الخرطوم : سراج النعيم
كشف المهندسان البحاران السودانيان عبدالمنعم عبدالحفيظ محمود البالغ من
العمر (52عاماً) وأحمد الأمين كورهمي التفاصيل الكاملة لعملية تحريرهم من قبضة
القراصنة الصوماليين في غضون الأيام الفائتة بواسطة قوات حرس السواحل الصومالية إذ احتجزهم القراصنة
الصوماليين كرهائن بالباخرة ( آيس بيرج ) البنمية ويبلغ عددهم 24 ظلوا علي مدي ثلاثة
أعوام متتالية رهن الاحتجاز داخل الباخرة سالفة الذكر ولم يتمكنوا من مغادرتها إلا
بعد أن اخلي سبيلهم في اليومين الماضيين ببسالة القوات الصومالية التي لعبت دوراً
ريادياً في عملية التحرير التي وصفها المهندسين البحارين بالعملية الشاقة جداً
نسبة للقوة التي يتمتع بها القراصنة فيما وجها صوت لوم للدبلوماسية السودانية لعدم
اهتمامها بهذه القضية الساخنة رغماً عن مخاطبتها من أسرة المهندس البحار عبدالمنعم
وزميله احمد اللذين بقيا طيلة هذه الفترة الزمنية قيد الاحتجاز من طرف القراصنة
الصوماليين وذلك منذ مارس 2010
متابعة الاحتجاز
فيما قال المهندس العائد من الاختطاف (عبدالمنعم) : على الرغم من مخاطبات
شقيقي الكابتن محمد عبدالحفيظ للسلطات السودانية المختصة على مدى عامين كاملين
ولكن دون جدوى، في حين نجد أن الرهائن الآخرين وجدوا من يتبني لهم قضيتهم وظل
شقيقي يتابع أخر المستجدات منذ اللحظة التي تم فيها احتجازنا.
السلطات الحكومية الصومالية
وأردف : لقد أجرت السلطات الحكومية
الصومالية اتصالاً هاتفياً بأسرتي في الخرطوم تفيدهم فيه بتحرير الرهائن المحتجزين
لدي القراصنة وقمنا بعد هذه العملية الناجحة بتسليم المهندسين البحارين للسفارة
السودانية بالصومال فيما بدأت تداعيات الاختطاف أكثر غرابة ولكن دعني ابدأ القصة
من حيث انطلاقتنا من الميناء الذي حملت فيه الباخرة بالبضائع المتمثلة في محطة
كهربائية من جبل (أم علي) بإمارة دبي والتوجه بها وتفريغها في ميناء عدن باليمن
وكان أن تحركنا من هناك في الثامن والعشرين من شهر مارس 2010م في تمام الساعة
السابعة والنصف صباحاً إلا ان المفاجأة كانت كبيرة بالنسبة لنا وذلك بظهور
القراصنة الصوماليين الذين اعترضوا طريقنا الذي كنا نمضي نحوه للساحل الواقع في
المياه الإقليمية اليمنية وذلك من خلال قيادتهم لقارب صغير مدجج بالأسلحة التي
تبادلوا بها في بادئ الأمر إطلاق الأعيرة النارية مع قارب أخر يحمل شعار شركة النفط
اليمنية وعندما عجزوا عن مقارعته قاموا
بعملية اقتحام الباخرة التي كنا نستغلها إلي ان سيطروا عليها سيطرة كاملة ومن ثم حولوا اتجاهها إلي منطقة القراصنة
(قرعد) وهي منطقة تقع علي السواحل الصومالية وبينما غير القراصنة (الكورس) أي
الوجهة التي كانت مقرره لنا وذلك من إمارة دبي إلي الصومال وما ان مرت ساعتين علي
هذا الاحتجاز إلا وظهرت بارجة وطائرة هليكوبتر أمريكيتان قامتا بمتابعتنا إلي أن وصلنا
إلي المياه الإقليمية الصومالية التي رست بها الباخرة إذ أنها تقع في المياه
الإقليمية الصومالية.
فيما نجد ان القوات الصومالية بالتنسيق مع
ولاية بونت لاند الصومالية قد نفذا عملية عسكرية نوعية وناجحة جداً أمس الأول نتج
عنها تحرير الرهائن البالغ عددهم أربعة وعشرون بحاراً من جنسيات مختلفة علي رأسهم
المهندسين السودانيين عبدالمنعم عبدالحفيظ واحمد والبحارة اليمنيين الثمانية إلي
جانب آخرين نتطرق لهم في إطار القصص المثيرة التي خرجت بها الصحيفة من
المختطفين الذين عادوا إلى الوطن أمس وسيغادرون
إلي مدينة بورتسودان وقد حرصت على إجراء هذين الحوارين معهما بعد وصولهما بسويعات
معدودة من مطار الخرطوم الدولي فكانت الحصيلة كالتالي:
القراصنة الصوماليين.
واصل
المهندسان البحاران السودانيان عبدالمنعم عبدالحفيظ محمود وأحمد الأمين كورهمي نقل
مشاهداتهما المؤلمة والحزينة من عمق البحار التي اضطروا لأن يجوبوها غصباً عنهما
مع اثنين وعشرون من البحارة الذين يحملون جنسيات مختلفة وذلك قبيل إخلاء
سبيلهم من قبضة القراصنة الصوماليين الذين
كانوا يبادلون الحراسة مابين الفينة والأخرى بينما نجد أن العملية العسكرية
الشاملة التي نفذتها قوات حرس السواحل
الصومالية تمت بالتنسيق مع قوات ولاية بنت لاند بزعامة نجل رئيس الولاية والجنرال
عبدالرزاق اللذين ظلا مرابطين مع الجنود إلي أن تم تحرير البحارة الـ(24) الذين احتجزهم
القراصنة الصوماليين كرهائن بالباخرة ( آيس بيرج ) البنمية علي مدي ثلاثة أعوام
متتالية ظلوا فيها رهن الاحتجاز داخل الباخرة سالفة الذكر إذ أنهم لم يتمكنوا من مغادرة
السفينة المعنية إلا بعد أن اخلي سبيلهم في اليومين الماضيين ببسالة القوات
الصومالية التي لعبت دوراً ريادياً في عملية التحرير التي وصفها المهندسين
البحارين (عبدالمنعم) و(احمد) بالعملية الشاقة جداً لما واجهته القوة المحررة من
مقاومة شرسة من القراصنة الصوماليين.
فيما وجه المهندس السوداني عبدالمنعم عبدالحفيظ
صوت لوم للدبلوماسية السودانية لعدم اهتمامها بهذه القضية الساخنة التي حظيت
بالاهتمام علي أعلي المستويات الدولية إلا أن الخارجية السودانية تجاهلت النداء
الذي بعثت به أسرتي بواسطة شقيقي الأصغر الكابتن بحري محمد عبدالحفيظ الذي خاطبها
بصورة رسمية بعد اختطاف الباخرة بأيام من تاريخه إلي اللحظات التي سبقت إطلاق
سراحنا من الاحتجاز من طرف القراصنة الصوماليين وذلك منذ مارس 2010.
المطالبة
بـ5 مليون دولار
وقال
المهندس السوداني عبدالمنعم للدار : لقد تابعنا خلال احتجازنا داخل غرفة صغيرة
بالباخرة ( آيس بيرج ) البنمية كل التحركات الماكوكية للدبلوماسية اليمنية
والهندية والغانية والفلبينية ما عدا الدبلوماسية السودانية التي لديها رهائن من
ضمن الرهائن الذين اهتمت دولهم باختطافهم وهي تتابع المستجدات التي تطرأ علي هذا
الملف علي مدي ثلاث سنوات متصلة دون انقطاع وهي السنوات التي عذبنا فيها للدرجة
التي تغيرت معها إشكالنا قبل القيام بهذه العملية المخالفة للقوانين السماوية وتلك
التي شرعت بواسطة البشر بما فيها المواثيق والعهود الدولية التي تحرم هذا الجرم بل
تعاقب عليه.
البحارة اليمنيين المختطفين
واستمر : ولكن أكثر ما حز في نفسي طيلة هذه الفترة الزمنية التي كنا
محتجزين فيها موقف الحكومة اليمنية من رعاياها الذين كانوا معنا حيث سعت سعياً حثيثاً
وجاداً جداً في التفاوض مع القراصنة الصوماليين من أجل إطلاق سراح البحارة اليمنيين
المختطفين.
وأشار إلي انه قام بمتابعة الاتصالات التي
اجرتها الحكومة اليمنية قائلاً : راقبت عن قرب وبشكل دقيق جداً المحادثات الهاتفية
المباشرة التي أجراها الدكتور واعد با ذيب وزير النقل اليمني للوصول لحل ينهي
الأزمة المتفجرة منذ سنوات وذلك من خلال وسطاء يقودون مبادرة إقناع القراصنة لكي
يقوموا بإخلاء سبيل طاقم السفينة (ice berg) البنمية، وتركز المتفاوضات علي إطلاق سراح البحارة اليمنيين وقد
أبدي الوزير اليمني استعداده التام لدفع الفدية للقراصنة الصوماليين محدداً إياه بـ360 ألف دولار أمريكي, إلا انه لم ترق
للقراصنة وبالتالي لم يجد منهم استجابة علي ذلك فما كان منهم إلا وتجاهلوا الفكرة علي
أساس أنهم يطلبون مقابل إطلاق سراحنا جميعاً بـ5 ملايين دولار أمريكي.
اعتراض
طريق الباخرة
واسترسل
: وتعود وقائع هذه القصة المثيرة جداً والتي تدعو للاستغراب
والدهشة إلى 27 مارس 2010م التاريخ الذي اختطفنا فيه من المياه الإقليمية اليمنية التي
تمكن في أجوائها مجموعة من القراصنة الصوماليين من محاصرة الباخرة (Ice Berg) البنمية واعتراض طريقها أثناء ما كانت تبحر في طريقها إلي ميناء
(أم علي) بإمارة دبي على بعد 10
أميال بحرية من الشواطئ اليمنية وفيما كانت الباخرة محملة
بالبضائع المتمثلة في شحنة 4500 طن غاز مسال بالإضافة إلي محطة كهربائية ويبلغ عدد
طاقمها 24 بحاراً من جنسيات مختلفة تسعة بحارة يمنيين قتل احدهم بصورة بشعة جداً نسبة
إلي ان القراصنة الصوماليين لا يتورعون من فعل أي شيء خارجاً عن القانون وبالتالي
تسلمت الحكومة اليمنية ثمانية ضف إليهم اثنين
من البحارة الباكستانيين وستة من البحارة الهنود وأربعة من البحارة الغانيين وبحار
فلبيني واحد.
التعرض
لعملية القرصنة
واستطرد
: وما أن تلقت السفينة (Ice Berg)
البنمية تهديداً من القراصنة الصوماليين إلا بدأنا في إرسال إشارات استغاثة استمرت
لعدة ساعات ولكن لم تتم أية استجابة من
خفر السواحل اليمنية مما جعل مصيرنا كبحارة مصيراً مجهولاً الشيء الذي أدي بنا إلي
أن نصاب باليأس من هذا الملف الذي تولت أمره بعض أسر البحارة بدلاً عن السلطات الرسمية في بعض الدول المختطف
منها بحارة وقد استطاع البعض منهم التواصل مع أسرهم مؤكدين لهم أننا موجودين
بمنطقة تدعي (جرعد) وهي المنطقة القريبة من مدينة (بوصاصو) الواقعة علي السواحل
الصومالية.
ثلاثة
أعوام مع القراصنة
ومضي
: عشنا طوال الفترة الزمنية الماضية لحظات عصيبة من عمرنا لحظات تمتاز بأنها قاسية
جداً لأنها كانت تحت رحمة هؤلاء القراصنة الصوماليون الذين كانوا يتعاملون معنا في
بادئ الأمر معاملة لا بأس بها إلي أن فقدوا الأمل في دفع الفدية التي حددوها بـ(5)
ملايين دولار أمريكي ورفضوا ما عرضته عليهم الحكومة اليمنية نظير إطلاق سراح
بحارتها عبدالرزاق علي صالح (القبطان)، محمد عبدالله خان (كبير المهندسين)، حافظ
صالح علي (ضابط ثان)، وجدي أكرم محسن (ضابط ثالث)، جمال علي سالم الحسني (رئيس
بحارة)، أحمد فايز أحمد بير (بحار)، معمر عبده صالح (بحار)، عبده عمر محمد سالم
(فني ميكانيك)، جمال إبراهيم صالح الوهيبي (طباخ)"، بالإضافة إلي شخصي وزميلي
المهندس السوداني أحمد وآخرين من جنسيات أخري أصيبوا جميعاً بأمراض مختلفة في ظل طبيعة
وظروف صحية متدهورة ناتجة من الاحتجاز الذي افتقر لأدني عوامل الإنسانية إلى أن أرسلت
لنا الحكومة اليمنية أدوية عبر شيخ صومالي يقود وساطة لإطلاق سراحنا.
الاختطاف في جنح الظلام
وأضاف
: أن القراصنة الصوماليين كانوا يغدقون علينا بالطعام في حال قرصنوا باخرة أما دون
ذلك فالوجبة التي يمنحوننا إليها عبارة عن أرز بماء وقليل جداً من المياه خلال يوم
بأكمله وحينما يشتد علينا العطش نلجأ إلي مياه البحر وهكذا مضت بنا الأيام والشهور
والسنوات فلا أمل في خروجنا من تلك الورطة ولم نكن نفكر مجرد التفكير في العودة
لأننا علي علم تام بان القراصنة بدأوا تنفيذ هذه العمليات منذ اشتعال الحرب
الأهلية في الصومال, مما حدا بالقراصنة استقلال تلك السواحل وقطع الطريق علي
البواخر والسفن ومن ثم اختطفها في جنح الظلام وأصبحوا علي خلفية ذلك يشكلون
مجموعات كبيرة ظهر جزء منها في عملية التناوب
في حراستنا داخل الغرفة بالباخرة فهم
عبارة عن ميليشيات مسلحة عمدت إلي تشكيل فرقاً خاصة بها لممارسة القرصنة علي حدود السواحل
الصومالية ويعود ريعان ذلك الانتهاك إلي حسابهم الخاص, مركزين في نشاطهم علي
البواخر والسفن الأجنبية التي تستغل
المياه الإقليمية الصومالية ومن خلال ذلك العمل القرصاني المنظم تمكنوا من تنظيم
أنفسهم بصورة دقيقة التمستها في وجودي معهم علي مدي ثلاث سنوات.
تعطل
الباخرة
وأردف
: لقد وقفت كثيراً عند الجرائم التي ارتكبت في حقنا طيلة الفترة الزمنية سالفة
الذكر فالقراصنة الصوماليين قاموا بتقطيع أذني احد البحارة الذي ظنوا انه سبباً
مباشراً في العطب الذي أصاب الباخرة في
تلك الأثناء ورغماً
عن ذلك المنظر البشع إلا أن ذلك الرجل المعتدي عليه كان رجلاً شجاعاً ولم يتراجع
عن موقفه علماً بأنهم انتهجوا هذا المسلك لإخافتنا في ظل ذلك الواقع الذي يكتنفه
الكثير من الغموض.
السواحل
الصومال
استأنف
الحكاية المثيرة قائلاً : على الرغم من مخاطبات شقيقي الكابتن محمد عبدالحفيظ
للسلطات السودانية المختصة على مدى عامين كاملين ولكن دون جدوى، في حين نجد أن
الرهائن الآخرين وجدوا من يتبني لهم قضيتهم وظل شقيقي يتابع أخر المستجدات منذ
اللحظة التي تم فيها احتجازنا لأنه علي علم بأن السواحل الصومالية تشهد الكثير من العمليات
الاختطافية التي يقوم بها القراصنة ضد البواخر و السفن التجارية التي تمر بالمياه
الإقليمية قبالة السواحل الصومالية
السلطات
الحكومية الصومالية
وأردف : لقد أجرت السلطات الرسمية الصومالية
اتصالاً هاتفياً بأسرتي في الخرطوم تفيدهم فيه بتحرير الرهائن المحتجزين لدي
القراصنة بعد أن قامت الحكومة الصومالية بالعملية العسكرية النوعية الناجحة والتي
علي ضوئها تم تسليمنا للسفارة السودانية بالصومال فيما بدأت تداعيات اختطافنا أكثر
غرابة ولكن دعني ابدأ القصة من حيث انطلاقتنا من ميناء عدن باليمن والذي حملت فيه
الباخرة بالبضائع المتمثلة في محطة كهربائية لتفريغها في ميناء جبل (أم علي)
بإمارة دبي وكان أن تحركنا من هناك في الثامن والعشرين من شهر مارس 2010م في تمام
الساعة السابعة والنصف صباحاً إلا ان المفاجأة كانت كبيرة بالنسبة لنا وذلك بظهور
القراصنة الصوماليين الذين اعترضوا طريقنا الذي كنا نمضي نحوه للساحل الواقع في
المياه الإقليمية اليمنية وذلك من خلال قيادتهم لقارب صغير مدجج بالأسلحة التي
تبادلوا بها في بادئ الأمر إطلاق الأعيرة النارية مع قارب أخر يحمل شعار شركة
النفط اليمنية وعندما عجزوا عن قرصنته اضطروا إلي تركه والتحول كلياً إلي اقتحام الباخرة التي كنا نستغلها إلي ان سيطروا
عليها سيطرة كاملة ومن ثم حولوا اتجاهها
إلي منطقة القراصنة (جرعد) وهي منطقة تقع علي السواحل الصومالية وذلك من إمارة دبي
إلي الصومال وما ان مرت ساعتين علي هذا الاحتجاز إلا وظهرت بارجة وطائرة هليكوبتر
أمريكيتان قامتا بمتابعتنا إلي أن وصلنا إلي المياه الإقليمية الصومالية التي رست
بها الباخرة إذ أنها تقع في المياه الإقليمية الصومالية.
ولاية
بونت لاند الصومالية
كانت
الدار أشارت أمس إلي ان القوات الصومالية بالتنسيق مع ولاية بونت لاند الصومالية
قد نفذا عملية عسكرية نوعية وناجحة جداً نتج عنها تحرير الرهائن البالغ عددهم
أربعة وعشرون بحاراً من جنسيات مختلفة علي رأسهم المهندسين السودانيين عبدالمنعم
عبدالحفيظ واحمد والبحارة اليمنيين الثمانية إلي جانب آخرين نتطرق لهم في إطار
القصص المثيرة التي خرجت بها الصحيفة من المختطفين الذين عادوا إلى الوطن وسيغادرون إلي مدينة
بورتسودان وقد حرصت على إجراء هذين الحوارين معهما بعد وصولهما بسويعات معدودة من
مطار الخرطوم الدولي.