الأحد، 17 نوفمبر 2019

التفاصيل الكاملة لأزمة صيادلة الامتياز بسبب قرارات مؤسسات الدولة العميقة



حنين : بحلول العام 2020م يصبح الصيادلة العاطلون عن العمل (9000)

إسراء : الفرص الممنوحة للصيادلة لا تتجاوز الـ( 500 ) فرصة في العام

كشفت الدكتورتان الصيدليتان حنين، وإسراء جلال بالإنابة عن تجمع صيادلة الامتياز الذين وصفوا إشكالياتهم بـ(أزمة صيادلة الامتياز)، مؤكدين أنها ظلت تعترض طريقهم منذ سنوات، وتتمثل الأزمة في أن المجلس الاستشاري وافق على تمديد فترة الامتياز للخريجين من الكليات والجامعات من (3) أشهر إلى (12) شهراً، وذلك نهاية العام 2016م دون أن يراعي للظروف والتحديات المحيطة بمهنة الصيدلة في السودان، وقد طبق القرار في العام 2017م، ومنذ ذلك التاريخ لم يتم تدريب ولو دفعة واحده من دفعات خريجي الصيدلة، وذلك من واقع أن الحقل الصحي لم يخرج من إطار (فساد) دولة الرئيس المخلوع (عمر البشير) العميقة.
وفي البدء قالت الدكتورة الصيدلانية إسراء جلال : نواجه العديد من الإشكاليات لعدم توفر فرص التدريب بعد التخرج من الكليات والجامعات، فالفرص الممنوحة للصيادلة لا تتجاوز الـ(500) فرصة في العام، فيما نجد أن خريجي الكليات والجامعات خلال كل عام يصل عددهم إلى (3000) صيدلاني، وهذا العدد لا يتناسب بأي شكل من الأشكال مع عدد الفرص المتاحة لنا، وفي رأيي هذه الإشكاليات تحدث لعدم إنشاء (مجلس صيدلاني) يناقش هموم وقضايا الصيادلة بعيداً عن (المجلس الطبي)، بالإضافة إلى أن هنالك عدداً كبيراً من الصيادلة بلا وظائف لضعف التوزيع، وعدم توفر فرص التدريب بالصورة المثلي، مما يجعل الخريجين ينتظرون لسنوات طويلة، مما ينتج عن ذلك عدم مزاولة المهنة بعد التخرج مباشرة.
واسترسلت : ومما ذهبت إليه، فإن مدة فترة الامتياز أدت إلى عدم الاستفادة من فرص التدريب خلال العام، مما قاد صيادلة الامتياز إلى أن يشعروا بـ(الإحباط) لبقائهم في المنازل دون عمل.
فيما قالت الدكتورة الصيدلانية حنين : من المعروف أن خريجو الحقل الطبي المتمثل في (الطب)، (الصيدلة) و(الأسنان) لابد لهم من قضاء فترة الامتياز بعد التخرج من الكليات والجامعات، وهي الفترة التي يجلسون بعدها لامتحان (المجلس الطبي)، والذي بموجبه يمنح الصيادلة السجل الدائم (رخصة لمزاولة المهنة)، وبما إنه ليس لدينا مجلس خاص بنا وجدنا أنفسنا نتبع إلى (المجلس الطبي)، وبالتالي لا تحل إشكالياتنا سريعاً، كما يحدث بالضبط مع خريجو كليات (الطب)، إذ أنهم في عام أو أقل منه يجلسون للامتحان.
وأضافت : الامتياز بالنسبة لنا لم يكن كامتياز خريجو الطب من الكليات والجامعات، فامتيازنا كصيادلة كانت فترته (3) أشهر، ونقضيها في أماكن يتم توزيعنا إليها، ثم نجلس بعدها للامتحان، إلا أنه وفي العام ٢٠١٦م تمت زيادة فترة امتياز كليات الصيدلة إلى عام كامل، ذلك بقرار صادر بالاتفاق مع ديوان الخدمة، وزارة الصحة، المجلس الطبي وإدارتي التدريب والامتياز، على أن يكون الامتياز لخريجو كليات الصيدلة عام، بدلاً من (3) أشهر، في حين أن وزارة الصحة تمنح الصيادلة (٥٠٠) وظيفة فقط خلال العام، علماً بأن هنالك أكثر من (٢٠) كلية وجامعة يتخرج منها الصيادلة سنوياً، وذلك بمعدل ما لا يقل عن (١٥٠) صيدلاني، مما يعني أنه وخلال العام الواحد يكون هنالك (٣٠٠٠) خريج من الكليات والجامعات المختلفة، وهم جميعاً ينتظرهم قضاء فترة الامتياز حتى يتمكنوا من الجلوس لامتحان المجلس الطبي، وبالمقابل نجد أن الفرص المتوفرة لنا (٥٠٠) وظيفة، فإذا كان هنالك (٣٠٠٠) صيدلاني مقابل (٥٠٠) وظيفة من وزارة الصحة الاتحادية ، فإن هنالك (٢٥٠٠) صيدلاني سيظلون (عاطلين)، مضافاً إليهم خريجو العام الذي يليه، مما يزيد عدد الصيادلة إلى (٥٠٠٠) بلا وظائف، وهكذا يتراكم العدد عاماً تلو الآخر، وعليه أصبح هنالك تكدساً.
وأردفت : لنأخذ مثالاً بشخصي، فأنا تخرجت منذ العام ٢٠١٧م، وسأقضي فترة الامتياز في العام ٢٠١٩م، وإلى الآن لم أوزع، وإذا لم أمضي الفترة سالفة الذكر فلن يكون لي مستقبل، خاصة وأن النظام السابق ربط الخدمة الوطنية بفترة الامتياز، فالخريج لا يستطيع مزاولة المهنة إلا من خلال ذلك، فأنا مثلاً بلا وظيفة منذ عامين ونصف، وعندما تضيف إليها فترة الامتياز عام تصبح ثلاث سنوات ونصف، ثم أجلس للامتحان حتى أمنح (رخصة مزاولة المهنة)، وتلك التعقيدات نجم عنها إشكاليات كبيرة، فنحن (٣٠٠٠) صيدلاني لم نوزع حتى الآن، ولا سيما فإنه يتم توزيع (٥٠٠) خريج فقط، وعندما سألنا لماذا أصبحت فترة الامتياز عام بدلاً من (3) أشهر؟، قالوا : لا نريد أن نواكب (الاستاندر) العالمي، في حين أن (الاستاندر) العالمي في بعض الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة، بريطانيا، الهند، أيرلندا، ماليزيا، الإمارات والسعودية قائم على نظام العمل بالساعات، وليس نظام الامتياز لعام كامل، وإذا فكر الخريج في الهجرة فإن دولة المهجر تتعامل معه بنظام العمل بالساعات، مما يؤكد أن الفترات الضائعة ليست محسوبة من ضمن سنوات الخبرة، فأنا مثلاً منذ ثلاث سنوات ونصف بلا وظيفة، وبالتالي تلك الفترة ليست محسوبة من ضمن سنوات خبرتي داخلياً أو خارجياً مع التأكيد أن أمريكا تتبع نظام (١٥٠) ساعة للصيدلاني، ويتم من خلالها معادلة شهادة الخريج، وهي بما يعادل الثلاثة أشهر امتياز، وعندما ترغب في العمل خارج السودان يوجه لك سؤال أين كنت طوال الفترة الماضية؟، فما أن تقول : (كنت أعمل)، ألا يسألونك عن شهادة الخبرة، وما أن تقول : ليس لدي شهادة خبرة ألا ويردفون السؤال بآخر لماذا؟، فتقول : أمضيت عاماً في الامتياز، وهي فترة ليست محسوبة لنا في سنوات الخبرة، وعندما بحثت حول الامتياز وجدت أن هناك دولاً كثيرة لا تعمل بهذا النظام.
وتابعت : البيئة التدريبية ليست مناسبة حيث يتم توزيع خريجو الكليات والجامعات الصيدلانية على صيدليات المستشفيات، أي أنه لا يتم توزيعنا للإمدادات الطبية وصيدليات الدواء الدوار وصيدليات المجتمع، وصيدليات ولايات السودان المختلفة، أي أن فترة الامتياز مرتبطة كلياً بالخرطوم، والشئ الثاني هو أنه لا توجد مصانع ولا منظمات يمكن أن يوزع لها الصيدلاني للاستفادة من التدريب عملياً، ففترة الامتياز عام من الضياع فقط، وهو أمراً يغضب الكثير من الخريجين الصيادلة غضباً شديداً لأن الفترة المعنية (مجحفة) في حقهم، فأنا مثلاً درست خمس سنوات، ثم أنتظر سنتين أو ثلاث سنوات لكي أمضي فترة الامتياز (عام) ثم قضاء الخدمة الوطنية، لذا مجموع السنوات عشرة أعوام تقريباً، وبعدها يمكن لي مزاولة المهنة، فالصيدلاني إذا فكر في الهجرة خارج البلاد فإنه ستواجهه مشكلة العمر لحظة تقديمه للوظيفة، فمثلاً دولة الإمارات العربية المتحدة لديها وظائف إلكترونية للصيادلة، ومن شروطها عدم قبول الصيدلاني الذي مر على تخرجه من الكلية أو الجامعة ثلاث سنوات، وأن لا تكون فترة الامتياز أكثر من ثلاثة أشهر، فنحن الآن (٣٠٠٠) خريج، وسوف يضاف إلينا العدد نفسه من خريجو الكليات والجامعات للأعوام ٢٠١٨م ٢٠١٩م، لذا يجب زيادة الوظائف، وفصل الخدمة من فترة الامتياز أو الإعفاء منها نهائياً، والاستعاضة عنها بإحضار شهادة خبرة، ويمنح بموجبها الخريج الصيدلاني فرصة الجلوس للسجل الدائم، خاصة وأن البيئة غير مهيأة كدول تعتمد نظام التدريب بعد التخرج من الكليات والجامعات، فالبيئة الممتازة تخرج صيدلاني مؤهلاً للعمل في جميع المجالات الصيدلانية، بما في ذلك الصناعية، وقطعاً هذا الأمر لا يحدث في السودان، إذ يتم توزيع الخريجين لسد الحوجة فقط، وحتى عندما نوزع على المستشفيات نتفاجأ بأن الموظفين يتكلون علينا في العمل المندرج في إطار تسليم (الدربات) و(الشاش)، وليس هنالك أي صورة عميقة من صور التعليم عملياً، وليس هنالك صيدلانياً يشرف على تدريب الصيدلاني الخريج أثناء ممارسة المهنة، لذا اضطررنا للذهاب للدكتور سليمان، وكيل وزارة الصحة، وعرضنا عليه إشكالية تكدس الخريجين، فأكد أن الحل ليس بيده، إلا أنه سيعرضها على وزير الصحة الجديد في حكومة الفترة الانتقالية باعتبار أنه الوحيد الذي يستطيع اتخاذ القرار، ورحب بالفكرة والحلول المطروحة، مع التأكيد بأن العام ٢٠٢٠م سيكون عدد الصيادلة العاطلين عن العمل وصل إلى (٩٠٠٠) صيدلاني، ومع هذا وذاك فإننا لا نحظى بالوظيفة، وكلما توجهنا إلى الصيدليات للعمل، يقال لنا : انتم مازلتم في تمهيدي، وبالتالي لا يتعاملون معنا على أساس أننا نحمل السجل الدائم مع العلم أنه ليس هنالك فرق بينهما، وعليه لا يحسب لنا ساعات العمل، بل يحدد الأجر بمزاجه، وأنت بأي حال من الأحوال لا تستطيع الاعتراض لعدم امتلاك السجل الدائم، لذا نطالب بأن يكون لدينا (مجلس صيدلاني) منفصلاً عن (المجلس الطبي) من أجل حل الإشكاليات التي وقفنا في إطارها وقفة احتجاجية بتاريخ ٤/٨/٢٠١٩م، وكان أن قابلنا من خلالها وكيل وزارة الصحة الاتحادية، والآن نرتب لوقفة احتجاجية أخري نضع من خلالها شكل التدريب المتكامل للخريج الصيدلاني، والحلول للإشكاليات التي ننتظر بها وزير الصحة الجديد في ظل حكومة الفترة الانتقالية.



ليست هناك تعليقات:

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...