القصة الحزينة لاستشهاد (محمد) نجل المخرج مجدي مكي بطلق ناري بامدرمان
والد الشهيد يتنبأ بوفاته في مليونيات الثورة منذ العام 2018م
لم ينقطع ابني يوماً واحداً عن الاعتصام أمام ساحة القوات المسلحة
توثيق : سراج النعيم
كشف المخرج الشهير مجدي مكي عثمان والد الشهيد (محمد) القصة الحزينة لاستشهاده في شارع الأربعين بمدينة أمدرمان، وذلك في مليونية 10 مارس 2022م بطلق ناري أثناء مشاركته في المظاهرات المناهضة لنظام الحكم في البلاد.
في البدء ماذا عن نجلك الذي استشهد في مليونية 10 مارس؟
اطلقت عليه اسم (محمد) تيمنا باسم سيد البشرية صل الله عليه وسلم، وهو يبلغ من العمر (15) عاما، ويدرس في مدرسة (الثورة الحارة 11) بمحلية كرري.
متى ارتبط أبنك بالنضال الثوري الذي يشهده السودان للاطاحة بالنظام البائد؟
ظل نجلي (محمد) ثورجياً رغماً عن صغر سنه يشارك في المواكب، المليونيات وتتريس الشوارع العامة بشكل دائم، وذلك منذ العام 2018م، أي أنه لم ينقطع عن هذا الخط الصارم الذي اخطته لنفسه، هكذا ظل يشارك في الثورة الشبابية الشعبية ثائراً على نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، ورغماً عن كان صغيراً في سنه إلا أنه كان مدركاً للتغيير الذي ينشده الشعب السوداني، لذلك استمر في نضاله الثوري من خلال المواكب، المليونيات والمتاريس، وظل ثابتاً على مبادئه طوال السنوات الماضية إلى أن لبي نداء ربه ثائراً ضد الديكتاتوريات.
ماذا بعد إسقاط نظام الرئيس المعزول عمر البشير من إدارة البلاد؟
داوم نجلي (محمد) على الذهاب للاعتصام أمام ساحة القيادة العامة للقوات السودانية المسلحة بالخرطوم، وكان يذهب إليها من خلال دراجة هوائية يتحرك بها يومياً من الثورة الحارة (11) بمحلية كرري.
هل كان يعتصم مع رفقائه في ساحة الاعتصام بالخرطوم أم أنه يعود لمنزل الأسرة؟
كان الشهيد يذهب إليها، ويعود منها لمنزلنا بالثورة (الحارة 11) بمحلية كرري، لذلك لم يكن موجوداً لحظة فض الاعتصام من أمام ساحة القوات المسلحة السودانية بالخرطوم.
ماذا عن استشهاده في مليونية 10 مارس بشارع الأربعين؟
خرج نجلي (محمد) من منزلنا بالثورة (الحارة 11)، وتوجه مباشرةً مع الموكب المتحرك من حارتنا إلى شارع الأربعين بأمدرمان لمشاركة زملائه الثوار الثائرين على نظام الحكم البائد في البلاد، وذلك بحثاً عن الحرية، السلام والعدالة، هكذا ظل مشاركاً أصيلاً في ثورة ديسمبر المجيدة إلى أن اختاره الله سبحانه وتعالي إلى جواره يوم الخميس المواقف 10 مارس 2022م.
هل شارك الشهيد (محمد) في مليونية 10 مارس بعلمك؟
نعم.. فهو ثورجيا، ويتحرك للمشاركة في الثورة من منزلنا، وفي اليوم الذي استشهد فيه كانت مشاركته في المظاهرات بشارع الأربعين بعلمي، وعندما وصل إليه كان ذلك بتوقيت الثورة، فبدأ يعبر عما يجيش في دواخله، وأثناء ذلك تعرض للإصابة برصاصة في صدره، مما أدي إلى وفاته متأثراً بالجرح الذي سببه له العيار الناري.
ما الكيفية التى تلقيت بها خبر استشهاده؟
عادة لا انوم بعد الظهر، ولكن في ذلك اليوم كنت مستلقياً على السرير، فطرق اذني صوت زوجتي، وهي تجهش بالبكاء، وتشير إلى أن ابنها أصيب بطلق ناري في مليونية 10 مارس 2022م، فما كان مني إلا وسألتها عما جري لنجلي (محمد)، فقالت : (ابني محمد أصيب بطلق ناري، وتم إسعافه إلى مستشفي الأربعين بمدينة أمدرمان)، وعلى خلفية ذلك اجريت اتصالات هاتفية بمن هم معه في تلك اللحظات الحزينة، فأكدوا بأن نجلي (محمد) استشهد متأثرا بما تعرض له من عيار ناري، فما كان مني إلا ووضعت زوجتي أمام الأمر الواقع، مؤكداً لها بما لا يدع مجالا للشك بأن ابنها اسلم الروح إلى بارئها حتى لا نتفاجأ بالوفاة عند وصولها إلى المستشفي.
وماذا؟
كنت على قناعة تامة بأن الشهيد (محمد) لن يعيش كثيراً في هذه الحياة، وهذا يعود إلى انني درست شخصيته منذ ان كان صغيرا، فوجدت أنه يحرص حرصاً مطلقاً على القيام بالجوانب الإنسانية والاجتماعية، إذ انني اجده يشارك في تشييع الجثامين بالمقابر، أي أنه كان يسعي سعياً حثيثاً إلى كسب الاجر من الله سبحانه وتعالي.
هل كنت تتوقع إخطارك باستشهاده في ثورة ديسمبر المجيدة؟
كنت اتوقع أنه سينتقل إلى الرفيق الاعلي، وذلك منذ العام 2018م، لأنه كان يشارك في المواكب، المليونيات وتتريس الشوارع العامة دون خوف مما قد يحدث له في تلك الأثناء.
هل كان يستأذنك للمشاركة في النضال الثوري؟
في بعض الأحيان، وفي احايين آخري يخرج من منزلنا دون إخطاري أو والدته، ودائماً ما يذهب إلى ثورته، ويعود منها إلى منزلنا منذ العام 2018م، هكذا إلى أن اطلق عليه العيار الناري في صدره، والذي أخترق جسده من الجهة الشمال وخرج منه بالجهة اليمين.
ما الذي جعلك على قناعة باستشهاد ابنك (محمد)؟
قناعتي نابعة من أن نجلي لن يعيش في هذه الحياة كثيراً من افعاله التى يفعلها، والتي تشير إلى هذه الحقيقة، فهو دائماً ما يكون في الصفوف الأمامية.
الاحظ أنك ثابت رغماً عن استشهاد ابنك بإطلاق عيار ناري؟
ما جعلني ثابتاً في هذه اللحظات الحزينة التي تخيم على الأسرة أصلاً، هي وفاة والدتي إلى رحمة مولاه قبل استشهاد نجلي (محمد) بأسبوعين، لذلك خبر رحيله هو الحزن الثاني الذي يسيطر على الأسرة.
هل الشهيد هو ابنك الوحيد أم أن لديه أشقاء؟
ابنائي الذكور إثنين بما فيهما الشهيد (محمد)، والذي باستشهاده أصبح شقيقه الأكبر وحيداً بين شقيقتيه.
ما الرسالة التى تود إرسالها للشباب الثائر بعد استشهاد نجلك (محمد)؟
رسالتي التي ابعثها إلى كل الشباب الذين يخرجون في المواكب، المليونيات وتتريس الشوارع العامة تنحصر في ان حقوقكم لن تضيع بإذن الله، مع التأكيد باستمرارية ثورتنا والتزامنا التام بالسلمية إلى أن نأخذ لكم حقكم كاملاً غير منقوصا، فكلنا سنموت أن طال بنا المقام أو قصر، إلا إننا نبحث عن العدالة طالما إننا على قيد الحياة،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق