..................................
قال لي سائق تلك الركشة، وهو يقوم برفع عصاة الدوران بعصبية: (والله نحنا لو ما النسوان ديل كنا بعنا ركشاتنا دي).. وقبل أن أسأله عن تفسير ذلك، كان يجيبني: لا تحتاج لـ(قلب رهيف) قائلاً: (شوف.. المرة جنها ركشة.. وبتحبها زي عيونا ديل.. يعني لو جبت ليها عربية وركشة بتختار الركشة).
وأضاف وهو يقوم بتحية سائق ركشة آخر كان يقف على جانب الطريق: (ياخي أنا التوريدة بتاعتي 90% بطلعا من النسوان ديل)، صمت قليلاً، فقلت له -وأنا أشير إليه بالتوقف- : (طيب كويس.. معناها إنتو مرتاحين مع مشاوير النسوان)، في تلك اللحظة إلتفت إلى بعصبية وقال: (والله ما في راحة ياود الخالة.. ودي المشكلة بتاعتنا معاهم.. الكلام و(النقة) الكتيرة.. والوصف الغلط.. يعني مثلاً واحدة تركب معاك ماشة حتة معينة.. توقفك ساعة جنب بيت أختها، وتاني توقفك وين ما عارف.. غايتو دي مشكلتنا معاهم، لكن لو على التوريدة.. النصيحة بنقولا.. النسوان البمرقوها لينا)..!
ولعل حديث سائق تلك الركشة، كان يتماشى مع كل إفادات بعض السائقين الذين استطلعناهم ونحن على متن (مشوار) معين، فها هو (حسن عمر) سائق ركشة بحي الرياض يخبرنا بأنه يتعب جداً من مشاوير النساء، ويضيف: (والله يتعبوك في الوصف وفي الدفع).
وأضاف: (ممكن يكونوا النسوان ديل أغلب زبائننا، لكن والله والشهادة لله متعبات خلاص.. وبوصفوا دائماً غلط، ولما تجي تقول ليهم الحساب كدا، يكوركو ليك في الشارع ويفرجوا عليك أمة لا إله إلله، وفي النهاية تطلع إنت الغلطان)!.
ويرى قرشي سائق ركشة (معتزل) أنه يفضل مشاوير الرجال، وأضاف أن الرجل كلمته واحدة، ولا يغلط في حقك إطلاقاً، حتى إن إختلفت معه فربما يترك النقاش ويمضي. لكن المرأة صعبة في التعامل، وأنا أذكر أنني تعرضت في السابق لموقف محرج بسبب إمرأة رفضت أن تمنحني (حق المشوار) كاملاً، وعندما أصررت على ذلك قامت بإعطائي المبلغ ولكن معه دعاء جهنمي، حيث رفعت يديها للسماء وقالت لي بالحرف: (إن شاء الله ربنا ينتقم منك.. وأشوفك مقطع في نص الزلط بي حقي الشلتو مني ساكت دا).. ويضيف وهو يضحك: (والله جدعتا ليها قروشا كلها في الواطة ومشيت)!
محبة النساء لركوب الركشات يصنفها بعض أساتذة علم الإجتماع بأنها نوع من (حب التملك) الذي يكون زائداً عند المرأة، ويقول محمد الخليل المهتم بعلم الإجتماع السوداني، إن المرأة تحب التملك في كل شي، فمجرد ركوبها لركشة في مشوار خاص يمنحها الإحساس بأنها مختلفة عن الآخرين، ويضيف أنها تحرص على رؤية كل من يعرفها لها على متن تلك الركشة.
وأضاف محمد الخليل، لذلك فإن أغلب السائقين يتضجرون من مشاوير النساء، ويعتبرونها مشاوير (صعبة جداً)، ويقول الخليل إن طبائع المرأة ربما تتحكم في كافة تصرفاتها، ولعل العلاقة القائمة بين المرأة والركشة ربما تستحق أن نطلق عليها حب من طرف واحد، فبجانب محبة النساء للتنقل بالركشة، نجد أن معظم سائقيها يعانون من تلك المشاوير.