....
إن الأوضاع الاقتصادية القاهرة، الطاحنة، الضاغطة والمذرية جداً.. جداً.. جداً.. جداً تنبئ بثورة الجياع أن طال الزمن أو قصر، خاصة وأن الأوضاع الإقتصادية في السودان بالغة التعقيد، وتزداد سوءاً يوماً تلو الآخر، ورغماً عن ذلك لم يعد رفع أسعار (الوقود) يشكل هاجساً للمستهلك، بقدر ما أنه اعتاد عليها من خلال الزيادات التي أصبحت لا تدهش أو تفاجيء، لأنها تحدث ما بين الفينة والآخري، ورغما عن ذلك ظلت الحكومة الانتقالية لا تحرك ساكناً، أي أنها تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الأوضاع الاقتصادية التي تستغلها بعض المؤسسات، الشركات، المصانع والتجار لجني الأموال بأي صورة من الصور، وليس مهماً لديهم من أين يأتي محمد أحمد الغلبان بالمال الذي يجابه به الفواتير المتضاعفة؟.
من ذلك الواقع الذي أشرت له يتأكد للناس فشل السياسات الاقتصادية فشلاً ذريعاً، وهي بلا شك سياسة منتهجة منذ سيطرت النظام البائد على مقاليد الحكم قبل ثلاثة عقود لم ينجح خلالها نظام الرئيس المخلوع عمر البشير في الخروج بالسودان إلى بر الأمان، بل قاد البلاد إلى طريق اللاعودة، وهو الطريق الذي جعل الشعب السوداني يعاني معاناة بلا نهاية، وهذه المعاناة ناجمة عن التخبط السياسي، الاقتصادي، الاجتماعي، الثقافي والفكري، لذلك ظل هذا الوضع قائماً منذ أن تم فصل جنوب السودان، وبالتالي لم يضع النظام البائد خيارات بديلة للنفط، مما أدخل البلاد في نفق مظلم، وصعب مهمة إدارة البلاد لكل من يتقلد مقاليد الحكم بعده، هكذا ورثة حكومة الدكتور عبدالله حمدوك اقتصاداً منهاراً تمام الإنهيار.
إن الوضع الاقتصادي الراهن أصاب إنسان السودان بإحباط شديد لدرجة أنه يثور في لحظة، ثم سرعان ما يتأقلم مع الأسعار الجديدة التي تقررها بعض المؤسسات، الشركات، المصانع والتجار، بالإضافة إلى سائقي مركبات النقل داخل ولاية الخرطوم، وخارجها دون التقيد بتعريفة تتناسب مع من يستقلونها ذهاباً وإياباً، وهذا الواقع المذري جداً.. جداً.. جداً.. جداً فرض على إنسان السودان واقعاً مريراً جعل معظم سكان السودان يمدون أيديهم للناس اعطوهم أو منعوهم، وذلك نتاج الغلاء الفاحش، والإرتفاع الجنوني لأسعار المواد البترولية، السلع الإستراتيجية، الاستهلاكية، التموينية، والغذائية بصورة (عشوائية)، ويستند من يقررون الأسعار اليومية على إرتفاع سعر الدولار الأمريكي مقابل الجنيه السوداني.
إن الحكومة الانتقالية عجزت عن كبح جماح الدولار الأمريكي مقابل الجنيه السوداني، خاصةً بعد أن انتهجت سياسة (التعويم)، بالإضافة إلى أنها لم تستطيع خلق توازن ﺑﻴﻦ (ﺍﻷﺳﻌﺎﺭ) ﻭ(ﺍﻟﺮﻭﺍﺗﺐ)، مما جعل الحياة تمضي على نحو صعب جداً، وتضاعفت الأعباء على المواطن.
فيما استقلت بعض المؤسسات، الشركات، المصانع والتجار الأزمات، وأصبحت ترفع أسعار المنتجات بصورة لا تراعي فيها الظروف الاقتصادية الضاغطة جداً.. جداً.. جداً.. جداً، بالإضافة إلى انتعاش السوق الأسود منذ نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، والذي تمت في عهده زيادات في (غاز الطهي) على مرحلتين المرحلة الأولي كانت وفق قرار من النظام البائد، والمرحلة الثانية كانت بموجب قرار من كبري شركات النفط في البلاد، ولم يمض عليهما أشهر من تاريخهما، إلا ومرت الزيادات كغيرها، ولم يحرك في إطارها آنذاك المستهلك ساكناً، بل بدأ مستسلماً استسلاماً تاماً، وبالتالي تصبح الزيادات فواتير متجددة في ظل الحكومة الانتقالية، وتتضاعف بصورة يصعب معها تمزيقها خاصةً وأن الواقع الاقتصادية متدهور جداً، ويزداد تدهوراً يوماً تلو الآخر.
إن زيادة الأسعار بصورة عامة جعلت الظروف الاقتصادية متأزمة جداً.. جداً.. جداً.. جداً، مع هذا وذاك توجد بنود تتمثل في المؤتمرات، الاتفاقيات، الحوارات، نثريات السفريات، المرتبات وغيرها، وبالتالي يفاجأ (محمد أحمد الغلبان) مع إشراقة كل صباح بزيادات جديدة، وهذا المؤشر ينبئ بواقع لا يبشر بما يصبو إليه المواطن، والذي ظل يرجو حسم (الفوضي) التي تشهدها الأسواق، لأن إرتفاع الأسعار لن يتوقف عند هذا الحد، والذي لا تجدي معه المبررات، والتي يغط في إطارها المستهلك في نوم عميق، إلا قلة منهم يستنكرون ثم يستسلمون ثم يتأقلمون عليها، وربما هذا الصمت شجع بعض المؤسسات، الشركات، المصانع والتجار على زيادة الأسعار بصورة مستمرة، وهذا أن دل على شيء، فإنما يدل على عدم الخوف.
من الملاحظ أن الزيادات بدأت تأخذ اشكالاً والواناً وابعاداً منذ انتشار فيروس (كورونا) المستجد، فالزيادات أصبحت ﻓﻮﻕ ﻃﺎﻗﺔ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻦ، إلا أنه التزم الصمت، كما صمت من قبل، لذا السؤال الذي يفرض نفسه هل رفع الأسعار بهذه الصورة يشير إلى رفع الدعم كلياً، علماً بأن الأسعار لا تتناسب ﻣﻊ ﺩﺧﻞ الفرد الذي لم يعد أمامه خيار سوى أن يناهض الارتفاع الجنوني في الأسعار التي تؤرق مضاجع ﻛﺎﻓﺔ ﺍﻷﺳﺮ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﺔ، خاصة ﺫﻭﻱ ﺍﻟﺪﺧﻞ ﺍﻟﻤﺤﺪﻭﺩ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق