الأحد، 17 نوفمبر 2019

سراج النعيم يكتب : مهمة صعبة للحكومة


من المؤكد أن مهمة الحكومة الانتقالية خلال الثلاث سنوات القادمة ستكون في غاية الصعوبة لما ورثته من وزارات، مؤسسات، شركات، مصارف ومشاريع أقل ما توصف به أنها منهارة تماماً بسبب (فساد) نظام الرئيس المخلوع عمر البشير على مدى ثلاثين عام متصلة، مما أدى إلى استشرائه في معظم مفاصل الدولة العميقة، وهذا العمق نابع من طول فترة حكم البلاد ، ولا سيما أنه ترك أثراً بالغاً بالسلبية في إدارة الملفات السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية والفكرية، مما أدى إلى تهتك نسيج المجتمع في شتي مناحي الحياة، والتي سعي في ظله البعض سعياً حثيثاً للمحافظة على القيم والأخلاق رغماً عن الظروف القاسية التي وضعه فيها نظام الحكم البائد ، لذا يتطلب الأمر ممن تصدوا للتغيير في البلاد أن يبدءوا بتفكيك الدولة العميقة أولاً، خاصة أنها وظفت كوادرها بالولاء وليس الكفاءة، وعندما فعلت ذلك كانت ترغب في ضمان استمراريتها، وأمثال هؤلاء يجب اجتزازهم من جذورهم حتى لا يضعون المتاريس أمام الخطط والبرامج التنموية في بلاد منهكة أصلاً من سياسات النظام السابق، الذي قضي على الأخضر واليابس، وانتهك الحقوق في كافة بقاع السودان، وذلك بالاقصاء المتعمد، فمن يخالف ايدلوجيات نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، فإن مصيره الابعاد قسرياً أو ملاحقته بالبلاغات واوامر القبض أو الزج به في المعتقلات، هكذا استطاع النظام الديكتاتوري استنزاف الموارد الاقتصادية، ودمر الوزارات، المؤسسات، الشركات، المصارف والمشاريع الحيوية مثلاً مشروع الجزيرة، فهي جميعاً لم تسلم من (الفساد) المقنن الذي استشري بصورة لم تشهد لها البلاد مثيلاً منذ الاستقلال، والاتجاه على هذا النحو أدخل السودان في نفق مظلم ، وذلك من واقع أنه  لم يراع المصلحة العامة بقدر ما أنه راع المصالح المرتبطة بالأشخاص المنتمين إليه، فالأمر برمته لم يكن خارجاً من الاتجار بالايدلوجيات سياسياً، اقتصادياً، اجتماعياً، ثقافياً وفكرياً، لذا ظل نظام المخلوع عمر البشير يمضي بها إلى حتفه الأخير رغماً عن أنه كان جاثماً على صدر الشعب السوداني ثلاثة عقود، وهذه الثلاثة عقود لوث من خلالها البلاد بـ(الفساد) الذي فاحت رائحته في كل مكان لدرجة أنه ازكم الانوف، وبالتالي كان هو لاعباً أساسياً في الإطاحة بالنظام المعزول الذي لم يهنأ في إطاره محمد أحمد الغلبان بحياة كريمة، وذلك منذ 30 ﻳﻮﻧﻴﻮ 1989م.
رغماً عن فشل نظام الرئيس المخلوع عمر البشير طوال السنوات إلا أنه كان يكابر بالمزيد من الفشل الذريع، والذي يستخدم في ظله السياسات والاساليب الهادفة لفرض مشروعه الإقصائي للأحزاب والتنظيمات السياسية من المشهد السياسي، وفي مقدمتها حزب الأمة القومي والحزب الإتحادي الديمقراطي والحزب الشيوعي، مما سهل له السيطرة على مقاليد الحكم بشكل مطلق، واعتمد على بعض التنظيمات الإسلامية الداعمة لخطه، ووظفها بما يروق له، بالإضافة إلى الإستفادة من بعض الكيانات الآخري، مما جعل الخرطوم قبلة للمتشددين من التيارات الإسلامية، والتي ظهرت علناً في تسعينيات القرن الماضي وأبرزها (كارلوس) و(أسامة بن لادن) وغيرهما، مما أدخل البلاد في صراع دولي قاد دولاً عظمي لمناهضة سياسات النظام السابق الخاطئة، وبلا شك هو تمادى في ارتكب الخطيئة التي دفع على إثرها الشعب السوداني الثمن باهظاً.
وبما أن الشعب السوداني شعباً واعياً ومدركاً لحقوقه انتفض ضد الظلم، وقضي عليه من خلال ثورته المجيدة رغماً عما مارسه نظام المخلوع من إقصاء، تهميش، تشهير، تعذيب وقتل بصور متعددة وفقاً لسياساته الداخلية والخارجية التي كانت فاشلة تماماً، مما نتج عنها معاناة المواطن السوداني معاناة لا نهاية لها ، وضاعف منها وضع السودان في عزلة عن المجتمع الدولي.
ومما ذهبت إليه، فإن مهمة وزراء الحكومة الانتقالية ستكون صعبة جداً، خاصة وأن أغلب الوزارت أن لم يكن جميعها تعاني الأمرين من سياسات النظام البائد، لذا تحتاج إلى إعادة هيكلتها، ومراقبة القرارات الوزارية لتنفيذها بالصورة المثلي للخطط والبرامج الموضوعة حتي لا تواجهها أية عقبات، لذا يحتاج الوضع الراهن إلى تضافر كل جهود أبناء الوطن من أجل العبور بالبلاد إلى بر الأمان.
من المعروف أن كل الأمور في السابق كانت قائمة على الولاء لنظام المخلوع عمر البشير، والذي بدوره منح امتيازات لم يكن يحلم بها إياً من حظي بها، وذلك من خلال (الفساد) الذي عم القري والحضر، والذي تمثل في الاتجار، الصفقات، العقودات، السمسرة والخ، وبالتالي من أهم النقاط الواجب الالتفات لها حاضراً، هي أن هنالك وزارات شملها (الفساد)، وتحتاج لتوفيق أوضاعها لكي تعود مؤسساتها، شركاتها، مصارفها ومشاريعها إلى وضعها الطبيعي من حيث هياكل الوزارات، ومع هذا وذاك يجب اتخاذ قرارات من شأنها القضاء على تجاوزات إدارية لبعض الوزراء السابقين، والذين كان معظمهم بلا سلطات على مؤسسات، شركات، مصارف، ومشاريع تتبع له.


عاملون بوزارة المالية بولاية الخرطوم يفتحون بلاغات ضد النقابة



المتضررون باوعوا أمجادات وركشات وذهب الزوجات لتسديد مبالغ قطع الأراضي
قيادي بقوي إعلان الحرية والتغيير يخاطب الوقفة الاحتجاجية أمام الوزارة

كشف مصعب مالك الموظف بوزارة المالية ولاية الخرطوم تفاصيل وقفة عاملون بالوزارة احتجاجياً على عرض النقابة لأراضي.
ما الغرض من الوقفة الاحتجاجية أمام وزارة المالية ولاية الخرطوم؟
في البدء أود أن أوكد أنه وبتاريخ 24/9/2013  عرضت الهيئة الفرعية للنقابية بوزارة المالية بولاية الخرطوم من خلال إعلان للعاملين عن رغبتها تمليكهم قطعاً سكنية مساحتها (300) متر، وذلك مقابل مبلغ (36000) جنيه، وأن يسدد الراغب مبدئياً مبلغ (26000) جنيه، فيما تم نشر إعلاناً لاحقاً تستعجل من خلاله النقابة العاملين بالوزارة تسديد مبلغ (6000) جنيه، وأكدت في ذات الوقت أن ما تبقي من مبلغ يسلم عقب إجراء (القرعة) وتسليم الأرض.
ماذا حدث بعد أن سددتم المبلغ الذي استعجلتكم فيه النقابة؟
ما أن سددنا المبالغ المذكورة أنفا إلا وبدأت النقابة تقطع لنا الوعود بأن التسليم سيكون بعد شهر من السداد، بينما حددت لنا منطقة (سيال الحواب) بمحلية شرق النيل، ومنذ ذلك التاريخ ما فتئنا نسأل نقابة العاملين بوزارة المالية ولاية الخرطوم، وتحديداً القائمين على الأمر، وكانت إجاباتهم لا تتعدي سوي (قربت)، وأن شاء الله الأسبوع (الجاي)، وهكذا أسبوع وراء أسبوع إلى أن أصبحت سنوات!.
وماذا؟
مرت الأعوام عاماً تلو الآخر، والأعياد عيداً تلو الآخر، وليس هنالك بارقة أمل تلوح في سماء الانتظار الطويل، لدرجة أننا مللنا من السؤال الكثير بدون فائدة.
هل سددتم المبلغ المطلوب للاستلام كاملاً؟
نعم وردنا المبالغ إلى بنك (العمال) في العام 2013م، وعندما لم تف النقابة بالتزاماتها اضطر بعض العاملين في وزارة المالية اللجوء لوسائل الإعلام في العام ٢٠١٨م، وعلى خلفية ذلك طلبت منا النقابة أن نقوم بتجديد الملفات.
ما الذي حدث بعد ذلك؟
لم تحدث أية مستجدات، مما استدعي أحد المتضررين بوزارة المالية بولاية الخرطوم لفتح بلاغ ضد النقابة، مما حدا بها أن تكرر طلب تجديد  الملفات، وذلك بغرض تسليمنا الأراضي، وبدلاً من ذلك تم إيقاف مرتب الزميل الذي فتح بلاغاً ضد النقابة.
ما هي قصة قروب الواتساب الذي حمل عنوان متضرري أراضي (سيال الحواب)؟
قمنا في الآونة الأخيرة بإنشاء القروب بـ(الواتساب) باسم متضرري أراضي (سيال الحواب) لمناقشة الإشكالية المعترضة طريقنا منذ سنوات خلت، والسعي بشكل جاد لإيجاد الحلول الجذرية لها.
ما الخطوة التي أقدم عليها المتضررين عامة لاسترداد حقوقهم؟
للأسف أغلب المستحقين يخافون من المطالبة بحقهم، والوقوف ضد الجهة المعنية التي عرضت لنا قطع الأراضي والتي لا نعرف حقيقتها إلى الآن، وبالتالي خطأنا يكمن في أننا وثقنا فيهم، وعليه كان يفترض بهم أن يسعوا لتحسين أوضاع العاملين، ومنحهم القطع السكنية بأقساط ليس إلا.
كيف استطعتم تسديد أقساط الأراضي السكنية؟
هنالك من أضطر إلى بيع أمجاده، أو ركشته، أو ذهب زوجته، أو أي مقتنيات آخرى حتى يحظى بامتلاك قطعة أرض إلا أنه ومع مرور الأيام اكتشفنا أننا كنا نعيش على السراب إلى أن وصلت سنين الانتظار إلى (7) سنوات دون جدوى أو بصيص أمل!.
وبما أنكم فقدتم الأمل في إيفاء النقابة بالتزامها لكم ماذا فعلتم؟
عندها فكرنا جدياً في اتخاذ الإجراءات القانونية في مواجهة من أخذ منا المبالغ المالية مقابل قطع الأراضي، وكان أن وكلنا محامياً يترافع بالإنابة عنا في هذه القضية، والتي تم في إطارها تقديم عريضة دعوي جنائية للسلطات المختصة.
هل استمريتم في الإجراءات القانونية ضد النقابة
لا لم نستمر نسبة إلى أن المدير العام للوزارة طلب مقابلتنا، ومن خلال تلك المقابلة طلب منا تأجيل الإجراءات القانونية ضد النقابة، وقال : (نحن ساعين لإنهاء الأمر، لكن هنالك رسوم تحسين يجب أن نقوم بسدادها)، علماً بأننا دفعنا التزامنا اتجاه هذه الأرضي منذ العام 2013م، إلا أن النقابة تجاهلت موضوع التحسين، والذي كان مبلغه زهيداً في ذلك الوقت، وهذا التجاهل أوصله إلى (49) مليار جنيه قبل أن يتم تخفيضه إلى (30%)، ومن ثم أصبح (34) مليار جنيه.
وماذا؟
في لقاءنا بالمدير العام لوزارة المالية بولاية الخرطوم طلب منا إيقاف الاجراءات القانونية، وقطع لنا وعداً بسعي النقابة لإنهاء الإجراءات الخاصة بقطع الأراضي السكنية.
كم عدد العاملين الذين سددوا رسوم قطع الأراضي؟
عددهم أكبر بكثير من عدد قطع الأراضي، وأتضح أن هنالك جهات تم ادراجها ضمن قائمة العاملين بوزارة المالية بولاية الخرطوم، فلصالح من تم هذا الإجراء!.
هل سألتم أين ذهبت المبالغ التي سددتموها لبنك العمال مقابل قطع الاراضي؟
نحن أيضاً نسأل أين ذهبت، وماذا فعل بها طيلة السنوات الماضية؟.
ما رد النقابة على ما يجري من أحداث متسارعة؟
قبل عطلة عيد الأضحى المبارك بأيام  قامت نقابة العاملين بوزارة المالية بولاية الخرطوم بنشر إعلان عبر الصحف السيارة تؤكد من خلاله تكوينها لجنة لمراجعة المستحقين الذين سددوا ما تبقي من المبلغ المتفق عليه، إلا أننا تفأجنا بأنهم يحررون أمر توريد للمبلغ مكتوب عليه الالتزام، والتعهد بسداد مبلغ (التحسين)، وأي مبالغ أخري في حال أنها طلبت منا.
وماذا فعلتم؟
بكل تأكيد رفضنا واستنكرنا هذه الخطوة غير الموفقة،
وطالبنا النقابة بتوضيح ما يحدث بشفافية، إلا أنه لا حياة لمن تنادي، وحتى عندما قابلنا أحد أعضاء النقابة بالصدفة لم يحترم المتضررين في النقاش الذي دار بينه وبينهم، لذا كانت وقفتنا الاحتجاجية لرد حقوقنا، علماً بأننا بعثنا بخطاب إلى المدير العام لوزارة المالية بولاية الخرطوم، وبصفته رئيساً للنقابة، وأخطرناه من خلاله عما نود فعله فيما يخص استحقاقاتنا، بالإضافة إلى أننا سطرنا خطاباً آخراً للنقابة، وطالبنا فيه بتوضيح المشكلة خلال الوقفة الاحتجاجية، إلا إننا تفأجأنا بأنهم يدعوننا إلى اجتماع إلا أنه قوبل بالرفض من المتضررين، وبتاريخ 29/8/2019 قمنا بوقفة احتجاجية أمام مباني وزارة المالية بولاية الخرطوم، وطالبنا من خلالها تسليمنا الأراضي، وحل النقابة ومراجعة حساباتها، فلم يكلف أي عضو منها نفسه عناء الخروج لنا من دهاليز الوزارة لمخاطبة المحتجين الذين تحدث لهم الأستاذ الطيب محمد عثمان وعمر العجب بالإنابة عن المتضررين، كما خاطب الوقفة الأستاذ جعفر حسن  القيادي بقوي إعلان الحرية والتغيير، والذي أوضح أن من حق كل مواطن امتلاك قطعة أرض،وأن من تورط في (فساد) سوف تتم محاسبته وفق القانون، وطمأن المتضررين أن أراضيهم ستسلم لهم كاملة دون أن ينقص منها (شبر) واحد.

التفاصيل الكاملة لأزمة صيادلة الامتياز بسبب قرارات مؤسسات الدولة العميقة



حنين : بحلول العام 2020م يصبح الصيادلة العاطلون عن العمل (9000)

إسراء : الفرص الممنوحة للصيادلة لا تتجاوز الـ( 500 ) فرصة في العام

كشفت الدكتورتان الصيدليتان حنين، وإسراء جلال بالإنابة عن تجمع صيادلة الامتياز الذين وصفوا إشكالياتهم بـ(أزمة صيادلة الامتياز)، مؤكدين أنها ظلت تعترض طريقهم منذ سنوات، وتتمثل الأزمة في أن المجلس الاستشاري وافق على تمديد فترة الامتياز للخريجين من الكليات والجامعات من (3) أشهر إلى (12) شهراً، وذلك نهاية العام 2016م دون أن يراعي للظروف والتحديات المحيطة بمهنة الصيدلة في السودان، وقد طبق القرار في العام 2017م، ومنذ ذلك التاريخ لم يتم تدريب ولو دفعة واحده من دفعات خريجي الصيدلة، وذلك من واقع أن الحقل الصحي لم يخرج من إطار (فساد) دولة الرئيس المخلوع (عمر البشير) العميقة.
وفي البدء قالت الدكتورة الصيدلانية إسراء جلال : نواجه العديد من الإشكاليات لعدم توفر فرص التدريب بعد التخرج من الكليات والجامعات، فالفرص الممنوحة للصيادلة لا تتجاوز الـ(500) فرصة في العام، فيما نجد أن خريجي الكليات والجامعات خلال كل عام يصل عددهم إلى (3000) صيدلاني، وهذا العدد لا يتناسب بأي شكل من الأشكال مع عدد الفرص المتاحة لنا، وفي رأيي هذه الإشكاليات تحدث لعدم إنشاء (مجلس صيدلاني) يناقش هموم وقضايا الصيادلة بعيداً عن (المجلس الطبي)، بالإضافة إلى أن هنالك عدداً كبيراً من الصيادلة بلا وظائف لضعف التوزيع، وعدم توفر فرص التدريب بالصورة المثلي، مما يجعل الخريجين ينتظرون لسنوات طويلة، مما ينتج عن ذلك عدم مزاولة المهنة بعد التخرج مباشرة.
واسترسلت : ومما ذهبت إليه، فإن مدة فترة الامتياز أدت إلى عدم الاستفادة من فرص التدريب خلال العام، مما قاد صيادلة الامتياز إلى أن يشعروا بـ(الإحباط) لبقائهم في المنازل دون عمل.
فيما قالت الدكتورة الصيدلانية حنين : من المعروف أن خريجو الحقل الطبي المتمثل في (الطب)، (الصيدلة) و(الأسنان) لابد لهم من قضاء فترة الامتياز بعد التخرج من الكليات والجامعات، وهي الفترة التي يجلسون بعدها لامتحان (المجلس الطبي)، والذي بموجبه يمنح الصيادلة السجل الدائم (رخصة لمزاولة المهنة)، وبما إنه ليس لدينا مجلس خاص بنا وجدنا أنفسنا نتبع إلى (المجلس الطبي)، وبالتالي لا تحل إشكالياتنا سريعاً، كما يحدث بالضبط مع خريجو كليات (الطب)، إذ أنهم في عام أو أقل منه يجلسون للامتحان.
وأضافت : الامتياز بالنسبة لنا لم يكن كامتياز خريجو الطب من الكليات والجامعات، فامتيازنا كصيادلة كانت فترته (3) أشهر، ونقضيها في أماكن يتم توزيعنا إليها، ثم نجلس بعدها للامتحان، إلا أنه وفي العام ٢٠١٦م تمت زيادة فترة امتياز كليات الصيدلة إلى عام كامل، ذلك بقرار صادر بالاتفاق مع ديوان الخدمة، وزارة الصحة، المجلس الطبي وإدارتي التدريب والامتياز، على أن يكون الامتياز لخريجو كليات الصيدلة عام، بدلاً من (3) أشهر، في حين أن وزارة الصحة تمنح الصيادلة (٥٠٠) وظيفة فقط خلال العام، علماً بأن هنالك أكثر من (٢٠) كلية وجامعة يتخرج منها الصيادلة سنوياً، وذلك بمعدل ما لا يقل عن (١٥٠) صيدلاني، مما يعني أنه وخلال العام الواحد يكون هنالك (٣٠٠٠) خريج من الكليات والجامعات المختلفة، وهم جميعاً ينتظرهم قضاء فترة الامتياز حتى يتمكنوا من الجلوس لامتحان المجلس الطبي، وبالمقابل نجد أن الفرص المتوفرة لنا (٥٠٠) وظيفة، فإذا كان هنالك (٣٠٠٠) صيدلاني مقابل (٥٠٠) وظيفة من وزارة الصحة الاتحادية ، فإن هنالك (٢٥٠٠) صيدلاني سيظلون (عاطلين)، مضافاً إليهم خريجو العام الذي يليه، مما يزيد عدد الصيادلة إلى (٥٠٠٠) بلا وظائف، وهكذا يتراكم العدد عاماً تلو الآخر، وعليه أصبح هنالك تكدساً.
وأردفت : لنأخذ مثالاً بشخصي، فأنا تخرجت منذ العام ٢٠١٧م، وسأقضي فترة الامتياز في العام ٢٠١٩م، وإلى الآن لم أوزع، وإذا لم أمضي الفترة سالفة الذكر فلن يكون لي مستقبل، خاصة وأن النظام السابق ربط الخدمة الوطنية بفترة الامتياز، فالخريج لا يستطيع مزاولة المهنة إلا من خلال ذلك، فأنا مثلاً بلا وظيفة منذ عامين ونصف، وعندما تضيف إليها فترة الامتياز عام تصبح ثلاث سنوات ونصف، ثم أجلس للامتحان حتى أمنح (رخصة مزاولة المهنة)، وتلك التعقيدات نجم عنها إشكاليات كبيرة، فنحن (٣٠٠٠) صيدلاني لم نوزع حتى الآن، ولا سيما فإنه يتم توزيع (٥٠٠) خريج فقط، وعندما سألنا لماذا أصبحت فترة الامتياز عام بدلاً من (3) أشهر؟، قالوا : لا نريد أن نواكب (الاستاندر) العالمي، في حين أن (الاستاندر) العالمي في بعض الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة، بريطانيا، الهند، أيرلندا، ماليزيا، الإمارات والسعودية قائم على نظام العمل بالساعات، وليس نظام الامتياز لعام كامل، وإذا فكر الخريج في الهجرة فإن دولة المهجر تتعامل معه بنظام العمل بالساعات، مما يؤكد أن الفترات الضائعة ليست محسوبة من ضمن سنوات الخبرة، فأنا مثلاً منذ ثلاث سنوات ونصف بلا وظيفة، وبالتالي تلك الفترة ليست محسوبة من ضمن سنوات خبرتي داخلياً أو خارجياً مع التأكيد أن أمريكا تتبع نظام (١٥٠) ساعة للصيدلاني، ويتم من خلالها معادلة شهادة الخريج، وهي بما يعادل الثلاثة أشهر امتياز، وعندما ترغب في العمل خارج السودان يوجه لك سؤال أين كنت طوال الفترة الماضية؟، فما أن تقول : (كنت أعمل)، ألا يسألونك عن شهادة الخبرة، وما أن تقول : ليس لدي شهادة خبرة ألا ويردفون السؤال بآخر لماذا؟، فتقول : أمضيت عاماً في الامتياز، وهي فترة ليست محسوبة لنا في سنوات الخبرة، وعندما بحثت حول الامتياز وجدت أن هناك دولاً كثيرة لا تعمل بهذا النظام.
وتابعت : البيئة التدريبية ليست مناسبة حيث يتم توزيع خريجو الكليات والجامعات الصيدلانية على صيدليات المستشفيات، أي أنه لا يتم توزيعنا للإمدادات الطبية وصيدليات الدواء الدوار وصيدليات المجتمع، وصيدليات ولايات السودان المختلفة، أي أن فترة الامتياز مرتبطة كلياً بالخرطوم، والشئ الثاني هو أنه لا توجد مصانع ولا منظمات يمكن أن يوزع لها الصيدلاني للاستفادة من التدريب عملياً، ففترة الامتياز عام من الضياع فقط، وهو أمراً يغضب الكثير من الخريجين الصيادلة غضباً شديداً لأن الفترة المعنية (مجحفة) في حقهم، فأنا مثلاً درست خمس سنوات، ثم أنتظر سنتين أو ثلاث سنوات لكي أمضي فترة الامتياز (عام) ثم قضاء الخدمة الوطنية، لذا مجموع السنوات عشرة أعوام تقريباً، وبعدها يمكن لي مزاولة المهنة، فالصيدلاني إذا فكر في الهجرة خارج البلاد فإنه ستواجهه مشكلة العمر لحظة تقديمه للوظيفة، فمثلاً دولة الإمارات العربية المتحدة لديها وظائف إلكترونية للصيادلة، ومن شروطها عدم قبول الصيدلاني الذي مر على تخرجه من الكلية أو الجامعة ثلاث سنوات، وأن لا تكون فترة الامتياز أكثر من ثلاثة أشهر، فنحن الآن (٣٠٠٠) خريج، وسوف يضاف إلينا العدد نفسه من خريجو الكليات والجامعات للأعوام ٢٠١٨م ٢٠١٩م، لذا يجب زيادة الوظائف، وفصل الخدمة من فترة الامتياز أو الإعفاء منها نهائياً، والاستعاضة عنها بإحضار شهادة خبرة، ويمنح بموجبها الخريج الصيدلاني فرصة الجلوس للسجل الدائم، خاصة وأن البيئة غير مهيأة كدول تعتمد نظام التدريب بعد التخرج من الكليات والجامعات، فالبيئة الممتازة تخرج صيدلاني مؤهلاً للعمل في جميع المجالات الصيدلانية، بما في ذلك الصناعية، وقطعاً هذا الأمر لا يحدث في السودان، إذ يتم توزيع الخريجين لسد الحوجة فقط، وحتى عندما نوزع على المستشفيات نتفاجأ بأن الموظفين يتكلون علينا في العمل المندرج في إطار تسليم (الدربات) و(الشاش)، وليس هنالك أي صورة عميقة من صور التعليم عملياً، وليس هنالك صيدلانياً يشرف على تدريب الصيدلاني الخريج أثناء ممارسة المهنة، لذا اضطررنا للذهاب للدكتور سليمان، وكيل وزارة الصحة، وعرضنا عليه إشكالية تكدس الخريجين، فأكد أن الحل ليس بيده، إلا أنه سيعرضها على وزير الصحة الجديد في حكومة الفترة الانتقالية باعتبار أنه الوحيد الذي يستطيع اتخاذ القرار، ورحب بالفكرة والحلول المطروحة، مع التأكيد بأن العام ٢٠٢٠م سيكون عدد الصيادلة العاطلين عن العمل وصل إلى (٩٠٠٠) صيدلاني، ومع هذا وذاك فإننا لا نحظى بالوظيفة، وكلما توجهنا إلى الصيدليات للعمل، يقال لنا : انتم مازلتم في تمهيدي، وبالتالي لا يتعاملون معنا على أساس أننا نحمل السجل الدائم مع العلم أنه ليس هنالك فرق بينهما، وعليه لا يحسب لنا ساعات العمل، بل يحدد الأجر بمزاجه، وأنت بأي حال من الأحوال لا تستطيع الاعتراض لعدم امتلاك السجل الدائم، لذا نطالب بأن يكون لدينا (مجلس صيدلاني) منفصلاً عن (المجلس الطبي) من أجل حل الإشكاليات التي وقفنا في إطارها وقفة احتجاجية بتاريخ ٤/٨/٢٠١٩م، وكان أن قابلنا من خلالها وكيل وزارة الصحة الاتحادية، والآن نرتب لوقفة احتجاجية أخري نضع من خلالها شكل التدريب المتكامل للخريج الصيدلاني، والحلول للإشكاليات التي ننتظر بها وزير الصحة الجديد في ظل حكومة الفترة الانتقالية.



azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...