الأربعاء، 25 أغسطس 2021

سراج النعيم يكتب : خطباء الجمعة.. المحتوى والأداء..!!

 


عندما بعث المولي عز وجل الرسل عليهم السلام، أرسلهم لهداية الناس للطريق الصحيح، والذي يؤمن في ظله سيخرج من الظلام إلى النور، وسيجد الراحة النفسية، إلا أن هنالك من يحتاج إلى أدلة، براهين وتأكيدات تمس روحه وعقله، وتثبت له نبوءة محدثه، وتؤكد له أنه لا ينطق عن الهوى.

كلما استمعت بتأمل عميق إلى بعض الدعاة الإسلاميين عبر أي منبر من المنابر الحظ أن البعض منهم يطرح قضايا وقصص تمتاز بالتكرار، ولا تخرج من نطاق جلد الذات، ويركزون تركيزاً مطلقاً على القضايا والقصص المحتوية على التخويف، الويل، الثبور، التهديد، الوعد والوعيد، وهي قضايا وقصص تجعل الإنسان المخطئ أمام تحدٍ كبير فيما اقترفته يداه ناسياً أو متناسياً بأن الله أرحم الراحمين.

انتشرت ظاهرة تقليد الدعاة الإسلاميين لبعضهم البعض في طرح المادة، وطريقة إيصال الرسالة للمتلقي، وفي الغالب الأعم يكون الطرح غير مناسباً للتطور الذي يشهده المجتمع، ولا سيما فإن أفراده تأثروا بـ(العولمة) ووسائطها المختلفة، بالإضافة إلى أن الكثير منهم لا تتوافر فيه شروط فن الخطابة.

الإنسان بصورة عامة لا يدرك قيمة الحاضر الذي اختلف عن الماضي في شتي مناحي الحياة، إلا حين يتجاوزه ولا يستطيع الحفاظ في ظله على العادات والتقاليد، هكذا يفعل البعض من أجل أن يصبحوا مشهورين، ولا يتحلوا بأبسط أبجديات الخطابة، سواء على مستوى المحتوى، أو على مستوى الأداء، ومعظمهم الذين يتجهون هذا الاتجاه لا يجيدون مخارج الحروف، ويتعذر عليهم الإلمام بالقانون الذي يجنبهم الوقوع في (المحظور).

إن تقليد العلماء لبعضهم البعض لا يتسق مع إنسان هذا العصر المحكوم بأدبيات ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالقيم، الأخلاق، العادات والتقاليد المتأصلة في دواخل كل إنسان منذ نعومة أظافره، تربيته، نشأته وترعرعه، وهي عوامل تستدعي الدعاة الإسلاميين إلى مواكبة التطور الذي يشهده العالم من أجل الوصول إلى قلوب النشء والشباب الذي بات بعيداً عن الثقافة الإسلامية. إن الخطباء يستندون استناداً مطلقاً على لغة جلد الذات، ورفع الصوت أكثر للترهيب، ولا يركزون على لغة الترغيب، الإقناع والاستمالة، ورغماً عن ذلك يصر الدعاة الإسلاميين إصراراً شديداً على كلمات بعينها مراراً وتكراراً، لذلك على الخطباء إتقان الخطب، والاجتهاد في تسهيل إيصال الرسالة بصور سلسة، وأن تكون خفيفة في مبناها، وثقيلة في معناها، ولابد من الوعي بضبط السلوك.

من القصص المعبرة في هذا الإطار قصة شاب مسرف في الذنوب، فذهب إلى أحد الأئمة يشكو حاله قائلاً : يا إمام، ارتكبت كل المعاصي، وارغب في التوبة فلا أستطيع فبماذا تنصحني؟ فرد الإمام قائلاً : يا بني إذا أردت أن تعصـي الله أفعل خمسـة أمور، عندها فرح الشـاب قائلاً : هاتهــا، فقـال : أما الأولى : إذا أردت أن تعصـي الله فاعصهِ، ولكـن لا تعصيـه فـوق أرضه، فقال الشاب : وأيـن أعصيـه؟، فقـال له : أمـا تستحي منه تعيش فـوق أرضـه ثــم تعصيه، فقـال الشاب : هــات الثانية، فقـال له : يا بني إذا أردت أن تعصـي الله فاعصـه، ولكن لا تأكل من رزقه، فقال الشاب : وهــل الأرزاق كلـها إلا رزقــه وبيـده؟، فقـال له : أمـا تستحـي تأكل من رزقـه ثـم تعصـيه!، فقال : هـات الثـالثـة يا إمام؟، فقــال له : يا بنـي إذا أردت أن تعصـي الله، فأعصه ولكـن لا تعصيـه فــي مكـان يـراك فيه، فقال الشاب : وأيــن أعصيــه وهــو يعلـم دبيـب النملــة السوداء فــي الليلة الظلماء علــى الصخــرة الصمــاء؟، فقال له : أما تستحي أن تعصيــه وهــو يعلـم، وهــو ينظـر إليك ؟ أجعلتـه أهـون النــاظريـن إليك، فقـال الشاب : هـات الرابعة؟، فقال له : يا بني إذا أردت أن تعصـي الله فأعصه، ولكــن إذا جـاءك ملك المـوت ليقبـض روحـك فقــل لـه يؤخـرك لتتـوب مــن هــذه المعـاصي، فقـال الشاب: ومــن يستطيـع، وأردف : هات الخـامسة؟ فقــال له : يا بنـي، إذا أردت أن تعصـي الله فأعصه ، ولكـن إذا جاءتك زبــانية النــار ليجـروك فـي جهنـم فأنفلت مــن بيـن أيديهـم واذهب إلــى الجنة، فبكى الشـاب بكاءً شديداً وصرخ بأعلى صوته.

ليست هناك تعليقات:

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...