الخميس، 18 أبريل 2019

عزل البشير فتح الأبواب مشرعة أمام المحكمة الجنائية الدولية

على خلفية طلب الجنائية الدولية تسليم (البشير)
......................
جنوب إفريقيا والأردن تبرران عدم توقيف (المخلوع) البشير بحصانته رئيساً
......................

وقف عندها : سراج النعيم
..................... 
من المعروف أن المخلوع (عمر البشير) يعد أول رئيس دولة في العالم تطلبه المحكمة الجنائية الدولية التي وجهت له تهماً تتعلق بجرائم إنسانية وجرائم إبادة في إقليم دارفور الواقع غرب السودان، والذي شهد انتهاكات خلال فترة حكمه البائد للبلاد، إذ أنه عمد لكبت الناس وتكميم أفواه الإعلام حتى لا تعكس صورة مغايرة لما يود النظام رسمها في مخيلة الشعب السوداني الصابر على ابتلاء الديكتاتور، والذي ظل (يقهر)، (يذل) و(يقيد) الحريات من خلال سن القوانين المشرعة لصالحه، وذلك من أجل البقاء في كرسي السلطة، ولكن لكل طاغية نهاية حتمية إن طال الأمد أو قصر، وبالتالي نهاية نظام حكم (البشير) بعد ثلاثين عاماً فتحت الأبواب مشرعة أمام المحكمة الدولية للمطالبة بتسليمه إليها، والمثول أمامها متهماً في جرائم حرب وإبادة جماعية في حق إنسان إقليم دارفور المضطرب منذ العام 2003م ، ووفقاً لما جري هناك أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي توقيف في حق الرئيس (المخلوع)، وطالبت الدول الموقعة على اتفاقية (روما) المنشأ بموجبها المحكمة في (لاهاي) توقيفه بعد أن زارها متحدياً قرارات المحكمة الجنائية الدولية، واعتبرت ذلك تجاوزاً لقرارها بعدم تنفيذ مذكرتي التوقيف الذي يستوجب على تلك الدول المساعدة في عملية اعتقال (البشير)، ومن ثم تسليمه للسلطة العدلية المكلفة بالقبض عليه ومحاكمته، وذلك منذ العام 2005م، خاصة وأن الاتهامات الموجهة للرئيس السوداني (المخلوع) محالة للمحكمة الدولية من مجلس الأمن الدولي، والذي أمرها بالتحقيق في جرائم ارتكبت في حق إنسان إقليم دارفور الواقع غرب السودان، والذي ظل يعاني من الحرب الدائرة فيه منذ العام 2003م، مما نتج عن ذلك النزاع المسلح (قتل) و(تشريد) الكثير جداً من أهالي الإقليم، عموماً خلص التحقيق الذي أجرته المحكمة الجنائية الدولية إلى أن الرئيس (المخلوع) البشير، وبعض قيادات نظامه شنوا حملات عسكرية للقضاء على التمرد الذي قادته الحركات المسلحة الدارفورية ضد نظام (البشير).
فيما ظلت المحكمة الجنائية الدولية تلاحق الرئيس السوداني (المخلوع) عمر البشير منذ ذلك التاريخ وتطالب الدول التي يزورها بتوقيفه وتسليمه إليها حيث أنها أصدرت في مواجهته مذكرتي توقيف تتهمه من خلالهما بارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وإبادة جماعية، وهي تعتبر جرائم خطيرة جداً في القانون الدولي، بينما نجد أن الرئيس المخلوع عمر البشير هو أول رئيس دولة في العالم تأمر محكمة دولية بتوقيفه أثناء تمتعه بالحصانة رئيساً لجمهورية السودان، وذلك بعد أن اتهمته بالإبادة الجماعية، القتل، الاغتصاب، التعذيب، النهب والترحيل القسري، وخلصت المحكمة إلى أن هناك أسباباً معقولة للاعتقاد بأنه تصرف بنية محددة إلا أنه ظل ينفى التهم الموجهة له ما بين الفينة والآخري.
وبما أن (البشير) كان رئيساً للسودان فإن أمر توقيفه مرهوناً على تعاون دول موقعة على اتفاقية إنشاء المحكمة الجنائية الدولية في العام 2002م، وقام هو بزيارتها، وترمي الجنائية الدولية من وراء مطالبتها للدول المعنية توقيفه للتحقيق والمحاكمة وفقاً للتهم الموجهة له، والمندرجة في إطار جرائم تصب رأساً في حق الإنسانية في جميع انحاء العالم، وبالرغم من هذه السلطات العدلية الدولية إلا أن المحكمة المعنية ليس لديها قوات نظامية خاصة لكي تأمرها بتوقيف المتهم (البشير)، والذي تطارده بمذكرات التوقيف من أجل محاكمته ، وبما أنها لا تمتلك هذه السلطة التنفيذية تجد نفسها مضطرة للاعتماد على حسن نوايا الدول الموقعة على اتفاقية إنشاء المحكمة الجنائية الدولية لكي تنوب عنها في تنفيذ أوامر التوقيف الصادرة دولياً، إلا أنها اصطدمت في السنوات الماضية بعدم استجابة دولاً زارها الرئيس المخلوع المتهم (عمر البشير)، وهي موقعة على معاهدة (روما) المنشأ بموجبها، مما جعل (عمر البشير) يواصل زيارته ويشارك في المحافل الدولية غير أبهاً بالمذكرات القاضية بالقبض عليه وتسليمه للمحكمة الجنائية الدولية، وعندما لم تنفذ تلك الدول أوامرها اتجهت للتحقيق حول زيارة (البشير) إلى دولة جنوب إفريقيا والمملكة الأردنية الهاشمية، باعتبار أنهما موقعان على إتفاقية إنشاء المحكمة الجنائية الدولية الأمر الذي حدا بها أن تصدر في العام 2017م قرارين اعتبرت من خلالهما أن جنوب إفريقيا والمملكة الأردنية الهاشمية لم يلتزما بقرارها القاضي بتوقيف الرئيس السوداني المخلوع (عمر البشير) أثناء تواجده على أراضيهما، مما اضطر المملكة الأردنية الهاشمية أن تستأنف حكم محكمة العدل الدولية.
ما الأسباب التي جعلت جنوب أفريقيا والمملكة الأردنية الهاشمية لا يوقفان (البشير) ومن ثم يسلمانه للمحكمة الجنائية الدولية؟ الإجابة ببساطة تكمن في أن جنوب إفريقيا والأردن بررتا عدم توقيف الرئيس السوداني (المخلوع)، وتسليمه للمحكمة الجنائية الدولية بأنه يتمتع بحصانة كون أنه مازال رئيساً في سدة حكم بلاده.
وفي السياق قال كريستوف بولوسين، الخبير في القانون الجنائي الدولي في معهد آسر في (لاهاي) : يفترض أن يساهم خلع (البشير) في تعزيز فرص تسليمه إلى الجنائية الدولية لمحاكمته أمامها في لاهاي، هي حتماً أكبر من السابق.
وفي الواقع فإن مصير البشير يتوقف الآن على القادة الجدد للبلاد، بحسب ما تقول فريدريك دي فلامينغ، الباحثة المسئولة عن ملفات البشير في القانون الجنائي الدولي في جامعة أمستردام، وتوضح الباحثة القانونية بأن القادة الجدد للبلاد قد يقررون حتى محاكمته في السودان، وفي هذه الحالة لن يكون للمحكمة الجنائية الدولية أي دور على الإطلاق.
طالبت المحكمة الجنائية الدولية السلطات السودانية تسليم الرئيس المعزول عمر البشير، تنفيذاً لقرار صادر عن مجلس الأمن الدولي.
ونقلت قناة الحرة الأمريكية (رسمية) عن فادي العبدلله، المتحدث باسم المحكمة (مقرها لاهاي الهولندية) قوله: المحكمة لا تعلق حول الأوضاع الداخلية في أي بلد، أما البشير فقد أصدرت المحكمة أمرين بالقبض عليه، ولا يزالان ساريي المفعول.
وأضاف : المحكمة تطلب من السلطات السودانية التعاون في شأن هذه الأوامر، والأوامر الأخرى الصادرة عنها إنفاذاً لقرار مجلس الأمن الذي ألزم السودان بالتعاون مع المحكمة.
ومن جهتها كانت المحكمة الجنائية الدولية قد أصدرت أمرين باعتقال البشير في العامين 2009 و2010 لاتهامه بـ(تدبير) إبادة جماعية وأعمال وحشية أخرى في إطار حملته لسحق تمرد في إقليم دارفور.

الأحد، 14 أبريل 2019

السوداني غريق القار يروي تفاصيل الحادثة

رابط مختصر 
وصف السوداني، حمد الجيلي محمد أحمد، الساعات التي قضاها غارقاً في مادة القار - والتي ظل عالقاً فيها أكثر من 3 ساعات، دون أن يراه أحد من المارة - بالعصيبة.
ويعمل حمد في مزرعة بالجوف، بالقرب من أعمال حفر، التي بها أعمال القار.
وفي حديث لـ"العربية.نت" قال: "وقعت في حفرة القار الساعة الثامنة صباحاً، وعلقت معي 5 أغنام. وبعد مضي 3 ساعات سمع صوت قريب مني، فقمت بالنداء والاستنجاد، حتى وصل إلى موقعي وقام بالاتصال بالدفاع المدني، والذي بدوره استطاع إخراجي بعد عمليات إنقاذ استمرت 5 ساعات في ظروف عصيبة واختناق حتى أصبت بحالة إغماء".
وتداول مغردون بشكل واسع على منصات التواصل مقطع فيديو يوثق حالة حمد، ويظهر معاناته وهو غارق وسط القار حتى صدره.
وأوضح موثق الفيديو أن إحدى الشركات التي كانت تعمل في الموقع غادرته وتركت خلفها مستنقعاً ممتلئاً بالقار، ليسقط فيه راعي الغنم أثناء عمله في المنطقة.
من جهته، أوضح المتحدث الإعلامي لمديرية الدفاع المدني بمنطقة الجوف، النقيب عبدالرحمن بن عبدالعزيز الضويحي، أن "فرق الدفاع المدني بمحافظة دومة الجندل باشرت بلاغ سقوط مقيم من الجنسية السودانية بحفرة مليئة بمادة البيتومين السائل (القار)، حيث باشرت فرق الدفاع المدني المتخصصة والمزودة بالتجهيزات الفنية والقوى البشرية اللازمة وذلك لمواجهة مثل هذه الحوادث، إلى الموقع، وتم انتشاله، حيث استمرت عملية الإنقاذ قرابة الخمس ساعات وهو بحالة جيدة وتم نقله لمستشفى دومة الجندل العام بواسطة الهلال الأحمر للاطمئنان على صحته".
وأشاد الضويحي بجهود الجهات الحكومية المشاركة التي استعانت بها فرق الدفاع المدني متمثلة بالمحافظة والبلدية والهلال الأحمر وفرع وزارة البيئة والمياه والزراعة والجهات الأمنية (الشرطة والمرور والدوريات الأمنية)، بالإضافة إلى هيئة الري والصرف وشركة الكهرباء.
كذلك أكد أن مديرية الدفاع المدني بمنطقة الجوف لن تتوانى في اتخاذ كافة الإجراءات النظامية في حق كل من ارتكب إهمالاً نتج عنه نشوء خطر على حياة المواطنين والمقيمين، داعياً المواطنين والمقيمين لتوخي الحيطة والحذر وعدم الاقتراب من مثل هذه المواقع حفاظاً على سلامتهم، متمنياً السلامة للجميع.

ردود الفعل الاقليمية والدولية لانتصار ارادة الشعب


تابعت  ونقلت وسائل الاعلام الاقليمية والدولية تطورات المشهد السياسى بالبلاد خلال اسبوع كامل انطلق فى السادس من ابريل الجارى ، حينما اعتصم الشباب السودانى بمقر قيادة القوات المسلحة بالخرطوم  ، رافعين شعارا من كلمتين (تسق
ط بس) يلخص مطالب وهموم القضايا الوطنية التى تصدى لها الشباب السودانى فى احتشاد لامثيل له من قبل ، وبلغ الاحتشاد ذروته ووصل تعداده الملايين صباح الخميس الحادى عشر من ابريل وهو اليوم التاريخى الذى سجل انتصار ارادة الشعب السودانى الذى تقدمه الشباب وهم يقدمون درسا جديدا فى الوطنية للعالم كله . واستجاب الجيش الوطنى القوات المسلحة وحقق الشعار المرفوع والذى كتب على جدران المنازل فى كل عواصم البلاد واختلع نظام الانقاذ .
كانت ردود الفعل الاقليمية والدولية حتى اليوم الثانى لانتصار ارادة الشعب على هذا النحو:
الشقيقة جمهورية مصر العربية أكدت في بيان عن ثقتها الكاملة في قدرة الشعب السوداني الشقيق وجيشه الوطني الوفي علي تجاوز تلك المرحلة الحاسمة وتحدياتها كما دعت المجتمع الدولي إلى دعم خيارات الشعب السوداني، وما سيتم التوافق عليه في هذه المرحلة التاريخية الحاسمة.
مملكة البحرين الشقيقة قالت في بيان إنها تتابع بـ”اهتمام شديد” التطورات الراهنة التي يشهدها السودان، مشيرة إلى تطلعها لتجاوزه هذه “المرحلة الحاسمة”. مشددة على موقفها  الداعم للسودان ولكل ما فيه الحفاظ على سيادته وأمنه واستقراره، وكل ما يضمن مصلحة الشعب السوداني.
جمهورية موريتانيا الشقيقة اوضحت على لسان وزير الثقافة والمتحدث باسم الحكومة، سيدي محمد ولد محم، في مؤتمر صحفي، إنها تتفهم تطلعات الشعب السوداني القادر على تجاوز أمته بالحوار، وتعتبر التطورات التي حدثت هناك “شأنا داخليا”.
اما دولة قطر الشقيقة فقد  في بيان الأطراف الفاعلة في السودان، إعلاء المصلحة الوطنية العليا، وتحقيق تطلعات الشعب السوداني ومطالبه العادلة في الحرية والعدالة، داعية إلى”حقن دماء أبنائه واتباع الوسائل السلمية والحوار البناء سبيلا لإدارة العملية السياسية مطالبة  جميع القوى الإقليمية والدولية بـ “دعم وحدة وتماسك السودان.
الجمهورية التونسية اعربت في بيان لوزارة خارجيتها عن أملها في تحقيق “انتقال سلمي للحكم” يلبي تطلعات الشعب السوداني المشروعة إلى الحرية والديمقراطية والتنمية.وشددت على ضرورة احترام إرادة الشعب السوداني وخياراته وطموحه إلى مستقبل أفضل.
واكدت المملكة الاردنية الهاشمية عبر بيان لوزارة خارجيتها على أهمية الحفاظ على أمن السودان واستقراره وتلبية طموحات شعبه الشقيق وهو يعمل على تجاوز تحديات المرحلة.
دوليا دعت بريطانيا والولايات المتحدة والنرويج في بيان مشترك السلطات السودانية إلى ضرورة الاستجابة لمطالب المحتجين وطرح خطة ذات مصداقية لانتقال سياسي.
وقالت الدول الثلاث : "إن الإخفاق في ذلك ينذر بحدوث المزيد من الاضطرابات، كما أن القيادة السودانية عليها مسؤولية كبيرة لتجنب حدوث مثل هذه النتائج".
وأضافت الدول، المعروفة باسم الترويكا، أنها يمكن أن تعمل للمساعدة في حل الأزمة الاقتصادية في البلاد.
كما دعت الدول الثلاث السلطات السودانية إلى الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين "والكف عن استخدام العنف ضد المحتجين السلميين وإلغاء القيود على الحريات ورفع حالة الطوارئ والسماح بحوار سياسي مقبول".
وقال محرر الشؤون الأفريقية في صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية ديفد بيلينغ إن نهاية حكم البشير حدث جلل على المستويين العربي والأفريقي، لأنها أحدث مرة يُخرِج فيها جيش في المنطقة حاكما مستبدا من السلطة بعد مظاهرات شعبية قادها شباب محبط، وتأتي بعد أسبوع فقط من إجبار الحراك الشعبي في الجزائر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على التنحي.
أما مجلة "الإكونوميست" البريطانية فرأت أن إجبار البشير على الخروج من السلطة أثبت أن الاحتجاجات الجماهيرية تنتصر على المستبدين، وقالت إن سقوطه هو الأحدث في موجة التغيير التي اجتاحت العديد من الحكام الأطول خدمة في أفريقيا، من الجزائر إلى زيمبابوي.

السبت، 13 أبريل 2019

تعرف على البرهان.. رئيس المجلس العسكري السوداني الجديد




............................

أعلن رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان، عوض بن عوف، عن تنحيه وتعيين الفريق الركن عبد الفتاح البرهان رئيساً للمجلس العسكري الجديد، وقد أدى الأخير القسم.
وسبق أن تردد اسم البرهان ضمن الترشيحات لقيادة المرحلة الانتقالية وقراءة بيان عزل البشير.
وكان البرهان القائد السابق للقوات البرية، قد أشرف على القوات السودانية في اليمن بالتنسيق مع محمد حمدان حميدتي قائد قوات الدعم السريع، وآخر منصب له هو المفتش العام للقوات المسلحة السودانية.

وظهر اسم البرهان في الإعلام مؤخراً بوضوح خلال أقل من شهرين، فقد ورد اسمه ضمن القرارات الرئاسية التي أصدرها الرئيس السوداني السابق عمر البشير في شهر فبراير، وشملت تعيينات وتعديلات في رئاسة الأركان والجيش السوداني، حيث قام البشير بترقية البرهان من رتبة الفريق الركن إلى رتبة الفريق أول، وعينه مفتشاً عاماً للقوات المسلحة.

والبرهان درس بشندي الثانوية ومن ثم الكلية الحربية، ولا يعرف عنه انتماء سياسي.
وقد خدم لسنوات طويلة في جنوب السودان سابقًا وغرب البلاد.

زواج القصر وأد الأحلام وهدم المستقبل

...........................
شاب يقوده الزواج من (قاصر) إلى المحكمة بسبب الطلاق
..........................
زيجات لتخفيف ﻋﺐﺀ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ والهروب من شبح (العنوسة)
.........................
وقف عندها : سراج النعيم
........................
يشكل زواج ﺍﻟﻘﺎﺻﺮﺍﺕ هاجساً يؤرق مضاجع الناس والمجتمع وﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﻟمهتمة بحماية الأطفال خاصة وأن هنالك أسراً لا تدرك ﺧﻄﻮﺭﺓ الإقدام على هذه الخطوة التي تعد تجارب أكثر قسوة وإيلاماً، وأغلب تلك الزيجات تنتهي بالانفصال، وهنالك أخريات اصبحن يحملن لقب سيدات لا أرامل لا مطلقات، مما يدفعهن إلي الإحساس ﺑﺎﻟﻤﺮﺍﺭة، ﻭذكريات مؤلمة لا تمحوها السنين ﻣﻦ ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﺓ.
إن الأسباب المؤدية إلي قبول زواج القصر، هو تخفيف ﻋﺐﺀ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ عن كاهلهم، بالإضافة إلي المهور، مما جعل الظاهرة تطل برأسها في المشهد إذ نلحظ أن هنالك زوجات قاصرات تزوجن من رجال يكبروهن في العمر بمراحل كثيرة، وبالرغم من أن الظاهرة مقلقة إلا أن البعض يسعي إلي تصويرها على أساس أنها محصورة في حيز ضـيق، وما تم في هذا الإطار يندرج في حـالات (شـاذة)، الأمر الذي قاد إلي المطالبة بتوعية الأسر على عدم تزويج القاصرات، فلا يجوز أن يتزوج رجلاً كبيراً في السن من طفلة صغيرة لم تبلغ الحلم بعد، وبذلك السلوك يتم اغتيـال براءتها ووئد طفولتها في مهدها.
وبما أن القضية في غاية الأهمية رأيت أن أفتح هذا الملف الساخن ـ المسكوت عنه، إذ أسعي من خلاله لإيجاد حلول ناجزة لمعرفة إن كان زواج القاصرات قد وصل إلي مرحلة ظـاهرة أم لا وشـرح أسـبابها، والإضرار الناجمة عنها، وما تتركه من آثار نفسية واجتماعية على الأطفال الذين يتم تزوجيهم في سن مبكرة، والذي تؤكد في إطاره المعلومات إلى تنامي الظاهرة، مما فجر جدلاً واسعاً بعد أن نتج عنه تفككاً أسرياً، وتحمل مسؤولية عش الزوجية، لذا ندعو من خلال ذلك أن تكون المعايير متكافئة لمعالجة هذه السلبيات، خاصة وأن الديانة الإسلامية لم تترك شاردة ولا واردة إلا وتناولتها، كما دلت الآية الكريمة (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً) فيما نجد أن القانون يضع للزواج شروطاً لحماية وعناية الوصي الذي لم يبلغ سن الرشد، والذي ينتشـر نسبة إلي جهـل بعض الأوليـاء غيـر المـدركين لأن الطفلة القاصــرة ليس في مقدورها تحمــل تكوين أســرة، بالإضافة إلي عدم إدراك أن تزوجيها لمـن يفوقهـا سـناً وما يتركه ذلك من آثـار نفسـية واجتماعية.
مـن العوامل الأساسية الناتج عنها زواج القاصرات بحث البعض من الآبـاء تخفيـف الانفاق عليه مالياً في ظل الظروف الاقتصادية بالغة التعقيد، فهل هن ضحايا جهل بما يحدث في المستقبل أم أنها مجرد صـفقة تجاريـة لا تتم فيها مراعاة الآثار النفسية والاجتماعية، إلي جانب أن هنالك من يتخوفون مـن ارتفـاع نسـبة (العنوسـة) الأمر الذي يدفعهم إلي تزويج القاصرات، فالتركيبة الاجتماعية للبعض تساند هذا النوع مـن الـزواج، وتـري أنه أمـراً مقبـولاً فـي أعرافها، ناسين أو متناسين أن مثل هذا الزواج يحرم أولئك الأطفال من حنان وعاطفة الوالـدين، وهما حق من حقوقهم، وعليه يجب عدم حرمانهم من الاستمتاع وبهما وبمراحل الطفولة عموماً حتي لا ينجم عن ذلك اصابتهم بأمـراض نفسية مثل الهستيريا والفصام، الإكتئاب، والقلق، ومع هذا وذاك ضياع مستقبلهم في إطار التحصيل الأكاديمي، وربما ذلك يدخلهم في حالة نفسية من واقع عدم القدرة على اكتساب ولو البسيط من التعليم ومن الثقافة التي تتيح لهم فرصة تربية الطفل، بالإضافة إلي الإحساس الذي تحسون على إثره أنهم أصبحوا عبئاً ثقيلاً على أسرهم، وعليه توضح الدراسات أن زواج القاصرات يعتبر جريمة ترتكب في حق الطفولة، مما يجعلها تتكيف على وضعية لا تتوافق مع تكوينها الجسمي والعقلي والنفسي والاجتماعي، وبالتالي يصبح ليس في مقدور الزوجة (القاصر) تحمل المسئولية، والقيام بالدور المنوط بها في (عش الزوجية).
وطالب عدد من المهتمين بالشأن الأسري توعية أولياء أمور من هن مقبلات على الزواج بأن تزويج القاصرات له ما بعده من عواقب وخيمة، فمثلاً هنالك من ﺗﺰﻭﺟن ﻓﻲ سن ﺻﻐﻴﺮة، ﻭﺃﻧﺠﺒت مولودها البكر ﺗﺤﺖ إشراف ورعاية طبية لصيقة، ومن ثم تولت والدتها مهمة رعايتها ورعاية طفلها ﻣﻌﺎً، فلم تكن تدري أنها دخلت في نفق مظلم قادها إلي أن تصبح ﺑﻴﻦ ﻟﻴﻠﺔ ﻭﺿﺤﺎﻫﺎ (سيدة)، وهي لم تتجاوز مربع الطفولة.
من المهم جداً وضع حد لتنامي أفكار سالبة من هذا القبيل رغم اختلاف وجهات النظر، وعدم الاتفاق على هذا الأمر، خاصة وأنه أصبح في تزايد، وبات يشغل بال المهتمين بالشأن الأسري والذي يرون في ظله أن الحل يكمن في تطبيق ضوابط الشريعة الإسلامية في النكاح لضمان الحقوق في اختيار (شريك الحياة)، وتدارك عدم تجاوز ذلك لما يؤثر في النواحي النفسية، الاجتماعية والإنسانية، فالمسألة في حد ذاتها قائمة على الإلمام بالأسباب و المساهمة في مكافحة زواج القاصرات، ومن ثم نشر الوعي وسط الناس خاصة الذين يجهلون خطورة هذه الزيجات في المستقبل، والذي يتطلب فيهم الالتزام بتطبيق الجوانب التشريعية لمؤسسة الزواج.
فيما استوقفتني الكثير من قصص زواج القصر دون سن البلوغ، ولعل أكثرها تأثيراً قصة قاصر قالت : (لا مانع لدي من الاقتران شرعاً في هذه السن)، ومن حديثها هذا يتضح بجلاء حجم التحدي الكبير الذي تواجهه الأسر، وذلك في ظل ظروف اقتصادية قاهرة جعلت الكثير من الشباب السوداني يعزف عن الزواج، ويفسح المجال أمام من هم قصر ليخوضوا التجربة بكل مراراتها، وذلك في ظل التغيرات الكثيرة التي طرأت في مفاهيم (حواء)، والتي أصبح عندها رأي آخر حول ارتباطها بالنصف الآخر، إذ لم تعد تفكر في انتظار الشاب العائد من دول المهجر، وذلك علي خلفية الانفتاح الذي تشهده المجتمعات خاصة في إطار ما أفرزته وسائط التقنية الحديثة من ثقافات مغايرة للثقافة السودانية، وأغلب الزيجات المندرجة في هذا الجانب قائمة علي مصالح مشتركة، فزواج القاصرات في السودان معاناة وجدل لا ينتهي حيث ما زالت المسألة تلقي بظلالها النفسية والاجتماعية والصحية.
ويستمر الجدل حول زواج القصر دون سن البلوغ ، والذي نسرد وفقه بعض قصص قصر تزوجوا بقرارات من آباءهم، وهذا يؤكد إن معظمها يتم في سن الرابعة عشر، إذ أن هنالك من تزوج وأنجب، وهو لم يتجاوز تلك السن.
وقال زوج : زواجي من احدى القاصرات أدخلني في تجربة قاسية جداً لم أخضها قبلاً، وذلك من حيث أن قصتي ظلت محوراً جديداً في جوهرها ومضمونها لأنني لم أكن أتخيل أن ترفض أسرتها بعد عقد القران عدم ذهابها معي دون مسوغات قانونية تمنحهم هذا الحق.
وبالعودة إلى قصة زواجه من تلك القاصر نجد أنها تمت بصورة سريعة جداً، إذ قال : بدأت العلاقة بيني وبينها على خلفية ترشيحها لي من والدها، وبما أنها كانت مريضة تعاطفت معها إلي أن تماثلت للشفاء، ثم سافرت لإحدى الدول العربية وعدت منها في إجازة، فوجدت أن أسرتها أنتقلت للإقامة في مدينة سودانية أخري الأمر الذي حدا بي أن أشد الرحال نحوها مؤملاً الالتقاء بها، وما أن وطأت قدماي أرض المدينة إياها إلا وتحقق لي ما كنت أصبو إليه، فما كان منها إلا وطلبت مني أن اصطحبها معي، إلا أن والدها رفض الفكرة مشترطاً أن أجهز لها منزلاً فخماً فكان ردي عليه انني لست جاهزاً إلا أنه مارس علىّ ضغوطات، ثم غادر هو وأسرته تلك المدينة، الشيء الذي جعلني لا أعرف عن زوجتي شيئاً، حتى مكالماتي الهاتفية لا ترد عليها.
إن زواج القاصرات في ازدياد يوماً تلو الآخر، ويلقي بظلاله السالبة علي المجتمعات من حيث الأمراض الوبائية والوراثية، إضافة للتعقيدات القانونية والاجتماعية والاقتصادية، مما يصعب حل المشكلات ما يدفعهن إلي رفع دعاوى لدي محاكم الأحوال الشرعية للطلاق أو إثبات النسب، أو حضانة الأبناء، أو نفقة الزوجية أو نفقة الصغير.
عموماً فإن الزواج بصورة عامة يمثل حرية شخصية، بغض النظر عن سلبياته أو إيجابياته، ولكن ربما لا ينظر له بحسابات دقيقة ورؤية مستقبلية بعيدة المدي، مما يجعل الأمر مغامرة، ضياع، خسارة، وندم، رغم أنه سنة الله في الأرض لا حجر فيه على أحد، والمعيار الدين الإسلامي، والخُلق، كما قال رسول صل الله عليه وسلم : (من جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوِّجوه)، وهذا لا يعني إغفال بعض المؤشرات الواضحة التي يمكن أن تؤدي إلي زيجة فاشلة منذ البداية.
وفي السياق قالت سيدة : كنت متخوفة من طرح قصتي للرأي العام، وذلك للقيود المكبلة للمجتمع، إلا إنني وجدت نفسي مضطرة إلي الوصول بخصوصياتي إلي محكمة الأحوال الشرعية التي ذهبت إليها مرغمة بعد أن اشتعلت الخلافات بيني وزوجي الأجنبي الذي رفعت ضده قضية بمحكمة الأحوال الشرعية أطلب من خلالها حضانة الأبناء.
فيما روي شاب قصته مع الزواج قاصراً من فتاة مؤكداً أن مفهوم الزواج في وقت باكر يحدث فيه خلط كبير في المجتمعات العربية والإسلامية بصورة عامة حيث أنه يسمي بزواج القصر أو القاصرات أو اسم الزواج الباكر وهو في الإسلام مستحب إذا طبق بصورته الشرعية بعيداً عن العادات والتقاليد الضارة ، ﺇﺫﺍ ﻳﻄﻠﻖ عليه ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ ﺍﻟﻤﺒﻜﺮ ﻭهو ﻣﺒﺎﺭﻙ ﻭﻟﻴﺲ ﻭﺍﺟﺒﺎً ﻛﻤﺎ يظن الكثير من أبناء الوطن العربي والإسلامي والشرع لا يحدد سناً بعينها للارتباط بين الشاب والشابة إنما تحكمه العادات والتقاليد والأعراف في هذا المجتمع أو ذاك وفقا للثقافة التي يركن لها الإنسان في تلك البقاع.
و قال : بدأت قصتي مع الزواج وأنا في الصف الثاني ثانوي أي أن عمري وقتئذ لم يتجاوز الـ(16) عاماً، بينما كانت زوجتي عمرها (18) عاماً، فنحن لدينا عادات أن نتزوج في سن تعتبر قاصرة، وعلي خلفية ذلك تزوجت إلا أنه بعد مرور شهور من تاريخ مراسم الزفاف حدثت خلافات بيني وزوجتي، ثم تطورت إلي أن وصلت إلي محكمة الأحوال الشخصية والتي تقدمت في ظلها زوجتي السابقة بعريضة دعوي قضائية تطلب من خلالها الطلاق، فما كان مني إلا ولجأت لوالدي لإيجاد حل للإشكالية التي أطلت برأسها فما كان منه وعمي إلا وتصدياً لها، وبدأت مفاوضات بين الطرفين استمرت قرابة العام توصلا بموجبها إلي الانفصال الذي تم بيني وزوجتي السابقة.
وأضاف : وكنت مهموماً جداً بالقضية التي رفعت ضدي بالمحكمة حيث أنني ذهبت إليها بموجب استدعاء وصلني وكنت مع هذا وذاك حزيناً ولا قدرة لي علي التركيز في الدراسة بالصف الثاني بالمرحلة الثانوية فمثلاً الأستاذ يدرس في المادة وأكون أنا سارحاً بعيداً عما يشرحه المعلم، فالقضية أكبر من سني بكثير، ولم أكن أتصور أن الزواج يمكن أن يقودني في يوم من الأيام إلي قاعة المحكمة التي كان حينما يصلني منها إعلاناً أذهب إلي مدير المدرسة واضعه بين يديه حتي لا يدرج اسمي ضمن الطلاب الذين سجلوا غياباً عن المدرسة في هذا اليوم أو ذلك، فقررت أن أتجاوز كل هذه الإشكاليات وأركز علي دراستي لكي أنجح في الامتحانات.

سراج النعيم يكتب : (وقلنا نشق صف الكراهية)

.....................
من الأسباب الأساسية المؤدية للكراهية (الغيبة)، (النمِيمة)، (الكذب)، (الغش)، (القسوة)، (الغلظة)، (الفظاظة)، (الغيرة)، (الحسد)، (الحقد)، (التكبر)، (الظلم)، (الخيانة)، وغيرها من الصفات الذميمة التي يكتسبها الإنسان من خلال ممارسة حياته، وهي صفات تنمو في دواخل كل إنسان يبتعد عن الإيمان بالله، وينجرف وراء ذلك التيار الذي لا يلتفت في إطاره لما يحدثه ضرر للآخرين في حال أنه مضي وفقاً للسلوك السالب، والذي يجب أن يعود في ظله إلي قول الله : (ولو كنت فظاً غلِيظ القلب لانفضوا من حولك)، وأيضاً قال سيد البشرية صل الله عليه وسلم : (ثلاث من لم يكن فيه واحدة منهن، فإن الله يغفر له ما سوى ذلك لمن يشاء من مات لا يشرك بالله شيئاً، ولم يكن ساحراً يتبع السحرة، ولم يحقد على أخيه)، وقال أيضاً : (لا يبلغني أحد من أصحابي عن أحد شيئاً، فإني أحب أن أخرج إليكم، وأنا سليم الصدر)، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال : (قيل يا رسول الله أي الناس أفضل؟ قال : كل مخموم القلب صدوق اللسان، قيل صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب؟ قال : هو التقي النقي لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد)، وعليه فإن العلاج الناجع للإنسان (الحسود) و(الحقود) هو الإيمان بالله، والابتعاد بقدر الإمكان عن سلوكات قد تدعه يفكر في الانتقام، مع التأكيد أن قدرة المولي عز وجل أعظم من قدرة المخلوق المحدودة، وبالتالي عليه الاقلاع عن أفكار تقوده لـ(لحسد) و(الحقد)، وأن يطرح نفسه في ثوب جديد من شأنه أن يعكس صورة إيجابية عنه، وأيضاً قال بعض الحكماء : (النميمة تهدي إلي القلوب البغضاء، ومن واجهك فقد شتمك، ومن نقل إليك فقد نقل عنك، والساعي بالنمِيمة كاذب لمن يسعى إليه، وخائن لمن يسعى به)، وقال ابن القيم : (إن الغيرة تتضمن البغض والكراهية)، وهي تعني عدم (الإنصاف) و(العدل)، والذي قطعاً يولد (الكراهية) من خلال التعدي على حقوق الأخرين، والاستئثار بما يثمر للمصلحة الذاتية، وعدم توزيعها لمن يستحقّها.
ومما أشرت له فإن السلوكيات التي تطرقت لها منبوذة في الإسلام لأنها تقود إلي أن يكون الإنسان قلبه أسوداً لدرجة أنه لا يفرد له مساحات لـ(لصفاء) و(التسامح) الذي لا يلجأ إليه كلما أخطأ في حقه أحداً لأنه سلفاً يضمر الشر في دواخله، ويظل يتربص بمن يستهدفه ليشفي غليله، وبذلك كأنه لا يعلم قوله سبحانه وتعالى : (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا، ويشهِد الله على ما في قلبِه، وهو ألد الخصام، وإِذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد)، عموماً الإنسان الذي يتصف بتلك الصفات، فإنه يشيع (الكراهية) في أوساط الناس، فضلاً عن أن هذا المفهوم يجعله إنساناً خطراً على المجتمع، وهو دائماً ما يتحدث عن المصائب بلهجة مليئة بـ(الحسد) و(الحقد)، ولا يتورع من إفشاء أسرار الآخرين، و هنالك أيضاً من يحسدك على (نعمة) أنعم بها الله عليك ، فيتمني هو زوالها حتى (يسخر) و(يتندر) لما أصابك من ابتلاء، ولا سيما فإن ضيقاً يصيب ذلك الشخص كلما رأى نعمة على أحد، ويتمنى أن يستئثر بها، وما أدل على ذلك إلا قوله صل الله عليه وسلم : (اقتلوا الحيات وذا الطفتين والأبتر، فإنهما يسقطان الحبلى ويسلبان البصر)، ورغماً عن ذلك تجدهم يدعون أنهم أصدقاؤك إلا أنهم إذا أخطأت لا يزجون لك النصح خوفاً من انجلاء مصالحهم ، وأمثالهم يبتعدون عنك لمجرد أنهم فقدوا تلك المصلحة التي تربطهم بك، وقد أصبحت الظاهرة متفشية بصورة مقلقة جداً، وهذا يعد اعتراض على نعمة الله، فكلما اغتاظ منها اشتعل قلبه بـ(السخط)، (الحسد)، (الحقد) (الكراهية)، وبالتالي يمني نفسه بـ(التشفي)، ولا يرضي بما قدره له المولي عز وجل، ويغيب عنه أنه لا مجال لـ(لحظ) أو (الصدفة)، إنما كل شيء عنده بمقدار مفهومه الضيق جداً، وهكذا يضيع الحاسد ـ الحاقد نفسه دون الاقتداء بما حذر منه النبي صل الله عليه وسلم بقوله : (إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات، كما تأكل النار الحطب)، وهنالك حكمة قالها القدماء الذين يناشدون بها من يتحرك قلبه بـ(الغل) صوب (النعمة)، ناسياً أو متناسياً أن الواهب لها هو العلي القدير لا راد لعطائه، وإلا ما نجح أحد ولا اغتنى أحد، لأن كل ذي نعمة محسود، ومن منا يحب أن يكون غيره أفضل منه.
وبالمقابل هنالك من يعلقون مشاكلهم على (عين الحسود)، وأمثال هؤلاء إيمانهم ضعيف، ويبحثون عن شقاء أنفسهم بأيديهم، وهذا يعود إلي أنهم الطريق الخطأ رفيقاً لهم في الحياة، إذاً لا الإنسان الحاسد يستمتع بحسده، ولا الموهوم بالحسد يرتاح بتوهمه، وكلها أسباب لا تؤثر بذاتها، والله يصرفها عمن يشاء ويصيب بها من يشاء بحكمة، ولذلك علمنا رسول الله صل الله عليه وسلم إذا رأينا نعمة عند أحد أن يكون حسدنا طيباً، حسداً، محموداً في الخير. 
في الحقيقة تغيرت (قيم) و(أخلاق) بعض أفراد المجتمع، والذي أصبح كل واحد فيه يقول : (يا نفسي)، ومن بين هؤلاء جميعاً تجد من يكرهك دون أسباب أو مبررات منطقية، وإذا سألته لماذا يقول : (لا ارتاح لك)، ولكنه لا يدري السبب الرئيسي الذي جعله ينتهج ذلك السلوك، وفي ذات الوقت هنالك من يحبونك ولا تبادلهم الحب بالحب، وهؤلاء يجب عليك أن تعض عليهم بالنواجز، فهم عملة نادرة تجدها كلما مرت بك ظروفاً من الظروف، وهم بالبلدي كده (ناس حارة)، وأمثال هؤلاء يعدون على أصابع اليد الواحدة، لذا لابد من أن تمنحهم إحساس أنك تحس بهم، ولهم أهمية في حياتك، فالمواقف التي تمر بها في حياتك وحدها التي تعرفك بمعادنهم، لذلك عليك الابتعاد عن الإنسان المتخاذل ولا تهتم به، فما أحلى أن يعيش الإنسان في نعمة لا تشوبها آية شائبة.

الأربعاء، 10 أبريل 2019

سراج النعيم يكتب : كاريزما الشخصية القيادية

.....................
دائماً ما يتبادر إلى ذهني سؤالاً ملحاً، وهذا السؤال يتمثل في كيفية صناعة الشخصية القيادية المتصفة بـ(الهيبة) و(القوة) في الحياة عامة ، وفي المجال الذي اختارته له موهبته خاصة؟ الإجابة تكمن في الصفات المتجذرة في الإنسان بـ(الفطرة)، ولا يمكن اكتسابها بأي وسيلة من الوسائل، وإذا حاول فإنه بلا شك سيفشل، وبالتالي يمكن للمرء أن يكتشف ما تخبئه النفس في دواخله من إبداع، ومن ثم العمل باجتهاد من أجل تنميته، وهو قطعاً يجعله ذو (قيمة)، (هيبة)، و(قوة) في محيط (الأسرة)، (العمل)، و(المجتمع).
وبالمقابل من لا يتحقق له ذلك، فإنه يكون إنساناً (هزلياً)، (ضعيفاً) و(منهزماً)، ومثله يحتاج إلى عزيمة وإصرار للابتعاد عما يركن إليه، فالإنسان يختلف عن الآخر من حيث المقاييس والمعايير، فهنالك من يكتسبها بالتقدير والاحترام للغير (إيجابياً)، وهنالك من يخذلهم بأفكاره (سالباً)، مما يجعل منه إنساناً مهزوزاً في حياته، وقابلاً لأن يكون محل (سخرية)، (استهزاء) و(تندر)، وربما يدفع ذلك البعض للتطاول عليه كلما طرح موضوعاً للنقاش، والأدهى والأمر في الشخصيات المتسمه بهذه الصفات أنها مستسلمة، وتتحكم فيها الظروف المحيطة بها، وعلى رأسها الأوضاع الاقتصادية، وأمثال هؤلاء يعلمون أن ما يفعلونه يقلل من قيمتهم وهيبتهم وسط الناس إلا أنهم مضطرين أن يمارسوا هذا الفعل المنافي لطبيعة الإنسان وبالتالي يهضمون حقوقهم المكفولة شرعاً بالديانة الإسلامية، والتي أوضحتها لهم بجلاء، خاصة وأن الإنسان عزيز، وكرمه الله سبحانه وتعالي، وعليه السؤال الذي يفرض نفسه لماذا يخضع الإنسان ذاته لـ(لإذلال) و(الإهانة) من أناس ربما لا يسوون شيئاً مقابل ما يمتلكه هو من (موهبة)، (إمكانيات) و(طاقة) غير مكتشفه، وذلك يعود إلى ركونه لحيز ضيق جداً، ربما هو الذي جعله يفكر بشكل سالب.
فيما يكمن مفهوم كيفية صناعة الذات القوية على اكتشاف الموهبة أولاً، ومن ثم العمل على تنميتها، وذلك من خلال الاكتساب المعلوماتي بالإطلاع والثقافة والتطور والمواكبة خاصة وأن العالم أصبح منفتحاً على الآخر، والذي بدوره تسيطر عليه ثورة التقنية الحديثة والمعلومات المتدفقة عبر (العولمة) ووسائطها المختلفة، والتي أصبحت مع مرور الزمن تصنع للبعض (كاريزما)، (هيبة) و(قوة)، إلا أن البعض لا يوظفها توظيفاً صحيحاً للمحافظة على (خصال)، (قيم)، و(أخلاق) يحتاج إليها المجتمع، لذا على الشخصية القيادية أن تكون صاحبة مواقف قوية، ولا تجامل على حساب الديانة الإسلامية والوطن والمجتمع، وأن لا تتنازل عن حقوقها الدستورية والقانونية، لكي تستطيع أن تضع بصمتها الإيجابية في الحياة.
من أقوي وأيقظ الشخصيات تلك التي تمتلك (كاريزما) تعبر بها عن قدرتها على جذب من حولها، خاصة إذا كانت هذه الشخصية (متفائلة)، (حيوية)، (مبتسمة)، و(واثقة) في النفس، وفي (أقوالها، (أفعالها)، (مواقفها) و(مبادئها)، والتي يجب أن لا تتغير أو تتزحزح أو تتنازل عنها، خاصة وأن كلمة (كاريزما) في الأصل مشتقة من الكلمة اليونانية (charizesthai)، وتعني إبراز الشخصية المعنية للصفات الإنسانية المميزة.
وحينما نعود لمصطلح (كاريزما) نجد أن أول من أستخدمه هو عالم الاجتماع الألماني (ماكس فيبر)، وذلك من خلال مؤلفه الشهير (القانون في الاقتصاد والمجتمع)، لذا نجد أن أعداد بسيطة لها القدرة على القيادة وفقاً للمعني الحقيقي للمصطلح، وبالتالي تكون لديهم القدرة على التأثير في من هم في محيطهم بـ(الكاريزما) المتطلبة في الإنسان أن يكون اجتماعياً لإيصال الدعم الإنساني تأكيداً على أهمية الآخر في حياته، والذي يحتاج منه أن يظهر له الثقة بتحريك المشاعر الايجابية خاصة وأن الشخصية ذات المواصفات القيادية غير قابلة للانتقاص من قدر الآخرين، والذين ربما تكون لديهم ذات (الكاريزما) إلا أن الظروف المحيطة بهم وحدها التي وضعتهم في درجة أقل لعدم قدرتهم على زيادة قوة شخصياتهم، وامتلاك القناعة الكافية، والاتّصاف بالجد والالتزام بخط صارم وجاذب في ذات الوقت، ومقنع للناس الذين ينتظرون منك إيجاد الحلول الناجزة للإشكاليات التي تعترض طريقهم ما بين الفينة والأخرى، بالإضافة إلى امتلاك القدرة على التشجيع والتحفيز وكسر الجمود من خلال الاستماع وترتيب الأحداث حسب الأسلوب المناسب لها مع الأمانة والصدق في التواصل مع من حولك، بالإضافة إلى اشعارهم بالاهتمام والتميز.
بينما يجب على الشخصية القيادية استخدام المهارات العاطفية والاجتماعية في فن الإدارة، فهي تؤثر في من حوله وتجذبهم إليه، وبالتالي تنشأ بينه وبينهم علاقات متينة في الإطار العام والخاص ، مما يتيح له التحكم فيهم عند الحاجة إليهم، سواء كان ذلك بـ(اللفظ) أو (النظَر)، فهي أقوى الطرق للاتصال والتواصل.

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...