سودانيون من بينهم (نساء) و(أطفال) في الاعتقال بالسجون بسبب (داعش)
سيدة فرنسية معتقله أقنعها زوجها السوداني بالانتماء إلى الدولة الإسلامية
تقرير : سراج النعيم
سلطت العملية النوعية لمداهمة جهاز المخابرات العامة السوداني ضد خلية الدولة الإسلامية (داعش) بالخرطوم الأضواء على التنظيم في السودان الذي يمر بمرحلة حكم انتقالي بعد الإطاحة بنظام الرئيس المعزول (عمر البشير)، وأدت المداهمة إلى مقتل وإصابة عناصر من جهاز المخابرات الذي استشهد منه (5) من بينهم ضابطين وجرحي، مما أفرز ذلك تساؤلات عديدة حول عودة نفوذ المنظمات (الإرهابية) للسودان، خاصة وأن المداهمة أسفرت عن القبض على (11) متهماً، لذلك لابد من الإلمام بأن التنظيم (الإرهابي) لديه ما يسمى بـ(ولاية غرب إفريقيا) الواقعة قرب بحيرة (تشاد)، والتي يسعي من خلالها لإعادة ترتيب صفوفه مجدداً بغية التوسع في المنطقة، مما سيعرض حياة الأفارقة للخطر، خاصة وأنه عزز قوته في وقت سابق في (ليبيا)، واستطاع من خلالها تنفيذ أجندة كثيرة، وذلك بعد أن خسر الرهان في (العراق) و(سوريا)، ولم يعد له تأثير خطير على البلدين، إلا أنه لا يوجد تحالف دولي سياسي أو عسكري للتصدي لخطره، لذلك تسبب في زعزعة الاستقرار الإقليمي الذي أطرح في ظله بعض الأسئلة كيف دخلت خلية (داعش) للخرطوم، ومن الذي وفر لها الملاذ، وما هي نوعية الأسلحة أو المتفجرات المضبوطة بحوزة عناصرها؟؟؟.
مما ذهبت إليه، فإن ظهور تنظيم الدولة الإسلامية في المشهد الإعلامي مجدداً يعود إلى ضبط جهاز المخابرات العامة لخلية تنتمي لتنظيم (داعش)، مما أكد ذلك بأن التنظيم مازال يعمل على تكوين حركة (إرهابية) عالمية، ويمضي بها في خط تنظيم (القاعدة) بزعامة أسامة بن لادن إلا أن الأخير كان محدوداً على عكس تنظيم الدولة الإسلامية الذي يمثل تيار واسع وخطير جداً من خلال تغلغله في أوساط المجتمعات، وتصوير نفسه كلاعب رئيسي في المنطقة وفق إستراتيجية قائمة على تعزيز وجوده بـ(العنف)، وتحطيم حدود الرقعة الجغرافية، والسعي لحل محل الأنظمة الحاكمة في بلدانها، والتي يصفها بـ(المرتدة).
استفاد التنظيم (الإرهابي) من الصراع الدائر هنا وهناك حول السلطة والثروة، كما أنه استفاد من ظروف المجتمعات العربية والأفريقية، والتي تتسم في كثير من الأوقات بـ(الصراعات)، فضلاً عن أن بعض الدول الإقليمية والدولية تفرض على البعض الدول (وصايا)، مما أزم نظام الحكم في المنطقة، والتي تشهد أزمات اقتصادية مستمرة منذ عقود، لكل ذلك صعد نجم (داعش) مرة آخري بالسيطرة على عقول الشباب، وأصبح يحصر تفكيرها في إزهاق الأرواح من أجل تحقيق أهدافه وأفكاره (الإرهابية) إلا أن قراءته كانت ضيقة لما يدور في المنطقة الساخنة، والقابلة للانفجار في أي لحظة، بالإضافة إلى أن نظرته (بائدة) للعقيدة الإسلامية، لذا سيقضي التنظيم (الإرهابي) على نفسه بنفسه أن طال به المقام أو قصر، لأنه يفتقر للخيال السياسي العميق الذي يدعه يوزن مخططاته بما يحقق له أجندته، إلا أنه اثر التسويق لنفسه بأيديولوجيات تخالف الإنسان الذي ظل منذ خلق البشرية يبحث عن الأمن، والذي لا يمكن أن يتحقق بما يرمي إليه تنظيم الدولة الإسلامية المرتكز على استخدام (العنف)، وتطهير الأراضي من الذين يطلق عليهم (المرتدين)، ومع هذا وذاك لا يضع في اعتباره (الهوية).
نجح تنظيم (داعش) في جذب الشباب إليه من خلال الوسائل الحديثة، والتي خاطبهم من خلالها حول مشروعه الرامي لاستعادة الخلافة الإسلامية من نظام الدولة، وهو المدخل الذي قاد البعض للانجراف وراء تياره، ولا سيما فإن صعود نجمه الحقيقي جاء بعد احتلال الولايات المتحدة الأمريكية لـ(لعراق) في العام (2003م)، وهو ما فتح أبواب الأسئلة مشرعة ما كيفية تفكير قيادة تنظيم الدولة الإسلامية، وما الأفكار التي يود طرحها، وما نظرته للأحداث السياسية الدائرة في المنطقة؟؟؟.
وبالعودة للوراء نجد أن جهاز المخابرات العامة تمكن في وقت سابق بقيادة الدكتور اللواء أمن التجاني إبراهيم من استعادة (10) سودانيين من صفوف (داعش) من بينهم (7) نساء و(3) أطفال، وأكد في هذا الإطار الدكتور التجاني بأن المستعادين سيخضون لعمليات معالجة فكرية ونفسية لمعرفة الأسباب التي دعتهم لـ(لتطرف)، وذلك عبر الحوار الفكري المباشر، ومن ثم يتم تأهيلهم ودمجهم في المجتمع، مشيراً إلى أن عمليات الاستعادة تمت بالتعاون مع السفارة السودانية بـ(ليبيا) والجالية السودانية بمصراته، ومعاونة عدد من الأجهزة الأمنية الصديقة.
فيما يواجه (٤٣) سودانياً (رجال)، (نساء) و(أطفال) معضلة الاعتقال في مخيمات وسجون المعارضة السورية المسلحة للاشتباه بانضمامهم إلى تنظيم (داعش)، وكشفت مصادر مطلعة تفاصيل مثيرة حول المخيمات والسجون، مؤكدة بأنها تضم أكثر من (11) ألف (امرأة) و(طفل) من مختلف الجنسيات، ومن بينها الجنسية السودانية.
من جانبها، وضعت بعض السيدات السودانيات المحتجزات في المخيمات قصص اعتقالهن وسط حراسة أمنية مشددة بالأسلحة، إذ قالت سيدة سودانية فضلت حجب اسمها : نعيش في مخيمات المعارضة السورية المسلحة أوضاعاً إنسانية قاسية جداً، فالمواد الغذائية، والتموينية المنقذة للحياة في تناقص، ولا تلتفت (قسد) إلى توفيرها، وإذا أستمر هذا الوضع المأساوي كثيراً، فإنه سيؤدي بلا شك للإصابة بأمراض ووفيات، لذلك نرجو من السلطات السودانية التفكير في التدخل سريعاً من أجل إعادتنا إلى أرض الوطن حتى لا يتم نقلنا من المخيمات إلى سجون اشتهرت بـ(التعذيب) و(إزهاق الأرواح).
وأضافت سيدة آخري : لابد من التأكيد بأن الخوف يسيطر على كل النساء والأطفال الصغار الذين لم يختاروا الانتماء إلى دولة الخلافة الإسلامية المزعومة (داعش)، بل وجدوا أنفسهم بلد يشهد حرباً أهلية منذ سنوات.
وتفصيلاً يبلغ عدد الرعايا السودانيين المحتجزين في مخيمات المعارضة حوالي (٣٠) شخصاً من النساء والأطفال، و(١٣) شخصاً تقريباً متهمين بالقتال مع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
من جانبها، رفضت (قسد) التفاوض حول السودانيين الذين تتهمهم بالقتال مع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، باعتبار أنهم أزهقوا أرواح بعض عناصر المعارضة السورية المسلحة، لذلك تصر إصراراً شديداً على عدم إطلاق سراحهم أو تسليمهم إلى الحكومة السودانية لمحاكمتهم في الخرطوم، وبالتالي فإن النساء والأطفال المأسورين بسبب الدولة الإسلامية يعانون الأمرين من واقع أن العائل إما قتل في الحرب السورية، وإما معتقل في السجون.
من جانب آخر، فمن بين الرعايا السودانيين أطفال سيدة فرنسية أنجبهم منها زوجها السوداني الموجود معتقلاً في سجون المعارضة المسلحة السورية، وتشير قصتها إلى أن زوجها السوداني أقنعها بفكر الدولة الإسلامية (داعش)، ومن ثم شدت معه الرحال إلى سوريا برفقة طفليها الانثى البالغة من العمر (١٦) عاماً، والذكر البالغ من العمر (١٤) ربيعاً.
هذا ويعيش الرعايا السودانيين أوضاعاً قاسية جداً في المخيمات والسجون المفتقرة لأدنى مقومات الحياة، إذ أنه ليس فيها خدمات، بالإضافة إلى الإحساس بعدم الطمأنينة والأمن.
يبدو أن بعض الحكومات رفضت تحمل مسؤوليتها تجاه رعاياها المشتبه بانتمائهم إلى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، لذلك تم وضعتهم في سجون ومخيمات مكتظة بالأشخاص من جميع الجنسيات، وتتحجج بعض الحكومات بأن إعادة رعاياها إلى بلدانهم تحكمه مخاوف أمنية وصعوبات لوجستية، لذلك لا تبذل قصارى جهدها لإعادتهم إلى أوطانهم، وبالتالي لا تحافظ على حقوقهم القانونية والإنسانية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق