختصة، وإيقاع أقسي العقوبات في مواجهة بعض الشركات، المصانع والتجار الذين تسببوا في موجة الغلاء الفاحش الذي تشهده البلاد، والذي اطلت في ظله ظاهرة المعاملات بـ(كسر) الشيكات المصرفية بـ(الكاش)، وهي ظاهرة في غاية الخطورة، وبالرغم من خطورتها لم تجد مسئولاً واحداً يدينها، ومع هذا وذاك يمثل من ينتهجها دور الذي يلج إلى المعاملات (الربوية) المندرجة في ظاهرة شراء الصكوك المصرفية نظير (السيولة)، وذلك من أجل تحقيق أرباح في دقائق معدودة، أي أنهم استفادوا من انعدام الثقة بين العملاء والبنوك، والتي تسبب فيها نظام المخلوع عمر البشير بعدم صرف الأموال المودعة في المصارف، الأمر الذي جعل البعض يجد ضالته في هذا الاتجاه المخيف، والذي ظل مستمراً حتي بعد عزل النظام البائد، فلا وازع ديني يردع ولا رقابة تحسم الفوضي، وبالتالي أصبحوا يستغلون الظروف الاقتصادية الراهنة ويطوعونها لصالح الكسب الرخيص بما يمتلكونه من مبالغ مالية (كاش) لا يتم توظيفها لمصلحة العامة، إنما توظف لصالح أشخاص يلجأون لاستخدامها في (الربا)، والذي هو حرم قطعاً لقوله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله : (يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إِن كنتم موْمنين فإِن لم تفعلوا فَأذَنوا بحَرب من اللهِ ورسوله وإِن تبتم فلكم رءوس أَموالكم لَا تظلمون ولا تظلمون).
ومما أشرت إليه فإن ظاهرة شراء الصكوك بـ(الكاش) بالزيادة عن المبلغ المدون فيها يعتبر (ربا)، لذا تقع مسئولية مكافحتها على عاتق الجميع، وأن عدم حسمها فيه سخط، غضب وعقاب من المولي عز وجل، لذلك يجب أن لا تأخذنا في الحق لومة لائم، وأن تتم المحاسبة حتي لا يكون المواطن المغلوب على أمره ضحية، خاصة وأنه ظل صابراً على الإبتلاء دون أن تكافئة الحكومة على ذلك الصبر، بل رفعت الدعم عن سلع استراتيجية وحررت السوق الذي أصبح عبارة عن (فوضي)، فكل من (هب) و(دب) يقرر السعر الذي يتناسب معه، والشعب السوداني لا يملك إلا أن يتضرع بالدعاء لله أن يزيل عنه هذا البلاء، وإن المستفيد من ظاهرة (كسر) الشيكات بـ(الكاش) قلة.
إما الظاهرة الثانية فهي ظاهرة بعض الشركات التي تفاجىء المستهلك بزيادة منتجاتها ما بين الفينة والآخري دون أن تضع لها مساحيق أو رتوش، وإذا سألت صاحب المحل التجاري لماذا هذه الزيادة الجديدة؟ يرد عليك من خلال منشور تدفع به الشركات كلما رفعت أسعار منتجاتها الغذائية، وكأنها سلطة داخل حكومة، والحكومة عجزت عن كبح جماح إرتفاع الأسعار في الأسواق، فالزيادات تقرها بعض الشركات المنتجة بصورة كبيرة تفوق دون أدني شك تفوق حدود إمكانيات (محمد أحمد الغلبان)، والذي أصبح (محبطاً) جراء هذا الواقع المذري، والذي تقرر في إطاره بعض الشركات الغذائية أسعاراً جديدة لمنتجاتها، فالزيادات تفوق حسابات التضخم لدي الفقراء، فهي زيادات مستمرة منذ أن كان سعر الدولار في السوق الموازي (45) جنيهاً، إما اليوم فهو سعره متارجح، فيما نجد أن الزيادت في السلع تزيد بنسبة تفوق سعر الدولار في السوق الموازي، ما يؤكد أنه لا علاقة للزيادات الشبه اليومية بـ(الدولار) أو أي عملة أجنبية آخري، إنما الزيادات ناتجة عن جشع وطمع بعض الشركات، المصانع والتجار الذين يستغلون الظروف الاقتصادية القاهرة التي تمر بها البلاد منذ سنوات خلت، إذ أن كل (شركة) أو (مصنع) أو (تاجر) يبحث عن الكسب السريع بأي صورة من الصور مشروعة أو غير مشروعة، وليس مهماً من أين يأتي المواطن البسيط بالمال، وذلك في ظل (فواتير) كثيرة، فهو كلما مزق واحدة منها يتفاجأ بأخري صباح اليوم التالي، فما يكون أمامه حلاً سوي أن يصطحبهاً ضمن جدول اعماله اليومي، والغريب في الأمر أن كل شركة أو مصنع أو تاجر يمثل الضحية الذي ليس بيده الحل، إنما هو بيد الحكومة والحكومة عجزت تماماً، فلا توجد دولة في العالم تترك أمر الأسعار للشركات أو المصانع أو التجار الذين يرفعون الأسعار بصورة ليست منطقية، وعليه يجد المستهلك نفسه مضطراً للشراء لأن لديه أطفالاً ينتظرونه ولا يعرفون كلمة (ظروف)، بالإضافة إلى أن النظام لا يريد أن يضع حداً لذلك (السرطان) الذي استشري في السوق دون رقابة من أجهزة الدولة المختصة، والتي تصرف المرتبات مقابل خدمتها للمواطن، وبما أنها لا تفعل تجده فقد الأمل في إصلاح اقتصادي، لذلك ستكون الزيادات في الأسعار مستمرة، وتشكل له هاجساً مخيفاً.

ليست هناك تعليقات:

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...