تقرير : سراج النعيم
...
تشهد البلاد توافداً مخيفاً ومقلقاً جداً للاجئين بصورة عامة، والإثيوبيين على وجه التحديد، وقد ارتفعت نسبهم بما يفوق كل التصورات، والسبب الرئيسي في ذلك هو النزاع الدائر في إقليم (تيجراي) الواقع على الحدود الإثيوبية المتاخمة للحدود السودانية، وتشير الإحصائيات إلى أن عدد اللاجئين الذين دخلوا السودان مؤخراً (75) ألف لأجيء إثيوبي بسبب فرارهم من التدهور المريع الذي تركن له بلادهم، ومع هذا وذاك لا يوجد إحكام على مناطق المعابر كسلا، القضارف والنيل الأزرق، والأخيرة وصل عدد اللاجئين الإثيوبيين فيها (8600) لاجئ تسلل معظمهم إلى للأراضي السودانية دون المرور بمراكز التسجيل المختصة، مما يؤكد بأن الإحصائيات المتعلقة باللاجئين غير دقيقة، وبالتالي تتطلب من الحكومة الانتقالية العمل على تقنين وحصر اللاجئين بالتنسيق مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، ومن ثم إنشاء معسكرات للاستقبال والإيواء، واتخاذ إجراءات وتدابير من شأنها إيقاف تدفق اللاجئين المستمر بصورة مخيفة جداً، والذي لن يتوقف طالما أن الحدود السودانية مفتوحة على مصراعيها، ولا يوجد ضبط للوجود الأجنبي في البلاد، ما حدا به أن يحدث آثار (سالبة) على مستوى الأوضاع الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية، الفكرية، البيئة، الصحة، والخدمات، لذلك يحتاج هذا التدفق تدخلاً سريعاً، وذلك نظراً إلى محدودية الإمكانيات على أرض الواقع.
فيما تشير الإحصائيات إلى عبور (3) آلاف إثيوبي للأراضي السودانية بسبب اندلاع الاقتتال في إقليم (تيجراي) الإثيوبي، واستقر الأغلبية العظمي منهم بولاية القضارف الواقعة شرق السودان، وعليه أضحي إجمالي عدد اللاجئين الإثيوبيين في السودان نحو (90) ألفاً.
بينما لجأ مواطنين من دولة الجنوب الوليدة إلى السودان بحثاً عن الاستقرار الأمني إلا أنهم وجدوا أنفسهم عالقين في مخيمات تفتقر إلى مقومات الحياة الكريمة، ما حدا بالبعض منهم الهروب منها والاحتماء بإحياء ومدن ولاية الخرطوم، وظل المواطن الجنوب سوداني يعاني الأمرين منذ الانفصال في يوليو 2011م، وذلك بموجب اتفاق السلام الذي وقع في العام 2005م بين نظام الرئيس المعزول عمر البشير، والحركة الشعبية لتحرير السودان بزعامة الراحل الدكتور جون قرنق دي مبيور.
من جانبه، خطط النظام البائد لإعادة الجنوبيين إلى دولة الجنوب الذي قرروا في ظله مصيرهم بالتصويت لصالح الانفصال إلا أن الخطة فشلت بسبب النزاع الذي نشب على السلطة بين الرئيس سلفا كير ميارديت، ونائبه الدكتور رياك مشار في ديسمبر من العام 2013م، وتم على خلفية ذلك توطين اللاجئ الجنوبي بصورة عشوائية في مناطق متفرقة من ولاية الخرطوم، لذلك ظلت الكثير من الأسر الجنوبية تعاني أوضاعاً اقتصادية مذرية جداً، وضاعف منها الأزمات الاقتصادية التي يمر بها السودان، ورغماً عن ذلك تشير إحصاءات الأمم المتحدة إلى أن عدد اللاجئين الجنوبيين في السودان بلغ (792) ألف لأجيء، وهناك (37) ألف لاجئ جنوبي يعيش أوضاعاً إنسانية صعبة جداً في (الخرطوم).
من جانبه يركن السودان إلى ظروف اقتصادية طاحنة جداً، وذلك قبل وبعد سقوط نظام الرئيس عمر البشير، والذي مر بمراحل اقتصادية بالغة التعقيد نتيجة فقدانه العائدات النفطية الجنوبية، إلى جانب فرض أمريكا عقوبات اقتصادية قائمة على اتهامها له بإيواء مجموعات (إرهابية)، وازداد الوضع الاقتصادي سوءاً في البلاد عقب الإطاحة بالبشير في أبريل 2019م، وبالتالي وجدت الحكومة الانتقالية نفسها امام تحدٍ كبير بسبب افتقار السودان للموارد والبنية التحتية، واستشراء (الفساد) في مفاصل الدولة العميقة، ما نجم عن ذلك صعوبات اقتصادية وإنسانية تواجه السكان عموماً، وعلى وجه التحديد اللاجئ الجنوبي الذي يعتمد اعتماد كلياً على رزق اليوم باليوم كمصدر دخل لتأمين وجبة واحدة ناهيك ثلاثة وجبات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق