...........................
من المؤكد أن بعض الناس يخدعون في أقاربهم الذين يتدخلون تدخلاً سافراً في تفاصيل دقيقة لا تحتمل خاصة وأنهم لا يفعلون للإصلاح، إنما لتوسيع شقة الخلاف بين الأطراف الزوج وزوجته أو الأخ وأخيه أو الأخت وأختها وغيرها من الخلافات الدائرة في إطار (الميراث)، لذا تجد المنكوين بنيرانها الصديقة يستخدمون مصطلح (الأقارب عقارب)، وهو لم يصدر عن فراغ، بل نابع من لدغات تعرضوا لها هنا وهناك، وبالتالي أمثال هؤلاء يبعدون عن الديانة الإسلامية وتعاليمها بالخطيئة التي تقودني إلي سؤال في غاية الأهمية أيعقل أن يكون أقرب الناس لك هم الأعداء الحقيقيون الذين يجب أن تتجنبهم حتى لا يبثون سموهم القاتلة في جسدك الصحيحة والمعافى، إما السؤال الثاني فكيف يكون ردنا علي أمثال هؤلاء الذين يرتكبون جرماً في حقهم وحقوق الآخرين، هل ننجرف وراء تيارهم أم نصمت ونبتعد عنهم، ونكون بذلك قطعنا الرحم وخالفنا الشرع مكرهين؟.
إن الظاهر شائعة ومنتشرة وسط الكثير من الأسر منذ سنوات خلت إلا أنها أصبحت في عصرنا هذا في تزايد مخيف ومرعب معاً وتشير بوضوح شديد إلي أن الظروف الاقتصادية لاعباً رئيسياً، ومع هذا وذاك تجد من يسعون للأذي يبعدون الأطراف المختلفة عن صلة الدم التي تعني عميقاً قوة الرابط بين الإنسان وأخيه والذي هو أمتداداً لجذوره، وحينما يكون بدونها فإنه يكون كالشجرة بلا جذور، وعليه من السهل اقتلاعه من علي الأرض التي يقف تحتها مهما كانت قوته، ومما أشرت له فإن أقارباً أضحوا مصدراً (للقطيعة)، (الغدر) و(الخيانة) بدوافع الإيقاع بين الزوج وزوجته أو الأشقاء فيما بعضهم البعض في أبسط الأشياء، وهكذا نجد أن معظم الناس يشكون من تحول (أقارب) لهم إلي (عقارب) يصيبونهم بالأذي، وكلما اقتربوا منهم للإصلاح يكتشفون حقائق مرة ومؤلمة، ربما كانت غائبة عنهم، ومن هذا الاكتشاف يتأكد لهم أن (الأقارب) نوعان الأول (إيجابي) ولا يميل إلي خلق هوة في هذا المحيط الحساس، إما الثاني فهو (سالب) ويسعي إلي تعميق الإشكاليات الأسرية، فإذا كان يقصد فتلك مصيبة، وإذا كان لا يقصد فالمصيبة أكبر.
من أوجب الواجبات أن يلتفت (الأقارب) إلي خطورة التدخلات السالبة في الحياة الزوجية أو الأسرية فإن تدخلاً من هذا القبيل يحدث (القطيعة) بعد أن كان الرابط متصلاً والدم غير مهدراً، فلا يمكن لأي إنسان التخلي عن الأسرة، ولكن اليوم نشهد قطيعة بين الزوج وزوجته والأخ وأخاه والأخت وأختها بسبب دخول المال (الميراث) طرفاً ثالثاً و(الأقارب) طرفاً رابعاً، وفي الغالب يطالب أحد الطرفين بحقوقه في ميراث والده أو والدته فيرفض الآخر الفكرة جملة وتفصيلا نسبة إلي أن لديه رؤية قاصرة، ربما تكون سبباً لفقدان الأسرة وتشتتها وتفككها دون مراعاة صلة الرحم والمودة،.
من الملاحظ أن البعض من الأقارب يتناحرون في مكاسب دنيوية ولا يرضخون لصوت العقل والحكمة، ولا يعترفون بالخطأ إلا من رحم ربي، ولكن يبقي الظلم الأشد قسوة وإيلاماً علي الإنسان الذي يشعر به حد النخاع والعظم، ويحس بالأقارب كالعقارب تلدغ بلا رأفة أو رحمة، وفي أغلب الأحيان يؤدي ذلك إلي تعميق الألم والمرارة لدرجة قفل الأبواب أمام إيجاد حلول، فكل طرف يجتر موقفاً محدداً من النزاع، وأن كان في إمكان كل منها تجاوز الخطأ، وإذكاء روح التسامح حتى لا يكون ما حدث في الماضي سلاحاً فتاكاً نتيجة مواقف أقل ما يوصف به (تافهة)، ولا يستحق أن تفرد له مساحات.
حدثني صديقي أن شقيقه يقف عائقاً أمام توزيع (ميراث) والديه، وهذا الامر يتم بمباركة من زوج شقيقتهم المستفيدة الأوحد من بقاء الوضع علي ما هو عليه ، وأكد أن شقيقهم الأكبر يسمع كلام نسيبهم الأمر الذي جعل الخلاف بينهم وشقيقهم يتأصل ويتجذر يوماً تلو الآخر لدرجة أنه وصل مرحلة غاية في الخطورة إلا وهي مرحلة (القطيعة) رغماً عن أنهم يسكنون في منزل واحد، وهذا يشير بوضوح إلي أن هنالك ضعفاً في الإيمان، وعليه نشأ (الحسد) و(الحقد) في قلب زوج شقيقتهم الذي يسعي بكل ما يملك إلي تكسير مجاديف الوراث بتحريض شقيقهم الأكبر علي عدم الاتفاق معهم علي توزيع الورثة شرعاً، ومما ذهبت إليه فإن المحبة والمودة يتحولان إلي (حسد) و(حقد) يحرقان الأشقاء لتقاطع المصالح بينهم، فالنفوس غالباً يغلبها حب المال والمصلحة عموماً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق