الخميس، 11 يونيو 2015
تبادل حمل الأحذية بين الزوجين آخر تقليعة في صور الزواج السوداني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
آخر ( تقليعة ) أدهشت مرتادي مواقع التواصل الإجتماعي في السودان ، بتبادل الزوجين حمل أحذيتهم ، بأن يحمل العريس حذاء زوجته وتحمل الأخرى حذاء زوجها ويعلقانه عند كتفيهما ويتم التصوير .
وكانت مواقع التواصل الإجتماعي قد تداولت قبلها ، صوراً لعروس تطأ زوجها برجلها قيل أنها آخر ( تقليعة ) في صور الإستديوهات للعرسان حديثي الزواج ، ويظهر في الصورة العريس وهو مستلقي على ظهره بالأرض وعروس تطأه برجلها على صدره وهو مبتسم .
ولاقت الصور سخرية وإنتقاداً كثيفاً ، وصفه البعض بأنه إهانة للرجل و سلوك غير مقبول في حقه ، في حين رد آخرون ( سيد الحق راضي ) ، وبدأت في الفترة الأخيرة تظهر تقليعات غريبة ومدهشة في عالم العرسان حديثي الزواج ، كان آخرها العروس التي دخلت صالة الأفراح وهي محمولة على أريكة مزركشة يحملها أربع رجال يرتدون ملابس الفراعنة .
ان يحمل العروسين الأحذية لبعضهما ..يمكن أن تكون نوعا ما مقبولة.. ولكن..إن يسمح لها بأن تدوسه بالجذمة فهذا دليل حب العريس للجذمة وليس العروس.. وطالما اظهر حبه للجزمة فهذا دليل آخر علي أنه عاش حياته كلها تحت الجزمة. . وفي الختام لا يسعنا إلا أن نقول عرسان جزم بمعني الكلمة .. ولهم أن يفتخروا بلقب ناس جزم.
منقول قروبات أوتار الأصيل
ملخص لمحاضرة د. غازي صلاح الدين اليوم بالمعهد الملكي للشئون الدولية (تشاتهام هاوس ) بلندن
قدم برنامج افريقيا بالمعهد الملكي للشئون الدولية في لندن ( تشاتهام هاوس ) الدكتور غازي صلاح الدين رئيس حركة الاصلاح الآن صباح اليوم الأربعاء الموافق ١٠ يونيو ٢٠١٥ في محاضرة بعنوان : مستقبل الحكم في السودان: المقومات لحوار شامل للجميع ، وقد أدارت الندوة السفيرة البريطانية السابقة في الخرطوم السيدة روزالند ماريزدن.
قدم الدكتور غازي صلاح الدين روية شاملة لسير الحوار الوطني ومستقبله واللاعبين الأساسين في الحوار والمقومات المطلوبة لنجاحه.
وانتقد موقف الحكومة التي أعلنت عن رغبتها في الحوار وصادفت دعوتها استجابة واسعة من جميع القوى السياسية ولكن خلال عام كامل اثبتت الحكومة عدم جديتها في تهيئة الإجواء الضرورية لحدوث الحوار ، بل بالعكس فان ممارساتها تكشف عن الحوار ليس من أولوياتها اذ انها سرعان ما انشغلت بالانتخابات والبحث عن تحالفات إقليمية وصفها بانها تحالفات ظرفية ولا تدل على انفتاح في العلاقات الخارجية.
وقال بان اللاعب الثاني في الحوار هو القوى السياسية والحركات المسلحة، وأشار الى ان على القوى السياسية تقوية الممارسة الديمقراطية في منظوماتها الحزبية، كما دعى الى تعزيز التنسيق بينها، وقال بان السودانيين الان اقرب من اي وقت مضى للاتفاق وقال بان اتصالاته المتعددة بالقوى السياسية أكدت له ان السودانيين اكثر حكمة من ذي قبل ويدركون ان الاتفاق على قضايا هيكلية ممكن ومتاح ومطلوب .
وحول الخلافات بشأن الهوية والمنطلقات الاسلامية والعلمانية قال بان هذه قضايا للتنافس وليست مصادر اختلاف وانه على القوى السياسية تقديم الاتفاق على الاجراءات التي تحكم ممارستها لهذا التنافس على محاولة الاتفاق على القضايا الفكرية، وان تصوب جهدها في طرح الأفكار للشعب ليحكم بشأنها ويختار ما يراه بشأن علاقة الدين بالدولة او الهوية الوطنية.
وأشار الدكتور غازي الى الالية الافريقية بوصفها اللاعب الثالث في الحوار الوطني باعتبارها الوسيط والراعي، وانتقد بطء حركتها في التحضير للحوار وقصور اتصالاتها عن الوصول الى قطاعات شعبية غير منضوية تحت الأحزاب والقوى السياسية.
وشدد الدكتور غازي على ان السودان يحتاج الى إصلاح اداري عاجل،وقال بان نمط الحكم المركزي الذي أسسه الإنجليز اثار أسئلة اساسية بشأن مناسبته لحكم السودان، وان الدعوات لحكم فيدرالي نشأت حتى قبل الاستقلال، وهي الان اكثر الحاحا. بل ان نظام الحكم الرئاسي نفسه يخضع لنقاش حول فاعليته وقد شهد النقاش اطروحات متعددة بين النظام الرئاسي والبرلماني ودعوات لنظام خليط يجمع بين الاثنين . وقال بان والإصلاح الاداري يكتسب اهمية ربما تتقدم على الديمقراطية نفسها.
وفي اجابة على سوْال مراسل الإيكونوميست بشأن مستقبل حركة الاصلاح الان قال بانه شخصيا منفتح جدا بشأن بقاءها حركة ضغط او تحولها الى حزب سياسي ليس بالضرورة بالمعنى التقليدي للحزب.
ولكنه أشار الى ان مستقبل التيار متروك لعضويته عبر مؤسساته تقرر بشأنها.
وردا على سوْال من الصحفي جوناثان ستيل بصحيفة الغارديان بشأن رؤيته الشخصية بحسب معرفته للإجواء الداخلية في الحكومة ومدى تطور دعوات الاصلاح الداخلي، قال بان كل الاحتمالات قايمة رغم ضعف تيارات الاصلاح داخل الحكومة بعد خروج التيارات المتعددة .
حوار الأسرار قبل الرحيل بين سراج النعيم وصديق عباس ( عبر الأثير)
جلس إليه : سراج النعيم
تلقيت نبأ وفاة الفنان الكبير صديق عباس ببالغ من الحزن والأسي.. ومصدر ذلك الحزن والأسي من أنه ظل يعاني ما يعاني من المرض وتجاهل الدولة والأجهزة الإعلامية المختلفة.. ما ترك في دواخله شرخاً ظل يلازمه طوال الفترة الماضية.. إلي أن تعمق في دواخله ذلك الإحساس.. الذي لم يجد في إطاره الرعاية المطلوب من الدولة.. أو القطاعات المهتمة بالشأن الثقافي والفني والتعليمي في البلاد بالرغم من أنه قدم ما قدم من إبداع للحراك الثقافي الفني والتعليمي.. هاهو صديق عباس يرحل في صمت.. يرحل بعد أن خلد إسمه باحرف من نور.. يرحل مستأذناً أهله وزملائه في اتحاد الفنانين.. يستأذنهم بالرحيل.. لأنه لم يجد غيرهم حينما تمكن منه المرض.. هكذا استأذن صديق عباس صباح اليوم مغادراً هذه الدار إلي الدار الفانية حيث يظلم فيها أحد.. فيما تم تشييع جثمانه إلي مقابر ( البنداري) بالحاج يوسف في موكب مهيب.. انا لله وإنا إليه راجعون.
ومن هنا سأدلف بكم مباشرة إلي الحوار التوثيقي الذي أجريته معه ( لأوتار الأصيل) قبل الرحيل المر.. فإلي مضابط الحوار
وفي بداية هذا اللقاء سألته من هو صديق عباس؟ قال : صديق عباس صديق عبدالرحمن من مواليد العام 1942م بدأت الغناء مقلداً للفنانين الذين سبقوني في الحركة الفنية في مدينتي ( الأبيض) و( النهود ) أمثال محمد وردي، عثمان حسين، وآخرين ثم مضيت في خطواتي الفنية إلي أن وصلت للمدرج الذي أقف عليه الآن.
وكيف استقليت ذاتياً؟ قال : أخذت مجموعة من نصوص من شعراء وضعت لها الألحان أبرزها ( عبر الأثير) التي صاغ كلماتها محمد عبدالله أبكر (عيون في الغربة بكاية) للشاعر محمد الطيب ( صافي نية وصافي قول ) للشاعر الراحل عبدالله الكاظم بالإضافة إلي الأغنيات الحماسية في دار حمر بشمال كردفان وهكذا امنح الأغاني التراثية والحديثة الجدية من أجل أن تجد طريقها إلي المتلقي.
دعني أقف بك قليلاً عند أغنية ( عبر الأثير ) ما هي أول مرة قدمتها فيها للجمهور؟ قال : أول مرة غنيت فيها أغنية (عبر الأثير ) كان ذلك بالإذاعة السودانية والتلفزيون القومي ثم وثقت لها في الألبومات الغنائية التي حملت عنوانها.. وهي الآن من أغنياتي التي ارتبطت باسمي ارتباطاً وثيقاً.. كما أنني سجلت لبرنامج ( ربوع السودان) الذي كان يبث عبر أثير الإذاعة .
ما هي الكيفية التي تمت بها إجازة صوتك بالإذاعة ؟ قال : تمت إجازة صوتي بعد الأغنيات التي غنيتها في الربوع وأنا الفنان الوحيد الذي لم يقابل لجنة الأصوات والإلحان بل قالوا : (الزول دا يجي يسجل للإذاعة) وكان وقتئذ لدي ثلاث أغنيات سجلتهم تسجيلاًَ رسمياً.
ما السر الذي يجعل الكثير من المعلمين يصبحوا فنانين مثلا وردي، مصطفي سيداحمد، الأمين عبدالغفار، عبدالقادر سالم، حسين شندي، محمد ميرغني؟ قال : الرابط بين الفن والتعليم هو التراث وبالتالي كل المعلمين الذين ذكرتهم يعشقون هذا اللون من الفن سواء أن بدأوا بالحداثة أو بالغناء الشعبي.
ما بين التعليم والغناء أين تجد نفسك؟ قال : أقول لك أنني معلم فنان كلما وجدت نصاً جميلاً مرتبطاً بالبيئة والتراث أضع له اللحن.
ما هي المادة التي كنت تدرسها لطلابك آنذاك؟ قال : كنت أدرس مادة الجغرافيا واللغة العربية والرياضيات في المراحل الابتدائية بمدرسة النهود كأول مدرسة ابدأ فيها حياتي العملية ثم مدرسة النهود الشرقية.
ما هي المشكلة التي حدثت لك مع مدير المدرسة حول الغناء؟ قال : كنت في ذلك الوقت معلم وأغني في نفس الوقت وكان أن غنيت حفلاً في نادي السلام حددت من خلاله المدرسة التي يجب أن أدرس فيها الأمر الذي جعل مدير المدرسة يغضب مني ويقول : (أنت تم تعينك معلماً ولا مغنياً)؟ فقلت : بالإضافة إلي التدريس أعمل علي نقل الفن والتراث للمتلقي ورغماً عن ذلك تم نقلي من مدرسة النهود إلي مدرسة (غبيش) التي قدمت عبرها التراثيات مقرونة بالحداثة .
متى تركت الإمساك بالتباشير؟ قال : في العام 1980م بعد أن وصلت إلي مدير مدرسة حوالي الأربع سنوات.
ما بين التعليم والغناء؟ قال : وجدت الكثير من العثرات في سبيل إيصال صوتي غنائياً باعتبار أنه حرام إلا أنني بالإصرار استطعت أن أتغلب علي تلك الصعاب.
كيف جاء الاستقرار في الخرطوم ؟
قال : جاء من واقع الاقتراب من الأجهزة الإعلامية لإيصال التراث لبقاع لم يصلها.. حيث أنني دخلت الإذاعة بأغنيات (ربوع السودان) الذي كان يقدمه الأستاذ علي الحسن مالك وهي كانت مرحلة هامة جداً في حياتي .
السبت، 6 يونيو 2015
ﺳﺮﺍﺝ ﺍﻟﻨﻌﻴﻢ : ﺍﻟﺨﻮﻑ ﺟﺰﺀ ﺃﺻﻴﻞ ﻣﻦ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺘﻨﺎ .. ﻭﻛﺎﺫﺏ ﻣﻦ ﻳﻨﻜﺮﻩ ﻳﺎ ﺳﺎﻧﺪﺭﺍ
ﺑﻘﻠﻢ : ﺳﺮﺍﺝ ﺍﻟﻨﻌﻴﻢ
ﻛﻠﻤﺎ ﻓﻜﺮ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ الإشكاليات التي تمر به.. يبدأ الخوف في تملك دواخله.. وربما يركن إلي ذلك الخوف.. بالرغم من أن المصير الذي ينتظره.. مصير مجهول.. نعم مجهول.. خاصة إذا كان الإنسان مخطىء.. وبما أنه كذلك.. يحاول بكل قوته تجنب الإحساس بالخوف.. فالإحساس به مخيف.. ومرعب.. ويؤدي بلا شك إلي التفكير لإنكار الحقيقة.. وهذا الإنكار يقود الإنسان إلي المزيد من الخوف.. والقلق.. والتوتر .. والمرارات.. فتصبح النفس الإنسانية صغيرة أمام ذلك الخوف.. والذي يبدأ في التعمق تدريجياً.. ثم يكبير.. ويكبر إلي أن يصبح مع مرور الأيام خطراً داهماً علي حياة الإنسان.. فتقل معه درجات التفكير.. مما يقود الإنسان إلي فقدان القدرة علي مجابهة الخوف.. الذي سيطر علي فكره.. بالتالي يجعله ضائع.. ما بين التفكير.. وإهدار الطاقة النفسية.. فينتج عن ذلك شعور بالدونية.. شعور يدفع المفكر إلي الفشل.. مهما كان ذلك المفكر ناجحاً.. فلا تجديه مع ذلك محاولات تظاهره أمام الناس بالقوة.. ومهما تظاهر بها.. هل يمكنه الصمود طويلاً؟.. الإجابة ببساطة شديدة لا.. لماذا؟.. ربما أن خوفه مبني علي اختلاف وجهات نظر أفراد المجتمع.. ووجهات النظر هذه تختلف من شخص.. إلي آخر.. ما يزيد من مخاوفه.. فيضطر إلي تجنب الالتقاء بالناس.. إذا كانوا في المحيط الأسري.. أو خارجه.. كما أنه يتجنب مواقف تصحي في دواخله ذلك الخوف.. الذي يبدأ صغيراً.. ثم يكبر في خياله.. نعم يكبر.. ويكبر إلي أن يصبح أكبر بكثير من إمكانياته.. ومقدراته.. فالإنسان لديه طاقة محدودة.. لا تستطيع أن تقاوم ذلك الخوف حينما يكبر.. مما يؤكد أن الخوف جزء ﺃﺻﻴﻞ ﻣﻦ التكوين الإنساني.. وبالتالي لا يمكن إنكاره.. خاصة حينما ينحصر التفكير الإنساني في ﺗﺠﺎﻭﺯ ﺍﻹﺣﺴﺎﺱ به.. والإحساس به.. ربما يكون ﻟﻈﺮﻭﻑ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ.. ﺃﻭ دواعي أﻣﻨﻴﺔ.. ﺃﻭ ﺇﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ.. ﺃﻭ ﺇﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ.. أﻭ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺔ.. ﺃﻭ.. ﺃﻭ.. ﺃﻭ... ﺍﻟﺦ...ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ وﺍلدوافع.. ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺇﻧﻜﺎﺭﻫﺎ.. ﻭكل ﻣﻦ يحاول إنكارها ﻳﻜﻮﻥ ﻛﺎﺫﺏ .. نعم ﻛﺎﺫﺏ.. وستين ألف ﻛﺎﺫﺏ.. ومهما كانت محاولاته مستمرة للإنكار.. فإنه يحس بالخوف يدب في دواخله.. يحس به في حله وترحاله.. والشواهد علي وجود الخوف كثيرة.. منها شواهد تدل علي وجوده الظاهر في حياة كل إنسان.. وﻣﻦ تلك الشواهد قصة ﺍﻟﺴﻴﺪﺗﻴﻦ ﺍﻟﻠﺘﻴﻦ ﻗﺪﻣﺘﺎ ﺇﻟﻲ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ .. ﻭﻫﻤﺎ علي خلاف حول طفل ﺭﺿﻴﻊ.. ﺍﺩﻋﺖ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣﻠﻜﻴﺘﻪ .. ما حدا بسيدنا ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ أﻥ يحضر ﺳﻜﻴﻨﺎً.. ﻳﻬﺪﻑ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺋﻬﺎ.. لاخافة أم الطفل الحقيقية بادعاء تقسيم ﺍﻟﻄﻔﻞ ﺍﻟﺮﺿﻴﻊ ﺇﻟﻲ ﻧﺼﻔﻴﻦ.. ﺗﺄﺧﺬ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪﺓ منهما النصف.. ﻭﻣﺎ ﺃﻥ شرع ﻓﻲ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ .. ﺇﻻ ﻭﺻﺮﺧﺖ ﺍﻷﻡ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ.. مؤكدة أنها ﺗﻨﺎﺯﻟﺖ للاخري خوفاً علي ﺍﻟﻄﻔﻞ من القتل.. وبهذه الصرخة تأكد إلي سيدنا ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ.. ﺑﺄﻥ السيدة المتنازلة ﻋﻦ ﺍﻟﻄﻔﻞ.. ﻫﻲ الأﻡ الحقيقة.. أليس في هذه ﺍﻟﻘﺼﺔ عظة.. وعبرة.. ﺗﺆﻛﺪ بما لا يدع مجالاً للشك بأن ﺍﻟﺨﻮﻑ حقيقة.. لا يمكن للإنسان ﺇﻧﻜﺎﺭها.. وأن الخوف موجود ﻓﻲ ﺩﻭﺍﺧﻞ ﻛﻞ ﻣﻨﺎ.. وللخوف أﻧﻮﺍﻉ .. ﺍﻟﺨﻮﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺕ.. الخوف من ﺍﻟﻤﺮﺽ.. الخوف من اﻟﻔﻘﺮ .. الخوف من ﺍﻟﻌﻮﺯ.. الخوف من السلطان.. و.. و.. و...الخ.
وفي ظل ذلك يبقي اﻟﺨﻮﻑ عاملاً ﺃﺳﺎساً ﻣﻦ حيث تشكيله قوة الإنسان في ﺗﻔﻜﻴﺮه.. وإيمانه.. وإرادته.. ولكن الإحساس بالخوف يفقد الإنسان للثقة ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ.. ويضعف ﻳﻘﻴﻨﻪ .. ويفقده اﻷﻣﻞ.. كيف لا؟؟.. والخوف رﻓﻴﻖ الإنسان ﻣﻨﺬ ﺻﺮﺧﺘﻪ الميلاد ﺍﻷﻭﻟﻲ.. لذا من ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺃﻥ ﺗﺸﻌﺮ ﺍﻟﻨﺎﺷﻄﺔ ( ﺳﺎﻧﺪﺭﺍ ﻓﺎﺭﻭﻕ ﻛﺪﻭﺩﺓ) ﺑﻪ.. ويشعر به كل من جرب الإحساس به.. لذلك كنت أرجو ممن كتبوا أن يشفقوا عليها.. خاصة وأنها تم ﺗﺤﻤﻴﻠﻬﺎ ﻓﻮﻕ ﻃﺎﻗﺘﻬﺎ.. فما الذي يضير الناس إذا ﻧﻔﺖ ساندرا ﻭﺍﻗﻌﺔ ﺍﺧﺘﻄﺎﻓﻬﺎ.. أو لم تنفيها .. وماذا يضير الناس إذا اﻋﺘﺬﺭﺕ.. أو لم تعتذر للأجهزة ﺍﻷﻣﻨﻴﺔ.. وماذا يضير الناس إذا اعتذرت للشعب السوداني.. أو لو لم تعتذر له؟؟؟.. ألم يكن الأجدر بمن هاجموها أن يسألوا قبل أن يخوضوا في هذه القضية.. هل ساندرا اتهمت جهاز الأمن والمخابرات الوطني باختطافها.. أم أن هنالك جهات أخري اتهمت الجهاز.. وتحملت هي المسئولية ؟؟..أما اﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﻟﺬﻱ يجب أن يوجه إلي ﺳﺎﻧﺪﺭﺍ ما هو الإزعاج الذي سببتيه للشعب السوداني؟؟ هل هو اختفائك الارادي.. أم أن هنالك إزعاج آخر تقصدينه بما ذهبت إليه؟؟.. ولكن فليكن في علمك يا سيدتي.. إذا كان الإزعاج الذي تعنيه يتعلق بالاختفاء.. ﻓﻤﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺃﻥ ﻳﺨﺎﻑ اﻟﺸﻌﺐ السوداني ﻋﻠﻲ ﺃﻱ ﺳﻴﺪﺓ ﺳﻮﺩﺍﻧﻴﺔ تختفي عن منزلها لسويعات.. ناهيك عن أيام.. وبما أن هنالك من اشاع واقعة الاختطاف.. فإنه من الطبيعي أن ينزعج الشعب السوداني في الداخل والخارج.. لذلك لم تكوني موفقة في الاعتذار للشعب السوداني.. ويكفي أنك اعتذارتي للأجهزة الأمنية.. المهم أن ترضي عنك الأجهزة الأمنية.. وليس المهم أن يرضي عنك الشعب!!.
عموماً لم أستغرب.. أو أندهش.. نعم لم أستغرب.. أو أندهش لنفي واقعة الاختطاف.. وتأكيد الاختباء لظروف خاصة.. لم أندهش لنفي واقعة الاختطاف.. بقدر ما أندهشت من أولئك الذين حملوا ساندرا فوق ما تحتمل طاقتها.. بل هنالك من تجاوزوا الخطوط الحمراء.. ووجهوا لها نقداً جارحاً.. وغير مسئول.. حيث أنه يعبر عن أندهاشهم.. ومع ذلك الاندهاش كتبوا بانفعال.. والكتابة بانفعال تقود الإنسان إلي الوقوع في الخطأ.. فلماذا اندهشتم؟.. في زمن لم يعد فيه للاندهاش مساحة فارغة.. خاصة وأن نظام الإنقاذ الوطني ملأ كل المساحات الفارغة بالدهشة ما يربو عن الـ( 25) عاماً.. حتي أن الأحداث أصبحت لا تستحق الاندهاش.. وذلك من كثرة ما اندهشنا.. وعليه فقدت الكلمة معناها.. ومضمونها.. وجوهرها.. ولم يعد لها حيزاً في واقعنا المرير .. واقعنا الذي يحكمه الخوف من ماذا؟.. لا أدري.. ولكن الإجابة المتوقعة ببساطة شديدة.. الخوف من كل شىء.. الخوف من ألسنة الناس.. الخوف من نظرات المجتمع.. الخوف من اليوم.. والغد.. والخ.. وفي ظل هذه المخاوف.. لا نفكر في الخوف من الله سبحانه وتعالي.. بالرغم من أنه وضع في داخل الإنسان هذا الخوف.. وضعه منذ صرخة الميلاد الأولي.. وجعله ينمو.. ويكبر معه يوماً تلو الآخر.. وكلما مر الإنسان بأزمة من الأزمات.. أو بموقف من المواقف.. بغض النظر عما كان الموقف كبيراً.. أو صغيراً.. فإنه يجد نفسه مضطراً إلي التحليل.. والتخمين.. والتكهن.. والاستنتاج.. وإدارة الحوارات حول الإشكاليات.. بحثاًًَ عن مخرج.. وأي مخرج ينتظره في هذا اليوم.. أو الغد.. أنه لم ولن يجد ذلك المخرج.. وبالتالي يستسلم.. نسبة إلي أن قدراته علي المقاومة اضعف من كل المخاوف.. ما يجعله يتفاجأ بأن الخوف يعتريه بلا طعم.. بلا رائحة.. بلا شكل.. بلا لون.. هكذا هو الخوف يدفعه دفعاً إلي أن يطوع ذاته للاستشعار.. والبحث بالايحاءات والايماءات.. ولكن ما النتيجة؟.. لا شىء محسوس.. لا شىء يشير إلي حقيقة غير الخوف الذي يسيطر علي حياة الإنسان دون أن يراه.. وهكذا يكتشف الإنسان أن ما يبحث عنه غير موجود.. وكلما فكر فيه يجد انه مفقود.. مفقود.. وهكذا يقود الخوف الإنسان إلي التفكير السالب.. وفي كثير من الأحيان.. لليأس.. وللظلم.. وللألم.. وللمرارات.. والخ.. من الاحاسيس السالبة.. ومن كثرة هذه الأحاسيس تجدني قد حزنت غاية الحزن علي الإساءات الجارحة التي وجهها بعض من علق علي خبر نفي ساندرا لاختطافها في مؤتمر الصحفي.. أكدت من خلاله أنها اختفت بمحض إرادتها.. ونفت أن تكون قد تعرضت للاختطاف.. لذا لم يكن من اللائق أن ينجرف بعض النشطاء.. ومرتادي الشبكة العنكبوتية إلي هذا الدرك السحيق.. بتعليقات بعيدة عن المنطق.. ألم يكن الاجدي بهم مناقشة القضية المطروحة من كل جوانبها.. بغض النظر عما ذهبت إليه ساندرا في مؤتمرها الصحفي.. وأن يتذكروا قبل النشر ما أوصانا به سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم في حديثه : ( ﺍﺟﺘﻨﺒﻮﺍ ﺍﻟﺴﺒﻊ ﺍﻟﻤﻮﺑﻘﺎﺕ.. قيل ﻭﻣﺎ ﻫﻲ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ؟.. ﻗﺎﻝ : ﺍﻟﺸﺮﻙ ﺑﺎﻟﻠﻪ.. ﻭﺍﻟﺴﺤﺮ.. ﻭﻗﺘﻞ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﺮﻡ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﺤﻖ.. ﻭﺃﻛﻞ ﺍﻟﺮﺑﺎ.. ﻭﺃﻛﻞ ﻣﺎﻝ ﺍﻟﻴﺘﻴﻢ.. ﻭﺍﻟﺘﻮﻟﻲ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺰﺣﻒ.. ﻭﻗﺬﻑ ﺍﻟﻤﺤﺼﻨﺎﺕ اﻟﻐﺎﻓﻼﺕ.. وكان عليهم أيضا أن يعودوا إلي ما ﻗﺎله ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ عن : ( ﺍﻟﻤﺤﺼﻨﺎﺕ.. ﺍﻟﻌﻔﺎﺋﻒ.. ﺍﻟﻐﺎﻓﻼﺕ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﻮﺍﺣﺶ ﻭﻣﺎ ﻗﺬﻓﻦ ﺑﻪ.. ﻭﺍﻟﻘﺬﻑ ﻫﻮ ﺍﻟﺮﻣﻲ ﺑﺎﻟﻔﺎﺣﺸﺔ ﻟﻤﻦ ﻫﻮ ﺑﺮﻱﺀ ﻣﻨﻬﺎ).. وﻗﺪ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻘﻮﺑﺔ ﺭﻣﻲ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺍﻟﻌﻔﻴﻔﺎﺕ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪﺍﺕ ﻋﻦ الفاﺣﺸﺔ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء.. فاجلدوهم ثمانين جلدة.. ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون).. والله أعلم.
إن الخوف داء يلازم الإنسان منذ مولده.. ولا يفارقه بتاتاً.. إلي أن يستأذن بالرحيل النهائي.. الإ أنه وفي حياته بلغ به الخوف درجة.. من درجات إخفاء الحقيقة.. ظناً منه بأن في الإخفاء إبعاد لخطر الخوف المحدق به.. وغالباً ما يمتزج ذلك الخوف في دواخل الإنسان بعوامل.. ربما تكون سياسية.. أو أمنية.. أو إقتصادية.. أو إجتماعية.. أو إنسانية.. أو الخ... ولكن مهما كانت تلك الأسباب.. والدواعي.. لا أري مبرراً واحداً للإساءة إلي ساندرا كون أنها نفت.. نفياً قاطعاً.. أن يكون قد تم اختطافها.. فماذا تريدون منها أن تقول طالما أنها هذه هي الحقيقة؟.. هل تريدون منها أن تكذب.. حتي تظهر في نظركم بطلة.. بشعارات الحزب الشيوعي.. أم المؤتمر الشعبي.. أم المؤتمر الوطني.. أم حرب الأمة.. أم الاتحادي.. أم شعارات بقية التنظيمات السياسية الأخري.. أليست هي تلك الشعارات الزائفة.. أليست هي تلك الشعارات المرفوعة منذ استقلال السودان.. أليس أنتم الذين ترفعونها من فنادق العواصم الأوروبية.. والعربية.. والإفريقية.. أليس هو الخوف وحده الذي جعلكم تعارضون النظام الحاكم من الخارج.. فماذا تريدون من إمرأة أن تفعل؟.. تناضل بالإنابة عنكم.. وهي مازالت صغيرة سن.. وتجربة.. أليس أنتم الادري منها بالخوف وما يفعله بالإنسان حينما يدب في دواخله.. أظنكم تعلمون.. وتتقاضون عن الحقيقة.. خوفاً من أن يخضعكم الخوف وأنتم الرجال موضع القهر والإزال.. فما بالكم وهي سيدة لا حوله لها ولا قوة.. سيدة لا تملك من حطام الدنيا غير دموعها.. الدموع التي تغالب بها ذلك الخوف.. بالرغم من أن الإحساس بالخوف مرعب جداً.. أن كان للرجل.. أو المرأة.. ومهما كانت قوة الإنسان.. وسلطته.. وجبروته.. فالخوف عنده يزداد سوءاً لحاجته للاطمئنان.. الذي بدونه تكون الحياة بلا كبرياء.. بلا كرامة.. ولكن هل من السهل الحصول علي الاطمئنان في حياة مليئة بالتعقيدات المركبة؟.. الإجابة لا.. وبما أن الإجابة لا سيظل الإنسان عائشاً في الحياة بكل تعاسة.. وألم.. وحزن.. وجراح.. ومرارات.. هكذا يجد الإنسان نفسه ملكاً للشعور بالخوف.. فيفقد الأمل.. ويفقد عزته.. فيما يشعر مع هذا وذاك بالقهر والإزلال.. وما أصعب أن يقهر الإنسان وطنه.. ووسط أهله.. وأصدقائه.. وزملائه.. الذين يفكر فيهم من حيث النقد الذي ينتظره.. النقد الذي يبدأ من أقرب الأقربين.. ثم تتسع رقعته.. لتمتد إلي الصحافة الورقية.. والإلكترونية.. ووسائل التواصل الاجتماعي.. ويتركز النقد في إلقاء اللوم علي الضحية.. ومن ثم تبدأ مجالس المدينة في مناقشة ما حدث بمعرفة أو بغيرها.. فالكل يريد أن يدلي بدلوه.. حتي لا يكون خارج الصورة.. وليس مهما معرفة الجانب النفسي لمن نوجه له.. أو لها النقد.. وما الذي يترتب عليه ذلك النقد من نتائج في المحيط الأسري.. أو المجتمعي داخلياً أو خارجياً.. خاصة وأن تركيبة الإنسان تهاب النقد.. و( كلام الناس).. مما يجعل الجميع يتجنب إيقاع أنفسهم فيما يقودهم إلي النقد.. حتي لا يكونوا مادة خصبة للصحافة الورقية.. والإلكترونية.. ووسائط العولمة المختلفة الأسرع انتشاراً.. ما يسهل للآخرين أبدأ آرائهم الإيجابية.. والسلبية.. وبالتالي تجد أن لديهم القابلية لتقبل كل ما هو مطروح.. أن كان صحيحا.. أو خاطئا.. لذا تجدني دائما ما أبحث عن العقلاء.. والمفكرين كلما حدثت أزمة من الأزمات.. بحكم أن قرأتهم تختلف.. ولا ينجرون وراء ذلك التيار الجارف.. لذلك لا احتفي بالنقد الذي يكتب في لحظة انفعال.. لأنه ذلك يوقع كاتبه في الأخطاء الفادحة.. كالخطأ الذي وقع فيه الهندي عزالدين في نقده السطحي لشباب شارع الحواداث وست الشاي ( أم قسمة).. ومثل هذا النقد يصعب تداركه.. فهو مثل الطلق الناري حينما يخرج من سلاحه.. وليعلم كل هؤلاء.. أو أولئك بأن للخوف أنواع ﺗﻤﻸ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ.. ﻭﺗﻠﻮﻧﻬﺎ.. بالوان مختلفة.. ﻭتصبغها.. ﺃﺻﺒﺎﻏﺎً ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ.. وعليه.. فإن كل ما يفعله الإنسان في حياته قائم علي ﺍﻟﺨﻮﻑ.. إلا من كان إيمانه.. وإرادته قويتان.. ويستطيع من خلالهما أن يزيل كل مخاوفه الظاهر منها.. والخفي.. وأن يضع الإنسان حاجزا يقف حائلا بينه.. وكل مؤثرات الخوف.
الخميس، 4 يونيو 2015
صدق أو لا تصدق : شاب سوداني يحطم الرقم القياسي بساق أكبر من جسمه
الخرطوم : سراج النعيم
وقفت (أوتار الأصيل) علي الحالة الطبية النادرة التي تم إسعافها في وقت سبق إلي حوادث مستشفي الخرطوم التعليمي.. بعد ثلاث سنوات أمضاها المريض الشيخ محمد زين البالغ من العمر ( 52عاماً ) مقعداً في ( عنقريب) بالسوق الشعبي أم درمان.. يأكل.. ويشرب ويقضي كل احتياجاته في نفس المكان.. إلي جانب ممارسته العمل التجاري حتي لايكلف الناس عناء إعانته اعطوه.. أو منعوه.. هكذا ظل صابراً علي ساقه التي تفوق في حجمها جسمه.. إلي أن تم أسعافه بواسطة شخص يعتبر خيراً.. وناشطاً في حقوق الإنسان.. إلي المستشفي مسخراً كل إمكانياته وعلاقاته لهذا المريض الذي ظل صابراً علي الابتلاء سنوات وسنوات.
وفي ذات السياق قال المريض ( الشيخ) ( لأوتار الأصيل): بدأت قصتي مع تورم رجلي الشمال تدريجياً.. إلي أن أصبح وزنها أكبر من جسدي مجتمعاً.. فلم اعد قادراً علي تحريكها ما جعلني عاجزاً عن ممارسة حياتي بشكل طبيعي علي مدي ثلاث سنوات من الآن.. مع التأكيد بأنني لا أدري أن كانت سُمنة أو خلافها.. ولكن بحسب علمي البسيط.. فإن السمنة تعم الجسد كلياً وليس جزئياً.. بالإضافة إلي أن السمنة لا يصاحبها ألم.. كالذي ظللت أشعر به طوال الفترة الزمنية الماضية.. والتي بقيت فيها جالساً علي ( العنقريب) بالسوق الشعبي أم درمان.. حيث اقضي من خلاله كل احتياجاتي.. وأؤدي فيه صلواتي رغماً عن تراكم الدهون في رجلي الشمال.. التي تشاهدها آنياً ما نتج عن ذلك آثار سالبة علي حالتي الصحية.. وكلما زاد الورم ألاحظ نقصاً في جسدي دون أن تكون هنالك مشاكل صحية آخري.
وتابع : أحس بالورم الذي تشكل في كتلة من الدهون في رجلي الشمال ما نتج عن ذلك إقعادي عن الحركة نهائياً.. لذلك أأمل في يتم استئصال هذا الورم.. حتى أتمكن من العودة لحياتي السابقة.. فإن احتمالية أن يزيد الورم واردة.. بالإضافة إلي أن رجلي اختفت معالمها تماماً تحت تلك الدهون.. ما يشير إلي أنني قد أصاب بأمراض مصاحبة لذلك.
وأردف في حديثه الذي خص به ( أوتار الأصيل) : بما أن الورم في ازدياد.. فقد تم إسعافي إلي حوادث مستشفي الخرطوم التعليمي بواسطة أخونا ( الباقر) الذي وجدني صابراً كل السنوات الماضية علي هذا الإبتلاء.. إيماناً مني بقضاء الله وقدره مع دعائي المستمر بأن يمن عليّ بالفرج.
وحول الكيفية التي عاش في ظلها مع هذا الورم طوال الثلاث سنوات الماضية؟.. قال ( لأوتار الأصيل) : ظللت جالساً في ( العنقريب) بالسوق الشعبي امدرمان.. لأنه ليس في مقدوري التحرك من مكان.. إلي آخر.. خاصة وأنني من منطقة ( ابوقوتة ).. إلا أن ظروف عملي التجارية بالسوق الشعبي أم درمان.. قادتني إلي البقاء في ( العنقريب) الذي أبيع.. واشتري.. من خلاله.. واقضي كل حاجاتي.. حتى لا اضطر إلي أن أمد يدي للناس أعطوني أو منعوني.
ماذا قال الأطباء حول هذا الورم؟ قال ( لأوتار الأصيل) : الأطباء الذين شاهدوا حالتي الصحية لم يفصحوا عن شئ حتى.. ولم يسبق أن عرضتها علي أي طبيب طوال السنوات الماضية.
هل تشعر بأي ألم؟ قال : نعم اشعر بألم حاد جداً مثل الإنسان الذي يطعن بآلة حادة في كل منطقة الرجل المتورمة التي لا استطيع أن أحركها ما يدل علي أنها متماسكة.. ولولا هذه الدهون.. لكنت قد مشيت بها طبيعياً.
وعن تناول وجباته ؟ قال( لأوتار الأصيل) : أتناول وجباتي وأشرب كل المشروبات بشكل طبيعي.
ونفي أن يكون متزوجاً قائلاًً : عندما فكرت في الزواج أقعدني الورم عن الحركة.. وإذا أجريت لي العملية ونجحت بأذن الله سأتزوج.
ما هو إحساسك الآن؟ قال ( لأوتار الأصيل) : أحس بأمل كبير في الشفاء علي يد ملائكة الرحمة بمشيئة الله سبحانه وتعالي.. فأنا والحمدلله صبرت علي الابتلاء.
وأشار أطباء استطلعتهم ( أوتار الأصيل) إلي حالات مرضية مصابة بالتورم.. مؤكدين أنه قد تنجم عنه أمراض القلب والسكري وصعوبات في التنفس أثناء النوم.. خاصة وأن السمنة والدهون مزيج من سعرات حرارية زائدة مع قلة في النشاط البدني والتأثيرات الجينية.. مع التأكيد بأن القليل جداً من الحالات الصحية المماثلة تحدث بسبب الجينات.. أو الاضطرابات الغددية الصماء.
الثلاثاء، 2 يونيو 2015
سراج النعيم يروي قصة حواره مع ( أم الحسن) أشهر صاحبة قهوة شمال السودان
توثيق : سراج النعيم
تعتبر (أم الحسن) الهوارية أشهر صاحبة قهوة وكافتيريا بطريق شريان الشمال الواقع شمال السودان.. حيث بدأت قصتي معها.. بأول لقاء صحفي .. ففي ذلك اليوم جئت علي غير العادة إلي مقر صحيفة ( الدار) بالخرطوم في الصباح الباكر لكتابة صفحتي ( أوتار الأصيل ).. وقبل أن أدلف إلي المكتب.. تفاجأت بسيدة كبيرة في السن تجلس هي وبعض الشبان علي الأرض بمدخل الصحيفة.. وكانوا يتفاكرون في ماذا؟.. لا أدري.. ولكن كانت تعتريني رغبة في التعرف علي تلك السيدة.. وبالرغم من تلك الرغبة.. إلا أنني كنت متخوفاً من أن يكون لهم موعداً مع أحد الزملاء.. باعتبار أن لديها إشكالية ما.. وتود طرحها للرأي العام عبر الصحيفة.. فتجاوزت رغبتي ودلفت إلي المكتب.. فكان منظرها يطل أمام عيني.. فقلت في غرارة نفسي لماذا لا اقتحم عليها خلوتها مع أولئك الشبان وأسألها عن مشكلتها التي قادتها إلي المجىء للصحيفة في هذا الصباح الباكر؟.. المهم أنني خرجت من المكتب وذهبت إليها مباشرة.. وسألتها ما هي مشكلتك؟ فلم ترد علي والتفت إلي أحد الشبان متسائلة ماذا قال؟.. فرد علي ذلك الشاب قائلاً : وهذه السيدة هي والدتي ( أم الحسن) أشهر صاحبة قهوة بطريق شريان الشمال.. ثم أرؤدف : ووالدتي هذه لها قصص مثيرة في الصحراء الواقعة شمال السودان.. إلي جانب أن لها علاقة قوية بالرئيس الراحل جعفر محمد نميري الذي استجاب لها ابان ما كان حاكماً للسودان عندما طلبت منه حفر بئر للمنطقة التي تقطن فيها.. بالإضافة إلي أن الرئيس عمر البشير كسر لها البرتكول.. وسألها سؤالاًً مباشراً.. ما الذي تريدين أن أقدمه لك؟.. فقالت : سيدي الرئيس أحتاج إلي عربة تعينني في استجلاب السكر والشاي والبن.. ومستلزمات القهوة والكافتيريا.. وكان أن تبرع لها بعربة.. ومن هنا تبدأ الأسباب التي جعلت أم الحسن والشبان يلجأون إلي الصحيفة.. وأثناء إدارتي للحوار مع أم الحسن أكتشفت أن الشبان هم أبنائها.. وأن حضورها من شمال السودان إلي الخرطوم بدوافع استلام العربة.. والتي كانت إلي ذلك الوقت الذي ادرت فيه الحوار معها لم تستلمها.. عموماً عندما فرغت من الحوار والتقطت لأم الحسن صوراً.. قررت أن اعود بالحوار إلي المنزل وكتابته.. ومن ثم تسليمه السكرتارية في صباح اليوم التالي.. وبالفعل تحركت من مقر الصحيفة.. وما أن وصلت وسط الخرطوم.. إلا ورن السيار.. وحينما نظرت في الشاشة.. وجدت المتصل الأستاذ أحمد البلال الطيب رئيس مجلس إدارة صحيفة ( الدار).. ورئيس تحرير صحيفة ( أخبار اليوم) فقاللي بالحرف الواحد : أين أنت الآن؟.. فقلت : وسط الخرطوم.. فقال : أركب أي عربة أجرة.. وعود إلي مقر الصحيفة.. وكان أن استجبت لرغبته.. وعندما وصلت مقر الصحيفة.. وجدت الأستاذ معاوية محمد علي سكرتير التحرير.. يسألني عن نص حوار الحاجة أم الحسن؟.. فقلت : لم أعيد صياغته حتي الآن.. فقال : الأستاذ أحمد البلال الطيب يرجو منك أن تكتب منه خبر .. فقلت إنه ابلغني بذلك.. وكان أن كتبت خبراً مطولاًً من الحوار الذي اجريته مع أم الحسن.. فتفاجأت في صباح اليوم التالي بأن صوري وصور أم الحسن والمشيرين النميري والبشير تتصدر صدر الصفحة الأولى.. مصحوبة بالخطوط العريضة.. والخبر الذي كتبته.. وكان هذا الحوار هو التوثيق الوحيد الذي تم للسيدة أم الحسن.
وأم الحسن التي التقيتها.. سيدة كبيرة في السن.. وتعاني من إشكالية بسيطة في السمع.. لذا كان أحد أبنائها حلقة الوصل في إدارة الحوار.. الذي بدأت تداعياته علي هذا النحو.. بأن طلبت منهم تشريفي في المكتب.. حتي اتمكن من التوثيق لأم الحسن.. فهي إنسانة جديرة بذلك.. وكان أن طلبت لها قهوة ولأبنائها وشخصي أكواب شاي من ست الشاي حاجة الصايمة.. وبعد أن فرغنا من ارتشاف القهوة والشاي.. بدأت أم الحسن في رواية قصتها من الألف للياء.. وكيف كان لقاءها بالرئيسين الراحل جعفر محمد النميري..وعمر البشير.. فالأول تبرع لها بفحفر بئر.. بينما تبرع الثاني بعربة.. والاخيرة هي السبب في إجراء الحوار.. إذ أن البشير أصدر توجيهاته بأن تمنح أم الحسن عربة دفع رباعي.. لحظة افتتاح طريق شريان الشمال.. ولكنها لم تستطع الحصول عليها.. ما استدعاها اللجوء إلي الصحيفة لإيصال صوتها إلي البشير.. أما قصتها مع الرئيس الراحل المشير النميري.. فبدأت عندما زار المنطقة.. وقهوتها.. ولم يجدها.. فسأل عنها فجاءه الرد بأن أم الحسن ذهبت في مشوار؟.. فقال : ألم تسمع بأنني سآتي إلي هنا؟.. فقالوا : أم الحسن لا تملك راديو.. فحزن النميري حزناً شديداً .. وأمر بأن تمنح أم الحسن راديو.. حتي تستطيع أن تستمع نشرة الأخبار.. وتعرف موعد زيارته الثانية للمنطقة.. وقوتها.. وعندما أزفت ساعة زيارة النميري.. كانت أم الحسن في مقدمة مستقبلية.. فسألها عن حالته الصحية؟.. فقالت : الحمدلله.. ثم أردف : ما الذي تحتاجين إليه؟.. فلم تطلب لنفسها شئياً.. بل طلب حفر بئر لمنطقتها.. هذه هي الحاجة أم الحسن ﺻﺎﺣﺒﺔ أشهر قهوة بطريق شريان الشمال.. الطريق الممتد من مدينة ﺍﻣﺪﺭﻣﺎﻥ إلي مدينة دنقلا.
وقالت أم الحسن ( لأوتار الأصيل ) : لم أكن أفكر في نفسي بقدر ما كنت أفكر في تنمية المنطقة وتطوير القهوة إلي قهوة وكافتيريا حديثة.. وكنت استثمر أي فرصة لخدمة أهلي.. والمسافرين.. وظللت علي هذا النحو منذ أن كان هذا الطريق صحراء جرداء.. صحراء قاحلة.. ما يربو عن ﺳﺘﺔ ﻋﻘﻮﺩ.. ﺃﻭ ﻳﺰﻳﺪ.. وخلال تلك العقود فكرت في إنشاء قهوة ( أم الحسن).. ثم طورتها فيما بعد.. إلي قهوة.. وكافتيريا حديثة.. ساهم معي في إنشائها الباشمهندس عطا المنان.. وواصل اسهاماته معي داعماً للمشروع بالسكر والشاي والكراسي والطرابيز.. وكلما مر عبر طريق شريان الشمال لا يقصر معي.. المهم أن المنطقة بفضل الله.. وطريق شريان الشمال تمت تنميتها.. بعد أن كانت صحراء جراء.. صحراء قاحلة.. لا خضرة.. ولا مياه.. إنما كانت منطقة ملئية بالكثبان الرملية الثابت منها.. والمتحرك.
وتضيف ( أم الحسن) في حوارها مع ( أوتار الأصيل ) : من المعلوم أن طريق شريان الشمال يمتد من مدينة ﺍﻣﺪﺭﻣﺎﻥ.. إلي مدينة ﺩﻧﻘﻼ.. ويبلغ ﻃﻮﻟﻪ ( 594) ﻛﻴﻠﻮ متر.. ﻣﺮﻭﺭﺍً بمنطقة ( ابوﺿﻠﻮﻉ) ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ (68) ﻛﻴﻠﻮ متر.. ﺷﻤﺎﻝ ﻏﺮﺏ ﺃﻣﺪﺭﻣﺎﻥ.. وﻳﻤﺘﺪ ﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ( 7) ﻛﻴﻠﻮ ﻣﺘﺮﺍﺕ.
وتتذكر أم الحسن كيف كان هذا الطريق قبل أن يتم رصفه بالاسفلت؟.. فقالت ( لأوتار الأصيل ) : كان من الصعب علي الإنسان ان يسلك هذا الطريق الصحراوي.. فكل من جازف.. ودخله فقد.. ولم تفلح كل عمليات البحث عن المفقودين.. أو أن يستطيعوا الخروج من ذلك النفق.. ما يؤكد أن من يدخل تلك المنطقة مفقود.. مفقود.. والخارج منها مولود.. مولود.. إلا أنني خبرت الصحراء جيداً.. وذلك من كثرة ترحالي فيها من منطقة إلي أخري.. حتي أنني أصبحت خبيرة فيها من منطقتي.. وﺣﺘﻰ منطقة( ﺍﻟﺘﻤﺘﺎﻡ) ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ ( 200) ﻛﻴﻠﻮ متر.. فيما تجد أن منطقتي ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ ( 50) ﻛﻴﻠﻮ متر.
عن كيف استطاعت التأقلم علي أجواء الصحراء المتقلبة؟.. قالت ( لأوتار الأصيل ) : نشأت وترعرعت فيها وكنت انتقل فيها منذ نعومة اظافري.. فقد كان والدي يدعني يصطحبني معه من منطقة صحراوية إلي اخري.. هكذا إلي أن أستقر بنا المقام في منطقتنا الصحراوية حالياً.. وخلال ذلك الترحال شهدت ﺍﻟﺼﺮاع الحقيقي في صحراء بيوضة..الصحراء الممتدة ﻣﻦ ﻏﺮﺏ ﺍﻟﻨﻴﻞ ﺣﺘﻰ الصحراء ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ.. وكان آنذاك السفر عبرها لا يتم إلا ليلاً.. فالسفر بالنهار من رابع المستحيلات.. ﻧﻈﺮﺍً إلي أن درجات الحرارة مرتفعة جداً.. وبالتالي تجد العربات صعوبة في أن تقطع الصحراء.. فمع إرتفاع درجات الحرارة.. ترتفع درجات حرارة ماكينات العربات السفرية.. مما يجعل سرعتها تنخفض.. ويضطر السائق إلي إيقاف العربة ما بين الفينة والاخري.. بغرض تبريد ( اللديتر).. والماكنة.. إلي جانب أن العربة تتعرض إلي الوحل وسط الكثبان المنتشرة علي امتداد الصحراء.. مما يجعل السائق ومساعده والركاب يعانون معاناة شديدة.. حتي يتجاوزون تلك العواقب.. ما يقودهم إلي الوقوف لفترات طويلة لأخذ قسط من الراحة.. فالسفر عبر الصحراء يستمر إلي عدد من الأيام.
وتستمر أم الحسن في روايتها مع ( أوتار الأصيل ) قائلة : من أشهر سائقي العربات الذين كانوا يمرون بها قبل افتتاح طريق شريان الشمال.. كان السائق ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﺪ ﺳﺎﺗﻰ المنتمي إلي قبيلة الدناقلة.. الذي انتقل فيما بعد للعيش في الخرطوم حي ( السجانة).. بعد أن ترك العمل في هذا المجال.. وأصبح يتاجر في السيارات التي استطاع من خلالها أن يمتلك ﺳﻴﺎﺭﺓ ( ﻓﻮﺭﺩ) في العام 1934م.. وما أن إمتلك هذه السيارة.. إلا وفكر في السفر عبر مدينة امدرمان.. إلي مدينة دنقلا.. ومن خلال ﺍﻟﺼﺤﺮاء.. وكان أن نفذ الفكرة التي راودته.. بعد أن حصل ﻋﻠﻰ ﺑﻮﺻﻠﺔ.. ﻭﻛﻤﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻴﺮ ﺍﻷﺑﻴﺾ ﻟﻮضعه ﻛﻌﻼﻣﺎﺕ.. تدله إلي طريق العودة من مدينة دنقلا إلي مدينة امدرمان.. كما أنه تحصل علي تصريح المرور من ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ.. علي أن يتحمل بهدا التصريح كل العواقب التي تنتج ﻋﻦ ﻫﺬﻩ المغامرة ﺍﻟﻤﺤﻔﻮﻓﺔ ﺑﺎﻟﻤﺨﺎﻃﺮ .
وأضافت أم الحسن في حوارها الذي خصت به ( أوتار الأصيل ) : المهم أن السائق ﻣﺤﻤﺪ ﺳﺎﺗﻰ شد الرحال متحدياً كل الصعاب.. مستفيداً من خبرته السابقة.. وكان أن حقق ما يصبو إليه.. حيث ﺇﺳﺘﻐﺮﻗﺖ ﺭﺣﻠﺘﻪ من مدينة امدرمان إلي منطقة ﺍﻟﺪﺑﺔ ( 7 ) أيام.
واردفت أم الحسن : ولم تتوقف مثل هذه الرحلات المحفوفة بالمخاطر وقتئذ إذ قام السائق ﺳﻴﺪ ﺍﺣﻤﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻤﺠﻴﺪ في العام 1947ﻡ برحلة عبر تلك الصحراء برفقة مالك العربة ﻋﻤﺮ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺍﻟﻜﻮارتي.. ﻭﻛﺎﻥ ﺩﻟﻴﻠﻬﻢ في هذه الرحلة مجهولة المصير ﻋﺮﺑﻰ يدعي ( ﺃﺑﻮ ﺟﺒﺔ).. وكانت العربة محملة بشاي مهرب.. ورافق ذلك الثلاثي في هذه الرحلة كل من ﻣﻴﺮﻏﻨﻰ ﻋﺒﺪﺍﻟﻤﺠﻴﺪ ﻭمساعد العربة ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻃﻠﺐ.. ﻭﺃﺳﺘﻐﺮﻗﺖ ( 5) ﺃﻳﺎﻡ.. ثم عادوا منها ﺇﻟﻰ مدينة ﺃﻣﺪﺭﻣﺎﻥ بعد (6) ﺃﻳﺎﻡ.. وبهذه الرحلة تم فتح الطريق أمام عربات أخري كان ملاكها.. يتخوفون من المصير المجهول.
بينما ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺍﻟﻤﺮﺣﻮﻣﺔ ﺃﻡ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺃﻣﺮﺍﺓ مربوعة ﺍﻟﻘﺎﻣﺔ بشرتها قمحية.. ﻛﺒﻴﺮﺓ في ﺍﻟﺴﻦ.. إلا أن ﻓﻴﻬﺎ روح اﻟﻨﺸﺎﻁ ﻭﺍﻟﻘﻮﺓ التي جعلت من شخصيتها.. شخصية قوية.. وذات هيبة تدع كل من يتعامل معها يحترمها.. ويقدرها.. خاصة الشخوص الذين مروا علي قوتها أن كانوا يعملون في مجال السواقة.. أو ركاب.. وظلت علي هذا النحو إلي أن طورت قوتها إلي قهوة وكافتيريا.. وظلت تفرض من خلالها ﺷﺨﺼﻴﺘﻬﺎ المميزة بسحنتها السودانية الأصيلة.. وكل من شاهدها عن قرب يلحظ ﻗﺴﻤﺎﺕ ﻭﺟﻬﻬﺎ المتجلي رغماً عن الظروف القاسية التي مرت بها طوال السنوات الماضية.. فالبيئة التي نشأت وترعرعت فيها.. بيئة تمتاز بالخشونة.. وبالرغم من أنها كانت كبرة في سنها.. إلا أنها كانت ترتدي ثياباً تتناسب معها ومع البيئة المنتمية إليها.
وفي هذا السياق قالت ( لأوتار الأصيل ) : العيش في الصحراء يفرض عليك ارتداء الوان محددة.. ليس من بينها اللون الأبيض.. لذا أختار الألوان المناسبة مع بيئتي.
وعن كيفية بدايتها بيع القهوة؟ قالت ( أوتار الأصيل ): كنت دائماً ما أفكر في الآخرين.. خاصة أولئك الذين يستقلون هذا الطريق الصحراوي.. ومن خلال تفكيري هذا طرأت لي فكرة إنشاء قهوة تلبي بعضاً من إحتياجات سائقي العربات والركاب.. وبدأت فعلياً في تنفيذ الفكرة براكوبة صنعتها بمعاونة أبنائي من المواد المحلية.. فيما كنت أشعل النار من ﺍﻟﺤﻄﺐ.. حتي أن القهوة يميل لونها إلي السواد.. نسبة إلي أن النيران فيها لا تنطفئ.. وتظل مياه القهوة تتبخر متصاعدة إلي أعلي.. ويختلط ذلك البخار بالدخان الأسود الذي تنتجه نيران الحطب.. فيشكلان ضبابية مائلة إلي الليل في كل أرجاء الراكوبة.. وبالرغم من هذه الأجواء القاسية.. إلا أن أبنائي كانوا يجدون متعة في مساعدتي بتقديم القهوة والشاي إلي الزبائن.
ومضت : كنت اطوف بين ركاب العربات من أجل أن البي طلباتهم.. فيدور بيني وبينهم حوار بلهجة سودانية ممزوجة بلغة عربية.. وكنت أحس أنهم يتعاملون معي برقي فابادلهم الإحساس.. بالإحساس.. دون أن أتوقف عن تلبية الطلبات.
أين تقع قهوتك جغرافيا؟ قالت ( لأوتار الأصيل ) : ﻋﻠﻰ ﺇﻣﺘﺪاد ﺻﺤﺮاء ( ﺑﻴﻮﺿﺔ).. وكان السفر قبل افتتاح طريق شريان الشمال.. بالعربات ( اللواري).. ثم تطور إلي البصات.. ومع هذا التطور قهوتي إلي كافتيريا.. فاصبحت مشهورة.. ولكن شهرتي زادت عندما زارني الرئيس الراحل جعفر محمد النميري مرتين المرة الأولي لم يجدني واهداني راديو.. وفي المرة الثانية حفر لي بئراً.
الاثنين، 1 يونيو 2015
سراج النعيم يكتب حول الرحيل عن الوطن مكرهاً
بقلم : سراج النعيم
من أصعب الأشياء علي الإنسان أن يعبر عما يجيش في دواخله من أفكار.. يجبر علي التفكير في إطارها.. ومن تلك الأفكار.. فكرة الرحيل جغرافيا عن الوطن الذي نشأت وترعرعت في كنفه.. فهي بلا شك فكرة مؤلمة بكل ما تحمل الكلمة من معني.. أنه رحيل تشوبه الكثير من العواقب.. ولا يشبه بأي حال من الأحوال الرحيل عن الحياة عموماً.. وأن كان كلاهما مرتبط.. إرتباطاً وثيقاً بالوداع.. والفراق.. وأي فراق هو غير فراق الأحبة أشد قسوة وإيلاماً.. ربما يكون الإنسان مضطراً للاستأذان.. وحينما يستأذن من يحب.. تتمزق دواخله من الألم.. ولكنني احصره في الرحيل الموقت.. الرحيل يكره عليه الإنسان.. فلا يجد أمامه سبيل غير أن يفعل.. نعم يرحل مضطراً إلي ديار غريبة .. ديار تختلف عن دياره من حيث الثقافة.. والعادات .. والتقاليد.. واللهجة.. واللغة.. فلماذا يضطر الإنسان إلي ممارسة هذا الفعل مكرهاً؟.. ربما لظروف سياسية.. أو إقتصادية.. أو إجتماعية.. أو إنسانية.. أو كل هذه الظروف مجتمعة.. وبالتالي يصبح تفكير الإنسان منحصراً في إتجاه واحد.. هو أن يشد الرحال من دياره إلي ديار أخري.. وهكذا تصبح تلك الديار الغريبة مواطناً له من الدرجة الثانية.. ألم أقل إنه مكره.. خاصة إذا عقدنا مقارنة ما بين الوطن الجديد.. والوطن مسقط الرأس.. فإنه في الأخير مواطناً درجة أولي.. فيما هو مواطناً درجة ثانية في المهجر.. مما يدفعه إلي دفع ضريبة الهجرة.. نعم يدفعها خصماً من الكبرياء.. والكرامة.. بالرغم من أنه وفي كثير من الأحيان تكون أسباب الرحيل منطقية.. وأن كان لكل رحيل ألم.. وحزن.. وجراح.. ومرارات.. تسبق لحظة الرحيل.. ومن ثم الودع الذي تتبع فيه ﻣﺮﺍﺳﻴﻢ.. لا يحبزها الكثير من المسافرين.. لارتباطها الوثيق بالمكان الجغرافي الذي نشأ وترعرع فيه.. بالإضافة إلي ارتباطها بالمجتمع.. والأسرة.. والأهل.. والأصدقاء.. والزملاء.. وخلال ذلك الارتباط تنشأ أحاسيس.. ومشاعر إنسانية نبيلة.. وتبدأ تكبر تدريجياً.. وتتعمق في الدواخل يوما تلو الآخر.. إلي أن تستقر في القلب بالمودة.. والرحمة.. والحب.. والحنان.. والعاطفة.. لذا تكون لحظة الوداع من أشد اللحظات قسوة.. وإيلاما.. لذلك يتحاشها الإنسان.. بالرغم من أن الرحيل أصبح بالنسبة له رحيلاً حتمياً.. خاصة وأنه قائم علي فلسفة الابتعاد عن المكان جغرافياً.. ومن ثم الابتعاد عن أحبة عاش معهم أيام.. وشهور.. وسنوات مليئة بالاحاسيس.. والمشاعر الإنسانية النبيلة.. وهكذا عندما يصبح الرحيل حقيقة ماثلة.. يحاول الإنسان إنكارها.. خاصة عند لحظة الوداع.. فلحظة الوداع مبنية أصلا علي ودع الغرباء.. وليس الأقرباء.. نعم نودع من يمرون علي حياتنا في لحظات محددة.. ثم يرحلون.. ويرحلون قبل أن يتعلق بهم القلب.
أما عندما يغرق الإنسان في التفكير بالرحيل.. فإنه يدرك أن لكل رحيل وداع.. ويدرك صعوبة التفكير في الرحيل حينما يكون مرتبط بالرحيل عن الوطن.. فهو رحيل قائم علي الإحساس بالغربة.. كيف لا وللغربة ثمن باهظ يدفعه الإنسان؟.. ومع هذا وذاك هنالك إحساس محكوم بإعلان وقت الرحيل.. ثم الوداع.. لتبدأ مرحلة جديدة من المستقبل.. ولكن كيف ينظر الإنسان إلي هذا المستقبل؟.. ربما ينظر إليه نظرة تقوده نحو المجهول.. نعم المجهول.. الذي يحاول في ظله النسيان.. ولكن بالرغم من محاولات النسيان.. يبدأ في طرح أفكار واغراءات لتشجع نفسه علي البقاء بالرغم من كل المرارات.. والألم.. والحزن العميق.. والجرح النازف.. و... و... و... والخ.. هكذا هو الرحيل يجعل الإنسان بعيداً عن الأهل.. والأصدقاء.. والزملاء .. ولكن هل يجدي العاتب بعد أن أصبح الأمر واقعاً لا مناص منه.. وهل نعاتب أنفسنا..أم نعاتب الأنظمة الحكومية التي لم تستطيع أن توفر لنا أدني درجات العيش الكريم في بلادنا المفتري عليها؟؟.
إن لحظات التفكير في الرحيل لحظات قاسية جداً.. لحظات محفوفة بالمخاطر.. لذلك يكون القرار النهائي قراراً في غاية الصعوبة.. ولكن ربما يكون ذلك القرار ناتج عن ظروف خارجة عن الإرادة.. وعليه يكون الإنسان المهاجر صادقاً مع نفسه.. قبل أن يكون صادقاً مع الآخرين.. إلا أن هنالك عوامل ترافقه في حله وترحاله كالقلق.. والتوتر.. والهواجس.. نعم الهواجس بالغة التعقيد.. وكلما يتذكر تلك اللحظات يجد نفسه قد اختزل أيامه.. شهوره.. سنواته في ذكريات.. وأن كان يعمد إلي إخفاء ما يحس به.. ويتعامل مع تلك اللحظات بعكس ما يجيش بدواخله.. التي تقطر ألماً.. وتنزف دماً.. إلا أنه يصبر.. ويصبر.. حتي يظهر في نظر من يودع أنه إنساناً متألقاً.. بالحكمة.. والبصيرة..والتوهج الروحي.
وعندما تتبقي سويعات للرحيل.. تقترب سويعات الوداع المفعم بالأجواء الألم.. والحزن.. والجراح.. والمرارات.. إلا أنه يعمل بكل طاقته علي أن يخفي ذلك.. فكم وداع .. وكم.. وكم.. رحيل حلق بعده الإنسان في السماوات طائراً باجنحة من الأمل.. الذي يقوده ما بين المستقبل.. والماضي.. والحاضر الذي يسيطر أساساً علي الواقع الجديد.. فالإنسان يجد نفسه في ظل ذلك محاصراً بمخالب.. وقيود وسلاسل يمضي علي إثرها وكأن هنالك قوة خفية تدفعه دفعاً لهذا الفعل.. الذي لا عودة منه.. للأهل.. والأصدقاء.. والزملاء في الوقت القريب.. هكذا تمر به الأيام.. والشهور.. والسنوات. وهو يفكر في أن تنجلي تلك الأفكار بالعودة إلي من هجر من الأحبة طوعاً.. أو قسراً.. لأنه لم يعد له عيشاً هنا.. أو هناك.. فيصبح القلب الذي يهوي البقاء متعقاً بالهجرة.. ويكره الفراق.. نعم يشتاق إلي الوطن.. والتراب.. ورائحة الأرض.. وماء نيل.. وخضرة الزرع.. نعم يشتاق للوطن بكل تفاصيله.. إلا أن الكرامة.. والكبرياء.. يضعانه فوق كل الآمال والأشواق.
ومما أشرت له.. فإن الإنسان في حالتي.. أو حالة آخرين يجد نفسه في ﻗﻤﺔ ﺍﻟﻌﺬﺍﺏ.. نعم ممزقاً من العذاب.. وأي عذاب هو.. بلا شك عذاب تصاحبه الذكريات.. وتفاصيل مؤلمة.. تفرض علي الإنسان حياة.. واحاسيس.. ومشاعر لا تكون له فيها إرادة.
ولكن ماذا حينما يقول الإنسان ﺳﺄﺭﺣﻞ؟.. الإجابة إنه سيرحل عاجلاً.. أو آجلاً.. نعم سيرحل بوداع.. أو بدون وداع.. سيرحل وفي القلب حسرة.. ومرارات.. وأن كان يحاول دائماً استجماع كثير من الأحاسيس.. والمشاعر المتدفقة.. لطرحها علي من يحب.. إلا أنه يجد في الصمت ملاذ.. ويجد أن الصمت يكسو ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ بما تشاء..أو لا تشاء.. إلا إنه يعود ويفكر في الصمت بعمق.. فيجد أن الصمت.. ومهما طال.. فإنه لأبد من عواقب تعقبه بشكل مباشر أو غير مباشر.. ربما تكون وخيمة.. وربما يحس بعدها بالخطأ.. والصواب.
تجد الإنسان في كثير من الأحيان مجبراً علي الرحيل.. نعم مجبراً علي واقع مرير.. واقع يفرض عليه أن شاء.. أو لم يشاء.. ولكن قد لا يستوعب تلك اللحظات لكثرة الصدمات.. ومن كثرتها لم يتحملها.. بحكم أن طاقته الاحتمالية محدودة.. فلا ملاذ أمامه سوي أن يبكي بدموع.. نطلق عليها مجازا دموع الوداع.. ومع كل وداع يتألم.. ويتأوه.. ويصرخ من فرط الألم.
إن كل رحيل يخفي بين طياته بعضا من الصبر الممزوج بالألم.. والعبرات المخيفة بالجراح.. بالرغم من أن الإنسان يحاول التصدي لها.. كلما احس بها.. إلا أنها أقوي منه بكثير.. فيجد نفسه قد يأس.. يأساُ.. قاتلاً.. ربما يقوده إلي سهر الليالي.. وبث شكوي آلمه.. وفراقه. ووحشته.. هكذا يغيب في تلك العوالم.. بحثاً عن التخفيف.. ولا يأبه بدموعه عندما يرخي الليل ستوره.. ويدعها تتساقط فإنه وأخيراً أصبح وحيداً يسامر أربعة جدران.. يرمي لها بكل همومه.. وآلامه.. وأحزانه.. وجراحه.. ومراراته.. ومع ذلك يحرض علي أن يذهب إلي البحر ليرمي بكل ما يحس به من ألم في قاع البحر.. الذي لا قرار له.. نعم أنه بحر الرحيل.. الذي تبحر فيه سفنه لترسو به في شواطىء بعيدة.. يتنازعه من خلالها إحساس غريب.. وعجيب.. إحساس يدفعه إلي أن يغرس لحظة رجاء.. وأمل.. لحظة من أجل حياة أجمل.. فيمعن التفكير عميقاً فيما آل إليه.. وفي لجة ذلك التفكير يجمع من حوله ظلال الأيام.. والشهور.. والسنوات.. المصحوبة بالألم.. والجراح.. والحزن.. والوحشة.. هكذا يقلب صفحات الماضي المكتوب في دفاتر مليئة بالأوراق.. وأي أوراق هي سوي أوراق عمر يتساقط.. ويتساقط.. كأوراق الأشجار حينما تهزها الرياح.. فيبدأ في عتاب نفسه.. وإعادة ذكرياته المتصله بالماضي.. وأن كان الحاضر يكشر له في أنيابه.. فلا يخرج من دوامة التفكير.. والبحث في ظله ذلك عن أشياء ضائعة ما بين الجمال.. والقبح.. هكذا يعيش الإنسان الماضي الذي يرافق الحاضر في حله وترحاله.. إلا أنه يكون مشدودا نحو الماضي أكثر من الحاضر.. وأي ماضي هو غير ماضي موحش بذكرياته.. فيبقي السؤال مطروح في المخيلة.. هل يتغير الحال إذا عاد الإنسان إلي الديار.. أم أنه يظل يتحسر؟.. الإجابة ببساطة شديدة.. سيجد أنه قد جمع المال.. وحسن من وضعه الإقتصادي في الحال.. إلا أنه فقد الكثير من الأشواق.. والآمال.. فقد أيام.. وشهور.. وسنوات.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)
azsuragalnim19@gmail.com
*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*
.......... *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...
-
بعد وفاة الدكتور (محمد عثمان) متأثراً بـ(الفشل الكلوي) .................. حاول هؤلاء خلق (فتنة) بين...
-
الخرطوم: سراج النعيم وضع الطالب السوداني مهند طه عبدالله إسماعيل البالغ من العمر 27 عاما المحكوم بالإعدام في قت...
-
مطار الخرطوم : سراج النعيم عاد أمس لل...