جلس إليه : سراج النعيم
................................
وضع الجنوب سوداني اتيم شول اتيم المولود في العام 1966م، الإشكالية التي تواجهه بعد (40) عاماً من الإقامة في شمال السودان،اشكالية الرقم الوطني والبطاقة القومية و الذي اسلم علي يد السيد (إبراهيم خالد محمد بدر) بحي العباسية شرق، مؤكداً أنه لأول مره يشهر إسلامه إعلامياً، إلا أنه بلا هوية خاصة بعد إنفصال الجنوب عن الشمال.
وقال : بدأت قصتي مع شمال السودان في العام 1970م، حيث أحضرني له والدي بغرض تلقي العلاج من مرض (البلهارسية)، الذي بقيت في إطاره مقيماً حي (العباسية شرق) بمدينة أم درمان، الذي تربيت في كنفه مع أسرة السيد (إبراهيم خالد محمد بدر)، ودرست عبره المراحل الدراسية بمدرسة (الرشاد) الإبتدائية، ثم مدرسة (بيت الأمانة) المتوسطة وأخيراً مدرسة (وادي سيدنا) الثانوية، وما أن امتحنت الشهادة السودانية، إلا والتحقت بقوات الشعب المسلحة (الدفاع الجوي) وقضيت من خلالها الخدمة الوطنية وما أن انتهيت منها، إلا وعملت في مجال الأعمال الحرة من تاريخه حتى العام 1998م، ثم عملت في إحدى الشركات، ثم تزوجت من سيدة تنتمي إلى شمال السودان في العام 1997م ، وأنجبت منها نجلي الأول في العام 1998م، وهكذا إلى أن وصل عدد أبنائي (7) بنات وولد واحد.
ما الإشكالية التي تواجهك؟ قال : مشكلتي أنني قدمت لنيل الرقم الوطني، حتي تصبح لي هوية يستطيع من خلالها أبنائي مواصلة دراستهم دون أن يقف الرقم الوطني عائقاً أمامهم، كالإشكالية التي تواجه أكبر أبنائي آنياً، والذي لم يتمكن من استخراج شهادته لهذا السبب، بعد أن جلس لإمتحان الشهادة من معهد التدريب المهني بأم درمان، وبالتالي لم يستطع ابني (محمد) المنتمي إلى شمال السودان من ناحية والدته أن يستخرج شهادته لعدم امتلاكه الرقم الوطني، أو أن يدفع (60) دولار، على أساس أنه من أب أجنبي، وبما أن راتبي ضعيفاً، لم أتمكن من دفع المبلغ الذي يتجاوز راتبي الـ(400) جنيه، ما جعلني أطلب من نجلي تجميد دراسته إلي حين إيجاد حل، وذات المشكلة تواجه ابنتي الممتحنة للشهادة السودانية هذا العام، وبما انها لا تمتلك الرقم الوطني، فيفترض فيها أن تدفع (150) دولار حتى تتمكن من الجلوس للإمتحان، فقلت لهم إذا كنت غير قادراً علي أن أدفع (60) دولار لاستخراج شهادة ابني، فكيف أدفع (150) دولاراً لكي تجلس شقيقته إلي إمتحان الشهادة السودانية هذا العام.
ما الذي خرجت به عندما ذهبت لاستخراج الرقم الوطني؟ قال : طلبوا مني أن أذهب إلى مدينة (أبيي)، فقلت لهم كيف أفعل؟ وأنا ليست ليً علاقة بمدينة أبيي، نعم أنا جنوبي ولكن من مدينة (بور)، ووالدي ووالدتي موجودين فيها، فيما توجد شقيقاتي في يوغندا، واتواصل معهم عبر الإتصال الهاتفي فقط، ولا علاقة ليً بهم أكثر من ذلك، فأنا منذ أن دخلت الإسلام، إلا واحتجوا على ذلك.
هل لديك جنسية سودانية؟ قال : نعم وقد استخرجتها في العام 1984م من مجمع الجوازات بمدينة أم درمان
هل وضعت هذه الجنسية على منضدة السجل المدني؟ قال : نعم وما أن وجدوا أن اسمي (اتيم)، إلا ووجهوا ليً سؤالاً مباشراً هل أنت جنوبي؟ قلت : نعم، وعليه وجدوا أنني لا أستحق نيل الرقم الوطني أو البطاقة القومية، ولكن السؤال الذي يطرح على السلطات ألا يستحق أبنائي الرقم الوطني والبطاقة القومية باعتبار أن والدتهم من شمال السودان.
ما السبب الذي جعلك لا تعود إلى جنوب السودان بعد الإنفصال؟ قال : لم أكن آنذاك الوقت اعرف أين يستقر أهلي في الجنوب، فأنا أتيت إلي الشمال صغيراً، فلم أقابل أهلي أو أتعرف عليهم، إلا حينما شددت الرحال إلى هناك في العام 2012م، وكان أن وجدت والدي ووالدتي إلا أنهما لم يتعرفا عليً، أو أتعرف عليهما بعد مضي (37) عاماً، وعندما بدأوا في التعريف عليً اكتشفت أن ليً شقيقات يقمن في يوغندا، وعندما اتصلت بهن طلبن مني إحضار أسرتي إلى جنوب السودان، ولكن رفضت الفكرة، وقالوا ليً إذا لم تحضرهم إلينا، فأننا نعتبرهم ليس أولادنا، وفي هذه الحالة أصبحت أنا وابنائي ضائعين، ما بين الجنوب والشمال، وأتذكر أنني عندما ذهبت إلى جنوب السودان قدمت بشهاداتي التي حصلت عليها في الشمال فرفضوا أن يقبلوني على أساس أنهم لا يريدون أي وثيقة لها إرتباط بشمال السودان.
وتسأل ماذا أفعل؟ وأنا حائر ما بين الجنوب والشمال، بالرغم من أنني أعيش هنا بلا هوية أو إثبات شخصية.
بما انك عائش في الشمال هل تتم معاملتك كأجنبي؟ قال : لا.
هل لدي زوجتك رقم وطني؟ قال : نعم.
لماذا لا يذهب أبنائك لاستخراج الرقم الوطني بالانتماء إلي والدتهم الشمالية؟ قال : فعلت ما أشرت به، إلا أن انتمائي أنا إلى جنوب السودان وقف عائقاً أمام استخراج الرقم الوطني.
وماذا؟ قال : ذهبت مع الأب الروحي (إبراهيم خالد محمد بدر) إلى المحكمة، وبعد ادائه والشهود القسم أمام القاضي الذي أكد له أنه رباني منذ العام 1973م، وعليه منحتني المحكمة خطاب بذلك.
وأشار إلي أن القاضي وجه إليه سؤالاً هل أنت واثق من أنك ستمنح الرقم الوطني، فرد بالإنابة عني (إبراهيم خالد محمد بدر) قائلاً : أرجو منك أن تتبع معه الإجراءات المطلوبة، وكان أن ارفقت خطاب المحكمة مع الرقم الوطني الخاص بزوجتي وشهادات الأبناء وذهبنا بها إلى السجل المدني، فجاء الرد بأن منح الرقم الوطني للمواليد الشماليين من ناحية والدتهم مازال قيد الدراسة.