أسرة الراحل : حزن الخالدي نابع من مرض وموت نجله (عمار)
الخرطوم : سراج النعيم
كشفت أسرة الفنان الراحل عبدالمنعم الخالدي ممثله في نجله علاء الدين أدق
الأسرار في حياته الخاصة والعامة ويصادف هذا الحوار الذكري السنوية للراحل .
وقال علاء الدين نجل الخالدي : الوالد عليه الرحمة شكل ثنائية مع الملحن
سليمان ابوداؤود عليه الرحمة وهو الذي جمعه بالشاعر ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺎﻫﺮ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ وكانت
بدايتهما سوياً ﻓﻰ ﺣﻲ ﺍﻟﻘﻮﺯ ﻭﺍﻟﺤﻠﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ﻭﻛﺎﻥ لهما ﺍﻻﺛﺮ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ في ﻣﺸﻮﺍﺭ الخالدي
ﺍﻟﻔﻨﻰ الذي ﺑﺪﺃ الغناء ﺑﻨﺎﺩﻱ ﺍﻻﻟﻤﻮﻧﻴﻮﻡ ﺛﻢ ﻧﺎﺩﻱ ﺍﺑﻨﺎﺀ ﺣﻠﻔﺎ ﻭﻧﺎﺩﻱ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﺟﻨﻮﺏ.
وذكر : تمر علينا هذه الأيام الذكري الخامسة لرحيل الوالد عليه الرحمة حيث
أنه توفي في العام 19/11/2008م.
ومنذ وفاته وإلي الآن كيف تمضي أمور الأسرة بعد أن فقدت عائلها؟ قال :
الحمدلله علي ما أعطي والحمدلله علي ما أخذ فالوالد عودنا علي أن نحب بعضنا البعض
وبما أنه رسم لنا هذا الخط في حياته ها نحن نمضي في اتجاهه وبالتالي لاتوجد عواقب
تواجهنا (يعني بالبلدي كده مستورة).
هل إشكالية امتلاك منزل لكم كأسرة للخالدي وجدت طريقها للحل؟ قال : بكل
صراحة لم تحل ولم يف من وعدوا بوعدهم في موضوع قطعة الأرض.
هل الوعود التي اطلقت في ذكري والدك السنوية باتحاد الفنانين كانت
للاستهلاك الإعلامي والسلام؟ قال : كما أسلفت فهي كانت إحياء ذكري لا أكثر من ذلك
وهي كانت الذكري الثالثة التي بادر بها نخبة من الفنانين علي رأسهم الدكتور الفنان
عبدالقادر سالم وآخرين.
ماهو مصير الأغاني التي ارتبطت بصوت الخالدي؟ قال : مصيرها عند جمهور
الوالد أما عنا نحن فنحفظ هذا الغناء عن ظهر قلب فهو دخل وجدان الشعب السوداني
بصوت الراحل ومن الإستحالة أن يخرج منه أما إذا جئنا إلي من يغني ومن لا يغني فهي
مسألة تتوقف علي الشعراء والملحنين خاصة وأن قانون المكلية الفكرية وقانون حق
المؤلف يعطي الشعراء والملحنين الحق الأصيل ونحن كورثة للخالدي حق مجاور بحسب
القانون رغماً عن أن السودان مازال حيث عهدٍ بهذا القانون.
هل يردد الفنانين الشباب الأعمال التي شهرها والدك؟ قال : نعم فنحن نتفأجا
ببعض الفنانين الشباب يتغنون بأغاني الوالد ما بين الفينة والآخري وهي مسألة فيها
عدم تقدير لفنان قدم للأغنية السودانية سواء كان من أشرت لهم أو من الشعراء
والملحنين.
ولكن الشعراء والملحنين أصحاب حقوق أصليه؟ قال : أتفق معك فيما ذهبت إليه
إلا أنني أتحدث من ناحية ذوقية باعتبار أن الخالدي لعب دوراً أساسياً في إيصال
الأغاني إلي الجماهير ولكن المال يلعب دوراً كبيراً في ذلك خاصة في ظل الظروف
الاقتصادية إلا أنه رغماً عن ذلك من الاستحالة أن يقبل جمهور الوالد هذه الأغاني
باصوات خلافه ولو كنت أنا ما لم تكن بنفس الصورة التي اداءها بها في حياته ولا
اخفي أن هنالك تشويه يطال أعمال الوالد.
ماذا عنك أنت كفنان ولماذا لم تجلس مع الشعراء والملحنين لكي تحافظ علي
تراث والدك؟ قال : تفاكرت معهم إلا أن الأغاني أصبحت مصدر رزق لهم فهم لا مانع
لديهم في أن أغني أعمال والدي وفقاً للتعاقد معي بصورة رسمية تحفظ لهم حقوقهم
الأدبية والمادية بما في ذلك التسجيلات الإذاعية والتلفزيونية أما بالنسبة إلي أن
أغنيها في بيوتات الأعراس فلا مانع لديهم وإلي هذه اللحظة لم يطرق أذني أنهم لا
يرغبون في ذلك.
ماهي المشكلة التي تواجهك كفنان؟ قال : أكبر مشكلة تقف في طريقي تتمثل في
ترخيص مجلس المهن الموسيقية المسرحية فقد ذهبت إليهم في مقرهم وقدمت أوراق اعتمادي
فأصبحت المشكلة في التنازلات الخاصة بالأغاني التي رددها الوالد فهنالك شعراء خارج
السودان وآخرين لانعرف لهم عنواناً عليه ينطبق ذات الأمر علي الملحنين وبالرغم من
ذلك سعيت حتي وجدت بعضاً منهم لكنهم يطالبون بعدد محدد من تنازلات الأغاني وفي حال
تعثر هذه المحاولات عليّ إحضار أعمال خاصة رغماً عن أن البعض تم استثنائهم ولكنني
لا أرغب في الاستثناء ومع ذلك لا اتمتع بعضوية اتحاد الفنانين إلا أنني انتمي إلي اتحاد
الخرطوم جنوب.
ماذا عن الخالدي الإنسان؟ قال : الوالد علمنا نعم التعليم
وحافظ لنا حقوقنا ولم يكن يفرق بيننا رغماً عن أنه كان صارماً في تعامله علي
أن لا يكون في نفس الوقت شرساً.
دعنا ندفع الباب وندلف معك داخل المنزل للتعرف علي أسرة الخالدي؟ قال :
الأسرة تتألف من الوالدة آمال كمال حسن والأبناء أكبرهم أنا ثم اشواق مستقرة مع
زوجها في كسلا وأنجبت منه أول حفيد للمرحوم الخالدي ويليها والي الدين الذي يدرس
في التدريب المهني كهرباء سيارات وهو من الأصوات المميزة ويأتي بعده عباس الذي
يرغب في أن يكون كابتن طيران وهم جميعاً بحمدالله متوفقين في حياتهم ونحن (حالنا
مستور) والحمد لله وكما تركنا الوالد سنظل دون أن نحتاج لإنسان.
أين تقيم الأسرة في الوقت الحاضر؟ قال : نسكن في جبرة.
هل المنزل ملك لكم؟ قال : أبداً المنزل منزل إيجار
لماذا إيجار برغم تاريخ الخالدي الفني الكبير؟ قال :
هي مسألة بيد رب العالمين ولكن هنالك حقيقة قد لا يعلمها الكثيرين هو أن
الوالد كان يمتلك من المال ما لايمتلكه أي إنسان علي وجه هذه البسيطة إلا أن
الحياة والظروف المحيطة به لعبت دوراً كبيراً في أن يفقد كل تلك الثروة.
وأين ذهبت ثروة والدكم في تلك الأثناء؟ قال : كان لي شقيق أصغر مني بعام
يدعي ( عمار ) توفي إلي رحمة مولاه وكان مريضاً بالملاريا التي أمتدت إلي رأسه مما
سببت له تليف في الاعصاب ما جعل علاجه غير متوفراً بالسودان الشيء الذي أضطر
الوالد إلي أن يشد به الرحال لخارج البلاد مرتين في السنة وبالتالي ثلاثة أرباع المبالغ
المالية التي أشرت لها سابقاً انفقها علي علاج أخي عمار.
لماذا تعثر العلاج حتي في الخارج؟ قال : لعب بعض الأطباء دوراً رئيسياً في
التدهور المريع الذي وصلت إليه حالة شقيقي المرضية فقد تم إعطائه أدوية عن طريق الخطأ
ضاعفت له المرض أكثر وأكثر عليه أصبحت مصيبتنا مصيبتان.
هل الحزن الذي عاشه الخالدي كان بسبب مرض نجله ( عمار )؟ قال : بالفعل
الحزن الذي كان يسكن دواخل الوالد سببه المباشر مرض ووفاة شقيقي الأصغر فمنذ ذلك
الوقت أصبح الوالد في حالة صعبة جداً فهو كان متعلقاً به لدرجة لايمكنني وصفها.
متي أصيب عمار بالمرض؟ قال : ما بين دراستنا للروضة والمدرسة ومنذ ذلك
التاريخ ظل الوالد يتنقل به من أجل العلاج علي مدي ( 12 ) عاماً إلي أن توفي في
العام 2002م.
ما هي علاقة الوالد بالفنان الراحل مصطفي سيداحمد ؟ قال : الراحلين يعتبران
من منطقة واحدة فالأول من منطقة ( ود سلفاب ) والثاني من منطقة ( شلعوها الخوالدة
) والمسافة بينهما تقريباً نصف ساعة ثم برزا معاً في مهرجان الثقافة الثالث وكانا
في حياتهما يعيشان العزوبية في الخرطوم والوالد غني في خطوبة مصطفي بود سلفاب
وبالمقابل شارك والدي مصطفي الفرحة بالخرطوم لذلك كانت العلاقة بينهما علاقة ود
وحب.
وماذا عن إحساس الوالد عندما توفي الفنان مصطفي سيداحمد؟ قال : نسبة إلي ارتباطهما
الوثيق أوقف الخالدي كل ارتباطاته الفنية لفترة من الزمن.
وماذا عن تجربته مع الفنان الراحل زيدان إبراهيم؟ قال : كانت بينهما تجربة
غنائية كبيرة تمثلت في إنتاجهما لألبومين (الذكريات) و( قالوا وقلنا ليه ) في
تسعينيات القرن الماضي.
وماذا عن وفاة والدك ؟ قال : وقتها كنت لا أدرك نفسي مع التأكيد أننا
مازلنا نتلقي التعازي في وفاته داخل السودان وخارجه.
ما الرصيد الذي تركه لكم؟ قال : حب الناس بصورة عامة.
هل انقطع عنكم اصدقاء الخالدي بعد رحيله؟ قال : انقطعوا عنا بمحض إرادتهم
فمنهم من هاجر ومنهم من يتواصل معنا عبر الهاتف.
ما سر إرتباطه بالفنان الراحل محمود عبدالعزيز أو إرتباط الأخير بالأول؟
قال : العلاقة بينهما بدأت منذ زمن طويل فكان الراحل محمود يحكي لي عن حبه الجنوني
لوالدي مؤكداً أنه كان يطارد حفلات والدي أينما كانت وروي لي قصة المدحة التي كان
يفترض أن يسجلها دويتو مع الخالدي لإذاعة ( ساهور ) ولكن شاءت الأقدار أن يسجل كل
منهما منفرداً.
وماذا علي الصعيد الشخصي؟ قال : كانا يتواصلان بصورة مستمرة فالوالد عليه
الرحمة يذهب إلي الحوت في منزله بالمزاد وكذلك يفعل الراحل محمود عبدالعزيز إلي أن
أنتقلا الأثنين إلي الدار الآخرة وبعد وفاة الخالدي كان محمود عبدالعزيز يتواصل
معنا وقبل سفره للعلاج بالأردن بليلة واحدة كنت معه بمستشفي رويال كير حوالي
الثانية صباحاً وكان أن التقيت به ودار بيني بينه حواراً قصيراً وكانت حالته
الصحية متدهورة ما دعاني للخروج من غرفته إلي ممر الغرف وبكيت بكاء حاراً ثم عدت
إليه فقدم لي النصائح علي النحو التالي : ( خلي بالك من نفسك.. ومن ناس بيتكم وشق
طريقك صاح) المهم أن حواري معه سيطرت عليه الوصايا أتمني أن يقدرني الله سبحانه
وتعالي علي تنفيذها.